الفصل الثاني

مضت النصف ساعة في الحافلة على عجل دون ان تحس دينا بها توقفت الحافلة امام المشفى الوطني و نزلت منها دينا نظرت إليها فإذا هو بناء ضخم منظره مهيب و سيارات الاسعاف مركونة امامه تملئ الباحة الأمامية ..

شدت يدها على كتف حقيبتها و اخذت نفسا عميقا و تقدمت نحو الباب الرئيسي بخطة راسخة و متوكلة على الله

دخلت دينا إلى المشفى و توجهت إلى قسم الإستعلامات و سألت عن مكتب المدير
توجهت دينا إلى الطابق الثاني حيث هو مكتب المدير دخلت و وقفت في مكتب السكرتيرة الخاصة بالمدير ريثما تستأذن لها بالدخول

طرقت السكرتيرة باب المدير و دخلت

السكرتيرة : سيد بشار هناك فتاة في الخارج اتت لأجل وظيفة الممرضة الشاغرة

بشار : دعيها تدخل

خرجت السكرتيرة و نادت على دينا لتدخل إلى مكتب المدير

السكرتيرة : تفضلي بالدخول المدير بانتظارك

دينا : شكرا لك

دخلت دينا إلى مكتب المدير بخطوات صغيرة مرتبكة
دينا : صباح الخير
بشار : صباح النور تفضلي بالجلوس لو سمحتي

تقدمت دينا و جلست على أحد الارائك المقابلة للمكتب و شبكت بيديها و جعلت تهدأ نفسها

لاحظ بشار ارتباكها فبدأ بالكلام : تفضلي اخبريني عن نفسك يا انسة دينا من فضلك

ابتلعت دينا ريقها و اخذت نفسا عميقا و بدأت بالتعريف عن نفسها : اسمي دينا
متخرجة من جامعة دمشق للطب و درست ثلاث سنوات في معهد الرازي للطب
قدمت امتحاناً نظريا قبل عدة ايام و اخذت شهادة قبول في التمريض و ها هي اوراقي شهادة التخرج و اوراق المعهد و شهادة القبول ..


مدت يدها و وضعت اوراقها على المكتب
فتناولهم المدير و وضعهم امامه

بشار : اكملي كلامك كيف عرفت انه يلزمنا ممرضات

دينا : في الحقيقة هي إحدى الصديقات هي من اعطتني جريدة بها اعلانكم عن شواغر في المشفى

بشار : و اين تحبين ان تعملي ؟ في أي قسم اقصد

دينا : افضل ان يكون قسما للأطفال او للنساء فقط

بشار : افهم منك انك لا تودين العمل في قسم الرجال ؟

دينا : اجل لو امكن ذلك حضرة المدير ..

بشار : طبعا ممكن هذه حريتك الشخصية و لا احد يمكن له ان يملي عليكي موقع عملك ،

يمكنك مزاولة عملك من اللحظة هذه ستكونين تحت التجربة لمدة اسبوع مع سريان راتبك من هذه الساعة ...

بالإضافة إلى ان راتبك سيكون ثلاث مأئة دولار حاليا و كل ما وجدنا منك اخلاص في العمل و انضباطا سيكون لك علاوات و محفزات ..

دينا : حسنا هذا يناسبني

بشار : إذا على بركة الله ، تفضلي ضعي توقيعك هنا و اكتبي بياناتك الشخصية من فضلك

فعلت دينا كما طلب منها المدير ..

وقف المدير و تناول الأوراق و وضعهم في درجه الخاص ثم مد يده لمصافحة دينا فشعرت دينا بالحرج و خفضت رأسها

فعلم بشار انها لا تصافح الرجال ...
ابتسم بشار و قال لها : ما شاء الله ظاهر عليك الادب يا انسة يمكنك الذهاب الان ستصطحبك سكرتيرتي لجين إلى مكان عملك و اعتبري هذا اليوم للمراقبة فقط و التعلم و غدا ان شاء الله يوم جديد ..

رفع بشار سماعة الهاتف و طلب من السكرتيرة ان تدخل : لجين تفضلي بالدخول من فضلك

طرقت لجين الباب و دخلت

بشار : خذي دينا إلى قسم النساء للعمل ممرضة هناك و ساعديها على التعرف على المكان

لجين : حاضرة يا استاذ ،

مضت دينا برفقة لجين و هي تتلفت في كل اتجاه في الحقيقة هي قلبها ضعيف و رقيق ولا تستطيع رؤية مشاهد الالم والضعف حتى على وجه الغريب و لكنها مهنتها و سوف تفرض عليها ان تكون اشد قلبا و اصلب بأساً ..

و بدا اول يوم عمل لدينا ....


في هذه الأثناء كان محمد قدز تناول فطوره و جهز نفسه للذهاب إلى عمله اعاد النظر في الرسالة التي وصلته من دينا التي وصلته في الليلة الماضية جلس على الاريكة في غرفة المعيشة يقرأ ما وصله من دينا

شعر بصدق كلمات دينا و أحس بإشارة ما في طيات كلامها ..

وضع الهاتف في جيبه بعد ان ارسل لها "

" كلامك رائع و احساس مرهف من العيار الثقيل اتسائل كيف تعلمتي كتابة هذه الاسطر و من اين تأتين بكل هذه الروعة " ..

خرج من منزله و توجه نحو الطابق السفلي حيث يسكن العم اسماعيل اراد ان يوقظه و ياخذ منه مفاتيح بقاليته ليجلس له فيها ريثما يحضر هو إليها
طرق الباب : عماه عماه ..

اعاد الطرق مرة اخرى فسمع صوت دبيب على الارض ووقع خطوات بطيئة فعرف ان اسماعيل قادم

فتح اسماعيل الباب و نظر فإذا هو محمد : اهلا محمد صباح الخير تفضل تفضل

محمد : سوف اذهب للعمل اعطني مفاتيح دكانك

اسماعيل : ادخل لقد جهزت الشاي نشرب كأسا ثم نذهب سوية ...

محمد : كما تريد بسم الله ،

و دخل محمد خلف اسماعيل ألى المنزل جلسوا على طاولة صغيرة يحتسون الشاي ..

شرب اسماعيل كأسا من الشاي و توجه لغرفته ليبدل ملابسه

استغرق الامر بضعة دقائق و من ثم خرج اسماعيل من غرفته و توجه بصحبة محمد إلى العمل

اسماعيل : هيا يا محمد لقد جهزت نفسي

نظر محمد نظرة ممازحة لإسماعيل و وضع يديه في جيبيه و هو يمشي في تمايل و قال له : اتعلم يا عم البيت ينقصه امر واحد

اسماعل : و ما هو ؟
ضحك محمد حتى كادت تتفتق اشداقه و قال : ينقصه زوجة جميلة لعوب تضفي عليه بعد الحياة والمرح

ضحك اسماعيل و قال : اما انا فقد تزوجت و جربت ذلك الشعور
و اما انت ايها الطفل المدلل فسوف تصبح كهلا و لم تتزوج بعد ...

شرد محمد و سكت لبرهة ثم قال : و من يتزوج هذه الأيام ؟
اردف قائلا : هذا ما كان ينقصني ان يأتي من ينكد علي حياتي

اسماعيل : هيا هيا يكفيك سخافة سوف ازوجك هذا العام شئت ام ابيت اريد ان ارى ابنك قبل ان اموت

محمد : ما هذا الكلام يا عم بعد عمر طويل

و مضى محمد برفقة اسماعيل إلى اعمالهم بعد ان صارت الشمس ضحى في السماء
...

كانت ريان قد هدأت بعض الشيء و سكن عنها الألم قليلا ...

طرق رافع باب حجرتها بعد ان استأذن من الممرضة ان يدخل إليها لينظر حال ريان و يطمئن عليها و يسألها عن ذلك الطبيب قبل ان يذهب لقسم الشرطة و يقدم افادته


كان المنبه يرن في جانب رأس خالد منذ عشرة دقائق إلا انه لم يسمع صوته بسبب شدة تعبه

وقفت سمر خلف باب حجرة ابنها خالد تطرق الباب طرقته مرارا فعلمت انه لا زال نائماً فتحت الباب و دخلت اليه لتوقظه

سمر : خالد خالد قم يا بني
سمر : هيا الساعة العاشرة صباحاً

فتح خالد عينيه و رفع رأسه و نظر حوله
: ماذا هناك يا امي ؟
سمر : لقد وصلت الشمس لكبد السماء هيا

انتفض خالد من مكانه : ماذا ! !
كم الساعة ؟ يا إلهي لقد تأخرت

سمر : تاخرت ؟ على ماذا تأخرت يا بني

خالد : ساخبرك لاحقا

سمر : لن تذهب قبل ان تخبرني بكل شيء عن ريان و وضعها الصحي اجلس هيا

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي