الفصل.السابع. عشر

هل يمكن أن ينبت الندم غفران
هل يمكن ان تزهر براعم الحرمان صفح ما اقسى المشاعر السلبية
ما أقساها معلى من يحملها تهلك روحه تقتات من عنفوانه وتتغذى
على إرادته وتحيل الشخص إلى كيان لا يبصر الا سماء معتمة
وارض بها العام نارية تنفجر في كل لحظة بين جوارحها الصعب أن نعترف ببئر أحزاننا والأصعب أن نغرق فيها
هل جاهدت ذاتك يوما حتى تستقيم مشاعرك السيئة
هل حاولت أن تحمل بعض من الأعذار لهم لماذا لا تعترف أنك شخص تحمل ماضيك في يدك فوهة سلاح ملئ بالرصاص
في وجه كل من يحمل أثر من الماضي حتى إذا كان يحمل
نسب تكاد تكون ضئيلة منه
ولكنك لا تكف عن أصدار الحكم عليه وتنفيذه أيضا وكل دلائل أدانته أنه كان هناك في الماضي
هذا الماضي الذي لم تكون متواجد فيه هذا الامس الذي تمنيت كثير أن تكون بين أركانه
أنها تلك الأوقات التي مضت وابدا لن تعود لن تعود عقارب الزمن إلى الخلف لن يعود بك الزمن لتشاهد وجهها لن يعود الامس حتى تستنشق في شغف عطرها ولن تبكي ابدا بين ذراعيها لن تنال لمسة على وجهك من أناملها أنها ماضي رحل رغم أنها حاضرة في كيانك فلا تظن أن كل رصاص اتهاماتك سوف يعود بها لك أن ما تفعله هو محاربة طواحين الهواء
كانت الساعة قد أشارت إلى الثامنة صباحا حين خرجت شيرين من بوابة المنزل مع فاطمة توقفت خطواتهم وهم يشاهدون منذر يترجل من السيارة حتى يقف أمامهم
وقد بدأ واضحا على وجهه علامات الإرهاق الشديد والألم ولم تفلح النظارة السوداء أن تخفي تلك التجاعيد التي ظهرت حول زوايا وجهه أصبح وجهه مثل رجل كبير دون أن يتحدث بكلمة واحدة عادت شيرين إلى الداخل يتبعها منذر و فاطمة توقفا امام الغرفة الخاصة ب فريال لحظات دون أن يبد على خطوات منذر أنها سوف تتقدم هنا اقترحت شيرين في لطف
هل أعد لك كوب من القهوة
اتجه منذر في هدوء إلى أحد المقاعد بعيد عن الغرفة وقال
أجل هذا اقتراح صواب
اتجهت شيرين إلى المطبخ عادت بقدحين من القهوة وحملت فاطمة بعض الكعك والبسكويت وحرصت على وضع اناء من المربى الخاصة بها حتى يتذوقها منذر هتفت شيرين في هدوء
كل شئ على ما يرام أليس كذلك
ولكن منذر لم يجب كان ينظر في اتجاه الغرفة مما جعل فاطمة تقول
هذي المربى من صنع يدي ولي رغبة في أن تتذوقها
دهنت فاطمة الكعك بالمربى ووضعته في يد منذر الذي تناوله في استسلام وقضمه في بطء ثم أرتشف القهوة في هدوء
لقد أيقنت أن منذر يخشي ما هو موجود في تلك الغرفة يخشى كثير أن تكون كل اهتمامات فريال في ما سبق كان لا شأن له به أنه يخاف كثير أن يجد ذاته منبوذ من التي لم يكتب له في طفولته أن يكون معها همست شيرين وهي تحاول أن تبسط الأمور
يجب أن تكون نظرتك أكثر تفاؤل حذر مش
نظر منذر نحو فاطمة كان يريد أن يسألها من تلك الطفلة ولكنه لم ينطق نظرت شيرين نحو فاطمة ثم أقترحت في لطف
يقولون أن الأطفال منبع الجمال في العالم لهذا علينا أن نستعين بخدمات فاطمة
أعطت شيرين المفتاح إلى فاطمة التي التقطته في هدوء ثم فتحت باب الغرفة في خفة وقالت في براءة
يمكنني أن اكون معك عمي منذر
نظرت لها شيرين في هدوء ثم قالت لا يا فاطمة يمكن للعم منذر أن يتولى الأمور جيدا
نهض منذر في لهفة واتجه نحو الغرفة وداخله تتأجج مشاعر الحنين والحب والشوق واللهفة
راقبت شيرين منذر في صمت ولأول مرة تشعر بالشفقة عليه
احيانا تكون الذكريات ضمادات لقلب متعب و أوقات أخرى تكون الذكريات جروح متجددة
الغرفة الخاصة ب فريال كبيرة دائرية تطل على شرفة صغيرة ذات سياج فضي. تمتلئ الغرفة ب رسومات فريال المتعددة بعضها رسومات لأماكن طبيعية وبعضها صور لطفلتها ليا وصور ل رشاد وصورة كبيرة في منتصف الغرفة تحمل وجه منذر وهو صغير وصورة أخرى تحمل وجه منذر يتلاحم مع وجه ليا الستائر الحمراء تحيط بالنوافذ. وبعض من الفرش الخاص بالرسم موضوعه في أماكن متفرقة من الغرفة والوان متعددة موضوعة في إحدى زوايا الغرفة بعضها قد استخدم والبعض الآخر مغلق كما هو منذ سنوات وشاح معلق خاص ب فريال معلق على النافذة وكذلك جاكت أزرق اللون وبعض البناطيل الملطخة بالالوان موضوعه على شماعة خلف الباب كانت تستخدمهم فريال وبعض من الفوط مختلفة الألوان والحجم تحمل بصمات وأصابع يد فريال حين تدخل إلى الغرفة حتى تمارس هوايتها تتوسط الغرفة مكتب صغير وضع عليه كراسة رسم كبيرة أحتوت عدة تصميمات خاصة ب فريال وكتيب صغير به اوراق ملونة كتب في بدايتها بخط منمق
منذر أنها مذكرات فريال عنه
وقف منذر أمام صورة ليا عدة دقائق وجه الفتاة الضاحك وعيناها التي تشبه كثير عين منذر وشعرها القصير الذي يحيط بوجهها في حدة ملامح الطفلة توحي بالجمال تكاد تكون نسخة مصغرة من آلام فريال تمنى منذر في هذى اللحظة أن يستمع الى صوت شقيقته تمنى كثيرا أن يستمع إلى خطوات أمه وشقيقته داخل المكان وما أكثر الأمنيات التي لن تتحقق فقط هي موجودة في خيالنا حتى تعذب ذاتنا فقط جلس منذر ما يوازى ساعة من الزمن داخل الغرفة قبل أن يقرر الخروج كانت جوارحه قد اطمأنت حين شاهد ملامحه بفرشاة فريال لقد كان في ما مضي لا يبارح خيالها .كانت تفكر به كانت تتخيل ملامح وجهه كل فترة من الزمن وصدق حدسها وحديث قلبها في كل ما يخص منذر أول طفل لها لقد كانت ماهي على حق ربما عليك أن تضئ شموعها بدل أن تمحو ظلها
نظر منذر إلى فاطمة و شيرين بعد أن أغلق الغرفة واعطى المفتاح إلى شيرين ثم قال
سوف أعود ثانية
همست شيرين
على الرحب والسعة
نظر لها منذر في اهتمام خيل إلى شيرين أنه سوف يعتذر عن ما حدث في الأيام الماضية من غطرسة وقسوة واتهامات ولكنه قال عوض عن هذا
سوف تكون كل التصميمات الى ماهي وسوف احرص أن تكون نسبتك في الأرباح كبيرة وربما تكون أكثر من النسب المتعارف عليها في كل الصفقات الشبيهه
لم تجب شيرين فتابع منذر
أعلم أن هذا الوضع يرضي جميع الأطراف
كادت شيرين أن تصرخ به كفاك تكبر و زيف ولماذا لا تعلن في وضوح أن التصميمات من أجل ماهي لأنها قريبة من القلب ومن تريد ارضاءها لماذا تحاول أن تجعل الأمر يبدو بهذة الطريقة
فوهة المصالح في عنق الآخرين
تصب في رحالهم فقط وانت الخاسر الوحيد حين انصرف منذر همست شيرين إلى فاطمة
هيا بنا يا صغيرتي لقد تأخرنا عن العمل
بررت فاطمة
لا ضرر من التأخير إذا ءاتت من خلفه مصالح واسدينا خدمة إلى صديق مقرب
رفعت شيرين رأسها في قلة حيلة ثم قالت
أتفق معك
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي