الفصل الثالث 3
سكون قاتل ، صمت تام ، هدير أمطار ، برودة جامدة ، تستضيف احد السفاحين بمنزلك و انت تعلم ان
هذا الشخص حاول ان يجعلك غطاءً لجرائمه بالامس فقط ، لكنك لم تفعل شيئاً بحجة ان هناك
شخصان يسكنان في ذات الجسد ، حسنا انا لم ألقب بالجنون من فراغ ، بل استحققت هذا اللقب
بجدارة و عن اجتهاد .........
(( حسنا ، كما ذكرتِ سابقا ، فهي تستيقظ في الساعة العاشرة لتنفذ جرائمها بينما تغيبين انتِ عن
الوعي أليس كذلك ؟ ))
(( بالضبط ))
ابتسمت بسخرية من قدري الاسود و انا اقول: و انا من سيستقبلها عندما تستيقظ ، صحيح ؟
أجابتني بهدوء: أجل .
صحت بها مغتاظاً: أجل كيف بالضبط ، نحن نستيقظ من النوم نلعن حياتنا و نرمق الجميع بتقزز ، ما ادراكي بقاتلة
تستيقظ لتقتل فتجد ضحية بلهاء تبتسم لها بغباء ، هذا يوم سعدها بالتأكيد .
فقالت باستجداء المتسولين: يوسف ارجوك هل ستتخلى عني في موقف كهذا ، هل تريدني ان اصير قاتلة ؟
رددت بسخرية : أنت كذلك بالفعل إذا كان ما تقولينه حقيقه ، لكن في كل الاحوال ماذنبي انا ، لماذا انا
هنا الان ؟
رمقتني بنظرة أقرب إلى البكاء و هي تقول : انت تصدقني أليس كذلك ، انا لم افعل شيئاً اقسم لك .
جلست على المقعد الذي يقابلها بفتور : لم أصدق للوهلة الاولى لكن هناك مقالات كثيرة قراتها عن هذا
النوع من الهستيريا التحولية الممزوجة بالانفصام .
ارتفع حاجباها ببلاهة و هي تردد قائله : نوع من ماذا ؟
أجبتها: الهستيريا التحولية ، هل يوجد عضو يؤلمك بشده اكثر من غيره في حالة الضغط النفسي او
الجسدي ؟
صمتت قليلا مفكرة ثم قالت : أجل ، عيني .
برقت عيناي و ابتسمت بذهو لنجاح نظريتي : هذا يفسر الامر .
كعادتها تساءلت بجهل: يفسر ماذا ؟
اتخذت وضع عالم النفس الشهير ألفرويد صامويل و انا اتحدث بحذاقة :
الهستيريا التحولية عباره عن حالة نفسية تتبدل بها شخصيتك في وقت ما إلى شخصية أخرى مختلفة كلياً عنكِ ، و مع هذا الانتقال
يتوقف احد الاعضاء عن العمل و إذا قمنا بربط الامور ببعضها فهي كانت تضع رقعة على عينها مما
يدل على انها لم تكن ترى بهذه العين ، لكن ما يحيرني حقا انك بلهاء و لم تقع عيناك على هذا المقال
من قبل ، فأغلب الظن انك صادقة و ربما تكونين مصابة بهذه الهستيريا حقا ، لكن محاولة التحدث معك
هذا انفصام ، فكرة انك مصابة بالحالتين معا صعبة التصديق .
رمقتني بنظره جانبية تنم عن عدم صفاء النفس في هذه اللحظة و هي تقول : لاحظ انك تتبجح
كثيراً اليوم و لم تجب على الهاتف ، فلا تستعجل نهايتك .
أبتلعت ريقي و أبتسمت بأدب و انا اغير مجرى الحديث : العلاج في الغالب يكون عبر تنويم
مغناطيسي او عملية جراحية ، وبالطبع لن استعمل ساعة يدك في تنويمك ، لهذا انت في حاجه إلى
الذهاب إلى شخص متخصص في هذا المجال .
وفي تجاهل تام لما تفوهت به وجدتها تقول: حسم الامر ، ستعالجني الان .
رمقتها ببلاهة : انا ؟!
رسمت على و جهها ابتسامة طفولية تناقد مع الموقف تماماً و هي تقول : انت تقرأ هذه الاشياء طوال
عمرك لكنك لم تتعامل مع حالة حقيقية من قبل ، و ها انا جئت بطفولتي امامك .
قلت في ضجر: هذا اذا كنت شخصاً محايداً ، لكن من الواضح ان طفولتك تكرهني .
تجاهلت كلماتي و هي تنظر إلى ساعتها : تبقت عشر دقائق ، الوقت ينفذ منك فلتقم بإعداد نفسك
سريعا .
يا إلهي ماهذه الليلة السوداء ، في البداية لم اكمل مذاكرتي ، ثم استضفت فتاة في شقة شقيقتي ،
والأن انا على وشك استضافة طفولتها المشردة ........
لكن الوضع ليس سيئاً لهذه الدرجة لما لا نرى هل هي صادقة حقا ام انها بعض ترهات المراهقين .
(( حسنا موافق ، لكن إذا حاولت قتلي سأدافع عن نفسي ، فأنا اعشق حياتي البائسة ))
وكأني تفوهت بمصيبة من نوعٍ ما وجدتها تصيح: نعم ؟!!!! ، هل تريد مد يدك عليّ ؟!!!
فأجبتها متعمداً استفزازها: لا بالطبع ، فقط صفعة من اليمين ثم اخرى من اليسار لاوقظك ، هذه من علامات الحب عند الاجانب
ايتها المغفلة .
صمتت برهة مفكرة ثم مطت شفتيها قائلة: حسنا ، هذه ليست انا على أية حال ، لكن إذا ألمني الأمر او اعتدت على هذا فيما بعد ، سوف اقوم
بإعادة تشكيل ملامحك من جديد ، اتفقنا ؟
ضحكت من تعبيراتها ، ثم اخبرتها بموافقتي و جلست امامها اتأملها و هي تريح رأسها على ظهر المقعد
في انتظار الضيف الجديد الذي سيشاركنا حثنا الفكاهي بطريقته الخاصة .
مضت عشرون دقيقه كامله ولم يحدث شيئ ........
رمقت مريم بنظره متفحصه ، فوجدتها كما هي ؛ مغلقة العينين ، تتنفس بهدوء و انتظام ، جميله للغاية ،
ولازلت لا ادري حقيقة مشاعري بعد ........
مضت عشر دقائق اخرى دون ان يتغير الوضع إطلاقا ..........
(( انت هنا أليس كذلك ؟ ))
اصدرت مريم ضحكات متعجبه ، ثم اعتدلت و هي تنظر إلى عيني بتحدٍ لم أعهده عنها من قبل .......
(( كيف عرفت ؟ ))
أجبتها على الفور كطالبٍ مجد: النفس ، النائم عمتا لا تنتظم انفاسه بهذه الطريقه المبالغ بها ، ثم انني لا افعل اي شيئ غير المراقبه ،
و هذا كفيل بأن ألاحظ الرعشة المفاجئه الطفيفه التي انتابتك .
سألتني في تثاقل: من انت ؟
فأجبتها بثقة: تعرفيني جيدا ، بل اظنني امثل لك شخصاً ذو قيمه .
سألتني بلا مبالاة: مالذي تريده ؟
أجبتها ببساطة: الاستماع إليك .
ابتسمت بسخريه و هي تقول : حقا ، هذا نوع من العلاج ام ماذا ؟
ناولتها دفتر الملاحظات الصغير ، فرمقته بنظره متفحصه و قالت : ماذا به ؟
أجبتها: كنت تريدين ان تبوحي بشيئ ما لكنها من مفاجئتها لم تستمع إليك ، لن أخفي عنك انني اريد
معالجتها لكنني احترم الذات البشريه كما أوصاني بها ديني ، لهذا لن أوقفك أريد فقط ان احمل عنك
ولو القليل .
فتساءل في غل: هل ستقتلهم ، هل ستدعني أرى سكينك تنغرز في قلوبهم ؟
استغرقت برهة مفكراً قبل أن أجيبها: ربما ، فأنا شخص عاطفي للغاية ، و مريم ليست بالشخص الذي يمكن أن اسامح من يؤذيه .
فتساءلت بغيرة واضحة: لماذا تتحدث عنها طيلة الوقت ، لماذا لم تخبر الشرطه عنها ، انها مجرمه سفكت الدماء ، هل تظن
ان هناك من سيبالي بمرضها النفسي اللعين .
ابتسمت بهدوء و انا اقول : انت طفله غيوره حقا ، تدرين إذا كنت تركت لذاتك المجال لربما وقعت في
حبك الان ، فانا شخص بائس ايضا ، لم انغمس في هذا الكوكب اللعين بإرادتي ......
بدى ان لعني للكوكب راق لها ، فتابعت قائلا : الجميع ذاق من الويلات هنا ، لكن هناك من استمر بجسده
و روحه و هناك من قرر الاستغناء عن ذاته ليتعايش مع الامر مثلك ، ولكل قدر من التحمل الذي يفقد
عنده كل شيئ ، الاختلاف بيني وبينك انني لم أصل لهذا القدر بعد .
فقالت: ولن تصل إليه ، فقد انقضت طفولتك بالفعل .
فرددت بسماجة: و ما ادراكِ ربما قضيته بالفعل في طفولتي ، لكن مقدار التحمل لدي لم ينفذ بعد .
فآتتني بأسألتها الزاجرة: هل احتقرك الجميع من قبل ، هل استغلك الجميع من قبل ، هل رأيت بريق السكاكين و هي تضيئ
امام عينيك و تهدد بالقتل إن لم تمتثل للأمر ؟
ضاقت عيناي في حزن و أسى و ازداد كرهي لهذا الكوكب اللعين و انا انظر إليها بعينان مشفقتان .....
فأردفت: لم تتعرض لمثل هذه المواقف ، لأنك لست بالشخص الكريه الذي يرى فيه الجميع لقمه سائغه للايقاع
به .
فقلت بشيئ من الندم: لم اكن اعلم حقا ان وراء ابتسامتها المشرقه هذا الماضي المؤلم .
و قد ارتكبت خطأ فادحاً فقد قالت بتجهم: أرأيت ؟ ، رغم ان هذا حدث لي انت تشفق عليها هي ، حقا أنتم عديمي الرحمة......
فحاولت تصحيح الأمور مفصحاً عما بداخلي: لطالما نظرت إليها كطفلتي الصغيره التي يجب ان اعتني بها رغماً عن اي شيئ ، لم أعلم السبب
لكن شعور ان يخذلك الجميع ليس بالأمر الهين ، شيئ بداخلي كان يلح بشده أن لا أخذلها انا ايضا
رغم انني اعشق قوقعتي الخاصه التي لا اريد ان يتطفل عليها احد ، اظنني الأن ادركت ماهية هذا
الشعور .
صمتت تماما ولم تعقب على كلماتي ، فنظرت إلى عينيها مباشرة و انا اقول : مريم، انا اعلم جيدا انك
لا تعانين من الهستيريا .
وقع صدى كلماتي المثلج البارد على مسامعها ، و جحظت عيناها رغما عنها ، و انطبقت شفتاها من
الذهول ......
فتابعت قائلا : لم ارى من قبل حالة هستيريا مشابهه ، لكن في الغالب يكون بك جزء من الأدراك و انت
تقومين بهذه الأشياء ، علاوة على أن الانفصام لا يأخذ ساعات محدده في اليوم بل يكون أتضطراب
في المشاعر فقط .
فتساءلت بتعجب: لماذا تظاهرت بتصديقي إذا ؟!
أجبتها بتعقل: لأنني أريد ان استمع اليك ، أعلم انه درب من الجنون لكنك لن تثقي بي إلا بهذه الطريقه ، أنا لم
اخنك ولم أخبر احد بأي شيئ ، لكن إذا خرجت بهذه الهيئه مره أخرى سيتضح أمرك للملأ .
همت واقفه ، و اتجهت صوب باب الشقه ، فأعترضت طريقها قائلا : لا تذهبي ، لا اريد ان افقدك لأي
سبب من الأسباب .
فقالت: اعتذر يا يوسف لكنني أعلم جيدا ان هذه الكلمات لتمنعني فقط ، صدقني انا احترم ذلك ، لكنني لن
اتحرر إطلاقا ماداموا على قيد الحياة .
حاولت ايقافها قائلاً: صدقيني ليست لمنع ...........
على صوت الضجيج الكهربائي ، و شعرت بالحراره تجتاح جسدي ، ثم سقطت أرضا بيأس و انا اتابعها
بعيناي المتصلبتان و هي تضع هذا المظروف الصغير بجواري ، ثم تغادر الشقه و هي ترمقني بعينان
باكيتان كأنها تناجيني لمنعها ، ثم تغلق الباب خلفها برفق ...........
***
هذا الشخص حاول ان يجعلك غطاءً لجرائمه بالامس فقط ، لكنك لم تفعل شيئاً بحجة ان هناك
شخصان يسكنان في ذات الجسد ، حسنا انا لم ألقب بالجنون من فراغ ، بل استحققت هذا اللقب
بجدارة و عن اجتهاد .........
(( حسنا ، كما ذكرتِ سابقا ، فهي تستيقظ في الساعة العاشرة لتنفذ جرائمها بينما تغيبين انتِ عن
الوعي أليس كذلك ؟ ))
(( بالضبط ))
ابتسمت بسخرية من قدري الاسود و انا اقول: و انا من سيستقبلها عندما تستيقظ ، صحيح ؟
أجابتني بهدوء: أجل .
صحت بها مغتاظاً: أجل كيف بالضبط ، نحن نستيقظ من النوم نلعن حياتنا و نرمق الجميع بتقزز ، ما ادراكي بقاتلة
تستيقظ لتقتل فتجد ضحية بلهاء تبتسم لها بغباء ، هذا يوم سعدها بالتأكيد .
فقالت باستجداء المتسولين: يوسف ارجوك هل ستتخلى عني في موقف كهذا ، هل تريدني ان اصير قاتلة ؟
رددت بسخرية : أنت كذلك بالفعل إذا كان ما تقولينه حقيقه ، لكن في كل الاحوال ماذنبي انا ، لماذا انا
هنا الان ؟
رمقتني بنظرة أقرب إلى البكاء و هي تقول : انت تصدقني أليس كذلك ، انا لم افعل شيئاً اقسم لك .
جلست على المقعد الذي يقابلها بفتور : لم أصدق للوهلة الاولى لكن هناك مقالات كثيرة قراتها عن هذا
النوع من الهستيريا التحولية الممزوجة بالانفصام .
ارتفع حاجباها ببلاهة و هي تردد قائله : نوع من ماذا ؟
أجبتها: الهستيريا التحولية ، هل يوجد عضو يؤلمك بشده اكثر من غيره في حالة الضغط النفسي او
الجسدي ؟
صمتت قليلا مفكرة ثم قالت : أجل ، عيني .
برقت عيناي و ابتسمت بذهو لنجاح نظريتي : هذا يفسر الامر .
كعادتها تساءلت بجهل: يفسر ماذا ؟
اتخذت وضع عالم النفس الشهير ألفرويد صامويل و انا اتحدث بحذاقة :
الهستيريا التحولية عباره عن حالة نفسية تتبدل بها شخصيتك في وقت ما إلى شخصية أخرى مختلفة كلياً عنكِ ، و مع هذا الانتقال
يتوقف احد الاعضاء عن العمل و إذا قمنا بربط الامور ببعضها فهي كانت تضع رقعة على عينها مما
يدل على انها لم تكن ترى بهذه العين ، لكن ما يحيرني حقا انك بلهاء و لم تقع عيناك على هذا المقال
من قبل ، فأغلب الظن انك صادقة و ربما تكونين مصابة بهذه الهستيريا حقا ، لكن محاولة التحدث معك
هذا انفصام ، فكرة انك مصابة بالحالتين معا صعبة التصديق .
رمقتني بنظره جانبية تنم عن عدم صفاء النفس في هذه اللحظة و هي تقول : لاحظ انك تتبجح
كثيراً اليوم و لم تجب على الهاتف ، فلا تستعجل نهايتك .
أبتلعت ريقي و أبتسمت بأدب و انا اغير مجرى الحديث : العلاج في الغالب يكون عبر تنويم
مغناطيسي او عملية جراحية ، وبالطبع لن استعمل ساعة يدك في تنويمك ، لهذا انت في حاجه إلى
الذهاب إلى شخص متخصص في هذا المجال .
وفي تجاهل تام لما تفوهت به وجدتها تقول: حسم الامر ، ستعالجني الان .
رمقتها ببلاهة : انا ؟!
رسمت على و جهها ابتسامة طفولية تناقد مع الموقف تماماً و هي تقول : انت تقرأ هذه الاشياء طوال
عمرك لكنك لم تتعامل مع حالة حقيقية من قبل ، و ها انا جئت بطفولتي امامك .
قلت في ضجر: هذا اذا كنت شخصاً محايداً ، لكن من الواضح ان طفولتك تكرهني .
تجاهلت كلماتي و هي تنظر إلى ساعتها : تبقت عشر دقائق ، الوقت ينفذ منك فلتقم بإعداد نفسك
سريعا .
يا إلهي ماهذه الليلة السوداء ، في البداية لم اكمل مذاكرتي ، ثم استضفت فتاة في شقة شقيقتي ،
والأن انا على وشك استضافة طفولتها المشردة ........
لكن الوضع ليس سيئاً لهذه الدرجة لما لا نرى هل هي صادقة حقا ام انها بعض ترهات المراهقين .
(( حسنا موافق ، لكن إذا حاولت قتلي سأدافع عن نفسي ، فأنا اعشق حياتي البائسة ))
وكأني تفوهت بمصيبة من نوعٍ ما وجدتها تصيح: نعم ؟!!!! ، هل تريد مد يدك عليّ ؟!!!
فأجبتها متعمداً استفزازها: لا بالطبع ، فقط صفعة من اليمين ثم اخرى من اليسار لاوقظك ، هذه من علامات الحب عند الاجانب
ايتها المغفلة .
صمتت برهة مفكرة ثم مطت شفتيها قائلة: حسنا ، هذه ليست انا على أية حال ، لكن إذا ألمني الأمر او اعتدت على هذا فيما بعد ، سوف اقوم
بإعادة تشكيل ملامحك من جديد ، اتفقنا ؟
ضحكت من تعبيراتها ، ثم اخبرتها بموافقتي و جلست امامها اتأملها و هي تريح رأسها على ظهر المقعد
في انتظار الضيف الجديد الذي سيشاركنا حثنا الفكاهي بطريقته الخاصة .
مضت عشرون دقيقه كامله ولم يحدث شيئ ........
رمقت مريم بنظره متفحصه ، فوجدتها كما هي ؛ مغلقة العينين ، تتنفس بهدوء و انتظام ، جميله للغاية ،
ولازلت لا ادري حقيقة مشاعري بعد ........
مضت عشر دقائق اخرى دون ان يتغير الوضع إطلاقا ..........
(( انت هنا أليس كذلك ؟ ))
اصدرت مريم ضحكات متعجبه ، ثم اعتدلت و هي تنظر إلى عيني بتحدٍ لم أعهده عنها من قبل .......
(( كيف عرفت ؟ ))
أجبتها على الفور كطالبٍ مجد: النفس ، النائم عمتا لا تنتظم انفاسه بهذه الطريقه المبالغ بها ، ثم انني لا افعل اي شيئ غير المراقبه ،
و هذا كفيل بأن ألاحظ الرعشة المفاجئه الطفيفه التي انتابتك .
سألتني في تثاقل: من انت ؟
فأجبتها بثقة: تعرفيني جيدا ، بل اظنني امثل لك شخصاً ذو قيمه .
سألتني بلا مبالاة: مالذي تريده ؟
أجبتها ببساطة: الاستماع إليك .
ابتسمت بسخريه و هي تقول : حقا ، هذا نوع من العلاج ام ماذا ؟
ناولتها دفتر الملاحظات الصغير ، فرمقته بنظره متفحصه و قالت : ماذا به ؟
أجبتها: كنت تريدين ان تبوحي بشيئ ما لكنها من مفاجئتها لم تستمع إليك ، لن أخفي عنك انني اريد
معالجتها لكنني احترم الذات البشريه كما أوصاني بها ديني ، لهذا لن أوقفك أريد فقط ان احمل عنك
ولو القليل .
فتساءل في غل: هل ستقتلهم ، هل ستدعني أرى سكينك تنغرز في قلوبهم ؟
استغرقت برهة مفكراً قبل أن أجيبها: ربما ، فأنا شخص عاطفي للغاية ، و مريم ليست بالشخص الذي يمكن أن اسامح من يؤذيه .
فتساءلت بغيرة واضحة: لماذا تتحدث عنها طيلة الوقت ، لماذا لم تخبر الشرطه عنها ، انها مجرمه سفكت الدماء ، هل تظن
ان هناك من سيبالي بمرضها النفسي اللعين .
ابتسمت بهدوء و انا اقول : انت طفله غيوره حقا ، تدرين إذا كنت تركت لذاتك المجال لربما وقعت في
حبك الان ، فانا شخص بائس ايضا ، لم انغمس في هذا الكوكب اللعين بإرادتي ......
بدى ان لعني للكوكب راق لها ، فتابعت قائلا : الجميع ذاق من الويلات هنا ، لكن هناك من استمر بجسده
و روحه و هناك من قرر الاستغناء عن ذاته ليتعايش مع الامر مثلك ، ولكل قدر من التحمل الذي يفقد
عنده كل شيئ ، الاختلاف بيني وبينك انني لم أصل لهذا القدر بعد .
فقالت: ولن تصل إليه ، فقد انقضت طفولتك بالفعل .
فرددت بسماجة: و ما ادراكِ ربما قضيته بالفعل في طفولتي ، لكن مقدار التحمل لدي لم ينفذ بعد .
فآتتني بأسألتها الزاجرة: هل احتقرك الجميع من قبل ، هل استغلك الجميع من قبل ، هل رأيت بريق السكاكين و هي تضيئ
امام عينيك و تهدد بالقتل إن لم تمتثل للأمر ؟
ضاقت عيناي في حزن و أسى و ازداد كرهي لهذا الكوكب اللعين و انا انظر إليها بعينان مشفقتان .....
فأردفت: لم تتعرض لمثل هذه المواقف ، لأنك لست بالشخص الكريه الذي يرى فيه الجميع لقمه سائغه للايقاع
به .
فقلت بشيئ من الندم: لم اكن اعلم حقا ان وراء ابتسامتها المشرقه هذا الماضي المؤلم .
و قد ارتكبت خطأ فادحاً فقد قالت بتجهم: أرأيت ؟ ، رغم ان هذا حدث لي انت تشفق عليها هي ، حقا أنتم عديمي الرحمة......
فحاولت تصحيح الأمور مفصحاً عما بداخلي: لطالما نظرت إليها كطفلتي الصغيره التي يجب ان اعتني بها رغماً عن اي شيئ ، لم أعلم السبب
لكن شعور ان يخذلك الجميع ليس بالأمر الهين ، شيئ بداخلي كان يلح بشده أن لا أخذلها انا ايضا
رغم انني اعشق قوقعتي الخاصه التي لا اريد ان يتطفل عليها احد ، اظنني الأن ادركت ماهية هذا
الشعور .
صمتت تماما ولم تعقب على كلماتي ، فنظرت إلى عينيها مباشرة و انا اقول : مريم، انا اعلم جيدا انك
لا تعانين من الهستيريا .
وقع صدى كلماتي المثلج البارد على مسامعها ، و جحظت عيناها رغما عنها ، و انطبقت شفتاها من
الذهول ......
فتابعت قائلا : لم ارى من قبل حالة هستيريا مشابهه ، لكن في الغالب يكون بك جزء من الأدراك و انت
تقومين بهذه الأشياء ، علاوة على أن الانفصام لا يأخذ ساعات محدده في اليوم بل يكون أتضطراب
في المشاعر فقط .
فتساءلت بتعجب: لماذا تظاهرت بتصديقي إذا ؟!
أجبتها بتعقل: لأنني أريد ان استمع اليك ، أعلم انه درب من الجنون لكنك لن تثقي بي إلا بهذه الطريقه ، أنا لم
اخنك ولم أخبر احد بأي شيئ ، لكن إذا خرجت بهذه الهيئه مره أخرى سيتضح أمرك للملأ .
همت واقفه ، و اتجهت صوب باب الشقه ، فأعترضت طريقها قائلا : لا تذهبي ، لا اريد ان افقدك لأي
سبب من الأسباب .
فقالت: اعتذر يا يوسف لكنني أعلم جيدا ان هذه الكلمات لتمنعني فقط ، صدقني انا احترم ذلك ، لكنني لن
اتحرر إطلاقا ماداموا على قيد الحياة .
حاولت ايقافها قائلاً: صدقيني ليست لمنع ...........
على صوت الضجيج الكهربائي ، و شعرت بالحراره تجتاح جسدي ، ثم سقطت أرضا بيأس و انا اتابعها
بعيناي المتصلبتان و هي تضع هذا المظروف الصغير بجواري ، ثم تغادر الشقه و هي ترمقني بعينان
باكيتان كأنها تناجيني لمنعها ، ثم تغلق الباب خلفها برفق ...........
***