همسات الشفاه

سابرينا`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-05-26ضع على الرف
  • 30K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول صدفة

نسمات الهواء الطلق ضربته ضربًا خفيفًا على وجهه، وداعبت الرياح ملابسه الخفيفة، نظر بشرود يتأمل موجات البحر، المياه الزرقاء الصافية تلمع بسحر جميل تحت أشعة الشمس.

فهو أحب رحلات الصيد بسبب حب والده للصيد، وتحول هذا الحب إليه عبر مرور السنوات، وصار جزء لا يتجزأ منه، فهو لم يشتكي أبدًا من البقاء بمفرده مهما مر من الوقت.

وكلما ذهب إلى الصيد، وعندما يكون في عرض البحر يتملكه أحساس بأنه عاد إلى موطنه الأصلي، حيث يشعر بالراحة والهدوء والطمأنينة.

عاد إلى كل ذكرى سعيدة مع والده، وهو الوقت الذي يخرجون فيه سويًا الى البحر في رحلة صيد، و العودة إلى منزلهم البسيط المتواضع القريب من شاطئ البحر.

زم شفتيه بعبوس، عندما رجع ببعض ذكرياته إلى الوراء، حيث عام مضى، عام الحزن كما قام بتسميته، السنة الذي فقد فيه أباها، الوقت الذي تدهور فيه وضعه الصحي، وأصبح مريض جدًا، ولا أمل في شفائه ولم يتبقى له في الحياة سوى أيام معدودة.

وعندما أيقن والده أن أجله قد حان ،طلب منه إخراجه من المشفى، والعودة به إلى منزله لكي يقضي ساعته الأخيرة في أحب مكان على قلبه، حيث الشمس الدافئة والهواء النقي العليل.

فهو قضى مع أباها أوقات مليئة بالحب والمرح، حتى رحل عن الحياة بعد معاناة مع التعب، ومعاناة في قلة المال، تاركًا فجوة لا يمكن علاجها داخل قلبه المشوه.

ووقتها فقد الفؤاد طفولته وبراءته، حرك رأسه بخفة لكي يقوم بإيقاف تدفق شريط ذكرياته المرير، أخذ نفس عميق ليستعيد بعض هدوئه.

نظر حوله فرأى الليل قد أقترب، تفاجئ بمرور الوقت دون أن يشعر، فلقد شارفت الشمس على معانقة الأفق بعد ما توشحت بلون حزين فقد حان وقت ظهورها، و ترك مخبأها الهادئ.

حرك أدوات الصيد جانباً ثم أمسك المجداف، لكن يديه توقفت عن الحركة، عندما التقطت أذنه صوت شخص يستغيث في عرض البحر، دون أن يفكر أمسك المجداف مرة أخرى، وأخذ يجدف بسرعته القصوى، المسافة حيث سمع الصوت كانت على مسافة بعيدة منه.

التقطت عينيه ظل شخص يغرق، ويخت يغادر المكان، من المحتمل لم يشاهدوا سقوط هذا الشخص عن اليخت، تعالت دقات قلبه، ودعى ربه أن يستطيع إنقاذه هذا الشخص، شعر في قرارة نفسه أنه أصبح مسئول عن حياة شخص ما.

عندما أقترب منه، قفز مباشرة من على القارب، وعندما أمسكه، توقف هذا الشخص عن الحركة للحظات، عندها أدرك أنها أنثى بين ذراعيه، فالغريق كان فتاة وليس رجل كما ظن في البداية.

كانت كلوح الثلج بين يديه تتنفس بضعف، وأخذت تتمتم بكلمات غير مفهومة قبل أن تفقد الوعي بين ذراعيه.

وفي مكان آخر.
كنت تقترب من منزلها بخطى مسرعة، وهي تمشي سمعت من يناديها التفتت ورائها ببطء لترى حياة وهي تبتسم لها قائلة:
-كيف حالك يا سيدة زينات، لم أراك منذ فترة طويلة، أين كنتِ غائبة؟

ردت عليها قائلة:
-الحمد لله ياحياة، أنا في أحسن حال، والصحة بخير.

-إذًا لماذا لا أراك في السوق كالمعتاد؟

ضحكت زينات وهي تقول:
-أصبحت لا أمكث في المحل كثيرًا، آلان إبراهيم يتولى جميع شؤون المحل، وأصبح وجودي لا داع منه، فهو رجل آمين، يعتمد عليه، وأنا أصبحت امرأة عجوز، وأحببت الراحة، والبركة في إبراهيم لا يجعلني أحمل هم العمل.

ردت عليها حياة بابتسامة خفيفة:
-نعم، إبراهيم شاب يعتمد عليه، وشخص ذكي وأتوقع له في المستقبل أن يكون شخص ذو شأن، وأن يكون له مشروعه الخاص، وأعتقد أنه سوف يترك عمله في المستشفى.

أشعر أنه سوف يكون رجل أعمال ناجح، ولا أريد أن أسمع منك كلمة عجوز مرة أخرى، وكما نقول عندنا البركة في العجائز، ولذلك سوف أبحث لك عن عريس يعيد لكِ بعض الشباب.

قهقهت زينات ضاحكة، وهي تقول:
-اصمتي يا عديمة الحياء، أنا أصبحت عجوز ولا أصلح للزواج، ولكن الفتيات الصغيرات مثلك هن الأصلح للزواج، أنا أرى لكِ عريس يا فتاة، عريس مثل المصارعين، وأيضًا وسيم.

شاركتها حياة الضحك، ثم ردت عليها قائلة:
-ومن هذا العريس تعيس الحظ؟ أكيد أمه قامت بالدعاء عليه في ليلة القدر.

نظرت لها زينات بفضول لترى رد فعلها، ثم قالت بهدوء:
-لا يوجد سوى عريس واحد، أسمر، الرجل يتمنى رضاك ويريد الزواج منك.

زينت ملامح وجهها البيضاوي الغضب، ثم بلهجة قالت منفعلة:
أنا لا أوافق عليه أبدًا، وكما قلت لك من قبل، أنا أيضًا الزواج لا يصلح لفتاة مثلي.

أنا أفضل أن أحمل لقب عانس عن لقب متزوجة، وعندما يتحدث معك مرة أخرى، أخبريه أنني لا أفكر في الزواج، وهي تعيش فقط من أجل تربية ابن أختها.

قالت زينات في محاولة ضعيفة لإقناعها:
-يا مجنونة، الرجل يتمنى رضاك وسوف يفعل المستحيل من أجل سعادتك، وسوف يلبي كل طلباتك، هو قد أخبرني أنه سوف يتكفل بكل مصاريف أختك وابنها، إذا وافقت على الزواج منه.

ومن أجل عيونك يا حياة، هو مستعد أن يفعل أي شيء من أجل كلمة واحدة منك، لا تتكبري على النعمة يا حياة حتى لا تزول من وجهك، هناك الكثير من فتيات المنطقة يتمنين الزواج من رجل مثله.

ردت حياة بضيق:
-وأنا لست مثل أي فتاة، أنا حياة كل شباب الحارة يريدون الزواج مني.

قالت لها زينات:
-كفى غرور يا فتاة، فقطر العمر يمضي والجمال يزول، هل أخبرك بميزة أخرى لديه؟ هذه الميزة سوف تجعلك تفكرين مرة أخرى في الزواج منه.

سألت بامتعاض:
-وماهي هذه الميزة التي لديه يا سيدة زينات؟

ردت بلهجة حنونة:
–الرجل يتيم الأب والأم، وسوف يكون مثل الخاتم في اصبعك الصغير، لا يوجد والدة زوج تنغص عليك حياتك، سوف تكونين ملكة بيتك.

قالت بتصميم:
-مهما قلت من مميزات لن أوافق عليه كزوج، وأريد منك أن تخبريه بهاتين الكلمتين، حياة لن تتزوج.

قالت زينات بوجه بشوش:
-كل ما أريده منك هو التفكير فقط.

هزت رأسها بالنفي وهي ترد:
-مستحيل، لن أفكر أبدًا في الزواج منه.

-أنت فتاة كئيبة، تحبين الفقر والغم.

-أنا أحب الغم والفقر، أنا أعشق الفقر والكآبة، أرجوك يا حاجة زينات لا تتحدثي معي في هذه السيرة مرة أخرى.

أردفت زينات وهي تتنهد:
-لن أتحدث مرة أخرى، واللهم أصلح حالك يا ابنتي.

ابتسمت حياة، ثم قالت:
-آمين يارب.

نظرت لها زينات بتمعن واضح، وهي تأخذ تفاصيل جسدها الماثل أمامها، ثم قالت:
–أريد منك معروف يا ابنتي، أريد قطعة من ملابس البيت الخاصة بك، وأيضًا طرحة، هناك حالة إنسانية تحتاج بعض ملابس البيت.

ردت عليها حياة بابتسامة:
-طبعًا لدي، كل طلباتك مجابة يا سيدة زينات، أنتِ خيرك عليَّ كثير.

قالت زينات:
-جزاك الله خير يا ابنتي، لا تردين طلب محتاج.

سألت حياة بفضول:
-هل يمكنك إخباري لمن هذه الملابس؟

ردت بخفوت وهي تقول:
-سوف أخبرك، ولكن لا أريد أن تتحدثي مع أحد وتقولي له كلامي هذا.

قالت حياة بصوت خافت بعض الشيء:
-كلامك في بئر عميق، ولن يخرج من بيننا نحن الاثنتين، فأنا كما تعلمين كاتمة جيدة للإسرار.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي