الفصل. السادس.عشر

حين عادت شيرين مع فاطمة إلى المنزل كانت الأفكار تصدح ذهاب ومجئ في رأسها لماذا لم يخبرها رشاد من هو منذر مراد لماذا لم يقول لها منذ البداية أن منذر هو أبن. زوجته الأولى. أذن فهذا هو سبب هدوء البال والغفران الكبير وطول البال في التعامل مع الشاب المتهور منذر الذي ظهر في عالم التجارة حتى يقوم بتصفية حسابات العقد النفسية التي عانى منها في طفولته وكل الكركبة النفسية والضغوط المتراكمة على مدى سنوات طويلة من عدم الاتزان النفسي. لهذا السبب كان يريد منذر أن يأخذ المنزل حتى ينعم بلحظات مع أثر أمه. إن كلمات ماهي تفيد أن منذر كان يحاول أن يكره أمه فريال ولكنه فشل إلى أن وجد في كلمات ماهي سند وعون بل وجد فيها شفاء يقولون أن المحب يتبع الحبيب
حتى إذا هلك في جب لقذف خلفه وماهي قادرة على قيادة منذر بطريقة سلسلة ورائعة أيضا غريب أن يكون هذا المتعجرف منذر بكل ما فيه من غطرسة وثقل يخضع في سكون وألفة إلى ماهي أنه مغرم بها هذا واضح ان كلمات ماهي توحي بأنها تسيطر تماما على الشاب
سيطرة بها من القوة والرصانى
والأحكام ما يتنافى مع لطف الفتاة ولكنها في النهاية امرأة لا يمكن لشيرين سوى أن تشيد بها وطريقتها الماهرة في عودة الليث الهائج منذر إلى حظيرة الخضوع لقد صمت الفتى أمام إرادة الفتاة هو الآن يوافق على منح تصميمات فريال الى ماهي حتى تزداد تألق ويرد لها جميل معالجة أموره النفسية هكذا فكرت شيرين ثم قالت في صوت منخفض
غريب ظنت منذر بلا نقاط ضعف
أشارت فاطمة إلى شيرين قائلة
السيارة السوداء مرقت من هنا منذ قليل
هزت شيرين رأسها في تفهم هل هي بحاجة إلى أن تأكد لذاتها أن السيارة التي تراقبها هي سيارة منذر. بل مراقبه البيت إذا صح التعبير إن افعال منذر بها من الحرمان الدفين ما يحاول أن لا يلمحه أبدا. تذكرت شيرين كلمات ماهي لقد كان منذر رفيق طفولتها في إحدى المدارس الداخلية في لبنان إذن فالطفل قد نشأ بعيد عن العائلة هذا يجعل جزء من الطابع النفسي له مهتز وغير متزن أيضا تمتمت شيرين في غضب
تبا لقد وضعني في قائمة أعداء أيضا من قبل أن يراني
وكان العالم أراد أن يبطش بي كل بطشاته في رحيل رشاد
تمتمت شيرين وهي تنظر إلى. غرفة فريال المغلقة
الان يا سيدتي يجب أن أعترف لك أن خيوط الماضي تظل بطريقة ما معلقة بخطوط المستقبل أشدها في عنف مرة ومرة أخرى في ارتخاء ومرات تتوقف عن الجذب أنت امرأة من طراز فريد سيدتي في حياتك وبعد رحيلك تكاد الأمور تنقلب رأس على عقب ولكن من المؤكد أنك كنت سيدة ذات راي صواب وحنكة أن يظل كل شي ينتمي لك يتناحر عليه وتقام من دوائر من انتقام حقا هذا أمر غريب
تمنت شيرين في هذي اللحظة أن يكون رشاد هنا تمنت أن تخبره أن منذر الذي سعى للانتقام منه كان الأمر سوف يتوقف إذا ترك له المنزل كان كل شي ليكون أفضل
صوت حارس الأمن القادم من خلال جهاز الداخلي للمنزل أنتشل شيرين من أفكاره
سيدتي هنا سيد يدعى منذر يقول أنه يريد الدخول
هزت شيرين رأسها وقالت
دعه يتفضل
نظرت شيرين إلى فاطمة ثم قالت
أريدك أن تكوني هنا يا فاطمة فربما انا في حاجة إلى دعم نفسي
هزت فاطمة رأسها وجلست في هدوء إلى إحدى المقاعد حين دخل منذر نظر لها دقائق ثم قال
أخبرتني ماهي أن الأمور أصبحت الآن واضحة لك
هزت شيرين رأسها بالايجاب فتابع منذر
والان ما هي قراراتك
غريب أن يكون منذر بهذا اللطف ولكنه ليس لطف كما كانت تظن شيرين أنه يجد صعوبة في الوقوف في المكان ينظر إلى إحدى صور فريال المغلقة على الحائط وتفيض عيناه من الحب لها والحنين أيضا هتفت شيرين
قرارات أظن أن القرارات هي لك وليس لي التصميمات هناك في غرفة فريال
أشارت شيرين بيدها إلى الغرفة الكبيرة المغلقة وتابعت
سوف احضر لك المفتاح حتى تقوم بالفتح
التقط منذر المفتاح ثم قال
لا ليس اليوم ربما في الغد
غادر منذر دون كلمة إضافية أخرى غادر وهو يشعر بالكثير من الحنين المجهد المضني الذي يضع في قلبك سيف اليتم ويتركه في منتصف قلبك حتى تنزف دماءك كاملة إن أعتى الرجال يمتلكون مشاعر جياشة تتفصد كلها دفعة واحدة لحظة فقد الأحبة بعضهم يملأ الشرخ وجدانه فيمضي بقية حياته في محاولة رأب الصدع وقد يترك البعض جروحهم تنزف مع وضع ستار أسود عليها حتى لا يطلع عليها أحد ومنذر من هذا النوع جرحه يتدفق مثل شلال ضخم منهمر وهو يتظاهر أن كيانه لم يهتز لحظة واحدة. اشفقت شيرين عليه لحظات وهي ترى هذا الأنكسار لقد عجز أن يواجه لحظات مع ذكريات والدته وفر منها ربما لا يريد أن ترى شيرين منذر الآخر النقيض لما شاهدته في الأيام الماضية وربما ينتظر أن تأتي معه ماهي هكذا فكرت شيرين وهي تشاهد سيارة منذر عبر النافذة تغادر من أمام منزلها
حين طلبت منها فاطمة أن تخلد للنوم احتضنتها شيرين وهي تعتذر لها أن الوقت قد تأخر ولكن فاطمة أخبرتها أن الساعة لا تزال الثامنة مساء ولكن الطفلة ترغب في النوم لأنها مجهدة بعض الشئ وتريد أن تغفو همست فاطمة وهي تجذب شرشف اللحاف فوقها هي وشيرين وقالت في شفقة
السيد منذر مسكين و وحيد أيضا
نظرت لها شيرين في صمت فتابعت فاطمة وهي توضح لها
لقد شاهد ايام قاسية مثل تلك الأيام التي عايشتها حين كنت أشاهد أم تمسك بيد طفلها فأتمنى أن إحظى بمثل هذا الموقف هناك أشياء بسيطة جدا قد لا يعلم الآخرين أنها نعمة يحظى بها الغير قد تكون النعم في الكلمات في النداء حتى في أسم أمي نعمة كبيرة لا يشعر يفقدها الا من حرم من قولها
أمسكت شيرين يد فاطمة في هدوء وقالت
أظن أن فاطمة متعبة هذى اللحظات وأنا عاجزة عن إيجاد دواء لها أرجوك طفلتي كوني بخير
دفنت فاطمة رأسها في صدر شيرين ثم قالت
أنا بخير حقا وجودك معي أعطاني الكثير أنت نعمة من الله
غفت فاطمة وعجزت شيرين عن إيجاد طريقة في النوم. هل سوف تنتهى المعارك اخيرا بينها وبين منذر أو أن هناك الكثير من الجولات المقيته بينهم. هناك الكثير من الخلافات القائمة التي لا تجد لها حل إن التصميمات سوف تصبح بعد ساعات أو أيام في حوزة ماهي لقد انتهى هذا الأمر ولكن هل سوف ينتهى معارك شيرين ومنذر إلى الأبد هذا ما تمنت شيرين أن يحدث رغم هذا الخوف والقلق الذي يعتمر داخله خوف لا تعرف له سبب وقلق فشلت كثير أن تغلق أبوابه
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي