الجميلة والبحر

مايسةالألفي`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-02-18ضع على الرف
  • 55.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الفصل الأول

صرخت بصوتٍ مرتفع لعل أحدٍ ينقذها من براثن زوجة أبيها القاسية الغليظة الطباع، لكنها لم تستطع أن تهرب منها بكل هذا الصراخ.

حاولت أن تلكمها بيدها لعلها تبعدها عنها، فما زادها هذا إلا قسوة وتشبث بشعرها الأسود الفاحم الناعم كملس الحرير.

حاولت أن تأتي رزان بعصا المكنسة كي تلهبها لعل زوجة أبيها تبتعد لكن لا مفر من يدها، ثم بعد صراع وضرب وصراخ ألقتها بعيدًا ناحية الباب الذي يؤدي إلى الخارج، في بيت واسع يطل على بحر كبير في قرية الغمام.

صرخت رزان قائلة:

-أبي انقذني من هذه القاسية لقد تعبت كثيرًا من معاملتها واتمنى أن أجد من ينقذني منها، أيها الناس ساعدوني، أعلم أنكم مللتم صراخي يوميًا لكني لا زال داخلي الأمل في أن أجد من ينقذني من هذه اللعينة.

زاد هذا الكلام غضب زوجة أبيها فقالت معنفة:
-أنا لعينة أيتها الصفراء الخبيثة التي تجذب الشباب وراءها كي يتغزلوا فيها ويفضحوننا.

صرخت البنت وقالت بضيق:

-إنك من يجلب إلينا العار والفضيحة ولا أجد غضاضة في فضحك وإهانتك أيتها المجذوبة الحقودة.

زاد الأمر بؤسًا فاقترب أحد الجيران لينقذ البنت من يدها قائلًا:

-أجدك أيتها المرأة قد تجاوزتِ حدودك، ألا يوجد هنا رجل يحكمك ويوقفك عند حدك أيتها اللعينة.

تركت شعر البنت وحاولت مسك يد الرجل فنهرها وأبعدها عن البنت المسكينة واتجه إليها محاولًا أن يخفف من حدة آلام الضرب وطلب من إمرأة واقفة أن تضمد جراح البنت وتدخلها حجرتها، فصرخت زوجة الأب قائلة:

-لن يضمد جراحها أحد اخرجوا جميعًا من هنا، فأنا صاحبة البيت والآمرة الناهية فيه، هيا إلى الخارج وإلا صرخت ولممت الناس وفضحتكم جميعًا، بانتهاككم خصوصيتنا، فلا رجل هنا ونحن نساء وحدنا بالبيت، هيا أيها الملاعين اخرجوا

يضم البيت ثلاث غرف ومطبخ صغير به ما يسد حاجتهم أثناء الطبخ وإعداد الطعام، باقي الغرف غرفة خاصة.

تضم الأب في الخامسة والأربعين يدعى عبد الله ضعيف هزيل لا يقدر على شيء يعمل بائع في محل بقالة في وسط القرية، وزوجة الأب نعمات بيضاء طويلة في الخامسة والثلاثين من عمرها مجعدة الشعر.

والحجرة الثانية حجرة رزان بنت في السابعة عشر تعيش حياة اجتماعية قاسية جدًا، تعمل خادمة لزوجة أبيها وأبيها، لا تجد من يخفف عنها كل هذه الآلام فأمها قد توفت وهي في الثامنة.

قرر أبوها أن يتزوج بنعمات التي طمعت في بيت عبد الله حيث أنها كانت فتاة دميمة عنيفة لا يتمنى الرجال التقرب لها، فحاكت شباكها على عبد الله والد رزان وتزوجته طمعًا في البيت والمحل الذي يجلب له المال الوفير.

في غرفة رزان حيث أنها غرفة جميلة بها خزانة للملابس ومكتب به بعض القصص التي تسلي بها وقتها كي تخرج من هموم حياتها، وترفه عن نفسها.

جلست رزان على الكرسي أمام المكتب تمسح دموعها، وتحاول أن تكتب خاطرة تعبر فيها عما تقاسيه في حياتها، فهي تعلمت حتى الثانوية، وتمنت أن تصبح معلمة بمدرستها بعد الدراسة الجامعية، لكن قسوة زوجة أبيها جعلتها منشغلة بالشجار دومًا معها.

تفكر في الخلاص والانتحار والتخلص من حياتها البائسة، لهذا فهي دومًا تسلل بعد أن تنام زوجة أبيها لتجلس على الشاطيء تتخيل نفسها أميرة سعيدة تعيش في قصر بعيد عن أبيها الضعيف وزوجة أبيها اللعينة.

في غرفة المعيشة حيث يجلس الأب مع زوجته في انتظار العشاء، فنادت على رزان بقوة:

-أنتِ أيتها اللعينة الخبيثة هيا احضري العشاء، كي نأكل، إن أبيك جوعان، ويريد أن يتناول عشاءه لكي يدخل حجرته وينام، هيا يا رجل نادي عليها لتعد المائدة.

نظر عبد الله لها بحزن وبؤس وقال بصوتٍ ضعيف حزين:

-هيا يا ابنتي العزيزة، أعدي المائدة، فقد أحضرت لكِ بعض الحلوى التي تحبينها من محلي الخاص، هيا يا صغيرتي الحلوة.

هبت نعمات واقفة متعجبة ساخطة من تعاطف عبد الله مع ابنته وقالت:

-أجننت يا رجل، أتحايلها كي تعد المائدة؟ اصرخ فيها كي لا تتمرد علينا، وإنها فتاة مائعة لا تلين لي أبدًا وتتعبني دومًا، اصرخ فيها وإلا حولت حياتك جحيم.

ارتعد الأب ونظر لها بخوف وقال متلعثمًا:
-قومي أيتها اللعينة وحضري المائدة، وإلا قومت وحولت ليلك ظلام، هيا احضري الطعام يا رزان الهم والغم.

سمعت رزان صوت أبيها المرتعد الخائف ثم حاولت أن تتماسك كي لا ترى أبيها ضعيفًا هكذا، فهبت من مجلسها وقامت لتعد الطعام وهي تبكي وتئن من ألمها النفسي والبدني.

دخلت المطبخ وحاولت أن تقلي البيض وتضع عليه الجبن والطماطم، وتصنع طبق السلاطة الذي يفضله أبيها ثم أحضرت بعض السمك المملح ووضعت الطعام على المائدة في خضوع واستكانة، ونظرت لزوجة أبيها نعمات بحزن وقالت:

-هل تحتاجين شيئًا آخر يا خالتي نعمات؟ أم أذهب لأذاكر دروسي؟

نظرت لها نعمات بخبث وقالت:

-نعم يا حبيبتي لا تذاكري بعد الآن فلن تكملي تعليمك، فأنت متعلمة حتى الصف الثاني الثانوي، وهذا يكفي، نحن أحق بالمال الذي تصرفينه على الدراسة.

انك تقرأين بجد ومتمكنة من القراءة ويكفي البنت هذا الحد من العلم، واذهبي لتعدي الشاي كي نشربه بعد العشاء.

حزنت رزان بشدة، ونظرت لزوجة أبيها وأبيها الذي لم يعلق على قرارها، وقالت:

-أسمعت يا أبي، ألم أقل لك أني أتمنى أن أصبح معلمة؟ كيف سأكون معلمة دون أن أكمل دراستي الجامعية؟ أجبني أرجوك وإلا قتلت نفسي، وارتحت من هذا العذاب، أجبني أيها الأب الطيب.

نظر لها أبوها بشفقة وحزن وقال في خنوع:

-اسمعي كلام خالتك نعمات، فهي كبيرة وناضجة وتعرف الحياة أكثر منك، ولن تذهبي إلى المدرسة بعد اليوم، هيا أعدي الشاي، اذهبي من أمامي الآن حتى نتناول عشاءنا في هدوء.

ابتسمت نعمات وراحت تربت على يد زوجها قائلة:
-هكذا أنت دومًا يا زوجي تعجبني قوتك واصغائك لرأيي، اذهبي يا رزان وأعدي الشاي بسرعة، هيا يا عنيدة.

زفرت رزان بحزن واتجهت ناحية المطبخ لتعد الشاي، وضعت البراد على النار ثم تذكرت المنوم الذي تضعه لزوجة أبيها وأبيها في الشاي فتسللت إلى حجرتها لتحضر زجاجة المنوم لتضغ منها على الشاي.

بسرعة أعدت الشاي ووضعته في الأكواب ووضعت على كل كوب قطرتين من المنوم، ثم ذهبت لتضعه أمامهم، دخلت في هدوء وتصنع للابتسام ووضعت الصينية على المنضدة، ثم حاولت أن تجلس لتأكل فصرخت فيها زوجة أبيها قائلة:

-أجننت يا بنت؟ ما هذا ستجلسين لتناول العشاء معنا، هيا اذهبي إلى المطبخ واغسلي الأطباق، ثم اجلسي في المطبخ وتناولي عشاءك، فمكانك داخله، هذا هو مقامك أيتها العنيدة الصغيرة، قل لها شيئًا يا رجل، ألست أبيها وحاكمها؟

حاول عبد الله أن يتصنع الابتسام ونظر لابنته وقال بخضوع وذل:
-اذهبي واغسلي الأطباق ثم تناولي عشاءك فيه، حتى لا تضيعي وقتك معنا.

حزنت رزان بشدة، وتذكرت أن المنوم سيجعلهم يتركونها ويذهبا لحجرتهم لتعش في البيت بعض الوقت على راحتها، فاتجهت إلى المطبخ لتغسل الأطباق ببهحة فما هي إلا نصف ساعة وسوف يكون كل شيء ملك أمرها.

دخلت المطبخ وراحت تراقبهما عن بعد فإذا بزوجة أبيها تتمايل رأسها وتطلب من زوجها أن يدخلها لتنام لأنها تشعر بصداع يؤرقها، وإذا بأبيها يتمايل هو الآخر ويدخل الحجرة معها لينام.

ما هي إلى خمس دقائق حتى أصبح الإثنان يغطان في نومٍ عميق، فأحست رزان أن كل شيء ملكها الآن، فأتت بالطعام وجلست على المائدة لتتناول العشاء وتشاهد التلفاز التي تحرمها منه زوجة أبيها.

ظلت تلتهم السمك التي تخصصه زوجة أبيها لنفسها، لكي تأكله وحدها فكانت تخصص لها الجبن والعيش فقط لتأكله، فوجدتها رزان فرصة لتأكل كما يحلو لها، ثم فتحت التلفاز وشاهدت ما راقها من أفلام تحبها.

بعدها قررت أن تذهب إلى الشاطيء لتجلس وتمتع نفسها بنسيم البحر وهواءه العليل، وأخذت معها دفترها وقلمها لتسطر بعض الخواطر في هذا الجو الطيب، ارتدت شالها الأزرق ليحميها من لسعات الهواء، واتجهت ناحية الشاطيء وجلست جانب شجرة.

بدأت تنظر للماء وتفكر بعمق وخيال لكي تخرج ما في نفسها من آلام مبرحة وتسطره في دفترها الأحمر الأنيق الذي اشترته خصيصًا لتدون فيه ما يروقها من أحاسيس، وأفكار.

فجأة أثناء اندماجها في الكتابة لاحظت وجود ضوء أحمر ينبعث من بلورة زرقاء موضوعة خلف الشجرة التي تستند عليها فجرت ناحيتها لترى ما بها، اقتربت فوجدت البلورة عليها بعض الكلمات الغير مفهومة كأنها تعاويذ سحر.

حاولت أن تمسحها بيدها لتقرأ الكلمات بوضوحٍ، وفجأة خرج من هذه البلورة عجوز جميلة ملامحها حنونة، ارتجفت رزان وابتعدت عنها خائفة، فقالت:

-من أنت أيتها العجوز الحنونة الطيبة وكيف خرجت من البلورة الضيقة؟ أخبريني أأنت جنيه، أم ماذا؟

ابتسمت لها العجوز وحاولت أن تهدئها وتربت على كتفها وتلامس شعرها الناعم بيدها، وتقول في هدوء:

-لا تقلقي يا حبيبتي فقد ساعدتيني على التحرر، لقد كنت محبوسة بفعل سحر حيك لي، من رجل شرير، وأنا الآن تحت أمرك، اطلبي ما تشاءين مني كي أحققه لك، فلك مني طلب واحد أحققه؟ هيا فكري ماذا تريدين مني أيتها الجميلة؟

نظرت لها رزان بحب وفرحت بالأمر، وفكرت في العذاب الذي تعيشه مع زوجة أبيها، فسألتها قائلة:
-هل من الممكن أن تفعلي شيئًا يبعدني عن زوجة أبي القاسية، وتفعلي شيئًا يخلصني منها ومن شرها؟

ابتسمت لها العجوز وقالت في حنان:
-إنني يا ابنتي لا أُؤذي أحدًا مهما كان، لكني من الممكن أن أحولك إلى عروس للبحر تعيشين في قاعه سعيدة مع باقي الكائنات بعيدة عن زوجة أبيك، وبهذا ستتخلصين منها للأبد.

فرحت رزان بالعرض ورأت أنها سترتاح من عذاب وقسوة زوجة أبيها، على الرغم من أنها ستتخلى عن بشريتها وتصبح عروس للبحر نصفها الأعلى إنسية ونصفها الأسفل زيل سمكة للتتمكن من العيش داخل البحر بحرية، ثم نظرت للعجوز وقالت:

-هل لي أن أتي إلى الشاطيء هنا وأطمئن على أبي الطيب كل فترة من الزمن؟

ابتسمت العجوز وقالت بحب:
-نعم من الممكن أن تستطيعي الاقتراب من الشاطيء ورؤية أبيك ومحاورته، لكن لن يتعدى الأمر أكثر من ذلك، فالشاطيء هو آخر حدودك.

فرحت رزان وأحست أنها سوف تحصل على متعتها أخيرًا وسوف تتخلص من عذابها وزوجة أبيها القاسية إلى الأبد، فطلبت من العجوز أن تحقق حلمها الآن.

نظرت العجوز بفرحة وأمل إلى رزان وراحت تقترب منها وتلامس جسدها بيدها وتلقي على رأسها التعويذة السحرية كي تحولها إلى عروسة بحر، وفجأة تبدلت رجل رزان لزيل سمكة، فتعجبت وصرخت قائلة:
-ما هذا؟! إنني لا أستطيع الوقوف على الأرض، والتنفس أصبح صعبًا، أنقذيني أيتها الطيبة العجوز.

اتجهت العجوز وأمسكت يد رزان وقالت لها آمرة:
-هيا اقفزي في الماء كي لا تموتين، انك الآن سمكة ويجب أن تقزي للماء والا ستنتهي حياتك.

قفزت رزان للماء بسرعة وحاولت أن تتأقلم مع حياتها الجديدة، شعرت رزان بخوف من هذه الحياة الجديدة فحاولت أن تتعايش ونظرت حولها تحت الماء تحاول أن تحاور السمك من حولها وتناغيه بصوتها الجميل العذب.

فرأت دولفي لذيذ ومهذب ينظر لها عن بعدٍ يحاول أن يحاورها مبتسمًا، وهي تنظر له مبتسمة، اقترب منها محاولًا أن يتعرف عليها، نظر لها بحب وقال:

-مساء الخير،إنكِ سمكة رائعة الجمال ما اسمك أيتها الساحرة اللطيفة؟

حركت رزان زيلها يمينًا ويسارًا محاولة أن تقترب منه ثم ابتسمت له وقالت:
-اسمي رزان، عروس بحر جميلة، حديثة العهد بالحياة معكم وأرى أني سأسعد بهذه الحياة، فما رأيك أنت وما اسمك؟

حرك الدولفي رأسه مداعبًا يدها وقال في حنان:
-اسمي روني أنا دولفي صغير العهد أيضًا واتمنى أن نكون أصدقاء سعداء بحياتنا الجديدة، ورأيي فيك أنكِ سمكة رائعة وأخاف عليك من حيتان البحر الشريرة، اقتربي مني كي أحميكِ وأرى لكِ الطريق قبل أن تعبرين.

فرحت رزان بالدولفي روني وأحست أن الحياة قد أهدتها صديق مخلص يؤنس وحدتها ويحرس عالمها الجديد الجميل الغريب الساحر بعض الشيء، وراحت تغني بصوتٍ عذب حنون وتقول لروني:

-روني يا صديقي الطيب أنت خلي الوفي الذي طالما حلمت أن يكون وفيًا لي، فهل ستحقق حلمي وتكون وفيًا لي أيها الشهم الجميل الطيب الحسن في كل شيء.

أم ستجعلني أكره عالمي الجديد الذي جئتُ إليه حديثًا، أتمنى أن أحظى بحياة بشوشة جميلة هنا، فهل ستساعدني وتحقق حلمي أم ستجعلني أندم؟

ابتسم روني وحوله الأمواج تعلو وتهبط، تغازله بعض الأسماك، فداعب واحدة منهما بزيله، وقال في بهجة:

-نعم إنني قد أحببت طلتك الحلوة، وأرى أنكِ ستكونين صديقتي الطيبة، هيا بنا إلى بيتي لأريكي بعض الطعام الذي احتفظت به من قاع البحر، ولابد أن تتعرفي على ملك البحور سنار.

إنه ملك حكيم يحكمنا ويحدد وظائفنا في هذا البحر، فأنا عن نفسي أعمل في فريق الكشافة لحماية باقي الكائنات في البحيرة، وعدم تدخل أي عدو يهدم قانون بحرنا العظيم.

حاولت رزان أن تظهر له بعض الود وراحت تداعبه بلامستها الحنون، ثم دارت في قاع البحر، تحاول أن تتراقص مع روني الدولفي الطيب، وتجذبه ناحية الشط وتقول في هدوء وبهجة:

-تعالى معي لأريك بيتنا الذي كنت أعيش فيه، إنه رغم القسوة التي عانيتها هناك يبدو جميلًا آخاذًا، لا تشوبه شائبة، وكانت لي فيه غرفة جميلة مليئة بالكتب والدفاتر والأقلام، كنت أعشق كتابة ما يجول بخاطري حتى أروح عن نفسي المتعبة.

أحب أن أريك بعضها لقد تركتها على الشط، ولابد أنها لا زالت هناك، لن يمسسها شيء، فكثير من البشر لا يهتمون لأمر القراءة والكتابة، هم فقط يتعلمون لكي يحصلوا على شهادة تؤهلهم للعمل، ثم بعد ذلك ينفرون من أي شيء يتعلق بها.

حتى لو كان مجرد دفتر جميل به بعض الأحاسيس الجميلة التي توصف حال من يكتب، لتخفف عنه عناء الحياة، أعدك أنني سوف آتي معك إلى ملك البحور سنار هذا، فإنيفي شوقٍ لمعرفة نظام حياتكم أقصد حياتنا جميعًا.

نظر لها روني بحب وجذبها من يدها وقال في لهفة شديدة:

-إنني أحببتك وأتمنى أن أعرف كل شيء يخصك، حتى ولو كانت مجرد أشياء لا أفهم عنها شيء، فأنا جاهل بما يخص البشر، لكني سآتي هيا دليني على مكانها أيتها الصديقة الجميلة الشقية اللذيذة.

صحبته رزان إلى الشاطيء فرحة بما ستريه إياه، وهو خلفها يبحث عن شيء يفهمه في هذا المجال، فهو دولفي لم يعاشر بشرًا في حياته الأرضية قبل ذلك، حقًا إنه يأنس بمداعبة البشر على الشاطيء، لكن لا أحد منهم عرض عليه ما يكتبه من خواطر.

فهذه ميزة بعيدة بعيدة عن وعي الدلافين الجميلة اللطيفة، اقتربا الاثنان من موضع دفترها البهي اللون الجذاب، فاقتربت رزان منه لتلتقته بأناملها الرقيقة، ثم دنت من روني تحاول أن تقرأ له إحدى خواطرها الشجية الجميلة الحزينة.

ففتحت الدفتر على احدى الصحف ولملمت خصلات شعرها الناعمة الفاحمة بيدها الأخرى لتبعد بعض الشعيرات الرقيقة عن عينيها الجميلة لتقرأ احدى خواطرها قائلة:

-أيتها النفس المتعبة من تدابير البشر، لقد دنوتِ من قبر الأمنيات التي طالما حلمنا بها صغارًا نتمنى أن ينتشلنا القدر من براثن هذا العذاب الذي ظهر لنا كوحش يفتح فكيه ليلتهم أحلى ما فينا.

تُرى هل سيتحقق حلمنا بالخلاص؟ أم سنجد المر يشوي قلوبنا ألمًا؟ أخبريني عن طريق أسير فيه إلى وادي النجاة، الذي سينبت لنا أزاهير الفرحة والسعادة باقي حياتنا القادمة كعصفور صغير تاه عن حضن أبويه.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي