الفصل الثالث
الفصل الثالث
سجين القلب
بقلمـ /ندى ممدوح.
# ما الذي تتفوه به أيها الغبي، كيف هربت، وأين كنتم، يا الله هل تركت معتوهين يحرسوها.
دفعهُ بعيدًا وهدر بهِ صائحًا :
- أغلقوا كل المخارج غير مسموح لأحد بالخروج او الدخول قبل أن نجدها، حالًا..
العكسري مبادرًا وهو يتهيأ للمغادرة :
- أمرك يا باشا.
ضرب مُصعب قبضتهُ بالحائط يُنفِث عن غضبهِ ثم ألتفت يمنهَ ويُسر وأسرع شبه راكضًا بالبحثُ عنها ، توجه إلى الغرفة التي كانت راقدةُ بها وفتح بابها وطافت عينيه الحجرةُ ثُم أغلق بابِها وهو يجز على أسنانهُ في غضب حرك كفه على وجهه بعشوائية يكابد على كبح غضبهَ ، يُحاول أن يَسِد ثُغرات فؤادهِ القلقه والتي لا يدرك سببها ألبته تحرك بحثًا عنها بقلبًا وروحًا يهفو ملهوفين قبله.
بِآوان ذلك كانت "مرام" تتسلل بِحذر و ترقُب للخارج أنفجرت أساريرها قُرب الباب ها هي ستخرُج ستنجو بِذاتِها من شيء لم ترتكبه ستطمئن على والدها ستراه ستخبره ببرائتها أخيرًا ، أغروقت عينيها بالدموع دموع بهجه وحبور ، بِلحظه كان الباب يُغلق واسرعت تختبئ من الجنود خلف الجِدار وهي تواري وجهها بكفيها مخافة أن يدروكها ، تلاشت فرحتها وفاضت عيناها بالدمع وأسرعت خطواتها هربًا من امامهم تتعثر قدمها بسبب الغشاوة التي تحيط عينها بالدمع وترتطم بهذا وذاك وتتابع بتعب طريقها بوجل وهي تتوجس خفية ، أنحنت داخل أحدى الممرات لتشهق بفزع وهي ترى مُصعب يلتفت بطريقه بحثًا عنها ، أندفعت داخل الغرفة المجاورة لها و وصلت لنهايتها وهي تلتفت بخوف لتنصدم بكراتين موضوعه على يسارها لتحدق بها بفزع وتلتفت مصوبه بصرها للباب الذي أنفتح فـ أرتجفت خوفًا واضطربت وجلاً وأسرعت تتوارى أسفل الطاولة ، ولج مُصعب وعيناه تدور بالمخزن ثم خرج ، لتتنفس هي الصعداء وتخرج من مخبئها زاحفه حتى ارتكنت على الحائط وبكت كما لم تبكِ قبلاً ، قُطع عليها الطريق وأسود أمامها فلم تعُد تدري كيف السبيل لخروجها ، ماذا لو لم تستطع الخروج كيف تثبت برأتها إذا ؟ هل عليها الأستسلام ؟
أنتابها الخوف من الآتي وضاقت بالأمر ذرعًا.
وقضت سويعات في آرق و وجلاً شديد وبكاءٍ مرير ، أنقضى وقت لا بأس به حتى هدأت الضجة بالخارج فنهضت رغم ما تشعر من ألم وأسندت على الحائط وهي تسير ، ثم خطرت ببالها فكرة ما وشرعت بتنفيذها ، لذا عادة أدراجها للخلف وبادرت لأحدى الكراتين وأخذت قطعةُ ملابس من محتواها وأرتدتها سريعًا ثم تسللت على أصابع قدميها وفتحت الباب بحذر ورفق ومدت بصرها تستطلع المكان الذي بدا لها خاليًا فخرجت وما زالت عيناها تطوف المكان تتوجس خوفًا مخافةً أن يدروكها ولا تدري كيف النجاة ، تابعت سيرها وهي تغطى وجهها بوشاح حريري قضى الغرض ثم أخيرًا توهجت نفسها ما أن خرجت من المشفى وبرقت أساريرها وسطع فؤادها أملاً.
وطفقت تبحث عن سيارة أجرة بعدما ركضت بعيدًا عن المشفى وجوانبها فما أن أحست بالراحة حتى أوقفت أول سيارة قابلتها وصعدت وأملت السائق بالعنوان حيث والدها ، لا سيما أشتاقت إليه ، تود أن تثلج فؤادها برؤيته ، طيلة الطريق وصورته لا تفارق جفنيها التي تشرق بنور الحنين.
وصلت إلى وجهتها أخيرًا لتخفى وجهها جيدًا وهي توارية من المارة بالطريق ، لم يكُن معها حق الأجرة مما أحرجها كثيرًا ، ولكن السائق تفهم وضعها من وجهها الشاحب ومنظرها الذي بحالة يرثى لها فتبسم لها وغادر وركضت هي تجاه منزلها حيث والدها الكامن بالداخل مريض كُليًا.
لكن قبل أن تصل بقليل تسمرت قدميها رعبًا ، وبدأ عقلها يستقبل وابل القلق والاسئلة ، فـ ماذا لو جاءت الشرطة فجأة ؟ كيف ستنجي نفسها من بين براثنهن ؟ وماذا لو رآها آحد وأبلغ عنها .شددت علىٰ وشاح وجهها بقوة تخبئ وجهها أكثر ليغشاه كليًا إِلا عينيها ثم أسرعت خطواتها مبتعدة ، ودموعها أنسدلت بغزارة ، وحيدة هي عاجزة كأنها ريشة تتقاذفها الرياح بلا تأنى فلا تدري متى ستستقر وآين مرساها.
آخذت تجول بالطرقات قريبًا من دارها ، حتى هل الليل ، ثم مضت تتلفت يمنى ويسر متوجسة خفية مخافة أن يكن آحد يتتبعها ، طرقت علىٰ الباب بخفوت ، فلم يآتها لا صوت ولا همس حتى يطمئن سريرتها ، لذا بلغ القلق ذروته وبدون وعي كانت تطرق بعنف.
"مرررام ابنتي .. هذه أنتِ؟"
قالها قائل من خلفها لتستدير بتوجس ليطالعها وجه جارتها التي دنت منها وضمتها بمودة وهي تتمتم بعدم تصديق:
" مرام .. حمد لله على سلامتك ابنتي .. متى خرجتِ حبيبتي ؟ "
بدالتِها العناق ثم آبتعدت تطالعها بآعين غائرة بالدمع :
" بابا لا يفتح ولا يجيب هل هو بخير ؟"
تطلعت بها المرأة لـِثوانٍ بحزن طغى على وجهها وظهر جليًا ، اشارت مرام بتريث وهي تتراجع بخوفٍ شديد مما ستسمعه وعيناها لا تحيد عنها :
" لماذا لا تقولي شيئًا ؟.. بابا بخير، أليس كذلك ؟ "
المرأة بهدوء وحذر :
" ماذا أخبرك .. تعازي لكِ والدك توفاه الله "
هوت هذه الكلمات گالصاعقة بفؤادها الجريح المحطم لتهشمه آكثر.
تدفق الدمع من عينيها وهي تنظر لها في عدم تصديق وتحرك رأسها بجنون وهي تتمتم :
" ماذا تقولي ؟.. بابا أين .. توفى وتركني ؟"
تقدمت المرأة تضمها في حنو وربتت على ظهرها مغمغمه :
" أبكِ يا ابنتي .. أبكي عل فؤادك يهدأ "
كان بصرها زائغًا .. تائهًا .. ضائعًا .. مصدومًا مفعمًا بعدم التصديق تبحث بعيناها عن والدها .. سندها .. أمانها .. أحتواءها .. سكنها .. والان أين تجده ؟.. ومن غيره يهون عليها مرارة الأيام .. كان كُل ما لها وما تبقى لها .. لقد غدت يتيمة .. وحيدة ليس لها آحد بهذه الحياة الواسعة ضاقت بها الدنيا ذرعًا وتمتمت بشهقات ما أن وعت لذاتها :
" أبي مات .. لن أراه مرة أخرى؟ أمسيت وحيدة ويتيمة، لقد كان كل ما ليّ أنا .. أنا كنت عائشة لأجله ولُه .. هكذا غادرني وبقيت بلا ظهر ولا سند كيف، لقد هربت لأجله، لأجل ان اراه واضمه وأبكي على كتفه ويربت على رأسي يطمئني، عشان أثبت له ان ابنته ليست قاتلة .
تابعت والدموع تغرق وجهها :
- لقد أوحشني .. اوحشني جداً... هذا غير معقول كيف لن اراه مجددًا كيف ؟ أتيت ناسية ما مررت به كنت أهفو لرأيته فكيف للقبر أن ينتشله في ثناياه قبلي ؟ لماذا، لماذا ذهب دون وداع؟
صرخة بكُل ما أوتيت من قوة وهي تكتم صرختها و وجهها بكتف جأرتها التي تحاول تهدأتها وهي تبكِ وتردد :
" اهدائي يا مرام .. أنتِ هكذا تعذبيه يا ابنتي لقد توفى وهو على يقين برأتك، مات من حسرته ولعجزه لعدم مساعدتك ..
لم تُكمل جملتها وإذ بـِ مرام تقع مغشيًا عليها بين يديها ،بعدما دارت بها الأرض ولم تستطع علىٰ تراكمات هذه الحياة التي جاءتها دفعة واحدة ، صرخة المرأة علىٰ زوجها الذى لبى النداء فورًا ونقلوا سريعًا مرام لداخل دارهم وحاولوا أفاقتها سريعًا.
إِنقشعت غشاوةُ عِينيها رُويدًا رُويدًا وهي تفتح عيناها مِن تناثُرات المياة مِن يد جارتِها التي بادرت متسائلة بلهفة :
" أنتِ بخير يا ابنتي ؟.. هل تشعري بشيء ؟ "
مرام وهي تعتدل بِجلستها :
" أريد أن أزور أبي .. يجب أن أذهب "
همت بالقيام لِتمنعها يد جارتها التي قالت في لهفة :
" ما زلتِ تعبانة يا مرام استريحي قبلًا "
همت مرام بالحديث ليُقاطعها دوِى سيارة الشرطة لتتسع عِينيها فزعٍ وهي تنهضُ قائله بعجالة :
" الشرطة يا إلهي يجب ان أغادر حالًا "
نظرت لها المرأة بحِيرة وتردد ثُم قالت في لهفة :
- هلمي معي سأهربِك "
أنهت جملتها تزامنًا وهي تمسك بكفِها ركضً لأحدى الغرُف وأغلقت الباب خلِفها واشارت لها على النافذة :
" هذه النافذة قريبةٌ من الأرض، يمكنك أن تهربي عبرها هيه .. انتبهي إلى نفسك ، إلى اللقاء "
أومأت مرام بِأمتنان وأعيُن دامعة ولم تلبث أن هوت بذاتِها مِن النافذة .. فما إِن أوشكت علىٰ الركض حتى وقفت على صوت جارتِها قائلة بِحُزن جليّ :
" إلى اللقاء يا حبيبتي انتبهي إلى نفسك ولا تأمني لأحد معك الله يا حبيية وردك سالمة وأبعد عنك ولاد الحرام "
تبسمت لها مرام بِهدوء وبلحظة كانت تختفى بلمح البصر راكضة بالطُرقات ، وجدت قدميها تسوقها لِقبر والدها فتقدمت بِقهرٍ وحسرة و وقفت تتلامس جدرانه حتى أنهارت جاثية أرضٍ وتركت لدُموعِها العنان لتتدفق كما تشاء وكما تُحب ، لقد فقدة كُل شيء بِلحظة .. لَحظة فقط سلِبت مِنها بسمتِها .. ومُهجتها .. ومسكنِها .. وذاتها وكُل شيء.
أخذ فؤادها الذى ينبض بالقهر واليتم بالصراخ .. صراخ يُدمى الفؤاد.
" البقاء لله .. تعازي لكِ تحلي بالصبر "
قالها قائل من خلفِها ، لِتتسع عينيها في صدمة ويتوقف الدمع عائِدًا وزلزل الرعب روحِها .. لتذدرد ريقها بوجل وتلتفت لـِ مُصعب الواقف يضع يديهِ بِجيب بنطالهُ يُحدجها بنظرات حارقة.
أسبلت عينيها ونهضت مقتربة منه ليبادر هو قائلاً بِحدة :
" لماذا هربتِ ؟"
صرخة صائحة بوجهه :
" أنا لستُ قاتلة يا هذا ولن أظل حبيسة ظلمًا "
إِستدارت مشيرة لِقبر والدها :
" رحل أبي دون أن اودعها بسببكم "
رفع مُصعب كفه بِوجهها مقاطعًا آياها :
" هذا لا يعطيكِ حق الهرب، أنتِ بفعلتك تلك تثبتِ عليكِ التهمة، أتيت لأخذك دون قوة لذلك تفضلي معي إذ سمحتِ.. ولا تضطريني أأخذك رغم عنك من هُنا "
تعلقت عيناه بـِ عيناها الغائرة بالدمع التي تطالعه بوجيعه أفقدته ثباته حتى ود لو يمكنهُ ضمها بـِ تدثرتها بين جنبات روحه أن يطمئنها ، لو فقط بـِ أستطاعته سلب سائر أوجاعها ، فاق متنبهً لذاتهُ على كلماتها الاذاعة وهي تقول في لوعة :
" لم يعد ثمة فرق الآن سأذهب معك، الذي هربت لأجله ذهب عسى ان يكون سجنكم أرحم من عذاب وحدتي بوحدتي فيحتويها "
لم يدر ما أصابهُ ولما رؤياها هكذا تصيبهُ في مقتل ، ودموعها ترفرف فؤادهُ گَ الذبِيح تنهد بِضيق وهو يشير لها علىٰ السيارة :
" إطلعي ".
تحركت گ الأله جثة فاقدة لكُل شيء بالحياة وصعدت وصعد بجوارها نظر لها نظرة أخيرة قبل أَن يقود مُبتعدًا ، أجرى مُحادثة هاتفية ثُم آخذ يسترق النظر لها من المرآه وهو منشغل الذهن ، صف سيارتهُ أمام المركز وفتح الباب وهو يقول :
" وصلنا"
ترجلت مِن السيارةُ في هدوءٍ تام ، وسارت خلفهُ بصمت شديد ثقيل كئيب على فُؤادها ، وعيناها تفيض بالدمع زائعة تنظُر حولها فِى خوفًا شديد وبقلب مرتجفًا ، ثم أودعت في زنزانتها، عدا عدت أيام قلائل بياليها حين تم أستدعاءها من قبل المفاوض مصعب الحاوي، وقفت أمام مكتبه ساكنة و تنبهت لهُ حينما صدح صوتهُ قائلاً :
" اُجلسي "
نفذت ما قالهُ بتؤدةٌ و تنهدت بعمق وهي تغلق جفونها وتجلس منكسة الرأس في حين قدم هو لها أوراقًا وهو يقول بنبرة أجشة :
" خذي لتمضي هنا "
رفعت رأسها ناظرة له بعدم فهم وضياع ، قرأ ما يدور بذهنها ليوضح ببسمة :
" أوراق خروجك مِن هُنا بـِ كفالة "
قطبت حاجبيها في عدم فهم فكيف يُحدث هذا ؟
فتابع هو ببسمة خافته لم ترآها :
" خذي لتمضي يا مرام ، أنتِ بريئة ولكن القضية لم تنتهي "
تحدثت في صدمةُ وهي متسعة العينين :
" أَنا لا أفهك كيف هذا .. كيف الآن بتِ بريئة بين ليلة وضحاها "
ترك الأوراق من يدهُ وهو يشبك يديه على المكتب وتابع في جدية ببحة جادة :
" أنا وعدتك هبحث عن الحق وأنا والمحامية القائمة على قضيتك وعد أثبتنا أنه ليس إنتِ القاتلة ، كَاميرات المراقبة والطب الشرعي أوضحا إنه تم قتله قبل دخولك ، كما إن إبنه كان موجود قبلك عنده "
هزت مرام رأسها في صدمة وببلاهة قالت :
" أتريد قول ان احد أبناءه قتله ؟ "
أومأ برأسه في هدوء وهو يستند لظهر مقعده ، طرفت عينيها في عدم تصديق وهي تردد بصدمة :
" ما الذي يقوله هذا ؟.. و هل يوجد إبن يقتل والده ؟ ما بهم هؤلاء يودوا إلباس التهمة لأيًا من كان .."
قطع باقي حديثها ضحكتهُ الساخرة وهو يتمتم :
" نحن لا نلبسها لأي احد يا مرام أنتبهي لكلماتك مرة اخرى "
ضحكت له في بلاهة وهي تقول في غباء :
" إنت سمعتني؟"
هز رأسه في قلة حيلة وهو يقول في جدية ويشير للأوراق :
" إمضي يا مرام ، ولكِن سنحتاجك فيما بعد هذا ليس نهاية المطاف كم ان منزلك سيكون تحت المراقبة ....."
صمت حينما لاحظ شرودها ودموعها التي وخزت فؤاده ، بينما هي وقفت تلك الكلمة بذهنها "منزلك" عن إي منزلٍ يتحدث ذاك البيت أصبح مهجورًا من ساكنِيه لم يعُد هناك آحد ، حتى جدرانه تولول من الوحدة ، لقد أنجلت مهجة البيت فإين هو البيت وهل يُسمي بيت دون أهله ؟ أهله الذين غادروه وتركُها توجه عواصف الأقدار وحدها !!!.
نظر لها في آسى قبل آن يقول وهو يتنهد في تعب :
" ربنا كبير يا مرام لقد اخذ أمنته ولا نعترض، كوني قوية وصابرة جميعنا مغادرون يوماً ما نحن مجرد ضيوف في هذه الحياة، وما الحياة الدنيا إلا لعبٌ ولهو "
تبسمت له في أمتنان ثم قالت متذكرة :
" من الذي دفع ليّ الكفالة ؟ "
زفر وهو يرجع بظهره للخلف بحيرةٌ من أمره ولم يدر بِما يجيب ، لذا تنهد بصوتاً مسموع وأستقام واقفًا وقال بهدوءٍ مخيف :
" غادري يا مرام ولا أنك تريدي دخول الحبس مجددًا؟ "
نهضت في فزع وهي تقول سريعًا :
" لا لا، لا أنا ذاهبة ، الحمد لله أن ربنا أثبت برئتي وشُكرًا لك جداً "
وقف أمامها مضيقًا عينية في تساؤل :
" شُكرًا على ما ؟"
في هدوءٍ رددت ببسمة أودت بفؤاده للهلاك :
"لأن لولاك ولولا أثباتك لبراتي لم اكن لأخرج وكان قد اتحكم عليَّ ظلمًا، فـ شكرًا لك"
تلجلجت الكلمات بصدره رقتها فعلت به فعل السحر أو أشد فـ أذابت فؤاده الراكض بجنون يود الخروج مِن بين أضلاعه أسبل جفنية يحاول الثبات قدر الإمكان وفتحهم متحاشيًا النظر لها وهو يقول في توتر جعله يُدهش من ذاته :
" مـ مـ متشكرنيش د.. هذا وجبي .. وشغلِ أنا لم أفعل شجيء معملتش حاجة جديدة .. ".
نظرت له قائلة في شرود :
" الظابط الذي كان قبلك كان مصمم على أني القاتلة دون أن يبحث في القضية "
صمت بتردد وفتحت فاه تود التحدث ولكنها تراجعت صامته هنيهة قبل أن تقول بتريث :
" أيمكنني أستعمال الهاتف لأحادث صديقتي ؟"
أومأ في صمت وأشار بيده على الهاتف :
" نعم تفضلي "
توجهت مجريه أتصالاً على صديقتها كي تأتي لأخذها ثم خرجت من المركز لتنتظرها.
بآوان ذلك عن قُرب منها كانت هُناك أعيُن تتراصد لها في شر والشرر ينطلق من عيناه لا يُحيد ببصره عنها ، صدح رنين هاتفه ليجيب وما زال بصره مصوبًا تجاهها :
" نعم يا باشا "
جاءه صوت رجولي يقول في حده :
" ماذا فعلت .. خلصت عليها ولا لم تفعل ".
رد في نبرة خافته للغاية :
" لسه يا باشا الفتاة واقفة امام المركز، يبدوا أنها تنتظر أحد، لا تحمل هم أعتبر ما امرت به تم وانها ماتت "
أغلق معه وظل يراقب مرام في خبثٍ شديد.
في حين عند مَرام كانت تتأفف في تعب حينما خرج مُصعب شبه راكضً من الداخل وتفأجا بها ما زالت ها هنا ليقترب منها متسائلاً وهو ينظر حوله للطريق الخالي إلا من السيارات :
" مرام أنتِ ما زلتِ هنا ؟.. لماذا "
تنبهت له ورفعت بصرها بها ثُم غضت بصرها في أستحياء مُردده :
" أنتظر صديقتي، لا ادري لماذا تأخرت "
أغمض عينيه متأففًا وهو ينظر حوله ثُم قال في نبرة أجشة غاضبة :
" إذن دعيني أوصلك وقفتك هذه ليست جيدة "
نظرت له في تردد لا تدري ما عليها فعله أتذهب معه ام تنتظر ولكن لماذا تأخرت صديقتها ؟.
بدت گالمتفكره .. مترددة ليقول هو في جزع :
" أكيد لن تظلي واقفة هكذا تعالي لاوصلك هيا "
نهى جملته في أمر بنبره سرت الرعب بمهجتها وتبعته في صمت حتى صعدت السيارة وأنطلق هو ، بعد بعض الوقت باغتة أطلاق ناري لا يدري مصدرة ثُم عربيات كثيرة تُحيطه وأصبح الطلق الناري كالمطر على سيارته أتسعت عينيه في صدمة وهو يطالعها بخوف ، خوف ليس على ذاته وإنما عليها ، تطلعت به قائلة في فزع وهي ترتعش ودب الخوف ببدنها :
" من هؤلاء ؟.. ماذا سنفعل ؟ "
صرخت بقلبًا مترجف وهي تضع يديها على أُذنيها ثُم يده التي تجذب رأسها للأسفل وهو يقول في هلع ولهفة :
" إنبطحي إلى الأسفل يا مرام الآن "
أومأت برأسها في بكاءٍ مرير في حين أخرج هو سلاحه وطفق يتبادل معهم أطلاق النار في شراها ويحاول تفادي التصادم بسيارته معهم ، تم تبادل أطلاق النار كالمطر واشتعل لهيب الحرب رويدًا رويدًا حتى بدأت آن تخمد آنٍ فـ أن حينما آنقلبت أحدى السيارات وآخذت تنقلب مرة تلي الآخرى حتى دوى صوت آنفجارها و أنطلق هو ببسمة أنتصار تُزين ثغره ، بينا وقفت السيارة الاخرى حينما سدت السيارة المنفجرة طريقها.
رفعت مرام رأسها في خوفٍ شديد وجلست على المقعد لينظر هو لها قائلاً بلهفة :
" إنتِ بخير ؟.. حصل لكِ شيء؟."
فقط هي مُنصدمة تنظر له في رعب وهلع وهي تقول وعيناها تذرف الدمع :
" لماذا يريدون قتلي، من هؤلاء "
نظر لها بتمعن وهو يتمتم في حنو :
" لا تخافي ولا تجزعي لا يمكن لأحد ان يأذيكِ "
ثُم طرف بعينيه ورويدًا رويدًا أخذ يُهدء في القيادة حتى ركن لِتسرع هي قائلة بتريث :
" لماذا توقفت "
آتتها الإجابة حينما أنكفأ برأسه مغيبًا عن نفسه ، ويتبين لها الدماء التي اغروقت ظهره لتشهق في صدمة وهي تضع يدها على فمها...
يتبع.........
ــــــــــــــــــــــــــــ
#سجين_القلب
#ندى_ممدوح
سجين القلب
بقلمـ /ندى ممدوح.
# ما الذي تتفوه به أيها الغبي، كيف هربت، وأين كنتم، يا الله هل تركت معتوهين يحرسوها.
دفعهُ بعيدًا وهدر بهِ صائحًا :
- أغلقوا كل المخارج غير مسموح لأحد بالخروج او الدخول قبل أن نجدها، حالًا..
العكسري مبادرًا وهو يتهيأ للمغادرة :
- أمرك يا باشا.
ضرب مُصعب قبضتهُ بالحائط يُنفِث عن غضبهِ ثم ألتفت يمنهَ ويُسر وأسرع شبه راكضًا بالبحثُ عنها ، توجه إلى الغرفة التي كانت راقدةُ بها وفتح بابها وطافت عينيه الحجرةُ ثُم أغلق بابِها وهو يجز على أسنانهُ في غضب حرك كفه على وجهه بعشوائية يكابد على كبح غضبهَ ، يُحاول أن يَسِد ثُغرات فؤادهِ القلقه والتي لا يدرك سببها ألبته تحرك بحثًا عنها بقلبًا وروحًا يهفو ملهوفين قبله.
بِآوان ذلك كانت "مرام" تتسلل بِحذر و ترقُب للخارج أنفجرت أساريرها قُرب الباب ها هي ستخرُج ستنجو بِذاتِها من شيء لم ترتكبه ستطمئن على والدها ستراه ستخبره ببرائتها أخيرًا ، أغروقت عينيها بالدموع دموع بهجه وحبور ، بِلحظه كان الباب يُغلق واسرعت تختبئ من الجنود خلف الجِدار وهي تواري وجهها بكفيها مخافة أن يدروكها ، تلاشت فرحتها وفاضت عيناها بالدمع وأسرعت خطواتها هربًا من امامهم تتعثر قدمها بسبب الغشاوة التي تحيط عينها بالدمع وترتطم بهذا وذاك وتتابع بتعب طريقها بوجل وهي تتوجس خفية ، أنحنت داخل أحدى الممرات لتشهق بفزع وهي ترى مُصعب يلتفت بطريقه بحثًا عنها ، أندفعت داخل الغرفة المجاورة لها و وصلت لنهايتها وهي تلتفت بخوف لتنصدم بكراتين موضوعه على يسارها لتحدق بها بفزع وتلتفت مصوبه بصرها للباب الذي أنفتح فـ أرتجفت خوفًا واضطربت وجلاً وأسرعت تتوارى أسفل الطاولة ، ولج مُصعب وعيناه تدور بالمخزن ثم خرج ، لتتنفس هي الصعداء وتخرج من مخبئها زاحفه حتى ارتكنت على الحائط وبكت كما لم تبكِ قبلاً ، قُطع عليها الطريق وأسود أمامها فلم تعُد تدري كيف السبيل لخروجها ، ماذا لو لم تستطع الخروج كيف تثبت برأتها إذا ؟ هل عليها الأستسلام ؟
أنتابها الخوف من الآتي وضاقت بالأمر ذرعًا.
وقضت سويعات في آرق و وجلاً شديد وبكاءٍ مرير ، أنقضى وقت لا بأس به حتى هدأت الضجة بالخارج فنهضت رغم ما تشعر من ألم وأسندت على الحائط وهي تسير ، ثم خطرت ببالها فكرة ما وشرعت بتنفيذها ، لذا عادة أدراجها للخلف وبادرت لأحدى الكراتين وأخذت قطعةُ ملابس من محتواها وأرتدتها سريعًا ثم تسللت على أصابع قدميها وفتحت الباب بحذر ورفق ومدت بصرها تستطلع المكان الذي بدا لها خاليًا فخرجت وما زالت عيناها تطوف المكان تتوجس خوفًا مخافةً أن يدروكها ولا تدري كيف النجاة ، تابعت سيرها وهي تغطى وجهها بوشاح حريري قضى الغرض ثم أخيرًا توهجت نفسها ما أن خرجت من المشفى وبرقت أساريرها وسطع فؤادها أملاً.
وطفقت تبحث عن سيارة أجرة بعدما ركضت بعيدًا عن المشفى وجوانبها فما أن أحست بالراحة حتى أوقفت أول سيارة قابلتها وصعدت وأملت السائق بالعنوان حيث والدها ، لا سيما أشتاقت إليه ، تود أن تثلج فؤادها برؤيته ، طيلة الطريق وصورته لا تفارق جفنيها التي تشرق بنور الحنين.
وصلت إلى وجهتها أخيرًا لتخفى وجهها جيدًا وهي توارية من المارة بالطريق ، لم يكُن معها حق الأجرة مما أحرجها كثيرًا ، ولكن السائق تفهم وضعها من وجهها الشاحب ومنظرها الذي بحالة يرثى لها فتبسم لها وغادر وركضت هي تجاه منزلها حيث والدها الكامن بالداخل مريض كُليًا.
لكن قبل أن تصل بقليل تسمرت قدميها رعبًا ، وبدأ عقلها يستقبل وابل القلق والاسئلة ، فـ ماذا لو جاءت الشرطة فجأة ؟ كيف ستنجي نفسها من بين براثنهن ؟ وماذا لو رآها آحد وأبلغ عنها .شددت علىٰ وشاح وجهها بقوة تخبئ وجهها أكثر ليغشاه كليًا إِلا عينيها ثم أسرعت خطواتها مبتعدة ، ودموعها أنسدلت بغزارة ، وحيدة هي عاجزة كأنها ريشة تتقاذفها الرياح بلا تأنى فلا تدري متى ستستقر وآين مرساها.
آخذت تجول بالطرقات قريبًا من دارها ، حتى هل الليل ، ثم مضت تتلفت يمنى ويسر متوجسة خفية مخافة أن يكن آحد يتتبعها ، طرقت علىٰ الباب بخفوت ، فلم يآتها لا صوت ولا همس حتى يطمئن سريرتها ، لذا بلغ القلق ذروته وبدون وعي كانت تطرق بعنف.
"مرررام ابنتي .. هذه أنتِ؟"
قالها قائل من خلفها لتستدير بتوجس ليطالعها وجه جارتها التي دنت منها وضمتها بمودة وهي تتمتم بعدم تصديق:
" مرام .. حمد لله على سلامتك ابنتي .. متى خرجتِ حبيبتي ؟ "
بدالتِها العناق ثم آبتعدت تطالعها بآعين غائرة بالدمع :
" بابا لا يفتح ولا يجيب هل هو بخير ؟"
تطلعت بها المرأة لـِثوانٍ بحزن طغى على وجهها وظهر جليًا ، اشارت مرام بتريث وهي تتراجع بخوفٍ شديد مما ستسمعه وعيناها لا تحيد عنها :
" لماذا لا تقولي شيئًا ؟.. بابا بخير، أليس كذلك ؟ "
المرأة بهدوء وحذر :
" ماذا أخبرك .. تعازي لكِ والدك توفاه الله "
هوت هذه الكلمات گالصاعقة بفؤادها الجريح المحطم لتهشمه آكثر.
تدفق الدمع من عينيها وهي تنظر لها في عدم تصديق وتحرك رأسها بجنون وهي تتمتم :
" ماذا تقولي ؟.. بابا أين .. توفى وتركني ؟"
تقدمت المرأة تضمها في حنو وربتت على ظهرها مغمغمه :
" أبكِ يا ابنتي .. أبكي عل فؤادك يهدأ "
كان بصرها زائغًا .. تائهًا .. ضائعًا .. مصدومًا مفعمًا بعدم التصديق تبحث بعيناها عن والدها .. سندها .. أمانها .. أحتواءها .. سكنها .. والان أين تجده ؟.. ومن غيره يهون عليها مرارة الأيام .. كان كُل ما لها وما تبقى لها .. لقد غدت يتيمة .. وحيدة ليس لها آحد بهذه الحياة الواسعة ضاقت بها الدنيا ذرعًا وتمتمت بشهقات ما أن وعت لذاتها :
" أبي مات .. لن أراه مرة أخرى؟ أمسيت وحيدة ويتيمة، لقد كان كل ما ليّ أنا .. أنا كنت عائشة لأجله ولُه .. هكذا غادرني وبقيت بلا ظهر ولا سند كيف، لقد هربت لأجله، لأجل ان اراه واضمه وأبكي على كتفه ويربت على رأسي يطمئني، عشان أثبت له ان ابنته ليست قاتلة .
تابعت والدموع تغرق وجهها :
- لقد أوحشني .. اوحشني جداً... هذا غير معقول كيف لن اراه مجددًا كيف ؟ أتيت ناسية ما مررت به كنت أهفو لرأيته فكيف للقبر أن ينتشله في ثناياه قبلي ؟ لماذا، لماذا ذهب دون وداع؟
صرخة بكُل ما أوتيت من قوة وهي تكتم صرختها و وجهها بكتف جأرتها التي تحاول تهدأتها وهي تبكِ وتردد :
" اهدائي يا مرام .. أنتِ هكذا تعذبيه يا ابنتي لقد توفى وهو على يقين برأتك، مات من حسرته ولعجزه لعدم مساعدتك ..
لم تُكمل جملتها وإذ بـِ مرام تقع مغشيًا عليها بين يديها ،بعدما دارت بها الأرض ولم تستطع علىٰ تراكمات هذه الحياة التي جاءتها دفعة واحدة ، صرخة المرأة علىٰ زوجها الذى لبى النداء فورًا ونقلوا سريعًا مرام لداخل دارهم وحاولوا أفاقتها سريعًا.
إِنقشعت غشاوةُ عِينيها رُويدًا رُويدًا وهي تفتح عيناها مِن تناثُرات المياة مِن يد جارتِها التي بادرت متسائلة بلهفة :
" أنتِ بخير يا ابنتي ؟.. هل تشعري بشيء ؟ "
مرام وهي تعتدل بِجلستها :
" أريد أن أزور أبي .. يجب أن أذهب "
همت بالقيام لِتمنعها يد جارتها التي قالت في لهفة :
" ما زلتِ تعبانة يا مرام استريحي قبلًا "
همت مرام بالحديث ليُقاطعها دوِى سيارة الشرطة لتتسع عِينيها فزعٍ وهي تنهضُ قائله بعجالة :
" الشرطة يا إلهي يجب ان أغادر حالًا "
نظرت لها المرأة بحِيرة وتردد ثُم قالت في لهفة :
- هلمي معي سأهربِك "
أنهت جملتها تزامنًا وهي تمسك بكفِها ركضً لأحدى الغرُف وأغلقت الباب خلِفها واشارت لها على النافذة :
" هذه النافذة قريبةٌ من الأرض، يمكنك أن تهربي عبرها هيه .. انتبهي إلى نفسك ، إلى اللقاء "
أومأت مرام بِأمتنان وأعيُن دامعة ولم تلبث أن هوت بذاتِها مِن النافذة .. فما إِن أوشكت علىٰ الركض حتى وقفت على صوت جارتِها قائلة بِحُزن جليّ :
" إلى اللقاء يا حبيبتي انتبهي إلى نفسك ولا تأمني لأحد معك الله يا حبيية وردك سالمة وأبعد عنك ولاد الحرام "
تبسمت لها مرام بِهدوء وبلحظة كانت تختفى بلمح البصر راكضة بالطُرقات ، وجدت قدميها تسوقها لِقبر والدها فتقدمت بِقهرٍ وحسرة و وقفت تتلامس جدرانه حتى أنهارت جاثية أرضٍ وتركت لدُموعِها العنان لتتدفق كما تشاء وكما تُحب ، لقد فقدة كُل شيء بِلحظة .. لَحظة فقط سلِبت مِنها بسمتِها .. ومُهجتها .. ومسكنِها .. وذاتها وكُل شيء.
أخذ فؤادها الذى ينبض بالقهر واليتم بالصراخ .. صراخ يُدمى الفؤاد.
" البقاء لله .. تعازي لكِ تحلي بالصبر "
قالها قائل من خلفِها ، لِتتسع عينيها في صدمة ويتوقف الدمع عائِدًا وزلزل الرعب روحِها .. لتذدرد ريقها بوجل وتلتفت لـِ مُصعب الواقف يضع يديهِ بِجيب بنطالهُ يُحدجها بنظرات حارقة.
أسبلت عينيها ونهضت مقتربة منه ليبادر هو قائلاً بِحدة :
" لماذا هربتِ ؟"
صرخة صائحة بوجهه :
" أنا لستُ قاتلة يا هذا ولن أظل حبيسة ظلمًا "
إِستدارت مشيرة لِقبر والدها :
" رحل أبي دون أن اودعها بسببكم "
رفع مُصعب كفه بِوجهها مقاطعًا آياها :
" هذا لا يعطيكِ حق الهرب، أنتِ بفعلتك تلك تثبتِ عليكِ التهمة، أتيت لأخذك دون قوة لذلك تفضلي معي إذ سمحتِ.. ولا تضطريني أأخذك رغم عنك من هُنا "
تعلقت عيناه بـِ عيناها الغائرة بالدمع التي تطالعه بوجيعه أفقدته ثباته حتى ود لو يمكنهُ ضمها بـِ تدثرتها بين جنبات روحه أن يطمئنها ، لو فقط بـِ أستطاعته سلب سائر أوجاعها ، فاق متنبهً لذاتهُ على كلماتها الاذاعة وهي تقول في لوعة :
" لم يعد ثمة فرق الآن سأذهب معك، الذي هربت لأجله ذهب عسى ان يكون سجنكم أرحم من عذاب وحدتي بوحدتي فيحتويها "
لم يدر ما أصابهُ ولما رؤياها هكذا تصيبهُ في مقتل ، ودموعها ترفرف فؤادهُ گَ الذبِيح تنهد بِضيق وهو يشير لها علىٰ السيارة :
" إطلعي ".
تحركت گ الأله جثة فاقدة لكُل شيء بالحياة وصعدت وصعد بجوارها نظر لها نظرة أخيرة قبل أَن يقود مُبتعدًا ، أجرى مُحادثة هاتفية ثُم آخذ يسترق النظر لها من المرآه وهو منشغل الذهن ، صف سيارتهُ أمام المركز وفتح الباب وهو يقول :
" وصلنا"
ترجلت مِن السيارةُ في هدوءٍ تام ، وسارت خلفهُ بصمت شديد ثقيل كئيب على فُؤادها ، وعيناها تفيض بالدمع زائعة تنظُر حولها فِى خوفًا شديد وبقلب مرتجفًا ، ثم أودعت في زنزانتها، عدا عدت أيام قلائل بياليها حين تم أستدعاءها من قبل المفاوض مصعب الحاوي، وقفت أمام مكتبه ساكنة و تنبهت لهُ حينما صدح صوتهُ قائلاً :
" اُجلسي "
نفذت ما قالهُ بتؤدةٌ و تنهدت بعمق وهي تغلق جفونها وتجلس منكسة الرأس في حين قدم هو لها أوراقًا وهو يقول بنبرة أجشة :
" خذي لتمضي هنا "
رفعت رأسها ناظرة له بعدم فهم وضياع ، قرأ ما يدور بذهنها ليوضح ببسمة :
" أوراق خروجك مِن هُنا بـِ كفالة "
قطبت حاجبيها في عدم فهم فكيف يُحدث هذا ؟
فتابع هو ببسمة خافته لم ترآها :
" خذي لتمضي يا مرام ، أنتِ بريئة ولكن القضية لم تنتهي "
تحدثت في صدمةُ وهي متسعة العينين :
" أَنا لا أفهك كيف هذا .. كيف الآن بتِ بريئة بين ليلة وضحاها "
ترك الأوراق من يدهُ وهو يشبك يديه على المكتب وتابع في جدية ببحة جادة :
" أنا وعدتك هبحث عن الحق وأنا والمحامية القائمة على قضيتك وعد أثبتنا أنه ليس إنتِ القاتلة ، كَاميرات المراقبة والطب الشرعي أوضحا إنه تم قتله قبل دخولك ، كما إن إبنه كان موجود قبلك عنده "
هزت مرام رأسها في صدمة وببلاهة قالت :
" أتريد قول ان احد أبناءه قتله ؟ "
أومأ برأسه في هدوء وهو يستند لظهر مقعده ، طرفت عينيها في عدم تصديق وهي تردد بصدمة :
" ما الذي يقوله هذا ؟.. و هل يوجد إبن يقتل والده ؟ ما بهم هؤلاء يودوا إلباس التهمة لأيًا من كان .."
قطع باقي حديثها ضحكتهُ الساخرة وهو يتمتم :
" نحن لا نلبسها لأي احد يا مرام أنتبهي لكلماتك مرة اخرى "
ضحكت له في بلاهة وهي تقول في غباء :
" إنت سمعتني؟"
هز رأسه في قلة حيلة وهو يقول في جدية ويشير للأوراق :
" إمضي يا مرام ، ولكِن سنحتاجك فيما بعد هذا ليس نهاية المطاف كم ان منزلك سيكون تحت المراقبة ....."
صمت حينما لاحظ شرودها ودموعها التي وخزت فؤاده ، بينما هي وقفت تلك الكلمة بذهنها "منزلك" عن إي منزلٍ يتحدث ذاك البيت أصبح مهجورًا من ساكنِيه لم يعُد هناك آحد ، حتى جدرانه تولول من الوحدة ، لقد أنجلت مهجة البيت فإين هو البيت وهل يُسمي بيت دون أهله ؟ أهله الذين غادروه وتركُها توجه عواصف الأقدار وحدها !!!.
نظر لها في آسى قبل آن يقول وهو يتنهد في تعب :
" ربنا كبير يا مرام لقد اخذ أمنته ولا نعترض، كوني قوية وصابرة جميعنا مغادرون يوماً ما نحن مجرد ضيوف في هذه الحياة، وما الحياة الدنيا إلا لعبٌ ولهو "
تبسمت له في أمتنان ثم قالت متذكرة :
" من الذي دفع ليّ الكفالة ؟ "
زفر وهو يرجع بظهره للخلف بحيرةٌ من أمره ولم يدر بِما يجيب ، لذا تنهد بصوتاً مسموع وأستقام واقفًا وقال بهدوءٍ مخيف :
" غادري يا مرام ولا أنك تريدي دخول الحبس مجددًا؟ "
نهضت في فزع وهي تقول سريعًا :
" لا لا، لا أنا ذاهبة ، الحمد لله أن ربنا أثبت برئتي وشُكرًا لك جداً "
وقف أمامها مضيقًا عينية في تساؤل :
" شُكرًا على ما ؟"
في هدوءٍ رددت ببسمة أودت بفؤاده للهلاك :
"لأن لولاك ولولا أثباتك لبراتي لم اكن لأخرج وكان قد اتحكم عليَّ ظلمًا، فـ شكرًا لك"
تلجلجت الكلمات بصدره رقتها فعلت به فعل السحر أو أشد فـ أذابت فؤاده الراكض بجنون يود الخروج مِن بين أضلاعه أسبل جفنية يحاول الثبات قدر الإمكان وفتحهم متحاشيًا النظر لها وهو يقول في توتر جعله يُدهش من ذاته :
" مـ مـ متشكرنيش د.. هذا وجبي .. وشغلِ أنا لم أفعل شجيء معملتش حاجة جديدة .. ".
نظرت له قائلة في شرود :
" الظابط الذي كان قبلك كان مصمم على أني القاتلة دون أن يبحث في القضية "
صمت بتردد وفتحت فاه تود التحدث ولكنها تراجعت صامته هنيهة قبل أن تقول بتريث :
" أيمكنني أستعمال الهاتف لأحادث صديقتي ؟"
أومأ في صمت وأشار بيده على الهاتف :
" نعم تفضلي "
توجهت مجريه أتصالاً على صديقتها كي تأتي لأخذها ثم خرجت من المركز لتنتظرها.
بآوان ذلك عن قُرب منها كانت هُناك أعيُن تتراصد لها في شر والشرر ينطلق من عيناه لا يُحيد ببصره عنها ، صدح رنين هاتفه ليجيب وما زال بصره مصوبًا تجاهها :
" نعم يا باشا "
جاءه صوت رجولي يقول في حده :
" ماذا فعلت .. خلصت عليها ولا لم تفعل ".
رد في نبرة خافته للغاية :
" لسه يا باشا الفتاة واقفة امام المركز، يبدوا أنها تنتظر أحد، لا تحمل هم أعتبر ما امرت به تم وانها ماتت "
أغلق معه وظل يراقب مرام في خبثٍ شديد.
في حين عند مَرام كانت تتأفف في تعب حينما خرج مُصعب شبه راكضً من الداخل وتفأجا بها ما زالت ها هنا ليقترب منها متسائلاً وهو ينظر حوله للطريق الخالي إلا من السيارات :
" مرام أنتِ ما زلتِ هنا ؟.. لماذا "
تنبهت له ورفعت بصرها بها ثُم غضت بصرها في أستحياء مُردده :
" أنتظر صديقتي، لا ادري لماذا تأخرت "
أغمض عينيه متأففًا وهو ينظر حوله ثُم قال في نبرة أجشة غاضبة :
" إذن دعيني أوصلك وقفتك هذه ليست جيدة "
نظرت له في تردد لا تدري ما عليها فعله أتذهب معه ام تنتظر ولكن لماذا تأخرت صديقتها ؟.
بدت گالمتفكره .. مترددة ليقول هو في جزع :
" أكيد لن تظلي واقفة هكذا تعالي لاوصلك هيا "
نهى جملته في أمر بنبره سرت الرعب بمهجتها وتبعته في صمت حتى صعدت السيارة وأنطلق هو ، بعد بعض الوقت باغتة أطلاق ناري لا يدري مصدرة ثُم عربيات كثيرة تُحيطه وأصبح الطلق الناري كالمطر على سيارته أتسعت عينيه في صدمة وهو يطالعها بخوف ، خوف ليس على ذاته وإنما عليها ، تطلعت به قائلة في فزع وهي ترتعش ودب الخوف ببدنها :
" من هؤلاء ؟.. ماذا سنفعل ؟ "
صرخت بقلبًا مترجف وهي تضع يديها على أُذنيها ثُم يده التي تجذب رأسها للأسفل وهو يقول في هلع ولهفة :
" إنبطحي إلى الأسفل يا مرام الآن "
أومأت برأسها في بكاءٍ مرير في حين أخرج هو سلاحه وطفق يتبادل معهم أطلاق النار في شراها ويحاول تفادي التصادم بسيارته معهم ، تم تبادل أطلاق النار كالمطر واشتعل لهيب الحرب رويدًا رويدًا حتى بدأت آن تخمد آنٍ فـ أن حينما آنقلبت أحدى السيارات وآخذت تنقلب مرة تلي الآخرى حتى دوى صوت آنفجارها و أنطلق هو ببسمة أنتصار تُزين ثغره ، بينا وقفت السيارة الاخرى حينما سدت السيارة المنفجرة طريقها.
رفعت مرام رأسها في خوفٍ شديد وجلست على المقعد لينظر هو لها قائلاً بلهفة :
" إنتِ بخير ؟.. حصل لكِ شيء؟."
فقط هي مُنصدمة تنظر له في رعب وهلع وهي تقول وعيناها تذرف الدمع :
" لماذا يريدون قتلي، من هؤلاء "
نظر لها بتمعن وهو يتمتم في حنو :
" لا تخافي ولا تجزعي لا يمكن لأحد ان يأذيكِ "
ثُم طرف بعينيه ورويدًا رويدًا أخذ يُهدء في القيادة حتى ركن لِتسرع هي قائلة بتريث :
" لماذا توقفت "
آتتها الإجابة حينما أنكفأ برأسه مغيبًا عن نفسه ، ويتبين لها الدماء التي اغروقت ظهره لتشهق في صدمة وهي تضع يدها على فمها...
يتبع.........
ــــــــــــــــــــــــــــ
#سجين_القلب
#ندى_ممدوح