يوكاي

نرمين عادل`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-02-25ضع على الرف
  • 52.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصـل الاول غابة أوكيغاهارا

استيقظي يا مليكة كفاك نوما، لقد قمت بإفطار البنات وأنزلتهم لمدرستهم وأنت نائمة حتى عملك لم تذهبي إليه

_حسنا يا أمي، سأستيقظ بعد قليل.


وانتظرت حتى أغلقت، والدتها باب الحجرة
وبعدها رفعت الغطاء على نفسها، تريد أن تبقى لوحدها في غرفتها.

تكلمت تحت الغطاء:
_ أريد أن اترك الأحزان، أنتِ يا أمي لا تعرفي تعقيدات الحب، لاطالما وجدتي أن الحياة بسيطة، بسبب أبي.


ونامت ثانية متهربة من واقع الحياة.

"مليكة": أتمنى أن ينقذني أحدا ما، لقد تعبت من كثرة الأوامر التي، تلقيتها طوال حياتي.

وأطلقت العنان لدموعها التي أصبحت، رفيقتها هذه الأيام.



وفي مكان مظلم يملؤه هواء ثقيل، محمل بدموع مئات المنتحرين، في غابة "أوكيغاهارا" اليابانية تبكي الجنيه "يوكاي" على موت صديقتها الإنسية:

_أبكي وأنا أتألم علي صديقتي، بعدما قتلها "امانجكو" غدرا؛ لكي يجبرني على الخروج من جسدها، بعد أن قضيت مختبئة أعوام كثيرة.



كانت "هوشي" صديقتها تبكي أيضا، وهي تقوم بامتلاك جسد أرنب صغير، حتى لا يعثر عليهما الشيطان المتلاعب "امانجكو"

- عندما أرسلت ندائك، شعرت بهذا الأمر المؤسف، خصوصا أنه قد عثر على النصف الآخر من المرآة، التي يستطيع أن يعثر علينا بها عندما تجتمع أجزائها.


ردت "يوكاي":
-أتعلمين دخل الحديقة على صديقتي، في لحظة غفلة مني وجعل يقوم بخنقها بشدة، فانتبهت لم أستطع مقاومته، كما تعلمين وصديقتي كبيرة في السن، لم تستطع أن تقاومه خصوصا أنها لا تستطيع أن تشاهده.
- لقد حزنت أنا أيضا على صديقتك، حتى أن "هارو" صديقتنا، أيضا قد بكت تلك المرأة الطيبة الطبيبة، التي تعلمت منها الكثير والكثير.


- كانت متفهمه، منذ سنوات طويلة احضرت اختها "كامي" الكاهن؛ لكي يستخرجني منها، الا انها رفضت بعد ما كتبت لها، كل شيء عني، في دفتر كان هو حلقة الوصل بيني وبينها، وعلمتني اشياء كثيرة، تعلمت منها كثيرا من اللغات، ولانها طبيبة سافرت معها دول كثيرة، وهربت منه.


- أتعلمين كان يبحث عن العشيرة، وكان يعذب البعض، فانت تعلمين أننا لا نستطيع ان نجابهه، بتلك القوة التي لديه.
- اعلم ولذلك اختبأ في هذه الغابة، فإن الأحزان المتراكمة فيها، وبكاء الأرواح تجعل العثورعلي صعبا، سأجلس في تلك الشجرة، حتى أعثر على الشخص الذي سينقذني، من هذا المكان، و يحملني بعيدا الى مكان اخر.



اما مليكه فكانت تتذكر اخر لقاء بينها وبين فريد، ومع ان عقلها كان يعطيها صفارات انذار، بالابتعاد عنه إلا أنها تغافلت، وسارت وراء قلبها وها هي، قد تهشمت وللاسف لا تستطيع ان تذهب الى العمل؛ خصوصا أنه يعمل في القسم المجاور لها.

رن هاتفها المحمول بنغمة، صديقتها ورئيستها في العمل نيهال.


"مليكة":
- صباح الخير
- تقصدين مساء الخير، لقد قمت لأيام كثيرة بالتغطية على غيابك، إلا أنني الآن لا استطيع، هناك اجتماع مهم يجب أن تأتي في الحال،
- نعم قرأت امس عنه في جروب الواتس الخاص بالعمل، لكنني لا اريد ان احضره، لقد قالوا رؤساء الاقسام فقط.

- قومي الآن واحضري سريعا، او ساقوم بإبلاغ الشؤون القانونية، عن تغيبك كل هذه الفترة.

قامت مليكه مسرعه كالقنبلة الموقوتة، تهدد بالانفجار في وجه كل من يقابلها بكلمة واحدة، فقط الوحيدة التي كانت تعلم سبب انزعاجها، هي صديقتها نيهال.

ارتدت ملابسها مسرعه، وقامت بتمشيط شعرها بطريقتها المعتادة، فهي لا تهتم بتصفيفه جيدا.
وتشجعت وفتحت باب الغرفة وخرجت، وألقت السلام سريعا على والدتها، ونزلت مسرعة تحت المنزل، فوجدت سيارتها وقد ملأتها الأتربة فتحت السيارة، وقدتها ببطء شديد.

وصلت بعدها بنصف ساعة إلى مقر الطب الشرعي بمحرم بيك.

"نيهال":
_وصلتي لا أعلم ماذا أقول لك، ولكن اجلسي أولا لقد تناقشت مع رؤسائي، في العمل وقد أنهيت هذا الاجتماع، الآن لم تكوني مدعوة إليه، كان للرؤساء فقط وقد أعطيتهم اسمك، في تلك البعثة بعد مناقشات حادة.

_بعثه أي بعثه، و لأين هل هي في القاهرة، أم في مدينة الأخرى؟

_بل قولي في بلد أخرى، في قارة أخرى، ترحمي على والدك لولاه ما كنتِ رشحتي، حصولك على الماجستير من أمريكا، هو ما جعلك تسافري الى تلك البعثة.
- ساذهب الى اي مكان، حتى لو نهايه العالم، المهم ان ابتعد حتى انسى.


_يجب أن تتشجعين، اكثر من ذلك، وتصمدِ، أتعلمين أن فريد هو الآخر في تلك البعثة، فهو رئيس القسم الخاص به، سيتم تعيين رؤساء منتدبين بدلا مني ومنه، وسنذهب معا في تلك البعثة، ويجب ان نعمل جميعا كفريق واحد.

- إلى أين هذه المرة، لا اعلم ماذا أقول لأمي، فهي تهتم ب ابنتاي إيمي وهانيا.
- المهم الآن أن تعطينا في الغد، جواز السفر الخاص بك، وستقوم الوزارة على الاهتمام بكل شيء، تجهزي سريعا فالوزارة تهتم بتلك البعثة.


_إلى أين؟

_اليابان في جامعة طوكيو، جهزي كل شيء، واحمدي الله على وجود والدتك، وخالتك يراعون بناتك.

_الحمد لله هما من وقفوا بجانبي بعد طلاقي، ويضعون حدا لصفاء، لأنه دائم التحرش بي ويطاردني، يا للزمن الغريب من أحببته يتهرب، ومن لا أطيق سماع اسمه يطاردني.


وفي منزل والدة مليكة، في منطقة الأزاريطة بالإسكندرية في تلك العمارة القديمة العريقة، دق جرس الباب، فنهضت والدة مليكة وفتحت الباب فوجدته صفاء نظر إليها صفاء، وهو صامت.


فبادرته السيدة هدى، والدة مليكة بالتحدث:
- تعال للداخل يا صفاء، أريد أن أتحدث معك أنا الأخرى.


دخل صفاء وهو ينظر ناحية غرفة مليكة، التي تحمل ذكريات كثيرة.

- اجلس هنا يا صفاء أنا غاضبة منك، لماذا تعيد ثانية ما نسيناه متذ سنوات، تطاردها في البداية قلنا أنكم كالأخوه لكن بعد ذلك زاد الأمر، وانقلب إلى مطاردات .

- أريد أن أتزوجها، منذ حوالي 15 سنه تقدمت إليها، وقد رفضتني بل أهانتني، قالت لي كلاما لا أستطيع أن أفهمه، كيف لأني تربيت معها كأخيها، أن ترفضني للزواج، ظللت لسنوات، احمل امي سبب رفض مليكا لي، كيف كانت تتركنى لكي تهتمى بي كأبنك وتذهب هي للنوادي والسهرات.


- صعب عليها يا بني، انت لا تفهم مشاعرها انها تقول لي منذ اليوم الاول لادراكي للحياه وجدته أخي، ومع انها كبيرة إلا انها تنظر لك كذلك.

- كما تعلمين الامر لم يكن بيدي في أهمال والدتي لي، وانا طفل صغير وجعلتك تهتمي بي.
- نعم اتذكر يا بني، وأنا فرحت لم أرزق بأبناء ذكور وكنت فرحة بك، وانت تكبر مع مليكا حتى تكون لها السند.

- نعم وأنا فرحت لانى تواجدت في منزلك فأنت امي الثانية، ولن انسى فضل تربيتك لي مهما حدث.
وفي تلك اللحظة فتحت مليكه باب الشقة، ودخلت فوجدت أمامها صفاء الذي تهرب منه طوال سنوات ،حياتها يجلس أمامها وعندما شاهدتها والدتها قامت وقالت لها:
- تفاهمي معه، و سأقوم بتحضير القهوة.

دخلت والدتها إلى المطبخ، وجلست هي أمامه، كان ينظر إليها نظرات مليئه بالحب والعشق.

"مليكة":
_ لماذا أتيت يا "صفاء"، أنت تجعلني أشعر بالاختناق تطاردني، في كل مكان ارحمني قليلا فلم تكن سنوات عمري الفائتة سهلة بالنسبة الي، وانا الآن كبرت، وأنت اكبر مني بعام واحد، فكبرنا معا وانت في نظري أخي.

وقامت من مكانها ترغب دخول غرفتها فقام ورائها.

"مليكة":
_لا اعلم اين والدتي؟
- انها تعلم حبي لكِ، واني الوحيد القادر علي اسعادك، أنا أخاف عليك من الهواء، تعذبت كثيرا وانا اشاهدك تتزوجي امامي، ولم استطع فعل شئ، والان وقد طلقت يجب ان نتزوج وأنت تعلمين أننى سأراعي البنات ولن اجعلهم يشعرو بغياب أبيهم، خصوصا بعدما تزوج وسافر. .
- أخرج من تلك الغرفة يا صفاء، يا أخي.

وقامت علي إخراج لسانها لأغاظته وكأنها فتاة صغيرة.

أما "يوكاي" فتبكي وهي مختبئة داخل تلك الشجرة العتيقة داخل غابة المنتحرين،
تبكي حبيبها الذي قتله "امانجكو" منذ ثلاثمائة عام وهي مدة هروبها منه، تنظر إلى نصف المرآة كوبوكو وتبكي:

- قدري أن أكون متجولة، ليس لي موطن دائم، عشيرتي بعيدة عني وحبيبي "مياتزا" قتل بجانب الينابيع الحارة، في "ساكوراجيما" في "كيوشو" وأجبرت على تركه هناك، وهربت بسبب ذلك الشيطان، الذي يريد أن يتملكني.



سمعت بعدها "يوكاي" صوت بالخارج فصمتت فهي تعلم أنه لا يستطيع، أن يشاهدها هو يشمها" لكن لا يعرف أين هي تحديدا فلم يكن لديه أعين، وإنما كان ينظر في كوبوكو التي كانت بمثابة عينه.

"امانجكو":
- اشعر بك "يوكاي" واشم رائحتك الشهية، تعالي لي طواعيتا بخاطرك، والا سأقوم علي تعذيبك كعشيرتك، وسأحصل عليك في النهاية، تعالي الآن ولن اعذبك.



واخذ يطير فوق الغابة فهو يشعر بوجودها، لكن تلك الارواح الكثيرة المعذبة، تحول بينه وبين تحديد مكانها فأصوات البكاء، والنواح يملأ الغابة.

هبط "امانجكو" قريبا من شجرتها فقد سمع، صوت احد فوجدها فتاة بشرية، اتت وهي ممسكة في شرائط الانتحار تبكي بصوت مرتفع.


"امانجكو":
- ان اصوات نواحكم أيها البشر يطربني، لكنه يشغلني عن معرفة مكان حبيبتي، التي سأعذبها وانا اجامعها لمئات السنوات، بعد ان اقوم علي تقيدها بالأغلال.


وضحك بصوت مرتفع لا يستطيع أحد أن، يسمعه غير "يوكاي"التي همست:

_أتمنى أن يأتيني الخلاص، قريبا لكن للاسف لا استطيع ان أمتلك جسم من أجسام، هؤلاء البشر الذين يأتون للانتحار، أتمنى أن يمر رحالة ما، او سائح وسأهرب من جسد لجسد حتي يقضي أحد على ذلك الشيطان القاتل.



أما مليكة فمر عليها عدة أيام، تستعد للسفر لليابان، وتضع كاميرات في المنزل، لتوصيلها بشبكة النت، وربطها بهاتفها حتى تستطيع متابعة بناتها والتواصل معهم.
- أمي لقد ربط الكاميرات بالهاتف، سأتواصل معكم ليلا ونهارا.

- اطمئني ستأتي خالتك للإقامة لدينا، فأنت تعلمين أن محمد ابنها قد سافر لدبي، وسيأتي العام القادم هو وزوجته، وطوال هذا العام ستكون خالتك معي هنا ومع البنات.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي