الفصل الثالث الهروب المنقذ

أثناء حديثهم لمحة المربية نظرات الممرض منصور التي تلمع وهو ينظر إلى هذه الطفلة المسكينة، وعندها فهمت على الفور نيته القذرة تجاه الطفلة، لذى بعد انتهاء من علاج الطفلة وضعت في الشاي منوم وقدمته إلى الممرض.

كان علاج الطفلة عبارة عن مركب محلول ملحي به علاج مضاد حيوي ومسكن ووضعه في ذراع الطفلة الصغيرة.

بعد شربه كوب الشاي فقد منصور الوعي، وبعدما فقد الوعي وجدت سعاد في يديه حقنة منوم، قام الممرض منصور بتحضيرها حتى يحقن بها المربية سعاد بعد شربه الشاي وبذلك حدث بالفعل ما كانت تتوقعه سعاد.

كانت سعاد امرأة بسيطة التفكير، ولكنها كانت تعمل في نفس الملجأ مع ذلك الحقير منصور والمدير عزت، لذلك كانت تعلم جيداً تصرفاتهم وكيفية أخلاق ذلك الأشخاص، وكانت تعلم جيداً أنهم من السهل الغدر وأذية البشر والأشخاص الأخرين من أجل المال.

بعد فقدان منصور الوعي أخذت المربية من يديه الحقنة وضربتها في ذراعه، حتى تطمئن من عدم استيقاظه وتستطيع الهروب من المنزل والبلد بالطفلة بدون قلق.

حينها استيقظت الطفلة وجدت الممرض منصور فاقد الوعي على الأرض، والمربية سعاد تمسك شنطة سفر كبيرة، تجمع بها كل ملابسها وابنها وزوجها وأشياء هام بالمنزل.

بعد ذلك نظرة إلى سناء بقلق وسألتها:
- عزيزتي هل استيقظتِ! كيف تشعرين الآن هل أنتِ بخير؟

رغم أنها كانت طفلة في سن العاشرة من عمرها، ولكنها كانت تعي جيداً ما يحدث من حولها، بسبب كل ما جربته وعشته في ذلك العمر الصغير، واستطاعت فهم أن المربية سعاد تحاول إنقاذ حياتها، لذلك أومأت برأسها تخبرها:
- نعم أنا بخير لا تقلقِ على صحتي سوف أصبح أفضل.

نظرت إليها المربية بابتسامة هادئة وأخبرتها:
- بالطبع عزيزتي سوف تكونين بخير وأمان لذى لا تخافي مرة أخرى.

أومأت الطفلة برأسها مرة أخرى وأجابتها:
- حسنا سوف أطيعك وأستمع إليكِ منذ الآن.

كانت تلك أول مرة تشعر سعاد أن سناء تثق بها ورغم صمتها الدائم كانت تصرخ بداخلها تطلب منها النجاة.

بعد ذلك ذهبت المربية ولفت وربطة المحلول حول وسط الطفلة، وذهبت أغلقت الحقيبة وعلقتها على ذراعها الأيمن والذراع الآخر حملت به الطفلة وخرجت من المنزل.

استمرت سعاد الركض في الشوارع والشنطة معلقة بذراع والطفلة بذراعها الآخر تضمها بقوة في حضنها.

كانت تلك أول مرة في حياة سناء التي تشعر به بالخوف على شخص آخر، وتعيش خوف شخص آخر، بسبب دقات قلب المربية السريعة من الخوف والركض في الأنحاء.

عندما أرهقت المربية من الركض بأسرع قوتها، وضعت الحقيبة والطفلة على الأرض حتى تلتقط أنفاسها لفترة، عندها نظرت حولها ووجدت المحطة مازالت بعيدة لذلك أخبرت سناء:
- أنا مرهقة بشدة لنرتاح لفترة قصيرة.

ولكن بعد تفكير عميق قالت بصوت مسموع وليس مرتفع:
- ولكن بهذه الطريقة سوف نتأخر على آخر قطار ذهاب إلى الصعيد.

عندها وضعت الطفلة يديها الصغير على كتف المربية وحدقت إلى المربية ببراءة وأخبرتها:
- لا تحملني استطع التحرك بمفردي.

عندها حدقت المربية إليها بحزن وشعرت بالطاقة والقوة، وحملتها الطفلة مرة أخري وقالت:
- يجب أن نسرع حتى نلاحق القطار.

وبعد ذلك ابتسمت حتى لا تحزن الطفلة،؛ وبعد حملها فكرت في وضع الطفلة و تجلسها على كتفها، رغم إصابة رقبتها القديمة التي تؤلمها بشدة وأخبرتها:
- سناء تمسكِ في رقابتي جيداً.

أجابتها سناء التي كانت تتألم بشدة بسبب حقنة الكانيولا المعلق بجسمها:
- حاضر سوف أتمسك بقوة.

وأمسكت الحقيبة بيديها الاثنين ورفعتها تجاه صدرها بكل قوتها وقامت بضم الحقيبة إلى صدرها، وذهبت تركض بكل قوة وعزم حتى وصلت إلى محطة القطار.

كان ذلك اليوم بالنسبة إلى سناء يوم لم ينسى، ليس بسبب ارتكابها أول جريمة قتل وهي في ذلك العمر الصغير، ولكن لأنه في ذلك اليوم شعرت أول مرة بالحب والأمن، وأكتسب والدة تخاف عليها وتحميها، وكانت تلك أول مرة تشعر سناء هكذا خلال حياتها القصيرة منذ ولادتها.

كان الوقت آخر الليل عندما خرجت المربية بالطفلة من منزلها، واخذتها وذهبت إلى المحطة كان مدة الوصول ساعة ذهاباً، وعندما وصلت إلى محطة القطار كانت الطفلة فوق كتف المربية تشاهد شروق الشمس العظيم الذي كان يمثل حياتها بالضبط في ذلك الوقت.

حياتها الدامية التي انتهت مع ذهاب الليل، حياتها المشرقة الجديدة التي أتت مع بزوغ شروق الشمس، ونسمة هواء الليل الباردة التي اختفت فجأة وتبدلت مع نسمة دافئة من أشعة الشمس.

رغم كل الألم التي كانت تشعر به الطفلة جسدياً، كانت قلبها يشعر بالدفيء الذي حضر مع أول حضن من المربية سعادة عندما ضمتها إلى حضنها الدافئ والنقي، حينها علمت الطفلة أنها رغم تم تمزيقها إلى اشلال، ولكنها مازلت بخير لأنها وجدت شخص يجمع تلك القطع ويحولها إلى حياة ممتلئ بالحب والاهتمام.

في الوقت الحاضر خلال وجود نادين داخل الحبس الانفرادي، ظلت تتذكر ظل خيال رجل مخيف بدون ملامح واضحة خلال أحلامها أو بمعنى أدق خلال كوابيسها المؤلمة.

جاء يوم عرض الجانية نادين كريم على وكيل النيابة، وعندما دخلت المكتب تفاجأت عند رؤية وكيل النيابة، لأنه كان صديقها المقرب فى الجامعة الذي لم تقابله منذ ست سنوات.

وكيل النيابة حازم نبوي عند رؤيتها أوقف التحقيق مؤقتاً وأجله لمدة ساعتين، وأخرج جميع الموجودين فى المكتب حتى يخبرها:
- عندما قرأت اسمك داخل المحضر في البداية لم أصدق عيني وأخبرت نفسي أنه أكيد تشابه اسماء، ولكن الآن ما أراه هو الذي لم يصدقه عقلي.

سألته نادين:
- لماذا؟

أجابها وكيل النيابة:
- لأن نادين التي أعرفها ليست يقاتله! أنت ليس تلك المرأة الموجودة على الأوراق؟

سألت وكيل النيابة:
- هل سوف تصدقني عندما أخبرك بأني لم أقتله؟!

نظر حازم إليها بحزن وأخبرها:
- بالطبع أصدقك، ولكن ذلك التحقيق واجبي وعملي لذلك يجب عليا أن أشك بكِ وأحقق جيداً في تلك القضية حتى أتواصل إلى الحقيقة.

أجابت نادين:
- حسنا يا حازم فأنا أثق بك وأعلم أنك سوف تستمر في التحقيق حتى تظهر الحقيقة كاملة.

سألها وكيل النيابة:
- هل حقاً تثقين في يا نادين؟!

أجابت نادين:
- بالتأكيد.

سألها حازم:
- حسنا كوني صريحة معي في كل شيء وأخبرني بالحقيقة بدون إخفاء شيء مهما كانت صعوبة التحقيق؟!

أجابت نادين:
- حسنا سوف أخبرك بكل شيء.

بعد ذلك أمر وكيل النيابة بإدخال الجميع، الذين هم المحامي الخاص أحمد عز، محامي نائف العوضي سابقاً، الذي حضر أثناء تحقيق النيابة حتى يدافع عن نادين، واستطاع إقناع وكيل النيابة ترك المتهمة لعدم وجود أدلة تكفي في أدانيه.

ونظر وكيل النيابة إليها بعد انتهاء التحقيق وأخبرها:
- نادين أثق في برائتك ولكن كل الأدلة ضدك أشعر أن هناك شخص ورطتك فى تلك القضية، وأظن أنه شخص قوي لذلك.

أخرج من محفظته بطاقة اسمية ووضعها أمام نادين على المكتب وأخبرها:
- ذلك أرقام التواصل الشخصية أن شعرتِ أنك بحاجة إلى مساعدة أخبرني على الفور؟!

نظرت إليه بحزن وارتياح وأخبرته:
- شكراً لك على ثقتك حسنا ولا تقلق.

خرجت نادين من الحجز ولكن كانت تحت ذمة التحقيق، وقبل خروجها طلب منها وكيل النيابة عدم مغادرة البلاد لحين انتهاء تحقيق النيابة العامة.

عادت نادين إلى منزلها المشؤم مع المحامي، ولكن عند دخولها إلى المنزل استمرت في الإحساس بالاختناق، ولم تستطيع البقاء في ذلك المنزل لحظة واحد، لأنها استمرت تشاهد جثة نائف على أرضية منزلها غارق بدمائه.

بعد ذلك نظرت إلى المحامي وسألته:
- لماذا أتيت من أجل الدفاع عني؟!

سألها:
- هل الدفاع عنك جريمة؟!

أجابت:
- هل نسيت أنت محامي الضحية؟

أجابها:
- ذلك غير صحيح أنا الآن محاميكِ.

سألت المحامي:
- لماذا؟!

أجابها:
- تلك كانت وصية الضحية.

سألته باستغراب:
- ماذا! هل نائف طلب منك ذلك؟!

أجابها:
- نعم كانت تلك جزء من وصيته.

سألته:
- ما هي وصيته؟!

أجابها:
- الأولية لحمايتك عندما يحدث لكِ شيء سيء له.

عندها جلست نادين على الأرض تبكي بشدة رغم عندما استوعب وفهم الأمور.

بعد ذلك ساعدها المحامي في الذهاب إلى غرفتها حتى تبديل ملابسها، وعند الانتهاء أخذها وخرجوا من الشقة وقبل صعودها سيارة المحامي نظرت حولها وتذكرت شيء.

بعد ذلك نظرت إلى المحامي وسألته:
- أين حارس العمارة؟ هل رأيته!

سألها المحامي:
- لا، لماذا تسألين عنه الآن؟

أجابت نادين:
- لقد أخبرني منذ يومين بوجود رجل غريب يسأل عني في المنطقة.

سألها المحامي:
- مدام نادين هل أنتِ متأكدة من ذلك؟

أخبرته:
- لماذا أكذب في ذلك؟

أجابها:
- حسنا سوف أوصلك إلى الفندق وأعود أبحث عن حارس العمارة وذلك الموضوع.

أخذها المحامي الفندق وطلب من نادين:
- مدام نادين أتمنى أن ترتاح أعصاب الآن وتذهبي للنوم تعويضاً عن الأيام السابقة.

أجابت:
- سوف أحاول ولكن أظنه صعب.

أخبرها:
- يجب أن حتى ترتاح أعصابك حتى تتذكري كل شيء أتمنى أن تتصرفي بحكمة وحرص من الآن.

سألته:
- هل تعتقد أني أتصرف بتهور؟!

أخبرها:
- لا أقصد ذلك ولكن يجب عليكِ أن تستشيرني منذ الآن قبل أتخذ أي قرار أو خطوة متهورة.

حدقت بها بمنتهى التركيز وسألته:
- أنت لم تثق في براءتي صحيح؟!

أجابها بتوتر:
- ذلك ليس حقيقي.

لذلك أخبرته بغضب وحزن:
- عندما يسأل المحامي عن القضية بعدم ثقة في براءتي! كيف سوف يجعل ذلك الآخرين يثقون في برائتي؟

عندها نظر إليها وأخبرها:
- كل ما طلبته هو أن تراجعين إلي في كل خطوات ليس عدم ثقة.

سألته بعصبية:
- فماذا تسمي ذلك؟!

أجابها:
- أريد فقط حمايتك لذلك طلبت منك أخبرني بكل شيء يحدث معك.

بعد ذلك تركها المحامي وذهب وحينها شعرت نادين أن محاميها لا يثق في براءتها ويخفي عنها سر كبير.


رغم مساعدة المحامي ولكن كان ذلك بسبب تأدية واجبه تجاه عميله بسبب وصيته، ولكن كانت تعبير وجه تخبرها أنه لم يصدق أو يثق في برأتها بسبب كل الأدلة التي ضدها.

لذلك قررت نادين أن تبحث عن أدلة بنفسها وتثبت برأتها، ولكن في البداية يجب أن تستمع إلى كلام المحامي وكان يجب عليها أن تنام جيداً، حتى تستطيع محاربة المجهول الذي ينتظرها حتى يسحبها من قدميها إلى براز الجحيم.

أخذت حمام دافئ وخلدت إلى النوم بعد شربها كوب من الشاى الدافئ، حينها استمرت في تذكر فترة حياتها السابقة السعيدة، عندما كانت تحيا مع أسرة المربية سعاد، وتذكرت لحظة خسارتها أسرتها فى هذه الحياة بطريقة مأسوية.

تذكرت أيضاً كمية السعادة التي عيشتها مع هذه الأسرة بدون قلق أو هموم، عندها بدأت تحلم بتلك الليلة، بدأت سعادتها بعدما دخلت سعاد بالطفلة إلى المحطة وقطعت تذكر إلى الصعيد في الدرجة الاقتصادية كانت الرحلة الأطول في حياة الطفلة.

لكنها كانت الرحلة الأسعد رغم كل الألم الذي يحتل جسدها الصغير، كانت تلك الرحلة التي مدة عشر ساعات هي الأجمل والأروع في حياتها بإكمالها.

عندها استمرت الطفلة فى سؤال المربية:
- ما هذا؟!

أجابتها:
- هذا قطار.

سألتها مرة أخرى:
- إلى أين سنذهب به؟!

أجابتها المربية:
- إلى الصعيد.

سألتها الطفلة بسذاجة:
- هل الصعيد بعيدة؟!

أجابتها:
- نعم، ولكن لا تقلقي أنا معكِ لم تشعري بالوقت؟!

نظرت الطفلة إلى ذراعها وسألتها بحزن:
- أنها تؤلمني هل أستطيع التخلص منها؟!

أجابتها المربية بإحباط:
- سامحني يجب أن ننتظر حتى الانتهاء.

عندها ضحكت الطفلة وأخبرتها:
- حسنا لم تعد تؤلمني الآن.

عندها دمعت عيون المربية على قوة تلك الطفلة فى التحمل لألمها.

بعد ذلك أخذت الطفلة داخل حضنها حتى وصولهم إلى محطة ونزلت في محافظة قناة بالصعيد، وبعد ذلك أخذت ميكروباص وذهبت إلى قرية زوجها نجع حمادي.

كان زوج المربية سعاد من البدو الذين يعرف عنهم الشهامة والكرامة رغم فقرهم المادي، رغم كسل الرجال في العمل والمشاغل الحرفية وذلك جعل جلب المال إلى الأسرة منخفض.

يعتبر رجال قرية نجع حمادي الأفضل من الإنسانية ، فكان أهالي القرية يقدسون الإنسانية ويحترمون ويقدرون بعضهما البعض.

لذلك عندما أخبرت سعاد زوجها عما حدث في العمل والمنزل شعر بالحزن والشفقة تجاه الطفلة المسكينة، ولم يغضب من زوجته على هروبها من المنزل الذي خسره بسبب ما فعلته المربية.

ولكنه سأله:
- ماذا سوف نفعل الآن؟!

سألته المربية:
- نفعل فى ماذا؟!

أخبرها:
- أنتِ تعلمين علاقتي المتوترة مع والدي ولم استطع البقاء هنا في نجع حمادي؟!

أجابته:
- والآن لم نستطع العودة إلى القاهرة سوف نعرض الطفلة للخطر؟!

عندها أجابها بإحباط:
- حسنا أتركِ كل شيء سوف أتصرف.

سألته:
- كيف سوف تفعل ذلك؟!

أجابها:

- هل تعلمي أنك ضحيت بالحياة في المدينة، وجئتِ إلى القرى وسط الفقر والمجاعة، حتى تنقذ تلك الطفلة التي لا تمد لكِ بصلة أو قربة.

سألته:
- قلبي يؤلمني من أجلها لم استطع تركها تعاني أكثر من ذلك؟

أخبرها:
- وماذا عن طفلك الوحيد؟!

سألته:
- وماذا به؟!

أجابها:
- سعاد لقد ضحيت بالكثير من أجل تلك الطفلة، ومن ضمنهم ضحيتِ بمستقبل ابنك فى التعليم الجيد، لقد أضعتِ مستقبل طفلنا الوحيد.

أخبرته بإحباط:
- لقد حدث ما حدث ولم أتخلى عن الطفلة مهما حدث، لذلك جد طريقة حتى نستطع العيش معاً جميعاً؟!

أخبرها:
- حسنا لا تهتمي أنتِ بذلك، واهتمي فقط بالأطفال.

بعد ذلك تركها وذهب واستمرت سعاد تفكر أن بسبب ذلك التصرف الذي قامت به جعلها تخسر الكثير.

كانت عائلة زوجها يعملون في الإبل وقص الأثر، ورغم بحثهم سنين كثير عن الأثار ولكنهم لم يجدوا شيء أبداً خلال الخمسين سنة الماضية.

ولكن.. عندما عادت زوجها كريم مع ابنه كرم إلى قرية؛ كان من أجل توديع والده الذي كان مريض منذ شهر مضى حتى الآن.

لذلك كان سبب سفر كريم مع ابنه وعودته إلى مسقط رأسه، كان لأن أخواته الفتيات إرسالها إليه وأخبره:
- كريم يجب أن تعود فوراً، لأن والدك مريض وسوف يموت قريباً، لذلك يجب عليك العودة بأسرع وقت إلى القرية.

كانت تلك القرية التي تركها كريم زوج المربية سعاد منذ عشرة أعوام مضت حتى يعمل في المدينة، وهناك تعرف على زوجته سعاد حب حياته وتزوجها وأنجبا طفلهما الوحيد كرم.

والد كريم اسمه حامد البوهي، يبلغ والد كريم من العمر ستة وثمانون عام، وذلك الرجل العجوز الخبيث الذي تزوج خمسة مرات حتى تستطع امرأة أن تنجب له طفل ذكر، من أجل أن يخلد اسمه في الوجود وذلك الذكر هو ولده كريم ابنه الوحيد على تسع فتيات أكبر وأصغر من كريم.

لذلك كره كريم والده بشدة من كثرة ظلمه وبطشه وبخله على زوجاته وعدم اهتمام بأطفاله وعدم تمويلها مادياً.

عندما توفيت والدته كان يشعر أن موته ظالم رغم إنجابها الولد لذلك الرجل البخيل، ولكنه لم يكون والد أو زوج جيداً.

لذلك هرب كريم عندما كان في التاسع عشر من عمره من منزل، هرب من ذلك الوالد الأناني ومن تلك القرية والمحافظة بأكملها حتى يبتعد عن والده، ولا يريد مقابلته مرة أخرى.

ولكن عندما سمع أن والده يموت تذكر ابنه الذي لم يقابله جده أبداً، والجد الذي لم يشاهد حفيده يكبر، لذلك أخذ ابنه وذهب بها إلى والده في نجع حمادي حتى يودع جده قبل موته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي