الفصل السادس نقاء

جلست سيلا على مقعدها ممسكة بذلك الكتاب الذي كانت تقرأه سيلين في أول مرة رأتها به فتفاجأت سيلين بما تفعله تقول بدهشة:
ـ أنتِ هتقرأهولي، بتعرفي تقرأي أنجليزي؟؟!!

قالت سيلا بهوء:
ـ أه طبعاً بعرف، هقرأه لحضرتك و أنتِ بتشربي القهوة!

هتفت سيلين بأعجاب:
ـ ماشي يا حبيبتي!

و بالفعل بدأت سيلا في القراءة بأسلوب ممتع و شيق خاص بها هي فقط، بينما سيلين مستندة بظهرها على ظهر الفراش بأبتسامة لطيفة،مستمتعة بكوب القهوة الذي أعدته لها سيلا، و بأسلوب قرائتها الممتع للغاية، بدأت تسمع لكل كلمة تُقال بتركيز شديد، حتى أنهت سيلا عدة صفحات حتى شعرت سيلين بأن الوقت يمر بسرعة رغم أنها باتتت تقرأ لوقت ليس بهين، حتى تنهدت تقول بعدما أنهت الصفحة:
ـ كفاية علينا كدا يا سولي عشان متزهقيش..

أبتسمت لها سيلين بلُطف تقول بصدق:
ـ و الله يا حبيبتي ما هتصدقي أنا مستمتعة أزاي و أنتِ بتقرأيلي بطريقتك و صوتك الجميل دة يا سيلا، ما شاء الله حتى الـ accent بتاعتك جميلة و perfect!!

أبتسمت لها سيلا بلُطف شديد و فرحة حقيقية من لطافة كلماتها، لتقول بهدوءها المعتاد:
ـ والله بحبك أوي يا سولي، قوليلي بقا عايزة نعمل أي تاني؟

فكرت سيلين قليلاً ثم هتفت بمكر:
ـ بصي يا سيلا عايزاكي تنزلي لدليلة تحت تسأليها الغدا هيجهز أمتى!

أسرعت سيلا تنهض من فوق المقعد تقول بطاعة:
ـ حاضر يا حبيبتي هنزلها!

أبتسمت لها سيلين تتابعها حتى غادرت الغرفة، فقالت برجاء:
ـ يارب .. يااارب وفقهم مع بعض يارب و يكون ليهم نصيب في بعض!!

****

نزلت سيلا من فوق الدرج متجهة ناحية المطبخ، فـ كالعادة وجدتهم يعملوا بجِد شديد، لتتجه ناحية دليلة تقول بحرج:
ـ معلش يا دليلة أنا بعطلك بس سيلين هانم يعني كانت عايزة تعرف هو الغدا هيخلص أمتى!
أبتسمت دليلة بمكر ثم أسرعت تقول بأنشغال زائف:
ـ هيخلص كمان ساعة يا سيلا، سيلا بالله عليكي يا حبيبتي هو أنا ممكن أطلب منك طلب أنا عارفة أنه مش شغلك بس أنا والله مشغولة أوي!

أسرعت سيلا تقول:
ـ متقوليش كدا يا دليلة قوليلي عايزة أيه دة أنتوا ربنا يعينكوا!!

هتفت دليلة برجاء:
ـ أنا بس عايزاكي تعملي قهوة لصقر باشا يا سيلا لأني بجد مشغولة بطريقة مش طبيعية النهاردة، و يا حبيبتي لو تقدري تطلعيله الفنجان تبقي مشكورة بجد!!

شعرت سيلا بتوتر من طلبها، فهي الأن مضطرة على الأحتكاك به مجدداً، تنهدت بحرجٍ تقول:
ـ ماشي يا دليلة و لا يهمك هقف أعمله القهوة و أطلعهاله!

أبتسمت لها دليل بأمتنان شديد تقول:
ـ يا حبيبتي تسلميلي يارب و الله ما عارفة أقولك أيه أنا ربنا اللي عالم بيا و بأنشغالي دلوقتي!!

قالت بحنان:
ـ حبيبتي يا دليلة و لا يهمك، أنا هسيبك دلوقتي و هقف اعمله القهوة

أومأت لها دليلة و هي تعد الغداء:
ـ ماشي يا حبيبتي!!

وقفت سيلا في ذلك المطبخ الكبير أكبر من شقتها بأكملها، وقفت تعد له القهوة بعدما أخبرتها دليلة أن صقر يُحب القهوة سادة، فصنعتها له بأهتمام ثم عندما أنهتها وضعتها في صينية جميلة و بجانبها كوب من الماء مثلما أعتادت أن تفعل مع من تقدم له القهوة ثم أسرعت تذهب بها تريد أن تلحق به قبل أن يذهب لعمله، تنحنحت و هي واقفة أمام باب جناحه،ثم طرقت عليه بهدوء فأتى صوته يأمرها بالدخول، و هو لا يعلم بالطبع أنها هي يظنها دليلة، لا تعلم ماذا يفعل صوتها به يشعرها أنها خائفة وسعيدة في نفس ذات الوقت!!

أمسكت بمقبض الباب ثم أدارته بخجل تنظر للفنجان لا تريد أن تنظر له، لمحت وقوفه في بهو الجناح من حذائه الأسود اللامع، نظر صقر لها بأستغراب شديد، لما هي من تحمل له القهوة، فأسرعت تبرر له هذا الموقف المحرج الذي وضعت به تقول بهدوء:
ـ أنا آآآ أنا اللي عملت لحضرتك القهوة عشان دليلة مشغولة أوي في الغدا، يارب تعجب حضرتك!!

لأول مرة يبتسم لها و لكنها لم ترى تلك الأبتسامة، لأول مرة يرى تلك البراءة و ذلك النقاء أمامه بوضوح، يشعر أن كانت على عيناه غشاوة و أنزاحت أخيراً!!، تقدم منها يمسك الصينية منها، فرغماً عنها لامست أنامله الغليظة بأناملها النحيلة و الصغيرة، فأرتشعا تبعد يدها على الفور، حمد ربها أنه كان مشدد على تلك الصينية و إلا كانت سقطت عليها الأن، نظر لوجنتيها اللتان أحمرتا بهذه الطريقة فأبتسم بلُطف فقال بهدوء:
ـ شكراً يا سيلا! بس ممكن أطلب منك طلب؟!!

قالت دون أن تنظر له تنظر فقط لأناملها:
ـ أتفضل!

هتف بهدوء:
ـ بلاش كلمة حضرتك دي! مبحبهاش!

أخذت نفس عميق تقول بنفس الهدوء:
ـ هحاول، بعد إذنك

ذهبت من أمامه فنظر لها و تلك الأبتسامة لازالت قابعة على ثغره ينظر لذلك الفنجان الذي كان متأكد أن سيستمتع و هو يرتشف كل قطرة منها!

دلف لداخل جناحه مرة أخرى ثم وضع تلك القهوة المميزة جانباً و أرتدى ساعته السوداء الثمينة فوق قميصه الأبيض، شمر أكمام ساعديه مظهراً عن عروقه البارزة ، ثم جلس على الأريكة يتفحص هاتفه، و من ثم أمسك بالقهوة ليرتشف منها، غمغم بأستمتاعٍ يقول و هو يعود برأسه للخلف متلذذاً:
ـ مممم!!!!

أبتسم و هو ينظر لتلك القهوة، يا اللهي ماذا وضعت بها! ماذا وضعت بذلك الفنجان لكي يكُن بهذه اللذاذة يا الله! أرتشف منها على مهلٍ مستمعاً بكل قطرة تدلف لحلقُه!

*****

أسرعت سيلا تدلف لجناح سيلين تحاول السيطرة على قلبها الذي يخفق بشكل جنوني!! صوته، رائحة عطره. كلماته. و نبرته، كل شئ قد بعثر كيانها و جعلها في مكانٍ آخر، لا بل في عالم آخر!! أتجهت ناحية الغرفة فوجدت سيلين ممسكه بهاتفها تتفحص وسائل التواصل الأجتماعي، فأسرعت تقول بلهفة:
ـ أيه يا حبيبتي أتأخرتي ليه!

غرزت سيلا أسنانها بشفتيها تقول بحرج:
ـ أصل دليلة طلبت مني أن أودي فنجان القهوة لصقر بيه وكدا!

تمتمت سيلين بتفاجأ زائف و كأنها لا تعلم شئ عن هذا الأمر:
ـ ممم بجد!! طب ليه دلييلة تعمل كدا دة مش شغلك أصلاً يا حبيبتي!!

قالت سيلا بطيبة:
ـ عادي يا سولي الله يعينهم تحت مشغولين جدا!!

تنهدت سيلين تقول بهدوء:
ـ طيب يا حبيبتي يارب ميكونش صقر أبني دايقك بالكلام!

هتفت سيلا بأبتسامة عندما تذكرت معاملته اللطيفة معها و الخالية من القسوة التي عهدتها منها!:
ـ لاء أبداً والله كان كويس جداً معايا!!

أبتسمت سيلين لها، فتذكرت سيلا عندما لمس بأنامله أصابعها، تذكرت تلك الرجفة و الرعشة التي سرت بجسدها من مجرد لمسة بسيطة لم تدوم لثانية واحدة حتى، جلست جوار سيلين تحاول أن تبعد تلك الأفكار عنها، فهتفت سيلين بهدوء تريد أن ترعف كل شئ عن تلك الفتاة:
ـ قوليلي بقى يا حبيبتي لما جيت أسألك على مامتك و باباكي قولتيلي أن باباكي موجود بس كأنه مش موجود! هبقى متطفلة لو سألتك ليه قولتي كدا و لا عادي!

هتفت سيلا بلُطف:
ـ حضرتك تسأليني اللي أنتِ عايزاه مستعدة أحكيلك عن كل حاجة

ربتت سيلين على كفها بحنان ثم قالت بهدوء:
ـ ماشي يا حبيبتي أحكيلي أيه اللي حصل! و ليه قولتي على باباكي كدا!

قال سيلا بحزن متذكرة:
ـ أنا ماما لما أتوفت كان بابا عامل كبير في الجلطة اللي جاتلها، طبعاً كلها أعمار بيد الله بس بردو بيبقى فيه أسباب، بابا وحش أوي، بيشرب و بيسكر، بيروح يلعب قمار و بيقعد مع ستات، و حتى قبل ما أشتغل هنا لما كنت بشتغل في مكان تاني كان بييجي .. كان بييجي يضربني و ياخد فلوسي و بعدين يمشي، مكش بيراعي أني أنا و براء أخويا اللي يدوب عنده أربع سنين محتاجين ناكل و نشرب و نلبس، كل دة مكانش في دماغه، بس الحمدلله انا قادرة أصرف على أخوبا و على نفسي على أد ما ربنا بيقدرني والله!

طالعتها سيلين بشفقة على حالها تقول و هي تمسح على كفها:
ـ كملي يا حبيبتي أحكي اللي في نفسك كله، و لو عايزة تعيطي عيطي أعتبريني أمك يا قلبي!!

أبتسمت لها سيلا و عيناها أمتلئت بالدمعات، ثم قالت بنبرة حزينة:
ـ لما ماما أتوفت الحِمل بقى كله عليا، بقيت أشتغل بالشغلانتين و التلاتة عشن أعرف أصرف على براء، كنت بروح مهدودة أنام، و كنت بخبي على بابا مرتبي كام يعني لو بقبض أخر الشهر ألف و نص بقوله أني بقبض ألف بس، بييجي أخر الشهر بيضربني .. وبياخدهم مني، و يادوب الخمسمية دول بيجيب بيهم أكل لبراء وليا!

أجهشت في البكاء بحُرقة شديدة فأخذتها سيلين في أحضانها تربت على خصلاتها برفق شديد، و لم تكن تعلم لا سيلين و لا سيلا أن صقر بالخارج في بهو جناح أمه يسمعهم، فهو قد أسترق السمع بالصدفة عندما كان على وشك الدخول لهم ليودع أمه قبل الذهاب، و ربما لكي يرى سيلا قليلاً!! أخذ نفس عميق مغمضاً عيناه يستمع لكلماتها، تلك الكلمات التي رغم أنه قرأها بعناية في ملفها إلا أن صوتها الحزين و هي تقص على أمه تلك الأشياء يجعلوه يود لو يدلف لها و يزيل دمعاتها تلك من فوق وجنتيها، بكاءها يجعل قلبه يعتصر بقسوة حقيقية، فبكائها هو الشئ الوحيد الذي لا يتحمله حقاً، يود لو يفعل أي شئ بوسعه و لكن لا يود رؤيتها تبكي!!

تنهد بألم يشعر به ليكور كفيه ثم عاد إدراجه يخرج من الجناح مغيراً رأيه في الدلوف لها لكي لا تشعر بالأحراج منه!

*****
ظلت سيلا تقُض كل شئ يُحزنها لسيلين و كأنها امها حرفياً، بكت و كثيراً و كأنها كانت منتظرة أحد يسألها عن حالها فقط لكي تنفجر بكاءاً، حتى أنتهت و سييلين تعانقها بحنان لا تعلم ماذا تفعل فقط لكي تُدخل السعادة على قلب تلك المسكينة، تنهدت بحزن و هي تمسح على خصلاتها البنية الناعمة بحنان، حتى مر الوقت و سيلين به حاولت تغيير مجرى الحديث قليلاً، مقررة في داخلها أنها سوف تتحدث مع صقر على إعطاء مبلغ مالي إلى سيلا و كأنه مقدَم لعملها، و ليكذب عليها و يخبرها أنه يفعل هذا عادةً مع أي شخص يعمل معه مثلما كذب عليها في أمر السائق هذا، أتت دليلة بصينية محملة بأشهى أنواع الأطعمة التي تحبها سيلين، ثم وضعتها لها على الفراش، فأسرعت سيلين تجذب سيلا جوارها لكي تأكل معها قائلة بنبرة لا تقبل النفاش:
ـ يلا يا سيلا عشان تاكلي معايا، مش هيجيلي نفس و أنا باكل لوحدي!!

قطبت سيلا حاجبيها بتفاجأ قائلة بهدوء:
ـ لاء يا سولي مينفعش، أنا أصلاً مش جعانة!

هتفت سيلين بحدة:
ـ مـ أنا عارفة يا سيلا أنك مش جعانة بس بردو هتاكلي معايا دة أمر مني!

قال سيلا ترجوها:
ـ و الله ما عايزة!

هتفت سيلين بصرامة زائفة فقط لكي تقنعها بالأكل معها:
ـ هتاكلي يعني هتاكلي يا سيلا!

وافقت سيلا رغماً عنها و بدأت تأكل بخجل و من ثم تدريجياً أخذت تأكل بطبيعتها، لن تنكر أنها بالفعل كانت جائعة فهي لم تأكل شئ منذ عشاء البارحة، ولكن هذا لم يجعلها تأكل بشراهة و بطريقة ليست جيدة أبداً، بل أخذت تأكل بهدوء، فربتت سيلين على ظهرها تقول بحنون:
ـ عايزاكي تبقي في مرة تجيبي براء أخوكي معاكي يا سيلا يا حبيبتي، بجد من كلامك عليه عايزة أشوفه أوي و أتعرف عليه!

هتفت سيلا بدهشة:
ـ هو ينفع أجيبه هنا!

هتفت سيلا بلُطف:
ـ طبعاً يا حبيبتي ينفع و أيه اللي هيخليه مينفعش هاتيه أتعرف عليه و بعدين يقعد مع حد من الخدم تحت و تجيبلُه ألعاب و حاجات حلوة

أسرعت سيلا تنفي الأمر تقول:
ـ لاء مش هينفع خالص هما أصلاً مشغولين تحت كلهم الله يعينهم والله!!

هتفت سيلين بهدوء:
ـ لاء يا حبيبتي هاتيه أنتِ بس وملكيش دعوة هخليهم كلهم يفضوله!

نظرت لها سيلا بحُب قائلة بشكر كبير:
ـ أنا والله ما عارفة أقول لحضرتك أيه جمايلك كلها فوق راسي!!

أبتسمت لها سيلين بحنو ثم أكملا أكل، حتى وضعت سيلا يدها علة معدتها المسطحة تقول:
ـ يلاهوي كلت كتير أوي الأكل هيطبق على مراوحي!!

ضحكت سيليا من قلبها عما قالت سيلا لتردف:
ـ الله يجازيكي يا سيلا و الله أنتِ عسل يا حبيبتي!!

أمسكت سيلا بالصينية لكي تنزلها بالأسفل ولكن رفضت سيلين تقول بلطف:
ـ أقعدي يا حبيبتي دة مش شغلك!

قالت سيلا ببراءة:
ـ مش شغلي بس أنا عايزة أساعدهم! ثم أمسكت بالصينية تخرج من الجناح تتبعها أبتسامة سيلين الحنونة لها و هي تدعي لها بالتوفيق، فتلك الفتاة لازال قلبها أبيض نقي خالي من أي شائبة، و هي تتمنى ألا يأتي من يجعل هذا القلب مُلطخ سواداً!

عادت سيلا بعد فترة قليلة لتنظر في ساعتها فوجدتها الثالثة عصراً، فظلت مع سيلين الكثيرو الكثير يتحادثان ثم أستأذنت منها أنها سوف تخرج من القصر لتحاكي نادية كي تطمئن عن اخيها، و بالفعل خرجت سيلا من القصر بأكمله ممسكة بهاتفها تهاتف نادية التي ردت عليها تقول:
ـ أيوا يا سيلا، عاملة أيه يا حبيبتي

قالت سيلا بلُطف:
ـ الحمدلله يا خالتو نادية كويسة، أنا عارفة أني صحيتك بدري النهاردة و قلقتك

هتفت نادية موبخة إياها:
ـ بس يابت عيب كدا أيه اللي بتقوليه دة و بعدين أنا كنت صاحية أصلاً

قالت سيلا بهدوء:
ـ ماشي يا حبيبتي، طمنيني براء عامل أيه؟؟! بيعذبك معاه و لا هادي؟!

قالت نادية بهدوء:
ـ لاء براء قاعد أهو و زي الفل مع الواد مروان بيلعبوا، و بعدين براء حبيبي عُمره ما زعلني

أخذت سيلا تسير في ممر القصر بالحديقة تنظُر للورود، فلاحظت أنها لم تُسقي اليوم، و عندما أنهت مكالمتها مع نادية لاحظت وجود خرطوم للمياه، فأدارت الصنبور و بدأت تسقي الورود بأهتمام، ولم تكن تعلم بالأعين الخبيثة التي كانت تناظرها بأشتهاء، يُطالع ذلك الجمال المتجسد أمامه و ينظر لمفاتنها التي تكاد تجعله يجن، ينظر لها بكل أنحطاط و سفاهة، و بدون أن يعي أخبر صديقه أن سيذهب ليدلف للمرحاض، و من ثم مضى نحوها ببطئ ينظر لها و هي تميل أمامه تستنشقال أزهار، يقسم أن لا يمكن أن يفرق أحد بينها و بين تلك الزهرة الممسكة بها، فهما لهما نفس الجمال بالضبط، أقترب منها يزدرد ريقه ثم وقف خلفها ليقول بأبتسامة صفراءء:
ـ سلامو عليكوا يا أنسة!
ألتفتت له سيلا بخضة، ثم تذكرته، هذا هو نفس الشخص الذي سمح لها بالدخول أول يوم، أبتسمت له بصفاء نية و لم تدرك ما فعلت تلك الأبتسامة به!، لتهتم بهدوء:
ـ و عليكم السلام، في حاجة!

قال و هو شارداً في جمالها:
ـ الله أكبر!! هو في جمال كدا في الدنيا!! اللهم بارك!!

أرتعشت حدقتيها تنظر للأسفل بخجل قائلة:
ـ ربنا يخليك، بعد إذنك!

ثم همت بالمرور من أمامه ولكن أوقفها يقول بلُطف:
ـ أنا مش جاي أدايقك و الله أنا بس كنت بطمن عليكي أنك مش عايزة حاجة!

توقفت تقول شاكرة إياها:
ـ لاء شكراً مش عايزة حاجة

ثم ذهبت لتغلق الصنبور واضعة الخرطوم جانباً و مرت من أمامه، فظل ينظر لها و هي تسير أمامه برغبة رهيبة، ليعض على شفتيه قائلاً عازم أمره على فعل شئ واحد فقط:
ـ هتبقي ليا!! هتبقي بتاعتي و هنشوف!!!

****

دلف سيلا للقصر لتصعد لسيلين ثم صنعت لها عصير مانجو فهي علمت من دليلة أنها تعشق عصير المانجو، أخذته لها ففرحت به سيلين للغاية وشكرتها، ثم جلسا معاً يتسامران مجدداً عن أشياء كثير، حتى أتت الساعة سابعة، فأستأذنت سيلا تقول بأحترام:
ـ أنا أتأخرت أوي، لازم أمشي!

نظرت لها سيلين بحزن:
ـ و الله ياريتك تفضلي قاعدة و تباتي كمان معايا!!

أبتسمت لها سيلا بحنان قائلة:
ـ و الله ياريت يا حبيبتي بس عشان براء مش هينفع أسيبه أكتر من كدا!!!

أبتسمت لها سيلين بلطف قائلة:
ـ ماشي يا حبيبتي، بس عايزاكي توعديني بكرة أنك تجيبي براء و تيجي فاهمة!

قالت سيلا بحرج:
ـ بس آآآ

أسرعت سيلين تبتر عبارتها قائلة:
ـ لاء هينفع من غير بس صدقيني هينفع، هاتيه بس معاكي ومتشيليش هم حاجة، و كمان عشان لما تبقي قاعدة هنا عقلك مشغول بيه و هو هناك، تمام يا حبيبتي؟!

أومأت لها سيلا ثم أنثنت عليها وعانقتها بود فربتت سيلين على ظهرها بحنان شديد تقول:
ـ والله يا سيلا أنا لو كنت جيبت بنت ما كانت هتبقى غالية عليا زي ما أنتِ غالية عليا كدا!!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي