الأم العزباء الفصل الثاني

و في منزل عزة التي عادت إلى منزلها في البلد و هي تركض و حينما رآها ابيها و هي ب هذا الشكل نهي من مكانه و ركض خلفها إلى غرفتها و هو ينعتها و يضربها ب شدة و يقول لها ..

والد عزة : ودتيها فين ؟! ودتيها فين يا مقصوفة الرقبة ؟! موتيها ولا سيبتيها على باب جامع عشان تداري على فضيحتك يا فاجرة

و ظل ينهال عليها ب الضرب حتى استيقظوا اخواتها و اتت والدتها و حاولوا افلتها من تحت يداه و لكنه ثار فيهم جميعا و ظل يضربهم معها ..

و في منزل فريدة كانت تقف ملك في المطبخ و هي منتظرة المياه تغلي حتى تضعها على الحليب للطفلة و لكنها كانت شارده و عيناها تنظر ب حزن غريب و لك قاطع شرودها و حزنها صوت غلاية المياه حينما فصلت .. و كان وقتها ماجد في غرفة نوم فريدة و يقوم ب تلبيس الطفلة ملابسها ب رفق و هو يدللها و يحنو عليها ب حديثه و لمساته الرقيقة و كأنه ابيها الحقيقي ، و كانت فريدة تقف تراقب و تتابع كل ما يفعله معاها و هو يقوم ب تلبيسها حتى تعلم كيف تتصرف معاها و عند تلبيسه لها الحفاضة نظر إلى فريدة و هو يقول لها ب ارشاد

ماجد : لما تيجي تلبسيها البامبرز مينفعش تزنقيه اوي على بطنها عشان ميدايقهاش ، لازم يكون مرحرح شوية عشان هي تكون مرتاحة و في نفس الوقت متخليهوش واسع على الاخر ف تبهدل هدومها و تبهدلك معاها ، انتي فهماني اكيد
فريدة ب طفولة : لا انا اصلا مش هقرب لها ولا هاجي ناحيتها خالص ، هي وقت ما هتحتاج تغير هدومها انا هكلم ملك تيجي تتصرف معاها
ماجد : يعني هي البنت لو هدومها مبهدلة و محتاجة تغير حالا ، هتستني ملك لغاية ما تيجي عشان تغير لها ؟!
فريدة : اومال اعمل ايه طيب ؟!
ماجد : تشوفي لي هتلبس ايه دلوقتي ، يعني انتي موجود عندك اي حاجة قطن بس تكون تقيلة شوية عشان الجو ساقعة و ممكن تاخد دور برد
فريدة : اه اه عندي ثانية واحدة

تفتح دولاب الملابس و تخرج منه بلوڤر صوف

ماجد : لا لا لا ده تقيل جدا و خامته هتكون خشنة على جلدها ، شوفي حاجة اخف شوية

و ب الفعل أخرجت له معطف خفيف نوعا ما و ناعم على جسدها ، أخذه ماجد و بدأ في تلبيس الطفلة و هو يداعبها ب كلمات طفولية جميلة و كانت فريدة متعجبة جدا من انسجام و تناغم ماجد معها و السهولة التي بيتعامل بها مع الطفلة التي أتت عيناها في عين فريدة للحظة من الزمن هزت فريدة من الداخل و جعلتها تشعر ب شيء غريب لم تفهمه جيدا .. و بعد الانتهاء من كل شيء كانت تجلس فريدة في المطبخ و هي تحمل الطفلة و تقوم ب ارضاعها ب الببرونة و ماجد و ملك يقفوا أمامها و كانت ملك تقول لها

ملك : لما تيجي تعملي لها الرضعة بتاعتها متخليش الماية سخنة ب تغلي ولا باردة خالص يعني يا دوب تكون دافية كده عشان تعرف تشربها و متحرقلهاش بؤها و ضروري جدا انك تجربيها على ايدك الاول عشان تتأكدي انها مش سخنة اوي ، و لازم برضه بعد ما تخلص رضاعة تخليها تطلع ريح ب صوت من بؤها ، تشليها على كتفك كده و تفضلي تطبطبي على ضهرها شوية كده لغاية ما الصوت ده يطلع
فريدة ب قلة حيلة : حاضر هعمل اللي انتي قولتي عليه كله والله حاضر
ملك : انتي متأكدة يا فريدة انك هتعرفي تباتي لوحدك النهارده ؟!
ماجد : يا لوكا ، دي دكتورة فريدة على فكرة و ياما شوفنا اكتر من كده هي هتعرف تتصرف متقلقيش
فريدة ب ابتسامة مكسورة : متقلقيش عليا يا ملك انا تمام
ملك : طيب عشان خاطري لو حصل اي حاجة أو لو احتاجتي اي حاجة كلميني على طول انا هسيب التليفون مفتوح و احتمال كبير منامش اصلا ، ماشي ؟
فريدة : حاضر يا حبيبتي ربنا ما يحرمني منك يا لوكا
ماجد : طب كفاية سهوكة الصحاب دي بقى و ياللا بينا يا ملك هانم عشان نسيب فريدة ترتاح شوية ياللا يا ماما
ملك : طيب ، عايزة حاجة يا فريدة ؟
فريدة : لا يا لوكا عايزة سلامتك انتي و ماجد
ملك : طيب ياللا تصبحي على خير
فريدة : و انتوا من أهل الخير يا حبيبتي ، خلوا بالكم من نفسكم ها
ماجد : حاضر يا ست الكل ، ياللا بقى باي باي
فريدة : باي

و ب الفعل ذهبوا و ظلت فريدة جالسة ب رفقة الطفلة و هي تطعمها و تنظر إليها و تبتسم ل جمال عيناها و ملامحها البريئة .. و في منزل عزة بعدما حدث ما حدث و كل من ابيها و اخواتها خلد إلى النوم ، كانت تجلس والدتها ب الخارج و هي تبكي حتى قررت أن تنهض و تدخل الى غرفة ابنتها عزة التي كانت تجلس على السرير و هي تحتضن نفسها و تبكي ب حرقة ، ل تدخل إليها و تجلس ب جانبها و هي تضمها إلى صدرها و تربت على كتفها ب حنان الام و تقوم ب تقبيل رأسها ف في جميع الأحوال هي ابنتها و لم تكن عليها ابدا ..

مضت فريدة ليلة مرهقة جدا ، كانت طوال الليل تحمل الطفلة و تقف بها و تحاول تنويمها و حينما فشلت اخذتها و دخلت غرفة النوم و اخذت ملابس الطفلة التي كانت ترتديها قبل الاستحمام و ايضا اخذت فراش صغير و ذهبت الى الحمام وضعت الفراش داخل وعاء بلاستيكي واسع جعلت منه سرير صغير لها و وضعتها ب داخله على الأرض و وقفت أمام الحوض ل تغسل ملابسها ، و بعد ذلك اخذتها و جلست بها في صالة المنزل و جلبت قناة افلام كرتونية على التلفاز و وضعتها ب جانبها على الأريكة و جلست و هي تنظر إليها ب تعب حتى غفلت عيناها ل بضع دقائق ثم استيقظت على صوت ضحكات الطفلة ل تقول لها .. "يا بنتي نامي بقى ابوس ايدك ، هو انتي مش بتنامي خالص ؟! انا مش قادرة والله .. انتي عايزة مني ايه بس ؟! أيوة اااااه دي يعني ايه طيب ما انا مش فاهمه انتي كده عايزة حاجة ولا لأ".. نظرت فريدة إلى المنطدة ل تلتقط من عليها الببرونة ف تجدها فارغة ، و لا تجد ما تفعله سوى أنها حملت الطفلة و اخذت الببرونة و دخلت إلى المطبخ ل تقوم ب عمل رضعة أخرى لها ، ثم قامت ب اطعامها و جعلتها تخرج ذلك الصوت من فمها بعد انتهاءها من الرضاعة و جلست بها على الأريكة و هي تحملها بين أحضانها و تحاول أن تجعلها تغفل قليلا ..


و ظلت فريدة على هذا الحال حتى الصباح إلى أن قامت الطفلة ب قضاء حاجتها و اتساخ ملابسها ف دخلت بها الى غرفة النوم و قامت ب تبديل ملابسها لها و نيمتها ب جانبها على السرير و هي تضع ليها مخدات صغيرة بجانبها من الاتجاهين حتى تتفادى اي اذى ممكن أن يصيب الطفلة ، و قامت ب استناد رأسها للخلف و هي مجهدة ل تنظر إلى جانبها ف تجد طبق يوجد به ساندوتشات ف تأخذ منه واحد و تتناول منه قضمة ثم تركته و اغلقت النور و خلدت إلى النوم .. في ذلك الوقت كانت تجلس ام عزة على السرير و هي تحتضن ابنتها عزة التي كانت تغوص في نوم عميق داخل احضان والدتها .. كانت أم عزة تجلس صامتة وجهها شاحب و حزين و دموعها تسيل على خديها دون إصدار أي صوت ل تنظر إلى ابنتها النائمة ب أسى و حزن شديد ولا تجد ما تفعله سوى أن تقوم ب تغطية ابنتها جيدا و الطبطبة عليها ب حنية الام ..

و فيه صباح اليوم التالي و كانت الشمس تملئ أرجاء المنزل عند فريدة و ايضا صوت بكاء الطفلة كان يملئ المنزل ل تنهض فريدة فورا و هي مفزوعة و تتجه نحوها و تبدأ في تهدأتها ب توتر و هي تبحث عن سكاتة الاطفال على السرير ل تجدها و تضعها في فمها و هي تقول إليها .. "انتي جعانة انتي جعانة ، انا هقوم اعملك تاكلي اهو والله دقيقتين بالظبط والله و هبقى عندك دقيقتين" .. و نهضت مسرعة إلى المطبخ و لكنها لم تكمل طريقها و عادت فورا بسبب بكاء الطفلة التي يزداد ب شكل هستيري و التي كان شيء مربك جدا لدى فريدة .. ف لم تستطيع اسكاتها و لم تجد حل سوى أن تحملها و تضمها إلى صدرها و هي تحاول اسكاتها ب شتى الطرق سواء هزها ب هدوء أو حديثها إليها و اخذتها و ذهبت بها إلى المطبخ و هي تركض .. و في منزل ملك كان ماجد استيقظ و اخذ حماما دافئا و ارتدى ثيابه و خرج خارج الغرفة و هو ينادي على ملك

ماجد : ملك ، جهزتي ولا لسه يا بنتي ؟
ملك ترد عليه من غرفة الأطفال التي توجد في منزلهم و كانت تقوم ب التفتيش في دولاب مليء ب ملابس طفل رضيع : لا لسه يا ماجد ، انا مش هنزل معاك اصلا
ماجد ب استغراب : مش هتنزلي معايا ليه هو فيه حاجة ؟!
ملك : أيوة انا لسه هعدي على فريدة في البيت الاول
ماجد ينظر إليها ب انكسار و هو يقترب منها : مش عايزاني اوصلك عندها طيب قبل ما اروح الشغل ؟!
ملك تجيب عليه دون أن تنظر له : لا لا متتعبش نفسك ، انا هخلص مشوار فريدة و بعدين ابقى اخد اوبر و أروح الشغل
ماجد ب قلة حيلة : طيب يا ملك ، ياريت تبقي تطمنيني لما تخلصي اللي هتعمليه
ملك : حاضر ، متقلقش عليا

لم يجيب عليها ماجد و ذهب في صمت شديد ، ب مجرد أن سمعت صوت اغلاق الباب أمسكت الثياب التي أمامها و اقتربت منها و طبعت عليها قبلة و الدموع متلئلئة في عيناها ..

و فيه منزل ندى التي كانت تقف المطبخ و هي تقوم ب اعداد الرضعة للطفلة وصلت السيدة المسؤولة عن نظافة و اعمال المنزل و دخلت فورا على المطبخ عند سماع صوت بكاء الطفلة التي يصدر منه و هي مستغربة قليلا

فاطمة : صباح الخير يا دكتورة فريدة
فريدة ب استنجاد : صباح النور يا فاطمة
فاطمة تركض نحو الطفلة و تحملها: احيه عليكي يا دكتورة فريدة ، انتي حاطة البت في طشط الغسيل ، يا كبدي يا بنتي .. و النبي فيه حد عاقل يعمل كده في ضناه ! قولي لي يا دكتورة عرفتي تبقى بنت مين ولا لأ ؟!
فريدة ب إنكار : هعرف منين يعني يا فاطمة ! دي هي الست اللي رمتها لي في العربية كانت منقبة و الدنيا اصلا كانت ليل و الطريق كان مقطوع و ضلمة متشوفيش منه كف ايدك
فاطمة : لا حول ولا قوة الا بالله ، طب و انتي ناوية تعملي ايه يا دكتورة ؟ قسما بالله انا لو اقدر و ظروفي كانت مبحبحة شوية لا كنت خدتها و ربيتها وسط عيالي بس للاسف لا الظروف سامحة ولا المعدول جوزي يرضى ب كده ده يطلقني فيها .. ده فيه ناس بتتمنى ضافر عيل و هي ترميه كده ب كل قلب بارد !
فريدة تتجه نحوها ب الرضعة : ده على اساس ان انتي ناقصة عيال يعني يا فاطمة ما كفاية يا حبيبتي اورطة العيال اللي عندك

اخذت فريدة من فاطمة الطفلة و جلست بها على المقعد ل تقوم ب ارضاعها .. ل تسمع صوت جرس باب المنزل و هو يدق ف تطلب من فاطمة أن تفتح و ترى من ب الخارج و تبتدي هي في إرضاع الطفلة التي لازالت تبكي ل تدخل عليهم ملك و بحوذتها شنطة يوجد بها محتويات للطفل

ملك : صباح الخير
فريدة : صباح النور يا ملك
ملك : ايه الاخبار النهارده
فريدة : اهي هي دي الاخبار زي ما انتي شايفة
ملك ب ابتسامة : لا ده انتي شكلك اتعلمتي بسرعة خلاص اهو و هتدخلي مدرسة الأمومة من اوسع ابوابها ، و بعدين ايه الطشط اللي انتي حطاه ده ؟! بس تمام تمام انتي كده بقيتي متمكنة و بتعرفي تتصرفي
فريدة : ااااه ، متمكنة .. متمكنة اوي زي ما انتي شايفة اهو دي كتر الف خيرها والله يعني عملت معايا احلى واجب و سابتني انام خمس دقايق بحالهم من امبارح للنهارده
فريدة تضحك : يا سلام طفلة بتفهم في الأصول ، و بعدين احمدي ربنا انها سمحت لك تبربشي ب عينك كده بس .. و صحيح قبل ما انسى انا سألت و عرفت أن انتي لازم تروحي القسم
فاطمة تقف و تتابع الحديث من البداية : قسم ! قسم ليه كفى لا الشر
فريدة تحاول ابعدها : طيب فاطمة معلش بس لو سمحتي تطلعي البلكونة و تجيبي لي هدوم البنت من على المنشر
ملك بعد خروج فاطمة : العيال اللي مش عارفين اهاليهم لازم نعمل بيهم محضر في القسم .. و انا جيبت لك شوية هدوم للبنت تمشي بيهم حالك بقى لغاية ما تهدي كده و تتمالكي اعصابك و تعرفي تنزلي تجيبي لها طلباتها
فريدة تبتسم إليها ب حب : والله انا مش عارفة من غير و جودك انتي و ماجد في حياتي كنت هعرف استحمل الدنيا دي ازاي
ملك تنظر إلى الطفلة ب ابتسامة مكسورة : متقوليش كده يا عبيطة احنا اخواتك و مفيش بين الاخوات الكلام ده ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي