أحفاد الجابر

DoniaSaber`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-18ضع على الرف
  • 79.4K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

بأحدى قاعات الزفاف بالقاهرة تعلو أصوات الاغانى والتهليل تهليل الجميع على صوت الزفه المصريه الاصيله تتبعها دخول العروس وهى مرتديه فستانً فخمًا ممسكه بطرفه واليد الأخرى ممسكه بيد عريسها سعيده ومبتسمه لم تنتبه لصوت زوجها العابس وضغطه على اسنانه وتغصبه للابتسامه من حين لأخر حتى لا يلاحظه احد وبالفعل الجميع سعيد ويرقص على انغام الموسيقه وبأحدى زوايا تبك القاعه كان ممسك هاتفه ويتحدث مع أحد مكالمه هاتفيه بخاصيه الفيديو ليجعل الطرف الأخر يشاهد الزفه وأجواء الفرح بكل تفاصيله؛ جميع العيون تنظر للعروسين منهم من هو سعيد لهما ومنهم من يملئ الحسد قلبه ( فيمنى ) تزوجت شابًا كان حُلم فتايات كثيرات ولكن عائلته اختارتهها هى لتتوج بلقب زوجه ( حسام الفاروق ) ...

. . . . .

بمكان أخر بعيد كل البعد عن جمهورية مصر بالتحديد فى روسيا كان رائد يتكلم مع صديقه باسل مكالمه هاتفيه فيديو ويتابع احداث حفل زفاف صديقه حسام وعلى وجهه أبتسامه سعيده لزواج صديق طفولته :

_ ربنا يسعده ويوفقك الفالح طلع أشطر مننا وأتجوز الاول

ضحك رائد بقوه : خلاص يا باسل هقفل انا خلصتلى الرصيد

تحدث باسل وهو يضحك : طول عمرك بخيل وجلده أشطا هقفل وكمل انت رقص فى الفرح وأعمل الواجب بالنيابه عنى سلام ... أغلق حسام الهاتف وهو يبتسم ويُنادى بصوت عالى ( يُمنى ) تعالى شوفى فرح باسل باشااا عامل شغل جامد واحنا الى داينا نقول عليه مش هيتجوز ابدا .... انهى جملته وانتظر رد أخته ولكن لم يتلقى أى رد منها تحرك وتوجهه لغرفتها ليدق بابها ولم يتلقى ار رد أيضا فتح الباب ودخل غرفته أخته الصُغرٰ ليجدها مُلاقاه على سريرها وبجانبها علبتان من الدواء فارغه أنتفض جسد باسل فزع وخوف على أخته وأسرع أليها ليحاول إيقاظها ولكن لا حياة لمن تنادى صاح بأعلى صوته مناديًا على والده الذى هرع هو وأمه له ليصدموا من ما راوه بكت الأم بقوه وهى تضرب على صدرها بيما أخبره والده بتشغيل سيارته وهو يسرع ليُمنى ويحملها بين ذراعيه ليتوجهه للمستشفى بفزع ...

. . . . . . . . . . . . .

كان يقف بجانب الأستيدج المخصص للرقص يلتقط انفاسه ويشرب قليل من الماء لتلتقط أذانه صوت فتاتان يقفن خلفه ويتحدثا بصوت عالى بسبب المزيكا العاليه

_ ( لو كانت يُمنى هنا كانت أول واحده سالت على البوفيه )

أبعد حسام قارورة المياه عن فمه وقد شعر بنقص فى الأكسجين ونغزه بقلبه عند ذكر أسمها فتح اول زر من القميص ليساعده على أخذ أنفاسه واغمض عينيه بضيق وحزن مطأطا راسه للأسفل ...


. . . . . . . . . .

عندما تحرك والده حاملا أخته وامه توجهه لغرفتها لتبدل ملابسها لتذهب للمستشفى لأبنتها ظل باسل وأقف مكانه بذهول غير مستوعب ما حدث من ثوانى نظر مكان علب الدواء الفارغه واتجهه الى فراشها حيث كانت مستلقيه ليلمح ورقه ملقاه بسلة المهملاة الفارغه بأستسناء تلك الورقه ليتجهه لها ليلتقط الورقه ويقرأ محتواها وكان مكتوب بخط يد يُمنى :

( عزيزى ووتين قلبى وحسب ما قررت وخططت انت ان تتزوج بغيرى بدون أعطاء الأهتمام لي ولقلبى فقد قررت أنا أن ازف الى قبرى )

قرأ باسل الورقه أكثر من خمس مرات بدقيقه واحده وليس هناك تفسير الا واحد لما قرأه شعر بهذة اللحظه كان الارض تدور به حتى انه يشعر وكان قدميه لم تعد بأستطاعتها أن تحمله فجلس على الأرض بجانب سرير أخته لم يخطر فى باله ابدا ان يمنى اخته المفعمه بالحياه والفرح والحب تختار الموت بهذة الطريقه أن تنهى حيلتها أن تموت منتحره !! ولماذا ؟ من الذى تركها لتسير نحو حتفها بيديها دون ان تكترث لأهلها وماذا سيحدوث لهم بدونها لم تفكر انها ستلقى بنفسها فى النار بعدما تنتحر !! من ذلك الذى فعل بها هذا ؟!


. . . . . . . . .

بقارة اخرى ومكان مختلف عن لندن وعاداتهم ببلد نقيدة لها تماما حيث هناك الالتزام بالعادات والتقايد حتى لو لثمن كان الذبح بالتحديد بمدينه المنصوره بأحدى القرى البسيطه كانت واقفه امام شرفة غرفتها تنظر للقمر في ليلة تمامه وتري وجه حبيبها يتربع علي سطحه ، فجميع العشاق ينظرون الي القمر ويتاملون نوره وبريقه واستدارته الا هي كان لديها نظرة خاصة اليه ، تنظر الي عتمته اكثر من نوره . . . تعرجاته تبهرها اكثر من حدقة استوائه ، تنهدت بحرارة قلوب عشاق الارض واضعه كفها الصغير فوق قلبها قائله

شكلها حرب واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين يا أدهم الجابر

ابتعدت عن شرفتها النائيه عن الانظار قليلا للخلف واوشكت علي قفل بابها الخشبي فجاه اعتلت صوت شهقتها بمجرد ارتطام الحجر الصغير المقذوف نحوها .. زفرت بضيق ثم استجمعت شتات قواها متوعده فنظرت من النافذه تبحث عنه بعيون متلهفه كمن يبحث عن النور في عتمة الظلام

قطبت حاجبيها قليلا باندهاش : اى داا فين المجنون ده ؟!

استدارت راسها يسارا علي مصدر الصفير الهادي فوجدته امامها ناظرا اليها بعيون لامعه قائلا بثقة : أنا عارف كويس أنك مش هتقدرى تنامى قبل عينيكى تشوفنى

اخفت ابتسامتها وارتسمت ملامح الجديه : وبعدين معاك يا أستاذ ادهم الجابر .. مش ناوي تجيبها البر ولا أى ؟

_ انتى عارفه ان حفيد الجابر واخد عهد علي نفسه مايوصلش البر غير على ايدك ومعاكى

اجابته معانده بصوت بدأ منفعلا ثم انخفض فجأه : قلت لا مستحيل ولو أنت أخر راجل فى الدنيا مش هتجوزك واهو عناد بقاا

زمجرت رياح غضبه محاولا خفض نبرة صوته وهو يلتفت يمينا ويسارا : ليييه يا قمر ناقص رجل ولا ايد انا !!.. قدامك سبع الرجال بنات القرية كلهم يتمنوا نظرة من عيني بس انا منفضلهم عشانك ياواخده قلب و عقل ادهم الجابر لحسابك انت ومش بشوف الا أنتى وبس يا قمر

ابتسمت معانده كإنها اقسمت ان تُحارب جيوش مشاعرهما : وانا قولتلك لا يا أدهم .. و اللي مابينا بقي دم ومش هينضف غير بالدم و دا كلامى مهما حصل و مهما قلت يا ادهم مش هغيره

اجابها بنبره حب : وانا دمي كله فداكي ياقلب ادهم

- لاااه دم عيلتكم كله مش هيكفي اللي عمله عمك وهرب .. دا قتل ابوي يا أدهم عارف يعني ايه ؟!

لاح اليها بكف غاضبًا : وهو عشان غلط ارتكبه عمي عاوزه تقتلني انا يا قمر ؟

- اللي عندى قولته يا حفيد الجابر . . ويلا امشي من هنا بدال مااصوت والم عليك الناس و بطل حركات العيال و المراهقين دي هتفضحنا .. واللي بينا كان ماضي وخلاص خُلص .

ارتسمت علي ثغره ماكرة
- لما تبطلي تستنيني كل ليله هنا .. هابقي ابطل اجي يا قمر يا حفيدة الحديدى

دقت طبول قلبها لكلماته التي ارتوت بها روحها واحيت نضفة فؤادها ، وبعد برهه عاود ندائه اليها بحزم : قمر اول واخر مرة اجي هنا وتقولى كلامك الى يزعل دا مش قاطع طول الطريق دا وداخل بيتكم من الجنينه والبوابه الى ورا عشان اشوفك وبتسحب زى الحراميه عشان فى الاخر تسمى بدنى

تنهدت بوجع وهي تلقي بانظارها بعيدا تستكشف المكان خشية من كشف امرهم .. فقالت بصوت منخفض : يعني انت عاوز ايه دلوقتى مش فاهمه ؟!

لمعت عينيه بحب قائلا : عايز احبك وبس ..

علي الفور تلقي قلبها كلمته الساحره فارتسمت علي ثغرها ابتسامه خلابه وسطع نور عينيها ..

فأكمل ادهم حديثه بغمز : همشى انا بقا الوقتى خلاص خدت اللي جيت عشانه .. ضحكتك اللي بتدخل قلبى تنوره زى الشمس ما بتنور الارض وتدى نورها للقمر الى منور السماء كدا اوعى تكشرى تانى فى وشى وتحرمينى من ابتسامتك دى استودعتك الله

اخذت نفسًا عميقًا وهي تترقبه بعيونها وهو مغادرٌ قصرهم من تلك المخبيء الذي اكتشفاه سويا منذ خمس سنوات خلف شجرة الموز  باب خشبي صغير في حائط السور طوله متر يتسلل منه ( أدهم ) كل ليله ليرى النور من عيون قمره ومنبع العشق بداخله  .

بعد ما اطمئن قلبها برحيله سالما أغلقت نافذتها تلك الجميله ذات العينين السوادتين اللاتي يحاصرهما الكحل الغزير ، والشعر الداكن الطويل والبشرة الخمريه ، متوسطه الطول ذات جسد ممشوق كمثري قليلا مما يعطيها جمالا عربيا اصيلا انها قمر الحديدى صاحبة الثالثه والعشرون عاما .

جلست في منتصف مخدعها حائره ما بين قلبها والعادات والتقاليد .. كالحائر ما بين الشوك والعلقم كلاهما اذي ولم يوجد لديها خيار ثالث .. قربه حدائق شوك يُنغص عليهما ايامهم وبعدهما علقمًا يمرر سُكر الحياه في قلوبهما
( اعمل ايه انا بس ياربي يعني حب خمس سنين يدفن كدا بكل بساطه وانسي عشان حاجه ولا انا ولا هو لينا ذنب فيها !! )

قطع حبال افكارها صوت رنين هاتفها . . نظرت في شاشته وجدته ( أدهم ) اجابته بمضضٍ : عاوز ايه تاني ياولد الهواري !

يقود سيارته ويستمع لصوت أم كلثوم ( حيرت قلبى معاك ) : اصلك وحشتينى فجاه قوي وقولت اسمعك
الست معاي .

ارتسمت ابتسامه خفيفه علي ثغرها وهي تنظر في المرآه ثم عادت لترتسم الجديه قائلة بنبرة تحذيريه : يووه يا ادهم بقولك اى اوعى تتصلى بيا تانى فاااهم ولا مش فاعم

فرمل سيارته فجأه بضيق : اتجننتي يا قمر ولا اى ازاى تمنعى حبيب يشوف حبيبته هو الى بيمشى فى عروقك دا اى دم ولا تلج؟

ساد الصمت قليلا بينهم لتقول بخفوت وهي تلقي بجسدها فوق وسادتها : طب واخرتها اي يا أدهم .. انا تعبت قوي قوي .. كل مااحاول اعاندك القينى بعاند نفسي

عاد ليكمل طريقه قائلا بحب : سلامتك ياقلب أدهم .. اخرتها سما وسليم ولادنا .

قطبت حاجبيها بحده : بس انا عاوزه اسمي (عز ) علي بابا .

ضحك بصوت عالى : مااحنا هنخلف كتير متنبريش فيها انتِ بس .

تنهدت وسالته قمر : وصلت بيتكم ولا لسه ؟

اجابها وهو يلف مقود سيارته : اهو خلاص دخلت بوابه الجابر .. منمتيش ليه ؟!

حضنت وسادتها بحب : دماغى مشغوله و بفكر في حاجه كدا .. اي في مانع ؟

اجابها معارضا : طبعا في ونص . . . . مش عندك شغل بكرة ولا ايه .. لازم تكونى فايقه مش عاوز غلطه . . مفهوم !

اومأت راسها ايجابا : حاضر يا ادهم هريح شويه قبل ماانزل

وصل بسيارته لباب بيتهم دلف ( أدهن ) من سيارته : طب يلا اول ماتصحي رنيلي اطمن عليك .

- حاضر يا أدهم .

انهي ادهم مكالمته معها علي اعتاب باب منزله فوجئ امامه ( بحنان ) ابنة عمته التى ركضت نحوه باندفاع ، ركل الباب بقدمه : صاحيه ليه لحد دلوقتى يا حنان

اقتربت منه بشغف وحب : قلبي مطاوعنيش انام وانت غايب عن البيت يا ادهم .

رمقها بنظره ساخرة وهو يخطو اول خطوات السلم المتربع وسط ساحة المنزل قائلا : لا روحي نامي وخفي احلام يقظه .. وانا مش عيل صغير عشان تخافي عليّ .

شعرت بالضيق من مرارة كلماته ثم اقتربت منه بعجلٍ محاوله خلق اي حديثٌ معه : اجيبلك تاكل !! جعان ؟

اجابها بتجاهل : لا

فركت كفيها بتوتر و قالت : . . . . .

. . . . . . . . .

( ثم رحل وأصبح ليلى بلا قمر وسيصبح قمرى محاقًا طوال الدهر . )

بالمستشفى وبالتحديد بالندن هرع الأطباء المناوبين بسرعه للمريض الذى تم أدخاله مغيب تماما عن الوعى وعلى الأغلب انها حالة انتحال لان الأب كان ممسك بعلبه دواء فارغه ويقول بان ابنته أخدتها باكملها . . . وصلت الأم مع باسل جلسوا على كراسى الأنتظار منتظرى أى خبر يريح قلبهم على يُمنى .... عاد باسل مرة اخرى لدوامه أفكاره وأخذ يقلب الورقه المخبأه بجيب چاكيته وكأنه خايف أن يعرف احد بها وكأنه سر أتمنته يُمنى عليه ولن يستطيع ابدا أفشاء سرها فبعد التفكير عرف باسل من هو المقصود بهذة الكلمات من الذى ترك يمنى وزف لغيرها للحظه أدركه كم هو غبى كيف لم يعرف بكل شئ كيف ويُمنى أخرته مرارا وتكرارا دون ان تفصح عما بداخلها بشكل مباشر ، كيف لم يفهم وأخته رفضت النزول لمصر وحضور حفل زفاف حسام . . . كيف لم يفهم نظرات الغيرة التى تشتعل فى عينيها عندما يتحدث امام اخته ويخبرها عن مغامرات حسام مع الفتايات وكيف انهم يلتصقون به كيف لم يعرف انها مغرمه به كيف لم يفهم كلماتها بالأمس عندما اخبرته ان الحب قاتل ووجع الحب مؤلم للحد الذى يدفع الشخص ان ينهئ ذلك الألم حتى لو كلفه الامر أنهاء حياته وقتل نفسه .... لم يهتم باسل وقتها لكلام يمنى ظنن منه انه كلام مرتب ومنمق كعادتها فى أختيار الجمل فهى تتحدث دايما بفلسفه أعتقد انها كلمات قرائتها فى احدى رواياتها المهوسه بها فهو يعلم أن أخته قارئه ممتازه عاشه للروايات لم ينتبه أن أخته عاشقه انهكها الحب ومن دمر حياتها هو صديقى المقرب الذى أتمنه على بيته وأهله وادخلة البيت برحابة صدر هو من سبب الالم لأخته وجعلها تنهى حياتها دون ان تكترث لشئ
قبض على يده بقوه وهو يشعر بأنه اختنق ولم يعد بأستطاعته النفس كما السابق فيبدو انه الوحيد المخطئ فهو من عرف أخته على صديقه بصفاء نيه فلاولاها لما عرف حسام بيُمنى ولما كانت يُمنى الان بين يدى ربها منتحره لا احد يعلم ما هو مصيرها وما يخبئه القدر . . . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي