فيدافيرس

Elsawy123123`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-04-21ضع على الرف
  • 94.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

فيدافيرس

فيدافيرس

في إحدى قرى الريف البسيطة، تعيش "روفيدا" مع أسرتها الصغيرة، زوجها "سعيد" وهو رجل متزمت، كريه، لا يطاق، وطفليهم "سيف، وسامر"

"سيف" طفل ذات الأثنى عشرعام، لكنه ذكي، لماح، سريع البديهة، يعرف كم تعاني والدته مع والده وتتحمل الكثير لأجله هو و"سامر" شقيقه.


ذات ليلة مرضت والدة "روفيدا" مرضاً شديداً وطلبت رؤية "روفيدا" وطفليها، لكن "سعيد" رفض رفضاً قاطعاً بدون سبب بيين، لكنه فقط حاقداً على عائلة زوجته لأنهم مؤخراً ورثوا قطعة أرض

وقامت الوالده بتوزيع الورث على أبنائها الرجال فقط وفقاً لوصية والدها، غضب "سعيد" وطلب من "روفيدا" أن تطالب بحقها مثل أشقاءها، لكنها رفضت ومنذ ذاك الحين وهو يكره عائلتها ويمنعها من زيارتهم حتى في المناسبات والأعياد.

في هذه الليلة توسلت "روفيدا" إلى زوجها قائلة ببكاء:
_أنه لــذنب عظيم سوف تتحمله أمام المولى عز وجل أن حرمتني من رؤية أمي، لعلها أخر مرة آراها بها.

رد عليها "سعيد" قائلاً وهو يستشيط غضباً:
_أقسم برأس والدي أن فتحتي هذا الموضوع معي مجددا لسوف أضربك ضرباً شديداً حتى تصبحين في حالة أسوء من أمك، تجنبي غضبي "روفيدا" وإياكي أن تتصرفي بدونى علمي وموافقتي.

لكن "روفيدا" لم تستطع أن تتخلى عن والدتها، فقد بعثت لها مرسال أخر، وقفت "روفيدا" في بهو منزل زوجها وقالت لله عز وجل وهي ترفع يدها بخشوع وبكاءا:
_أغفر لي يا رب، سوف أعصي زوجي وأنت نهيت عن هذا، لكن أنا لا أتستطيع التخلي عن أمي، سوف أذهب لرؤيتها وليحدث ما يحدث.

خرجت "روفيدا" مع أولادها أثناء تواجد زوجها في العمل، زارت والدتها، وحزنت بشدة على وضعها المؤسف، لكنها قصرت في الزيارة حتى تعود قبل عودة زوجها من العمل.

لكنها فجأة صدمت برؤيته في وجهها قبل أن تركب سيارة الأجرة، صرخت "روفيدا" وعادت تركض لمنزل عائلتها، لكن "سعيد" لحق بها، جذبها من حجابها، وصل لــشعرها بكل عنف وقوة، صرخت "روفيدا" وأجتمع الناس حولهم، تعالت الصرخات لكن "سعيد" أبى أن يتركها.

لكن تكاثر الرجال عليه كي يبعدوه عنها، أستغلت المسكينة الموقف وركضت بأقصى سرعتها نحو إتجاه محطة القطار التي لم تكن بعيدة عن هذا المكان.

لسوء حظها كان القطار أنطلق من المحطة، ركضت خلفه بسرعة كبيرة، أخرج الناس أيديهم لها حتى تركب ونجحت بعد ركض طويل ومعاناة أن تصل إلى القطار وركبته.

جلست تلتقط أنفاسها بصعوبة وهي تنظر بحزن وبؤس شديد على الطريق الذي يمر أمامها بسرعة خاطفة، أغمضت عيناها وسندت على الجدار الحديدي خلف رأسها، أغمضت عيناها والدموع تهطل من بين أهدابها الطويلة بحرقة وحرارة كبيرة.

لم تعرف كم مضى من الوقت وهي هكذا، لكنها فتحت عيناها على صوت صراخ رهيب وأصطدام قوي.

"مع ليث"
يقف على حافة سور الكوبري المعلق، أغمض عيناه بتألم شديد وهو يتذكر تلك الليلة القاسية التي بدأت وأنتهت فيها حياته.

"عودة إلى تسعة أشهر ماضية"
في سيارة الزفاف، بعد أن قامت العائلات بتوديع العروسان، سار "ليث" بأقصى سرعته، خافت "كيرا" وتمسكت في ذراعه وهي تصرخ:
_أيها المجنون ماذا تفعل؟ شغل القائد الآلي أيها المتهور.

ضحك "ليث" بأعلى صوته وهو يستمتع بصراخها، حاولت أن تردعه عن قيادة السيارة، لكنه عاند معها وزاد السرعة أكثر وأكثر.

تضايقت "كيرا" منه أكثر من خوفها من تهوره، لكنها تعرف كم هو عنيد ولا يرضخ لأي أحد حتى قائده الأعلى في العمل.

لم تجد حلاً أمامها سوى أن توقفه بطريقتها الخاصة التي يعشقها، رفعت يداها المزينة بالجواهر وطوقت عنقه، نظر لها بخبث، وبحركة سريعة تربعت على قدميه، تفاجأ "ليث" بجرأتها لكنها الأن زوجته ومن حقها أن تفعل به ومعه ما تشاء، إينما شاءت، وقتما شاءت.

ضغط "ليث" خلسة على القائد الآلي وأنتظر ليرى مدى جرأتها، وبالفعل لم تطيل إنتظاره، أقبلت على شفتاه بكل جرأة وقبلته بكل رقة وبراءة، فهي لم تكن ذو خبرة أبدا في مثل هذه الأمور.

ترعرت "كيرا" في مجداف وهو مجمع سكني مجمد خاص بأصحاب الطبقة الراقية، يتم تجميد الأطفال في بلورات زجاجية حتى لا يتأثروا بالفيرس الذي يتسبب بتشوهات بشرية للمولودين حديثاً نظراً لأن الأطفال في عام 2600 معظمهم يولودن أما متوحشون بطبيعتهم، أو مشوهون جينياً، أو رعاع، بمعنى أن يولودن وعلى أجسادهم خطوط حديدية مكان العظام.

قام كبار القادة في البلاد بتجنيد هؤلاء الرعاع ليكونون خدم للبشر الصالحين أو بمعنى أوضح الأثرياء من البشر، لهذا يقوم الأثرياء بوضع أطفالهم بعد الولادة في المجداف حتى يتنفسون هواء طبيعي ويكبرون أصحاء كــبشر طبيعين

وأثناء مرحلة النضوج يقوم الجهاز الموصل بهم بتعليمهم كافة المراحل التعليمة ولهذا يكبر الطفل ويصبح مراهقاً في غضون سنة واحدة لهذا لا يوجد أطفال كثيرين في شوارع المدن.

تنهد "ليث" وهو يبعد وجهها قليلاً ويحدق فيها برومانسية وعشق، فــ"كيرا" جميلة جمال ملائكي وهذا بفضل تربيتها بداخل البلورة الماسية نظراً لأنها إبنة الأرشيدوق "لوموسيوس" أثرى أثرياء المضحلة وهي مدينة الأثرياء.

أبتسمت "كيرا" إبتسامتها الساحرة التي جذبته أول مرة وهو ينقذها من التليفريك بعدما حدث خلل به أثناء رحلة الزوار، أسرع "ليث" وطار ببذلة المقدام وحملها بين يداه وأنقذ حياتها، ومنذ ذاك الحين عشقته وحاربت عائلتها حتى تكون ملكاً له.

أبتسم "ليث" وهو يبادلها قبلاتها الهادئة بقبلات خبيرة تجعل المرأة كالعلكة بين أصابعه، توترت "كيرا" وتركته وهي تنظر له بخجل شديد، لسوء حظ "ليث" أن الطريق أنتهى ووصلت بهم السيارة إلى شقتهم في البناية الشاهقة، فكان يقطن في الطابق الخامس عشر.

أوصلتهم السيارة حتى باب الشقة من خلال المصعد الهوائي الخاص بكل بناية، زفر "ليث" بضيق، نظر لها بحب وهمس بكل هيام:
-أخيراً وصلنا إلى عشنا الصغير يا عشقي أنا.

ضربته بخفة ورقه على صدره وقالت وهي تستعد للخروج من السيارة:
_هيا أيها الكلاسيكي أنزل من عندك وكن جنتل مان وأفتح لي بابي وأحملني بين يداك.

أبتسم "ليث" وهو يفتح بابه وهو متقد حماسه ويقول لها:
-هذا فقط ما تريدين؟ فلتأمر سيدتي الجميلة وأنا أحملها صعوداً هبوطاً لكن على الفراش وليس البناية.

ضحكت "كيرا" بمرح من كل قلبها على مزاحه الذي لا يتوقف أبداً، أبتسم بدوره، ذهب إليها، فتح باب السيارة لها، أنحنى وحملها بين يداه وهم ينظران لبعضهم كأنهم الوحيدين في هذا العالم الشاسع.

توجه نحو باب شقته بدون أن يرفع عيناه عن زوجته وهي في لباس الزفاف المكون من ثوب قصير حتى الركبة باللونين الذهبي والبنفسجي اللامع وهذا هو لون زي الزفاف الموحد بين طبقات الأثرياء.

وقف أمام الباب وضغط بطرف قدمه على المربع الزجاجي المنقوش على الأرض، فتح باب الشقة، توجه العرسان صوب غرفتهم الرئيسية مباشرة، كانت غاية في الفخامة والإضاءة الملونة الزاهية.

كل شئ يسير وفق خطة "ليث" لقضاء أجمل أيام مع زوجته التي كانت بالنسبة له أبعد من القمر، ولكنها الأن بين يداه، يتذوق رحيق شفتيها كما يحلو له، يقبل جسدها كأنها قطعة حلوى كان يرآها في الفتارين ولم يحلم بلمسها حتى، الآن يلتهمها بكل شغف ونهم.

قضى "ليث" أجمل ساعات عمره وهي في حضنه بين يداه، أخذها بين ساقيه وهم عاريان كلياً يجلسان أرضاً على البساط المزخرف بخيوط من ذهب وعلى أطرافه قطع من الأحجار الماسية على أشكال زهور الأوركيد السوداء والحمراء.

تم إهداء هذا البساط تحديداً لهما من قبل عائلة والدتها، لهذا أحبت أن تقضى "كيرا" ليلتها الأولى في أحضان زوجها عليه، كانا يتناولا المشروبات الباردة وهم ينظران للمدفأة والنيران المصطنعة بداخلها، يتمعتان بدفئها وبأحضان بعضهم البعض.

ليلة رومانسية حالمة لم يتخيلها "ليث" في أجمل أحلامه، لكن فجأة أهتز هاتفه معلنا عن وصول رسالة فيديو.

تضايق "ليث" بشدة وقال وهو يرفع يده تجاه الجوال وقال:
_من هذا السخيف الذي يقطع علينا ليلتنا الأولى؟

_هيا عزيزي أجب، لعله نداء الواجب.

نظر لها ببرود وقال بسخط:
_حقاً أتتحدثين، أنها ليلة زفافي ولن أتركك وإن كانت الرسالة من الماركيز "دولاق" نفسه.

فرقع "ليث" بأصابعه لتظهر فجأة شاشة ثلاثية الابعاد معلقة في الهواء أمامهم، فتحت الرسالة في الشاشة الهيلوجرام أمامهم، نظر "ليث وكيرا" بإهتمام ليريا فحوى تلك الرسالة الفيديو، وفجأة أنتفض "ليث" واقفاً، كتمت "كيرا" شهقتها بيدها وهي تنظر بهلع صوب الفيديو.

"عودة إلى روفيدا"
فتحت عيناها وهي تعرف ماذا سترى؟ تعتقد أنها في مشفى ما بعدما أصطدم القطار بشئ ما، ترتعش "روفيدا" بعنف وهي تحاول أن تتخيل كم من الإصابات البليغة إصيبت بها، وكم من الضحايا المساكين قتلوا معها في هذا الحادث الأليم.

لكن فجأة شعرت بتغير واضح في الهواء، كأنها أنتقلت من مكان إلى مكان أكثر حرارة، ليس هذا فقط، بدأت أصوات صرخات متداخلة تصل إلى مسامعها، بدأ جسدها ينتفض برعب، فتحت عيناها بالبطئ، رأت ما يلي كأن الشريط يعاد بها مرة أخرى،

أصطدم القطار بشاحنة شردت عن الطريق، يخرج القطار عن القضبان الحديدية، يتحرك بسرعة كبيرة إلي جبل علي شمال الطريق السريع، يقفز الناس من القطار هلعاً ورعباً، لكن "روفيدا" تتعثر فيهم وتسقط علي الأرض، يدهسها الناس وهم يتدافعون لينجوا بحياتهم، فجأة يصطدم القطار وهو لايزال مندفع بشده إلي الجبل، يكسر الجبل ويستمر في التقدم، فجأة "روفيدا" وجدت نفسها تبصر من جديد على أغرب شئ،

رأت مالم يصدقه عقل، رأت أشخاص هلامين كأنهم تجسد لشخصيات مرسومة وليسوا واقعيين، رأت أشخاص بأوجه زرقاء منتفخة، وأخرون بأوجه سودا مفحمة، وأقزام ذات أعين مضيئة يمسكون أسواطا نحاسية، يجلدون بها أشخاص مكبلون علي الأرض.

"روفيدا" شعرت بأنها داخل الجحيم بعينه، حاولت الصراخ لكنها لم تستطع، شعرت بلسانها يدمي في حلقها، وقدمها تشتعل لهيبا حارقا، عقلها يجن بالبطىء، بعد صراع نفسي رهيب، فقدت وعيها، تستيقظ لتجد نفسها في مكان غريب، تعود للحياه بأعجوبة.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي