حشرة دراكولا

ELBANOTA GEGE`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-04-26ضع على الرف
  • 92.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول حشرة دراكولا

الفصل الأول: حشرة دراكولا


في الأدغال الأفريقية في يوم شديد الظلام، كان هناك من يتجول في الغابة يبدو من هيئته أنه بشري ولكنه في الأصل وحش دامي، يمتلك أنياب ضخمة، ومخالب حادة، سرعته تفوق سرعة الرياح، كان يركض خلف غزالة ليمتص دمائها، وبالفعل نجح في ذلك لقد غرز أنيابه في عنقها وهى ترفس بأرجلها تريد الفرار من براثنه، ولكن هيهات لقد تمكن منها وامتص دمائها لأخر قطرة وهو يتلذذ من وجبته الشهية، أثناء ذلك سمع حركة قريبة منه فترك الغزالة كورقة الشجر الجافة وركض بأقصى سرعته ليرى من بالجوار، رأى رجلا غريب الأطوار ممسك بكاميرا يلتقط بعض الصور لليرقات وبجواره رجل أفريقي يبدو عليه ممن يعملون في الإرشاد، ظل يراقبهما في صمت...



أربعة مصورين شبه احترافيين من جميع أنحاء العالم، يتوجهون رأسًا للمنافسة في تحديات شديدة القوة، للحصول على لقب مصور (ناشونال جيوغرافيك) ويتم إرسالهم إلى غابات أفريقية لتصوير أجمل اللقطات لحشرات نادرة، أحدهم يدعى (ستيفن) شاب في مقتبل عمره، يعشق المغامرة والأدغال، يتمتع بالوسامة والرجولة، يريد تحقيق حلمه في أن يصبح أفضل مصور (جيوغرافيك) في العالم، سافر (ستيفن) إلى إحدى الغابات في إثيوبيا، كانت غابة داكنة الخضرة، عابقة الشذى، ذات أدواح ضخمة وتلال وطيئة تخالها أودية تنبت فيها أعشاب وشجيرات، فهى غابة كثيفة الأشجار، فأينما أرسل (ستيفن) بصره لا يرى إلا الخضرة، فالأغصان مزدانة بأوراقها وأزهارها، والأعشاب تكسو الأرض كأنها الزرابي بديعة الصنع متعددة الألوان، فتستهوي النفس وتبهج القلب، كان (ستيفن) يرتدي زيًا غريبًا يحيط جسده بورق الشجر للتخفي، يحمل الكاميرا بين يديه، كان يتجول معه في الغابة مرشدًا ليرشده إلى أفضل الأماكن التي يتجمع فيها اليراعات المضيئة، وجد نفسه في مكان حالك الظلام لا يسمع فيها سوى أصوات حفيف الأشجار وفجأة ظهرت اليراعات الجميلة، كان (ستيفن) منبهر بجمالها، حيث ترقص وهي تومض إشاراتها الغامضة، فهى تحمل في مؤخرها غددا فسفورية تضيء في الظلمة، وأثناء انشغاله بالتصوير شعر بألم في ظهر يده، لقد لدغته حشرة ما، لم يهتم بألمه وظل يلتقط الصور وهو يشعر بالنشوة لقرب حصوله على لقب الأفضل، عندما عاد للمنزل شعر بالغثيان الشديد والحمى وسقط مغشيًا عليه، بعد مرور أسبوع وجد نفسه في إحدى المستشفيات، تلفت حوله ولم يجد سوى أحد الأفارقة المكلفين بحمايته لأن سفارته قد قامت بتأجيره للعناية به، حاول ستيفن النهوض من فراشه لكن منعه الرجل قائلًا:

- لا ترهق نفسك، فالعناية الإلهية قد قامت بنجدتك من الموت المحقق، لقد توقف قلبك عن النبض وعاد ينبض مرة أخرى تحت تعجب الأطباء، إنها معجزة إلهية!

تعجب (ستيفن) من نفسه فهو يسمع نبض قلب الأفريقي بصورة تغطي على صوته، ثم انتبه على دلوف الطبيب قائلًا:

- حمدلله على سلامتك، بماذا تشعر الآن يا بطل؟

تنهد ستيفن قائلًا:

- لا أدري.. أنا لا أشعر بأي ألم، ماذا حدث معي أيها الطبيب؟

كان ينظر الطبيب لملف حالة ستيفن الطبية وهو يقول:

- لا نعلم حتى الآن بالضبط ماذا حدث، لقد أظهرت التحاليل بأن هناك مادة سامة اخترقت دماءك عن طريق افراز حشرة ما سمها في دمك عندما لدغتك، لقد توقف قلبك عن النبض لمدة دقيقتين، ثم عاد مرة أخرى يدق بشكل أعلى من الطبيعي، لا تقلق مع العلاج سيعود كل شيء لمعدلاته الطبيعية.

حاول (ستيفن) النهوض من الفراش وهو يقول:

- أريد العودة إلى المنزل الآن، فأنا أشعر بصحة جيدة لا داعي لوجودي في المشفى.

أومأ الطبيب برأسه إيجابًا قائلًا:

- لك ذلك، سأكتب لك إذن بالخروج على ضمانتي الشخصية، حمدلله على سلامتك مرة أخرى، إذا شعرت بأي أعراض جانبية لا تتردد في مهاتفتي في أي وقت.


كان (ستيفن) يذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وهو يشعر بتمزق ضلوعه من الألم، وفجأة صرخ صرخة مدوية اخترقت سكون الليل، تغير لون عيناه للأحمر، وظهرت أنيابه مع مخالب حادة، ولم يشعر بنفسه إلا وهو في منتصف الغابة ينهش في رقبة خنزير ويمتص دماءه بشراهة شديدة، استفاق ستيف في الصباح الباكر وهو يشعر بألم في جسده ورقبته، تلفت حوله حيث وجد نفسه يستلقي على أرضية غرفته وملابسه ملوثة بالدماء، انتفض فزعا ونظر تجاه المرآه وصعق من منظره، حاول أن يتذكر ما حدث له بالأمس، جحظت عيناه عندما مرت مشاهد ما حدث البارحة في ذهنه متمتمًا:

- اللعنة ما الذي يحدث لي؟ لقد أصبحت وحشًا!


(في مطار أديس أبابا)

هبطت من الطائرة الطبيبة جاكلين عضوه في جمعية مكافحة الصيد الجائر، وهي ترتدي بدلة سوداء رسمية، وحذاء ذو كعب عالِ، واضعة نظارتها الشمسية أعلى شعرها، وهي تنظر لصور انتهاكات تحدث للحيوانات التي في طريقها للانقراض متمتمة:

- لن أسمح بالصيد دون رخصة قانونية، يالهم من عدماء رحمة! كيف يمزقون...

قاطع همهمتها السائق قائلًا:

- الطبيبة جاكلين، أليس كذلك؟

أومات ( جاكلين) رأسها بالإيجاب قائلة:

- أجل أنا..

أشار السائق لخارج المطار قائلًا:

- السيارة بانتظارك يا سيدتي..

كانت الطبيبة جاكلين تنظر من نافذة السيارة وهى تتأمل جمال البلدة قائلة:

- أن بلدكم جميلة للغاية، لماذا لا تعتنون بخيراتها؟

هز السائق رأسه قائلًا:

- لا أفهم ماذا تقصدين يا سيدتي؟

ارتفع نبرة صوت الطبيبة في غضب قائلة:

- كيف تسمحون للصيادون الغير شرعيين بانتهاك غاباتكم، وقتل الحيوانات بطريقة عديمة الرحمة هكذا؟

شعر السائق بالخوف من هجومها المفاجئ قائلًا:

- وما الذي بيدي يا سيدتي! أنا مجرد سائق ليس لدي سلطة لسن القوانين الصارمة؛ للحد من هذا الانتهاك الغاشم.

ضحكت الطبيبة جاكلين قائلة:

- القوانين تنتهك يا هذا، لابد للشعب من حماية ممتلكاتهم، وحضارتهم، وثرواتهم بأنفسهم، حتى لا تسول للخارجين عن القانون أن يقتربوا منكم، فأنتم قوة عظمى لا يستهان بها.

هز السائق رأسه متهكمًا قائلًا:

- أجل عندك حق، ولكن هذا ينفذ في الدول المتقدمة الذين يحترمون قيمة الإنسان، أما هنا فلا قيمة للبشر، فما بالك بالحيوان، لقد وصلنا للمنزل، هل تريدين الخروج اليوم؟


هزت (جاكلين) رأسها يمينًا ويسارًا قائلة:

- لا، سأبقى بالمنزل اليوم فأنا أشعر بالتعب، من فضلك.. أحضر السيارة غدًا، سأذهب لتفحص الغابة بنفسي، وأرجو منك أن تستأجر مرشد خاص لملازمتي.


في قصر وسط الأدغال يبدو أنه من العصور الوسطى، كان يجلس في مقدمة مائدة ضخمة رجل طاعن في العُمر، يبدو عليه القوة والهيبة، ويحيط المائدة على جانبيها رجال ونساء يبدو عليهم الثراء الفاحش، ولكن مهلًا هم لا ينتمون لعالم البشر، بل هم من فصيلة الوحوش الأكثر فتكًا في العالم، فلا رحمة ولا شفقة في قوانينهم، أمام كلًا منهم كأس مملوء بالدماء الدافئة، وطبق به لحم نيء، قاطع تناولهم للعشاء قول أحدهم وهو ينظر تجاه الرجل ذو الهيبة:

- هناك أمر هام لابد من إطلاعك عليه، أثناء صيدي وجدت رجل غريب عن البلدة يقوم بتصوير شيء ما في الغابة، وفجأة تم لدغه بواسطة حشرة مجهولة، ومنذ ذلك الحين وأنا أراقبه عن قرب، حتى رأيته يقتات في الغابة بنهم شديد كأنه كان في سبات منذ ألاف السنين.


وضع (كلاوس) كأسه على مهل وهو ينظر تجاه (بيل) قائلًا في تعجب:

- يقتات! لقد اختلط علي الأمر، هل هو بشري أم مصاص دماء؟!

أردف (بيل) قائلًا:

- لقد كان بشري قبل أن تلدغه الحشرة، أما الآن فهو بعيد كل البعد عن كلمة إنسان، لقد أصبح مصاص دماء قولا وفعلا.

صمت (كلاوس) برهة من الزمن كأنه يتذكر شيء هام، ثم أردف قائلًا:

- غير معقول! لقد تحققت النبوءة، لم أكن أعلم بأنها حقيقية.

انتبه الجميع لكلاوس، والفضول ينهش في قلوبهم، قائلين بصوت واحد:

- نبوءة ماذا؟ عن أي شيء تتحدث؟

نظر لهم (كلاوس) والدهشة ظاهرة على محياه قائلًا:

- لقد عاد دراكولا..

علا صوت الهمهمات بين الحضور ما بين مصدق، ومكذب، ومندهش، فهم (كلاوس) ما يدور في خلدهم، فأردف قائلًا بصوت رخيم:

- قبل أن يقتل (أبرهام فان هلسينج) الكونت دراكولا، كان قد أتفق دراكولا مع الشيطان بأن روحه ستبعث في صورة حشرة، وهى من ستختار خليفتها ليصبح دراكولا العظيم، والذي سيقوم بجمع جيش من مصاصين الدماء لتكوين أعظم إمبراطورية عرفها التاريخ، سنمتلك العالم بأسره، ولن نعيش في الظلام مرة أخرى.

تهلل وجه الجميع في سعادة وسرور، نظر (كلاوس) تجاه (نيل) قائلًا:

- لابد أن يتم إحضاره لهنا قبل أن تعلم عائلة (كولين) بالأمر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي