الفصل الخامس ضياع

رواية ذنبقية عزراء
الجزء الخامس ضياع

في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحًا وهى لا تزال مستيقظة، قد أحاط القلق بها من كل جانب جعلها لا تستطيع أن تغفو من شدته، إذ فجأة سمعت ضجيج بالخارج فأثار ذلك فضولها لمعرفة سبب الضجيج ، ذهبت نحو نافذة غرفتها المظلمة ذات الطابع الكئيب، نظرت للخارج إذ بسماءٍ ملبدة بغيوم قاتمة تشبه تلك الهالات السوداء المحيطة بعينيها مع هطول أمطار غزيرة تشبه عَبراتِها المتساقطة على وجنتيها يصحبها برق لامعٌ في السماء كلمعان العبرات بين جفونها ورعد يذكرها بصوت نبضاتها المضطربة، لم يثير ذلك خوفها قط قدر ما انتابها شعور اللاشيء، كانت تلك الظواهر الطبيعية مشابهة بقدر كبير لتلك الصراعات التي فى داخلها لذلك كانت تألف ما يحدث بالخارج وهى ترقب ذلك من تلك الغرفة .
راودتها بعض الأفكار جعلتها للحظة لا تلحظ ما يحدث خارج النافذة، ذهبت لأيامٍ كانت تشعر فيها بسلام داخلي وهدوء ملحوظ لا نزاعات، لا صراعات والكون هاديء من حولها، ومن ثَمّ استعادت تركيزها وشعرت كأن الطبيعة من حولها تربت على كتفها بأن الصراعات تعم الأجواء يا عزيزتى وليست داخلك فقط .
أنهكها التفكير فألقت بجسدها البالي على سريرها وسلَّمت وجنتيها لوسادتها لتغُطّ في النوم هروبًا من واقعها المُوِجعْ لكنها فشلت في ذلك؛ سيطرت عليها هلاوس عقلها ومنعتها من الخلود إلى النوم فكلما أغمضت جفنيها تسمعُ صوتٍ يتردد في أذنها قائلاً " سوف يموت وأنت سوف تشردين في الشوارع"، بعد سماعها للصوت الوهمي سرعان ما تقوم هَلِعةً تبحث عن ما لا تعرفه بين أرجاء الغرفة، كان بداخلها شعور بالخذلان والضياع ، من المؤسف أن الخذلان ينتج عن صدمة نتيجة تقلب الظروف ويولد الحزن والعجز بسبب عدم اطمئنانك للغد والمستقبل، يظن الإنسان في قرارة نفسه أن الخذلان لن يدق بابه ولن يعرف لقلبه طريق ولكنه حدث وهاهو يقف علي بعد خطوات، يا له من شعور مريع!
أُصيب قلبها بقشعريرة لوهلة كادت تصل للجسد كافة
يتوقف العقل عن الإستيعاب من شدة الصدمة ويتساءل:
ماذا يحدث؟
من المستحيل أن يصيبني كل هذا اليأس، إنه وليد عقلي الباطن ليس إلا،
بدأ عقلها بإستعادة الأحداث وإدراك الفجعة التي أصابتها.
انقضى ليلها وهي تجابه كل هذا بجسدٍ منهك وروحٍ مبعثرة إلى أن حلَّ النهار ومع أول شعاع شمسٍ رأته بثَّ داخلها الخوف أكثر، سيستيقظ النيام وتدبُّ الحركة حولها ويقام المزاد ويجردها من كل شيء.
خرجت من غرفتها شاردة التفكير تتمتم بكلمات غير مرتبة أو مفهومة،لاحظ الخدم هذا الشتات لكنا قد أمرت بجمعهم لتعطيهم باقي مستحقاتهم وتصرفهم عن الخدمة لأنها لن تقدر على تحمل تكاليف مرتباتهم بعد الان هذا بالإضافة إلى أنها لم تعلم أين سيكون محل إقامتها بعد بيع الڤيلا في المزاد.

في كافيتريا بجامعة القاهرة…
-بس انا حبيته ياحياة، حبيته.
حياه:يابنتي فهميني حبيتيه ازاي وانت ماشوفتيهوش غير مرة واحدة
أسيل:لأن دا اللي كنت بحلم بيه دايما، دا اللي كان بيجيلي في أحلامي وأول ماشوفته قلبي دق ليه دق ليه ياحياة قوليلي اعمل اي بس
حياة: هاقولك تعملي، احنا بليل ياهانم نصلي قيام الليل وندعي لربنا انه لو خير ليك يحبك زي مابتحبيه ويكون من نصيبك
أسيل :حاضر يلا بينا دلوقت.
حياة:مش هاتعقلي ابدا كنت لسة بتعيطي من شويه وبعدين قيام ليل إيه اللي هنصليه الساعة ١١ الصبح يا متخلفة.
وأخذت تقهقه بشدة فضحكت معها أسيل بعد أن تداركت الموقف…
أسيل: ما أنت لو بس لو شوفتيه ولا لو سمعتي صوته وهو بيعتذر لي لما خبطني بدون قصد.
حياة: خبطتك ازاي يا أستاذة اعترفي؟
أسيل: يابنتي كنت في الشهر العقاري بقولك بعمل توكيل للمحامي علشان يبيع أرض بابا الله يرحمه وهو تقريبا كان بيخلص حاجة في نفس الوقت وكان نازل على السلم بسرعة جدًا فخبطنا في بعض.
حياة: على كدا دا حب من أول خبطة مش من أول نظرة.
بعد جملة حياة تعالت ضحكاتهما ثم ذهبا لاستكمال المحاضرات.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي