الأم العزباء

Rania.Adel`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-06-29ضع على الرف
  • 69.8K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الأم العزباء الفصل الأول

في قرية ريفية بسيطة و هادئة كانت تمتلك "فريدة" منزل جميل مكون من طابق ارضي و طابق علوي و يعود ذلك المنزل إلى أبيها رحمة الله عليه ، و لكن فريدة لديها منزلها و حياتها الخاصة في مدينة القاهرة و و تعيش مع أخيها "طارق" في القاهرة في منزله برفقته هو و زوجته "ايمان" و اولادهم الاثنان "سلمى" و "يونس" .. فريدة تبلغ من العمر 35 عاما و لكنها لم تتزوج و هذا هو السبب الذي يجعلها تمكث مع أخيها و زوجته في نفس المنزل لأنها لا تستطيع العيش في منزل بمفردها دون وجود زوج أو أهل برفقتها .. تلك هي عادات و تقاليد بلدنا و عائلتنا من قديم الأزل .. في أغلب الأحيان ينظرون إلى المرأة التي تعيش بمفردها نظرة مشتبه فيها و كأنها تفعل شيء خاطىء .. و لكن فريدة فتاة ذات قلب حنون و طموح عالي ف هي طبيبة عيون و تحب عملها كثيرا و ايضا تعشق الأطفال و لأنها لا تريد أن تكون عبىء على أخيها و زوجته من بعد وفاة ابيها و امها قررت أن تقوم بعمل عيادة في الطابق الارضي في منزل القرية للعمال و الفلاحين و الغير قادرين على نفقة الأطباء ب الخارج ف هي محبة لعمل الخير كثيرا و بالطبع تلك العيادة كانت شيء اضافي ب جانب عملها في القاهرة و كانت تذهب كل اسبوع في الصباح حتى تباشر عملها في العيادة و ايضا تطمئن أن كل شيئا على ما يرام في أرضها التي يوجد عليها المنزل .. و كانوا أهل القرية و أبنائهم يحبون فريدة كثيرا ل طيبة قلبها و وجهها البشوش دائما و معاملتها الحسنة لهم .. و في ليلة من الليالي كانت فريدة تجلس في عيادتها التي توجد في القرية و تستقبل المرضى .. و كان معها حالة طفل صغير ب رفقة والدته و كان يجلس أمام جهاز الكشف على النطر و فريدة تجلس أمامه و هي توجهه و تقول له

فريدة : بص ناحية ودني الشمال يا بودي .. أيوة كده شاااطر .. "تحرك الجهاز الناحية الاخر" .. بص على ودني اليمين بقى .. اممم عندك شوية جفاف يا استاذ بودي
والدة الطفل : هييي يا لهوي جفاف ايه بس يا دكتورة يعني الولا ممكن نظره يروح !!!
فريدة ب ابتسامة هادئة : بعد الشر عليه ، اهدي بس دي حاجة بسيطة خالص متقلقيش .. هو بس اللي شقي و بيحب يتفرج على التليفزيون كتير
والدة الطفل : والله طول النهار قاعد قدامه يا دكتورة مش بيقوم ياكل حتى لولا أن أنا بخليه يقوم بالعافية مش هيتحرك من مكانه
فريدة تنهض و تذهب نحو مكتبها و هي تضحك : و مين فينا مش بيحب التليفزيون و أفلامه و مسلسلاته و خصوصا الكرتون للأطفال اللي في سنه ، على العموم انا هكتب له على نوع قطرة كويس يحط منه مرتين في اليوم و هيتحسن و هيبقى كويس جدا

تعطيها فريدة الروشته .. و تأخذ سلة الحلاويات المخصصة للأطفال من أعلى المكتب و هي تضعها أمام الطفل ب نظرة مليئة ب الحنان و هي تقول له ..

فريدة : الف سلامة عليك يا استاذ بودي ، ياللا بقى خد الشيكولاتاية اللي تعجبك منهم عشان انا عارفة انك شاطر و هتسمع كلامي و كلام ماما و هتاخد العلاج من غير ما تتعبها و كمان مش هتتفرج على التليفزيون كتير ، صح ؟
بودي يبتسم لها و هو يأخذ الحلوى : صح طبعا
والدة الطفل : طب ياللا بقى قول لها شكرا يا احلى دكتورة
بودي : شكرا يا اجمل دكتورة في العالم
فريدة : العفو يا احلى ولد اي العالم كله .. "تنطر إلى والدته" .. انتي معاكي فلوس ؟
والدة الطفل : الحمد لله يا دكتورة ربنا يديم ستره علينا
فريدة تفتح درج المكتب و تخرج منه علبة قطرة : دي القطرة اللي كتبها ل بودي ، خديها و لما تخلص ابقي هاتي له واحدة تانية
والدة الطفل تأخذها : ربنا يباركلك في صحتك و يحفظك و يخليكي لينا و للغلابة اللي زيينا يارب و ما يحرمنا منك ابدا يا نوارة البلد
فريدة : و يخليكوا ليا يا ست الكل
والدة الطفل : طيب عن اذنك يا دكتورة عطلانكي معلش
فريدة : لا مفيش عطلة ولا حاجة نورتيني ، باي باي يا بودي
بودي : باي باي

و بعد خروج الطفل ب رفقة والدته من غرفة الكشف ، نهضت فريدة من على مقعدها و اتجهت نحو الباب و هي تحادث الممرضة التي تجلس ب الخارج و هي تقول لها

فريدة : ها يا سمية ، مين اللي عليه الدور ؟
سمية : الحاجة انتصار
فريدة : طيب خليها تتفضل

و عند استقبال فريدة للسيدة العجوز وجدت أمامها الست "ام عزة" و هي عاملة النظافة التي تأتي كل أسبوع ل تنظيف العيادة و المنزل ب الطابق العلوي و هي بتقول لها

ام عزة : بص يا دكتورة انا خلصت كل حاجة و البيت فوق زي الفل
فريدة : تسلم ايديكي يارب
ام عزة : تسلمي من كل شر يا غالية ، انا بس هستسمحك يعني معلش حضرتك اللي تقفلي العيادة و البيت النهارده عشان انا ورايا كام مشوار مهم كده لازم اروح اخلصه
فريدة : طيب ماشي اتكلي على الله و انا هظبط كل حاجة .. بس صح قبل ما تمشي ، هي فين عزة انا بقالي فترة كل ما باجي مش بشوفها بطلتي تجيبيها معاكي ليه دي وحشاني جدا
ام عزة ب توتر : حاضر ، حاضر يا دكتورة هبقى اجيبها معايا
فريدة تبتسم لها : ماشي ابقي سلمي لي عليها بقى لغاية ما أشوفها الاسبوع الجاي
ام عزة : يوصل من عينيا ، ب الاذن يا دكتورة
فريدة : اتفضلي

و ذهبت ام عزة و دخلت فريدة إلى السيدة انتصار ل تكشف عليها

فريدة : ها بقى يا حاجة انتصار قولي لي بتشتكي من ايه ؟!
الحاجة انتصار : عيني بتوجعني اوي يا دكتورة
فريدة : لا سلامتك الف سلامة ، قومي ياللا خلينا نكشف على العيون الحلوين دول
الحاجة انتصار تنهض معها : و النبي انتي اللي حلوة و كلامك زي الدوا يشفي المجروح

و خارج العيادة يوجد أمامها ارض زراعية واسعة ماليئة ب الأشجار و النخيل و التي كانت تختبئ خلفه فتاة منتقبة و هي تقف تترقب و تنتظر خروج الدكتورة فريدة و هي يظهر عليها معالم القلق و التوتر .. و بالفعل مر اليوم على فريدة بين المرضى و الكشوفات و توزيع الحلوى على الأطفال الصغار حتى حل المساء عليها و كانت انتهت من عملها و بقيت العيادة فارغة عليها و الارض حول المنزل أيضا فارغة ف نهضت لتبتدي ب اغلاق الشرفة و الشبابيك و محابس المياه و الكهرباء قبل رحيلها ، و بعد خروجها من المنزل رأتها الفتاة التي كانت لازالت تنتظر خروجها و عند رؤيتها ل فريدة هما مسرعة و هي تركض نحو الطريق .. و ركبت فريدة سيارتها و انطلاقت نحو طريق العودة إلى القاهرة ، و اثناء سيرها و هي تقود سيارتها و تستمع إلى اغاني مطربها المفضل عمرو دياب و مستمتعة ب الهدوء التي يسود الجو و الطريق و الهواء النقي التي يلامس وجهها الناعم و يداعب خصلات شعرها المنسدل على كتفيها ، ل تقف فجأة و هي تشهق ب خوف عندما ظهرت امام سيارتها فجأة تلك الفتاة المنتقبة و هي تحمل بين يدايها طفلة رضيعة و تبدأ في التخبيط على السيارة و فريدة تنظر إليها ب خوف و هي تقول لها

فريدة : ايه ده ! ايه ده انتي مين ؟! انتي مجنونة ولا ايه ؟!
الفتاة ب خوف و توسل : افتحي الباب يا دكتورة الله يكرمك
فريدة تمسك ب دركسيون السيارة لتتحرك : باب ايه اللي افتحه ، ابعدي كده ابعدي
الفتاة ب بكاء و توسل شديد تقف امام السيارة : يا دكتورة الله يسترك استني و افتحيلي الباب
فريدة : انتي مين انتي ؟!

رفعت الفتاة سترة النقاب عن وجهها لتظهر أمام فريدة ب وضوح ل تنظر فريدة إليها ب ذهول و عدم فهم و تفتح باب السيارة و تنزل إليها و هي تقول لها

فريدة : انتي عزة !!
عزة تعطيها الطفلة الرضيعة و هي تبكي ب حرقة : سايق عليكي النبي لا تاخديها يا دكتورة
فريدة ب خضة : اخد ايه مين الطفلة دي و ايه اللي بتعمليه بيها في وقت زي ده و في طريق زي ده
عزة : دي بنتي يا دكتورة
فريدة ب انفعال : بنتك ازاي يعني !!
عزة : والله العظيم بنتي ، والنبي خديها انا زمان ابويا قالب عليا البلد و لو عتر فيا هيموتني ، و غلاوة الغاليين عندك خديها

و فجأة ظهر أمامهم قبيلة من الرجال تأتي نحوهم ل ترتعب ولا تجد أمامها أي حلول غير أن تعطي الطفلة ل فريدة ب الإكراه و تتركها و تهرب ل تترك فريدة و هي تحمل الطفلة و هي تقول لها

فريدة : لا لا لا ، يا عزة ، يا بنتي ابوس ايدك

و لكن عزة كانت هربت و اختفت من أمام انظارها و تحاول فريدة الالحاق بها و لكنها تراجعت حينما و جدت تلك المجموعة من الرجال تقترب نحوها ل تستقل سيارتها و هي معها الطفلة و تنطلق مسرعة .. و كانت طول الطريق تحاول الاتصال ب سمية ممرضة عيادتها و لكنها لم تجيب عليها و ايضا كانت الطفلة تبكي بكاء شديد و ذلك جعلها تتوتر كثيرا حتى تلقت اتصالا من صديقتها المقربة ل تقص عليها ما حدث معها ، و حينما وصلت صعدت إلى شقتها التي توجد ب نفس المبنى التي يسكن فيه اخياها ، هي تمكث معه في نفس المنزل و لكن لديها أيضا شقة منفصلة في الطابق الأعلى حتى تلجأ إليها عند حدوث أي أمرا ما .. و عند دخولها إلى المنزل وضعت الطفلة على الأريكة و هي تبكي كثيرا و ظلت تنظر إليها ب خوف و توتر و حزن على حالها في ذات الوقت و فجأة تذكرت و أخرجت هاتفها من حقيبتها و اتصلت ب الصيدلية التي توجد في نفس الشارع و طلبت أن يحضره لها مع الدليڤيري حليب اطفال و حفاضات حديثي الولاده و ببرونة و سكاتة و مناديل مبللة ، و طلبت أن يصلها الطلبات ب أقصى سرعة .. و أنهت المكالمة و نظرت إلى الطفلة مجددا و قامت ب تغطيتها جيدا لعلها تهدأ قليلا و لكن لا يوجد فائدة ف من الواضح أنها جائعة ، ابتعدت عنها و قامت ب رفع شعرها و حينها رن جرس باب منزلها ل تذهب مسرعة نحو الباب و تقوم ب فتحه ف تجد أمامها "ملك" صديقتها المقربة و معها زوجها ، و بمجرد أن فتحت لهم الباب اخذتها ملك بين أحضانها ، ثم قاطعم "ماجد" زوج ملك و هو يقول لها

ماجد : هي فين
فريدة : جوا ، تعالوا
ماجد بعد دخوله : دي مصيبة يا فريدة ، انتي ازاي عملتي في نفسك كده ، انتي مكنش ينفع تاخديها خالص المفروض كنتي سيبتيها قدام اي بيت ولا قدام اي مسجد احسن لك لكن انتي كده بتحملي نفسك مسؤولية مرعبة و مظنش انك ممكن تكوني قدها
فريدة : يا ماجد انت بتكلمني كأني كنت في وعيي ا مستوعبة اللي انا فيه عشان اقدر افكر ، انا بقولك هي رميتها لي و طلعت تجري و البنت بتعيط من ساعتها ، تفكيري كله اتشل و مبقيتش عارفة اتصرف ازاي فضلت سايقة العربية لغاية ما لاقيت نفسي قدام البيت هنا
ماجد يفحص الطفلة : يعني مكشفتيش عليها ؟
فريدة : هو انا لاحقت اعمل حاجة اصلا
ملك تأتي من الخلف ب خطوات بطيئة و هي تنظر إلى الطفلة و تقول ل فريدة

ملك : يا لهوووي يا فريدة ، دي البنت صغيرة جدااا انا مكنتش متخيلة أنها في العمر ده ، دي محتاجة ام هي اللي تراعيها يا بنتي انتي مش هتعرفي تاخدي بالك منها لانك معندكيش خبرة ، الاطفال في السن ده بيعيطوا تقريبا كل خمس دقايق و انتي مش هتكوني فاهمة سبب عياطها ده ايه ولا هتعرفي تتعاملي خالص .. "تأخذ الطفلة من زوجها و تحملها بين ذراعيها" ..
ماجد ينظر إلى فريدة : تقدري تقولي لي دلوقتي البنت دي لو جرى لها أي حاجة انتي هتعملي ايه ؟؟!
فريدة ب نظرات تائهة : يا جماعة ابوس ايديكم مش كده ، انتوا مش فاهمين أن محطوطة في ايه دلوقتي ! لو سمحتوا واحدة واحدة عليا و بالراحة كده عشان انا فعلا مش عارفة افكر خالص
ملك ب تأثر بعد ازدياد بكاء الطفلة : ازاي هانت عليها و قلبها طاوعها تعمل في ضناها كده بجد ازاي انا هتجنن ، هو اصلا فيه ناس ممكن تعمل كده انا بجد مش قادرة اتصور
فريدة سمعت جرس الباب يرن : ده اكيد الدليڤيري بتاع الصيدلية جاب الطلبات ، انا هقوم افتح
ماجد ينهض : استني انا هقوم افتح له
فريدة تنظر إلى ملك بعد خروج ماجد من الغرفة : اهي هي عاملة كده طول الطريق و مبطلتش عياط دقيقتين على بعض و انا مش فاهمة هي فيها ايه
ملك : هي اكيد جعانة يا فريدة
فريدة بعد لحظات من الصمت و النظر إلى الطفلة : طب اعمل ايه انا بقى ؟ اعمل ايه دلوقتي قولي لي ؟!
ملك ب حماس : احنا نحميها الاول و نغير لها هدومها عشان اول ما تاكل و تشبع تنام على طول
فريدة ب فزعة : لا لا انا مش هحمي حد انا استحالة اصلا اعمل كده دي ممكن تتكسر مني انتي مش شايفة حجمها عامل ازاي
ملك : انا هعلمك يا فريدة هعلمك ، انتي لازم تتعلمي يا حبيبتي انك تعملي لها كل حاجة لغاية ما تشوفي هتتصرفي في الموضوع ده ازاي يعني طول ما هي معاكي هتبقى تحت مسؤوليتك انتي .. "ماجد يدخل ب الطلبات" .. ممكن تاخدها مني يا ماجد لو سمحت
ماجد يحملها ب رفق : هاتيها ، بسم الله الرحمن الرحيم

نهضت ملك و أخذت شنطة الطلبات و اتجهت إلى الداخل و خلفها ماجد و تركوا فريدة تجلس و هي تنظر إلى تحركاتهم و هي خائفة و تائهة و تشعر ب أنها غارقة في ورطة كبيرة ، ل تستفيق من شرودها قليلا ل تنهض و تذهب خلفهم و تشارك ملك في استحمامها ، و كانت تضعها ملك فيه وعاء بلاستيكي كبير و تملائه ب المياه الدافئة و طلبت من فريدة أن تقوم ب أمساكها حتى تقوم ب ملئ الوعاء ، قامت فريدة ب امساكها و هي عارية تماما و كانت خائفة جدا من ملمس الطفلة و ظلت تصرخ مثل الأطفال و هي تقول ل ملك

فريدة : لا لا لا ملك ارجوكي تعالي خديها انا مش قادرة امسكها اكتر من كده تعالي والنبي البنت هتتزحلق من ايدي والله

ملك تأتي ب فوطة و تقوم ببلها و هي تمسح بها على ظهر الطفلة و تقول ل فريدة

ملك : استني بس خلينا نخلص بسرعة عشان تلبس و تتدفى
فريدة تنظر إلى ملك ب اسف : انا اسفة اوي يا ملك والله سامحيني
ملك تأخذ الحليب و الببرونة من الشنطة : طب استني انا هروح اعمل لها الاكل بتاعها
فريدة : طب بسرعة والنبي متسيبينيش معاها لوحدي
ملك تركض مسرعة خارج الحمام : ماااجد ..

و في منزل عزة التي عادت إلى منزلها في البلد و هي تركض و حينما رآها ابيها و هي ب هذا الشكل نهي من مكانه و ركض خلفها إلى غرفتها و هو ينعتها و يضربها ب شدة و يقول لها ..

والد عزة : ودتيها فين ؟! ودتيها فين يا مقصوفة الرقبة ؟! موتيها ولا سيبتيها على باب جامع عشان تداري على فضيحتك يا فاجرة

و ظل ينهال عليها ب الضرب حتى استيقظوا اخواتها و اتت والدتها و حاولوا افلتها من تحت يداه و لكنه ثار فيهم جميعا و ظل يضربهم معها ..

و في منزل فريدة كانت تقف ملك في المطبخ و هي منتظرة المياه تغلي حتى تضعها على الحليب للطفلة و لكنها كانت شارده و عيناها تنظر ب حزن غريب و لك قاطع شرودها و حزنها صوت غلاية المياه حينما فصلت .. و كان وقتها ماجد في غرفة نوم فريدة و يقوم ب تلبيس الطفلة ملابسها ب رفق و هو يدللها و يحنو عليها ب حديثه و لمساته الرقيقة و كأنه ابيها الحقيقي ، و كانت فريدة تقف تراقب و تتابع كل ما يفعله معاها و هو يقوم ب تلبيسها حتى تعلم كيف تتصرف معاها و عند تلبيسه لها الحفاضة نظر إلى فريدة و هو يقول لها ب ارشاد

ماجد : لما تيجي تلبسيها البامبرز مينفعش تزنقيه اوي على بطنها عشان ميدايقهاش ، لازم يكون مرحرح شوية عشان هي تكون مرتاحة و في نفس الوقت متخليهوش واسع على الاخر ف تبهدل هدومها و تبهدلك معاها ، انتي فهماني اكيد
فريدة ب طفولة : لا انا اصلا مش هقرب لها ولا هاجي ناحيتها خالص ، هي وقت ما هتحتاج تغير هدومها انا هكلم ملك تيجي تتصرف معاها
ماجد : يعني هي البنت لو هدومها مبهدلة و محتاجة تغير حالا ، هتستني ملك لغاية ما تيجي عشان تغير لها ؟!
فريدة : اومال اعمل ايه طيب ؟!
ماجد : تشوفي لي هتلبس ايه دلوقتي ، يعني انتي موجود عندك اي حاجة قطن بس تكون تقيلة شوية عشان الجو ساقعة و ممكن تاخد دور برد
فريدة : اه اه عندي ثانية واحدة

تفتح دولاب الملابس و تخرج منه بلوڤر صوف

ماجد : لا لا لا ده تقيل جدا و خامته هتكون خشنة على جلدها ، شوفي حاجة اخف شوية

و ب الفعل أخرجت له معطف خفيف نوعا ما و ناعم على جسدها ، أخذه ماجد و بدأ في تلبيس الطفلة و هو يداعبها ب كلمات طفولية جميلة و كانت فريدة متعجبة جدا من انسجام و تناغم ماجد معها و السهولة التي بيتعامل بها مع الطفلة التي أتت عيناها في عين فريدة للحظة من الزمن هزت فريدة من الداخل و جعلتها تشعر ب شيء غريب لم تفهمه جيدا .. و بعد الانتهاء من كل شيء كانت تجلس فريدة في المطبخ و هي تحمل الطفلة و تقوم ب ارضاعها ب الببرونة و ماجد و ملك يقفوا أمامها و كانت ملك تقول لها

ملك : لما تيجي تعملي لها الرضعة بتاعتها متخليش الماية سخنة ب تغلي ولا باردة خالص يعني يا دوب تكون دافية كده عشان تعرف تشربها و متحرقلهاش بؤها و ضروري جدا انك تجربيها على ايدك الاول عشان تتأكدي انها مش سخنة اوي ، و لازم برضه بعد ما تخلص رضاعة تخليها تطلع ريح ب صوت من بؤها ، تشليها على كتفك كده و تفضلي تطبطبي على ضهرها شوية كده لغاية ما الصوت ده يطلع
فريدة ب قلة حيلة : حاضر هعمل اللي انتي قولتي عليه كله والله حاضر
ملك : انتي متأكدة يا فريدة انك هتعرفي تباتي لوحدك النهارده ؟!
ماجد : يا لوكا ، دي دكتورة فريدة على فكرة و ياما شوفنا اكتر من كده هي هتعرف تتصرف متقلقيش
فريدة ب ابتسامة مكسورة : متقلقيش عليا يا ملك انا تمام
ملك : طيب عشان خاطري لو حصل اي حاجة أو لو احتاجتي اي حاجة كلميني على طول انا هسيب التليفون مفتوح و احتمال كبير منامش اصلا ، ماشي ؟
فريدة : حاضر يا حبيبتي ربنا ما يحرمني منك يا لوكا
ماجد : طب كفاية سهوكة الصحاب دي بقى و ياللا بينا يا ملك هانم عشان نسيب فريدة ترتاح شوية ياللا يا ماما
ملك : طيب ، عايزة حاجة يا فريدة ؟
فريدة : لا يا لوكا عايزة سلامتك انتي و ماجد
ملك : طيب ياللا تصبحي على خير
فريدة : و انتوا من أهل الخير يا حبيبتي ، خلوا بالكم من نفسكم ها
ماجد : حاضر يا ست الكل ، ياللا بقى باي باي
فريدة : باي

و ب الفعل ذهبوا و ظلت فريدة جالسة ب رفقة الطفلة و هي تطعمها و تنظر إليها و تبتسم ل جمال عيناها و ملامحها البريئة .. و في منزل عزة بعدما حدث ما حدث و كل من ابيها و اخواتها خلد إلى النوم ، كانت تجلس والدتها ب الخارج و هي تبكي حتى قررت أن تنهض و تدخل الى غرفة ابنتها عزة التي كانت تجلس على السرير و هي تحتضن نفسها و تبكي ب حرقة ، ل تدخل إليها و تجلس ب جانبها و هي تضمها إلى صدرها و تربت على كتفها ب حنان الام و تقوم ب تقبيل رأسها ف في جميع الأحوال هي ابنتها و لم تكن عليها ابدا ..

مضت فريدة ليلة مرهقة جدا ، كانت طوال الليل تحمل الطفلة و تقف بها و تحاول تنويمها و حينما فشلت اخذتها و دخلت غرفة النوم و اخذت ملابس الطفلة التي كانت ترتديها قبل الاستحمام و ايضا اخذت فراش صغير و ذهبت الى الحمام وضعت الفراش داخل وعاء بلاستيكي واسع جعلت منه سرير صغير لها و وضعتها ب داخله على الأرض و وقفت أمام الحوض ل تغسل ملابسها ، و بعد ذلك اخذتها و جلست بها في صالة المنزل و جلبت قناة افلام كرتونية على التلفاز و وضعتها ب جانبها على الأريكة و جلست و هي تنظر إليها ب تعب حتى غفلت عيناها ل بضع دقائق ثم استيقظت على صوت ضحكات الطفلة ل تقول لها .. "يا بنتي نامي بقى ابوس ايدك ، هو انتي مش بتنامي خالص ؟! انا مش قادرة والله .. انتي عايزة مني ايه بس ؟! أيوة اااااه دي يعني ايه طيب ما انا مش فاهمه انتي كده عايزة حاجة ولا لأ".. نظرت فريدة إلى المنطدة ل تلتقط من عليها الببرونة ف تجدها فارغة ، و لا تجد ما تفعله سوى أنها حملت الطفلة و اخذت الببرونة و دخلت إلى المطبخ ل تقوم ب عمل رضعة أخرى لها ، ثم قامت ب اطعامها و جعلتها تخرج ذلك الصوت من فمها بعد انتهاءها من الرضاعة و جلست بها على الأريكة و هي تحملها بين أحضانها و تحاول أن تجعلها تغفل قليلا ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي