الفصل السادس

راقبت شيرين عقارب الساعة و هي تمر في بطء مرضي شديد زاحفة في تكاسل ترفض أن ترحل تسحتث الليل أن يظل في عتمته وأحزانه تمارس سلطة الهيمنة وجلد الذات وارتجاع الذكريات تغزلها في هدوء وتلقيها على كتف شيرين فتثقل أحمالها و أوجاعها وتمشط سرابيل الحزن في العين فتتساقط دموع المقل بلا حدود وبلا رأفة لتكوي جرح القلب وتزيد في جمراته وتقلبه بلا رحمة فتزيد من رقعة ظلامه.
إن الوحدة طيف قاسي قد يستلذ به المرء في أول أوقاته وحين يستأنس طيف الوحدة أركان الذات يطمس على الروح
ويفرض سيطرة كيان الحزن على الجوارح شيرين بين ذكرياتها تجلس مثل أطفال صغار حظيت بهم بعد رحيل الزوج ولكنهم أطفال سيئين دائمي البكاء ينثرون طاقة سلبية في الوجدان
ويشيدون فوق جدار النفس خرسانة أسمنتية من الكآبة والألم وجه رشاد وهو يعرض لها
موضوع زواجهم كيف كانت تلك الأيام كانت شيرين لا تزال بجدائل معقدة للتو ركضت من الطفولة وعبرت حاجز المراهقة دون أن يلمس قلبها نبض الحب ودون أن يشغل خلدها شخص بعد أن أكل الهم قلبها برحيل والديها والعم رشاد الرفيق الطيب لأب يعرض لها بيت ودراسة وحماية بعد أن أنهار بيت والدها رأس على عقب وانتهت أحلامها في دخول الجامعة وانتهى الدخل الذي كان يأمن لها لقمة العيش فلقد كان المحل الذي يقع أسفل البيت هو مصدر النقود لهم لم تفكر شيرين كثير فقط كل الأفكار تتجه إلى أن الموافقة هي الجواب وليس العكس وان كان رشاد في حنانه وهدوئة الغي من كيان شيرين فكرة فارق العمر بينهم كيف تفكر هي في فرق العمر عام أو عامين أو عشرة أعوام من الفرق
هل يستطيع من لا فرق بينها وبينه أن يعوض حنان وحماية العائلة. ورغم سنوات العمر التي تشاركاها الأثنين استطاع رشاد بحنانه وتلبية ما تحتاج له شيرين بل أكثر ما تحتاجه والتي لم يكن يخطر على بالها لقد أزال حاجز بل لم يسمح له بأن يتواجد من البداية ساهم أيضا في عدم بناء الحاجز رضاء شيرين بأقدارها وعقلها الذي رفض أن يجنح بعيد عن منزلها
كانت نسخة طبق الأصل من أمها الذي أعطت كل ما تملك لعائلتها
ومضت بسفينة البيت إلى الأمان الدائم حتى في أحلك الظروف
الى أن أختار الله أن يكونوا في جواره. هكذا أتبعت شيرين اسلوب حياتها وكيف لا وهي لم
تخرج بعيد عن بيت أسرتها
كانت رشاد وشيرين زوجين يبدو للآخرين أن الزوج العجوز المسن أشترى الصبية الجميلة بنقوده وتهامست بعض النساء في مكر ولئم أن شيرين فتاة تعلم جيد أي صيد استطاعت أن تقتنصه وأي كنز قد استحوذت عليه رغم عدم اختلاط شيرين بالآخرين بناء على رغبة الزوج
ولكن أحاديث المشاهير تجد عند بعض الناس مادة نهمة،للكل يستلذون بصياغتها بين الأوقات وبعض الاحيان وتقام على موائد أحتفالاتهم اللغو والثرثرة التي يلذ بها طعم الأكل لم يصل شئ من كلماتهم إلى شيرين ولكن وصل الكثير والكثير إلى رشاد الذي رفض أن يرد بأي كلمة أو يبرر لأحد أمر زواجها فقط ظل الأمر سر بين كلاهما وظلت أسباب تمسك كل منهم لآخر قيد الآخر يلمسه في هدوء ويرفض أن يخبر به الآخر. لقد كان رشاد العامري قوي الشكيمة متزن القرارات لا يجد حرج في أن يقول كلمته وسط جمع من رجال الأعمال دون خوف ودون رياء خشية خسران صفقة أو إرساء مناقصة في ميزان حسناته كان كثير العطاء سخي اليد يمتلك نظرة ثاقبة للأمور المستقبلية
وذكاء يجعل ثروته في أزدياد
ولكن منذ ظهور منذر الشهير ب مراد في عالم دنيا الأعمال أختلت عجلة القيادة من زوجها هذا ما لمسته شيرين واضح في أموره في بادئ الأمر لم يقل زوجها شئ ولكنها أستمعت ذات يوم الى حديث هاتفي من زوجها وهي تضع فنجان من القهوة أمامه وهو يخبر مدير مكتبه أنه يعلم أن الصفقات الأربع الأخيرة قد ذهبت في قوى إلى رصيد منذر دون أن يعترض طريقة أحد فقط في مواجهه زوجها ومنذ هذى اللحظة استطاعت شيرين أن تدرك أن منذر هو غريم زوجها وعدو لدود لقد تم طباعة الاسم في ذهنها وظلل في مكانة رمادية غير بيضاء أو سوداء فقط في مكان مغلق رمادي فجميع صفقات زوجها تتم دون أن تعرف عنها شئ ولكن هذا الاسم جعلها تدرك أن المنافس لزوجها يتبع أساليب غير المتعارف عليها بين رجال الأعمال والإ كيف استطاع أن يبعد زمرة رجال الأعمال الذي يسيرون تحت لواء زوجها ويلقبونه بشيخ الرجال وتعجبت شيرين من صغر سن منافس زوجها ولكنها لم تكترث لهذا كثير
لقد جاء من الخارج يحمل جزمات من الأموال ولا تعلم مصدرها ولكنها تعلم جيدا أنه بلا أخلاق وما يعزز نظرتها له هو أسلوبه الفج الذي تحدث به مع زوجها وسمعت جزء صغير منه وما يثير حيرة شيرين هو ما فعله زوجها من إحضاره له في المشفى في أيامه الأخيرة.
انتبهت شيرين على الجريدة الصباحية التي تزج من خلف عقب الباب تنهدت في حسرة هي تنظر إلى خيوط النهار التي أعلنت عن ذاتها في هدوء وهي في غفلة منها مما جعل شيرين تسير في خطوات هادئة متثاقلة إلى الباب لتلتقط الجريدة التي كان زوجها حريص على قراءتها يوميا رغم كل وسائل الانترنت الحديثة التي تضع أمامه كل اخبار العالم في كفه فور حدوثها ولكنه كان يخبر شيرين دائما أنها
عادة لا يستطيع الإقلاع عنها منذ أن كان تلميذ في مرحلة الابتدائية يقرأها في صوت جهوري في الإذاعة المدرسية صباحا نظرت شيرين إلى النتيجة المعلقة على الحائط وهي ترى في أيام الأشهر أن الشهر كاد أن ينتهى وهذا يعني أنه منذ بداية الشهر سوف يتوقف مراسل الجريدة عن وضعها تحت عقب الباب فلقد كان زوجها يسدد ثمنها مقدما قبل بداية الشهر فانفجرت شيرين في البكاء وهي تحمل في يدها الجريدة ثم فتحت باب المكتب لتجلس في مكان زوجها خلف المكتب نظرت إلى صورة زوجها الموضوعه على المكتب ولمست أطارها في حنان أنه الإطار الذهبي الذي أهدته له في عيد زواجها الاول لمست بيدها عين زوجها في الصورة وتنهدت في عمق إن الصورة تبدو حقيقة فعلا وجه زوجها والتجاعيد الخفيفة حول العين أنها الصورة التي رسمتها لها زوجته الأولى فريال لقد كانت بارعة في الرسم موهوبه ومميزة به يكاد يكون رسمها حقيقي
غريب أن شيرين لم تسمع اسم زوجته الأولى الراحلة أو ابنته ليا خلال سنوات زواجهم ولكنها لمستها في أعماقه جيدا فاحترمت مشاعره وكانت في أوقات كثيرة تحترم شروده وترفض أن تسأله عن محتواه بل تتجاهل أن تطرق أبواب عزلته في الغرفة الشرقية من المنزل التي خصصها كلها وجعل منها أتيلية مغلق لزوجته
همست شيرين وهي تحدث صورة زوجها في حزن وألم شديد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي