عالم الأشباح

Youssef`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-05-18ضع على الرف
  • 4.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

حياة طبيعية مملة

" مقدمة  "
        يحكى أنه في قديم الزمان في أرض مصر القديمة كانت هناك مدينة في الصحراء الغربية كانت الحياة فيها طبيعية كأي مدينة عادية، وكان معروف عن أهلها الكرم والعطاء والمحبة ،وكان يشاد بها في جميع مدن البدو في الصحراء حتى أنه قد وصل صيتهم إلى الوادي والدلتا .
   كان إذا نزل بها تاجر يقصد البيع أو الشراء عومل فيها بأحسن وأكرم معاملة قد يتخيلها على الإطلاق .إلى أن جاء في يوم من الأيام زعيم مدينة ليست ببعيدة عنها -وكانت تلك مدينة مغمورة لا يعرفها أحد ولا يقصدها بائع ولا مشتري -كان يغار ويحقد على تلك المدينة وأهلها وساخطا على ثرواتهم وكنوزهم، فأراد هذا الزعيم أن ينتهي عصر تقدم وازدهار تلك المدينة فقرر استعمال أساليب خبيثة  . 


فطلب من حاشيته أن ينشروا في طلب ساحر يقدر على فعل ما لا يقدر على فعله غيره من الناس ،فجاءه ساحر من كبار سحرة مصر في ذلك الوقت فقال له الزعيم: أريدك أن تسحر أهل هذه القرية فينقلبون على بعضهم بعضا، وأن تسلط عليهم الشياطين تسليطا، فينشرون الفتنة والسرقة والفاحشة والبغضاء بين أهل المدينة، ويضيعوا ثروات المدينة وكنوزها ، والسمعة الطيبة التى اتسمت بها تلك المدينة.


  فقال له الساحر: أفعل هذا ولكن بشرط واحد.

فقال له الزعيم: اشترط علي ما تريد ولك مني الأمان وما تشتهيه نفسك.

قال له الساحر:أريد من الجواهر والذهب ما ينوء بحمله عصبة من أولي القوة .

أما ما سأفعل فهو أني سأسحر أهلها بسحر أسود لا يمكن لأي مخلوق فكه سوى بقلب طاهر نقيٍّ بحق يحصل على قلادة سيد الظلام، ويطغى نور قلبه على ظلام وشر تلك القلادة ،
وأن ينتشر بين الناس خبر عن كنز قديم وكبير موجود في هذه القرية فينجذب إليها اللصوص و الأشرار فيحبسوا فيها ولا يخرجوا منها أبدا.


  فقال له الزعيم: أنا أوافق على كل شروطك.


فقال الساحر: من الآن فصاعدا هذه المدينة تحت حكم سيد الظلام وأتباعه ، فلتنتشر الظلمة في المدينة، ولا يخرج منها حتى الخيرون وليسكنها الأشرار وليسكن أجسادهم مسوخ وشياطين من العالم السفلي، ولا تشرق شمس في هذه المدينة مرة اخرى  . وكان هذا ما حدث بالفعل وسكن المدينة شر كبير إلى يومنا هذا.


ومع مرور الأيام أصبحت قصة مدينة الظلام مجرد أسطورة وقصة تتلوها الأمهات على أبنائها الصغار قبل النوم لا أكثر ، وضاعت معالم المدينة كما ضاع موقعها وتاريخها  .




                                                                                          "  الفصل الاول: حياة طبيعية مملة  "
       في بيت من البيوت المصرية في محافظة الجيزة في مدينة تسمى مدينة" الشيخ زايد " -والتي تعتبر من أفخم المدن في مصر- انتقلت أسرة من الطبقة المتوسطة لتسكن في هذه المدينة انتقلت من أحد المدن القديمة أو أحد الأحياء الشعبية من القاهرة حيث الجيران منذ الطفولة والأصدقاء والعاملون بالورش وأصوات الحدادين والنجارين وأفران الخبز وغيرها من الضوضاء ، لتنتقل الأسرة المكونة من أربعة أفراد إلى مدينة يسكنها الهدوء والصمت حيث لا يعرف الشخص جاره ، ولا يراه إلا صدفة ولا زيارات ولا أطفال يلعبون في الشارع ولا أصدقاء للعب معهم ، فكانت كل هذه العوامل سببا رئيسيا في سخط الابن أسامة على هذه الحياة الجديدة المملة ، حيث وقف لأمه يحدثها بصوت عال بعد مرور شهر من انتقالهم ويقول لها : يا أمي لقد كللت حقا من هذه المدينة التي لا نعرف فيها أحدا ولا نفقه فيها شيئا فلا حياة في هذه المدينة ولا أصدقاء ولا مغامرات شيقة خطيرة، ولا قصص ممتعة ولا هروب من الكبار ولا من أي شيء هذه ليست حياة أنتم سلبتم حياتي، سابقا كان لدي أصدقاء كثر وكنا نلعب ونلعب كثيرا جدا و كنا نخوض العديد من مباريات كرة القدم يا أمي ، ثم بكى أسامة( رغم انه في الرابعة عشر من عمره ).

فقالت له أخته مريم : عليك فقط أن تعتاد  على هذا الأمر فأنا فقدت جيراني أيضا وصديقاتي ولكن هذا لا يجعلني أبكي.


فردت عليه الأم معاتبة له : ألست تعلم يا أسامة سبب مجيئنا إلى هنا أم أنك نسيت ، أنسيت أن والدك كان يضطر يوميا أن يسافر إلى العمل لمدة كبيرة،  حيث أن الطريق كان يستغرق أكثر من ساعتين ، أنسيت كم كان هذا متعبا ومرهقا جدا له، ثم انظر لأختك مريم التي لم تكمل حتى عامها الثاني عشر وهي متفهمة للموقف ومقدرة لسبب انتقالنا للسكن في هذه المدينة ، ثم أنه من المفترض أن تكون سعيدا لأن هذه المدينة من أفخم وأرقى المدن في مصر كلها .


فقال أسامة: لا هذه ليست معيشة فلا معيشة بلا أصدقاء . وخرج بعدها من البيت وهو غضبان حزينا  .


   فنزل ليجلس في الشارع فرآه فتى في مثل عمره يسمى كريم ، فذهب إليه وقال له: مرحبا كيف حالك ، مالي أراك حزينتا؟!

فرد عليه أسامة: إليك عني يا هذا ، فأنا لست في مزاج جيد للتحدث .

فقال له كريم : مهلا ، ألستم أنتم الساكنون الجدد الذين جاؤا إلى المدينة في الشهر الماضر؟!

فرد عليه أسامة وقال له : ما بالك بي ، أغرب عن وجهي.

فقال له كريم : لا تكن فظا يا صديقي.

فقال له أسامة : أنت لست صديقي ، أغرب عن وجهي .

فبدأ كريم بالتحرك ، فرأى أسامة أنه أخطأ في حق كريم،  فقام ونهض من مكانه ونادى على كريم قائلا له : يا هذا انتظر، إني أعتذر منك لقد أخطأت في حقك لقد كنت حقا فظا أرجو أن تعذرني على هذا؛ فأنا أمر بيومين عصيبين.

فقال له كريم : لا بأس يا رفيقي أنا أدعى كريم ، فما اسمك أنت أيها الطيب؟

فرد عليه أسامة وقال : أنا أدعى أسامة.

فنظر إليه كريم و ابتسم ثم قال له: سررت
بمعرفتك يا أسامة، أظن أن هذه بداية لصداقة قوية جديدة.

فضحكا كليهما ثم قال له كريم: تعال لنذهب إلى مكان جميل كي نتحدث هناك ونتعرف على بعضنا أكثر.

فرد أسامة عليه وقال: حسنا لا بأس، هيا بنا.

     فأخذه كريم إلى قهوة تسمى الجوهرة- وهى قهوة من الطراز الحديث والراقي- فنظر كريم إلى أسامة ثم قال له: ما خطبك يا أسامة، مالي أراك غير مرتاح ومنزعج يا زميلي، هل هناك ما يزعجك في هذا المكان؟

فرد عليه أسامة وقال له: لا يا صديقي ولكني فقط لست معتادا على هذا وهنا تكمن المشكلة.


فقال له كريم إذا هيا نجلس ثم تحكي لي مشكلتك لعلي أجد حلا لها وأساعدك .


فنادى كريم على نادل القهوة، فجاءه النادل وقال له: مرحبا سيدي كيف أستطيع أن أخدمك اليوم؟

فقال له كريم: نريد مكانا هادئا لاثنين .

فقال النادل: حسنا اتبعني من فضلك.

       وأخذهما النادل إلى بقعة جميلة تطل على حدائق خضراء، فشكره كريم وقال له: مر علينا بعد قليل لتأخذ طلبنا. فوافق النادل وانصرف وتركهما مع بعضهما فنظر كريم إلى أسامة، ثم قال له: ما رأيك الآن ما رأيك في المنظر الخلاب الذي نطل عليه وصوت زقزقة العصافير التي نسمعها ؟!

فلتتفضل يا أسامة، دعنا نجلس هنا. هذا المكان هادئ ومريح.

أسامة: شكرًا كريم، هذا المكان جميل حقًا. أعجبتني الديكورات والأجواء الهادئة هنا.


كريم: نعم، هذه القهوة مشهورة بتصميمها الفريد وخدمتها الممتازة. أسامة، أخبرني عن نفسك، من أين أنت؟


أسامة: أنا من أحد الأحياء القديمة في القاهرة. انتقلت مع عائلتي إلى مدينة الشيخ زايد منذ شهر تقريبًا. وأنت؟

كريم: أنا أيضًا من القاهرة، ولكن أسرتي انتقلت إلى مدينة الشيخ زايد قبل بضع سنوات. أعجبني المكان هنا والمزايا التي يوفرها.

أسامة: أنا لم أتأقلم بعد على الحياة في هذه المدينة الهادئة. أشعر بالملل وأفتقد صخب الحياة القديمة، وهنا تكمن مشكلتي.

كريم: أتفهم مشاعرك، خاصة إذا كنت معتادًا على العيش في منطقة نشطة مليئة بالناس. لكن هناك أيضًا جوانب إيجابية في العيش هنا.

أسامة: مثل ماذا؟ أرجو أن توضح لي.


كريم: حسنًا، هنا يمكنك الاستمتاع بالهدوء والسكينة. يمكنك الاسترخاء والتفكير في هواياتك وأحلامك. كما أنه يوجد العديد من الأماكن الجميلة والمرافق الترفيهية هنا في مدينة الشيخ زايد.

أسامة: ربما تكون على حق، يبدو أنني لم أعطِ المدينة فرصة كافية. ربما يجب علي أن أبدأ بتكوين صداقات جديدة واستكشاف المناطق المحيطة.


كريم: بالتأكيد، استكشاف المناطق المحيطة سيكون رائعًا. هناك العديد من الحدائق الجميلة والمتنزهات في المدينة التي يمكننا زيارتها معًا. يمكننا أيضًا تجربة المطاعم والمقاهي المحلية لتجربة المأكولات الشهية والمشروبات اللذيذة.


أسامة: يبدو رائعًا! أحب تذوق الأطعمة الجديدة واستكشاف الأماكن الجديدة. هل لديك أي توصيات لمطاعم جيدة؟


كريم: بالتأكيد، هناك مطعم إيطالي رائع يقدم أشهى الباستا والبيتزا، وأيضًا هناك مطعم محلي يقدم أطباق مصرية تقليدية لذيذة. وإذا كنت تحب الأطعمة الآسيوية، هناك مطعم صيني رائع في المنطقة أيضًا.


أسامة: أنا متحمس حقًا لتجربة هذه المطاعم. شكرًا على التوصيات. بالنسبة لتكوين صداقات جديدة، هل لديك أي نصيحة لذلك؟


كريم: بالتأكيد، إنه أمر مهم للتأقلم في مكان جديد. يمكنك الانضمام إلى نوادي أو أنشطة هواية تهتم بها، مثل الرياضة أو الفنون أو القراءة. ستلتقي بأشخاص يشتركون معك في الاهتمامات المشتركة ويمكن أن تبدأ صداقات جديدة من خلالهم.


أسامة: هذه نصيحة جيدة. سأحاول البحث عن نوادي أو أنشطة تناسب اهتماماتي. شكرًا لك على المساعدة والإرشاد.


كريم: على الرحب والسعة، أسامة. أنا هنا لأي مساعدة تحتاجها. دعنا نستمتع بوقتنا في المدينة ونستفيد من مزاياها المختلفة.


في هذه الأثناء، يقترب صديق كريم، محمد- الذي كان يجلس في طاولة قريبة- ويبدو أنهم يعرفون بعضهم البعض.

محمد: مرحبًا كريم! كيف الحال؟

كريم: مرحبًا محمد! أنا بخير، شكرًا. أسامة هنا هو صديق جديد قابلته للتو، وهو جديد أيضا على المدينة.  أسامة، هذا محمد، صديقي المقرب منذ فترة طويلة.

أسامة: مرحبًا محمد، سعيد بلقائك.

محمد: السعادة متبادلة، أسامة. أهلاً بك في مدينتنا مدينة الشيخ زايد. إذا كان لديك أي أسئلة أو تحتاج إلى مساعدة في التأقلم هنا، فلا تتردد في طرحها.

أسامة: شكرًا جزيلاً، محمد. أنا فعلاً أحتاج إلى بعض الإرشاد فيما يتعلق بالأماكن الجديدة والأنشطة التي يمكنني الاستمتاع بها هنا.

محمد: بالطبع، سأكون سعيدًا بمساعدتك. هناك العديد من الأماكن المثيرة للاهتمام في المدينة والأنشطة التي يمكننا ممارستها معًا. فلما لا نخطط لرحلة مع بعضنا البعض لزيارة المعالم السياحية المحلية؟

كريم: هذه فكرة رائعة! نستطيع أن نزور حديقة الحيوان الخاصة بالمحافظة ومركز التسوق الكبير في وقت لاحق. ما رأيك، أسامة؟

أسامة: أنا متحمس لهذه الفكرة! سأكون سعيدًا بالانضمام إليكما في رحلتكما. شكرًا لكما على دعوتي معكما واهتمامكما برأيي.

فرد عليه محمد: لا تقلق انت لم تر شيئا بعد. وبعدها ضحكوا جميعا.


وبهذا، استمروا في التخطيط لرحلتهم باحتفالية. تبادلوا الأفكار حول المعالم التي يرغبون في زيارتها والأنشطة التي يرغبون في ممارستها. توصلوا إلى خطة مفصلة للرحلة وحددوا الموعد المناسب.

بعد أن أنهوا التخطيط، قرروا الاستمتاع بقهوتهم ومواصلة الحديث. تبادلوا القصص والتجارب الشخصية، وتعرفوا على بعضهم البعض بشكل أفضل. كريم ومحمد شاركا أسامة بمعلومات مفيدة عن المدينة ونصائح حول كيفية الاندماج في المجتمع المحلي.

ومع مرور الوقت، أصبحت العلاقة بينهم أقوى، وتوطدت الصداقة بين الثلاثة. أسامة شعر بالارتياح والانتماء إلى مدينة الشيخ زايد بفضل دعم كريم ومحمد. تعلم أسامة كيفية الاستمتاع بالهدوء والسكينة في المدينة، واكتشف جوانبها الجميلة والثقافية المتنوعة.
ومنذ ذلك الحين، استمروا في قضاء الوقت معًا واستكشاف المزيد من المعالم والأنشطة في مدينة الشيخ زايد. وتحولت الصداقة بينهم إلى رابطة قوية وتعاونوا لتحقيق العديد من المغامرات والذكريات السعيدة في مدينتهم الجديدة.


على مدى الأشهر القليلة التالية، انتشرت الضحكات والمرح في حياة الثلاثة كريم ومحمد وأسامة. كانوا يستكشفون المزيد من المناطق السياحية في مدينة الشيخ زايد، بما في ذلك الحدائق الجميلة والمتنزهات الطبيعية. قاموا برحلات إلى الصحراء القريبة واستمتعوا بالتخييم وركوب الجمال.


وفي أحد الأيام، اقترح أسامة فكرة رائعة على كريم ومحمد. قال: "ماذا لو قمنا بمشروع خيري مشترك في مدينتنا؟ يمكننا أن نعمل سويًا لمساعدة الأشخاص المحتاجين والمجتمع المحلي". وافق كريم ومحمد بحماس على الفكرة وقرروا تنفيذها.

فبدأوا بجمع التبرعات من أصدقائهم وعائلاتهم، وعرضوا فكرتهم على المجتمع المحلي. وسرعان ما تلقوا دعمًا كبيرًا من الناس الذين كانوا يودون المساهمة في مشروعهم الخيري. قاموا بتوزيع الطعام والملابس على الأسر المحتاجة، وزاروا دور الرعاية للمسنين والمرضى وأضفوا البهجة والابتسامة على وجوههم.

لقد كانت تجربة مؤثرة بالنسبة للثلاثة أصدقاء، حيث شعروا بالفخر والسعادة لأنهم كانوا قادرين على تقديم المساعدة لأولئك الذين يحتاجون إليها. تعززت صداقتهم أكثر فأكثر من خلال هذه التجربة المشتركة في خدمة المجتمع.

ومع مرور الوقت، انتشرت سمعة كريم ومحمد وأسامة كشباب خير في المدينة. تلقوا الدعم والاحترام من الناس وأصبحوا قدوة للشباب الآخرين في المنطقة. تلقوا العديد من الدعوات للمشاركة في فعاليات خيرية وندوات توعوية في المدارس والجامعات. قاموا بتأسيس منظمة خيرية رسمية تحت اسم "شباب الخير"، وعملوا على توسيع نطاق أعمالهم الخيرية وزيادة تأثيرهم في المجتمع.

بفضل التفاني والإلتزام الذي أظهروه، تمكنوا من جمع مبالغ أكبر من التبرعات وتقديم مساعدات متنوعة للفئات الضعيفة والمحرومة. قاموا بإقامة حملات لتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى المحتاجين، وساعدوا في بناء أحد المساجد في منطقة ليست ببعيدة عن المدينة، وغير ذلك من الأعمال العظيمة.


في غضون ثلاثة أشهر، أصبحت "شباب الخير" منظمة خيرية معروفة بين الناس جميعا، حصلوا على تكريمات وجوائز متعددة من الإدارة المحلية لتفانيهم وإسهامهم في خدمة المجتمع. ومع ذلك، بقيت الصداقة بين كريم ومحمد وأسامة قوية وثابتة على مر الأيام.

وحتى في أسوأ وأصعب الأوقات حين اجتاح فيروس كورونا المدمر العالم والمدينة، لم يخافوا من المرض ولم يجلسوا في بيتوتهم خوفا من الإصابة به، بل اجتهدوا في هذا الوقت تحديدا وأكثروا من المساعدات، فقد تأذى الكثير بسبب تلك الجائحة، فمنهم من فقد وظيفته ومنهم من فسد مشروعه ومنهم من مرض ولم يستطع العمل. حتى عندما أصيب كريم بالفيروس لم يتوقفوا عن مساعدة الناس، وما انتشر بين الناس إلا كل خير عن هؤلاء الثلاثة.


ففي أحد  المرات كان أسامة يتحدث مع محمد، فقال له: لقد تعبت يا صديقي.

محمد: ومما تعبت يا أسامة ؟!

أسامة: لقد مللت ما نقوم به، لقد أصبح روتينا ما نفعله كل يوم هو نفس الشيء، نساعد هذا ونساعد ذاك ونذهب هنا وهناك والناس تشكرنا في كل مكان، ويحيوننا متى قابلونا وكأننا أبطال في وجهة نظرهم، وهم لا يعلمون إنما أقوم به كان فقط لكسر الملل الذي كنت أشعر به في بداية معيشتي في هذه المدينة، ألا تذكر ذلك يا رفيق؟!

محمد: بلا، بالطبع أذكر يا أسامة، لكن الأمر أنه......

فقاطعه أسامة قائلا: الآن والفضل يعود لك أنت وكريم على ما فعلتماه وعلى مساندتكما لي ودعمكما المعنوي والنفسي، فلولاكما -بعد الله سبحانه وتعالى- لما استطعت التأقلم في هذه المدينة، فشكرا لك يا صدقي.
لكن الأمر يكرر نفسه من جديد، الروتين وتكرار الأحداث يوما بعد يوم يصيبني بالملل الذي يقتلني نفسيا، أريد شيئا جديدا، مغامرة من نوع آخر، شيئا يدعو للإثارة والتشويق.

فسكت محمد قليلا ثم رد عليه، أنا أفهم مشكلتك وأشعر بك، لكن أريد أن أخبرك مقولة سمعتها من قبل لعلها تغير رأيك في الموضوع.

أسامة: أخبرني بها لعلي أجد فيها القناعة والرضا.

محمد: تذكر دوما يا صديقي أن ما تفعله من خير سوف يرد لك في يوم من الأيام .

فسكتا كليهما ولكن قاطع سكوتهما رنين هاتف أسامة، فرد أسامة على الهاتف فوجد أنها أمه، فقال لها: مرحبا يا أمي،ما الأخبار ؟

الأم : بخير يا ولدي، أين أنت ؟

أسامة: أنا مع صديقي محمد .

الأم: لما تأخرت؟! ألا تعلم أنا هذا وقت الغداء ؟!

أسامة: يا إلهي، لقد نسيت! حسنا يا أمي سآتي إلى المنزل في أسرع وقت.

الأم: حسنا، لا تتأخر، وداعا!

أسامة: وداعا أمي. سأتركك الآن يا محمد، أمي تناديني.

محمد: لا بأس أراك غدا.

أسامة: بإذن الله.

فتحرك أسامة إلى البيت، وبينما أسامة يمشي في الطريق إذا به يجد شيئا لفت انتباهه، فتوقف ليرى ما هذا، فإذا به كتاب يبدوا من مظهره أنه قديم جدا، فأخذه أسامة معه إلى البيت ليضطلع عليه في وقت فراغه.

وكان هذا محور تغير كل شيء فيما سيأتي من حياته في الفترة القادمة، فماذا يحمل الكتاب من خبايا وأسرار، وكيف سيتغير كل شيء ؟؟!
هذا ما سوف نعرفه في الأحداث القادمة إن شاء الله -تعالى-..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي