الأم العزباء الفصل الرابع عشر

و عندما حل المساء ، ذهبت فريدة إلى الملجأ حتى تطمئن على نسمة و ايضا سليم ، صعدت الى غرفة الاطفال الرضع و كانت وقتها نسمة نائمة ، جلست فريدة ب جانبها و هي تنظر إليها ب حب و تبتسم ل براءة ملامحها و بدأت في مداعبة وجهها ب حنية و هي تقول لها ب صوت هادىء .. "انتي وحشتيني اوي بقى ، البيت وحش اوي من غيرك يا نسمة ، عاملة ايه بقى طمنيني عليكي" .. و قاطع تلك المشهد الحنون قدوم ماما سمية مديرة الدار و هي تقول لها

سمية ترحب بها ب ابتسامة : دكتورة فريدة ، يا اهلا يا اهلا
فريدة تنهض و تقف أمامها ب ابتسامة : مدام سمية ، ازي حضرتك انا سألت عليكي اول ما جيت ، اخبارك ايه ؟
سمية : كله تمام الحمد لله
فريدة : انا كنت عايزة اقول ل حضرتك على حاجة
سمية : طبعا اتفضلي ؟
فريدة : انا بفكر ابتدي في إجراءات كفالة نسمة
سمية : والنبي صحيح ؟!
فريدة ب ابتسامة : اه والله
سمية : طب والله انا كان قلبي حاسس ، ياللا ربنا يعمل اللي فيه الخير و لو فيه اي حاجة وقفت معاكي تعالي قوليلي على طول و انا هساعدك فيها متشليش هم حاجة

فريدة تبتسم لها ابتسامة شكر ، ثم تنظر إلى مرصعة الأطفال التي تحمل بين يداها طفل رضيع و تقوم ب إرضاعه و تقول لها

فريدة : ممكن لو سمحتي ترضعيها
المرضعة : لما تصحى هرضعها
فريدة تنظر إلى سمية : انا كنت عايزة استأذن حضرتك في حاجة
سمية : استأذني يا ستي
فريدة : انا عارفة أن سليم متعاقب ، بس ممكن اشوفه ، اصل الولد ده صعبان عليا اوي
سمية : سليم ده طفل جميل و مؤدب ، بس اللي بيضايقني منه أنه هو مش مقدر نعمة وجوده هنا في وسطينا
فريدة : انا فهماكي طبعا بس معلش برضه ده في الاول و في الاخر طفل و محتاج يجري و يلعب و يعيش سنه
سمية : و انا مش هقدر اقولك حاجة ، تقدري تشوفيه طبعا
فريدة ب فرحة : شكرا اوي
سمية : بس تعقليه
فريدة : حاضر والله هحاول

و ب اطمئنانها على نسمة خرجت مسرعة حتى تذهب الى سليم و تراه و تطمئن عليه ، كان سليم يجلس في غرفة ب مفرده و يوجد على عين من عيناه الشاش و القطن و كان يرسم و يلون حتى يلفت انتباهه صوت طرق الباب الحديد ل ينظر و يرى فريدة أمامه ف ترتسم على وجهه الضحكة و هو يقول لها متفاجئا ب وجودها أمامه

سليم : فريدة !!!
فريدة تدخل و تجلس ب جانبه : ازيك يا سولي ؟
سليم : الحمد لله ، انتي ازيك ؟
فريدة : انا كويسة اوي عشان شوفتك يا سولي ، انت طمني عينك عاملة ايه دلوقتي ؟
سليم : وجعاني
فريدة تفتح حقيبتها و تخرج منها هدية : طيب انا جيبتلك حاجة شكلها حلو اوي عشان نداري بيها شكل البلاستر اللي على عينك
سليم : دي ايه دي ؟!
فريدة تلبسه ياها : دي عشان نداري بيها البلاستر و محدش يعرف اننا متعورين و انت لما لابستها كده بقيت شبه القرصان بالظبط ، بس اهم حاجة انك متعلبش في البلاستر
سليم بعدما ارتداها : طيب ممكن توريها لي
فريدة تخرج هاتفها من حقيبتها : أيوة طبعا ممكن ، انا هصورك حالا اهو و اخليك تشوفها .. "اشغلت الكاميرا و ظبطها على وجهه" .. ياللا بنا نضحك .. "ضحك سليم و التقطت له الصورة و بعد ذلك أعطته الهاتف ل يراها" .. بص الجمال ، حلوة صح ؟
سليم ب خجل : اه اوي
فريدة رأت مجلة الحواديت التي كانت ب جانب سليم : ايه ده انت بتعرف تقرا ؟
سليم : يعني مش اوي ، بشوف الصورة و بفهم الحكاية
فريدة : و الكتاب بقى بيتكلم عن ايه ؟
سليم : عن بنت جميلة اسمها فرحانة
فريدة : و فرحانة دي بتعمل ايه بالظبط بقى ؟
سليم : بتعمل مغامرات ، و بتلعب كورة و بتدخل جوا اللوحة
فريدة : اه انت بتحب المغامرات بقى
سليم : اه و دايما بخلي ماما مايسة تحكيلي حواديت فيها مغامرات كتير
فريدة : براڤو عليك ، انا كمان بحب القراية اوي ، و بحب حاجة تانية كمان
سليم يراها تفتح حقيبتها مجددا : بتحبي ايه كمان ؟
فريدة تخرج لعبة بازل و تضعها أمامه : و بحب ده كمان
سليم : ده ايه ده ؟!
فريدة : ده زي اللي عجبك لما كنت عندي في العيادة ، ده بازل يا سولي بتعرف تلعب بازل ؟
سليم : بس انا مش هعرف اركبه
فريدة تفتح اللعبة : لأ ما هو انا في الاول هساعدك تركبها ، و بعدين لو عرفت تخلصه لوحدك هعملك مفاجأة جميلة و هتحبها اوي و بعدين ده هيسليك جدا .. "تقترب منه ب تحذير" .. عشان متهربش تاني يا باش مهندس .. "ينظر في الأرض ب خجل و هو يبتسم" .. يا سلام عاملي فيها مكسوف ، بص لي هنا .. "سليم ينظر إليها" .. مش هتهرب تاني اتفقنا ؟
سليم : اتفقنا
فريدة : طب اوعدني
سليم : وعد مش ههرب تاني خالص
فريدة : طب ياللا نبدأ اللعبة ، استنى بقى نعدلهم كلهم كده الاول عشان نشوف الصور
سليم : ماشي

و بدأوا في اللعب سويا و كانت طوال الوقت تقوم ب سؤال سليم ل عدة من الأسئلة التي تساعد في تنمية ذكائه و عند إجابته على كل سؤال كانت تنظر إليه ب أنبهار و ب حب و كانت من حين إلى آخر تتوه في براءة عيناه و جمال ملامحه حتى تركته يلعب و ظلت هي جالسة تنظر إليه و هي مبتسمة و تتأمله ب فرحة .. و بعد انتهاء اليوم ذهبت فريدة إلى منزلها و خلدت إلى النوم و فيه صباح اليوم التالي باكرا كانت فريدة تتواجد في مصلحة حكومية حتى تبدأ في إجراءات كفالة نسمة ، و كانت تجلس أمام الموظفة و هي تسألها و تدوم اجابتها في الورق التي أمامها على المكتب

الموظفة : اسم حضرتك ايه ؟
فريدة : فريدة امجد الطوخي
الموظفة : حضرتك بتشتغلي ايه ؟
فريدة : دكتورة رمد
الموظفة : متجوزة ؟
فريدة : لأ
الموظفة : كنتي متجوزة ؟
فريدة : لأ
الموظفة تنظر إليها ب استغراب : اومال ايه ؟! هتعملي في نفسك كده ليه ؟!
فريدة : لا مش فاهمة سؤال حضرتك الحقيقة !!
الموظفة : معلش يعني بس انتي شكلك صغيرة و ... هو انتي عندك كام سنة ؟
فريدة : 35 سنة
الموظفة : طيب يعني مش كبيرة و بسم الله ما شاء الله حلوة و زي القمر ، مستعجلة على ايه بقى ؟!
فريدة : لأ هو انا عزمت النية و متأكدة اني عايزة اعمل كده و كمان قريت و عرفت ايه هو كل الورق المطلوب مني و جهزته ل حضرتك كمان اهو
الموظفة : يا ستي انا ممكن اخلص لك كل الاوراق ده ما احب على قلبي انا كده كده مش خسرانة حاجة ، انا بس غرضي اوعيكي و افهمك ، انتي شكلك كده يعني مش حاسباها كويس .. تحبي تمشي دلوقتي و تقعدي مع نفسك كده و تفكري كويس و لما لسه عند رأيك تبقي تجيلي تاني ؟
فريدة : انا متأكدة 100% اني عايزة اعمل كده
الموظفة ب قلة حيلة تكمل الإجراءات : براحتك ، مرتبك قد ايه ؟
فريدة : مرتبي كويس جدا و يقدر يكفينا احنا الاتنين ، بس هو مش ثابت يعني ب العمليات حاجة و من غير العمليات حاجة يعني ب العمليات بيكون اكتر شوية
الموظفة : ايه مش ثابت دي بقى ما هي دي حاجة تقلق
فريدة : لا اتطمني خالص انا مرتبي كويس جدا يعني في حدود من 10 ل 15 الف في الشهر
الموظفة تدون : تمام ، عايشة مع مين ؟
فريدة : عايشة لوحدي
الموظفة : لوحدك ليه ؟! اومال اهلك فين ؟!
فريدة : متوفيين
الموظفة ب حزن : اه ، لا البركة فيكي .. طيب يعني معندكيش قرايب أو اخوات كده يعني ؟
فريدة : اخويا و مراته و ولاده عايشين في دبي
الموظفة : تمام .. "تفتح ملف الاوراق" .. ايه ده يا دكتورة فريدة فين تحاليلك ؟ اومال ايه بس قريت و عرفت المطلوب ؟!
فريدة : تحاليل ايه ؟
الموظفة : يا فندم حضرتك لازم تجيبي لي تحاليل كبدي C و B و لازم كمان يبقى معاكي عقد الشقة اللي انتي فيها و اللي بيثبت ملكيتها ليكي لأنها لازم تكون تمليك أو على الأقل تكون ايجار ب 5 سنين ده اقل اقل حاجة
فريدة : لا هي تمليك
الموظفة : تمام فين هو ؟
فريدة : هجيبوا لحضرتك حاضر
الموظفة تعطيها باقي الاوراق : طيب اتفضلي احنا كده خلصنا
فريدة : بس كده ؟!
الموظفة : تمام اه
فريدة تأخذ الاوراق و تنهض : طيب متشكرة جدا
الموظفة : العفو ، اهلا و سهلا

خرجت فريدة و هي في قمة سعادتها و خوفها و توترها و الابتسامة تملئ وجهها و ايضا نبضات قلبها تعلو ب شكل مرعب ، فكرة اقترابها من أنها ستصبح ام دون أن تتزوج كانت ب مثابة المعجزة ب النسبة إليها ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي