حارس التايبان

NouraMohamed Ale`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-02-25ضع على الرف
  • 53K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الحلقةالاولي البداية

1

كان "شي ريان" يقف أمام  المرآة التي لم يجرأ أن يقف أمامها من قبل، وهو ينظر إلى نفسه بتقييم لما يراه من تشوه في وجهه وبشرته وهو يقول: 

_ لست مذنب في حق نفسي، ولا في حق المجتمع أنا ضحية! لم أختار أن يتعاون أبي مع الجن؛ ولم أختار أن أصاب باللعنة! 

أغلق عينه وكأنه لم يعد يقوى على ما يراه، ولكنه رجع يردد بصوت مسموع:
_  لكني موصوم ملعون وصمني أحد الممسوخين وهو يأخذ شكل عمار المكان..

نظر الي جلد الثعبان الذي يغطي جلده بأكمله إلا وجهه، وهو يتذكر قول والده "جاين ي" عن ما حدث…

_ لقد كان مارد من نار، أخذ شكل أفعى عملاقة يدعى "فودج هوتشي"  لعق جلد يدك عقاب لي.

"شي ريان": وما شأني أنا؟! 

_ لا شأن لك يا بني ولكن 

-لكن ماذا يا أبي؟ أنا من أتعذب أنا من يعاني، وأنت لا تنفك أن تقول" سوف تجد حل سوف تجد علاج" 
_"شي ريان" يا بني.. 
-أرجوك أبي كفي لا تتعب نفسك، لقد أعتدت على ما أنآ فيه، ولكن دعني وشأني، لا تخبرني أن هناك أمل لا توهمني بأمل كاذب لن يأتي أبدا. 
_أنا أعلم أنك تشعر بالوحدة ولكن

-أشعر بالوحدة؟ هل تسمع نفسك يا أبي؟!

_ انا ..
- أنت لا يوجد عندك مشكلة لكن انا اعيشها، فمن وقتها لا أستطيع أن أقترب من أحد، انا منذ سنوات طويلة اشعر باني منبوذ اخشى من نظرة الخوف في كل من يراني لذا احبس نفسي في تلك الغرفة اللعينة حتى لا يراني أحد ..

_ يا بني.. 

-ماذا عساك تقول؟! هل ستخبرني ان اصبر؟ وأن أتحمل كفى أبي! فأنا أتحمل بالفعل؛ أتحمل ما لا يتحمل البشر!

_ أنا أعرف ذلك 

-لا تعرف شيء، لا تعرف أو تشعر بما أعانيه! لا تقدر على أن تقترب مني، لا تقدر على أن تضمني بين يديك! لا أستطيع أن أقبل أمي لا أستطيع أن أشرب من نفس الاناء الذى شربت منه  لأني أخاف أن تشرب بعدي او يشرب أي  احد وقتها قد يتسمم هل تدرك ما معنى كلامي؟ 

_ نعم بني أدرك جيدا ما معنى كلامك، أدرك جيدا ما تعانيه ولكن لا يوجد بيدي شيء فعله لك

- أنا لم أطلب منك شيئا على الإطلاق ابي انا لم اطلب منك شيئا كل ما طلبته منك انت دعني وشأني؛ وانت كف عن ذكرى العلاج وان تنفك عن الذكر الامل

_ تدخلت أمه وهي تشعر بالشفقة علي ابنها الذي وصل إلي مشارف الشباب دون أن يقترب من أحد فقالت 

_  لما "شى ريان"؟ لقد وصلت الى حافة اليأس، ولكن الرب لن يتركك 

- تخبريني أن الرب سوف يرحمني، حتى أنت أمي. 

_ اجل يا بني لا تقنط" شي ريان"  والدك سوف يجد وحلا يوما ما.. 

 نظر لها أبنها بسخرية جلية على وجهه وهو يقول:

- هو لا ينفك عن ذكر ذلك يا أمي،  ولكني  لم اعد اريد حلا بعد ان اخبرني بما حدث..

نظر إلى والده وسال:

- هل نسيت؟!

_ نسيت ماذا يا بني 

- لقد قلت لي وقتها أن ذلك المارد، اخذ صورة أحد عمار المكان الذي يعد الأشرس على الإطلاق.

 أزدارد الأب لعابه دون أن ينطق فماذا يقول لإبنه؟ أو ماذا عساه أن يفسر له ما حدث أما "شي ريان" قال:

- وذلك الأشرس أخذ صورة أفعى عملاقة قامت بالعق يدي، وبعدها  تحول إلى جلد الثعبان..

_ نعم يا بني لقد أخبرتك بما أعرفه ولكن..

- وليت الأمر توقف على هذا فقط! 

-أجل أمي ليته توقف على جلد مشوه يأخذ شكل غير بشري، أو تشبه الى حد كبير الزواحف، لقد تحولت يدي إلى سم متنقل أن ما ألمسه يسمم،  أن ما ألمسه  يصعق كأني كهرباء.. 

نظر إلى أمه بقلة حيلة، والده وكأنه ينتظر أن يرى واقع الكلمات. علي وجهه الممتقع، ومع ذلك لم يشفق عليه أو يصمت لذا قال: 

-وانت تجبرني أن هناك حل 

_ كفى "شي ريان" أعرف جيدا ما تشعر به، ولكن لا يوجد داعي لأن ترفع صوتك فأنا أسمع جيدا..

 نظر له أبنه وهو لا يعرف كيف يرد على والده الذي يدرك جيد ما يعانيه، ومع ذلك لا يتقبل تلك الثورة، التي تخرج شحنة الغضب من داخله، تحرك بسرعة مبالغ فيها لا تمت للبشر ودخل إلى غرفته، وقتها رجعها إلى حيث يقف أمام المرآة ينظر إلى نفسه بصدمة وهو يردد:

- إن ما مضى لن يتغير!

 وهو يقف ينظر لجسده، وذلك اللون الذي يزحف على رقبته وكأنه يهدده بأن يصل إلى وجهه، ويحوله هو الآخر إلى جلد أفعى وقال لصورته في المرآة: 

_ لما أهتم؟! أنا أحمل فوق كتفي عبئ سنوات لم أعيشها! سنوات  لم أكن فيها طفل، ولا حتى إنسان من الأساس، فأنا أفعى متحولة رغم أنفيّ.. 

أنزل طرف الثوب القطني الخفيف الذي يرتديه رغم برودة الجو، ومع ذلك لا يشعر بالبرد، لا يشعر بشئ على الإطلاق، وهو يقول:

_ أن أردت أو لم أريد، ها انا لا اخرج من غرفتي..

ضحك بسخرية وهو يكمل كلامه: 
-محبوس فيها ولكن بإرادتي، لا صديق ولا رفيق انا عار على الجميع! خطر عليهم! لذا أنا هنا منذ زمن… 

ولأنه يعرف أنه بمفرده، كان يتكلم مع نفسه يستشيرها يحاورها كاد أن يتحرك من أمام المرأة، ولكنه لاحظ وجود خيال خلفه

كاد أن يضحك على نفسه وهو يقول بصوت مرتفع:

_ هل حقا وصل بي الأمر إلي هذا؟! هل فقدت عقلي؟

 ثم رجع ليرد على نفسه:

_ لا اظن ربما أحلم او ربما أتخيل، أو أهذي هناك أشياء كثيرة ولكن لا يوجد هذا خلفي!

 ألتفت ببطء ليرى، هل ما يراه في المرآة حقيقي؟ هل حقا هناك أفعى ضخمة تقف خلفه؟! ولكنه فمه تدله وهو ينظر لتلك العملاقة التي أخذ حيز كبير من الغرفه؛ تلتف حول نفسها ومع ذلك يرتفع رأسها ليصل  أمام عينه 

"شي ريان":  انه حلم! لا ليس حلم إنه كابوس! إن هذا ليس حقيقيا!

 ولكنه صدم حينما تكلمت الأفعى الواقفة أمامه، ولكن هل حقا هو في الواقع؟!  هل تتكلم الافاعي في الحياة الواقعية؟! انه يستمع الى همسها! وليس هذا فقط بل يعرف معنى الكلمات:

_ لا تخف" شي ريان "

-وهل ابدو لك خائفا؟! 

_ أجل تبدو خائفا؛ ولكن لا تخف سيدي.

- سيدك؟!

_ اجل أنت سيدي، ولست سيدي بمفردي بل سيدنا جميعا.

 تحركت رأس الأفعى تنظر إلى الخلف، لتعم الصدمة على عقل "شي ريان" وهو يرى ذلك الحائط بأكمله عبارة عن أفاعي متراصة فوق بعضها، وكأنها تمثل جدارا كامل وهنا شعر بالخوف، يضرب قلبه وروحه، ولكن الأفعى قالت بصوت واضح:

_ قلت لك لا تخف، نحن هنا من أجلك سيد "شي ريان" 

_  من أجلي؟ 

ــ بلى؛ لقد مر وقت طويل جدا ونحن ننتظر الإذن لنظهر لك، لقد مر وقت طويل حتى أتت اللحظة التي يجب أن نلتقي معا، لتعرف من أنت؟!
-أنا هل تريد أن تخبرني إنك تعرفني وتعرف ما لا أعرفه عن نفسي! 
_ أجل سيدي! نعرفك جيد أنت.. 

_ ليس المهم من أنا؟

_ لا أفهم ماذا تعني.؟ ما هو الأهم من أن تعرف من أنت؟ وخاصة لنا! 

_ أن أعرف من أنت؟! وهل أنا مستيقظ أم هو حلم؟! 
 
_ أنت في كامل وعيك سيد "شي ريان" 

_ وأنت؟! 

-انا "فينغ ميان" 

_  "الصامت في الغابة"؟!  

_ أجل سيد "شي ريان". 
 
_ رغم أنك لم تتوقف عن الكلام أيها الصامت! ولكن لا يهم والآن أخبرني من أنا؟ 

_ انت "حارس التايبان".

_ما هذا الذي تقوله هل تخبرني إني " حارس التايبان" أي الأفاعي التي تستطيع التواصل، مع البشر" فينغ ميان"

_ ليس تماما أنت في المنتصف، بين الإثنين بين البشر والأفاعي، أنت نصف بشري ونصف أفعى، تستطيع ان تفهم كلامي وتعرف ما الذي أقوله أليس كذلك؟!

_ هل تعني أنك تتحدث بلغة أخرى غير لغة البشر؟ هل تعني أن لا يوجد أحد يفهمك غيري؟! هنا في هذا البيت!

- ربما في القرية باكملها؛ او في العالم أجمع! 

_ ماذا تعني انا لا أفهم معنى كلامك؟! هل تقصد اننا نتكلم لغة أخرى غير لغتي؟!

- سوف أصمت انا، وأستمع إلى نفسك.

 وها هو يحاول أن يتكلم بتلك اللغة ليدرك أنه يتكلم بلغة الأفاعي صوت كصوت فحيح الأفاعي! هل جن؟ أم يتخيل أم هو في واقع غريب! لا يمت للواقع بصلة؛ هو في عالم مختلف أو بعد زمني آخر؛ أو أقرب من كل ذلك هو ملعون منذ الأزل!.

وها هو يأتي إليه أفعي لتخبره بأنه "حارس التايبان" هو منتمي له جنسين مختلفين كل الإختلاف عن بعضهما.. 

نظر إلى الأفعى بصدمة وكأنه لا زال لا يصدق ما هو فيه

_ ماذا ألم يعجبك صوتك؟

_ وهل تظن أنه يعجبني؟!

- سوف تعتاد علي كل شيء، نحن هنا من أجلك.

_ من أجلي!

_ أجل نحن هنا من أجل أن نخبرك أنك لست بمفردك، وها أنت  تستطيع أن تتكلم معنا تقترب منا ومع ذلك لن تضرنا أو تأذينا.

 نظرة الصدمة على وجه "شي ريان" كانت جلية مما جعل الأفعى تقترب منه، تضع رأسها على كف يده وكأنها تخبره أن السم في يده لا يسري في جسدها، انها محصنة ضد ما قد يضر غيرها من المخلوقات..

 وهنا شعر بشيء غريب، أنها أول مرة يلمس جلد حي لأي مخلوق، دون أن يسبب له آذى، ها هو يستطيع أن يتلامس مع افعى، ولكنها افعى فهل تضر الأفاعي بعضها.. 

"شي ريان": هل تريد أن تخبرني أنني لا أؤذيك؟ انا لا أضرك؟ 

" فينغ ميان": لا تضرني سيد "شي ريان" ولكن لا تتكلم عني بصيغة المؤنث؛ فانا لست أفعى انا ثعبان ذكر.

 فغر "شي ريان" فمه وهو ينظر له بعدم تصديق، ولم يبقى أمامه إلا أن يعتذر لذا قال:
_ آسف لم أقصد، ولكنني لم أكن أعلم.

_ لا بأس لا يوجد داعي للأسف، لم يحدث شيء فها أنت تعرف، وعليك أن تعرف أننا ننتمي لك، كما تنتمي لنا. 

_ أنتمي لكم! ماذا تعني؟ وأيضا كيف تنتمون لي؟!

- تنتمي لنا لانك نصف بشري ونصف أفعى! وما يغلب عليك طباع الأفعى! أنت لا تستطيع ان تعيش مع البشر؛ ولا تستطيع ان تقترب منهم، كما تقترب مننا. 

_ أجل أدركت ذلك، ولكن تنتمون لي! ماذا تعني بها؟! 

_ أنت سيدنا، ونحن سنفعل ما تريد نؤذي من يؤذيك، نتحرك بأمرك نثور لغضبك، نافور لحزنك! نحن منك وانت مليكنا، انت سيد" التايبان'

أستمع "شي ريان" إلى ذلك الثعبان الذي يتكلم معه، ويخبره أنه سيدهم.. 

_ أنا لا أفهم شيء مما تقول؛ هل معنى كلامك إني سيد الأفاعي؟ 

وهنا أقترب "فينغ ميان" من" شي  ريان" وهو يقول له:

- أجل سيدي أنت سيدنا، ونحن نسير بأمرك.

نظر له "شي ريان"  مطولا وهو يقول:

_ ولكني لا أفهم معنى كلامك، وإن كان صحيح لما أنتظرت كل هذا الوقت لتخبرني بذلك؟. 

"فينغ ميان":  لم يكن الأمر بأيدينا، نحن أيضا مخيرون ومسيرون، ولكن هناك وقت كان يجب أن نظهر لك فيه، حينما تجد أنك بمفردك وأن الكل ضدك 

_  ماذا تعني؟ 

_ أعني أن الوقت المناسب، حينما تشعر بأنك بعيد عن البشر سوف تدرك إلى من تنتمي، وقتها سنكون نحن معك حينما تدرك أن حب والدك لم يفعل لك شيء

_ وما شأن حب والدي بما أنا فيه؟ أنا لا أفهم شيء مما تقوله. 

_ حينما تغلق الدنيا أبوابها في وجهك، وتدرك انك وحيد لا تستطيع أن تقترب من أحد ستقترب منا. 

_ ولكني عشت وحيد كل عمري، وكنت أدرك إني وحيد! 

_ ولكن من قبل لم يتحول جسدك كله إلى جلد ثعبان، وعندما حدث ذلك ظهرنا لك..

_ وما الفائدة من ظهورك لي أن أتكلم معك بلغة أخرى لا يعرفها البشر؟!

_ أن جسدك يحمل خصائص لا يملك أحد غيرك، وهناك شئ  آخر أنت تستطيع أن تكون ما تريد،  بشريا وقت ما تريد وأفعى حينما تريد. 

_هل يعني كلامك أنني لن أعيش حياتي مثل باقي البشر؟..

_ أجل يا الحارس الأفاعى. والآن. ما رأيك ان تري عالمنا

_ أين هو عالمك؟! 

تحركت الأفعى لتدوير حوله وهي تنظر إلى الجدار لتبتعد الأفاعي وكأنها تفتح طريق، وهي تقول بصوت موحد وكأنهم شخص واحد 

_ أمرك سيد" فينغ ميان "

. تحرك به" فينغ ميان" إلى الحائط تحت نظرات الرعب، التي ظهرت على وجه "شي ريان" ولكنه شعر بصدمة، حينما يتحول الجدار الى بوابة وكأنها بوابة زمنية نقلته لمكان آخر! حيث يقف الآن في الغابة وهو يقول: 

_ أين أنا؟ كيف أتينا إلى هنا؟! 

 ينظر حوله بصدمة فهو في عالم مختلف كل الأختلاف عن غرفته، ونظرة الأستفسار جعلت "فينغ ميان" يقول: 

_  أنت في بيتك الآن، أنت "حارس التايبان" ورغم ذلك أمامك الكثير لتتعلمه، أمامك سنوات طويلة لتعيشها، أمامك مئات السنوات لتصل إلى ما تريده سيدي "شي ريان" 

_ ماذا قلت؟ كم سنة؟ 

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي