الفصل الرابع

بمجرد ان وطأة اقدمها الى داخل الشركة اثارت همسات الجميع و كانت تتبعها العيون نتيجة التغير الجذر الذى طرأ على مظهرها

وكانت اول واحدة تريد معرفة سر التغير و سر ابتعاد حوا عنها رحمة فهى لم تعد تتحدث إليها كما فى السابق ، و ايضا حتى وقت البريك اصبحت تقضيه فى مكتبها و تطلب الطعام هناك .

منذ نصحتها باستغلال الفرصة وهى تبتعد عنها هى من البداية لم تكن صديقة لها كانت تعتبرها زميلة عمل ، كانت تعلم ان خلف قناع الود و المحبة التى تتحدث به تخفي الكثير من المكر و الخبث ، لم تكن رحمة للتحدث منذ اول يوم مع حوا الا اذا كان هناك عائد سوف تحصل عليه ، الى جانب اشباع رغبة الفضول لديها فى معرفة كيف تدور الامور من حولها و الاطلاع على اسرار الغير و إفشاء

بجانب دور وصيفة الملكة الذى على ما يبدو لائم ميولها ، و اعاده الى حقبة تاريخية تشبه ما يحدث كثيرا داخل شركات فخلف المجموعة المتميزة اقتصادية هناك حروب للحصول على الصيد الثمين مالك تلك المجموعة .

قررت رحمة ان تقف امامها و تتحدث معاها لتعرف سر التغير المفاجئ الذى اثار فضوله الى جانب السبب الرئيسي لقبوله العمل مع ادم و تغير رأيها بعد ان كانت ترفض العمل معه.

- استنى يا حوا مش هفضل اجرى وراكي كده استنى انا لازم اتكلم معاك ضروري .

- معلش يا رحمة انتى شايفة انا جايه متأخرة مش هينفع نقف نتكلم

- لازم تتاخر خصوصا بعد الشياكة دى ، بس انا لازم اتكلم معاك ضرورى ياما تنزل البريك يا اما أطلع لك مكتبك اختارى .

كلمات رحمة احتوت على نبرة تهديد لم تعجب حوا و كان لابد من الرد عليها فالتجاهل و السكوت هنا يعنى الضعف .

- اللى يعجبك يا رحمة اعمليه عادى ، بعد اذنك تأخرت سلام .

- سلام يا حوا .
عادت رحمة الى مكانها تجلس خلف مكتبه فى الاستقبال تشعر بالغضب من حوا .
- ماشي يا حوا انا وراك لغاية ما اعرف ايه اللى غيرك كده و رسمة على ايه شكلك طلعت مش سهلة و انا خدعت فيك ، بس مبقاش رحمة غير لما اعرف كل اللى مخبأة عني ماهو مش ادلك على الطريق و دلوقتى تبعدين .



تخلت حوا اليوم عن الرسمية  فى مظهرها بالكامل اختفت البدلات الرسمية ، لتظهر جزء من أنوثتها فى رقى دون ابتذال ، ارتدت بلوزة من الساتان باللون النبيذي بفتحة صدر طولية تبرز عنقه الطويل المرمرى و جيب اسود متوسطة  الطول تحتضن جسدها بنعومة وحذاء من نفس لون الجيب مرتفع عدة سنتيمترات يبرز رشاقتها وتركت العنان لشعرها ليصل لنهاية  خصرها مع تموجات بسيطة فى نهايته منحته مظهر اكثر اشراق .

وصلت الى مكتبها تركت حقيبتها و اتجهت الى غرفة مكتبه طرقت الباب ، وانتظرت حتى تحصل على الاذن بالدخول ، لم يغب عنها صوته الغاضب تعمدت ان ترسم ابتسامة ناعمة تحاول امتصاص بها غضبه .

ولجت الى داخل الغرفة وجدته يجلس خلف مكتبه منكب على عدد من الاوراق يدرسها بتركيز يبدو انها صفقة هامة للمجموعة .

تحدثت حوا بهدوء ونعومة مع ابتسامة لم تفارق وجهه .
- صباح الخير يا مستر ادم .

رفع ادم رأسه عن الاوراق يحاول رسم ملامح الغضب على وجهه حتى بعد صوتها الذى اخترق سمعه جعله غير قادر على مواصلة العمل ، و طريقة نطقها لاسمه ليؤكد لنفسه انه مختلفة فى كل شئ .

رفع عينيه ببدء يتطلع الى ثيابها التى اثارت الغيرة فى نفسه يود تحطيم رأسها ، يريد الحلي الرسمية التى كانت ترتديها كانت اهون و لكن تلك الثياب جعلت منها اكثر جمالا و اشراقه جعلت منها فتنة و هو ما كان ينقصه لقد فتن بجمالها منذ اول لقاء جمع بيهم و بعد ما تعامل معاها ، تيقن انها فاتنة فى كل شئ فى تفكيرها الذي يفوق سنين عمرها و فى ذكائه فى طريقة تنظيمها للعمل و ادارة ، هى امرأة التناقضات

لا يعرف غيرته عليها حب ام ان نزعة التملك هى ما تتحكم به لذا هو يغار عليها بشدة كيف لها ان تسير امام الجميع بتلك الثياب كيف تسمح للاخرين ان يتطلعون لها ، وصل الى وجهه وجدها تبتسم له ابتسامة اذابة كل غضبه فى لحظة ، حتى ظن انه يخيل حوا الجامدة تبتسم له لابد انه حلم من احلام اليقظة يراوده ، فرك عينيه اكتر من مرة مما جعلها تطلق ضحكة رنانة على مظهره .

خرج ادم من سحر ضحكتها يوجه لها الحديث

- يا تري النيو لوك الجديد هو سبب التاخير

اقتربت من مكتبه و جلست على الكرسي المقابل له تضع قدم فوق الاخرى و مازالت الابتسامة مرسومة على صفحة وجهه .
- لاء بس اصل راحت عليه نومة و صحيت متأخر اسفة .

تفاجأ من ردها فهى قاربت على الشهر تعمل فى مكتبه اول مرة تتحدث معه بسلاسة و تحكي عن شئ خاص بها حتى و لو تافه ، و الشئ الاكثر عجب هو اعتذارها له ، تلك المراة تعبث فى نفسه تثير بداخله العديد من المشاعر صار يتخبط فى افكاره ادم سليم البحيرى محطم القلوب الان تشغله امراة .

استعاد نفسه مرة اخرى و ارتدى قناع الجمود و تحدث لها .

- اوك تقدر تتفضل على مكتبك ورانا شغل كتير .
وقفت حوا ومالت على مكتبه و انشغلت فى ترتيب الاوراق امامه ، كانت قريبة منه يجاهد هو للتحكم فى نفسه و المحافظة على تعبيرات الجامدة و لكن فشل راح ينفث الهواء من فمه يحاول السيطرة على نفسه
لتسأل حواء فى بطريقة بريئة و لكن اساسها هو المكر .
- هو حضرتك تعبان .

- اوووى يا حوا
خرجت الكلمات من فمه دون ان يفكر فيها لم يعد هناك مجال للعقل فى حضرتها

فهى المرة الاولى فى حياته التى يتعامل فيها مع امراة ند له تجيد فن المناورة سواء فى الحديث او التصرفات .

دار ادم حول مكتبه حتى وقف امامها يجبرها على الوقوف امامها ، كان على بعد خطوة واحدة منها و عيناه تطالعها بشغف . يحاول ان يملى عينيه منها ولا يشبع , و اه من عينيه بحر ممتد لا اخر له غرق به حتى ولو انكر الان هو غارق و لكن يرفض الصياد ان يعترف انه اصبح فريسة .

تركت حوا له العنان لترى مدى تاثيرها عليه لم تتحدث و فضلت الصمت .


اقترب ادم منها اكثر حتى تقلصت المسافات بينهم لم تهتز بل حافظت على ثباتها .

اقترب مرة اخرى منها ادم حتى لم تعد تفصله اى مسافة عنها .

وضعت يدها على صدره فشعرت ب ارتجف جسد من تأثير لمستها و اقتربت فى تمهل و وقفت على اطراف اصابعها حتى تصل الى مستوي طوله
و همس بفحيح كالافعى فى اذنيه .

- سلامتك يا ديمو .

اوما ادم براسه وكانه فى عالم اخر  , فبمجرد اقترابها تسرب عطرها المسكر الى انفه جعله مغيب عن الواقع مغمض العينين يسبح فى ملكوت صوتها و انفاسها .

استغلت حوا تاثيرها عليه و انصرفت بسرعة من امامه بحذر فهي تعرف متى تقترب و متى تبتعد و متى تهرب اى كان مكرها او قوتها فهو رجل خبير بالنساء يعرف كيف يقتنص منها ما يريد .


لم يفق من غيبوبته المؤقته الا على صوت باب مكتبه ليعرف انها حققت هدف فى مرماه

اخذ ادم يفرك شعره و يسحبه بين اصابعه بقوة حتى كاد ان يقتلع من موضع من شدة غضبه من نفسه ، فلقد وقع تحت تأثير حضورها الطاغي بمنتهي السهولة ، يبدو انه استهان بقوة حوا و ما تمتلكه من سحر لذا عليه ان يعيد ترتيب افكاره و خطته فهى خصم قوى .

نطق ادم اسمها وكانه يفك تعويذة سحرها من حوله
- حواااااااااا.

ليعود الى عمله من جديد و يؤجل التفكير فيها لوقت لاحق .

- حسابك تقل اووووى يا حواااااااا


جلست على مكتبه تحاول تنظيم تنفسه لقد بعثر قربه منها نبضات قلبها حتى و لو استطاعت احكام قناع الجمود حولها ، نفضت التفكير فيه و قررت التركيز فى عمالها ، و كأن شيئا لم يكن و تعمدت عدم  الاحتكاك معه بقية اليوم

حان وقت البريك خرج ادم ليجدها مازالت تجلس خلف مكتبه منهكة فى العمل حتى انها لم تشعر بوقوف امامها او تأمله الطويل لها يراقب حركت اصابعه هى تضغط على لوحة مفاتيح جهاز الاب توب بسرعة و سلاسة و دون خطأ . اما عن شعرها الذى يسقط على وجهه يحجب عنه رؤية وجهه الفاتن .

تنحنح ادم حتى لا تفزع حواء من صوته خصوصا بعد رؤيته لها على تلك الحالة من التركيز الشديد .

- حوا وقت البريك بدأ تعالي معايا انا نتغدى فى مطعم قريب من الشركة .

- شكرا يا مستر انا مش بتغدي ممكن اطلب من مطعم الشركة اى عصير فريش

- و ده عشان تحافظ على رشاقة جسمك .

- هههههههههههه مش ده السبب مش بحب غير اكل ماما .

- للدرجة دى حلو .

- فوق ما تتخيل .

- ياترى حوا توافق انى عزم نفسي على الغدا عندكم و دوق و احكم فى الوقت اللى تحددي .

- ان شاء الله

علم من اجابتها انها ترفض ان يدخل الى منزلها احترم رايها و حول الحديث الى امر اخر .

جلس ادم على المقعد المقابل لها و هو يتحدث معاها ليكون قريب منها .

من طريقة جلسته علمت انه يفتح مجال للحديث معاها ، وتلك هى طريقته الجديدة التى سوف يتعامل بها معاها ، مستخدم اسلوب الاهتمام من اجل إمالة قلبها له .


- خلاص انا كمان من هخرج تغدى بره و هرجع اكمل شغلي و اطلب لى معاك سلطة و عصير .

- تحب اى نوع سلطة و عصير .

- اختارى لى على ذوقك و اكيد تعجبني .

- مش شرط ممكن يطلع ذوق وحش .

- استحالة الجمال ده كله يطلع ذوق وحش .

- مجامله لطيفة من حضرتك .

- مجاملة انتى بجد مش شايفة نفسك انتى فينوس آلهة الجمال يا حوا .

- مبالغة كبيرة جدااا منك يا مستر ادم .

- استحالة اكون ببالغ انتي جميلة اوووى يا حوا مش شكل و بس كل حاجه فيك حلوة انتى فتنة ماشية على الارض .

كادت حوا ان ترد على حديثه و لكن و جود رحمة و التى على ما يبدو تقف منذ وقت طويل و استمعت الى كلمات ادم التى اغرق بيها حوا .

كتمت رحمة ما تشعر به من غضب و حقد على تلك الفتاة حواء ،التى جعلت ادم يجلس امامها يتغزل بها وهى غير مبالية لأمره و على ما يبدو سقط الدنجوان فى شباك الجميلة ، تلك التى ادعت الجهل حتى وصلت الى الصيد الثمين .


- ازاى حضرتك يا مستر ادم .
- تمام ، ابعت لى الي طلبته منك يا حوا انا فى مكتبي .

انصرف ادم دون ان يعطى مجال للحديث مع رحمة خصوصا امام حوا ، ليس خوفا منها و لكن هو يعرف رحمة جيدا ، و يعرف سر قربها من حوا و ما تضمر لها من شر ، لذا قرر وضعها تحت نظره ليعرف فيما تخطط و خطواتها القادمة تجاه حوا .

هو لم يحبها بعد هكذا يقنع نفسه هو فقط لا يريد ان تتاذى قبل ان ينالها هو اولا .

لذا فتح جهاز الحاسوب الخاص به على كاميرا مكتب حوا و فتح السماعة ليعرف فيما يتحدثوا و ما سر مصادقة حوا ل رحمة .

وجهت رحمة حديثها الى حوا التى لم يفت عليها الحقد و الخبث المشع من وجه رحمة حتى ولو حاولت إخفائه و ادعت المحبة .


- ده انتى طلعت مش ساهلة خالص يا حوا ادم باشا بنفسه قاعد قدامك يتغزل فى جمالك ، و عاملة لى طيبة و غلبان ده انتى طلعت راسمة على تقيل اوووى .

- وايه كمان قول اللى عندك كله يا رحمة ، عايزة اسمعك .


- اقول ايه بس انا مستغربة الوش البرئ ده بيعرف يخطط و يرسم .

- هههههههههههههههههههه تصدق بقالى كتير مش ضحكت كده .

طريقة حواء استفزت رحمة فخرجت عن شعورها و تحدثت بكل ما تضمر لها

- انتى واحدة كذابة و بميت وش من اول يوم ليك فى الشركة ، عامله نفسك مش مهتمة بحد اى يفكر يقرب منك تصديه عشان تباني انك صعبة ، بس انتى مش كده انتى رخيصة و ساهلة اوووى ، و ادم بكره يعرف حقيقتك و يطردك بره الشركة دى بعد ما يعرف انك من اول يوم كنت رسمة عليه و عرفت توصل لمكتبه بالخداع .

- خلصت .

- خلصت ايه ناوية تطرد من مكتبك .

- انا مش هنزل من مستواي عشان ارد على واحدة زيك الحقد عامي قلبها و لا دى اخلاقي او طريقة تفكيري ، كل اللى طالبه منك ، انك تبعد عني نهائي عشان رد فعل هيكون صعب تتحمل .

عادت حوا تكمل عملها تناول الهاتف و اتصلت على مطعم الشركة و طلبت طبقين من سيزر سلط و كوبين من عصير البرتقال الطازج ، تحت نظرات رحمة المشتعلة التى تود ان تنقض على وجه حوا تشوه من الغضب .
انصرفت رحمة تدق الارض بكعب حذائه من شدة الغضب من تجاهل حوا لها و عدم ردها عليها .


كانت تود لو تحول الامر الي مشاجرة ليخرج ادم من مكتبه ليعرف حقيقة حوا ربيبة ذلك الحي الشعبي ولكن الاخرى خالفت كل توقعاتها .

وصل الطعام تركت حوا طعامها على المكتب و حملت الصينية لتقديمها الى ادم

طرقت الباب و دخلت اخرجت طبق السلطة و العصير و وضعته امامه ليسقط شعرها على وجه دون قصد منها ،

خرجت و تركته يحاول استجمع شتات نفسه من رائحة شعرها المسكرة .


ظلت حوا على نفس اسلوبها وتوالت الايام سريعا وبدء ادم يفقد ثباته امامها فلقد سقط عنه قناع البرود و اللامبالاة منذ بدءت هى حربها عليه يعلم انها تستغل جمالها ، و لكن قدرته على ضبط اعصابه حتى لا يقع تحت سحرها تلاشت .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي