الفصل الثاني أين أنا؟ من أنا؟

كانت الأجواء جميلة في بيت مرتب.. يبدو أنه ليس بكبير وليس بصغير ، وكانت الغرفة أيضا متوسطة الحجم.. عُزفت فيها موسيقى رائعة على يد فتاة جميلة جدا، ومن ثم توقفت عن العزف واتجهت نحو الشرفة وفتحتها للتهوية، وألقت نظرة عابرة على الفتى المستلقي على السرير.. والأشبه بشبح ميت .أحست أنه لا جدوى من تفقده ؛ فهو لازال نائما.. مر أسبوعا كاملا وهو لايزال نائما بنفس الهيئة.
اتجهت الحسناء نحو الكمان مرة أخرى واستأنفت العزف.
أخذت تعزف ألحانا في غاية الروعة.. تكاد من روعتها تقسم أن الميت قد تعود له أنفاسه من جديد ، وكانت الفتاة مبتسمة طوال الوقت أثناء العزف.
بدت جميلة جدا.. وكأن عينيها يتدفق منهما وردا ، كست حمرة الجمال وجنتيها الممتلئتين فامتزج اللون الأحمر الطبيعي مع بياض بشرتها المثالي بشكل مذهل ، ولها بسمة عينين رائعة تجعل من يراها يقع في حبها.
بالاضافة إلى اتساع عينيها البنيتين وجمال شعرها الأشقر الناعم الطويل الذي ينسدل على كتفيها ، وقوامها الممشوق الذي يكسوه فستانا رمادي قصير وأنيق..
بينما كانت الفتاة تصب كل تركيزها على العزف وانتقاء الالحان لمحت أن قدما الفتى تتحرك ، أو ربما أنه بدأ في الاستيقاظ... يا الهي كم أن هذا غريب!

إن هذه هي الحركة الاولى لهذا الفتى مجهول الهوية منذ أن أتت به الفتاة إلى هنا مع والدها.
كان يتنفس طوال الوقت بشكل طبيعي ولكنه لم يتحرك أبدا وهذه أول مرة يتحرك فيها.
وبطبيعة حال تلك الفتاة ، فهي مثقفة وماهرة في العديد من أمور الحياة ، استطاعت أن تعلق له محاليل التغذية اللازمة له ، لأنها أدركت أنه لا أمل في إفاقته، ولا أحد يدري ما السبب.
ألقت الفتاة بالكمان أرضا من شدة الذهول وأسرعت نحوه وأمعنت النظر ، وأخذت تهز فيه وهي ممسكة بيده وتقول:
يا هذا! هل أنت مستيقظ؟ هل أنت بخير؟

لم يجب الفتى ولكنه تحرك مرة أخرى وتقلب على الجانب الآخر موجها ظهره للفتاة.


قالت الفتاة محدثة نفسها:
إنك لشخص عنيد!
صحيح أنني لا أعرفك ولا أعرف كيف نجوت أصلا من هذا الحريق المميت الذي أكل بيتكم أكلا وهدمه هدمًا. لم ينج سواك أنت وهذه الحقيبة الذي عجزتُ عن فتحها أنا وأبي ، والغريب أيضا أنه لم يسأل عنك أحدا... ربما أنت لقيط ولا عائلة لك ، آه لا أعلم..كم أن أمرك محيّر!
في البداية اقترح عليَ أبي كثيرا أن نسلمك إلى الشرطة ولكنني أبيت ، أريد أن اكتشف سرك بنفسي. كنت آمل أن يظهر أحد من عائلتك ويطلبك ولكنني يأست من هذا.
وأيضا.. تيقنا من أنه لا جدوى من أخذك للشرطة ، ولم يكن هنالك جدوى أيضا من أخذك للطبيب ، وهذا لأنه...
لم تكمل الفتاة حديثها مع نفسها فقد قاطعها تقلب الفتى على جانبه فأصبح الآن مواجه لها.. فصمتت...وظنت أنه ربما يستيقظ.
جلست على الاريكة المجاورة للسرير في حذر ، ثم خفضت صوت أنفاسها وانتظرت...
بدأت أجفان الفتى تتحرك وكأنه يشرع في الاستيقاظ ، أحست الفتاة ببعض الذعر.. وقفت وأخذت تخطو خطوات إلى الخلف.
أرادت عن تبحث عن وسيلة دفاع لتدافع عن نفسها في حال اعتدى عليها هذا الغريب، أو ربما كان مجنونا فيقتلها!
لم يكن والدها في المنزل ، بل كان في العمل.. وكان الوقت هو العطلة الصيفية فكانت متفرغة إلى مراقبة هذا الغريب في بيتهم.
أخذت تتلفت برأسها هنا وهناك باحثة عن شيء.. أي شيء.. خشيت أن تترك الغرفة وتبحث خارجها.. فاصتدم رسغها بمقشة كانت مسنودة على الحائط.. فوقعت وأحدثت صوتا..
ارتعبت الفتاة والتقطها متجهة نحو الفتى الذي كان لايزال محتجزا في مرحلة تحريك أجفانه.. وكأنها شلت ولا يستطيع فتحها!
عادت الفتاة إلى الأريكة ، وقد هدأت قليلا.. حملت المقشة في يدها اليمنى واستندت إلى الأريكة باليد اليسرى. مترقبة!
وأخيرا..
فتح الفتى عينيه.. بدا مرعبا بالنسبة للفتاة إلى حد كبير ؛ فقد وجّه نظره نحوها.. كان ينظر إليها!
تظاهرت الفتاة بالشجاعة ، وقامت وسارت عدة خطوات نحوه إلى أن وصلت إلى السرير ، كانت يداها ترتعشان خوفا.
حاولت جاهدة أن تخفي هذا الخوف، فاستمرت في الامساك بالمشقة بقبضة يدها اليمنى ثم قامت بالتأشير نحو الفتى بسبابتها اليسرى قائلة بنبرة تحدٍ زائفة :
أنت! من أنت! وماذا تريد!
ضحك الفتى بصوت عال متسائلا:
ماذا أريد؟ آه آسف سأجيب على السؤال الأول في البداية.. أولا أنا لا أعرف من أنا.. أما عن "ماذا أريد؟" فلا تخافي مني ولا تحاولي أن تخفي ارتعابك مرة ثانية لأنك فاشلة في هذا..أنت خائفة جدا بدون داعي... أنا لا أعرف ماذا أريد لأنني لا أعرف من أنا ، وفي الحقيقة.. كنت سأسألك نفس السؤال.. "ماذا تريدين مني؟" لهذا ضحكتُ.. آسف على هذا.
هل يمكنكِ أن تقصي علي ماحدث؟ ولمن هذا البيت؟ هذه المرة الأولى التي أراك فيها، وأيضا لم آتي الى هذا البيت من قبل...أشعر أن هناك شيء ما قد نسيته ولكنني لا أعلم ما هو!
ردت عليه الفتاة باستهزاء ممزوج ببعض الخوف :
لا تعلم ما هو! من الواضح أنك لا تعلم شيئا أو أنك فقدت الذاكرة! أو من الممكن أنك مخادع وكاذب وتتظاهر بنسيانك كل شيء..ثم أمسكت المقشة بيديها الاثنتين قائلة :
ينبغي أن تخاف أنت مني.. هيا اعترف، وقل لي كل شيء عنك حتى أستطيع الوثوق بك.. عند اعترافك سيكون بوسعك معرفة كل شيء عني وعن هذا البيت وسأخبرك أيضا كيف أتيت إلى هنا ومن أتى بك.. هيا!
فأجاب متسائلا :
أرجوكِ أخبريني أنتِ ماحدث ؛ لأنني لا أتذكر شيئا...أقسم لك أنني لا أتذكر من أكون، ولا أتذكر حتى اسمي.

علت نبرة صوت الفتاة قليلا وقالت مهددة اياه :

لا تلعب دور الساذج، أخبرني الآن حكايتك، وسأخبرك ماذا حدث.
-معذرة ولكن أنت من تلعبين دورا ، وهو دور المجنونة ؛ فأنا من يجب أن انتفض ذعرا لأنني وجدت نفسي هنا ، أشعر وكأنني قد سُلب مني شيئا ثمينا ولا أعلم ما هو.. ربما أنا شخص له أهل وذكريات ولكن تم سلبهما مني. ربما أنت جنية أو ساحرة وسلبتِ مني ذكرياتي.
ثم قال في سخرية :
أعيدي ذكرياتي أيتها اللصة!!

رجعت الفتاة عدة خطوات إلى الخلف خوفا من أن يقوم الفتى من نومته ، ثم قالت متظاهرة بالشجاعة مرة أخرى :
يجب أن تعلم أنني لا أعيش وحيدة.. اقترب موعد انتهاء دوام أبي ، وسوف يأتي فمن الأفضل لك أنت تتكلم.
قال الفتى في سخرية :
حسنا سأتكلم ، ما رأيك أن تعطيني اسما؟ أنا أتحدث بشكل جدي أقسم لك.. أنا بلا اسم وبلا ذكريات.
على الرغم من أنني متأكد بنسبة مئة بالمئة أنه كان لي ذكريات في السابق ، لكنني لا أتذكر شيئا فهل منحتني بعض الوقت لربما أتذكر؟
ثم قال في تودد :
أرجوكِ لا تقسو عليَ.

نظر إلى عينيها الجمليتين لعدة ثوان ثم قال :
يمكنكِ أنت تبدأي محادثة ، أو سأبدأها أنا بالسؤال.. ما هو اسمك؟
زفرت الفتاة في ضيق قائلة :
اسمي لانا.
-لانا.. اسم جميل يليق بكِ.. تشرفت بمعرفتك يا لانا.
لا تخافي مني أرجوكِ ولكنني أحتاج أن أنهض من هذا الفراش، أريد أن أرى وجهي في المرآة.. فأنا أحاول استرجاع ذكرياتي ولكنني لا أقدر على ذلك فدعيني أرى نفسي اذا سمحتِ.
قالت :
قبل أن ترى نفسك.. دعنى أولا أوضح لك شيئا.. أنا أعلم أن ورائك سر خطير أو ربما عدة أسرارا خطيرة ، وانا بطبعي فتاة فضولية وقررت أن أكتشفك ، وسأقول لك آخر شيء حدث قبل أن تنام هذه النومة الطويلة.
لقد وجدناك أنا وأبي تحت حطام منزلكم ، سليم معافى.. بعد أن احترق المبنى بالكامل..لا أعلم لماذا لم يتحدث أحد عن ذلك ، ولكن ظل الكُل يردد أن جميع من في المبنى قد وافتهم المنية.. لأن الحريق كان هائلا ، ولم يتعرفوا حتى على جثثهم لأن أجسادهم قد هلكت بالكامل ولم يبق سوى أشلاء
لم يراك أحدا سوانا.. أنا وأبي!
ربما لن تصدقني ، لأن أبي قص تلك القصة عندما عدنا هنا على الكثير من معارفنا، فاتهموه بالجنون حتى أنه جلب عمي إلى هنا... إلى هذه الغرفة ليريه ذلك الصبي المستلقي على السرير....فكانت اجابة عمي أن السرير فارغ ولا أحد نائم عليه!
شعر الفتى بذهول غير عادي ولم ينطق بكلمة.. ولكن كان يبدو على وجهه أنه يصدقها.
استأنفت لانا :
عندما وجدناك تحت الحطام.. شيء ما غير مرئي كان يُبعدنا عنك... كنا نرى يديك ورجليك من تحت حطام المنزل المحترق ، ولكن كلما حاولنا الاقتراب.. أبعدنا شيء ما لا نراه.. لا أعلم كيف أصف لك هذا. الناس من حولنا كانوا ينظرون إلينا في ذهول، وسمعناهم يقولون أننا مجانين ، وأتى بعض الرجال وأرغمونا على الابتعاد ؛ لأن الشرطة ستأتي لتبحث عن الأناس القابعين تحت تلك الأنقاض.
أما عني فأنا لم أيأس..
وقفت بعيدا وراقبت يديك التي كانت تحت الأنقاض إلى أن شرعت في التحرك، ثم قَمت من مكانك خائفا ، أخذت تتلفت حولك وكأنك تبحث عن شيء ما ، ولم يراك أي أحد سوانا... أخذنا ننادي على الناس ونقول لهم أنك خرجت سليم معافى من تحت الانقاض ، ولكن لم يراك أحد ولم يصدقنا أحد.
كانت ملابسك ممزقة ومليئة بالدماء ، وكنت تحمل حقيبة يد ما زالت موجودة هنا ، ولم نستطع فتحها.. مضت ساعات وأيام وجدت فيها صعوبة كبيرة في أن أصدق أن كل هذه الدماء سالت من شخص واحد وذلك الشخص لازال يتنفس الآن أمامي.
على كل حال ، أصبحت الآن أصدق أي شيء..
أتدري ماذا حدث بعد ذلك؟ أخذناك أنا وأبي في السيارة ، وأجلسناك بجانبي على الكرسي الخلفي ، بعد أن فقدت الوعي بعد دقائق قليلة من افاقتك. ألا تتذكر أنك أفقت تحت الأنقاض وساعدناك أنا وأبي على النهوض؟ ألا تتذكر أي شيء؟
أجاب في خيبة أمل:
لا أتذكر أي شيء.. آسف يا لانا.
قالت :
لا عليك؛ فضولي وبحثي سيكشف كل شيء أنا واثقة من هذا.
ساد الصمت لبضع ثوان ثم تساءل الفتى :
لم يرني أحد وأنا في السيارة؟
أجابت بثقة: لم يرك أحد سوانا أنا واثقة من ذلك ، لا عند المنزل ولا في السيارة ، وأراد أبي أن يأخذك إلى الطبيب ولكنه قال أنه لن يكون هناك جدوى من ذلك ، فـ .. فلن يراك الطبيب حتى!! وسيتهمنا بالجنون كما فعل بقية الاشخاص الذين تواجدوا هناك.
نظر الفتى إلى "لانا" قليلا وضاقت عيناه وكأنه يحاول تذكر شيئا ما ثم قال :
لا أعلم.. بطريقة أو بأخرى.. أشعر أنك تذكرينني بامرأة.لا أعلم من تكون، ولكن هنالك شيء..شيء ما في عينيكِ..معذرة لا تسيئي فهمي.. أشعر فقط أنك تشبهين امرأة أعرفها.
أحست "لانا" بعدم الارتياح.. شعرت وكأنه انتهز فرصة وجودهما معا في المنزل وحيدين وأخذ يتغزل بها ، فنظرت إليه نظرة جدية تمتزج بقليل من الغضب قائلة :

إياك وأن تتعدى حدودك.. اذا قتلتك لن يعلم أحد أتعي بذلك؟ أنت غير موجود سوى في عالمي أنا وأبي.

-لم أقصد الغزل أو ماشابه.. انسي ماقلت ، أحاول فقط استرجاع أي شيء من ذكرياتي ، أي فكرة من ذاكرتي، اذا كانت موجودة أصلا ، ولكن..لا عليكِ. خذيني لأقرب مرآة الآن.. أريد أن أراني.








اصطحبته "لانا" إلى الغرفة المجاورة ، تلك الغرفة كانت غرفة "لانا".. استطاع الفتى أن يميز ذلك من ملامح الغرفة الانثوية والالوان البناتية الخلابة والمبهجة التي تضفي على كل أثاث الغرفة..
قطعت "لانا" حبل أفكاره قائلة :
تفضل ياهذا.. اجلس أمام المرآة وأمعن النظر.. حاول أن تتذكر من يكون صاحب هذا الوجه... هيا!

جلس الفتى وأخذ يتفحص وجهه في المرأة ، كطفل صغير يرى نفسه لأول مرة ، أخذ يضحك بصوت عال.. لا يدري ماذا يقول ، ولكنه بالفعل كالطفل الصغير.
أحس بإحراج شديد من نظرات الضيق التي كانت على وجه "لانا"، والتي كانت تراقب ضحكاته وهي منزعجة.
هدأ قليلا ثم قال :
تذكرت!
أصيبت "لانا" بالذهول قائلة:
أخيرا... حمدا لك يارب!
قال الفتى : عامر.. اسمي هو عامر أمين!

-حسنا حاول أن تتذكر كل شيء ، يمكنك أن تمكث أمام هذه المرآة طوال اليوم ، لن أمانع ولكن تذكر الآن.. تذكر كل شيء عنك، أنا واثقة بأن حياتك مليئة بالألغاز والمغامرات المثيرة.
قالت لانا هذه العبارة في حماس شديد.
ثم ساد الصمت لعدة دقائق..






شعرت لانا بالملل، فتركته أمام المرآة ونزلت إلى الأسفل لترى ما اذا كان والدها قد وصل أم لا.. فهي متحمسة للغاية... بالطبع تريد أن تُطلعه على كل جديد عن هذا الفتى ، الذي استيقظ للتو بعد سُبات دام لأكثر من أسبوع.. هذا الفتى الغير مرئي غريب الأطوار!
"أبي أبي أهذا أنت؟"
قالتها "لانا" أثناء نزولها من على الدرج بعد أن سمعت صوت المفاتيح.
فتح أباها الباب وقال باسما :
ومن يكون غيري يا ابنتي الحبيبة ، ثم فتح ذراعيه لها لاحتضانها.
ارتمت ابنته الجميلة بين أحضانه ثم قالت :
لدي مفاجأة.
قال : آه حسنا ياعزيزتي أنا متعب الآن للغاية لا بد أن آخذ حماما سريعا حتى أقوى على تحضير الطعام معك يا ابنتي ، الآن اذهبي وتفقدي نبض هذا "الغير مرئي" واطمأني عليه ، وسآتي لتقولي لي كل شيء.. قصصك ومفاجآتك و..لم يكمل الأب كلماته فقاطعته ابنته قائلة :

أبي..
لقد استيقظ الغير مرئي!

أسرع الأب إلى الطابق الثاني برفقة ابنته.. حيث يتواجد الفتى... نظر من ثقب الباب.. باب غرفة ابنته ، بعد أن أخبرته أنها سمحت له أن يستخدم المرآة.. نظر الاب والابنة فوجداه لا يزال يحدق في المرآة.. محاولا اكتشاف نفسه.
حينها قام الأب بطرق عدة طرقات ثم دخل عليه..
انتفض الفتى مذعورا ، وقام واقفا ثم قال في ارتباك :
أأأ.. مرحبا.. سيدي. من تكون؟
-كنت سأسألك السؤال نفسه يابني ، لا يهم من أكون أنا الآن.. من تكون أنت؟ هل تتذكر شيئا؟
تمالك الفتى نفسه قليلا محاولا استجماع أفكاره ثم أجاب : اسمي عامر أمين يا سيدي! لا أدري كيف أتيت إلى هنا! ولكني أعتقد أن بإمكانك أن تخبرني. أرجوك أخبرني ما الذي حدث! فابنتك متكتمة على هذا الأمر وحريصة كل الحرص على ألا تخبرني بعض المعلومات المهمة، أشعر أن هناك شيء تخفينه عني. (قالها وهو ينظر إلى "لانا" نظرة لؤم وارتياب)

-اسمع يابني ، لم تخبئ لانا الكثير.. كل ماقالته لك صحيح.. بعض الأمور الغريبة يمكن تفسيرها من بحث "لانا" وخبرتها.
عندما وجدناك كنا في بلدتك.. تلك البلدة التي تَدعى "نوفيس" هل تتذكر هذا الاسم؟ أو تتذكر أنك قد عشت هناك من قبل؟
أجاب الفتى وهو خائب الأمل :
لا يا سيدي ، أنا من مدينة اسمها "بيني تاس" ليست بعيدة كثيرا عن العاصمة.
-بيني تاس؟ الآن تتذكر مسقط رأسك.. عجيب!
-لقد تذكرت بعض الاشياء يا سيدي، ليس كل شيء ، وأيضا ما تذكرته مُبهم وغير واضح تماما ، ولكن يمكنك أن تتفضل وتكمل كلامك أولا ؛ فكلي آذان صاغيه.
شعر الأب بارتباك وتحير شديد.. ثم قال :
هذا الحديث سيطول يابني، لابد أن نجهز بعض الشاي أولا ، وسنجلس ونتحدث معا في غرفتي.


يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي