الفصل الثانى

ويبقى هناك شىء من عبق الماضى عالقًا بنا رغم مرور الوقت . . .

الساعه الحادية عشر حسام ممسك بهاتفه بعدما نظر بهوية المتصل وكان ( باسل ) ابتسم بسعاده معتقدًا أن صديقه لمباركة فاجابه و هو يضحك بمزاح

_ لسه بدرى اوى عشان تتصل بيا مفيش كسوف حد يتصل بعريس يوم صباحيته الساعه ١١ ؟!

اتاه صوت باسل بجديه وحده : حسام يا اعز صاحب ليا

عقد حسام حاجبيه و أختفت أبتسامته من نبرته واجاب بجدية : معاك يا باسل

_ حسام يا أغلى صاحب عندى الى أفديك بروحى الى عمرى ما افكر اشك فيه أبدا الى أأمنك على شرفى وأنا مغمض عينى

ابتلع حساب ريقه وتوتر من حديث صديقه : فى اى يا باسل ؟

_ يُمنى

_ مالها ؟

_ أنتحرت وأنا عرفت السبب والى هو أنت ...

حاول حسام التكلم ولكن صُدم عندما سمع بأنقطاع الاتصال واغلاق الخط من جهه باسل ارتعشت يديه بصدمه وذهول حاول معادوة الاتصال مرة والأخر والثالثه ولكن لم ياتيه الرد بل بكل محاوله كان باسل يغلق الخط بوجهه وبعد ذلك تم غلق الهاتف بأكمله هز راسه بلا وهو لا يصدق ما سمع . . . انتحرت . . . !! يمنى !! . . . . نظر حسام للفراغ لا يدرى ماذا يفعل أو كيف يفكر كل ما يتردد بعقله هى كلمه واحده ( أنتحرت ) !! يمنى انتحرت ..

وبدون ما يعى الى ما يفعله اخذ يبحث فى جهات اتصال هاتفه و هو يدعو الله ان يجد ما يبحث عنه وبالاخير وجد رقم ( هناء ) صديقه يُمنى المقربه واتصل برقمها بسرعه وبعد وقت جاه الرد : نعم !!

تحدث حسام بسرعه : الوو هناء اخبارك

هناء بعصبيه : اخبارى ! وانت مالك بأخبارى انت متصل ليه أصلا ليكون عايزنى اباركلك على فرحك يا عريس

توتر حسام وهز راسه : لااا مش عشان كدا بس باسل كلمنى و قالى ان يمنى . . . .
صمت ولم يكمل حديثه فاكملت هناء الحديثه عنه بنرفزه : كلمك و قالك أى ؟! قالك أن يمنى قررت تنتحر وتنهى حياتها عشانك . . . عشان واحد ندل وخبيث زيك

حسام و قد زاد توتر وقلقه تحدث : خلاص يا هناء قوليلى اى الى حصل انا هنا بموت من القلق

_ معرفش لحد الوقتى مظهرش اى أخبار عنها هى فى العنايه المركزه ومحدش لسه طمنى يعنى بتعانى لوحدها

_ يعنى عايشه الحمد الله عايشه

_ انا مش فاهمه وضعك هو مش انت اتجوزت وكملت نص دينك ليه الوقتى مكلمنى و صوتك مرعوب وقلقان الى يسمعك الوقتى يقول أنك فعلا عندك قلب و بتحبها و خايف عليها

_ للمرة الألف بقول مش مضطر اوضحلك حاجه او أشرح حاجه الى عايز اعرفه الوقتى وضع يُمنى وبس

أغلقت هناء الهاتف بوجهه وتحرك بانتجاه كراسى الانتظار بذلك الممر الهادئ حيث يجلس باسل عليه واضع راسع وسط يديه بعدما قال والده انه سيأخذ والدته ويحضر ادويتها اقتربت هناء و جلست بجانب باسل و تنهدت :

_أسمع انا عارفه انك مش بتفضل وجودى فى مكان انت فيه و لا حابب صداقتى بيمنى ورافض أصلا صداقتنا بس أنا عمرى ما همشى من هنا الا لما اطمن على وضع يمنى


_ عرفتى ازاى بعلاقتهم ؟

تعجبت هناء لسؤاله وتوترت فهى لا تعرف ماذا يعلم باسل بالضبط أرتبكت و فركت يديها فهى لا تعلم بماذا تجيب ولكن صدمها باسل عندما اخرج ورقه من جيبه و اعطاها لها فتحتها هناء و بدات بقراتها لتتنهد بأسى ونظرت له :

"انا مش عارفه انه مش بيعجبك وضع العلاقات دى وأن البنت تحب و تتحب قبل الجواز وانها تعمل حاجه من ورا اهلها و ان خروجها مع شاب بدون رابط رسمى غلط بس صدقنى صاحبك هو الى شدها للطريق دا هو الى وهمها تحت رايه الحب أختك كانت ضحية الندل حسام يُمنى عمرها ما فكرت انها تكلم شاب بس حسام هو الى حلالها الأمر و وقت الجد أختفى و مبقاش موجود و دور على نفسه و مصلحته "

تنهد باسل بحزن و ندم : لو كان بأيدى وكنت اعرف ان دا هيحصل مكنتش عرفت يمنى بحسام و لا كنت فكرت أصاحبه

ربتت هناء على كتفه بيد متوتره : متلومش نفسك حتى لو مكانوش أتعرفوا على بعض من خلالك كان القدر هيجمعها

نظر لها باسل بأعين راجيه : لو سمحتى يا هناء قوليلى الى تعرفيه عنهم

تنهدت هناء و نظرت امامها وبلعت ريقها : كان فى بينهم قصه حب حلوه اوى أنا كنت دايما بحسد يُمنى عليها كان حسام مهتم جدا بيمنى بيشجعها دايما و يحفزها عشان تبقى دايما واثقه بنفسها حتى بفضل حسام يمنى بقت أجتماعيه جدا و مقبله على الحياه ودايما واثقه بنفسها ومبسوطه ... كل دا كان قبل ما يحصل الى حصل

سالها باسل و هو عاقد حاجبيه : و لما هو كان بيخبها الحب دا كله اى الى خلاه يوافق على الجواز ؟

هزت هناء راسها : مش عارفه انا كل الى أعرفه هو أن بابا حسام جى روسيا هنا وبعدها حسام سافر و مرجعش و بعت ليمنى رساله يقلها ان الى بينهم انتهى . . .

. . . . . . . . . . . .

بنفس الوقت كان حسام واقف مكانه لم يتحرك بعدما أغلقت هناء الاتصال بوجهه بنظر للهاتف باعين خائفه عقله شارد رفع نظره لباب الغرفه و حاول الابتسام لزوجته المتجهه نحوه محاولا منه رسم الابتسامه فهى لا ذنب لها هو من اقترف كل ذلك و الان يمنى من ماضيه و هذا ما يحاول أقناع نفسه به

_ مالك يا حسام واقف كدا ليه ؟!

_بصى يا سارة عايزه أقولك على حاجه مهمه واتمنى منك تتفهمى دا

نظرت له سارة بأعين قلقه : فى اى قلقتنى ؟

_ فى واحد صاحبى عمل حادثه خطيرة جدا و الوقتى هو بين الحياه و الموت ولازم اكون جمبه فى الوقت دا واطمن عليه

_ قصدك اننا هنسافر الوقتى مش يوم السبت زى ما انت محدد

_ لا يا ساره أنا الى هسافر وبعد كدا هاجى أخدك

_ اى دا ازاى انت عايز تسيبنى و انا عروسه و تسافر لوحدك ؟

هز راسه وقد أرتعش جسده من كثرة الضغط عليه بافكاره : انا اسفة بس صدقينى لو مسافرتش و روحت وأطمنت عليه هيحصلى حاجه انا خايف يحصله حاجه وانا مشوفتوش ولا كنت جمبه

رافت بحاله فمظهره امامها ذلك الوضع البااس يوضح مدى قرب صديقه به : تمام مفيش مشكله بس لازم تقول لباباك انك مضطر تسافر لانهم فى الكليه بلغوك ان فى ورق عايز يخلص يا هتتفصل من الجامعه وانك مينفعش تطنش كلامهم لانك تعجب جدا لحد ما وصلت لمكانه انك تبقى دكتور فى الجامعه عشان باباك ميعندش معاك و يجبرك تفضل هنا

هز حسام راسه و هو يشكرها لتفهمها الموقف و بسرعه امسك هاتفه و بدا بحجز تذكرة لاقرب موعد رحله طيرات متوجهه الى روسيا وهو يعلم انه سياخذ وقت حتى يصل لروسيا . . . . .

. . . . . . . . .
بالمستشفى و بالتحدبد أمام باب غرفه العنايه المركزه
يقف ( حسن والد باسل و يمنى ) وهو ممسكه براسه و على وجهه قسمات الحزن تترتسم بقوة فما حدث بالأمس كان صعبًا عليه يسمع همسات باسل و هناء فرغم أن صوتهما منخفض الا انه علم ما يدور بينهم من حديث نظر لزوجته الممسكه بقارورة المياه و جالسه بعيدة قليلا عنهم تنهد واعتصر قلبه عندما فهم ان باسل و هناء يظنان ان حسام هو السبب الوحيد للأنتحار . . . مما لا شك و لا نقاش فيه ان حسام هو السبب الرئيسى بتدمير أبنته و لكنه يعتقد أنه هو من دفع أبنته عن الحافة وجعلها تسقط . . .

أخذ حسن يتذكر بآسى الليلة التى تسبق حفل زفاف حسام . . . .

عاد حسن من عمله وفتح باب الشقه ليدخل و يجد رساله من زوجته موضوع على طاوله الطعام تخبرة أنه ذهبت لأحضار بعض الاغراض ترك الورقه و هو يعلم ان باسل بعمله بتلك الساعه من الوقت عقد حاجبه عندما سمع صوت من غرفة يمنى همهم واتجهه نحو الغرفه ليجدها مقلوبه راسًا على عقب نزر نحو ابنته الجالسه متكئه على الجدار وبحالة بكاء هستريًا . . .

نظر حسن حوله لعله يفهم نا يحدث و ما السبب لخالة أبنته ليجد صورة ممزقه وكانت يمنى تظهر فيها و من الواضع أنه كان هناك شخصًا اخر و لكن يمنى قد مزقت الطرف الأخر من الصوره . . . تمعن النظر اكثر ليعلم هوية الطرف الأخر من الصورة و كان حسام صديق باسل أبنه تعجب حسن من هذا فلماذا هناك صوره تجمع حسام مع أبنته نظر للأوراق المتناثرة وجلس على ركبتيه ليمسك بتلك التوراق و ما كانت الا يوميات قد كتبتها يُمنى ليقرأ ما بها . . . .

مضى أكثر من خمسة عشر دقيقه و حسن يقرأ تلك اليوميات ليرفع نظرة وقد تلونت عيناه بالون الاحمر وبرزت عروق يده لينظر ليمنى الجالسه مكانها بنفس وضعها تبكى بحرقه ولم تنظر له ويبدو أنها لم تنتبه لوجوده معاها بالغرفه تبكي بانفعال ومن كثرة بكاءها أقارب صوتها على الاختفاء . . . . وقف حسن لينظر الى أبنته بغضب ليتجهه لها ويمسك بكتفيها و يجعلها تقف امامه متحدث بصوت عالى غاضب :

_ حساام ؟؟! صاحب اخوكى ! بتعيطى عشانه دى تربيتى فيكى تمشيلى مع شباب وتحبوا بعض طب و بعدين فين هو طالما بتحبوا بعض ؟! بتعيطى و مقطعه نفسك من العياط عشان هيتجوز و انتى مستنيه اى يتجوزك انتى مثلاا ؟ مش هيتجوزك عارفه ليه عشان انتى رخصتى نفسك ازاى عايزاه يغليكى و انتى مرخصه نفسك ؟ يا خسارة تعبى و تربيتى ليكى و انا الى سايب الدنيا و جايبك هنا عشان تتعلمى و تبنى كيان و تغلى نفسك تقومى تعملى كدا ؟ بقا دا جزات تعبى ياريتك متت قبل ما يحصل الى حصل و لا كنت شوفتك و انتى بالحاله دى و لا كنت شوفت اليوم دا انتى حطيتى راسنا فى الطين يا يمنى . . . لينهى كلامه و هو يهوى بيده على وجهها لترتطم راسها بالارض من قوة الصفعه لم تتفوة بكلمه نظرة لوالدها بوجع و حزن و ندم . . . . أبتعد حسن عنها و هو يحاول التحكم باعصابه فلو بقى سيذبحها خرج من المنزل بعدما ضرب الباب بقوة . . .

أستفاق حسن من ذكرياته و هو يهمس بهدوء و حزن و هو ينظر من نافذة العنايه على أبنته المستلقيه على الفراش لا حوله لها و لا قوه ( ااه يا بنتى يا حبيبت قلبى لو كنت وقاها اخدتها فى حضنى و فهمت منك و سمعتك و أديتك فرصه تشرحيلى و طبطبت عليكى و فهمتك أن الحياة مش هتقف على حد وأنك اغلى حاجه فى الدنيا وانك لسه صغيرة و هتلااقى الى يعوضك و الحياة تجارب و دروس و ان در س الحياه صعبه و بتعدى يا ريتنى ما قلتلك اى كلمه تجرحك اكتر ما انتى كنتى مجروحه يا ريت أيدى كانت اتقطعت و لا كنت ضربتك ) . . . .

. . . . . . . . . . . . . . .

فركت حنان كفيها بتوتر : طب مش عايز تقول حاجه ؟

استدار اليها و تحدث بحدة : لا والى بتفكرى فيه مش هيحصل يا حنان يا بنت عمتى

تنهدت و حاولت تطنيش كلامه و سالته مرة اخرى عندما راته يتوجهه نحو غرفته : انت حتنام يا ادهم و لا أى ؟!

اغمض عينه لبرهه متنهدا بنفاذ صبر : اي !! عاوزاني منمش فى ام اليله دى و لا اى ما تعقلى كدا يا حنان عاوزه اى فى الليله الى مش عايزه تعدى دى

التوت شفتيها جنبا بضيق : مش عايزه .. تصبح علي خير .

اكمل طريقه دون اي جواب منه و هي مازالت تراقبه بعيون عاشقة الا ان وصل غرفته و قفل بابها بقوه . .

ربعت يديها و تنهدت تنهيده قويه : اااه لو تعرف أنا بحبك قد أى يا ادهم

بالصباح . . .

استيقظ بيت عائله الجابر كله الا ( أدهم ) مازال خالدا في نومه العميق . . . مازالت حنان تبحث عنه بعيون تائهه ثم ركضت نحو المطبخ بعفويه : صباح الخير يا عمتو

زينب بهدوء و حنان : صباح النور يا حبيبت عمتو .. خير ؟!

فركت ( حنان ) كفيها بحيره مفكرة في سؤال تبدا به حديثها : تحبي اساعدك في حاجه ؟!

زينب و هي تضع اللبن في ابريقه : تسلميلى يا حبيبتى .. خلاص البنات خلصوا كل حاجه .. يلا عشان تفطري .

تشبثت بلهفه في معصمها و الكلمات تتلعثم بحلقها : هو ادهم صحي ؟!

زينب بلا اهتمام : مش عارفه والله يا بنتي .. روحي شوفيه صحي و لا لا .

قالت زينب جملتها علي عجل قبل مغادرتها للمطبخ ..

كلماتها قفزت السعاده بداخل ( حنان ) لتجعها تتحدث الى نفسها : ايه دا اروح اصحيه عادي كده ؟! و فيها اي يعني يلا يلا يا حنان فرصتك و جات لحد عندك .

ركضت حنان بعجل نحو غرفة أدهم بخطوات تكاد ان تخترق الارض . . وصلت الي باب غرفته ثم طرقته بهدوء لم تجد اي جوابٌ .. عاودت الطرق مجددا بدون فائده .. استجمعت شتات شملها و وضعت كفها علي مقبض الغرفة بتردد و فتحت باب الغرفه بهدوء تام ثم استدارت بجسدها و اغلقت الباب ببطء و تقدمت بخطوات سلحفية نحو مخدعه ليعلو صوت شهقتها و اتساع حدقة عينيها بمجرد ان راته نائمًا علي مخدعه عاري الصدر مرتدي بنطالًا واسعا خالدا في لذة سُباته . . . . ارتجف جسدها و تجمدت مكانها و جف حلقها و بعد مرور برهه من الوقت وجدت عيونها تتأمل معالم جسده الرياضي الاقرب للضخامه وقفت لوقتٍ طويل لم تتدرك ما فاتها من الزمن الا انها ظلت تملا قلبها وعينيها منه .. احتفظت بصمتها لدقائق وكإن الصمت ضروريا لعلاج شيء ما بداخلها يسمى الاشتياق . . . رآته مستغرقاً في نومه فرأت فيه الهيبة والعظمه في أسمى معانيها .. تنهدت بصوت عال كإن فؤادها ينتشي لرؤياه.. اعتدل أدهم في وضعية نومه فوجئ بتسمرها امامه . . . اتسعت حدقة عينيه بدهشه فنهض مرتبكًا : انتِ بتعملى أى هنااا ؟

ثارت جيوش الخوف والرهبة بداخلها وشرعت ان تتراجع خطوات للخلف و هي تنظر له بعيون اوشكت علي البكاء : جيت اقولك ان .. ان ال الفطار جهز تحت .

قفز ( أدهم ) من مخدعه بتوعد و اقترب منها و هو يرسل اليها نظرات ناريه : ودا يديكي الحق انك تتدخلي اوضتي  ؟!

انسكبت دمعه حاره علي وجنتها و حركة صوابع قدميها المتكوره و ضربات قلبها المُتسارعه : منا خبطت كتير و انت مردتش

زمجرت رياح صوته بقوه : الله الله و عشان خبطتى و انا مرديتش !! تقومي تدخلي الاوضه على و انا نايم .

تبادلا الانظار سويا لبرهه ثم تحركت متأهبه للذهاب و لكنه اوقفها بقبضته المفاجئه علي معصمها حتي غُرزت اصابعه في لحمها قائلا بنبره تحذيريه : اول واخر مره تعتبي ناحية أوضتى يا بنتى عمتى .. فاهمه يا حنان ؟!

اندفعت شلالات الدمع من عينيها بحراره و تركته و غادرت غرفته و هي تغلق الباب خلفها بقوة زلزلت جدران بيت الجابر

أخذ ( أدهم ) نفسا عميقا قبل ان يلقي بجسده ارضا شارعا في تمرين الضغط الذي يؤديه ببراعه و عصبيه فى وقت واحد . . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي