سلالة دناليين

صغيرة الكُتَّاب`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-01-25ضع على الرف
  • 50.9K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

سلالة دناليين البارت الأول

*"سلالة دناليين" "البارت الأول"*


في أغلب الأوقات قد تعطينا الحياة ما نريد في الوقت الذي لا نريده، فنصبح ناقمين منه دون الإهتمام له، بالولايات المتحدة الأمريكية، بعام الفين وثمانية وأربعين "2048" تحديداً في بهو منزل يبدو عليه أنه لعائلة من المستوى الرفيع،

كانت هناك سيدة تتحدث بغضب متقع قائلة:
_لا يمكنك فعل ذلك، ستودي بنا جميعاً إلى قاع الجحيم، هل حقاً لا تدرك مدى خطورة هذا الأمر؟! لن أسمح لك بفعل ذلك أبداً يا "جون".
تبسم جون وقد بُعثت من عينيه نظرات يملؤها الحب،

أمسك بوجه تلك السيدة قائلاً بصوت حنون:
_أعلم أنكِ قلقة بشأن هذه التجربة، ولكن لا بد من فعل ذلك، ألا تشعرين بالمتعة؟! إنه حقاً شيء جنوني، ماذا إن نجح الأمر!! سأصبح من أشهر العلماء على مستوى العالم، أنتِ زوجتي يا " ريا" يجب أن تدعمينني هذا ما أودكِ أن تفعليه الآن، ألا يمكنكِ فعل ذلك من أجلي؟!.

جحظت عينا ريا وقد ضمت حاجبيها بهلع وقالت:
_لا بد أنك تمازحني يا جون!! هذا أمر خطير.
أجهشت ريا بالبكاء وتابعت بقولها وهي تضع يد جون فوق بطنها:
_يجب عليك أن تتأنى يا عزيزي، عما قريب سيصبح لدينا فرد جديد بعائلتنا، أنت تعلم كم عانينا حتى يصبح لدينا طفل!! لا أريد أن ينشأ طفلي بلا والده.

حاول جون أن يقتضب حديثها، ولكنها لم تسمح له وقالت ببكاء:
_لا أريد أن يلحق مصيري بطفلي أيضا، لن أسمح لك بفعل ذلك.
تبسم جون وهو يعض على شفته السفلى، فقال وهو يحاول أن يضمر غضبه ويتصنع الإبتسامة:
_هذا ما كنت أحلم به منذ سنوات، لماذا لا تفهمين الأمر؟!

لن أترك هذه الفرصة، لقد واتتني على طبق من ذهب، سأكون رجل مجنون إن لم أفعلها.
انهمرت دموع ريا وقالت بصوت متهدج:
_عزيزي، فقط انظر من حولك!! لدينا منزل كبير، ولكل منا سيارة. بالإضافة إلى معملك الذي صار معروفاً في شتى بقاع الأرض،

وعما قريب سأنجب طفلنا الذي لطالما حلمنا به، لماذا تسعى لتدمير كل ذلك؟!
أريد أن أكوّن عائلة سعيدة برفقتك، لن أتحمل ابتعادك عني يا جون.
هدأ جون نوعاً ما وقبّل جبينها قائلاً:
_تعلمين كم أنا متيَّم بكِ يا ريا، ولكن..

صمت جون لبرهة قائلاً:
_تتذكرين قبل زواجنا ماذا أخبرتكِ عن عملي؟
لقد أخبرتكِ أنه أهم ما أملك، وكذلك أنتِ، ولن أضعكِ في مقارنة مع عملي، لأنه سيكون أمر صعب للغاية، ولن أتمكن من تفضيلكِ عن العمل.

أخذ جون شهيقا عميق ومن ثَم قال:
_حسناً، قبل بدء التجربة الأولى لي سأبعثك إلى بلدة بعيدة عن بلدتنا هذه، وربما إلى دولة أخرى لكي لا يلحق بكِ أي ضرر، هل أنتِ راضية الآن؟

أبعدت ريا يدي جون عنها، وقالت قبل أن تتركه وتصعد إلى الطابق العلوي:
_ربما سيتحتم عليك إرسالي إلى الفضاء، حتى لا يلحق بي الضرر.

***


لا سلطان لنا ولا قوة على الزمان، يمر بنا ونركض خلفه، لا ولا نعلم من منا الذي يهرول خلف الآخر، يحاول اللحاق به دون فائدة، مرت الايام، بل الأشهر والسنين حتى وصل بنا الدهر إلى عام ألفين واحد وخمسين "2051".

إنتبه جون من شروده، حينما تحدث شخص ما عبر مكبر الصوت خلف الغرفة الزجاجية التي يقبع في بهوها، نظر حوله، فرأى شخص ما يرتدي بذلة من اللون الرمادي يتحدث عبر مكبر الصوت قائلا:
_جون، هل تسمعني؟!

أغمض جون عينيه، ثم تنهد ومن ثَم تجافى جفني عينيه ونظر نحو يده التي كانت تمسك بصورة زوجته ريا، انهمرت دمعة حارة من عينه ونظر نحو مصدر الصوت قائلاً وهو ينهض بصعوبة:
_أين ريا؟! هي.. هي غاضبة جداً مني، دعوها تأتي إليّ، سأفعل كل ما تريد فقط دعوني أراها وأتحدث إليها.

سرت قشعريرة في جسد جون جعلته يرتجف بشدة، كان بإمكانه أن يرى انعكاس صورته عبر الزجاج، لقد بدت تغيرات كثيرة في مظهره الذي اعتاده، كان ينظر نحو انعكاس صورته بذهول وكأنه ينظر إلى رجل آخر.
كان يتحسس وجهه وشعر رأسه الذي لم يعد موجود معظمه،

أشار بسبابته قائلاً بهدوء كالذي يسبق العاصفة:
_من هذا؟!
فنظر الرجل ذي البذلة الرمادية نحو صديقه بتعجب، بينما كوّر جون قبضته وصار يسدد ضربات متتالية في الزجاج، ولكن بلا جدوى،

فهذا الزجاج من النوع "اللامينيت" ويتميز بكونه لا يتبعثر أو ينكسر إلى قطع حادة في حدوث أي كسر، لأن "الراتينج" الذي يربط الألواح يربط أيضا الأجزاء المكسورة، لذلك لم يتمكن جون من كسر الزجاج الذي يفصله عن هذان الرجلان اللذان يحدقان فيه بهلع.

سالت الدماء من يديه ولم يهدأ بعد، كان يزمجر بقوة ويصيح بقوله:
_أخرجوني من هنا، أريد زوجتي، دعوني أراها.
همس الرجل ذي البذلة الرمادية لصديقه ومن ثَم ذهب ركضًا.


***

طرقات بمتتالية بالباب، اعتدل في جلسته رجل ذو لحية بيضاء اعطى أذِن بالدخول لمن يطرق الباب، دلف إلى غرفة المكتب الرجل ذو البذلة الرمادية، فسرعان ما قال الرجل ذو اللحية البيضاء:
_ما الذي حدث يا "إدوارد"؟

تنهد إدوارد بخيبة أمل قائلا وهو مطأطأ الرأس:
_كما هو يا سيد "جيمس" لم نتمكن من الحصول على أية معلومات منه، ولكن دعني أريك شيئاً.
اقترب إدوارد من جيمس بعدما أخرج جهاز الحاسوب من حقيبته الصغيرة،

قام بفتح شاشته بواسطة كلمة مرور ثم بلمسات بسيطة جلب ڤيديو مصوّر لجون حينما كان يزمجر.
اضطرب جيمس ونهض سريعاً وقال:
_الأمر يزداد سوء يا إدوارد، علينا أن نفعل شيء ما.

وقبل أن يتمكن من اتمام حديثه فُتح باب تلك الغرفة ودلف إليهم صديق إدوارد الذي كان من المفترض أن يقوم بحراسة الغرفة التي احتُحز بداخلها جون، نظرا إليه جيمس وإدوارد بهلع من بشاعة مظهره فقد كان ينزف الكثير من الدماء من عنقه،

بدا وكأنه يريد أن يخبرهم بشيء ما ولكن لم يستطع وسقط مسجيا على الأرض.
سارع إدوارد وأوصد الباب جيداً، ومن ثَم قام بتشغيل تصوير كاميرات المراقبة على جهازه اللوحي، رأى من خلاله ما حدث قبل خمسة عشرة دقيقة.


كان جون لا يزال يسدد لكمات قوية للزجاج على أمل أن ينكسر، وحينما فقد الأمل في ذلك سقط أرضاً رويداً رويداً، وصار يرتجف بشدة لما يصل إلى ثلاثة دقائق متواصلة حتى سكن فجأة، ظل صديق إدوارد يصيح مناديا على جون ولكنه ظل ساكنا، بدا وكأنه قضى نحبه.

اضطرب صديق إدوارد واقترب رويداً رويداً من باب تلك الغرفة، يعلم أن الأمر خطير ولكن الأخطر هو موت جون قبل أن يحصلوا على مضاد لذلك المرض الخطير، أخذ شهيقاً عميق ومن ثَم زفر بقوة وقام بفتح الباب بواسطة كلمة مرور.

سار بخطوات دؤوبة نحو جون وهو يمسك الرمق، كانت ضربات قلبه أسرع مما يمكن، زفر بهدوء حتى لا يُصدر صوتا، وجثى على ركبتيه ببطء شديد واقترب من جون، وضع أذنه فوق صدره كي يرى إن كان لا يزال على قيد الحياة، بينما كان صديق إدوارد منغمس في إن كان هناك نبض بقلب جون أم لا.

إذ فجأةً حرّك جون رأسه ببطء مماثل للذي كان يتحرك به صديق إدوارد، لم تمر سوى ثوانٍ عِدة حتى انقض على ذلك المسكين وغرس أنيابه في عنقه، كان الرجل يصيح من شدة الألم، ولكنه استطاع أن يُخرج جهاز الصاعق الكهربائي من جيب معطفه وقام بتشغيله سريعاً،

ومن ثَم وضعه خلف عُنق جون بعدما دفعه بقوة، فسقط أرضاً يرتجف، نهض صديق إدوارد وصار يستند على الحائط بيده وخرج مسرعا ونسي أن يغلق الباب من خلفه.
نظر إدوارد نحو جيمس بتوتر قائلا:
_سأمرر الوقت كي أرى ما إن كان لا يزال هناك.

كانت يدي إدوارد ترتجف من شدة الوجل، إستطاع أخيراً أن يجلب تصوير الكاميرات لوقتهم هذا، وكما توقع لم يكن جون في الغرفة، نظر إدوارد نحو جيمس قائلاً:
_سيدي.. عليّ أن أخرجك من هنا قبل أن يحدث ما يخشاه كلينا.

خارت قوى جيمس وجلس على كرسيه بوهن قائلاً:
_ليس هناك مكان على وجه البسيطة يمكننا الإختباء به، فالأمر أكبر بكثير من أنياب جون، الأمر متعلق بالهواء، حتى وإن لم يصل ذلك الڤيرس اللعين إلى هنا بعد ولكنه سيصل عاجلاً أم آجلا.

غمغم إدوارد وهو يرتجف قائلاً:
_ولكن يا سيدي..
قبل أن يتمكن إدوارد من إتمام حديثه، فوجيء هو وجيمس بلكمات متتالية خلف الباب، لم تكن طرقات عادية، فبالتأكيد جون هو الطارق ولم يكن في حالته الطبيعية،

كان يزمجر بشدة وقد أصابه صياح هيستيري جعله لا يعي ما يفعل، لم تمر سوى دقيقة واحدة وأصبح الباب فوق صديق إدوارد المسجي على الأرض.
انتفض جيمس وأحس بأنه شُلَّت حركته، فأسرع إدوارد ووثب أمام جيمس، زفر بشدة بينما كان صدره يعلو ويهبط بشدة،

وجّه إصبعه السبابة نحو جون قائلاً:
_جون لا تقترب، لا تفعل ذلك، أنت تجعل الأمور تزداد سوءًا، أرجوك ابتعد.
كان جون يرمق إدوارد وجيمس بنظرات حادة بالكاد يعلمون ماهيتها، فوجئا هما الاثنين حينما فتك جون بيد إدوارد، فقد تمكن من بترها بأنيابه بسهوله،

سقط إدوارد أرضاً وهو يمسك بذراعه الذي تسيل منه الدماء كشلال.
في غضون ثوانٍ عدة كان جون أمام جيمس مباشرةً واضعاً قبضته فوق عنقه، اقترب جون نحو جيمس أكثر قائلاً:
_رائحة توجسك تجعلني أشتهي دمائك بشدة.

انقض حون على جيمس ومزقه إرباً إرباً، ومن بعده إدوارد الذي أراد أن يخرج زاحفاً من الغرفة ولكن اعترض طريقه صديقه فقد أصبح مصاباً مثل جون، وصار إدوارد بمثابة وجبة الغداء لكليهما.
وما إن انتهى جون حتى خرج من هذه البناية وهو لا ينوي خيراً أبداً.
***
في إحدى الطرقات، كان جون يهرول مسرعاً، وقد امتلأت يداه وفمه بالدماء، كان يشعر أن بداخله وحش هائج لا يلجمه شيء، أطلق العنان لخصاله الوحشية، متأهب للإنقضاض على كل من يفكر في ردعه عن الرحيل.

شعر جون بأنه يتذكر شيء ما، حاول أن يجعل تركيزه ينصب كلياًّ على تلك الوجوه التي أمامه لقتلهم، ولكن شيء ما كان يجول بعقله الباطن، تلك الأوجه المشوشة التي يراها في خياله، يحاول تذكرها أو حتى القليل منها.


في المعمل الخاص بجون، وبالتحديد قبل عام تقريبًا، في عام ألفين وخمسين "2050"، ذاك المعمل الذي كان يمكث فيه لعدة أيام، فقد قضى عامين كاملين يجهز لبحثه الذي سيجعل الأمور تنقلب رأساً على عقب ولكن للأفضل، هذا ما كان يأمله ومتفائلاً به!

أخيراً توصل لآخر إجراءات بحثه، وقام بتجهيز أولى عيناته من هذا البحث، وضعها في محقن، ومن ثَم في علبة صغيرة صُممت خصيصاً لمثل هذه الأشياء.
جلس على كرسيه بفخر وتوجس، كان يخشى القادم كثيراً!

لا يعلم هل سينجح الأمر أم لا! لا يعلم أيضاً هل سيصيب هدفه!
هل سيصبح معروفاً على مستوى العالم؟!
لوهلة شعر أنه قضى عامين في البحث خلف سراب، تنهد بأمل بعدما ذكَّر نفسه بأن ما سيفعله لا بد أن يغير الأمور.

نهض من مجلسه واتجه نحو غرفة توجد في الجانب الآخر من معمله، تلك الغرفة صُممت من الزجاج على النقيض تمام من الغرف الأخرى.
دلف إليها ووثب أمام رجلين، نظر نحو ثيابهم الرثّة بتمعن قائلاً:
_لا بد أنكما على أُهبة الإستعداد كي تخوضا في تجربتي الأولى.

فنظر إليه أحدهما بوجه ممتقع قائلاً:
_سيدي أرجوك دعني أذهب، لم أعد أريد خوض هذه التجربة، رجاءً دعني أرحل.
تبسم جون ضاحكاً وقال:
_يمكنك الرحيل إن أردت ذلك.

ضم ذلك الرجل حاجبيه بتعجب، ولكن لاحت ابتسامة فوق شفتيه وخطى نحو باب الغرفة، وقبل أن يضع أنامله فوق المقبض قال جون:
_فقط أخبرني قبل أن ترحل، كيف ستؤمن المال كي تخضع صغيرتك للعملية الجراحية؟! التي من المفترض أن تُجرى خلال بضعة أيام؟!، من ماذا تعاني صغيرتك! ذكِّرني!

طأطأ الرجل رأسه وقال:
_تعاني من ورم خبيث في رأسها.
تبسم جون بخبث قائلاً:
_حسناً، فلتصغي إليّ إذاً، كلينا في أمس الحاجة إلى الآخر، أنا من أجل مختبري وأنت من أجل صغيرتك.
أجهش الرجل بالبكاء قائلاً:
_أخشى أن لا أتمكن من الذهاب إليها.


انتبه جون من شروده حينما تعرض لضربة قوية بواسطة سيارة، تدحرج على إثرها عدة مرات وصار يزمجر بغضب، فقد كان يريد أن يتذكر ما حدث عقب رؤيته ذلك الرجل، ولكنه لم يتمكن من تذكر شيء إضافي.

ترجل من تلك السيارة ثلاثة رجال مدجَّجِين بالأسلحة، يضعون على وجوههم أقنعة صُمِّمت خصيصاً للوقاية من الڤيروسات، نظروا حولهم وهم على أُهبة الإستعداد لمهاجمة أي مُصاب يقترب صوبهم.

نظر شخص يبدو عليه الوقار من نافذة السيارة في المقعد الخلفي، تلك التي وقفت في ساحة المكان، تبسم بسخرية قائلاً:
_عالِمنا الجليل "جون مارسيل"؟
صمت لبرهة ثم تابع قائلا:
_أحضروه سريعا.

اتجه الرجال الثلاثة نحو جون والتقطوه من الأرض ومن ثَم اتجهوا نحو السيارة، وبعدما كبَّلوا يديه من خلف ظهره ووضعوه داخل السيارة، قبل أن يتمكن آخر هؤلاء الرجال من الولوج إلى داخل السيارة داهمه من الخلف أحد المصابين.

صار يقاومه بكل ما أوتي من قوة ولكن هيهات، فقد كان ذلك المصاب شرس للحد الذي يجعله لا يأبى ولا يهاب شيء، فكل ما يدور في مخيلته هو أن يفتك بذلك الذي بين يديه، لم تمر سوى ثوانٍ عدة حتى صار المصاب مسجياً على الأرض يرتعد بشدة بعدما داهمه شخص آخر من داخل السيارة برصاصة اخترقت صدره.

نهض الرجل واستقل السيارة سريعاً ومن ثَم ذهبوا جميعاً.
لم يكن الرجل الذي دوهم قبل قليل على ما يرام، أزال قناع الوقاية خاصته وصار يسعل بشدة، نظر نحو ذراعه الأيسر بعدما أحس بسائل لزج يسيل منه، ولم يكن ذلك سوى دمه!

كان جون يرمق ذلك الرجل بترقب، فقد لاحظ مؤخراً أثر أنياب المصاب فوق ذراع ذلك المسكين، تنهد جون قائلا وهو يوميء نحو الرجل الذي أمر بإحضاره:
_دعهم يوقفون السيارة.
تبسم الرجل الذي يدعى " دايڤيد" بسخرية قائلاً:
_عفواً!

بدأت نوبات الغضب تسيطر على جون شيئاً فشيئاً ولكنه كان يفعل ما بوسعه كي لا يسفك دماء هؤلاء أيضاً، فقال على مضض:
_ليس لديك متسع من الوقت لتنجو، دع أعوانك يهبطون من السيارة سريعاً قبل أن يحدث ما نخشاه جميعاً.

وما إن أتم جون كلمته الأخيرة حتى انقض رجل مصاب فوق مقدمة سيارتهم، وصار يسدد ضربات فوق الزجاج الأمامي للسيارة بكلتا قبضتيه، كانت السيارة تتحرك يميناً ويساراً بشكل عشوائي، وقد فقد السائق سيطرته عليها بعدما داهمه صديقه من الخلف وتناثرت دمائه فوق وجوههم جميعاً.

***

كانت الأصوات الصادرة من التلفاز تعج في رأسه وتصدر ضجيج لم يستطع تحمله، لم تكن الأخبار تسر أبداً، كانت تدور جميعها حول اندلاع الحرائق في شتى البلدان حول العالم للتخلص من المصابين بعدما فشلت جميع المحاولات في شفائهم.

كانت هناك جملة بعينها تتكرر في عقله دون توقف
_"مصرع الطبيب "جيمس أبراهام" ومساعديه، إدوارد والاس، و"والتر ماريو" في ظروف غامضة وإختفاء العالِم "جون مارسيل" ولم يتم العثور عليه حتى الآن.

نهض "ماركوس بيجاري" وهو يستشيط غضباً بعدما أطفأ التلفاز بواسطة جهاز التحكم وألقاه بعيداً، هرعت إليه زوجته "ميلاني" قائلةً:
_مارك.. ماذا حدث أيضاً؟

نظر إليها "مارك" بوهن قائلاً:
_لقد فقدنا جون ثانيةً، الأمور تزداد سوءً يوماً بعد يوم، لولا اعتكافنا في المنزل لهلكنا مثل البقية.
اضطرب فؤاد "ميلاني" وقالت:
_ما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟

الأمر لا يتعلق ببلدة أو بلدتين.. لقد صار ذلك المرض اللعين يجوب الأرض شرقها وغربها، لا يمكننا اللجوء إلى مكان آخر.
تنهد مارك قائلاً وهو يحدق في الفراغ:
_ربما سأجد منفعه من نطاق عملي.
#صغيرة_الكُتَّاب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي