الفصل الثانى

لم يدرك والد كارين السيد هنرى، من ماذا تعانى أبنته ولما هى حالها هكذا!!
فمنذ اليوم السابق وهو يشعر بأنها متغيرة بعض الشيء وليس كحالها كل يوم، فكل يوم به هى مثل الشمس المضيئة، التى تضيئ يومه.
والتى لا تغيب سوى بحلول الظلام عليها.

_وسأل نفسه يا ترى أى ظلام هذا الذى سيطر على شمس أبنتى الحنون؟.
لا يعلم هنرى أن قلبها بداخلها يتألم وذلك لأنه يحب، أجل كارين تحب من كل قلبها، وهى تائهه فى بحر الحيرة والقلق وتكتوى بنار الإنتظار.

يشعر بالقلق من أجل أبنته.
ولكنه سوف يعلم كل شيء فى وقتا ما لاحق حينما يأن الأوان لذلك الشئ.
لأنه سوف يلاحظ ذلك بنفسه، التغيير الذى سوف يظهر على أبنته سوف يكون واضحاً له أن ذلك بسبب الحب.
،نعم هذا صحيح وذلك من حبه لها ولأنه يفهمها دون ما تتفوه بأى كلمة.

"حينما أستيقظت كارين من نومها كانت شارده أو يمكننا ان نقول إنها كانت ما زالت لم تستوعب ماذا حدث معها، وكيف فعل رمزى بها ما فعل ليلة أمس؟!

،فلم تجد أمامها سوى شيء واحد وهو صديقها الوحيد والذى يقف إلى جانبها دائماً حتى وإن تركها الجميع،
وذلك الشئ هو (القلم)..

قررت أن ذهب إلى هناك حيث تكن بمفردها، ممسكة بقلمها وتكتب بينما كانت جالسة على طاولة هناك فى ركن بعيد بمفردها تنفرد بقلمها وكتابها الصغير والذى كانت تكتب به مذكراتها دائماً وكل أمر كان يحدث معها.

،وكان المطر يهطل فى ذلك الوقت.
ولكنه كان فى بدايته وكان هادئ جدا وغامض مثل صباح كارين تماما.

بينما كان يهطل المطر هذا أوحى لها بما تريد أن تقول وتشعر، وكأنه فتح باب لكارين كانت لا تعرف كيف تفتحه، والحقيقة أنها كانت لا تود أن تعترف إلى نفسها بأنها تحب رمزى.

هى بداخلها شوق وحنين كبيران جدا تحمله لرمزي فارسها الوسيم، وأيضا آمال وأحلام كبيرة لن تكفيها بها عشرون قلما لكى تنتهى من كتابتها.

جالسة على الطاولة هناك بمفردها وأنيسها الوحيد هو القلم وحديث نفسها..
وحيدة تكتب ما حدث معها ليلة أمس ومنذ أن رأت عيناها رمزي وهى معجبة به، ومنذ ذلك الوقت وهى تكتب عنه فى كتابها يوميا.
وتفكر وتحلم فيما تريد أن تفعله معه ويجمهما سويا، أو بالأحرى ما تتمنى فعله، كانت تحلم.

"بينما هى كانت فى الأساس تنتظر قدوم رمزى إلى المقهى بفارغ الصبر، فهذه عادته والذى يفعلها كل يوم منذ أكثر من ستة أشهر متواصلين، فهو يأتى إليهم لكى يتناول طعام الإفطار ومن ثما يذهب إلى العمل، وأوقات كثيرة لا يكتفى بهذا القدر فيعود مرة أخرى فى المساء.

وكتبت كارين فى مذكراتها وقالت..

(بينما أنا أنتظر بفارغ الصبر قدوم ذلك الشاب الوسيم الذى قد أعتدت على رؤيتة كل يوم.
،هطل المطر على أحلامى وعلى شوقى له الذى كان يشعل قلبى بداخله.

وشعرت أننى كنت أذوب تحت ذلك المطر وكأننى مثل أوراق الخريف، هشة جدا لا أقوى على فعل شيء تاركه كل أمور ولا أقوى على إتخاذ أى قرار.
،لا أستطيع أن أخبر الشخص الذى دق قلبى من أجله وحبيبى بالشئ الذى داخلى له، وفى نفس الوقت لا أتحمل نار الإنتظار وبعده عنى هنا هكذا دون ما أستطيع أن أفعل شيئاً من أجل حبى.

أتمنى أن أقول له بكل ما أوتيت من قوة، أنا أريد أن أراك يا حبيبى ولو حتى كانت نظرة من بعيد، صدقنى سوف تكفينى وتطفئ نار قلبى الذى تعب من كثرة الإنتظار.)

_يا له من إحساس رائع ونقى، حقا فأن الحب هو أجمل شعور فى هذه الحياة، وهو الشيء الوحيد الذى يشجعنا على الإستمرار مع المشاكل والأزمات التى نعيش بها كل يوم.

بينما كانت كارين تكتب وبينما هى فى الحقيقة تنتظر، نعم تنتظر قدوم ذلك الشاب الوسيم.

_وأخيرا حان الوقت وأتى لها ذلك الشاب الوسيم رمزى، فى موعده تماما مثل كل يوم.
ولم يمنعه عن رؤية كارين أى شىء، حتى هطول تلك الأمطار والتى أصبحت بعد مرور وقتا أمطار غزيرة وشديدة، والتى تشبه فى رقتها كارين الفتاة الجميلة التى سحرته وجعلته يسهر الليالى دون ما يعرف النوم لعيونه عنوان، وهذا يعنى أن شعورهم تجاه بعضهم البعض هو شعور متبادل.

_لقد أتى رمزى، وكان ممسكا بين يديه كتاب، ذلك الكتاب يحمل بداخله شيئاً جميلا، وهذا الشيء يخص كارين بشكل مباشر.
؛وسوف يحاول رمزي بشتى الطرق أن يعطيه لكارين لكى تعرف ما هو هذا الشئ المخبئ بالداخل والذى يخصها.

"نظرت له كارين من على بعد، وكأنها أشتمت رائحتة من بعيد.
فى البداية لم يدرك مكانها الحقيقى لأنها كانت تجلس فى أبعد طاولة هناك بمفردها؛ ولكنه وحينما وصل إلى باب المقهى وجد كارين جالسة هناك فى ركن بعيد ومستغرقة فى الكتابة:، فحاولت أن تخدعه وتظهر له أنها غير منتبه لقدوم رمزي، ولكنها فى الحقيقة تراه وتشعر به، ولكنها أوحت له بأنها لم تنتبه لقدومه وأنه ينظر إليها من بعيد..

ظل رمزى واقفا أمامها ينظر إليها وأعتبر أن هذه فرصة جيدة له.
؛لكى يرى كارين أمامه بوضوح ولكى يملى عينه منها لأطول وقت ممكن، ويقول لنفسه تلك هى الفتاة التى أحب، يا لجمال شعرها يا لطبعها الحنون.

بينما كانت كارين تكتب وتمثل أنها مستغرقة فى الكتابة ولا تنتبه لمن حولها.
_كان رمزى مخدوعا وواقفا أمامها ينظر إليها مرتديا معطفا لونه رمادى، وكانت قطرات المطر قد وضعت علامتها عليه، سوف يصاب لاحقاً بزكام من أجل الحب، من أجل كارين..

فجاء السيد هنرى لكى يتفقد المكان، ووجد أمامه ما وجد من مشهد يجمع أبنته كارين وذلك الشاب رمزي ولكن دون ما يتحدثوا.

_ثم قال مندفعا فى حديثة، أهلا بك يا سيد رمزي تفضل بالجلوس، لقد شرفت المكان.
لم أنت واقفا هكذا!
تفضل هناك طاولات كثيرة فارغة، لن يأن وقت قدوم الزبائن إلينا بعد: ولكنى لا أظن أن يأتى أحد إلينا اليوم، نعم فأن الطقس بارد جدا اليوم.
ولكن أنت يا سيد رمزى لا تقطع عادتك أبدا بالمجيء إلينا وتناول طعام الإفطار اللذيذ الذى نقدمه لك أليس كذلك.

"نظرت كارين وكأنها متفاجأه من ما تراه، وقالت لهم عفوا يا أبى لم أنتبه لقدم السيد رمزي إلى هنا.
_فقال لها والدها السيد هنرى..
؛حسنا يا أبنتى ساعدى ضيفنا فى إختيار طاولة ثم أعرفى منه ماذا يفضل أن يتناول لدينا اليوم،.

هل تعلم يا سيد رمزى لقد صنعت كيك الروانى منذ قليل هل تريد أن تتناول منه،؟
قطعاً سوف يعجبك كثيرا أنا متأكد من هذا الشيء.

فأبتسم له رمزى إبتسامه بسيطة جدا، هو شاب تقيل جدا جدا ولا يتفوه بكلمة واحدة دون ما يكون فى حاجة إلى الحديث.
_وقال له بالطبع سوف أخذ منها يا سيد هنرى أنا حقا أفضل ذلك النوع من الكيك.

فضحك هنرى تلك الضحكة التى تحمل طيبة قلبه وقال له..
_حسنا سوف أحضرها لك على الفور، وأنتى يا كارين مثل ما أخبرتك منذ قليل أعرفى من السيد رمزى ما نوع المشروب الذى يريد أن يتناوله إلى جانب كيك الروانى.

وذهب هنرى إلى المطبخ لكى يحضر طلب الزبون، وترك كارين هناك فى طيات الخجل والكتمان تواجهه مصير ذلك اليوم السابق بمفردها مع ذلك الشاب الذى تعشقة هى من كل قلبها.

كانت تتمنى أن تشق أرضية المقهى وتبتلعها من كثرة الخجل، فلقد أصبحا خديها مثل ثمرة الفراولة.
فقالت له..
"تفضل يا سيدى بالجلوس، ماذا تحب أن تتناول؟

_ولكن رمزي لم يتحدث هو فقط ينظر إليها ولا يريد أن يرمش عينيه لكى لا يحرم من رؤيتها ولو لبرهه، يا لجمال الحب.

_فقال لها رمزى..
_أنا أريد أن أخبرك شيئاً قبل أن أطلب المشروب الذى أفضل.

توترت كارين ويداها ترتعشان، خوفا من الشئ الذى يريد رمزي قوله قبل حتى أن يقول،
وقالت له..
ماذا تريد؟

قال لها..
_أولا أريد أن أعتذر منك عن التصرف الذى بدر منى يوم أمس.

ثانيا..
_صدقينى كارين أنا مشاعرى تجاهك هى من تصرفت معك بهذه الطريقة وليس يدايا، كنت أتمنى أن ألمسك ولقد طال التمنى دون ما أفعل ما أتمنى، إلى أن سمحت لى الفرصة يوم أمس فلم أتردد فيما فعلت وأندفعت فى تصرفى، ولكنى لاحظت عليك التوتر الشديد، أرجو منك أن تسامحينى فلقد أزعجتك ولكنى كان رغما عنى، فإحساسى تجاهك هو ما دفعنى لجرأتى هذه معك.

"فنظرت كارين الجهة الأخرى، وكأنها تخفى ما تريد أن تقول لرمزى أو تشعر بالحرج الشديد
،أو ربما تخفى مشاعرها مثلا ولذلك لم تجيب على رمزى.
لقد جعلها بحديثة هذا أن تخجل كثيرا ولا تعرف كيف تتصرف.
ثم قال لها رمزي..

_حسنا لا تجيبين على لن أضعك فى هذا الموقف المحرج أكثر من ذلك، ولكنى أرجو منك أن تقبلى منى ذلك الكتاب كهدية.
لقد أحضرته لك خصيصاً وبداخله يوجد شيئاً هاماً لك، وإذا أعجبك ذلك الشئ.
أتمنى منك وقتها أن تخبرينى أو تردى لى جواب.

وبينما كان يتحدث رمزى أتى السيد هنرى محملاً بين يديه صينية وعليها طبق به الكيك الروانى الذى أخبر السيد رمزي عنه.
_وقال لكارين..
_كارين لقد تأخرتى على يا أبنتى، هل عرفتى نوع المشروب الذى يريد السيد رمزى أن يحتسيه إلى جانب الكيك الروانى؟

"فنظرت له كارين وهى متوترة، لم تعرف ماذا تخبر والدها، فهى إلى الآن لم تعرف ما هو المشروب الذى يريد رمزى أن يتناوله، ولم تعرف ماذا تخبر والدها حينما سألها.

_فلاحظ رمزى ذلك الشئ فقرر أن يجيب هو بدلا من كارين،
فرد عليه رمزى قائلاً..
_حسنا يا سيد رمزي لقد أخبرت كارين بأننى أريد أن أتناول مشروب الكاكاو الساخن بالحليب.
ولكنى أنا من عطلت الآنسة كارين عن عملها، وذلك لأننى كنت أسألها ما هى مكونات كيك الروانى وذلك لأنها مميزة جدا لديكم.

فأبتسمت كارين إبتسامة هادئة، وذهبت إلى المطبخ مسرعة، لكى تحضر طلب السيد رمزى والذى هو أنقذ الموقف بطريقة إحترافية جدا وعرف كيف يفعل شيئا لا يلفت نظر السيد هنرى للسبب الحقيقى الذى أخر أبنته عن مباشرة العمل، وعرف كيف يتعامل معه بحرفية شديدة.

"ولكنها ظلت تفكر يا ترى على ماذا يحتوى هذا الكتاب، وتفكر كيف تأخذه منه وإذا رأها والدها ماذا سوف تخبره فى ذلك الوقت!
،الأمر صعب جدا ومعقد بالنسبة لها.

"فهى لديها فضول كبير جدا لكى تعرف ما هو الشيء الذى يخفيه لها السيد رمزى داخل ذلك الكتاب الغامض.
،ولكنها تشعر بالخجل الشديد أن تأخذه منه، وإلى جانب ذلك أيضاً والدها السيد هنرى والذى إذا رأى ذلك الشئ ماذا سوف يفهم؟
من الممكن أن يسئ الظن ويظن شيء آخر، لم تكن كارين متأكدة تماماً من ردة فعل أبيها على هذا الأمر.

كل ذلك الشئ تفكر به بينما كانت تحضر مشروب الكاكاو الساخن بالحليب إلى رمزي، والذى طلبه منها بطريق غير مباشر.

ومن ثما دخل أبيها عليها وقال لها..
_هيا أسرع يا أبنتى لقد بدء الزبائن فى الحضور، هيا حبيبتى أسرعى قليلا، وقالت له..
"كارين حسنا يا أبى لقد جهزت الطلب وسوف أذهب به إلى الزبون فورا.

(طبعا جميعنا نعرف جيدا من ذلك الزبون والذى تقصده كارين، أجل هو رمزي)

وحينما ذهبت كارين إلى طاولة التى كان يجلس عليها السيد رمزى لم تجده!
،ووجدت فقط ذلك الكتاب الذى أخبرها بأنه به شيء خاص جدا لها.

وفهمت فى ذلك الوقت أنه ذهب وترك لها الكتاب لكى تأخذه هى من دون حرج، ودون ما ينتبه إليه والدها.
وهذا بالفعل ما حدث، فأخذت كارين الكتاب وحاولت إخفائه بطريقة ما إلى أن وصلت به إلى غرفتها الخاصة.

فهى كانت متلهفة جدا لأن ترى ما هو الشيء الخاص بها داخل ذلك الكتاب الغامض!
والذى كان يحمله رمزى بين يديه.

فتركت كارين عملها وتركت كل شيء، ودخلت إلى غرفتها وأغلقت بابها عليها بإحكام.
ومن ثما أمسكت ذلك الكتاب وكان قلبها ينتفض فى داخلها من شدة توترها من الشئ الذى يحدث معها الآن.

ففتحت الكتاب ووجدت فى المنتصف بالضبط (خطابا)
كتبه لها رمزي بخط يديه، لقد أشتمت رائحة يديه والتى وضع بها الخطاب فى ذلك الكتاب، الذى سوف تحتفظ به كذكرى جميلة جمعتها بذلك الشاب الوسيم التى لطالما أحبته وأعجبت به.

وبعد ذلك فتحت كارين الخطاب وقرأت ما به من محتوى والذى كان رمزي يخبرها فيه عن حبه الشديد لها، وقال..

(إلى الفتاة الذى أثارت ضجة فى صميم قلبى، إلى الفتاة التى هزت كيانى وجعلتنى لا أستطيع أن يمر يومى دون ما أراها فيه، حقا أنا أعانى وأنتى بعيداً عنى.

إليك أنتى يا كارين..
والحقيقة هى (أنا أحبك)، نعم أقول ذلك الأمر دون ما أشعر بالخجل وذلك لأنه شعور نابع من صميم قلبي لك.
وقلبى هذا هو من يتحدث معك الآن، ولسيت يدى التى تكتب صدقينى أنا أحبك.

أحب كل تفاصيلك، حتى ثوبك المميز والذى ترتدينه، حتى رائحة عطرك، وحتى الطريقة التى تصفين بها شعرك..
لقد اسرتينى بداخلك، نعم أنا بداخلك حتى وإذا كان هذا الأمر رغماً عنك.
فلقد أخذت قرارى وأتخذت لقلبك مكانا لى، أنا هناك داخلك أشعر بك وأغار عليك.
نعم أغار عليك حتى من نسمة الهواء حينما تأتى وتجعل شعرك الأشقر يطير هنا وهناك.

_صدقينى أغار عليك منها وقتها وأنا مدرك تماما أن هذه النسمة محظوظة جدا وذلك أكثر منى بكثير، وهذا لأنها لمست خصل شعرك الحرير.
،وأنا أتمنى أن أكون مكانها فى يوماً من الأيام.

تتذكرين أول يوم رأيتك به؟
أنتى لم تنتبهين لوجودى من الأساس، ولكنك خطفتينى وقتها وأصبحت أدمن ذلك المقهى.
ولكنى لا أعلم حقيقة هل أدمنك أنتى وأدمن رؤيتك، ام أدمن ذلك المقهى!!

فى الحقيقة..
أنا أدمن المقهى لأنه كان سبباً لكى أراك به وأتعرف عليك يا كارين.
وذلك هو الشيء الذى أخفية عنك منذ أن أتيت إلى هنا وأقمتى بجوار منزلى.

أنا أحبك وأتمنى أن أجد لديك إجابة لسؤالى.
هل لديك إستعداد لكى تعطى لنفسك فرصة وتعطى لى أيضاً لكى تفكرين بى كحبيب؟
هل يمكنك أن تحبيننى فى يوما من الأيام؟!

(عاشق والهان)

***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي