أنت ملكي

بوحوت راضية`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-08-27ضع على الرف
  • 169.4K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

1_


في وسط ذلك المكان الرطب والهادئ بشكل مريب وداخل تلك الحاوية الضخمة بظلام اسود ينتشر داخلها، في كل زاوية منه يشعرك بالخوف والرهبة، لكن لو ركزنا نضرنا قليلاً في هذا المكان القذر والموحش
سوف نلاحظ وجود جسد أُنثوي صغير ملقى بلا حول ولا قوة على تلك الارضية الحديدة المتسخة.

كان شعرها الحريري الأسود يغطي معظم ملامح وجهها، تبدو وكأنها غائبة عن الوعي منذ مدة طويلة جداً.

شهقت برعب شديد وهي تفتح عينيها الغابية الخضراء بخوف، رمشت عدة مرة وهي تنظر إلى تلك الظلمة التي كانت تحيط بها من كل جانب.

رفعت يديها وحكت عينيها بقوة كي تبعد تلك الظلمة التي تبتلعها ولكن بلا جدوى، شعرت بنفسها تترنح وهي جالسة في مكانها ضائعة وسط المجهول.

شعرت بألم شديد في رأسها، حاولت أن تقف وتستعيد توازنها في هذا المكان الغريب ولكنها سقطت بقوة على ركبتيها.

حيث شعرت بدوار شديد يداهمها ورغبة قوية في التقيؤ، امسكت فمها تمنع نفسها، تشعر وكأنها تركب في باخرة تتحرك أو شيء من هذا القبيل.

استجمعت قوتها ونفضت رأسها بقوة لتتنفس بعمق وهي تحاول تهدئة روعة نفسها، ثم حاولت الوقوف من جديد ولكنها فشلت مرة أخرى؛ فالدوار كان شديداً عليها.

لقد أعادت تكرار محاولتها للوقوف مرة بعد أخرى لتبوء بالفشل في كل مرة مع السقوط بقوة، ولكن في هذه المرة وقعت بطريقة مؤلمة على يدها وجرحت ركبتها.

هذا الشيء الذي هي محبوسة داخله يبدو أنه ليس مستقراً ويتحرك باستمرار.

ضربت الأرضية الحديدية بقبضة يدها وشتمت بقوة تحت أنفاسها، لن تستلم، عليها الخروج من هذا المكان.

بدأت تحبو على يديها ورجليها كطفل رضيع تبحث من حولها على أي شيء تتمسك به، كانت حرفياً تمشي في المجهول بالنسبة لها.

لقد كانت الظلمة الشديدة تحيط بها من كل جانب لم تكن قادرة على أن ترى أي شيء، لا تعرف ما الذي يوجد أمامها أو خلفها ومع ذلك ظلت تتقدم بخطوات حذرة وبطيئة تتحسس كل ما تقع يدها عليه.

بقيت مدة طويلة وهي على حالها، إلى أن اصطدمت يدها بشيء ما يشبه الحائط جعلها توقف حركة يدها في مكانها.

ترددت قليلاً قبل أن تبدأ بتحسسه بهدوء وحذر، لقد شعرت وكأنه حائط قصير، مدت يدها لتمسك به وتستند عليه بقوة حتى وقفت على قدميها مرة أخرى.

ترنحت قليلاً بسبب الدوار القوي الذي داهمها ولكنها ثبتت قدميها بقوة على أرضية الحديد لذلك المكان.

بعد أن هدأت نوبة الدوار التي داهمتها حركت يدها مجدداً على طول ذلك الحائط وبدأت بتفحصه وهي تتقدم ببطء شديد.

لقد كانت تشبه الأعمى الذي وجد نفسه في مكان مختلف لم تعتد عليه حواسه من قبل.

لقد كانت ضائعة وسط المجهول بكل ما للكلمة من معنى، تشعر بالرهبة والخوف لا تعرف لما هي هنا!


بعد مدة من البحث الحثيث والمستمر وقفت واخيراً أمام شيء ما يشبه الباب، تحسسته بلهفة وفرحة شديدة، حاولت أن تفتحه عدة مرات ولكن بدون فائدة.


لقد كان مغلقاً بإحكام من الخارج، طرقت عليه بقوة وهي تصرخ بعصبية، طرقت عدة مرات إلى أن تعبت ولكن لا صوت لمن ينادي.

توقفت فجأة قبل أن تعود وهي تتحسس المكان من حولها لتجلس وتتكئ بضهرها على الحائط الذي وجدته بإحباط.

وضعت وجهها بين كفيها وهي تمسح عليه بتعب، غاصت عينيها الخضراء بحزن شديد وهي تفكر .. "لا شك وأنني في مكان بعيد جداً عن منزلي، ولا بد وأن والداي قلقين جداً علي"

حضنت نفسها لتفكر بعمق وهدوء، "لا أعرف لما أنا هنا، لقد كنت عائدة من جامعتي نحو منزلي في وقت متأخر من الليل". عصرت جبهتها بيدها فهذا كل ما كانت تتذكره.

ثم فجأة تذكرت، لقد رأت رجلين يخرجان من زقاق مظلم امسكاها بقوة ووضعا قماشة مبللة بسائل ذو رائحة نفاذة على انفها.

حاولت المقاومة قدر الإمكان وعدم الاستنشاق من تلك القماشة ولكنها فشلت؛ لتشعر بالدوار وتظلم الدنيا فجأة من حولها، والنتيجة أنها استيقظت بعد مدة طويلة لتجد نفسها محبوسة هنا وسط هذا المجهول.

توقف ذلك الشيء الضخم الذي كان يتحرك بها منذ البداية، شعرت وكان شيء يشبه السيارة، ترنحت بسبب توقفة المفاجئة وقد كانت على وشك السقوط على وجهها لولا تمسكها.

شعرت بالرعب بعد توقف ما هي به عن الحركة، ثم عم الصمت والهدوء أرجاء المكان.

تكورت على نفسها بخوف وهي تحاول أن تحتمي بذلك الحائط أو ما كانت تظنه حائطاً، فعلى ما يبدو أنها ومنذ البداية كانت محبوسة في حاوية خاصة بشاحنة لنقل اللحوم وقد كانت تتحرك طوال الوقت.

واخيراً وبعد صمت طويل فُتح ذلك الباب الحديدي الذي لمسته بيدها قبل قليل وتسرب من خلاله بعض من الضوء إلى الداخل.


ذلك النور جعلها ترمش بعيونها الفاتنة عدة مرات وتفتحها في محاولة منها للاعتياد عليه بعد مدة طويلة وهي محبوسة في ذلك الظلام.

عندما فتحت عيونها الواسعة الخضراء وجدت نفسها تجلس أمام رجُلان ضخمان يبتسمان بخبث وينظران نحوها بعيون ماكرة، كانا ضخمين جداً واشكالهم مخيفة للغاية.

تراجعت إلى الخلف بخوف وهي لا تعرف كيف ستتعامل مع هؤلاء الناس، من هم وماذا يريدون منها؟

لقد كان واضحاً جداً لها أنها قد تعرضت للاختطاف من طرفهم، ولكن لماذا قد يتم اختطافها؟ هل من أجل طلب الفدية من والدها مثلا؟

ولكنها ليست من أسرة ثرية، هي مجرد فتاة عادية بسيطة من أسرة عادية للغاية، والدها مجرد عامل صيانة في مرآب لإصلاح السيارات القديمة.

ووالدتها ربة منزل بسيطة لا تعمل على الاطلاق، وتمتلك أخً واحداً وهو لايزال صغيراً ويدرس في المرحلة الابتدائية، لماذا سوف تتعرض لهذا الاختطاف؟ ألا يعرفون من هي؟ هل تم الخلط بينها وبين شخص آخر أم ماذا؟

بلعت تلك الغصة التي علقت في حلقها وحاولت أن تخرج صوتها المكتوم وهي تنظر إلى الرجلان اللذان دخلا إلى الحاوية واقتربا منها لتقول بصوت مهزوز:
"من انتم وماذا تريدون مني؟"

ولكنها لم تتلقى جواباً منهما، اقترب أحدهما منها وكان رجلاً طويلاً أسمر اللون مد يده وأمسك برقبتها ليقربها منه.

نظر إليها بنظرات شهوانية جائعة قبل أن يرسم ابتسامة جانبية خبيثة وهو يقول بسخرية لاذعة لرفاقه:

"تباً يا شباب لولا أن الزعيم أكد على إحضارها إليه سالمة لكانت الليلة تحتي وفوق سريري تصرخ باسمي واللعنة.."

ضحك رفاقه من خلفه بينما هو كان يلعق شفتيه بشهوة، لتشعر هي بالعرق يتصبب من جسدها بقوة وقدماها بدأت تضربان في بعضهما من شدة الخوف، يبدو أنها واقعة في مصيبة كبيرة.

تجمعت الدموع في مقلتيها الخضراء وأنذرت بالسقوط على خدودها الحمراء الندية، وعلى الرغم من ذلك لم تظهر ضعفها أو خوفها أمامهم، بل ضلت تنظر إليهم بجمود وهي تحاول أن تخفي ذلك الخوف داخلها.


نفضت يد الرجل بقوة بعيداً عن عنقها لتقول له وهي ترفع اصبعها في وجهه بتحدي :

"إياك ولمسي مجدداً"

ابتسم الرجل بسخرية لاذعة وهو يتمتم بنشوة :
" قطة شرسة"

اقترب منها ذلك الرجل الذي كان معه ليوقفها على قدميها ويدفعها إلى الأمام لكي تسير، ولكنها عاندت ووقفت في مكانها وغرست قدميها في الارضية بقوة.

نظر إليها بغضب وشهوانية شديدة فاللعينة كانت تمتلك جسداً يخضع له اقوى الرجال، نفض رأسه وهو يتذكر شبح زعيمه ليهدر بها بقوة وهو يقول بصوت غليض:

"أُصمتي وتحركي إلى الأمام.. هيااا"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي