الفصل الثاني كلهن خبيثات بنظرُه

أشفقت نادية على حالها ثم قالت بحنان:
ـ ماشي يا حبيبتي على راحتك أعملي اللي أنتِ عايزاه، تعالي أدخلي و أنا هندهلك براء من جوا

أومأت برأسها ثم دلفت للشقة التي كانت أفضل حالاً من شقتهم، أنتظرت و عيناها بالأرض بأدبٍ حتى اتى براء، و الذي لم ينتبه لبوادر دمعاتها عندما أزالتهما، و أسرع يرتمي بأحضانها يقول ببراءة:
ـ سيلااا! الحمدلله متأخرتيس عليا النهاردة!

أنزعجت نادية من قوله تردف بلوم:
ـ بقى كدا يا برا! يعني أنت يابني مش حابب قعدتنا و أنت بتلعب مع مروان!

أسرع براء يقول بتبرير برئ:
ـ مس قصدي كدا يا طنط، أنا بس بحب سيلا أوي وعايزها تفضل معايا!

أومأت له بحنان فاسرعت سيلا تحمله تقول و هي تنظر لنادية بأمتنان:
ـ ربنا ما يحرمنا منك أبداً يا خالتو نادية!

أبتسمت لها نادية تربت على ظهرها قائلة بحنو:
ـ يلا يا حبيبتي روحي شقتك و اقفلي على نفسك و خدي أخوكي في حضنك و نامي وبكرة نتكلم!

أومأت لها سيلا ثم سارعت بالذهاب لشقتها مغلقة الباب خلفها و من ثم دلفت لغرفتها حاملة براء الذي دفن وجهه في عنقها، وضعته على لفراش و من ثم أستلقت جوارها تحتضنه إلى صدرها بحنان أم سبحان من وضعه في قلبها، لا تعلم لمَ النوم لم يزورها رغم نعساها الشديد و لكن جفونها متوجسة من أن تُغلق، ظلت تفكر في بشاعة ما حدث لها اليوم، وما لحق بها من أذى، أذى أفعال وكلمات، كيف لها أن يتهمها بذلك الأتهام الحقير دون أن يرمش له جفن، كيف له أن ينظر لها بتلك النظرة الوضيعة و كأنها إحدى العاهرات التي تسير ليلاً باحثة عن شاب تجني المال منه، لو كانت تلك الفتاة لِما كانت نامت في هذه الغرفة، أو قطنت في تلك البناية على الأطلاق، لما أسنتجدت به و هي وسط خمسة شباب كالوحوش الضارية، كيف لها أن ينقذها و ينتشلها من تلك الحفرة، ثم يُلقي بها بحفرة أكبر و أوسع!! رُغماً عنها انهمرت الدمعات من عيناها، و هي تتذكر أنها باتت بلا عمل، و بالتالي هي مُعرضة في أيّ لحظة أن تُبيت بالشوارع هي و أخيها، نظرت له، بوجهه البرئ المشابه لوجهها، حانت أبتسامة على ثغرها ثُم قبلته على ÷حدى وجنتيه بعمق شديد وكأنها تتنفسها، وكأنها بحاجة لتلك القبلة التي تطمأنها! ظلت هكذا حتى نامت بعمق شديد

****

دلف من بوابة القصر المهيب والذي يشبه تلك القصور التي تأتي في أفلام الرعب، و رُغم أن تصميمه جميل و لكنه يعطيك شعور بخوف و أكتئاب فورما تراه، و لربما سيبقى محفور في ذهنك للأبد، تنحى بسيارته جانباً يوقفها بعشوائية، ثم أسرع مترجلاً منها و كل ما يحاوط ذهنه تلك الفتاة، رُغم براءة ملامحها إلا أن هذا ما يجعله يشك بها أكثر، فأكثر الفتيات ذوات الوجه البرئ يمتلكن قلب أسود و أفكار شيطانية تفوق الشيطان ذاته!! ذهب تجاه باب قصرُه بخطوات سريعة ثم دلف، ليسأل الخادمة التي كانت واضعة عيناها بالأرض أحتراماً له:
ـ أمي في جناحها؟!!

أومأت له الخادمة تقول بتهذيب:
ـ أيوا يا صقر باشا الهانم في جناحها، قولنالها تاكل وجبة الغدا بس الهانم مرضيتش أ[داً قالتلنا مش هتاكل غير ما حضرتك!

ذهب و تركها صاعداً للدرج العالي، متجهاً ناحية جناح أمه، أمه التي ليس له سواها، و التي يعتبرها قطعة آتية من الجنة!، هي المرأة الوحيدة في ذلك العالم التي يحترمها و يقدسها، ويعشقها من قلبه، غير ذلك يعاملهن و كأنهن خرقة ليس أكثر!!

دلف للجناح فلم يجدها، فعلم أنها بغرفتها، فأتجه ناحية الغرفة الواسعة ثم طرق الباب فأتى صوتها حزيناً تقول:
ـ مش عايزة أشوف حد!

دلف ينظر لها بلوم قائلاً بحنو:
ـ حتى أنا يا أمي مش عايزة تشوفيني!

نظرت له أمه بعيناها العسليتان و اللتان ورثهما عنها، و ببشرتها البيضاء تخالف سمار بشرتُه، عُلاوةً على ملامحها الجميلة و التي تشير أنها كانت فائقة الجمال في صُغرها، كانت أمرأة محافظة على وزنها رغم عمرها الذي يناهز الخمسون، قفزت اللهفة لعيناها فورما رأته غير مصدقة أنها أتى لها باكراً ففتحت ذراعيهاله تقول بحنان أموي شديد:
ـ تعالى يا صقر، أنا أقدر بردو يا حبيبي مشوفكش، دة أنا اليوم اللي يعدي و تبقى مشغول و متجيليش فيه ببقى مفلوقة من العياط!! أسرع لها صقر يحتضنها مربتاً على خصلاتها الناعمة الكثيفة، مقبلاً جبينها بحنان هو الأخر يقول بلطف:
ـ والله أنا ربنا يعلم لما مبشوفكيش بتبقى حالتي عاملة أزاي يا أمي، أنا عارف أني كنت مشغول الفترة دي بس النهاردة اليوم كله ليكي، جايلك بدري اهو مخصوص عشان أقضي معاكي أكبر فترة ممكنه و عشان متزعليش مني أبداً!! قوليلي بقى عايزة أ]ه و أنا هعملهولك من غير م أناقشك!
حاوطت وجنتيه تتامل محياه عن كثب، أبنها و وحيدها وفلذة كبدُها "صقر الرفاعي" أشهر رجل أعمل في الشرق الأوسط بأكمله و في عيناها أوسمهم، سندها بعد موت أبيه في تلك الحياة، عكازها في تلك الحياة، أغلى شخص على قلبها، و رغم أن له الكثير من العيوب و الأشياء التي تجعل من حوله يهابه و لكنها لازالت تحبه و تُحب عيوبه، مسدت على خصلاته تقول بحنان و أعين ددامعة:
ـ و الله يا صقر أنا ما عايزة حاجة من الدنيا غير أنك تبى جنبي و قدامي كدا و أشوفك و أفضل باصالك كدا بس!!

أبتسم لها يُقبل كفُها بلطف قائلاً بحنو:
ـ لو عليا يا أمي هعمل كدا و أفضل قاعد قدامك كدا وبس!

ثم نظر لها يقول بلوم:
ـ بردو يا أمي مش عايزاني أجيبلك بنت تقعد معاكي و تسليكي في الأوقات اللي مبكونش في البيت فيها؟!

قطبت حاجبيها تقول بضيق:
ـ أنت بردو مصمم يا صقر! يابني كل اللي بتجيبهوملي يا إما بييجوا عشان أنت أبني و عشان يشوفوا صقر الرفاعي بجماله و حلاوته دول كل يوم!

ضحك من قلبه يقبل مقدمة رأسها فأكملت بجدية:
ـ يا أما عشان الفلوس اللي هتديهالم، مافيش بنت واحدة جات و حسستني أنها بجد طيبة وبريئة كلهم FAKE!

لا يعلم لِمَ قفزت تلك الفتاة إلى عقله مباشرةً فور ذكر أمها للطيبة و البراءة، أٍرع عقله ينفي هذا لأمر ملوثاً تفكيره بأن لا يوجد فتاة بريئة على هذا الكوكب على الأطلاق! جميعهم عاهرات بأستثناء أمه بالطبع!، أخذ نفس عميق ثم هتف بهدوء:
ـ عموما! أنا نزلت أعلان في الجورنال و على النت على الموضوع دة، و البنات اللي هييجوا هقابلهم بنفسي، مش هدخلك أي حد غير لما أكون متأكد أنها هتعجبك مليون في المية

هزت رأسها بعدم أقتناع قائلة:
ـ أشك أن في بنت ممكن تعجبني، كل اللي بييجوا هنا بيبقوا مناخيرهم في السما وشايفين نفسهم!

قال بلطف:
ـ لاء المرة دي إن شاء الله هحاول أدورلك على بنت زي ما أنتِ عايزة!

أومأت له بقلة حيلة ثم جلسا يتسامران، و تلك الضحكة التي تزين ثغر صقر الرفاعي لا تظهر على وجهه سوى عند جلوسه معع أمه باقي الأيام يكُن حرفياً جامد الوجه متصلب الملامح بطريقة رهيبة!!

ظل معها لم يتركها حتى نامت، فدثرها بالغطاء جيداً متأكداً من كونها نائمة على وسادة وثيرة لا تُتعب رأسها، مال عليها يُقبل جبينها بحنان و أغلق جميع الأنوار عليها و ذهب، خرج متجهاً لجناجه الذي كانت لا يبعد كثيراً عن جناح أمه، ثم دلفه بهدوء يغللق الباب خلفه متجهاً لغرفته، جناحه كان يغلُب عليه اللون الأسود! لون أسود ممزوج بالرمادي يُشعر المبتهجين بالكآبة ولكن يشعره هو بالهدوء!!

وقف أمام المرآة ينظر لوسامته التي كانت دائماً ما تجعل الفتيات يرتمين أسفل أقدامه و هذا ما يجعله يشعر بالأشمئزاز ناحيتههن أكثر، ولكن تلك الفتاة .. تلك الفتاة لم تكن تنظر له، بل كانت دائماً تحدق في أناملها و كأنها تكتشفهم دون أن تنظر له، تضايق كثيراً من تفكيره الزائد عن الحد بها، ليقول لذاته بغضب:
ـ بنت زبالة زي أي بنت، مش ملامحها البريئة و لا ردة فعلها على كلامي اللي قولتهوله اللي هيغير فكرتي ناحيتها، متأكد أنها كانت ماشية في الشارع دة بمزاجها!!

ثم أسرع يحرر أزرار قميصه الأسود، لينزعه مظهراص عن عضلاته القوية و عضلات معدته السداسية، أمسك بالقميص متذكراً عندما كانت متشبثة به و كم الرعب الذي كان يملؤها! ألقى بذلك القميص جانباً ثم أخرج من جيب بنطاله علبة سجائر ثمينة، ووضعها بين شقتيه يشعلها بالقداحة الذهبية المالكها، ثم أخذ ينفث دخانها بشراهة مضيقاً عيناها ينظر للفراغ حتى فرغ من واحدة، ثم الثانية و من ثم الثالثة، هو مدمن بمرض لفافات التبغ، و هذا ما يؤرقه بحياته!

أتجه ناحية فراشه ثم ألقى بجسده عليه بتعب، حتى ذهب في نومٍ عميق!!

****

أستفاقت سيلا على رنين هاتفها صادح في الغرفة حتى براء أنزعج منه متقلباً فوق الفراش، فأسرعت تمسك بالهاتف الصغير ذو النوعية القديمة الطراز لتكتمه على الفور، ثم ربتت على كتف براء و نهضت مبتعدة عن الفراش، ثم وقفت في الشرفة تنظر لهاتفها المدون عليه أسم صديقتها الوحيدة"دينا" و التي تعشقها من كل قلبها، هي الوحيدة التي وقفت بجوارها في أشياء عدة، و هي الوحيدة التي كانت داعمة سنادة لها بعد نادية، كما أنها من جلبت لها العمل في ذلك المحل الذي لن تذهب له بعد الأن مطلقاً، أسرعت ترد على صديقتها واضعة الهاتف على أذنها تقول بلُطف:
ـ ألو، أيوا يا دوندون! عاملة أيه يا حبيبتي!

قالت دينا على الطرف الأخر بحُب:
ـ تمام يا سيلا أنتِ عاملة أيه يا قلبي وحشتيني اوي والله! مكلمتنيش ليهتنهدت سيلا بحزن عندما تذكرت ما حدث في ذلك اليوم المشؤم و الذي لا تريد تزكُره على الأطلاق، لتقول بصوت به بحة حزينة:
ـ أنتِ متعرفيش اللي جرالي أمبارح يا دينا، أنا كان ممكن أكون ميتة دلوقتي و الله!

شهقت دينا بخضة تقول منتفضة من فوق فراشها:
ـ أيــه!! أزاي يعني يا سيلا أحكيلي بسرعة!!!

قصّت سيلا عليها كل شئ، كل ما مرت به بدايةً مما فعل أبيه و تمزيقه لكتبها و أخذ المال منها كعادته، مروراً بما فعله مالك المحل بها، و ما كان من الممكن أن يحدث لها من قِ الخمسة شُبان لولا ستر الله و إرساله لذلك الرجل الذي أنقذها منهم، قصّت عليها كل شئ بالمعنى الحرفي و عندما وصلت للنهاية بكت بحُرقة و هي تقُص عليها الكلمات التي ألقاها ذلك الرجل بوجهها كالقنبلة الموقوتة!!

أسرعت دينا تقول بغضب ناري:
ـ و الله أبوكي دة معندوش دم!! و الراجل الزبالة الو** صاحب المحل دة لو شوفتُه في حتة هجرسُه يا سيلا، و الرجال اللي جيه أنقذك دة كمان أزاي تبقي في الحالة اللي انتِ كنتي فيه دي و ميكوتش و يقولك الكلام الأهبل دة!! بجد غبي و معندوش دم

أٍرعت سيلا تقول برجاء:
ـ أرجوكي يا ديما متشتميش بابا ولا الشخص دة، هو مهما كان و مهما اللي قالُه جميله في رقبتي ليوم الدين على وقفة الرجولة اللي وقفها معايا، لو كان حد غيره كان ممكن يخاف و يسيبني ويمشي! بس هو وقف قدامهم و كان هيضرب عليهم نار لولا أنهم طلعوا يجروا!!

قالت دينا تحاول تهدأة نفسها:
ـ ماشي يا سيلا يا حبيبتي خلاص أنا هحاول أهدى متعصبش، بس اللي عيشتيه أمبارح كان وحش أوي يا سيلا أزاي يقلبي قدرتي تتحملي دة كلُه!!

تنهدت سيلا بحزن شديد قائلة:
ـ الحمدلله يا دينا الحمدلله، أنا هقفل دلوقتي عشان أروح أعمل الفطار لبراء قبل ما يصحى!!

قالت دينا بحنان:
ـ ماشي يا حبيبتي و أنا هشوف ماما كدا و أبقى أعدي عليكي أرخم عليكي شوية و أقعد معاكي!

أسرعت سيلا تقول بطيبة وبراءة:
ـ ياريت يا دينا تيجي تنوريني والله هتغيريلي مودي كله!!

قالت دينا بحنان:
ـ أجيلك يا قلبي يا سلام هو أحنا عندنا كام سيلا!!

أبتسمت سيلا ثم ودعتها و أغلقت معه و تركت الهاتف ثم أسرعت متجهة ناحية المطبخ، فتحت الثلاجة و حمدت ربها أنها وجدت بيضتان سوف تقليهُما إلى براء، وستتحمل هي الجوع لا بأس، و بالفعل وضعت قطرات من الزيت في مقلاة أصبحت سوداء، ثم أفرغت محتوى البيض بها و وقفت جوارهما لكي لا تحترق، و عندما أنتهت حمرت رغيف من الخبز ثم أسرعت تخرج من المطبخ لكي توقظ أخيها، ربتت على خصلاته الناعمة تقول بحنان:
ـ براء .. براء حبيبي يلا قوم عشان تفطر!

نهض براء يفرك عيناه بطفولية ثم نهض معها، أجلسته فوق السفرة ثم وضعت أمامه الطبق، و أخبرته بضرورة إنهاء محتويات الطبق و هي ستذهب لكي تستحم، و هذا ما حدث بالفعل جلس يأكل أمام شاشة التلفاز الصغير و التي كانت على إحدى قنوات الخاصبة بالـ كارتون!

دلفت للمرحاض لكي تغتسل ثم أغتسلت على الفور و خرجت تلُ منشفة حول جسدها الأبيض، ثم أخرجت منامية من مناميتها المحدودة للغاية، لترتديها، ثم وقفت أمام المزينة تمشط خصلاتها الناعمة، و من ثم خرجت إلى أخيها لتجده أنهى طبقة يضحك ببراءة على الكارتون الذي يتابعه بأهتمام، قبلته من خصلاته ذات الرائحة الزكية، ثم أخذت الطبق و شطفته جيداً ووضعته في مكانه، و جلست جوار أخيها تتابع معه الكرتون حتى وجدت أبيها يقتحم الشقة بهمجية، ليسرع براء مختباً في أحضان شقيقته، بينما نظرت له سيلا بصلابة تقول:
ـ لو سمحت يا بابا على الأقل خبط قبل ما تفتح باب الشقة بالطريقة دي، براء بيخاف!!

هتف أبيها بحدة صارخاً بها:
ـ و أنتِ مال أمك أدخل بيتي زي مـ أنا عايز الله!!

لم ترد عليه أخذت أخيها في أحضانها تحمله ثم ذهبت تجاه غرفتها و أغلقت الباب ورائها، فبكى صغيرها بألم يقول:
ـ هو ليه بيستم ماما يا سيلا!

أبتسمت له سيلا و الدموع تُغرق عيناها:
ـ مش بيشتمها يا قلب سيلا!!

ثم مسدت على خصلاته الناعمة تقول بحنو:
ـ تعالى يا حبيبي نقعد في البلكونة نتفرج على الناس لحد ما هو يمشي!

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فأبيها لم يتركها بحالها بل دلف للغرفة بنفس الفظاظة بالضبط، ثم أقترب من سيلا وسط صراخ اخيها خوفاً عليها، و قبض على خصلاتها بعنف يقول بحدة:
ـ أنتِ يا بنت الوس** الراجل اللي مشغلك مداكيش فلوس أمبارح!!!

نظرت له بحزن قائلة:
ـ أنا سيبت الشغل!
شهق أبيها بصدمة ليرفع كفُه هاوياً على إحدة وجنتيها بصفعة عنيفة وسط صراخ براء الذي كان يشاهد هذا المنظر و هو يرتجف!، كتمت سيلا شهقة كادت أن تنفلت منهاكتمت سيلا شهقة كادت أن تنفلت مت من شدة ألم الصفعة، ثم وجدته يكاد يمزق خصلاتها من شدة قبضُه عليها يقول بحدة شديدة:
ـ يعني أيه سيبتي الشغل يا زبالة يا جزمة!! أنتِ أتهبلتي في عقلك زي ما أمك كانت هبلة و لا أيه!! أنزلي يا بت أشتغلي أي شغلانة و هاتيلي فلوس إن شاالله تبقي مع رجالة بس تجيبلي فلوس!!!! " أسفة جداً على اللفظ"

قيدت الصدمة لسانُها لترفع عيناها له غير مصدقة ما تفوه به على الأطلاق، كيف له أن يقول تلك الكلمات لأبنته! كيف!!، ألجمت الصعقة لسانها و لم تستطيع أن ترد، أكتفت بالصمت و هي تشعر بأن كلماته كانت كالدلو البارد الذي أُلقي عليها في فصل الشتاء!!، و بعد أن أنهى أبيها و الذي لا يستحق ذلك اللقب كلماته معها خرج و تركها، وخرج من الشقة بأكملها، تاركاً إياها متصلبة في مكانها، تنظر للفراغ أمامها و كأنها فقدت النطق، ليركض براء ناحيتها باكياً بألم شديد يعانقها بخوف و رعب من أبيه، فأسرعت تُخبئه في أحضانها تقبل رأسه و الدموع لا تجف فوق وجنتيها الملتهبة أثر لطمُه لها، أسرع براء يبتعد عنها ينظر لوجنتها الحمراء، ليُقبلها بشفتيه الصغيرتان ببراءة متناهية، فبكت سيلا لفعلته تضمه لها بأقوى ما عندها ساندا رأسها على كتفه الصغير!!

بعد قليل سمعت رنين جرس الباب فأبتعدت عن براء مقبلة جبينه ذاهبة ناحية باب الشقة و هي تعلم أنها دينا صديقتها، فتحت لها و هي تبكي، و فور أن رأتها دينا بتلك الحالة أسرعت تقول بقلق:
ـ سيلا!! في أيه يا حبيبتي!!

أرتمت سيلا في أحضانها تنهار في بكاء عنيف فأسرعت دينا تحتويها و هي تربت على ظهرها، ليأتي لها براء يقول بألم:
ـ دينا!! بابا ضرب سيلا تاني يا دينا!!

أخذت دينا الصغير هو الأخر في أحضانها تقول بضيق:
ـ حسبي الله ونعمة الوكيل فيه أشوف فيه يوم ما يتهنى أبداً في حياته البعيد!!

مسحت على خصلاتها بحنان،مقبلة رأسها تقول بحنو شديد:
ـ أهدي يا روح قلبي والله ما يستاهل منك دمعة واحدة يا سيلا! أهدي يا حبيبتي وكله هيعدي!!

تنهدت سيلا تمسح دمعاتها، ثم ألتفتت لأخيها و الذي يمثل لها كل شئ، تقول له بلُطف:
ـ براء حبيبي أنا هدخل أنا ودينا نتكلم شوية و هسيبك أنت قاعد قدام التلفزيون تتفرج على الكارتون اللي بتحبه أتفقنا يا روح قلبي!

أومأ لها براء بطاعة فسحبتها دينا للداخل ثم أغلقت الباب و اجلستها على الفراش ثم جلست أمامها تقول بحنو:
ـ احكيلي يا حبيبتي أبوكي عمل أيه تاني، أنا عارفة أنك مش هتفلهقي من العياط كدا عشان ضربك بس لأن أنتِ يا روح قلبي أتعودتي منه على كدا، أكيد عمل حاجة تانية هي اللي خليتك تعملي في روحك كدا!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي