شقة رقم 13

RadwaAshraf`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-08-01ضع على الرف
  • 82.5K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول (سكن ممتلئ)

ركضت خلف الحافله مهروله تستقلها بسرعه، ألتفت تنظر إلى والديها اللذان يركضان خلفها يهتفون إليها بقلق بالغ :

- انتبهي إلى حالك جيداً، اتصلي بنا كل يوم

نظرت إليهما بضجر تهتف بصياح : حسنا يا أبي، هيا الآن عودا إلى المنزل إلى متى ستركضون خلف الحافله بالله عليكما هيا عودا، سنخرج للطريق وهناك خطر كبير عليكما في الركض هكذا، عد يا أبي أرجوك ستتأذم حالتك 

توقف والدها ويدعى "عابد" يلهث ويأخذ أنفاسه بصعوبه يلوح لها بالسلام داعياً لها بالحماية والحفظ، فيما وقفت والدتها تتابع ابتعاد الحافله عن مرمى بصرها ثم تختفي تدريجياً حتى اختفت تماماً عن عينيها التي تذرف الدموع بغزاره ضمها "عابد" بحنان يهدئها قائلاً :

- أهدئي جينا ستكون بخير، ابنتنا قويه

رفعت انظارها إليه تطالعه بقلق ورفض لما يقول فهي كانت ترفض وبشده ذهاب ابنتها للدراسه بمدينه بعيدة عنهم حيث كان يراودها كوابيس مرعبه، وخوف تملك من قلبها عندما سمعت بإسم المدينه التي ستذهب إليها وتعلم بأنها إذا شعرت بالسوء ف بالتأكيد أن هناك طاقة سلبيه تحلق في الأجواء حول ابنتها، تتذكر بصغرها عندما كانت تلعب بإحدى الشوارع أمسكت بها مشعوذه عجوز معروف عنها في أنحاء قريتهم أنها مشعوذة منبوذة ولكن كل ما تقوله يحدث، حينها امسكت بإبنتها واخذت تصرخ بها قائله بظفر ومعرفة :

-" أنه بإنتظارك لن يهدأ حتى تحرريه، ينتظر منذ زمن بعيد أسرعي لتحريره ولكن احذري، عندما يتحرر من سجنه ستكوني أنتي الضحية البديلة اذهبي إليه وكوني مطيعه حتى تتفادي شره"

منذ ذلك الحين وهي لا تفارق ابنتها تحميها بروحها لم تسمح  لأي سوء بالمساس بها تعمل وتكافح مع زوجها حتى تدخلها أفخم المدارس الخاصة ولكن سوء حالة زوجها الصحية جعلته يتراجع عن العمل لعدم قدرته عليه لتكون هي وحدها العائل الوحيد لأسرتها الصغيره وبعد أن كانت "ايلا" مدللة والديها ترتاد مدارس التعليم العالي والخاص يحسدانها صديقاتها عليها، اصبحت تدرس معهم بنفس المدرسه العامة ولكن لم يتأثر مستواها العالي وكانت دائمة التفوق لتمنحها الوزارة التعليمية منحة دراسية كاملة لإكمال مسيرتها نحو التفوق بإحدى جامعات مدينة فيغاس لتحزم امتعتها وتذهب تحت أعتراض من والدتها وخوفها الشديد عليها ولكنها أصرت على الذهاب والسفر وقبول تلك المنحة لعدم قدرة والديها على توفير ما يعادلها او يوازيها من فرصة ذهبية كتلك الفرصة

تنهدت بحزن عميق تسمح عبراتها المتساقطه بوهن على وجنتيها ثم رفعت عيناها للسماء داعية بعاطفة اموميه :

- يا الله احفظ لي ابنتي، في رعاية الله يا صغيرتي

___________________

وبعد عدة ساعات من استقلالها الحافله إلى المطار وصعودها على متن الطائرة ف الرحله المتوجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً إلى وجهتها فيغاس الجميلة وصلت الرحله لتهبط الطائره بسلام، لتهبط هي من الطائره تنظر حولها بإنبهار بالرغم من أنها "مغربية" الأصل وبلدها تمتلك من الجمال ما يكفي لسلب العقول إلا أن فيغاس لها سحر خاص

انتهت من الإجراءات القانونية اللازمة حيال إقامتها في تلك البلدة لفترة ليست بقليله، خرجت من المطار تستقل إحدى مواصلات النقل العام حتى وصلة إلى وجهتها أي وهي جامعة الطب، حيث تدرس بإحدى أقسامها وهي بالتأكيد تريد  التخصص بالطب النفسي، دلفت عبر البوابه الرئيسيه واتبعت التعليمات على الحائط حتى وصلت إلى مكتب المدير وهناك دلفت بهدوء وخجل ليطالعه وجهه ذلك الرجل الستيني البشوش والحنون ويدعى "ديفيد" يرحب بها وبعد التعريف عن نفسها قدمت له أوراقها الرسمية وأوراق المنحة التي أتت بها لتتم إجراءات إلتحاقها بالجامعة والتخصص التي حلمت به بسهولة وسلاسة، ولكنه فاجأها حين ذكرت له أمر سكنها وسألته عن رقم غرفتها بالسكن الخاص بالطالبات بالجامعة عندها تحدث بأسف :

- آسف صغيرتي، يبدو أننا نواجه مشكلة هنا في السكن أنه ممتلئ بالكامل ولا يوجد أماكن متوفره لطالبة واحده بعد وهذا يعني أننا لن نستطيع توفير غرفة لكي بالسكن لدينا

صدمت من هذا الخبر فكيف ستتدبر أمرها، كل ما تملكه من أموال بالكاد يكفي طعامها ومصروفاتها الشخصيه لهذا الشهر لم يكن في الحسبان عدم توافر سكن من أين ستأتي بالمال لتستأجر ولو غرفة بتلك المدينه الكبيره والتي من المؤكد أن غرفة على سطوح إحدى بناياتها ستكون بثمن منزلهم المتواضع، تحدثت بخوف ونبرة صوت يشوبها البكاء في حين كانت هناك سيده أربعينية تضع إحدى أكواب القهوة السوداء أمام المدير على المكتب تنظر لتلك الفتاه بشفقه :

- كيف ذلك، فأنا أتيت بتلك المنحة من المغرب وليس لدي أقارب هنا واعتمدت على سكن الجامعه ولا أملك ما يؤهلني من الأموال لإستئجار غرفة حتى بتلك المدينه إلى أين سأذهب بنفسي الآن هل سأبقى بالشارع، هيا أرجوك يمكنك تدبر الأمر يمكنني مشاركة أحد ما في غرفته لا مانع لدي

احنى رأسه بحزن حقيقي، هز رأسه نافياً قدرته على تدبر ذلك الأمر يجيبها بحزن وقلة حيله :

- آسف يا ابنتي، ولكن بالفعل كل الغرف تحتوي على خمسة أو أربعة فتيات وهناك غرف تحتوي على أعداد أكثر من ذلك ولا يمكنني العثور على مكان لكي فأولياء تشتكي علينا لعدم راحة أبنائهم لزحمة الغرف، وهذا ما دفعنا لتشييد بناء سكني آخر ولكنه في بداية تأسيسه ويحتاج لشهرين أو أكثر حتى يصبح جاهز للسكن به وقتها أؤكد لكي أني سأدبر غرفة من أجلك لكن الآن محال بالفعل حاولي تدبر أمرك فقط لشهرين

طفرت الدموع من عينيها بحسرة على حلم وأد في مهده حتى أنها لم تسنح لها الفرصه للسعاده بقبولها بهذه الجامعه الفخمه التي يرتادها نخبة المجتمع الراقي كما تصفهم في تلك المدينة الخيالية التي تمنت منذ الصغر زيارتها ولو لمره والآن بعد أن تحقق حلمها وحصلت على فرصة للدراسه والعيش بها لمدة أكثر من أربعة سنوات ضاعت فرصتها بعدم توفر سكن فأين ستعيش طوال الشهرين المنصرمين إذا لم تسكن في سكن الجامعه، اومأت له برأسها إيجابياً ووقفت تمسك بحقيبة يدها واتبعتها بحقيبة سفرها الكبيره متجهه للخارج ليوقفها صوت المدير قائلاً بقلق وجديه يبثها بعض القوه والمثابرة لتلتفت إليه تنظر له بمقلتين حزينتين تلتمع بالدمع والحسره :

- انتظرك غداً، بأول يوم دراسي لكي، أتمنى عدم استسلامك للوضع، وقدومك بالغد لتحقيق الهدف من سفرك إلى هنا

اومأت له برأسها إيجابياً والتفتت للذهاب لتخرج من مكتبه تمشي بالرواق المؤدي لساحة الجامعة فناء واسع ممتلئ بالكامل بالاشجار والمقاعد الجانبية لجلوس الطلاب بين المحاضره والأخرى، بينما هي غارقه في أفكارها المقيدة بما ستفعله الآن وإلى أين ستذهب وتبيت ليلتها الآن استوقفها هتاف عالي لسيدة ما لتنظر خلفها بتعجب، لتجد تلك العامله التي كانت بمكتب المدير تهرول خلفها بلهفة تقدمت منها تسألها بجدية :

- ما بك سيدتي، لماذا تركضين هكذا هل هناك شيء ما حدث اهدئي قليلاً التقطي أنفاسك، خذي لتشربي بعض الماء

ناولتها قنينة مياة مثلجه كانت معها، بينما استقامت السيده بعد أن كانت تنحني مستنده على ركبتيها تلهث بشده لركضها كل تلك المسافه بالإضافة إلى سنوات عمرها التي تخطت الأربعين عاماً ورغم رشاقتها إلا أن العمل الكد أخذ منها ما أخذه لتتوعك حالتها الصحيه إضافة لآلام عظامها الحديث اخذت منها قنينة المياه تشرب القليل لتغلقها فيما تهتف بهدوء وحرج :

- ادعى ساندرا، وأنا عاملة النظافة الخاصة بأعمال سكن الطالبات بالإضافة الى مكتب المدير، أعتذر منكي ولكني سمعت ما دار بينكما وأنا أملك الحل لمشكلتك إذا اردتي لدي سكن متوفر بثمن زهيد فقط مائة دولار في الشهر، شقة بنفس البنايه التي اقتن بها ولكن هناك مشكله بها كل من يسكن بها يتركها بعد بضعة أيام ولم يأتي ساكن واحد منذ شهور، مالك البنايه طلب مني إذا وجدت من يبحث عن سكن أن أخبره عنها ولكن كان علي قول الحقيقة لك أن لا أعلم ما يحدث حتى لا يسكن بها أحد ولكني اخبرتك والأمر بيدك

___________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي