الفصل الرابع (من يكون)

عادت من ذكرياتها لهذا البغيض لتتحدث بهمس وخجل مفرط :

- لا أعلم ما أصابني في تلك اللحظة، لقد شعرت بسائر جسدي يشتعل غضباً وهذا شيء جديد علي وبعيد كل البعد عن طبيعتي فأنا هادئه وخجوله وقليلة الإنفعال ولكن ما فعله ذلك السمج أجبرني على الغضب بل والتحول إلى مصارع شوارع أتجول وأنا أحمل عصى بيداي

ضحكت أيلا ملئ فاهها وهي تنهض لتجلس بجانب الأخرى تربت على كتفها بهدوء مشيرة إلى الباب بمرح مردفه :

- إذا يكفي مغامرات اليوم أيتها الخارقه، فلتغلقي الباب فأنا مجهده جداً وأود النوم قليلاً فاليوم كان شاق ومرهق 
ظؤن.نؤ.نمننؤج ز.ن،ج.فؤ
نظرت إليها هاندا بحنق لتضربها على كتفها بغيظ وهي تنهض لتقف على قدميها أمام الفراش ترقص خصرها بحركه خفيفه ومثيره قائله بمرح :

- لا عزيزتي، فأنا سأنام اليوم بمنزلي وغرفتي لدي موعداً للقاء بعض الأصدقاء عبر إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعي

انتفضت أيلا بزعر وتقدمت بلهفه إلى هاندا تقبض على ذراعها بقوه تتشبث بها، اندلعت نيران الخوف تنهش قلبها  وفكرة ذهابها وتركها للمبيت بمفردها كافيه لإرتجاف قلبها بين اضلعها بهلع وقد استرجع عقلها عندما صدح همس صوت خشن بالهواء يهمس بإسمها وأخرى عندما شعرت بملمس يد خشنه على طول ظهرها وقد حاولت تجاوز الأمر واقنعت نفسها بأنه لا داعي للقلق والتوتر بشأن ذلك فهو من نسج خيالها وقلقها المفرط حول حكاية الشقه المسكونه والتي كانت هاندا تنام معها منذ أول يوم لها بها واليوم قررت الذهاب ليكون أول يوم لها بمفردها بالشقه، تركت ذراع هاندا تنظر إليها بهدوء وقد تمالكت نفسها وهي تبث بداخلها بعض القوه لمواجهة أي كان يجب أن تمر بتلك التجربه حتى تأكد لنفسها بأنه لا شيء يدعو إلى الخوف هكذا أقنعت نفسها بعد أن طمئنت هاندا التي سألتها عما أصابها وودعتها أيلا بقلق كانت تحاول إخفائه بإستماته حتى خرجت هاندا وأغلقت الباب خلفها لتلتفت تنظر إلى أرجاء الشقه بقلق بالغ لتبدأ بقراءه القرآن الكريم جهراً بصوت ناعم وخشوع ساعدها على   راحة قلبها وإرخاء أعصابها تجولت في الشقه وهي تواصل قراءة القرآن بخشوع وجمال صوتها يجبر السامع على الإنصات لتتوغل أكثر وتندمج فيما تفعله بالمطبخ من أكلة لذيذة سريعة التحضير دون وعي لمن يقف بالخلف يتكأ على طاولة الطعام بالمطبخ يستمع إلى صوتها المريح وقراءتها الجميله للقرآن الكريم بإتقان وخشوع يبعت في نفسه الراحه ودون شعور من الآخر نطق بصوت أجش رخيم :

- يا إلهي، كم ساحر هو صوتك يا فتاه

انتفضت أيلا بزعر في وقفتها وقد تخشب جسدها وقد وصل إليها صوت رجولي خشن هادئ نفضت رأسها يميناً ويساراً نافيه ما سمعت وانعقد لسانها وتوقفت عن ترتيل آيات القرآن الكريم حاولت تمالك نفسها وهي تهمس بإرتجاف واضح بصوتها :

- اهدئي قليلاً أيلا، لا يوجد شيء هذا من وحي خيالك وخوفك فقط التفتي هيا لا يوجد ما يدعو للذعر هيا 

كانت تلتفت ببطئ وهي تهمس بذلك مغمضة العينين بدأت بفتح عينيها بهدوء وهي ترتل بعض آيات الذكر الحكيم بداخل قلبها تحصن نفسها ضد أي خطر قد يواجهها ولكنها انتفضت وعادت إلى الخلف بجزع تنظر إليه وهو يشبك ذراعيه أمام صدره يطالعها بقوه وثقه وكأنه ليس دخيل في منزلها تجولت بعيناها على ملامح وجهه وجسده بعدم تصديق يا له من وسيم ولكن ما زاد تعجبها وذعرها هو كم الوشوم القاتمة والمخيفه التي تملئ جسده الضخم وعنقه الطويل هل هناك لص بتلك الوسامه والجاذبيه نفضت تلك الأفكار تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم مستغفره ربها قائله بغضب شديد :

- من أنت وكيف دخلت إلى هنا، هل انت لص؟

أرتفع حاجبه الأيسر بتعجب عندما اندفعت تهرب من أمامه صارخه بجزع تطلب النجده لتصل إلى باب الشقه تحاول فتحه ولكنها لا تستطيع يداها ترتعش بشده وقلبها يخفق بعنف تجزم أنه أستمع لوقع نبضاته التي تضرب جنباتها بضرواة شعرت بخطواته تقترب منها فإلتفتت تنظر إليه قابضه على المزهريه الموضوعه على الطاوله المجاوره للباب ترفعها امام وجهه تحذره من الإقتراب منها اكثر مما جعل ابتسامه خبيثه تشق ثغره وهو يسمعها تهدده قائله :

- لا تحاول الإقتراب اكثر من ذلك، أقسم بأني سأقتلك إن اقتربت مني أبتعد وأعترف من تكون وكيف لك الدخول إلى بيتي بدون إذن مني

- بلااااال، إسمي بلال

أجابها ببردو سقيعي لتنتفض بغضب تشير إليه إتجاه الباب :

- لا يهم من تكون، فقط ابتعد من هنا وغادر بصمت كما أتت وإلا اقسم لك بأني سأبلغ عنك الشرطه أيها اللص الوضيع

اقترب منها بسرعه البرق حتى أنها لم تستوعب حركته تلك فلم بستغرق للوصول إليها سوى ثانتين بينما المسافه بينهما كانت لا تقل عن الخمسة أمتار طرفت بعينيها بصدمه وقد اصبحت محاصره بين ذراعيه وبين الباب يقيد حركتها بجسده العضلي لتصل إليها رائحته العبقه التي بعثرت ثباتها ليهوى قلبها صريعاً لتلك الرائحه اغمضت عيناها بضعف وهي تحاول البحث عن قوتها ولسانها السليط في أعماقها لتدافع بهما عن نفسها ولكنها صممت إجبارا تستمع إلى همسه المثير وانفاسه الساخنه التي تضرب صفحة وجهها وعنقها :

- اهدئي أيلا، أنا لست لصا أنا بلال تذكري إسمي دوماً فأنا سأكون كالظل الذي يلحق بكي في كل مكان، ولا تخافي فأنا لن اؤذيكي مهما حدث أيتها اللصه الصغيره فأنتي من سرقتي قلبي وعقلي وبيتي ولكن أرحب بكي كن كل قلبي وسأكون سعيداً جدا بمشاركتك ذلك المنزل تصبحين على خير

مال على لتلفحها أنفاسه العطره لتشعر بها على شفتيها لتغمض عينيها بقوه وتضم شفتيها للداخل ظنا منها بأنه سيقبلها ولكن مر أكثر من دقيقه وهي مغمضة العينان ولا جديد يحدث فتحت عينيها ببطء ليقابلها الفراغ زاغت انظارها بكل مكان لا جديد يذذكر حتى أنها اتجهت بخوف تبحث بكل مكان بالشقه ولكنها لم تجده حتى أنها فكرت بأنه شخص من وحي خيالها ولا وجود له ولكن لمساته وما حدث ليس مجرد خيال بل واقع محتم ومخطوط بقلم أحمر شفاهها على مرآة طاولة الزينه الخاصة بها بجمل طويله جداً وكأنها رسالة غرام قرأت محتواها بقلب يخفق خوفاً وجنون :

- لقد انتظرتك كثيراً، أكثر مما تتخيلي وكنت قد فقدت الأمل بمجيئك، ولكن أتيت... أتيت لتأسرين قلبي وعقلي وروحي لا لتحرربني من أسري وسجني فأنا عاشق هائم بك منذ الوهله الأولى منذ أن خمست بإسمك واستنشقت عطرك عند بوابة البنايه أعلم بأن القلق والخوف الآن تملكا من قلبك وعقلك ولكن أعدك بأنه قريباً جداً ستحتل قلبك مشاعر أخرى أكثر قوه اي وهي العشق والإطمئنان

داعبت الدموع جفنيها بعد أن فرغت من قراءة الرسالة التي ضاعفت خوفها وقلبها بل وتيقنت الآن أن ما حدث حقيقي بالكامل سقطت الدموع بغزاره رغماً عنها وهي تتذكر حديث ألقته بوجهها تلك المرأة العجوز عن إنتظار أحداً لها لتحريره من سجنه وعذابه بل أكدت لها بأنها إن فعلت ستتفادى غضبه ولكن ستكون هي الضحيه الجديدة والوحيدة لتحرره، والآن بأي مأزق وقعت هي به كيف ستتصرف ومن يكون هذا هل هو جان؟ انتفض قلبها فزعا ولكن سرعان ما تمالكت نفسها وهي تهمس بإرتجاف بأنها تعلم كيفية التصرف والتعامل معه إذا كان من الجان، ولكن يا إلهي فهو كان يستمع إلي وأنا أقرأ القرآن الكريم ولم يتأثر بل أشاد بصوتي وكان يبدو عليه السعاده، يا الله رحمتك من يكون ذلك الشخص من يكون

________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي