الفصل 20

( غيلان باريه ) مرض الشلل الكامل لجميع أنحاء الجسم واحيانا يصل لعضلات الوجه .

واكمل حديثه وهو لم يتحرك انش واحد حتى هم الأخرون كغراء اصاب خطواتهم :

- وبعدها قالولي اوصلهم بناس مدمنة في حاجات تانية وصراحة ملقتش احسن منكم .

تحدث ريان بتعلثم وهو مازال يبكي :

- انت يا عابد، دة انا كنت السواق بتاعي وصاحبي كنت بعتبرك صاحبي وأقرب حد ليا وبعد ما مشيت قعدت فترة مش اعرف اتعامل مع حد زيك ! للدرجادي احنا رُخاص عندك كدة !

ابتسم ياسين وضحك بخفوت ولكن نبرته كانت شاردة وكأنه ينتظر أن ينتهي من هذا الفيلم الابشع على الاطلاق:

- هستني ايه من واحد كان بيساعدني اجيب تذكرة هيروين !

اما سليمان فأقترب منه وهو يشعر بجمرات في عقله من هذا الحديث الذي يجري، امسكه من مقدمة قميصه ونظر في عينيها بقوة وهو يصيح بصوته:

- يا حقير يا حيوان، كنت مخليك دراعي اليمين واللي بستأمنه على شغلي عشان في الاخر تحطني في القرف دة !

انزل يده وابتعد خطوة وهو يراه يتنفس بسرعة فهد قطع الالاف الأميال ونظر لاخيه وهو يقول :

- ايه يا اخويا يا عاصم باشا مش عايز تقول حاجة انت كمان !

عاصم لا يدرك ما حوله هو فقط ينظر لشاشة العرض ويحاول الاستيعاب، انتظر اجابته ولكن صامت ليكمل هو حديثه:

- الفلوس بتحكم يا بشوات وصراحة كنت عايزة اشوفكم وانتو شبه عرايس المريونيت الكل بيلعب بخيوط هي عليها التنفيذ بدل ما انتو على طول واخدين كادر الحكم وشايفين نفسكم عاليين .

وكان اخر حديث بينهم وسليمان يتحدث :

- مفيش غيرك كان لازم يروح المصحة ديه عشان يتعالج، بس للأسف النفوس المريضة مش بتتعالج .

وهنا دلف طاقم كامل من الشرطة من جميع بوابات هذا المخزن القديم وحاوطوا " عابد " الذي صُدم في بأداء الأمر وحاول الفرار منهم، ولكن لم يفلت منهم ومر بجانب عاصم والشرطيين مسكين به مروا بجانب الذي لم يفق من صدمته حتى الآن وقال بسخرية :

- قولتلك يا ابن ابويا ، هو سمانا كدة عشان تكون عاصي عن أي غلط، وانا بقى اسمي عابد، عشان اكون عابد ل ربنا دايمًا، لا انت كنت عاصي ولا انا كنت عابد له .

                         *******
قبل وقت ليس بكثير .

- ايوا يا باشا ياريت تبعت قوة على المكان دة احنا مش عارفين هنلاقي ايه هناك وزي ما فهمت حضرتك دلوقتي هنفهم كل حاجة .

أغلق الهاتف وبعث رسالة ليهم جميعهم تفيد بمعرفتهم لكل شىء بعد قليل، وياليته لم يعلموا كل شىء .

                      ********
صدمات متتالية أصبحت على رأسه وهو الآن له قوة له في تحملها، نظر للنيل ويود ان يقفز وينهي حياته به ولكن قطعت هذا التفكير " حوريته " وهي تجلس بجانبه وتمسك يده وتقول بنبرة مليئة بالعشق الذي تكنه له :

- مالك يا عاصم من ساعة ما جيت وانت متكلمتش خالص وكمان سرحان اوي .

ضمها بقوة، يريد اخفاءها داخله والابتعاد عن هذا العالم الملىء بجمرات الصدمات التي تقع على العقل والقلب وتجعلهم غير قابلين للاستخدام الادمي، واخيرًا تحدث :

- مبقاش ليا غيرك في الدنيا ديه يا حورية، الدنيا لعبت بيا بس انتِ الوحيدة اللي عمرك ما تلونتي ولا ظهرتي بمية وش.

هي حورية البحر التي أصبحت أسطورة عند الجميع ولكن هي سطرت أسطورة خاصة بها، سطرتها في قلبه العاشق لها والان هو عاشق لها وللحياة، ويكفي الالتفات لصدمات الحياة التي لن تنتهي .

                     ********
وبعد خمسة أشهر ..

يجلس عاصم في مكتبه وحوله " ياسين، سليمان ، ريان " والذي أصبحوا افضل أصدقاء بعد ما مروا به معًا، تواعدوا اليوم بتجمعهم عند عاصم بمصنعه الخاص والذي أصبح من اكبر مصانع الحديد بمصر وأصبح أشهر رجال الأعمال، كانت ضحكاتهم تشق ارجاء الغرفة .

- قولنا يا سليمان باشا اخبار الصغنونة بتاعتك ايه!

وكان هذا عاصم وهو يحدث سليمان الذي رفع ميداليته التي تحمل صورة زوجته وصورة ابنته حديثة الولادة قبلها وابتسم له :

- نجمة ! هي اه مطلعة عيني هي وامها بس فرحتي بيها بوجدها متتقدرش ، عقبالك يا بشوات .

رد كلا من ياسين وريان:

- لا يا باشا بعد الشر .

ضحك هنا جميعهم وكانت فرحتهم بالحديث تشق عنان السماء ومازحه ياسين قائلا :

- يا باشا اما اتعالجت اهو الحمد لله من المخدرات،  عايزني اجوز واحدة عشان تخليني ارجعله تاني اسكت والنبي .

رد عليه ريان وهو يقول :

- طب والله عندك حق .

نهض سليمان وبدأ في ضربهم بيده بإصتناع وهم يتأوهون بصوت عالي حتى أصبح المرح سيد الموقف قطع ذلك دخول إحدى الموظفين وهو يقول :

- اسف على المقاطعة يا عاصم باشا بس في واحد مُصر يقابل حضرتك .

- دخله مفيش مشكلة .

هدأ جميعهم وجلس سليمان امام مكتب عاصم وريان وياسين على الاريكة المتواجده وتحولت ملامحهم للجدية، ثوان ودلف إحدى الرجال بسترة وبنطال عجيبة الألوان ويرتدي حول يديه سلاسل غليظة من الذهب ويهلل بصوته :

- عاصم باشا جمال الحداد والله واحشني .

وبدوره نهض عاصم واتجه له حتى ضمه بقوة مفطرة واخذ يربط على ظهره بقوة فهذه مصافحة الرجال ولكن بمبالغة عالية، وأشار له بالجلوس امام مكتبه وأمام سليمان وهو يقول:

- اهلا اهلا يا زاهر، نورت مصنعي .

- منور بأصحابه يا عاصم باشا، اهلا بالبشوات .

أمأ كل منهم برأسه وابتسامة بسيطة كرد التحية وانتظر عاصم حديث هذا الرجل الذي لا يود تواجده على الاطلاق .

- خير يا زاهر منورني في المصنع ليه ؟

- صراحة يا باشا انت عارف انا صاحب الكازينو اللي سيادتك كنت بتلعب فيه ومش عارف ليه بعدت عن الكار ، المهم انا دلوقتي عايز ابيعه وملقتش حد زي سعادتك يشتريه حد يستاهل المكان .

بدأت انفاسه تضيق وملامحه تتجعد وهو يقول :

- ما انت لسه بتقول اني بعدت عن الكار دة خالص يا زاهر ، اشتري ايه بقا !

اقترب زاهر من المكتب كثيرا وخفض نبرة صوته وهو يقول برجاء:

- يا باشا دة انا هبيعه بنص مليون جنيه يا بلاش والمكان دة كله بدل ما كنت زبون تقيل فيه هتبقى صاحب المكان كله، يعني حتى كره الروليت اللي اصغر حاجة في المكان كله هتبقى تحت امرك انت !

نظروا جميعهم لعاصم يحاولون معرفة رد فعله عن هذا الحديث، ولكن عاصم صمت قليلًا ونظر له، ليبتسم زاهر بإتساع فقط علم نقطة ضعفه في هيمنة كل شىء، وجد تحليله للحديث في عقله واخذ يفكر متى سيسمع منه ما يرضيه، ولكن عاصم صمت كثيرًا وعادت له ذكريات حكم عليها بالإعدام حتى الموت ولكن هل يفكر في أحياء تلك الذكريات!

تمت
3/11/2021

وعليك انت عزيزي القارىء سطر النهاية .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي