الفصل السابع والعشرون مكيدة بطعم الخيانة

الفصل السابع والعشرون مكيدة بطعم الخيانة

في صباح اليوم التالي، نهضت "سيران" من فراشها ودلفت بخطوات واسعة داخل المرحاض تنعش جسدها بالماء ثم ترتدي ثيابها أستعدادًا لتدريب اليوم داخل ملعب الاسكِواش.

التقت بالكابتن وباقي الفريق أثناء تناول طعام الإفطار، بحثت عن وجود "كارم" فلم تجده، أخرجت هاتفها ترسل له ماسدج لكي يلحق بهم.

لم تشعر بتلك العيون المُتلصصة مصوبة أنظارها عليها وعيناها تلمع بحقد وشر، تُريد القضاء على مسيرتها وتستغل خطيبها لكي تُسدد لها طعنة قوية في مقتل لكي تُشتتها وتحصل هي على البطولة التي تستحقها عن جداره كما هي تظن نفسها بأنها جديرة بلقب بطولة العالم، و"سيران" عقبة في طريقها تُريد إبعادها والقضاء على مسيرتها بأكملها من نجاحات وبطولات.

هتف الكابتن "زياد العاشري" وهو يتطلع لهم:
- هل أنتم مُستعدون
هتفوا بحماس جلي:
- بكل تأكيد مُستعدون كابتن
نهض عن مقعده يحمل حقيبة ظهره الرياضية:
- هيا بنا

نهض الجميع خلفه وجميعهم يسيرون خلفه وكل منهم يحمل الحقيبة الرياضية خاصته
فقد كان الفريق يتكون من فتاتين وشابين، سيُشاركون في بطولة العالم للفتيات والشباب أيضا والمُدرب يزيد من حماسهم ويتمنى أن يحصلون على اللقبين بطولة العالم للفتيات والشباب أيضًا تحصل مصر على البطولتين..
أستقلوا بأماكنهم داخل الحافلة التي تقلهم إلى ملعب الإسكِواش.


أما عن "كارم" فكان مازال يغط بنوم عميق، أستيقظ بتكاسل على صوت رنين هاتفه المتواصل وعندما ألقى نظرة على شاشته وجد المُتصل والدته، زفر بضيق وقرر عدم الرد عليها ووضع الهاتف على الوضع الصامت ولكن تفاجئ برسالة عبر تطبيق الواتساب من خطيبته، فتحها ليقرأ ما كتبته، فهم بعد تناول طعامهم سيذهبون لبداية التدريب وستلتقي به عند العودة.
زفر بضيق وتذكر خطته الذي دبر لها، ولكن تراجع الآن عندما اتاه أحساس بالذنب بسبب هذه البطولة فتراجع عن الأمر لكي تحصل على بطولتها وريثما يعودان إلى القاهرة يجعلها تراه بعينيها لكي تكرهُ وتنهي بنفسها كل شيء، هذا ما توصل له.

ولا يعلم بأن تلك الأفعى التي تعرف عليها بالأمس تُحيك مكيدة وتسدل خيوطها وتستغله لمصلحتها الشخصية.

**
في القاهرة..
ظلت تتأفاف بضجر بعدما حاولت الاتصال ب"كارم" وهو لم يُجيبها، منما جعلها غاضبة على أبناءها
أت إليها "تميم" قائلا بتسأل:
- أين والدي؟
- مازال بعمله
- حسنًا، أريد مبلغًا من المال
- لماذا ؟
اقترب منها بتودد :
- أود تغير ماركة السيارة

شهقت بصدمة وصرخت بوجهه قائلا:
- أجننت "تميم" السيارة التي تقودها لازالت جديدة لم تستعملها سوا شهرًا فقط، لقد سأمت من هذه التصرفات الطائشة متى ستكبرون وتعقلون، بلغت من العمر اثنان وعشرون ولازال عقلك عقل طفل صغير
ابتعدت عنه تتفقد صغيرها الآخر وجدتها مُنكب على الايباد خاصته ويلعب مع رفاقه عبر الجهاز ويصدرون صراخًا وتهليلا بسبب اللعبة التي يلعبونها "بابجي"
وأنت يا "عزيز" ماذا تفعل تارك المُذاكرة وجالس تلعب بابجي، اللعنة عليكم يا اولادي اللعنة عليكم

غادرت الغرفة بغضب وصرخت بانفعال منادية الخادمة:
- زهرة أنتِ يا فتاة هيا أسرعي
انت إليها ركضًا :
- أمركِ يا سيدتي
- أين والدي ؟ هل ذهب لغرفته لم أجده أمام التلفاز
هزت راسها نافية وقالت:
- لا أعلم لم أراه منذ البارحة
شهقت بصدمة وصرخت بحدة:
- ألما يتناول طعام الإفطار وأخد دواءه؟
- لم أجده ولم تأمُريني بإعداد طعامه أو دواءه
- ولكنكِ هُنا من أجله فقط لكي تهتمي به، هيا اذهبي وتفقديه بغرفته.

ركضت زهرة مُسرعة تبحث عنه فلم تجده ، وبحثت "جميلة" بالحديقة ولم تجده أيضًا
دارت حول نفسها في عصيبة وظلت تنادي بإسمه:
- أبي أين أنت يا أبي؟
لم تجد ردًا وأتت زهرة مهرولة تخبرها بأنها لم تجده بغرفته وليس له وجود داخل الفيلا، هتفت بعدم تصديق

ظلت تبكي ودلفت الفيلا صارخًا تستنجد ابناءها ، ركض "تميم" و "عزيز" يهتفون بقلق:
- ما الأمر أمي؟
- جدكم " عزيز" لم أجد له أثر، هيا ابحثوا عنه وجدوه
ركض تميم مغادرًا الفيلا واستقل سيارته يبحث عنه بالشوارع الجانبية القريبة من حدود الڤيلا.
أما عن "عزيز" عاد لغرفته وقرر رفع صورة جده على صفحته على تطبيق الفيسبوك ودون أسفلها من يعثر عليه يهاتفنا على هذا الرقم، وسوف يحصُل على مكافأة مادية.

وعاد يُكمل لعبته مع أصدقائه،ووالدته بالاسفل مُنهارة من البكاء وقررت الإتصال بصديقتها "ريم"
تبكي لها وتخبرها بأختفاء والدها والأخيرة تواسيها وتطمئنها بأنهم سيجدونه ولا تقلق وسوف تأتي إليها .

بينما عزيز في ذلك الوقت كان جالسًا على الطريق تحت لهيب الشمس المُحرقة، ممسكًا بصورة زوجته ويتسأل عن مكانها، كلما حاول أن يقف أحد الشباب لا أحد يكترث لوجوده والجميع يتجاهله.
اتت إليه فتاة شابة تبتاع الورود وتقف على الجانب الآخر من الطريق، تركت باقات الورود وذهبت إليه لتتحدث معه.
جلست بجواره وهي تربت على كتفه:
- كيف حالك يا جدي؟ أخبرني كيف أساعدك؟
قال عزيز بتوهان:
- الإ تعرفين أين أجد زوجتي
هزت راسها نافية والتقطت منه صورتها ولكن صورة صغيرة تجمع بينهما وهم بمرحلة الشباب، أبتسمت الفتاة وقالت:
- لقد كُنت شابًا وسيمًا في صغرك يا جدي، ثم استرسلت حديثها قائلة بتسأل:
- ولكن لما تركت زوجتك المنزل؟ لابد وأنك أغضبتها؟
- لا لم أغضبها ولكنها رحلت وتركتني وحدي أُعاني مرارة الفقد
وظل يسترسل في حديثه عندما التقى بزوجته وكيف أصبحت معشوقته وكل الظروف العصيبة التي مرُ بها والفتاة مستمعًا ومُنصة جيدًا لحديثه
لامح تميم من زجاج سيارته على الطريق المُعاكس له ، تنفس الصعداء ثم اسرع في قيادته ليصل إليه وجد الفتاة تضحك على بعض أقاويل الجد.


صفا السيارة وترجلًا مُسرعًا قال بأنفعال:
- جدي لما غادرت المنزل دون علم أحد ؟
أرتجف جسد عزيز وكمش جسده خوفًا من هذا الشاب
تدخلت الفتاة في تلك اللحظة وقالت:
- من أنت ؟ ولما تغضب عليه بهذا الشكل القاسي؟ إلا يوجد بقلبك شفقة ولا رحمة ؟

نظر لها بشر وهتف قائلا:
- كفي ثرثرة
حاول جذب جده من كتفه:
- هيا جدي انهض معي
هز "عزيز" رأسه رافضًا
عاد "تميم " هاتفًا بغضب:
- أنهض ليس لدي وقت لهذا
ابعدت الفتاة يد الشاب ونظرت له بقوة:
- هو لا يعرفك ولا يُريد الذهاب معك

-اصمتي أنتِ هذا جدي ويُعاني الزهايمر ولذلك غادر المنزل دون علم أحد
جذبه بقوة وسار "عزيز" منصاع له وظل يتطلع خلفه للفتاة التي تقف تطالعه بحزن ولكن ليس بيدها فعل شيء من أجله، ساعده "تميم" على استقلال السيارة وانطلق عائدًا إلى الڤيلا
وعندما وصلا ترجلًا عزيز ليجد ابنته تقترب منه تعانقه بلهفة وتعتذر منه :

- أعتذر منك والدي الحبيب لن أغفل عنك بعد الآن
عندما وجدها تبكي ربت على ظهرها برفق وقال:
- لا تخافي عزيزتي سنجد حلًا ونهرب سويا من منزل الأشرار لا تبكين
أبتسمت بحب وحاوطته ليدلفون سويا داخل المنزل واعدت له الطعام بنفسها وجلست تطعمه وهي تقول:
- هيا أخبرني عن جميلتك"نيروز"
لانت ملامح وجهه وبدأ يقص عليها حكايات الماضي ، حكايات الزمن الجميل الذين عاشوا معًا..

**
عودة إلى "روما"

داخل ملعب الإسكِواش الغرفة المُغلقة المحاطة بأربع جدران وهي مرتدية ملابسها البيضاء من بنطال أبيض وكنزة حمراء قصيرة ووضعت كاب أعلى خصلاتها المتمردة لكي تحجبهم من التطاير وظلت تُسدد الكورة المطاطية بالجدران وهي تمسك المضرب الخاص بها ، تُسدد الضربات بمهارة ولم تشعر بتعب أو إرهاق ، فقط تنظر لهدفها في الوصول إليه وهذا ما يجعلها تصُب تركيزها عليه، فهي لن تقبل بالفشل أو الخسارة ..

انتهت جولة تدريبها ثم غادرت الملعب وبدأت "ميلا" في تدريبها بغيظ شديد وتُسدد الضربات بكل غضب .
أوقفها المُدرب وتحدث معها بلباقة بأن تكف عن حدتها مع المضرب والكورة وأن تتطلع إلى "سيران" وتتعلم منها اللعبة بحرفية لا بعصبية وغضب.
هذا ما جعلها تضرم داخلها ويزداد حقدها على الفتاة المسكينة التي لا ذنب لها، قررت الخلاص منها اليوم قبل غد وستجعلها خارج المُنافسة ولن تُشارك هذه البطولة..

عادوا في المساءً جميعهم مُتعبين، صعدوا إلى غُرفهم وتناولوا الطعام داخل الغُرف بسبب المجهود الزائد في تدريب اليوم.
رغم أرهاقها قررت أن تنعش جسدها بالماء وترتدي ثياب خاصة وتهاتف "كارم" أن يتناولون طعام العشاء بالفندق وتظل ساهرة معه الليلة لكي لا يشعُر بأنه وحيدًا وهي مُنشغلة عنه بالتدريب .

أرتدت ثوب سهرة باللون الأسود يصل الي قدميها بحمالة رفيعة ووضعت وشاح شفاف من نفس اللون ، كان الثوب ينساب على جسدها بنعومة، وقفت أمام المرآة تطالع إنعكاس صورتها داخلها تركت شعرها ينسدل خلف ظهرها دون أن تعكفه ولكن هزت رأسها بحيرة وقررت أن تعكفة على هيئة كعكة بمنتصف راسها وتركت خصلة من خُصلاتها تنساب على صفيحة وجهها بتمرد، أرتدت القلادة التي بها فص من الفيروز تبرق بعُنقها الغض، أبتسمت بثقة على هيئتها وقررت أن تُفاجئة .

**
أما عن ميلا أحكمت مكيدها وارسلت إليه ماسدج تطلب رؤيته لم يتردد "كارم" في مُقابلتها فهو يعلم بأن سيران عندما تعود ستنام مُبكرًا، لذلك وجدها فرصة في التقرب من ملاذة دون الركض خلف الفتاة، فهي أيضًا تتودد له وتسدل خيوطها حوله، فهو يعرف تلك الأفعال وعلم بأنها مُغرمة به ولن يُضيع الفرصة التي أتته على طبق من ذهب.

انتقت غلالة فيروزية قصيرة تظهر مفاتن جسدها وتكشف عن كاحلها الغض وتركت شعرها الأشقر ووضعته باغراء على كتفها العاري،ثُمَّ وقفت أمام باب غُرفتها تنتظر قدومه، عندما وجدت "سيران " تغادر غرفتها تغنجت امامه باغواء وقربت شفتيها منه التهمها بين شفتيه في شوق جارفة بمشاعره ک رجُل.

عندما غادرت"سيرين" غُرفتها وجدته يقف أمام غرفة صديقتها"ميلا"
تسمرت مكانها لتتفاجئ به يقترب منها يُقبلها بنهم ويتغزل بها، أغمضت عينيها بعدم تصديق أما ميلا فقد جذبته داخل غرفتها بعدما رأت "سيران" تُشاهدهم وعلمت بأن خطتها نجحت.
"لو علم الخائن أي رمح قد يغرسه في قلب من يخنه لفكر ألف مرة قبل أن تسول له نفسه فعل ذلك الأمر"

ركضت سيران باختناق تُغادر الفندق ، لم تشعر بقدميها التي تنساق دون رغبة منها، دموعها تنساب بغرازة دون توقف، فجأة تسمرت مكانها عندما رأت على مرم البصر بحيرة وجدت نفسها تتقدم بخطوات مُتلهفة مُقبلة عليه ، لا تخاف الأمواج ولا تهاب الرياح التي تعصف بكيانها، ولكن كانت تشعُر بالخذلان، بالخيانة من أقرب الناس التي وثقت بهم، خطيبها وحبيبها وزوج المُستقبل رأته أمام أعينها مع فتاة أخرى يقترب منها بشهوة ويتغزل بمحاسنها ويتمنى تذوقها، وضعت كفيها على أذنيها لكي تنسى ما سمعته أُذنيها للتو واغمضت مقلتيها تُريد محو تلك الذكرى من مُخيلتها.

وجدت قدميها تنغرز داخل الرمال المُبتلة نزعت الحذاء وتخللت قدميها داخل المياه تُريد أن تغسل همومها وحُزنها الذي سكن قلبها، فتلك الصدمة الأولى في تجربتها الأولى وحُبها الأوحد الذي اختاره قلبها منذ الصغر ونمى الحُب داخله ومُنذ عام واحد فقط أفصح عن حُبه ومشاعره واراد خطبتها ، صارحته هي أيضًا بأنها تعشقه مُنذ الصغر وتمت خطبتهم وكان من المُفترض أن يُقام حفل عقد القرآن بعد هذه البطولة وتُصبح زوجته وفي مملكته ، تبخر كل شيء وجُرحت كرامتها وكُسر قلبها على يد من أحببته وظنته رفيق الدرب وسند العُمر.

ضربة موجعة أصابت قلبها في مقتل أثر خيانته.
لم تشعر إلا والأمواج تسحبها وتجذبها دوامة البحر لتشهق بقوة وتحاول الطفو على المياه ولكن كانت الدومة سحبتها للقاع واغمضت عيينها باستسلام عندما فقدت أخر أنفاسها في المُعافرة لكي تنجو بحياتها ..

ليس هناك أصعب من جرح الحبيب، وليس هناك ما يؤلم أشد من ابتعاده وفراقه، فمن أعطيته الحياة قدم لك الموت، ومن بنيت معه أحلاماً هدمها بلمحة بصر، ومن أعطيته قلبك ووجدانك منحك وحدة وظلام:
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي