الفصل الثاني
كانت طاولة كبيرة ممتدة تشعر ما أن تراها أن مائة شخص سيجلسون بها إلا أنك تتفاجئ عندما تجدهم سبعة أشخاص فقط , علي رأس الطاولة كان يجلس الجد الأكبر محي الدين العزايزي وعلي يمنيه إبنه ناصر وإنضمت إليه زوجته درية , في مقابله كان يجلس شابا في منتصف الثلاثينات ذو جسد نحيف بعض الشئ يرتدي بدلة رسمية ويبدو جليا الحزن عليه كان ذلك هو يوسف إبن المرحوم نصر أي يكون حفيد العائلة , وكانت أيضا فريال تجلس وبجانبها أخيها فراس وزوجته الحامل فرح , كانوا هم أهل هذا القصر الفاخر بالإضافة لبعض الطباخين والمساعدين في هذا المنزل الضخم .
كان الجميع يجلس صامتا حتي أن الطعام لم يجذب شهيتم للبدأ فيه رغم مهارة وجودة صانعيه .
ولكن القلوب ان حزنت زهدت النفوس ما كان يطيب لها , بالطبع الجميع كان متأثر بزواج الإبنة الكبري للعائلة بعيدا عنهم ودون رضاهم فرغم إبتعادها لسنوات طويلة إلا أن مكانتها محفوظة بين القلوب ولعل أكثر قلبا تمزق من خبر زواجها هو يوسف إبن عمها الذي كان يهيم بحبها منذ صغره واو أنها طلبت روحه لأعطاها إياها دون تفكير , ومازال يبقي عازبا علي ذكراها رغم مرور السنوات علي إنتظار أن تعود يوما وتبادله نفس الحب .
ناصر الأب كان يحاول الا يبدي ضيقه فهو الرجل الصلب الذي رفض أن تعود إبنته إلي العائلة ولم يستطع أحدا أن يثنيه عن قراره فلا يجب أبدا أن يتراجع الآن ,
ناصر بجمود : لماذا لم يبدأ احد بتناول الطعام ؟؟ إبدأي يا درية فالطعام سيبرد ؟
درية بإستكانة وضعف بدأت أخذ بعض اللقيمات .
كان فراس هو إبن ناصر الأوسط فهو أصغر من فريدة (فيري) ذو شخصية مطيعة لإبيها لطالما لم يعترض عما يقوله والده , في اصغر قرارته كان أبيها هو من يقرر وفي اكبرها كان أبيه هو من يأمر حتي في أمر زواجه الذي تم منذ ثمانية أشهر أبيه ناصر هو من قرر وأختار العروس وكانت فرح إبنة شريك لهم , كانت فتاة هادئة الطباع وجميلة ولكنها أبدا لم تستطع الحصول علي قلب فراس ربما أخذته كزوج ولكنها أبدا لم تحظي به كحبيب .
فراس : هنبدأ أهه يا أبي .. مد يده ليلتقط بعض اللقيمات كي ينفذ رغبة أبيه حتي في هذا .
ثم نظر لفرح زوجته : كلي يا فرح بالتأكيد أنتي جائعة فالجنين يأكل منك .
فرح وهي تتمني أن ينطق لها جملة ناعمة ولا يذكر فيها ان ذلك من أجل الجنين بل من اجلها هي أمأت له برأسها وإستكفت بهذا .
نظر ناصر لأبيه محي الذي رفع كتفيه مستهزءا بإبنه
محي الدين : ماذا , هل ستأمرني أنا أيضا بأن أكل ؟؟
ناصر : العفو يا أبي ولكن أنا فقط خائف علي صحتك يجب أن تأكل فلديك أدوية من المهم أن تحرص علي اخذها في الميعاد المحدد كما ال الطبيب.
محي الدين : ومن قال لك أن صحتي ستتحسن علي دواء هذا الطبيب , لن تعود صحتي إلي إلا عندما أري حفيدتي فريدة تجلس معا علي نفس الطاولة .
ناصر ببعض الغضب : ألم يغلق هذا المر منذ سنوات يا أبي لماذا تفتحه في كل حين ..
محي الدين : كلا لم يغلق ولن أغلقه حتي يتحقق مرادي وتعود فتاة العائلة , كيف يمكنك أن تجلي هكذا وتطلب منا أن نبدا بالأكل وحفيدة عائلتنا تتزوج ولا يوجد أي أحد من عائلتها حولها , وليست بأي أحد هي أول حفيدة لنا .
ناصر : من تتحدث عنها إختارت وجهتها وحياتها ولا علاقة لنا بها بعد الأن .
محي الدين : أختارت أن تعمل في مجال لا تحبه أنت تلك هي مشكلة بينا ولكن الزواج أمر أخر , لم يكن ليتوجب عليك أبدا طردها من البيت عندما أتت لتطلب منك الإذن بالزواج لا أدري كيف تمكنت القسوة والعناد منك هكذا لترد إبنتك الكبري .
ناصر غاضبا : أنا ليس لدي أي أبناء سوي فراس وفريال , لن أعترف باحد غيرهم ولن أشارك في أي أمر لها .
محي الدين : تمنع نفسك منها هذا أمر يخصك ولكنك تفرض علي الجميع أن يتصرف مثلك علي الأقل كان أخوتها وأمها يرافقوناها في هذا اليوم .
ناصر : الباب مفتوح من يريد الذهاب فليذهب إليها ولكن من بعدها لا يعود لهذا البيت مجددا .
ثم غادر من علي الطاولة داخلا مكتبه وهو يزفر بضيق , ولم تكن تلك أول مرة خلال هذا الأسبوع أن يتشاجر فيها محي الدين مع إبنه ناصر من أجل فريدة ولكن لا شئ يغير من تفكير العنيد ناصر أبدا .
محي الدين : فريال ؟؟
فريال : نعم يا جدي
محي الدين : هل لديكي أي أرقام لفريدة
تهلل وجه فريال من السرور: هناك أكثر من رقم , فيما تريده
محي الدين : إتصلي بها أريد أن أبارك لها ولو قررت منذ الصباح لذهبت إلي القاهرة كي أحضر زفافها , وليرينا ذلك الأحمق أبيكي كيف سيمنعني من دخول منزلي , هل كبر عليا وصغرت أنا أمامه كي يغضب هكذا .
فريال بسرور : حاضر يا جدي .
كان يوسف يستمع لكل ما يقال ولكن طبيعته الخجولة الهادئة منعتها من الدخول في النقاش , لطالما ما فضل الصمت عن الكلام رغم أنه متحدث لبق وحاذق أن تحدث , مهندس بارع في التخطيط وإدارة الأعمال .
يوسف : عن إذنكم سأصعد لغرفتي .
تركهم وغادر فلا أحد يعلم بالمرارة التي تملأ قلبه ولا الحسرة التي تأكل نارها داخله , فحبيتها التي طالما تمناها طيلة حياته ولم يشأ أن يجرب حظه مع غيرها ستتزوج اليوم , هو عقله سينفجر من كثرة ما يفكر بها أم هي هولا يشغلها ولو حتي لثانية .
الجد غاضبا من سذاجة وإستسلام أحفاده الذكور أما يوسف أو فراس : لا أعلم ما قد فعلته خاطئا كي يبتلي الله عائلتي بأحمقين مثلكم
ثم نهض من كرسيه كي يجلس بجانب حفيدته فريال التي حاولت أن تتحدث مع فريدة أختها .
حاولت كثيرا ولكن لم يكن هناك أي إستجابة فجميع طاقم فريدة مشغولين بتحضيرات الزفاف أما فريدة كانت تتجهز لحفل الزفاف .
في جناح أخر بالفندق الفخم الذي تتجه الأنظار عليه اليوم , يقف في شرفته شابا طويل القامة ذو جسد رياضي يرتدي قميصا فتح من أمامه ليرز عن عضلات صدره المشدودة , يقف ممسكا بكوب من القهوة الساخنة لعله يصلح ما أفسدته سهرة الليلة الماضية ويستعيد وعيه وتركيزه , كان شابا وسيما رشح للفوز بجائزة أوسم رجل العام الماضي , كانت وسامته هي الطريق للدخول لعالم النجومية وإعجاب المعجبات الشابات به ولكنها لم تكن تلك علاقته الوحيدة بالفن بل كان ابوه هو نجم من نجوم الماضي ولكنه توفي بعد أن أكل الفقر والمرض جسده فالحال في اواخر أيامه عندما كان إبنه وائل صغيرا لم يكن كحاله أيام ما كان نجما تتهافت عليه عقود الأفلام , كان وائل يقف ممسكا بكوب من القهوة الساخنة ناظرا للسماء المفتوحة , لم يكن ليعكر صفو هدوئه هكذا سوي دخول نادر عليه وهو مدير أعماله
نادر : ألم تستعد ‘إلي الأن يا وائل , سنتأخر ..
وائل بهدوء وهو لم ينظر إليه ومازال ناظرا أمامه : لا تقلق مازال الوقت باكرا .
نادر متوترا : أي وقت هذا الذي تتحدث عنه , متبقي ساعة واحدة علي بدأ الفرح والمدعوين قد بدأوا في الوصول أيضا , وأنت هنا لم تأخذ حمامك أو ترتدي بدلتك , هيا يا وائل .
وائل : لا تثرثر كثيرا وتزعجني , أريد أن أبقي بمفردي بعض الوقت فرأسي سينفجر .
نادر : بالتأكيد هذا ما كان يجب أن تتوقعه بعد سهرتك الليلة الماضية , أكنت تنتظر أن تكون في كامل وعيك عندما تستيقظ لقد زاد الأمر عن حده البارحة .
وائل : هلي سمعت ما قاله المنتج صالح , أنت كنت تجلس معا أليس كذلك علي ما أذكر .
نادر : نعم كنت جالسا معكم وسمعت كل ما قاله وأرجو أن تكون أنت لم تسمع منه شئ ولا تلقيه بالا ولا يشغل تفكيرك أبدا , فهذا المنتج يظهر كل مدي حقارته لا تنجرف معه .
وائل وقد إلتفت إليه : أي حقارة التي تتكلم عنها , الرجل يدير اعماله بالشكل الذي سيحقق له الربح الأكبر وهذا ليس عيبا أبدا يا نادر أنت فقط لم تعتد علي تلك الأمور بعد كل تلك السنوات .
نادر : وأتمني أن لا تعتد أنت الأخر عليه , وأخبرني لماذا يشغل بالك كلامه الأن فهو يتحدث معك بنفس الموضوع منذ فترة أي هذه ليست المرة الأولي ولكني أراك مهتما هذه المرة .
وائل وقد جلس : وكسف لا أهتم ألأم تسمع العرض الجديد , لقد ضاعف المبلغ الذ عرضه من قبل وأيضا عدد الأفلام التي سأكون أنا نجمها الأوحد , ومع ذلك كله لن ينافسني أي أحد خلال السنوات القادمة , أي لن سكون سوي نجم واحد وهو وائل محسن .
نادر : أراك متحمسا كثيرا لما قاله , بماذا تفكر يا وائل ؟؟
وائل : أفكر بالخير لي , لن ينفعنا أحد في المستقبل سوي المال والشهرة .
نادر : هل معني ذلك أنك ستوافق وفيري , كيف يمكنك الإستغناء عنها هكذا ؟
وائل : فيري قد انتهي زمنها ويجب أن تفسح الساحة لنجوم أخرين , لن يقبل صالح بقائها علي الساحة فهي أصبحت مزعجة بالنسبة له كثيرا في الفترة الأخيرة وأصبحت تثير المتاعب , يكفي عليه ما حققته لقد كانت النجمة لسنوات طويلة ألا يكفيها هذا .
نادر متعجبا : بالتأكيد أنت تمزح , لا يمكن أن يفعل وائل صديقي هذا ؟
وائل : بلي سافعل كي لا أموت جوعا ...
نادر صارخا : لديك ما يكفيك أنت وأحفادك ..
وائل بغضب : أريد المزيد لي لن أترك الفرصة التي ستعطيني ذهبا من أجل أي أحد .
نادر بإستعطاف: فيري ليست أي أحد , ألا تتذكر كيف وقفت بجانبك في بداية الطريق وبأنها هي من أعطتك الفرصة لتكون معها بأغانيها حتي اصبحت نجما .
وائل بغضب : ليس لأحد فضلا علي , كل ما جنيته كان نتيجة لمجهودي وتعبي أنا لولا أنني ماهر لما أصبحت ما أنا عليه , الفتيات بكل مكان تنظر لي أنا وائل محسن العيون تتبعني لأني أنا النجم وليس لأني ظهرت في كليب فيري .
نادر وقد أقترب منه متكلما بحب وخوف عليه : لا تضيع من يحبونك من يدك فخسارتهم لن تعوض .
وائل بعدم إهتمام : سأجد غيرهم العالم ملئ بالبشر وحتي أن لم أجد فأنا لا أريد أحد بجانبي .
نادر : أنت حر أفعل ما تريد ولكن قبل أن تستغني عني مثلما ستتخلي عن الباقيين , سأذهب أنا بنفسي حتي لا أتذكرك علي أنك من بعتني وتبقي ذكرتك عندي بأنك رفيقي الذي عملنا معا ثم أفترقنا .
وائل : ماذا تقصد بكلامك هذا ؟؟
نادر : من تلك الساعة لا عمل بيني وبينك يا وائل , فلتجد أحد أخر يقف وينظر إليك وأنت تغرق نفسك وتدمرها ولكني لا يمكنني فعل هذا بك ... مع السلامة .
تركه وخرج نادر من الجناح مسرعا بينما وائل تمكن الغضب منه فكسر الطاولة اليت كانت أمامه وهو منفعلا : فلتذهب , من أنت لتتركني , أريني كيف ستعيش بعدي , لقد كنت تأكل من خيري لسنوات , أنا لن اقف علي ذهاب أحد .
متمتما ببعض الألفاظ أكمل حديثه مستهجننا مغادرة نادر.
كم نكون حمقي عندما نفضل المادة علي الروح التي ترافقنا , كم من شخص تخلي عن أنيس روحه أي كانت الأسباب التي تركه من أجله لا تغفر له تخليه عن من أحبه وأمن به .
هناك لحظات تختبرنا فيها الحياة ولحظات أخري ترينا فيها حقيقة من أختارنهم .
بعض الأخطاء تغتفر والبعض الأخر يبقي كنغزة تدب في القلب .
ما اسوأ أن تجد نفسك خاسرا في رهان شخص أحببته , لا منه تركك منذ البداية ولا منه تمسك بك في النتصف لتكملا للنهاسة , أن تكون عالقا لا تعرف وجهتك ولا تشعر بمأمن .
تختار فتترك ممن حاربت الدنيا عليه فتكون الخسارة مرتين , مرة خسارة نفسك ومرة خسارة براءتك ولطف نظرتك للحياة , يكسرون قلبك ويقولون ها هو كئيبا يحتضر , وهل مزق صدري سوي سيفكم , لن يذكروا ما فعلوا ولكنهم يذكروا أنك المعيب منذ البداية ولو كنت ملاكا محضرا . لن تنجو ممن قسي قلبهم , فذلك داء يشتد كلما رافق صاحبه .
وظننت أنك أهلا للوفا فشددت بك مأزري, فما إشتد العراك حتي وجدتك بين الأواخر تضجع , ما العيب عيبك ولكن العيب فيمن ظنك رجلا , وما المعارك إلا للرجال وما أنت للرجال تقربُ.
كان الجميع يجلس صامتا حتي أن الطعام لم يجذب شهيتم للبدأ فيه رغم مهارة وجودة صانعيه .
ولكن القلوب ان حزنت زهدت النفوس ما كان يطيب لها , بالطبع الجميع كان متأثر بزواج الإبنة الكبري للعائلة بعيدا عنهم ودون رضاهم فرغم إبتعادها لسنوات طويلة إلا أن مكانتها محفوظة بين القلوب ولعل أكثر قلبا تمزق من خبر زواجها هو يوسف إبن عمها الذي كان يهيم بحبها منذ صغره واو أنها طلبت روحه لأعطاها إياها دون تفكير , ومازال يبقي عازبا علي ذكراها رغم مرور السنوات علي إنتظار أن تعود يوما وتبادله نفس الحب .
ناصر الأب كان يحاول الا يبدي ضيقه فهو الرجل الصلب الذي رفض أن تعود إبنته إلي العائلة ولم يستطع أحدا أن يثنيه عن قراره فلا يجب أبدا أن يتراجع الآن ,
ناصر بجمود : لماذا لم يبدأ احد بتناول الطعام ؟؟ إبدأي يا درية فالطعام سيبرد ؟
درية بإستكانة وضعف بدأت أخذ بعض اللقيمات .
كان فراس هو إبن ناصر الأوسط فهو أصغر من فريدة (فيري) ذو شخصية مطيعة لإبيها لطالما لم يعترض عما يقوله والده , في اصغر قرارته كان أبيها هو من يقرر وفي اكبرها كان أبيه هو من يأمر حتي في أمر زواجه الذي تم منذ ثمانية أشهر أبيه ناصر هو من قرر وأختار العروس وكانت فرح إبنة شريك لهم , كانت فتاة هادئة الطباع وجميلة ولكنها أبدا لم تستطع الحصول علي قلب فراس ربما أخذته كزوج ولكنها أبدا لم تحظي به كحبيب .
فراس : هنبدأ أهه يا أبي .. مد يده ليلتقط بعض اللقيمات كي ينفذ رغبة أبيه حتي في هذا .
ثم نظر لفرح زوجته : كلي يا فرح بالتأكيد أنتي جائعة فالجنين يأكل منك .
فرح وهي تتمني أن ينطق لها جملة ناعمة ولا يذكر فيها ان ذلك من أجل الجنين بل من اجلها هي أمأت له برأسها وإستكفت بهذا .
نظر ناصر لأبيه محي الذي رفع كتفيه مستهزءا بإبنه
محي الدين : ماذا , هل ستأمرني أنا أيضا بأن أكل ؟؟
ناصر : العفو يا أبي ولكن أنا فقط خائف علي صحتك يجب أن تأكل فلديك أدوية من المهم أن تحرص علي اخذها في الميعاد المحدد كما ال الطبيب.
محي الدين : ومن قال لك أن صحتي ستتحسن علي دواء هذا الطبيب , لن تعود صحتي إلي إلا عندما أري حفيدتي فريدة تجلس معا علي نفس الطاولة .
ناصر ببعض الغضب : ألم يغلق هذا المر منذ سنوات يا أبي لماذا تفتحه في كل حين ..
محي الدين : كلا لم يغلق ولن أغلقه حتي يتحقق مرادي وتعود فتاة العائلة , كيف يمكنك أن تجلي هكذا وتطلب منا أن نبدا بالأكل وحفيدة عائلتنا تتزوج ولا يوجد أي أحد من عائلتها حولها , وليست بأي أحد هي أول حفيدة لنا .
ناصر : من تتحدث عنها إختارت وجهتها وحياتها ولا علاقة لنا بها بعد الأن .
محي الدين : أختارت أن تعمل في مجال لا تحبه أنت تلك هي مشكلة بينا ولكن الزواج أمر أخر , لم يكن ليتوجب عليك أبدا طردها من البيت عندما أتت لتطلب منك الإذن بالزواج لا أدري كيف تمكنت القسوة والعناد منك هكذا لترد إبنتك الكبري .
ناصر غاضبا : أنا ليس لدي أي أبناء سوي فراس وفريال , لن أعترف باحد غيرهم ولن أشارك في أي أمر لها .
محي الدين : تمنع نفسك منها هذا أمر يخصك ولكنك تفرض علي الجميع أن يتصرف مثلك علي الأقل كان أخوتها وأمها يرافقوناها في هذا اليوم .
ناصر : الباب مفتوح من يريد الذهاب فليذهب إليها ولكن من بعدها لا يعود لهذا البيت مجددا .
ثم غادر من علي الطاولة داخلا مكتبه وهو يزفر بضيق , ولم تكن تلك أول مرة خلال هذا الأسبوع أن يتشاجر فيها محي الدين مع إبنه ناصر من أجل فريدة ولكن لا شئ يغير من تفكير العنيد ناصر أبدا .
محي الدين : فريال ؟؟
فريال : نعم يا جدي
محي الدين : هل لديكي أي أرقام لفريدة
تهلل وجه فريال من السرور: هناك أكثر من رقم , فيما تريده
محي الدين : إتصلي بها أريد أن أبارك لها ولو قررت منذ الصباح لذهبت إلي القاهرة كي أحضر زفافها , وليرينا ذلك الأحمق أبيكي كيف سيمنعني من دخول منزلي , هل كبر عليا وصغرت أنا أمامه كي يغضب هكذا .
فريال بسرور : حاضر يا جدي .
كان يوسف يستمع لكل ما يقال ولكن طبيعته الخجولة الهادئة منعتها من الدخول في النقاش , لطالما ما فضل الصمت عن الكلام رغم أنه متحدث لبق وحاذق أن تحدث , مهندس بارع في التخطيط وإدارة الأعمال .
يوسف : عن إذنكم سأصعد لغرفتي .
تركهم وغادر فلا أحد يعلم بالمرارة التي تملأ قلبه ولا الحسرة التي تأكل نارها داخله , فحبيتها التي طالما تمناها طيلة حياته ولم يشأ أن يجرب حظه مع غيرها ستتزوج اليوم , هو عقله سينفجر من كثرة ما يفكر بها أم هي هولا يشغلها ولو حتي لثانية .
الجد غاضبا من سذاجة وإستسلام أحفاده الذكور أما يوسف أو فراس : لا أعلم ما قد فعلته خاطئا كي يبتلي الله عائلتي بأحمقين مثلكم
ثم نهض من كرسيه كي يجلس بجانب حفيدته فريال التي حاولت أن تتحدث مع فريدة أختها .
حاولت كثيرا ولكن لم يكن هناك أي إستجابة فجميع طاقم فريدة مشغولين بتحضيرات الزفاف أما فريدة كانت تتجهز لحفل الزفاف .
في جناح أخر بالفندق الفخم الذي تتجه الأنظار عليه اليوم , يقف في شرفته شابا طويل القامة ذو جسد رياضي يرتدي قميصا فتح من أمامه ليرز عن عضلات صدره المشدودة , يقف ممسكا بكوب من القهوة الساخنة لعله يصلح ما أفسدته سهرة الليلة الماضية ويستعيد وعيه وتركيزه , كان شابا وسيما رشح للفوز بجائزة أوسم رجل العام الماضي , كانت وسامته هي الطريق للدخول لعالم النجومية وإعجاب المعجبات الشابات به ولكنها لم تكن تلك علاقته الوحيدة بالفن بل كان ابوه هو نجم من نجوم الماضي ولكنه توفي بعد أن أكل الفقر والمرض جسده فالحال في اواخر أيامه عندما كان إبنه وائل صغيرا لم يكن كحاله أيام ما كان نجما تتهافت عليه عقود الأفلام , كان وائل يقف ممسكا بكوب من القهوة الساخنة ناظرا للسماء المفتوحة , لم يكن ليعكر صفو هدوئه هكذا سوي دخول نادر عليه وهو مدير أعماله
نادر : ألم تستعد ‘إلي الأن يا وائل , سنتأخر ..
وائل بهدوء وهو لم ينظر إليه ومازال ناظرا أمامه : لا تقلق مازال الوقت باكرا .
نادر متوترا : أي وقت هذا الذي تتحدث عنه , متبقي ساعة واحدة علي بدأ الفرح والمدعوين قد بدأوا في الوصول أيضا , وأنت هنا لم تأخذ حمامك أو ترتدي بدلتك , هيا يا وائل .
وائل : لا تثرثر كثيرا وتزعجني , أريد أن أبقي بمفردي بعض الوقت فرأسي سينفجر .
نادر : بالتأكيد هذا ما كان يجب أن تتوقعه بعد سهرتك الليلة الماضية , أكنت تنتظر أن تكون في كامل وعيك عندما تستيقظ لقد زاد الأمر عن حده البارحة .
وائل : هلي سمعت ما قاله المنتج صالح , أنت كنت تجلس معا أليس كذلك علي ما أذكر .
نادر : نعم كنت جالسا معكم وسمعت كل ما قاله وأرجو أن تكون أنت لم تسمع منه شئ ولا تلقيه بالا ولا يشغل تفكيرك أبدا , فهذا المنتج يظهر كل مدي حقارته لا تنجرف معه .
وائل وقد إلتفت إليه : أي حقارة التي تتكلم عنها , الرجل يدير اعماله بالشكل الذي سيحقق له الربح الأكبر وهذا ليس عيبا أبدا يا نادر أنت فقط لم تعتد علي تلك الأمور بعد كل تلك السنوات .
نادر : وأتمني أن لا تعتد أنت الأخر عليه , وأخبرني لماذا يشغل بالك كلامه الأن فهو يتحدث معك بنفس الموضوع منذ فترة أي هذه ليست المرة الأولي ولكني أراك مهتما هذه المرة .
وائل وقد جلس : وكسف لا أهتم ألأم تسمع العرض الجديد , لقد ضاعف المبلغ الذ عرضه من قبل وأيضا عدد الأفلام التي سأكون أنا نجمها الأوحد , ومع ذلك كله لن ينافسني أي أحد خلال السنوات القادمة , أي لن سكون سوي نجم واحد وهو وائل محسن .
نادر : أراك متحمسا كثيرا لما قاله , بماذا تفكر يا وائل ؟؟
وائل : أفكر بالخير لي , لن ينفعنا أحد في المستقبل سوي المال والشهرة .
نادر : هل معني ذلك أنك ستوافق وفيري , كيف يمكنك الإستغناء عنها هكذا ؟
وائل : فيري قد انتهي زمنها ويجب أن تفسح الساحة لنجوم أخرين , لن يقبل صالح بقائها علي الساحة فهي أصبحت مزعجة بالنسبة له كثيرا في الفترة الأخيرة وأصبحت تثير المتاعب , يكفي عليه ما حققته لقد كانت النجمة لسنوات طويلة ألا يكفيها هذا .
نادر متعجبا : بالتأكيد أنت تمزح , لا يمكن أن يفعل وائل صديقي هذا ؟
وائل : بلي سافعل كي لا أموت جوعا ...
نادر صارخا : لديك ما يكفيك أنت وأحفادك ..
وائل بغضب : أريد المزيد لي لن أترك الفرصة التي ستعطيني ذهبا من أجل أي أحد .
نادر بإستعطاف: فيري ليست أي أحد , ألا تتذكر كيف وقفت بجانبك في بداية الطريق وبأنها هي من أعطتك الفرصة لتكون معها بأغانيها حتي اصبحت نجما .
وائل بغضب : ليس لأحد فضلا علي , كل ما جنيته كان نتيجة لمجهودي وتعبي أنا لولا أنني ماهر لما أصبحت ما أنا عليه , الفتيات بكل مكان تنظر لي أنا وائل محسن العيون تتبعني لأني أنا النجم وليس لأني ظهرت في كليب فيري .
نادر وقد أقترب منه متكلما بحب وخوف عليه : لا تضيع من يحبونك من يدك فخسارتهم لن تعوض .
وائل بعدم إهتمام : سأجد غيرهم العالم ملئ بالبشر وحتي أن لم أجد فأنا لا أريد أحد بجانبي .
نادر : أنت حر أفعل ما تريد ولكن قبل أن تستغني عني مثلما ستتخلي عن الباقيين , سأذهب أنا بنفسي حتي لا أتذكرك علي أنك من بعتني وتبقي ذكرتك عندي بأنك رفيقي الذي عملنا معا ثم أفترقنا .
وائل : ماذا تقصد بكلامك هذا ؟؟
نادر : من تلك الساعة لا عمل بيني وبينك يا وائل , فلتجد أحد أخر يقف وينظر إليك وأنت تغرق نفسك وتدمرها ولكني لا يمكنني فعل هذا بك ... مع السلامة .
تركه وخرج نادر من الجناح مسرعا بينما وائل تمكن الغضب منه فكسر الطاولة اليت كانت أمامه وهو منفعلا : فلتذهب , من أنت لتتركني , أريني كيف ستعيش بعدي , لقد كنت تأكل من خيري لسنوات , أنا لن اقف علي ذهاب أحد .
متمتما ببعض الألفاظ أكمل حديثه مستهجننا مغادرة نادر.
كم نكون حمقي عندما نفضل المادة علي الروح التي ترافقنا , كم من شخص تخلي عن أنيس روحه أي كانت الأسباب التي تركه من أجله لا تغفر له تخليه عن من أحبه وأمن به .
هناك لحظات تختبرنا فيها الحياة ولحظات أخري ترينا فيها حقيقة من أختارنهم .
بعض الأخطاء تغتفر والبعض الأخر يبقي كنغزة تدب في القلب .
ما اسوأ أن تجد نفسك خاسرا في رهان شخص أحببته , لا منه تركك منذ البداية ولا منه تمسك بك في النتصف لتكملا للنهاسة , أن تكون عالقا لا تعرف وجهتك ولا تشعر بمأمن .
تختار فتترك ممن حاربت الدنيا عليه فتكون الخسارة مرتين , مرة خسارة نفسك ومرة خسارة براءتك ولطف نظرتك للحياة , يكسرون قلبك ويقولون ها هو كئيبا يحتضر , وهل مزق صدري سوي سيفكم , لن يذكروا ما فعلوا ولكنهم يذكروا أنك المعيب منذ البداية ولو كنت ملاكا محضرا . لن تنجو ممن قسي قلبهم , فذلك داء يشتد كلما رافق صاحبه .
وظننت أنك أهلا للوفا فشددت بك مأزري, فما إشتد العراك حتي وجدتك بين الأواخر تضجع , ما العيب عيبك ولكن العيب فيمن ظنك رجلا , وما المعارك إلا للرجال وما أنت للرجال تقربُ.