الفصل الرابع

إدارة الحرام بدقة والتزام !
......

بدأت مرحلة السير على طريق زيادة المبلغ الذي يملكهُ آدم أو الذي كان قد أعطاهُ صديقه مالك إياه وذلك عن طريق بيع الحرام في صورة إحترام حيث الإستثمار في إمتلاك محطات فضائية تبث برامج وموادٍ بغرض التسلية والتثقيف وإرثاء التنوير والتوعية وهو الهدف المحترم المعلن بينما باطن الأمر يتمثل في التجارة في كل ماهو حرام ليس لأن المحطات الفضائية تنمتي للمحرمات ولكن لأن الإعلام الحالي رسالته ليست مهنية بحتة بل تهدف الى الترويج لتكوين بطانة للأنظمة المستبدة عن طريق نشر مواد بهدف اللهو وقتل الوقت والإبتزال لاسيما اللعب أحلام المتابعين وعلى مشاكلهم حتى على أمراضهم من خلال تنظيم برامج مسابقات للغناء والرقص بحجة البحث عن المواهب المدفونة والمغمورةكذلك اللعب على الأمراض من خلال فتح الإستديوهات والكاميرات من قِبَل بعض المحطات للترويج لمنتجات طبية مجهولة الهوية والمصدر يقوم بعرضها أطباء غير مصرح لهم بمزاولة أي عمل طبي بل يصل الأمر في بعض الأحيان الى ظهور أشخاص مجهولون كأطباء يقوموا بشرح منتجات طبية مجهولة وغير صالحة لاسيما والأعشاب التي تقدم للمستهلك باهظة الثمن في صورة أدوية ومستحضرات ليست إلا مجموعة من الأعشاب العادية التي تتداول بمحال العطارة بينما فقط هي منزوعة الشوائب ومغلفة بشكل يوحي بصدق المنتج كما يوحي بأنه مثله مثل باقِ المنتجات المتاولة بالصيدليات وهو الأمر الغير موثوق به تماماً بالعكس هي منتجات باهظة الثمن في نظير أنها لا تقدم المردود البيولوجي المتمثل في التأثير العلاجي بالشكل المنتظر أو بالشكل الذي يناسب السعر المباع به ! وفي ظل هذه الحسابات التجارية الرخيصة غرق آدم وأصبح لا يهتم إلا بها لتبدأ المساعي في الخطوات الأولية لبناء المحطة الفضائية والتي وقع الإختيار لإسمها على أسم تحمل أسم
AD TV
إختصاراً لأسم آدم وتم تصنيفها ضمن قنوات المنوعات التي تقدم برامج طبية وتوك شو وأفلام ومسلسلات لاسيما برامج لقتل الوقت والإلهاء المتمثلة في برامج مسابقات للرقص الشرقي والطبخ وخلافه وهنا جاء الدور على عفاف لتؤدي دورها المختار من قِبل آدم ومنصف لتذهب إلى شقته بالمعادي ذات ليل ليُفاجئها بالخبر السار عقب العناق والقُبل:
حبي ودلالي عمري اللي عمرها ماغابت يوم عن بالي وحشتيني ياقلبي أرتمت عفاف بين أحضانه بشكل رخيص ثم قالت:
وانت كمان يدودي ليبادلها آدم الرخص-
وحشتيني ياسافلة-
وانت اكتر بس هو أنا لحقت أوحشك؟ هو انت عاتقني خالص؟- إذا كنتي بتوحشيني وانتي معايا, عندي ليكي اخبار تجنن زيك كدة, فَهمّت بالسؤال واللهفة تغمُرها- بجد؟ خبر ايه ؟
- خلاص بنجهز للمسابقة بتاعت الرقص اللي هتكوني مسئولة عنها في القناة بتاعتنا وخلال يومين هننزل بالبرومو أي رأيك بقى-
مش معقول على جمالك ده!
-آه بس في حاجة مهمة لازم تحصل-
حاجة أيه يادودي؟-
عايزك ترقصي لي عشان أشوف هتعرفي تقيمي المتسابقات كويس ولا لأ
-وهو انت ماشوفتش رقصي قبل كدة؟
- حصل بس المرة دي عايزك ترقصي لي عريانة من غير هدوم-
_ماشي ماشي ياسافل..

وهو الأمر الذي حدثَ بالفعل رقصت أمامه من دون ملابس، ليأتِ منصف في صباح اليوم التالي الى آدم بشقتهِ مصطحبا ثلاث أشخاص ليخبرهُ بباقي تطورات المحطة الفضائية
-صديقي الصدوق الرايق أبو الذوق بعدما تفاجأ آدم بزيارة منصف في ساعة مبكرة
-منصف؟ جرى ايه يابني ده وقت زيارات؟
-معلش جايب لك معايا تلات هداية هيسعدوك، الأول أعرفكم ببعض الأستاذ/ فكري فاخر دبلوم صنايع فيقوم آدم بالهجوم متسائلاً مُندهشاً
-غريبة مع أن اللي يشوفه يقول عنه دكتور جامعة
-ماهو احنا هنستفيد من الميزة دي عندنا في القناة بس استنى أعرفك بالأستاذ/ شكري أبو النصر فني تحاليل وزي مانت ملاحظ أكيد, أي حد يشوفه يقول عنه عالم ذرة على طول, أما الأخ اللي قدامك ده فيبقى أحمد جمال أصلا كهربائي سليسيون إنما دلوقتي صاحب محل أدوات صحية بس أيه دماغه ألماظ اللي يشوفه للوهلة الأولى يفتكر انه وزير ثقافة, أعرفكم يا أساتذة على آدم باشا عبد الواجد ,صاحب القناة اللي هتشتغلوا فيها اتفضلوا
- نورتوني ياجماعة تشربوا ايه؟ يجيبوا الثلاثة تباعاً
- ماننحرمش ياباشا لسة شاربين
- طيب عشان ندخل في الموضوع على طول ومن غير مقدمات كتير عايز كل واحد منكم يقدمي قدراته اللي هسنتفيد منها في برامجنا في القناة ممكن نبدأ بيك يا أستاذ أبو النصر.
-شوف يا آدم باشا انا بعد اذنك هتكلم عن نفسي
- بالفعل هو ده المطلوب كل واحد يتكلم عن قدراته اتفضل أنا سامعك.
- شوف يا استاذي
أنا لفيت البلاد اللي حوالينا من شرقها لغربها الدلتا والصعيد الجواني ده غير الإسكندرية وبورسعيد وبني سويف ودهب ونويبع, ليسأل آدم في دهشة ساخرة،
-هي دي البلاد اللي حضرت لفيتها؟
-بالضبط يافندم هو حضرتك مستسهل ولا أيه! ده انا اكتسبت خبرة تساوي خبرة أي دكتور وعالم كمان
-ياسيدي فهمنا المهم خبرتك دي بتنصب على ايه؟ أو متخصص في أيه يعني؟ يبتسم شكري بخبث وحمكة وهو يقول وكأنهُ يهذي.
-في الكُركم يسأل آدم غاضباً
- في الأيه ياخويا؟ كُركم انت جاي تهزر ولا فاكرني فاتح قنوات للطبخ؟! يحاول شكري تهدأة آدم
- طب بس اهدا حضرتك واديني فرصة أكمل كلامي استمر آدم في حالة الغضب لينهض منادياً منصف،
- ياعم منصف ياعم منصف سيب اللي في ايدك وتعالى ..حضر منصف في الحال متسائلاً
-خير ياباشا في ايه بس؟

-انت جايب لي عطار يشتغل معانا في القناة؟ فين ذكائك يامنصف؟
- اهدا بس ياباشا وحاول تسمعه للآخر اللي قدامك ده دماغه تتاقل بالذهب هيجيب لنا فلوس ومكسب من التراب الكركوم اللي بتتريق عليه ده هيتحول في أيدينا وعلى ايدينا لذهب أصفر! تدخل شكري أبو النصر قائلاً في حماسة
-تصدق فكرة جامدة! الذهب الأصفر نسبة للكركم،
- برافوا عليك ياشكري
- تمام بس الباشا يديني فرصة أفهمهُ الموضوع.. وأثناء معاودة آدم للجلوس قال
- أتفضل ياسيدي أديني قعدت وهسمعك قول كمل كلامك
-احنا بنقدر نتعرف على النباتات المفيدة وبنحولها بطرق مختلفة لمنتجات طبية لتسكين آلام مختلفة زي آلام العظام والركبة وحاجات من هذا القبيل وآلام الظهر..
وإذا بآدم يتفاعل مع الحديث ويبدأ في طرح الأسئلة حولهُ
-طب وازاي هنقدر نقنع الناس بالمنتجات دي؟ يعني المسكنات مالية الأسواق والصيدليات ومنتجات موثوق منها اكتر كمان من منتجك ده يبقى ايه اللي هيخلي المواطن ينضرب في مخه ويشتري منتجك؟..
-الكلام ده لو منتجنا هينعرض على الأساس اللي يقدر عليه اللي هو التسكين وبس ده لو حصل تسكين كمان إنما إحنا هنلعب لعبة دمها خفيف هنعرض المنتج على انه عالمي وفعال ومتجرب ومرخص وكمان بيقضي على جذور التعب مش بيسكن بس زي باقي المنتجات..., اخذ العجب آدم من حديث هذا الرجل مما دفعهُ لسؤاله-
طب وازاي هنقنع الناس بالبيعة اللي انت عايز تبيعها لهم دي! أظن ده أمر مش سهل.
-فعلا ده أمر مش سهل خالص وبيتطلب شرح طبي وصيدلي عشان الزبون يقتنع ويتصل يشتري المنتج ويطلبه بنفسه وساعتها مالناش دعوة بقى هو اللي طلب بنفسه
-وحضرتك بقى قادر تشرح الشرح الطبي والصيدلي اللي بتتكلم عنه ده؟
-طبعا قادر هو أنا صحيح مجرد فني تحاليل مش أكتر لكني بردو عارف معلومات طبية تخاليني الف وأدور لغايت ما أوصل مع المشاهد للنقطة الرئيسية اللي هي ادهن من الدهان ده هتتعالج أشرب من البودرة دي هتخف من جمييييييع المراض دوَّب حبة الكلام الفارغ ده في كوباية ماية هتخس 19 كيلوجرام في يومين وحاجات زي كدة يعني! ولو وقفت قدامي معلومة طبية او مصطلح عادي ساعتها هرجع للبحث في جوجل وأستعيير اي مصطلح طبي واقوله للمشاهد..ليضيف آدم
-عشان المشاهد يقتنع من مصطلحاتك انك مبدئياً دكتور وفاهم بتقول أيه

-بالضبط الله ينّور على حضرتك ونا عندي شقة بعيدة ناحية اكتوبر بنفرد فيها بنفسي وسط مستحضراتي وأعشابي وعبواتي بركب وباخلط منتجات ثم بعَّبيها
في أزايز وانابيب شيك تجذب المستهلك عشان يشتريها وعشان حضرتك تكون مطمئن لعدم الإضرار من تناول الأعشاب دي هقولك أن الأعشاب باجيبها من عند عطارين معينين لكن طبعا مش دي الحقيقة اللي هنقولها للمشاهد اللي هيكون مستهلك, لكن هنقوله أني باروح وبسافر الهند والسند والصين وتايوان وباطلع جبال عشان أجيب الأعشاب والنباتات النادرة دي متهيألي كلامي واضح
-واضح جداً ومقنع كمان, انت بقى يا أخ أحمد ايه اللي تقدر تقدمه للقناة بتاعتنا؟
وكان رد الرجل صادماً حين قال
-معجزااات يا آدم باشا معجزات!.....
-تمام قولي مُعجزة واحدة من معجزاتك..
-شوف ياباشا الإعلام عامل زي البطانية اللي بتدفي اللي تحتيها وبتغطي اللي هي فوقيه في نفس الوقت هي زي الفرشة اللي بتكون ظاهرة للناس ظاهر جمالها وزركشتها, يعني شكري أبو النصر بدون دعاية وإعلام يروج لمنتجاته يبقى كأنه معملش حاجة أنا بقى بسافر القرى الفقيرة في الصعيد وغيره وبراضي الغلابة اللي هناك نظير انهم يطلعوا قدام الكاميرا اللي فاكرينها تليفزيون وشهرة وكدة عشان يقولوا الله يبارك للدكتور شكري أبو النصر وللمنتج الفلاني والدهان العلاني والكركمين وغيرها من منتجاتنا مش بس كدة د انا هخليهم يحلفوا بالمصاحف في ايديهم على أنهم جربوا المنتج وجاب معاهم نتائج ساحرة وبأقل سعر, وبردو مش، بس كدة كمان هنعمل تلميع صايع قوي! هنجيب شوية ناس كدة يظهروا على حلقات متفرقة ويكونوا لابسين بلاطي بيضاء من بتاعت الأطباء ويبدأوا في الحديث عن فوائد المنتج من الناحية الطبية والعلمية والمعملية والميتافيزيقية وهكذا والأمر ده بيساعد على ترويج المنتج وإقناع الناس بيه .. يردد آدم في إنبهار بعقليات شيطانية في صورة بشر
- ياولااااد أل... دانتوا كفرة شياطين لكن المنتجات دي هتكون خاصة بتسكين الآلام وبس؟أحمد جمال يوضح بابتسامة خبيثة
-لأطبعا في منتجات هنعلن عنها ونروجها لعلاج الضعف الجنسي ولعلاج البرود الجنسي وللجنس نفسه ولضعف الإنتصاب ومشاكل صغر الحجم وخلافه!
......
رضخ آدم للمشروع الإعلامي الخبيث الذي عرضهُ عليه منصف وأعوانه من السفلة وأمر بالسرعة في إنشاء وترويج القناة... تلك القناة التي سوف يتطور محتواها الإعلامي بمرور الوقت بما يواكب الأحداث الأكثر شيوعاً بين الناس (الترند)
ليقوموا باللعب على أوتارها والإتجار فيها وفي المغذى والعبرة من ورائها وقاموا بعمل أكثر من مسابقة يتم عرضها على شاشة القناة تُبث من خلالها منها مسابقات الرقص الشرقي التي تقوم بإدارتها عفاف وكذلك برامج المسابقات الرمضانية والمقالب التي يقوم بإدارتها شاب انضم فيما بعد لأسرة المحطة ويُدعى ( راجي جلال ) كما تم تقديم برنامج لتفسير الأحلام والرؤى المنامية والذي تم الاستعانة على تقديمه بالشيخ القبيح شكلاً وعِلماً الشيخ ذو الوجه العبوس والملامح المُقبِضة الذي يُنادونهُ بالشيخ ( عبد الله شرف الدين إسحاق )
وذات يوم حضر منصف الى آدم ليخبرهُ بأمرٍ هام
-حبيبي آدم باشا سيدنا وتاج رؤوسنا
-سيبك من شغل الدجل والسجع ده وقول اللي عندك
-وقع قدامي موضوع مشفي مصفي مافيهوش غلطة وهيعمل نسب مشاهدة محصلتش قبل كدة
-بجد يا منصف؟ ازاي؟!
قبلت واد غلبان كدة ماحيلتوش غير الهدمة اللي عليه واللي هي هدمة من الوكالة, المهم الواد ده فكرت أساعده وأقف جنبه..يندهش قليلاً آدم
-ليه؟ هو احنا هنعمل برنامج لجمع التبرعات للفقراء والمساكين ولا أي؟!
-لا ي باشا أنا دماغي أعمق من كدة بكتيير
-قول يا إبليس!!!!!!
-اتفقت مع الواد ده اني هطلعه في حلقة وهكتب عليها للكبار فقط قال يعني هنعرض موضوع حساس وكبير وشائك وكدة, المهم الواد هطلعهُ على أنه واحد شاب شباب البلد المطحون الثائر بيدّعي أنه المهدي المنتظر واخد لي بالك طبعاً, وبعدين الحلقة هيحصل فيها تفاصيل مليانة شطة وملح وفلف مولع حلقة سخنة لغايت ما نجيب نسب مشاهدة نضاهي بيها القنوات الكبيرة ايه رأيك بقى؟!
-برنس يامنصف افكارك تساوي دهب, بس حلقة زي دي محتاجة شوية حركات هتخدم الهدف الأساسي المرجو منها, أولاً أفتح المكالمات على الهوا عشان هتلاقي اللي بيتصل يشتم واللي ؤبيتصل يوعِظ واللي بيحلل نفسية وشخصية الضيف المُدّعي.
-أنا هعمل كدة بس, أنا كمان هجيب واحد يطلع مع الواد في الحلقة كضيف يمثل الرأي الآخر ويقوم بعمل مناظرة مع الشاب ده وهيطلع شيوخ يتكلموا وهيطلع أطباء نفس يناقشوا وهتبقى هيصة ودرمغة
-طب ولما الفكرة تنجح والبرنامج يسمّع لازم تكون محضّر لموضوعات للكبار فقط مش كدة ولا أنا بتكلم غلط؟!
- بتتكلم في الصح طول عمرك لكن لكل مقامٍ مقال ولكل وقت آذان, إنما الموضوعات السُخنة مافيش أكتر منها في مجتمعنا عندك مثلا الختان وحرية العقيدة كمان حرية الرأي وووو وكمان مثلاً قضية الإلحاد والكفر والمرأة في الإسلام وحقوقها في المجتمع والكلام الكبير ده دي كلها قضايا مليانة سخونة وعرضها بيزيد في نسب المشاهدات.
-بص بقى أنا هخدمك خدمة كبيرة في موضوع الإلحاد ده نهض آدم ثم أتى بكتيب وأعطاه لمنصف قائلاً:
الكتاب ده في قصة صغننة ظريفة بتعلمك أزاي تخلق حالة جدل ونقاش لواحد ملحد أزاي تعمل مناظرة وشد وجذب ..أمسك منصف الكتيب وقرأ العنوان:
مناظرة حول قضية الله والعقل-
دي حاجة روعة فعلاً هتفرق معانا كتير
-عشان هتثقفك في الطرح اللي هتلعب عليه لازم نبقى عارفين أحنا بنقدم ايه وازاي هنقدموا!
-تسلم ياكبير أنا هاخد الكتاب وهقرا فيه بمزاج
عشان أفهمه واستوعبه بسرعة وقريبا نبدأ شغلنا
-على بركة قوتك يامنصف توكل على نفسك!
لم يذكُر آدم لفظ الجلالة وقررَ الأعتماد على منصف وعلى عبقرية منصف لتبدأ الخطوات الفعلية لإنشاء المحطة الفضائية وليبدأ بثها التجريبي ينتشر على القمر الصناعي تمهيداً لبثها الدائم المباشر!
أما منصف فقد قرأ وتفحص القصة التي أعطاه آدم إياها ليقرأ فيها ويتعلم وكانت القصة تحتوي على مناظرة بين شاب مسيحي ملحد مثقف وبين شاب مسلم مثقف نشأت بينهما مناظرة راقية محترمة
حول قضية الله والعقل!
المناظرة

......



________________________________________
....بسم الله الرحمن الرحيم ...

مناظرة حول قضية الله والعقل
لاشك أن قضية وجود الله ومدي ارتباطه المتوافق, مع عقلنا البشري قضية لم يُحسم القول فيها حتى الآن من قِبل الفلاسفة والمفكرين ويرجع
ذلك إلى أن أغلبهم لم ينظروا لها بمنظور إحقاق الحق وانما نظرو لها بمنظور الرأي الخاص بكل واحد منهم فمنهم من قال:
أن الأعتقاد في وجود خالق يتعارض مع العقل ومعقولاته,وقال أخرون
أن العقل الكامل المطلق المنزه هو الله ذاته (كتاب النيرافانا بوزا) ومنهم من أختلف مع كل هذه الأراء كالمفكر عمانويل كانت الذي زكر في كتابه’ (نقد العقل الخالص)
أن ادراك كنه الله بالعقل(يستحيل) لأن العقل البشري غير معدا لهذا اللون من الادراك وانما هو معدا فقط لادراك معطيات الحواس ثم استنباط القوانين منها ولكنه غير معدا لادراك كنه أو ماهية أي شيء .
انتهي رأي عمانويل كانت وعليكم الرجوع الي الكتا ب وعلي الرغم من اقتراب هذا الرأي الي الصواب الاأن القضية ليست هكذا ثم جائوا الملاحدا ليقعوا في خطأ فادح برأيهم الذي قال (السفهاء بدعوتهم التي قالت أن العقل محدود وناقص وأنه كأي
حاسه من الحواس يقف عند نطاق معين من المدركات لا يتعداه كالعين التي لا تدرك ألاشعة تحت الحمراء ولا الفوق بنفسجية ومن هنا يكون البحث في الله نوع من الشطط ومحاولة لادراك الكامل عن طريق الناقص وما هذه الدعوي الا حجة علي أصحابها أنفسهم ذلك لأنها من صنع وانتاج العقل الناقص المحدود ولذلك لا يؤخذ بها ثم العقل ليس محدودا فمنذ ألف وخمسين عام تقريبا كانت الأشعه تحت الحمراء وألاشعه فوق البنفسجية خافية علي العقل ولكنها الان بفضل الترمومتروالفلم الحساس في نطاق العقل وادراكه’ ) كان هذا هو رأي الملاحدا في القضية وبهذا الرأي يكونوا قد وقعوا في أخطاء وليس اخطأ منها أنهم لم يقولوا لنا كيف أدركوا الله بذلك العقل الكامل المطلق الذي أدركوا به الاشعه تحت الحمراء والفوق بنفسجية؟؟؟. كما أن العقل البشري لم يخلق الاشعه تحت الحمراء والفوق بنفسجية وأنما وجدها فقط بفضل وجود ألأسباب وهذا طبعا غير كاف لكي يوصف بالطلاقه والكمال ثم ليس كل ماكتشفه العقل البشري اكتشفه بالبحث والاجتهاد فبعض الاكتشافات تمت بالصدفه أي بدون بحث عقلي أو ترتيب كضرم النار والجاذبية الأرضية وغيرهما
اذن تلك الاراء ليست الا تبريرات للانحراف عن الأعتقاد في وجود الله والصدعنه’ ونقول لهؤلاء جميعا
الحقيقة التي لم يدركها حضارتكم هي ان العقل خلق فينا لكي ندرك به اللأشياء وكوسيلة لتطوير الارض وتعميرها بالخير والصلاح ولكن هذا لايعني أن الله عزوجل هو ذاته العقل كما انه’ لايعني اننا بالعقل نستطيع اقتحام ذات الله ولا حتي ذواتنا نحن لانقدرعلي التعرف عليها واقتحامها
وفي ذلك سوف أروي لك أخي القاريء بعض مماجرى في مناظرة وقعت بيني وبين شاب قبطي لم اعرف عنه سوى انه مسيحي البطاقة وشهادة الميلاد وعرض علي ذلك الشاب وانا لن أذكر اسمه عدة قضايا هامه سأذكر بعضها فقط حيث ناظرني في مسألة المخير والمسير واجبته بما تيسر لي من معرفة أراها قليله قائلا
كنا قد شرحنا من قبل ان الانسان مسيرفي حالات مخير في حالات اخري ذلك أن الانسان كائن يمتاز عن بقية الكائنات بالعقل والفكر وهو مناط الاختيار بين البدائل فاءن الشيء الذي لابديل له لا فكر ولا اختيار فيه والعقل هو مقياس يقيس ويميزبه المرء بين البدائل والأمورالاختياريه من الممكن ان تفعلها اولا تفعلها فمادام البديل موجودوعقلق حاضرا فلك ان تفعل أو لاتفعل
وكان الامر في حاجه الي توضيح فوضحت قائلا
لنفرض انك قبل تكوينك في الرحم لم يأت احد ويسألك هل تقبل ان تصبح من سكان الأرض؟؟ او هل تريد ان تكن ابنا لحارس عقارام ابنا لملك السويد؟؟؟ لم يهمس احد في اذنك ليسألك في كل هذا قبل حدوثه’ وهذا ليس ظلم لأن الله جل جلاله أوزن المسأله بميزان عدله’ فهو جبرك علي الوجود في الحياة الدنيا من ناحيا وترك لك ان تختار فيها ماتشاء منها وقت ما تشاء منها وبلطرق التي تراها مناسبة لشاكليتك
واطباعك من ناحيا اخرى وذلك بفضل العقل والبصيرة والحواس الظاهرة والباطنه فمثلا انا املك ان امسك بالقرأن اقرأه واخشع وتفيض عيناي واملك ايضا ان ابصك عليه وادهسه تحت قدمي فانا املك الاختيار بين الفعلين دون ان يمنعني احدا من فعل هذا او ذاك فقال هذا الشاب
(حتى الله؟؟) فقلت ولاحتى الله فقال كيف والله هو الذي خلقق؟؟؟ فقلت
وهو الذي بمقدوره قطع أيدي قبل ان ادهس المصحف ولكن هو الذي ترك لي حرية الاختيار وأقول ترك لي وليس اجبرني علي الاختيار فالله جبر الملائكة علي الطاعة
وابليس مقهور علي الغوايه أما نحن فالسن مقهورين سوي علي الحاة والموت والجوارح والافئدة وما دون ذلك فلنا الحرية ان نختاراي شيء حتي التسير ذاته’ حتي الحقيقة التي فرضت نفسها علي كل الوجود (الله) لنا الحرية في الايمان بها او الكفر بوجودها فسألني سؤال سفسطائي قائلا:
وأين العدل والحرية فقول الله انك اذا امنت ستددخل الجنة اما اذا كفرت بوجودي ستددخل جهنم ؟؟؟. فأجبته’ وانا اضحك قائلا:
أنت اذا أمنت بوجود الله بالتالي ستؤمن بالجنة والنار واذا كفرت بالله بالطبع لن تؤمن بالجنة والنار فكيف تؤمن بالجنة والنارولا تؤمن بخالق لهما؟؟؟. فنظرالي نظرة تعكس شعوره’ بالافحام ولذلك فالله يتمني ان نطيعه’ ونحبه’ ونحن نملك معصيته’ ونعود للمناظرة بعدذلك قلت له’ يافلان نصيحة لك من عبد فقير لاتناقش ذات الله بعقلق البشري لا لأن واحد منهما اقل او اكبر من الاخروانما لأن لكل واحد قدرته الخاصه والذوات عموما لن تتعرف عليها بعقلق البشري فهل انا الان بمقدوري ان أعرف ما بداخل ذاتك وانت امام عيني الان؟؟ . فقال لا فقلت
فكيف بذات الله خالقي وخالقق ؟ كيف يدركها عقلنا الذي عجزعن ادراك ذاته’ هو؟؟؟ . واذا بحثنا في ذات الله بالعقل فسيؤدي بنا الي السؤال البديهي والفطري
(من الذي خلق الله؟؟؟) فقال مثلا اجبني من فضلك فقلت له’ ألاتي.
في البداية يجب ان نفهم جيدا ماهو الخالق فخالق تطلق علي من هو كامل وصنع شيء ناقص او ذاتا ما مستقلة استقلال مقيدا وذلك كنوع من الهيمنه والابداع (المهيمن ) (البديع) في الصنع وبالطبع لا يقال خالق علي من هو ناقص لان الخالق الناقص اذا خلق فأولي به ان يكمل ماينقصه’ اولا فقال لي
انت هنا علي حق لأن فاقد الشيء لايعطيه فقلت
الخالق الكامل اذا خلق شيء فلم يعاني قبل وجوده وبالطبع لم يستفد بعدوجوده أي خلقه’ من اجل ازدياد الهيمنة واظهارللابداع فنحن لا نملك لله ضرا ولا نفعا
والكلمات الاخيرة اضافة مني اخي القاريء فقلت له’
وبما ان الله مهيمن كامل مطلق الكمال خلق الانسان وخلق من اجله الاشياء فكيف لنا بعد ذلك ان ننزل بالله من مرتبة الخالق الكامل الي مرتبة المخلوق الناقص الضعيف ونسأل من الخالق الكامل الذي خلق الخالق الكامل؟؟؟؟. اذن فالسؤال ذاته عبثي وخاطيء ذلك انه’ جاء ومعه’ الاجابه عليه فقال
ولكني ارغب في معرفة المصدر الحقيقي لله فقلت له
يافلان لا أملك غير المصارحة بأننا بعد جهد عنيف وشاق ارهق عقلنا البشري (المحدود) قد توصلنا الي الأتي .. ان الله قد خلق ذاته بذاته .. ولا نستطيع ان نزيد علي ذلك حرفا واحدا
وبعد ذلك نظرت الي عيناه رأيتها كادت تفيض بالدمع وفي نهاية حد يثي معه قال لي وقد بدت عليه علامات الأقتناع والأرتياح واصغي الي قليلا ثم قال :
انا يا محمد حاسيت ان الله تجسد فيك علشان اعرفه’ فحزنت حزنا شديدا وقلت له
ياخي انا انسان زيك كلب ولا أساوي لكني باجتهد مش اكتر .
وبرغم من تهكمي وحزني الا انني اتخذت الجانب الاجابي من الموضوع وفرحت بعد ذلك لأني قد عرفت كيف اخاطب اهل الكتاب (المؤمن منهم والكافر والعياذبالله) (كلمة الى الله )
كم انت عجيب ايها الخالق العظيم فبلرغم من خطايانا الا انك تقبل توبة التائبين
فلقد خلقتنا وعبدنا غيرك ورزقتنا وشكرنا سواك وابتليتنا فرفضنا وعصينا
اللهم لا تحكم علينا بالعدل واحكم علينا بالفضل ولا تعاملنا بالميزان وعاملنا بالإحسان
  2009 18
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي