أوراق الخريف السوداء

Hala elgamasssy`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-18ضع على الرف
  • 27.1K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الرابع

حين غردت العصافير فجر هذا اليوم لم تكن شيرين تعلم أن بعد ساعات سوف يتغير محور حياتها كله وسوف تواجهه من الأعاصير والحمم البركانية ما يفوق طاقتها وسوف تذوق طعم الضوضاء الممزوجة بارهاب الذات وتتكاثر فوق رأسها كافة الافكار السوداء وتغلق في جوارحها واحات الإطمئنان. كانت شيرين تراقب بعض المرضى في صحبة ذويهم من خلف نافذتها صوت ضحكات المرضى يحمل في داخله بشارة شفاء مصدرها دعم أفراد العائلة
غريب أن يسكن الالم مع ابتسامة
والأغرب أن تلتئم طعنات الجروح بالقرب من أشخاص نحبهم دواء الروح عميق جدا لا يقدر على فعله الا أشخاص مميزين راقبت شيرين طفل صغير يقبل جدته في لهفة وفتاة صغيرة في عمر المراهقة تحمل زهور إلى جدها المسن وشاب يحمل والدته في رفق ليضعها على أحد مقاعد الحديقة. جدران المشفى في أوقات كثيرة تكاد تبث دفء يزيح برودة الجو
هكذا شعرت شيرين وهي تتابع جولة قبل الظهيرة في المشفى اصطدمت عيناها ب صفوت المحامي يدلف في ثقة وثبات
عبر حديقة المشفى متجهاً نحوهم فهمست في أذن زوجها
المحامي قد جاء
فتح رشاد عينيه في هدوء وقال
هذا أمر جيد
سرت الدهشة في وجدان شيرين وتساءلت في لهجة تحمل عتاب لانه تظاهر بالنوم
كنت مستيقظ
أعقب رشاد
بين يقظة ونوم
هزت شيرين رأسها في تفهم وهي تدرك جيداً أن هذا يعني أنه كان يفكر في عمق تابعت شيرين
هل سوف تطلب مني أن أغادر
لم يجب رشاد ولكن صوت طرقات الباب ودخول صفوت جعل السؤال معلق في الهواء
نظرة واحدة من رشاد جعلت شيرين تغادر الغرفة حتى تترك الرجلان يناقشان أمورهم في هدوء في حين كانت شيرين تغلي من الحيرة لماذا يصر رشاد على أبعادها عنه في لحظات وجود صفوت ومنذر رغم أنه جعل أمر لقاءه بهم معلوم لها بل وجعلها هي رسوله لهم. تمتمت في دهشة
أرجو أخيرا أن تؤؤل الأمور على خير وفي هدوء يا زوجي الحبيب فلقد تعبت من جراء مرضك
وضعت تقوى يدها على كتف شيرين قائلة
هل جاء أحد اقاربكم ثانية
أرغمت شيرين ذاتها على عدم أطلاق صرخة فزع جراء لمسة تقوى التي انتشلتها من تفكيرها وقالت
لا نحن لا نملك أقارب
غمزت تقوى ب عينيها قائلة
صدقا تمنيت أن يكون الوسيم صاحب زيارة أمس قريب لي أنا
أعترضت شيرين
اذا علمت طباعه ما كانت هذى أبدا رغبتك
ضحكت تقوى في قوة وقالت
لا أظن هذا الفتى قوي ويمتلك قوة جاذبة
تاففت شيرين فاعقبت الممرضة
هل هو شقيق زوجك
هزت شيرين رأسها بالنفي وقالت
لا ليس لزوجي أشقاء من جاء أمس هو رجل أعمال منافس لزوجي وما بينهم مشاحنات أنا لا أعلم عنها شئ ولكن أكاد ألمسها بيدي ومن في الداخل الان هو المحامي
وضعت تقوى اصبع على جانب رأسها قائلة
أذن هناك أمور مشتركة بين الثلاثي أظن هناك صفقة سوف تتم بين الثلاثة
همست شيرين
لا يعنيني الصفقات ما يعنيني هو صحة زوجي
تمتمت تقوى في حرج
اعتذر منك سيدتي على تطفلي عليك كل أمورنا بيد الخالق واسال الله الشفاء للسيد رشاد
هزت شيرين رأسها في تفهم وقالت وهي تشاهد وجه الممرضة يحمر خجلا
لا بأس.
أسرعت شيرين في أنجاه غرفة زوجها بعد أن شاهدت صفوت يلوح لها بيده وهو يغادر كانت بضع أوراق موضوعه فوق فراش رشاد وهو يتابع بعض الاوراق في أهتمام عميق هتفت شيرين
هل الأمور قد تمت
رفع رشاد بصره لها لحظة ثم عاد ونظر الى الاوراق ثانية وقال في جدية
أجل هي كذلك
لملم رشاد الأوراق بيد مرتعشة فتقدمت شيرين لتحملها عنه وهي تقول
هذا جيد
أشار رشاد لها أن تضع الأوراق بالحقيبة ثم قال
لم أعهدك بكل هذا الفضول يا شيرين
زفرت شيرين ثم قالت مصححة له
هو خوف عليك صدقا
أبتسم رشاد وقال
تخافين على عجوز مثلي قلبك. حنون وضعيف يا شيرين
نظر الى النافذة وقال
كنت لتصبحين أم راقية مثل فريال لماذا لم تفكري في الإنجاب يا شيرين لماذا لم تلهثين وراء الأطباء هل خفت على مشاعري هل خشيت أن يقول لك الأطباء أن السبب هو زوجك.
تلعثمت شيرين وتساءلت
ما سبب تلك الكلمات سوف أجيب يا رشاد. كان وقتي ممتلئ بك لم أشعر بحاجتي إلى طفل هذا كل ما في الأمر
نظر لها رشاد في شفقة قائلا
كانت ليا جميلة أيضا ولكنها رحلت في وقت مبكر. ومعها أيضا فريال أنت مسكينة يا شيرين ليست الحقيقة هي ما تقولين أن الحقيقة مغايرة لهذا تماما لقد خشيت على أمانك الذي أفتقديه برحيل الأب
لهذا ترجمتي مشاعرك أنني كل ما تحتاجين لقد سجنتك في محراب ولكن ليس هذا هو المزعج حقا المزعج هو كيف سوف تتصرفين خارج المحراب
هذا ما أنتبهت له لقد جاءت الفكرة متأخرة ولكن يمكننا دائما اللحاق بالغربة الأخيرة من القطار
لم تفهم شيرين كلمات زوجها فقال في سرعة
أشعر براحة كبيرة وشوق اكبر لهم
تساءلت شيرين
من هم
تجاهل رشاد الرد عليها ثم قال
من سوف يمر الان ليعطيني الاقراص
أكدت شيرين
بعد ساعتين على الأرجح. سوف يكون الدكتور فادي
أشار رشاد الى النور قائلا
أغلقي الكهرباء لي رغبة قوية في النوم
امتثلت شيرين لإرادة زوجها وأسدلت ستائر النوافذ أيضا
وفردت جسدها على الأريكة في جوار زوجها وغفت بضع دقائق لدهشتها رغم أنها لم تكن ترغب في النوم أيقظها صوت زوجها يهتف باسمها في قوة تنهدت وفركت عيناها ونظرت له كان لا يزال نائم لا ريب أن هناك حلم مرت به في غضون تلك الدقائق
صوت طرقات الدكتور فادي تميزه شيرين دائما دقتين متتالين يحدثون صخب عال ثم لا ينتظر كلمات من أحد ويدخل مباشرة إلى المريض اتجه فادي إلى رشاد ثم نظر له في تعجب فلقد شعر بعدم صدور أنفاس له وضع السماعة على قلبه ثم هتف
في أسف
لا حول ولا قوه الا بالله
نهضت شيرين في سرعة وهي ترتعش ووقفت إلى جوار الطبيب قائلة
ما الأمر
نظر لها الطبيب في أسف وقال
انا لله وانا اليه راجعون
جحظت عين شيرين وقالت في غير تصديق
لا أنه بخير لقد طلب أن ينام ساعة واحدة
نظرت شيرين إلى ساعة الحائط ثم قالت
لقد كان الأمر منذ عشر دقائق فقط أنه لم يمت أنه بخير منذ يومين أرجوك أوقظه أو دعني أنا لأيقظه
دفع الطبيب جسد شيرين إلى الخلف قائلا
لقد مات منذ عشر دقائق زوجك رحل ارجوك سيدتي تماسكي أنها اقدارنا ويجب أن نتقبلها
ضغط الطبيب زر أخضر في جوار الفراش وهو يغطي وجه رشاد بشرشف ناعم قائلا للمرضات التي هرعت له
كونوا مع السيدة شيرين رجاء لحظات فقط على الاتصال ب صفوت المحامي حتى يتولى الأمور كما أوصاني رشاد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي