الفص الثالث
نظرت إليها فرح بترقب:
_ فيه إيه تاني ؟
هتفت نغم ثم نظرت إليها بإبتسامة:
_ روح وحمزة دول توأم
سألتها بإبنتباه:
_حمزة ودا ابن عمك وروح بنت خالك، هما قد بعض!
أجابتها نغم بتوضيح:
_ زمان عمتو كانت حامل ف روح وكانت برضو خالتو حامل ف حمزة كانت عمتو ولدت وبعدين خالتو وعمو عملو حادثه وخالتو دخلت ف غيبوبه وساعتنا عمتو اخدت بقه حمزة وبقو راضعين ع بعض وبقو اخوات،
هزت فرح رأسها بعدم فهم:
_ عمتك مين! مش عمتك دي تبق مرات خالك اللي هي أم روح
كزت روح علي أسنانها بسبب غبائها هاتفة:
_ ما عمتي متجوزه خالي ومخلفه روح ورشاد، .وعمو مازن عنده حمزة وأسِر وعادل
وخالتو روان عندها أدهم ويُسر ودول توأم من سن حمزه وروح كدا
وخالتو فريدة عندها روڤان بس هما ف السعوديه
وأنا طبعا أُختى عارفاها شهد
تركتها فرح وذهبت تحدث نفسها فإستغربت نغم فعلتها ولحقت بها هاتفه:
_ إيه ياهبله رايحه فين
شعرت فرح بالتخبط من هذه العائلة هاتفة:
_ أنا دماغي لفت منكم والله، ولا أكننا بنحل شِفرة دافنتشي كان لازم أجدادكم يحبو بعض ، ياريتهم كانو بيكرهو بعض كانو ريحونا كلنا
أصدرت نغم ضحكة عاليه ثم هتفت تحكي مابقى من هذه العائلة الغريبة:
_نسيت أقولك إن كان عندهم أخ تاني كان توفي وليه ابن ودا يبق جوز خالتو ندي وعندهم سيف دا بقه ياستي كبير العيله دي كلها
تركتها فرح ولن تمشي لا بل أسرعت تهرب من هذه العيله وهذه الشفره التي لم تفهم حلها وكُلما تفهم الحل تشعر أنها تدخل شفرة أُخرى
…………………………………………………………………
مسائهم اليوم كان مُحملاً بالسعادة فهو يوم تجمعهما تحديداً فى الحديقة الخارجية في شقة الجده.
الشباب يجتمعوا حول جهاز البلايستيشن وصرخات من الفائز والرجال فى جانب آخر يتحدثون دائما فى أمور الشركة، وهى تجلس في ركن بالمطبخ تتمتم بخجل فقد فاجأها زوجها أنه جمعهُم خصيصا للإحتفال بعيد ميلادها، وعاتبته سراً لكنه هكذا يظل مجنوناً في تصرفاته لذا تخشى أن يكون ابنهما أسِر مثله.
ونظرات من شقيقاتها وغمزات بينهما وَهُنّ يرونها تَشّع احمراراً رغم كِبر سنها، وهِتاف من نغم وهى تأخذ الأطباق:
_ إيه يارنا مالك مكسوفة ليه
تحدثت رنا بشئ من العصبية:
_ أصل مازن بيستهبل والله يعني بقه عندي 54 سنه وبيحتفل بعيد ميلادى
ابتسمت روان توأمتها فى الرضاعة وابنه عمها ثم هتفت:
_ بيحبك معلش هو مجنون من زمان مش جديده عليه يعني
هتفت رنا بحنق:
_ مش عارفه مش طالع لحمزة عاقل كدا
هتفت نغم بغيظ:
_ياريت ياختي كان حمزة مجنون زي جوزك لكن نقول ايه وبعدين ما انتِ عندك حمزة ابنك عاقل عاوزه ايه تاني
ضمت شفتيها بحزن وكأنها تذكرت أنه غائب عن التجمع:
_ كان نفسى يكون معانا وكلهم يبقو عاقلين زيه ، كفايه عليا أسِر مطلع عيني
وعلى ذِكر اسمه كان يدخل إليهما ثم وضع يديه يحضتن كتفيها ويقبل رأسها هاتفا:
_ عارفه يارنا أنتِ اُمى أه، لكن والله ماتستاهلى ابن بار زيى كدا
ثم هز رأسه هاتفاً بنبرة يائسة:
_ والله خسارة المفجأة اللى عملتهالك دي كلها ومكلف نفسى وأعزم دا ودا و..
قاطعته وهى تنقض عليه وتمسكه من ياقة قميصة وكأنها تعاقبه:
_ يعني أنت اللى عملت كدا أدعى عليك بإيه وأنت كاسفنى
ضحكوا جميعا على تعليقها وتحدثت روح وهي تقترب منها هاتفه:
_ الصراحه ياعمتو وأنا كمان مشتركه معاه
هتفت رنا بغيظ:
_بقه كدا ياروح وأنا اللي فكراكي عاقلة!
غمزتها نغم كي لا تتحدث ولكن الأخيرة لم تستجيب لغمزتها وأخرجت لسانها بطفولة وهى تقول:
_ وعمتو نغم كمان معانا
كزت رنا على أسنانها وكادت أن تتحدث فلحقتها ندى قائله:
_ خلاص بقه يارنا ماتكبري شويه !
نظرت إليها روح ثم هتفت بغمرة:
_ وعاملين ليكِ مفجأة حلوة وهتعجبك
تابع أسِر حديثها بمشاكسة :
_وكمان ساعتها هتبوسينا وتعتبرينا عيالك،
وعلى جانب آخر كانت الفتيات تتحدثن وضحكاتهن ترتفع
نغم وبجانبها شقيقتها الصغري شهد وبالإضافة إلى يُسر ابنة خالتهما روان.
تحدثت نغم ضاحكة وهي تتذكر موقف صديقتها:
_ النهاردة ياعنيى فرح صحبتى كانت ماشيه تكلم نفسها عشان مش عارفه تفهم العيلة بتاعتنا دى متفرعة لفين ومنين
بادلتها يُسر الضحكة وهتفت هى الاخرى:
_زي بالظبط نسمة خطيبة حازم لغاية دلوقت مش فاهمة الموضوع رغم إننا أصحاب من زمان
تفوهت شهد وهي تنظر إلي أسِر هاتفة:
_هي مفيش غير سما السوسة دى هى اللى فاهمة،العيب فيكم انتم والله مش فيهم هما
هتفت نغم بإعتراض:
_ لا والله إزاى بقه العيب فينا!
ضحكت شهد ثم تحدثت:
_استنو هقولكو
ثم وجهت حديثها الي أسِر هاتفا:
_ يا أسِر تعال أما اقولك
سمعها تهتف بإسمة فذهب إليها قائلا:
_ عاوزه ايه يابنتي
تحدثت قائلا بمرحها:
_ دلوقت أنا بقولهم إن العيب فى نغم ويُسر إنهم مش عارفين يفهموا صحباتهُم العيلة دى داخله منين وخارجة لفين قولتلهم هى سما السوسة اللى عارفة عشان إيه بقة، أسِر دماغه نضيفه وفهمها بسهوله، قولهم بقه فهمتها ازاى
أطلق ضحكته بصوت مرتفع ثم أجابها:
_ أنا قولت أقصر الطريق وجبتها لكل واحد فيهم فى يوم بحيث تعرف تربط بينهم
انطلقت الضحكات بينهم مع هتاف يُسر:
_طول عمرك بتفهم
أجابها بثقة:
_ أومال هَكون زيك يعنى.
رفعت إحدى حاجبيها قائلة:
_يابني احترم فرق السن اللي بينا
كانت عيوناً تتابعهُما من بعيد شَخصاً يبدو فى غاية الغيرة لا بل التحكم يُدعي أدهم توأم يُسر الذي في السابعة والعشرون يميل إلى الهدوء لا يحب التجمعات ولا يريد أن تختلط شقيقته بأحد حتى ولو كانت عائلتها.
نظر إليها نظرة محذرة ثم ذهب فى اتجاههما هاتفا:
_ ايه يا أسِر واقف كدا ليه
انتفض أسِر ثم هتف قائلا:
_ خضتني ياأدهم حد يدخل كدا،
ثم أردف بغيظ:
_ هكون بعمل إيه يعني بتكلم معاهم ولا حرام ياعم
أمسكه من يديه هاتفا:
_تعال إتكلم معانا أحنا، وسيب البنات لوحدهم
ثم وجهه حديثه إلي شقيقته هاتفا:
_ صوتكم ياريت يوطى شويه
نظرت إليه يُسر بإعتذار ونظرة كانت نارية من نغم وهى تهتف بغيظ:
_ أخوكي دا يايُسر بجد خنيق ، الله يكون ف عونك منه
ابتسمت يُسر ثم تحدثت:
_ أدهم مفيش أطيب منه ولا أحن منه بس هو نسخة من بابا جَد شويه
تحدثت شهد:
_ هو في زي عَمو آدم دا سُكر والله
وعلى جانب آخر كان يقف كل من رشاد الذى يبلغ من العمر ثلاثه عشر عاماً
وعادل الذي أصبح في التاسع عشر من عمره، يتحدثان في أمورهما المعتاده وهى كرة القدم
ومناوشات بينهما فهما الوحيدان فى هذا البيت يشجعان الفريق الابيض والباقي يشجعون الفريق الأحمر فلذلك هما متفاهمان دائما
فَيتقيم العائلة عليهما الحد فبمجرد هزيمة الأبيض يُعاقبهُما الأباء ويخرجوهما من هذا البيت كعقاب لهما عن سوء اختيارهما، لكنهما يُحبان فريقهما ويعاندان الأهل وشعارهما الأساسى هو (سنظل أوفياء)
تحدث رشاد وهو يَنظُر الى عادل بقلق:
_ الماتش الجاي مع الأهلي خلي بالك
كز عادل على اسنانه وهو يهتف بحماس:
_ إن شاء الله هنكسب وهَنعَلم عليهم
وضحكات سمعوها من أسِر وهو يضرب كل منهما علي كتفيه: _ إبقوا قابلوني هنطردكم زي كل مره
وهنا يلتفتو إلى اقتراب العائله حول السفرة حيث أتت التورتا الخاصة بالوالدة وصورة لها هى وزوجها وكلمة محفورة بجانب الصورة ( كل سنة وإنتِ في حياتنا)
وضحِكات ثم همزات تسمعها هى ويقف زوجها واضعاً يديه حول خصرها وابتسامة عاشقة منه ونظرة معاتبة منها له
ويقطع هذه النظرات أسِر وبجانبه روح يهتِفان:
_ دلوقت مفاجأتنا احنا، ثم تنظر هى إليهم بإهتمام .
ويفتح الباب على مصرعية وصيحات من الجميع في ذهول وسعادة :
_ حمزة
وتنطلق هى إليه تأخذه فى أحضانها وهكذا تكتمل فرحتها
ويصافح الجميع وينظر إلي والده بابتسامة ثم يلقي عليه التحيه:
_تمام يافندم
ويأخذه والده في احضانه ثم يهتف:
_ مين قالك!
نظر الي أسِر :
_ هو اللي مرتب معايا وعرفت أخلع لغايه بكره
ثم هتف غامزاً إلى والدته:
_ ودي بقه هديتك
راقبتة وهو يبتعد ويقف أمام الباب ثم يأتى إليهما بشيء والفضول يقتل الفتيات وهتفت شهد:
_ إيه دا ياحمزة
ابتسم حمزة ثم اقترب من والدته وقَرّب منها التابلوه الذى جاء به، صورتها هي، رسمها هو بيديه فهذه هوايته التي يعشقها منذ الزمن، فظل ساهراً عليها لليال حتي ظهرت بهذا الإبداع
جذبته في أحضانها مرة اخري هاتفة:
_ أحلى هديه ياحبيبي
نظرات حَسرة كانت بين أسِر وأبيه إلى بعضهما البعض وهتف مازن بصوت مرتفع:
_ يعني مكلف نفسى انا و أسِر وفى الاخر برضو حمزة
ضحك الجميع وقطعت الحديث أخيرا روح وهي تهتف:
_ يالا نطّفي الشمع ونغني
تحدثت شهد قائله:
_ سِر السعاده في بيتك تعال يالا ..
صمتت عندما انطلقت الضحكات من أفواههم وتحدثت نغم هاتفة:
_ مش دي يابنتي
وظلو يرددون غِنُوات ليوم الميلاد وهمسات كانت من مازن فى أذنيها:
_ بحبك يا كُل حياتي ودنيتي
………………………………………………………………………
بهذا التصميم الرائع في هذا البيت، الفيلا المكونه من طابقين، الطابق الأول خاص بها هي ' أميرة ' وزوجها 'شادي' وابنهما 'حازم' وابنتهما التي تركتهما منذ فتره وتقيم مع زوجها خارج البلاد.
والطابق الأخير كان لأخيها 'أدم' ، الذي تزوج من معشوقته روان وابنائهما 'أدهم' 'ويُسر' التوأمان
دخولها المفاجئ في حياة زوجها يوماً هو منّ حوله مِن انسان ضائع حزين إلي انسان يحب الحياه ويحب العائله،التي كونها مع عائله ابو الخير.
وأصبحو ضِلعا أخر بها، وحُب زوجة اخيها لها جعلها مثل شقيقتها الثانيه وهكذا دامت حياتهما، وبنو اساس هذا البيت علي الحب الإحترام،وبهذا نشأ جيل أخر مثلهم.
ع الرغم من تعديها الخمسون من عمرها الأن، الا انها مازالت قادره علي تصميم معظم الشركات أو المكاتب فهي جعلت مثلها الكثير وساعدت المعظم كي يكون مثلها يوما ومن شجعها علي هذا هو زوجها، فهي من صممت هذه البناية والجميع يشهد بعظمتُة لكنها أرادت أن تترك هذه المهنة، فهي تحتاج الراحة وتريد زوجها هو الاخر أن يترك العمل إلي ابنهما،
كانت جالسة في فِراشها،أرادت أن تتحدث مع حفيدها الغالي شادي ،الذي يبلغ من العمر السنتين ونصف لكنه روحهما
وهذا موعد استيقاظه من النوم يفوتها تفاصيل كثيره وتريد أن تكون معه، لكن الغربة ولعنتها، تضحك وهي تراه غائب هكذا لا يريد أن يستيقظ، وتري أسيل ابنتها فلذة كَبدها التي تخطت الثالثة والعشرون وأصبحت في يومً أم رأتها تحدث شادي وهي تهتف:
_ تيتا أهي يالا عشان تكلمها، ولم يبدي هو رد فعل نائم هكذا.
ومع دخول زوجها مسرعاً هَكذا ،اخذ هو الهاتف منها هاتفا: _مين هيجيب بوسة لجدو دلوقت ؟
والاخير انتفض مسرعاً وهتف بسعاده:
_جدو
وضحكات منهما علي مراوغته وضمت أميرة شفتيها بحزن: _يعني بتحب جدك اكتر مني!
هتفت أسيل بصوتها الحنون الهادي:
_ هو بس بيحب يعاندك ياماما
عقد شادي حاجبيه ونظرا إلي أميرة بمعني ما بها ابنتهما والأخيرة لا تفهم هي الأخري، لذا هتف شادي:
_ مالك يااسيل، ايهاب مزعلك؟
وما كان منها إلا انها هزت رأسها نافية مسرعة رغم الدموع الحبيسة في عيناها قائله:
_لا أنتم بس وحشتوني اوي
وكلمات الطفل جعلتهم ينظرون إلي بعض بقلق وهو يهتف بجمل غير مفهومه:
_ بابا ضرب ماما وكانت تعيط
وسؤال أميره كان سريعا:
_ هو شادي بيقول ايه؟
سمعت صوت زوجها خلفها فتفوهت مسرعه:
_معلش ياماما ايهاب اجازه النهارده وهقفل بس عشان احضرله الأكل
وأنهت المكالمة تحت استغراب الأبوين، ثم تنهدت أميرة قائلة بضيق :
_ هتلاقي الزفت دا مزعلها، هو اصلا مبينزليش من زور، وأكيد مكفرها في عيشتها.
وكعادته يحاول ان يهدئها كي لا تشتاط غضباً فتفوه بإبتسامة هادئة:
_ياستي سيبيهم يعرفو إزاي يعيشو،زي ما إحنا عيشنا كدا
هتفت وهي تنظر اليه:
_أنت هتقارن إيهاب بيك ياشادي! هو في زيك برضو
نظر إليها مطولا ثم أمسك يديها قائلا بإبتسامتة المعهودة:
_ أنا إيه بقة !
تحدثت بإسلوبها العذب، اسلوبها الذي يجعله يغرم بها يوماً بعد يوم:
_انت كل حاجة في حياتي، ربنا يخليك لينا يارب
ثم أردفت بضيق:
_ بس تكلم الزفت اللي اسمة إيهاب دا وت..
قاطعها وهو يهز رأسه بحسرة علي ما تحولها المفاجئ قائلا:
_كنا حلوين! وكويسين ليه تقلبي كدا
أخذت نفساً عميقاً ثم هتفت بقلق:
_ قلقانه عليها
قبل باطن كفيها بحنان بالغ ثم تفوه يطمئنها:
_متقلقيش ياحببتي انا هتصل أكلمه وأطمن عليهم.
………………………………………………………………………………
أنهت عملها ثم عادت إلي منرلها كعادتها يومياً،
أرادت أن تسترخي قليلاً تحتاج قسطاً كافي من النوم، لم تري توأم الروح مُنذ أمس عندما كانو في حفلة عيد ميلاد عمتها
لكنها لا تعرف لماذا تحديداً في هذا الوقت تريد الإنفراد بحالها !
استرخت علي الفراش في وضعية النوم ووضعت سماعاتها الخاصة في أُذنيها وأغمضت عيناها، لكن هناك صور تليها الأخري تقتحم مخيلتها ومع هذه الكلمات التي تسمعها الأن تشرد لبعيداً، وانقباض قلبها تشعر به الأن أنه يبكي،
حب' وعود' دموع' خيانة عهد' بل "خيانة روح"
شعرت بدموعها تغرق وجنتيها وكأنها تهبط الأن كالشلال لا تعرف هل تتركها تغوص معها في الماضي! أم تعنف نفسها الأن علي ما تصل به في كُل مرة تختلي بنفسها!
طرقات علي الباب هي التي جعلتها تنتفض من جلستها وتمسح دموعها وكأنها تداري جريمتها،
هدأت قليلا عندما سمعت صوت توأمها حمزة، الشخص الذي يفهمها عن الجميع، الذي لولاه ما كانت خرجت من هذه الدوامة أبدأ، فَعل معها الكثير، حتي عادت كما هي الآن، هي عادت مرة اخري لكن بها جزء لم يعود ربما قلبها المنكسر ،المُحطم. تظل تسأل نفسها يومياً هل ستظل حياتها هكذا! أم سيتغير قدرها يوما !
بالطبع عندما رأي ملامحها التي بدت وكأنها كانت تبكي الأن شعر بضيق خفي،ثم نظر إليها مطولاً، صامتا، فبادلته النظرة بتوتر يشوبه ضعف، فتجمعت الدموع مرة اخري في مقليتها وهي تهز كتفيها بمعني لا أستطيع النسيان، فبادلها بسمة مطمئنة حانية فما كان منها إلا أنها ارتمت في أحضانه تبكي بشدة وهتافاتها ما بين جرح' خوف' ألم' وحنين
تقَبل هو ضعفها الأن بصمت تام، لم يفعل غير أنه يملس علي شعرها لحنان أخوي، يريد أن يجعلها تُخرج هذه الشحنه ولا بد أن يتحمل تقلُب مزاجها هذا
كانت تستمع إلي حديثه الهادئ الحنون وتستقر لفترة بين أحضانه وفي النهاية تنظر إليه بإبتسامة إمتنان وبعدها كأن شيئا لم يحدث، لكنها تفاجئت بسؤاله:
_افتكرتي ايه!
حافظت علي ابتسامتها لكنها تحولت إلي ابتسامة مريرة وكلمات ساخرة:
_ افتكرت الحب، الوعد اللي وعدهولي انه يفضل معايا
نظر إليها ثم هتف بحذر:
_ مش شايفه إن دا كان اختيارك!
تحولت نظرتها إلي العناد وملامحها التي تشوبها الأن الكرامة والكبرياء:
_مكنش قدامي غير دا
لكنه باغتها بحديثه:
_ لا كان فيه بس إنتِ اللي اختارتي دا ياروح
أخذت نفسا عميقا ثم اخرجته بهدوء، هي بالفعل هدأت، اشتياق أحضانه جعلها تتخطي هذه الحالة التي كانت عليها منذ قليل لذا هتفت بإبتسامة حقيقية:
_ أنا مش عاوزة اتكلم تاني
رافعاً حاجبيه بإستغراب ثم هتف بدهشة:
_أنا داخل لاقيكي بتعيطي ودلوقت مش عاوزه تتكلمي! ياتري إيه اللي اتغير!
هتفت بإبتسامة حنونة
_ عشان بس كنت واحشني واخدتني في حضنك
ملس علي كفيها بحنان قائلا بإبتسامة مشاغبة:
_انا بحمد ربنا انك أُختي في الرضاعه، عشان ربنا ابتلاني باتنين رجاله ومعنديش إخوات بنات،
ثم أردف بكبرياء:
بس تعرفي يابت ياروح لو مكنتيش اختي كنت زماني اتجوزتك وكنتٍ هتحبيني
ضحكت علي جملته ثم هتفت دون وعي :
_معتقدش، كنت هحبه هو برضو
أطلق زفرة حارة وزمَ شفتيه بإستهجان، هي ستجننه بالتأكيد، مازالت هذه الفتاة عاشقة لأبعد حد ، علي الرغم من فترة انفصالها مع خطيبها التي تخطت الأربع سنوات ومازالت علي حالتها، فإذا هي تحبه فلماذا كل هذا العناد؟
ظل الصمت هو سيد المكان فتفوهت بعد ذلك تعرف سبب مجيئه:
_ أنت جاي ليه صحيح!
ابتسم بحنان أخوي ثم تحدث:
_ جاي عشان ژخرجك
بادلتة البسمة هاتفة بدهشة:
_لا ياحبيبي أنت هتسافر بكره وبعدين دي مش أجازتك اصلا. الاجازة الجاية إن شاء الله
هز رأسه نافياً:
_ انا اصلا زهقان وعاوز اخرج شويه، البسي يالا علي ما أشوف عمتو أقعد معاها شويه،
هزت رأسها بإبتسامة وقبل أن يخرج هتفت:
_ حمزة ربنا يخليك ليا
_ فيه إيه تاني ؟
هتفت نغم ثم نظرت إليها بإبتسامة:
_ روح وحمزة دول توأم
سألتها بإبنتباه:
_حمزة ودا ابن عمك وروح بنت خالك، هما قد بعض!
أجابتها نغم بتوضيح:
_ زمان عمتو كانت حامل ف روح وكانت برضو خالتو حامل ف حمزة كانت عمتو ولدت وبعدين خالتو وعمو عملو حادثه وخالتو دخلت ف غيبوبه وساعتنا عمتو اخدت بقه حمزة وبقو راضعين ع بعض وبقو اخوات،
هزت فرح رأسها بعدم فهم:
_ عمتك مين! مش عمتك دي تبق مرات خالك اللي هي أم روح
كزت روح علي أسنانها بسبب غبائها هاتفة:
_ ما عمتي متجوزه خالي ومخلفه روح ورشاد، .وعمو مازن عنده حمزة وأسِر وعادل
وخالتو روان عندها أدهم ويُسر ودول توأم من سن حمزه وروح كدا
وخالتو فريدة عندها روڤان بس هما ف السعوديه
وأنا طبعا أُختى عارفاها شهد
تركتها فرح وذهبت تحدث نفسها فإستغربت نغم فعلتها ولحقت بها هاتفه:
_ إيه ياهبله رايحه فين
شعرت فرح بالتخبط من هذه العائلة هاتفة:
_ أنا دماغي لفت منكم والله، ولا أكننا بنحل شِفرة دافنتشي كان لازم أجدادكم يحبو بعض ، ياريتهم كانو بيكرهو بعض كانو ريحونا كلنا
أصدرت نغم ضحكة عاليه ثم هتفت تحكي مابقى من هذه العائلة الغريبة:
_نسيت أقولك إن كان عندهم أخ تاني كان توفي وليه ابن ودا يبق جوز خالتو ندي وعندهم سيف دا بقه ياستي كبير العيله دي كلها
تركتها فرح ولن تمشي لا بل أسرعت تهرب من هذه العيله وهذه الشفره التي لم تفهم حلها وكُلما تفهم الحل تشعر أنها تدخل شفرة أُخرى
…………………………………………………………………
مسائهم اليوم كان مُحملاً بالسعادة فهو يوم تجمعهما تحديداً فى الحديقة الخارجية في شقة الجده.
الشباب يجتمعوا حول جهاز البلايستيشن وصرخات من الفائز والرجال فى جانب آخر يتحدثون دائما فى أمور الشركة، وهى تجلس في ركن بالمطبخ تتمتم بخجل فقد فاجأها زوجها أنه جمعهُم خصيصا للإحتفال بعيد ميلادها، وعاتبته سراً لكنه هكذا يظل مجنوناً في تصرفاته لذا تخشى أن يكون ابنهما أسِر مثله.
ونظرات من شقيقاتها وغمزات بينهما وَهُنّ يرونها تَشّع احمراراً رغم كِبر سنها، وهِتاف من نغم وهى تأخذ الأطباق:
_ إيه يارنا مالك مكسوفة ليه
تحدثت رنا بشئ من العصبية:
_ أصل مازن بيستهبل والله يعني بقه عندي 54 سنه وبيحتفل بعيد ميلادى
ابتسمت روان توأمتها فى الرضاعة وابنه عمها ثم هتفت:
_ بيحبك معلش هو مجنون من زمان مش جديده عليه يعني
هتفت رنا بحنق:
_ مش عارفه مش طالع لحمزة عاقل كدا
هتفت نغم بغيظ:
_ياريت ياختي كان حمزة مجنون زي جوزك لكن نقول ايه وبعدين ما انتِ عندك حمزة ابنك عاقل عاوزه ايه تاني
ضمت شفتيها بحزن وكأنها تذكرت أنه غائب عن التجمع:
_ كان نفسى يكون معانا وكلهم يبقو عاقلين زيه ، كفايه عليا أسِر مطلع عيني
وعلى ذِكر اسمه كان يدخل إليهما ثم وضع يديه يحضتن كتفيها ويقبل رأسها هاتفا:
_ عارفه يارنا أنتِ اُمى أه، لكن والله ماتستاهلى ابن بار زيى كدا
ثم هز رأسه هاتفاً بنبرة يائسة:
_ والله خسارة المفجأة اللى عملتهالك دي كلها ومكلف نفسى وأعزم دا ودا و..
قاطعته وهى تنقض عليه وتمسكه من ياقة قميصة وكأنها تعاقبه:
_ يعني أنت اللى عملت كدا أدعى عليك بإيه وأنت كاسفنى
ضحكوا جميعا على تعليقها وتحدثت روح وهي تقترب منها هاتفه:
_ الصراحه ياعمتو وأنا كمان مشتركه معاه
هتفت رنا بغيظ:
_بقه كدا ياروح وأنا اللي فكراكي عاقلة!
غمزتها نغم كي لا تتحدث ولكن الأخيرة لم تستجيب لغمزتها وأخرجت لسانها بطفولة وهى تقول:
_ وعمتو نغم كمان معانا
كزت رنا على أسنانها وكادت أن تتحدث فلحقتها ندى قائله:
_ خلاص بقه يارنا ماتكبري شويه !
نظرت إليها روح ثم هتفت بغمرة:
_ وعاملين ليكِ مفجأة حلوة وهتعجبك
تابع أسِر حديثها بمشاكسة :
_وكمان ساعتها هتبوسينا وتعتبرينا عيالك،
وعلى جانب آخر كانت الفتيات تتحدثن وضحكاتهن ترتفع
نغم وبجانبها شقيقتها الصغري شهد وبالإضافة إلى يُسر ابنة خالتهما روان.
تحدثت نغم ضاحكة وهي تتذكر موقف صديقتها:
_ النهاردة ياعنيى فرح صحبتى كانت ماشيه تكلم نفسها عشان مش عارفه تفهم العيلة بتاعتنا دى متفرعة لفين ومنين
بادلتها يُسر الضحكة وهتفت هى الاخرى:
_زي بالظبط نسمة خطيبة حازم لغاية دلوقت مش فاهمة الموضوع رغم إننا أصحاب من زمان
تفوهت شهد وهي تنظر إلي أسِر هاتفة:
_هي مفيش غير سما السوسة دى هى اللى فاهمة،العيب فيكم انتم والله مش فيهم هما
هتفت نغم بإعتراض:
_ لا والله إزاى بقه العيب فينا!
ضحكت شهد ثم تحدثت:
_استنو هقولكو
ثم وجهت حديثها الي أسِر هاتفا:
_ يا أسِر تعال أما اقولك
سمعها تهتف بإسمة فذهب إليها قائلا:
_ عاوزه ايه يابنتي
تحدثت قائلا بمرحها:
_ دلوقت أنا بقولهم إن العيب فى نغم ويُسر إنهم مش عارفين يفهموا صحباتهُم العيلة دى داخله منين وخارجة لفين قولتلهم هى سما السوسة اللى عارفة عشان إيه بقة، أسِر دماغه نضيفه وفهمها بسهوله، قولهم بقه فهمتها ازاى
أطلق ضحكته بصوت مرتفع ثم أجابها:
_ أنا قولت أقصر الطريق وجبتها لكل واحد فيهم فى يوم بحيث تعرف تربط بينهم
انطلقت الضحكات بينهم مع هتاف يُسر:
_طول عمرك بتفهم
أجابها بثقة:
_ أومال هَكون زيك يعنى.
رفعت إحدى حاجبيها قائلة:
_يابني احترم فرق السن اللي بينا
كانت عيوناً تتابعهُما من بعيد شَخصاً يبدو فى غاية الغيرة لا بل التحكم يُدعي أدهم توأم يُسر الذي في السابعة والعشرون يميل إلى الهدوء لا يحب التجمعات ولا يريد أن تختلط شقيقته بأحد حتى ولو كانت عائلتها.
نظر إليها نظرة محذرة ثم ذهب فى اتجاههما هاتفا:
_ ايه يا أسِر واقف كدا ليه
انتفض أسِر ثم هتف قائلا:
_ خضتني ياأدهم حد يدخل كدا،
ثم أردف بغيظ:
_ هكون بعمل إيه يعني بتكلم معاهم ولا حرام ياعم
أمسكه من يديه هاتفا:
_تعال إتكلم معانا أحنا، وسيب البنات لوحدهم
ثم وجهه حديثه إلي شقيقته هاتفا:
_ صوتكم ياريت يوطى شويه
نظرت إليه يُسر بإعتذار ونظرة كانت نارية من نغم وهى تهتف بغيظ:
_ أخوكي دا يايُسر بجد خنيق ، الله يكون ف عونك منه
ابتسمت يُسر ثم تحدثت:
_ أدهم مفيش أطيب منه ولا أحن منه بس هو نسخة من بابا جَد شويه
تحدثت شهد:
_ هو في زي عَمو آدم دا سُكر والله
وعلى جانب آخر كان يقف كل من رشاد الذى يبلغ من العمر ثلاثه عشر عاماً
وعادل الذي أصبح في التاسع عشر من عمره، يتحدثان في أمورهما المعتاده وهى كرة القدم
ومناوشات بينهما فهما الوحيدان فى هذا البيت يشجعان الفريق الابيض والباقي يشجعون الفريق الأحمر فلذلك هما متفاهمان دائما
فَيتقيم العائلة عليهما الحد فبمجرد هزيمة الأبيض يُعاقبهُما الأباء ويخرجوهما من هذا البيت كعقاب لهما عن سوء اختيارهما، لكنهما يُحبان فريقهما ويعاندان الأهل وشعارهما الأساسى هو (سنظل أوفياء)
تحدث رشاد وهو يَنظُر الى عادل بقلق:
_ الماتش الجاي مع الأهلي خلي بالك
كز عادل على اسنانه وهو يهتف بحماس:
_ إن شاء الله هنكسب وهَنعَلم عليهم
وضحكات سمعوها من أسِر وهو يضرب كل منهما علي كتفيه: _ إبقوا قابلوني هنطردكم زي كل مره
وهنا يلتفتو إلى اقتراب العائله حول السفرة حيث أتت التورتا الخاصة بالوالدة وصورة لها هى وزوجها وكلمة محفورة بجانب الصورة ( كل سنة وإنتِ في حياتنا)
وضحِكات ثم همزات تسمعها هى ويقف زوجها واضعاً يديه حول خصرها وابتسامة عاشقة منه ونظرة معاتبة منها له
ويقطع هذه النظرات أسِر وبجانبه روح يهتِفان:
_ دلوقت مفاجأتنا احنا، ثم تنظر هى إليهم بإهتمام .
ويفتح الباب على مصرعية وصيحات من الجميع في ذهول وسعادة :
_ حمزة
وتنطلق هى إليه تأخذه فى أحضانها وهكذا تكتمل فرحتها
ويصافح الجميع وينظر إلي والده بابتسامة ثم يلقي عليه التحيه:
_تمام يافندم
ويأخذه والده في احضانه ثم يهتف:
_ مين قالك!
نظر الي أسِر :
_ هو اللي مرتب معايا وعرفت أخلع لغايه بكره
ثم هتف غامزاً إلى والدته:
_ ودي بقه هديتك
راقبتة وهو يبتعد ويقف أمام الباب ثم يأتى إليهما بشيء والفضول يقتل الفتيات وهتفت شهد:
_ إيه دا ياحمزة
ابتسم حمزة ثم اقترب من والدته وقَرّب منها التابلوه الذى جاء به، صورتها هي، رسمها هو بيديه فهذه هوايته التي يعشقها منذ الزمن، فظل ساهراً عليها لليال حتي ظهرت بهذا الإبداع
جذبته في أحضانها مرة اخري هاتفة:
_ أحلى هديه ياحبيبي
نظرات حَسرة كانت بين أسِر وأبيه إلى بعضهما البعض وهتف مازن بصوت مرتفع:
_ يعني مكلف نفسى انا و أسِر وفى الاخر برضو حمزة
ضحك الجميع وقطعت الحديث أخيرا روح وهي تهتف:
_ يالا نطّفي الشمع ونغني
تحدثت شهد قائله:
_ سِر السعاده في بيتك تعال يالا ..
صمتت عندما انطلقت الضحكات من أفواههم وتحدثت نغم هاتفة:
_ مش دي يابنتي
وظلو يرددون غِنُوات ليوم الميلاد وهمسات كانت من مازن فى أذنيها:
_ بحبك يا كُل حياتي ودنيتي
………………………………………………………………………
بهذا التصميم الرائع في هذا البيت، الفيلا المكونه من طابقين، الطابق الأول خاص بها هي ' أميرة ' وزوجها 'شادي' وابنهما 'حازم' وابنتهما التي تركتهما منذ فتره وتقيم مع زوجها خارج البلاد.
والطابق الأخير كان لأخيها 'أدم' ، الذي تزوج من معشوقته روان وابنائهما 'أدهم' 'ويُسر' التوأمان
دخولها المفاجئ في حياة زوجها يوماً هو منّ حوله مِن انسان ضائع حزين إلي انسان يحب الحياه ويحب العائله،التي كونها مع عائله ابو الخير.
وأصبحو ضِلعا أخر بها، وحُب زوجة اخيها لها جعلها مثل شقيقتها الثانيه وهكذا دامت حياتهما، وبنو اساس هذا البيت علي الحب الإحترام،وبهذا نشأ جيل أخر مثلهم.
ع الرغم من تعديها الخمسون من عمرها الأن، الا انها مازالت قادره علي تصميم معظم الشركات أو المكاتب فهي جعلت مثلها الكثير وساعدت المعظم كي يكون مثلها يوما ومن شجعها علي هذا هو زوجها، فهي من صممت هذه البناية والجميع يشهد بعظمتُة لكنها أرادت أن تترك هذه المهنة، فهي تحتاج الراحة وتريد زوجها هو الاخر أن يترك العمل إلي ابنهما،
كانت جالسة في فِراشها،أرادت أن تتحدث مع حفيدها الغالي شادي ،الذي يبلغ من العمر السنتين ونصف لكنه روحهما
وهذا موعد استيقاظه من النوم يفوتها تفاصيل كثيره وتريد أن تكون معه، لكن الغربة ولعنتها، تضحك وهي تراه غائب هكذا لا يريد أن يستيقظ، وتري أسيل ابنتها فلذة كَبدها التي تخطت الثالثة والعشرون وأصبحت في يومً أم رأتها تحدث شادي وهي تهتف:
_ تيتا أهي يالا عشان تكلمها، ولم يبدي هو رد فعل نائم هكذا.
ومع دخول زوجها مسرعاً هَكذا ،اخذ هو الهاتف منها هاتفا: _مين هيجيب بوسة لجدو دلوقت ؟
والاخير انتفض مسرعاً وهتف بسعاده:
_جدو
وضحكات منهما علي مراوغته وضمت أميرة شفتيها بحزن: _يعني بتحب جدك اكتر مني!
هتفت أسيل بصوتها الحنون الهادي:
_ هو بس بيحب يعاندك ياماما
عقد شادي حاجبيه ونظرا إلي أميرة بمعني ما بها ابنتهما والأخيرة لا تفهم هي الأخري، لذا هتف شادي:
_ مالك يااسيل، ايهاب مزعلك؟
وما كان منها إلا انها هزت رأسها نافية مسرعة رغم الدموع الحبيسة في عيناها قائله:
_لا أنتم بس وحشتوني اوي
وكلمات الطفل جعلتهم ينظرون إلي بعض بقلق وهو يهتف بجمل غير مفهومه:
_ بابا ضرب ماما وكانت تعيط
وسؤال أميره كان سريعا:
_ هو شادي بيقول ايه؟
سمعت صوت زوجها خلفها فتفوهت مسرعه:
_معلش ياماما ايهاب اجازه النهارده وهقفل بس عشان احضرله الأكل
وأنهت المكالمة تحت استغراب الأبوين، ثم تنهدت أميرة قائلة بضيق :
_ هتلاقي الزفت دا مزعلها، هو اصلا مبينزليش من زور، وأكيد مكفرها في عيشتها.
وكعادته يحاول ان يهدئها كي لا تشتاط غضباً فتفوه بإبتسامة هادئة:
_ياستي سيبيهم يعرفو إزاي يعيشو،زي ما إحنا عيشنا كدا
هتفت وهي تنظر اليه:
_أنت هتقارن إيهاب بيك ياشادي! هو في زيك برضو
نظر إليها مطولا ثم أمسك يديها قائلا بإبتسامتة المعهودة:
_ أنا إيه بقة !
تحدثت بإسلوبها العذب، اسلوبها الذي يجعله يغرم بها يوماً بعد يوم:
_انت كل حاجة في حياتي، ربنا يخليك لينا يارب
ثم أردفت بضيق:
_ بس تكلم الزفت اللي اسمة إيهاب دا وت..
قاطعها وهو يهز رأسه بحسرة علي ما تحولها المفاجئ قائلا:
_كنا حلوين! وكويسين ليه تقلبي كدا
أخذت نفساً عميقاً ثم هتفت بقلق:
_ قلقانه عليها
قبل باطن كفيها بحنان بالغ ثم تفوه يطمئنها:
_متقلقيش ياحببتي انا هتصل أكلمه وأطمن عليهم.
………………………………………………………………………………
أنهت عملها ثم عادت إلي منرلها كعادتها يومياً،
أرادت أن تسترخي قليلاً تحتاج قسطاً كافي من النوم، لم تري توأم الروح مُنذ أمس عندما كانو في حفلة عيد ميلاد عمتها
لكنها لا تعرف لماذا تحديداً في هذا الوقت تريد الإنفراد بحالها !
استرخت علي الفراش في وضعية النوم ووضعت سماعاتها الخاصة في أُذنيها وأغمضت عيناها، لكن هناك صور تليها الأخري تقتحم مخيلتها ومع هذه الكلمات التي تسمعها الأن تشرد لبعيداً، وانقباض قلبها تشعر به الأن أنه يبكي،
حب' وعود' دموع' خيانة عهد' بل "خيانة روح"
شعرت بدموعها تغرق وجنتيها وكأنها تهبط الأن كالشلال لا تعرف هل تتركها تغوص معها في الماضي! أم تعنف نفسها الأن علي ما تصل به في كُل مرة تختلي بنفسها!
طرقات علي الباب هي التي جعلتها تنتفض من جلستها وتمسح دموعها وكأنها تداري جريمتها،
هدأت قليلا عندما سمعت صوت توأمها حمزة، الشخص الذي يفهمها عن الجميع، الذي لولاه ما كانت خرجت من هذه الدوامة أبدأ، فَعل معها الكثير، حتي عادت كما هي الآن، هي عادت مرة اخري لكن بها جزء لم يعود ربما قلبها المنكسر ،المُحطم. تظل تسأل نفسها يومياً هل ستظل حياتها هكذا! أم سيتغير قدرها يوما !
بالطبع عندما رأي ملامحها التي بدت وكأنها كانت تبكي الأن شعر بضيق خفي،ثم نظر إليها مطولاً، صامتا، فبادلته النظرة بتوتر يشوبه ضعف، فتجمعت الدموع مرة اخري في مقليتها وهي تهز كتفيها بمعني لا أستطيع النسيان، فبادلها بسمة مطمئنة حانية فما كان منها إلا أنها ارتمت في أحضانه تبكي بشدة وهتافاتها ما بين جرح' خوف' ألم' وحنين
تقَبل هو ضعفها الأن بصمت تام، لم يفعل غير أنه يملس علي شعرها لحنان أخوي، يريد أن يجعلها تُخرج هذه الشحنه ولا بد أن يتحمل تقلُب مزاجها هذا
كانت تستمع إلي حديثه الهادئ الحنون وتستقر لفترة بين أحضانه وفي النهاية تنظر إليه بإبتسامة إمتنان وبعدها كأن شيئا لم يحدث، لكنها تفاجئت بسؤاله:
_افتكرتي ايه!
حافظت علي ابتسامتها لكنها تحولت إلي ابتسامة مريرة وكلمات ساخرة:
_ افتكرت الحب، الوعد اللي وعدهولي انه يفضل معايا
نظر إليها ثم هتف بحذر:
_ مش شايفه إن دا كان اختيارك!
تحولت نظرتها إلي العناد وملامحها التي تشوبها الأن الكرامة والكبرياء:
_مكنش قدامي غير دا
لكنه باغتها بحديثه:
_ لا كان فيه بس إنتِ اللي اختارتي دا ياروح
أخذت نفسا عميقا ثم اخرجته بهدوء، هي بالفعل هدأت، اشتياق أحضانه جعلها تتخطي هذه الحالة التي كانت عليها منذ قليل لذا هتفت بإبتسامة حقيقية:
_ أنا مش عاوزة اتكلم تاني
رافعاً حاجبيه بإستغراب ثم هتف بدهشة:
_أنا داخل لاقيكي بتعيطي ودلوقت مش عاوزه تتكلمي! ياتري إيه اللي اتغير!
هتفت بإبتسامة حنونة
_ عشان بس كنت واحشني واخدتني في حضنك
ملس علي كفيها بحنان قائلا بإبتسامة مشاغبة:
_انا بحمد ربنا انك أُختي في الرضاعه، عشان ربنا ابتلاني باتنين رجاله ومعنديش إخوات بنات،
ثم أردف بكبرياء:
بس تعرفي يابت ياروح لو مكنتيش اختي كنت زماني اتجوزتك وكنتٍ هتحبيني
ضحكت علي جملته ثم هتفت دون وعي :
_معتقدش، كنت هحبه هو برضو
أطلق زفرة حارة وزمَ شفتيه بإستهجان، هي ستجننه بالتأكيد، مازالت هذه الفتاة عاشقة لأبعد حد ، علي الرغم من فترة انفصالها مع خطيبها التي تخطت الأربع سنوات ومازالت علي حالتها، فإذا هي تحبه فلماذا كل هذا العناد؟
ظل الصمت هو سيد المكان فتفوهت بعد ذلك تعرف سبب مجيئه:
_ أنت جاي ليه صحيح!
ابتسم بحنان أخوي ثم تحدث:
_ جاي عشان ژخرجك
بادلتة البسمة هاتفة بدهشة:
_لا ياحبيبي أنت هتسافر بكره وبعدين دي مش أجازتك اصلا. الاجازة الجاية إن شاء الله
هز رأسه نافياً:
_ انا اصلا زهقان وعاوز اخرج شويه، البسي يالا علي ما أشوف عمتو أقعد معاها شويه،
هزت رأسها بإبتسامة وقبل أن يخرج هتفت:
_ حمزة ربنا يخليك ليا