الفصل الاربعون

جلس على الفراش يفكر في أمر الزواج هو يريد زوجة لكنه لا يستطيع التفكير في الزواج إلا حينما يتأكد من قراره الذي يحاول إخفاءه لحين غرة ، طال جلوسه وعقله لا يستطيع التوقف عن التفكير شرد في ملامحها الطفولية ونظرتها الخاطفة من الوهلة الأولي ، كل شيء بها فتنة لكنه يسأل نفسه دائما هل ستكون يوما له ؟
ارتخت ملامحه للنوم تاركًا القدر يحدد له مصيره .

*~~~~~~~~~~~*

إقترب منها بخطى ثقيلة وألم يعتلي ملامحه التي تحولت للون الأزرق من شدة اختناقه ، لكن كل شيء يمكن أن يُحل إلي دموع والدته لا يستطيع تحملها ، جلس أمامها ثم مد يده برعشة احتلت جسده وخوف قضى على غضبه ليحتضنها بين يديه ، يبدو أن الليلة قادرة علي كسر قلوب وتحطيم مشاعر كثيرة لا تقوى عليها الحياة ، اشتدت يديه علي ظهر والدته يربت عليها برفق كانها إحدى شقيقاته ، بينما وقف لطفي علي باب المطبخ بنظرة ثاقبة أدرك بكاء زوجته ليتقدم منهم بسرعة حتى وقف أمامها قائلا
في إيه يا سامي .

انتفض سامي من مكانه ثم إبتعد عن والدته وقال بتلعثم :

أصل أمى تعبانة ولقتها واقعة هنا .

جلس قبلهم وهو يُقربها من صدره ليسأل بصوت مهزوز ورعشة يد ظاهرة:

مالك يا مريم فيكي أيه .

إبتعد سامي عنهم وهو يقول كي يخفف من الضغط على والدته :

شكلها ماخدتش علاج الضغط ياحج علشان كده تعبت .

ضيق لطفي عيناه وهو يتنقل بنظرته بينهم ليعلم أنهم يخفون عنه شيء لكن لن يطول ، اشتد الم مريم حتى تحول وجهها إلى اللون الأزرق فصرخ لطفي بسامي طالبا :
هات البخاخة بسرعة أمك هتموت .

تحرك سامي بسرعة ملبيا طلب ابيه حتى يسعفوا مريم التي أصبحت لا تشعر بشيء غير أنها توشك على الموت من شدة الإختناق ، أدمعت عينيها حتى سال الدمع على وجنتيها تحت يد لطفي الذي أوشك الخوف بقتله من رؤيتها ساكنه بين يديه تنازع للتنفس ، حضر حاملًا البخاخ فقربها منها لتبدأ استنشاق النفس ببطء بمساعدة لطفي ودموع سامي التي سقطت على رؤيتها هكذا .

إنقض الليل على الجميع والسكون يعم البيت حتى لطفي نفسه قاوم ما حدث حتي تتعافي مريم ويعلم منها ما الذي حدث .

&~~~~~~~~~~&

في الصباح

إستفاقت مريم بوهن ف خرجت توقظ بناتها ليقفن معها في تحضير الطعام الى الجميع والضيوف القادمين ، وجدت سوما تنضف المنزل بمساعدة الخادمة ولطفي يقف على أعتاب المنزل يحثهم على الإنهاء ، إقتربت من الأريكة وهي تجاهد للوصول دون سقوط حينها رأها لطفي فأقدم عليها مسرعا حتى التقفها بين يديه وقال معاتبا :

نزلتي من فرشتك ليه يا ام محمد .

أجابته بصوت ضعيف وملامح يغزوها العرق :

مين هيساعد البنات ويحضر غدا للضيوف يا حج .

وهما دول مش قادرين ولا مشلولين يا ست هانم خلاص من هنا وجاي بناتك تساعد مع لوزة .

ارتعدت ملامحها من صوته الغاضب فقالت :
حاضر يا حج

في تلك الأثناء كانت سوما قد انتهت من عملها فأقبلت عليهم قائلة:

صباح الخير يا أمي ، خرجتي ليه ريحي شوية وأنا هعمل الا هتقولي عليه .

لمعت الدموع في مقلتيها فهي أصبحت عاجزة عن ردعها فأبت الوقوف بين جفونها، فتدحرجت حبات اللؤلؤ ساقطة وسط صخب من الأنين المصاحب لها ، فقال لطفي بصوت عال :

والله عال كده بقي الموضوع في آنه قولوا فيه أيه، النهاردة سوما وامبارح سامي.


لم تستطيع التحدث لتقترب منها سوما حاضنة لها وقالت في هدوء
-والله يا أبا أمي شكلها تعبانة ومصفرة أنت شايف.


أدرك حجتها وهروبها لكن لن يتركهم دون معرفة الأمر ، بينما قلبه جمر مشتعل من شدة غضبه وإخفائها آمر عليه، يتنحنح للفت إنتباه سوما التي قالت في هدوء يشبهها:
-إحنا بدأنا في التجهيز يا أبا ولما تخلص نادينا نفطر.

شعرت بإختراق نظرتها لها وهي تدرك عدم هروبها كثيراً ؛ لكن تخشي غضبه وغضب شقيقها لذلك أغلقت قلبها وفمها كي تتجنب الخلافات.


____________

إستيقظت بكل نشاط وحيوية فهي قررت الإمتثال إلى زوجها وتحمل المسؤولية، بعد مرور بعض الوقت كانت تنزل آخر درجات السلم، لترى المنزل مُرتب وتنتشر به رائحة العود التي تتصاعد أبخرتة الرمادية من المبخرة بشكلها المميز ولونها الذهبي، تلتفت يمينا ويسارا فلم تري أحد، سارت ناحية المطبخ لتسمع أصوات ضجيج الأواني وثرثرة الشقيقات، تعتلي شفتها إبتسامة لعوب ، وقفت على باب المطبخ لترى سوما ممسكة بالإناء وتضع مكونات الطبخ، وتناولها سوزان وشيماء، أما لوزة فكانت تعجن الخبز لتعده قبل أذان الظهر، علت بسمتها لتقترب من سوما وسوزان الأقرب إليها ثم وقفت إلي جوارهم قائله وهي تنحني ناحية الإناء:
أممممم ريحة البهارات جميلة.

أفزعت الفتاتان فاقشعر جسديهما وقتها تحريك الإناء من ضربت يد أحدهم فسقط بمحتوياته على جسد سوما محدثا إضرار جسدي لها، صرخات شقت المنزل فجاء علي أثره آتى لطفي فزعا وكذلك محمد النائم، جحظت عين محمد لمرآه شقيقته التي أحرقها الطعام، حملها مسرعا إلي المرحاض لصب الماء البارد عليها، ثم صرخ علي شيماء مناديا

وعلى مائدة الطعام تجمعت العائلة كلها كان السيد حسين وحسن على راسي المائدة وعلى يمين حسين جلست زوجته منيرة وأبنته سمر و ابنه هانى وزوجته وعلي يساره كان رامى وإلى جواره فاتن وابيها والسيدة سميرة والدتها،  أثناء تناول الطعام قالت منيرة بخبث ونظرتها موجهه على فاتن:  
- كيف كان اليوم الاخير بالجامعه فاتن،  تبقي لكِ عام ونريد أن نفرح بكِ.  

رفعت فاتن رأسها جهة زوجه عمها ثم قالت:  
- بخير الحمدلله، ثم الفرح الذي تقصدينه هو حصولى على لقب دكتورة فى الجامعة هو حلمى وما اسعى اليه ليس أكثر.  

تناقلت الاعين بين بعضها البعض ثم قالت سمر ببرائه ذائفه:  

- لقد رأيتك مع تلك البنت التى تسكن بالاعلى ومعكم شاب فى الكفتريا هل احد نعرفه. 


شخصت الأبصار وتناقلت فيما بينهم بينما فاتن قد أحمر وجهها من شدة الخوف وتجمعت الدموع في عينيها،  بينما قال حسن بصوته الهادى:  
- لقد ربيت أبنتى على الخلق الحسن وتعلم ما يصح وما لا يصح لذلك أثق باجابتها كثقتي بها يا أبنتى. 

- أجل عمى انا اسالها فهي لم تجيبني عندما ناديتها فى الجامعة.  

سعلت حتى كادت بالإختناق ثم قالت بتلعثم وخوف:  

- لا أعرفه أبي أنه شقيق نور............. وقد اتى يصطحبها معه الى المنزل................... ثم تركتهم وعدت وحدي. 

خفف رامى الضغط على ذراعها ثم مال ناحيتها وقال:  

- لقد باتت سمر تعلم عنكِ ما لا أعلم ثم الم اخبركِ بعدم محادثه تلك الفتاة فهي لا تعجبنى.  


لم ترد في البداية عليه ثم رسمت بسمة تخفي بها الدموع التى تهدد بالسقوط بينما قال عمها بمرح:  

- لا عليكِ حبيبتي نحن نخشي أن يحدث لكِ شيء في تلك الأيام. 

هزت رأسها بالموافقة ثم أنقذتها سميرة بصوتها من الداخل كى تحمل معها.


&&&&&

جلس جوار شقيقته يحتضنها وهو يقول بسعادة:

-  لقد أعجبتنى جدا،  أشعر كأنها حورية هاربة من البحر.  

علت صوت ضحكاتها فتقدم إلى شرفة ووقف ينظر إلى السماء الصافية وهو يتذكر ملامحها وقتهما رأها وحمرة الخجل تغزو وجهها الذي إزداد جمال فوق جمالها،  إقتربت نور من أخيها وهى تحمل معها الجيتار الخاص بها ثم جلست تعزف عليه وراح هو يستمع إليها في شجن،  بينما بالخارج جلست الأم مع زوجها وقالت في تسال:  

- أشعر أن مالك سعيد اليوم! 

ليرد عليها زوجها وهو يشاهد مبارة الأهلى: 
_ لا تفسدِ سعادة أبنك بكثرة الحديث،  كم أتمنى أن أراه فى حفل زفافه قبل وفاتى. 

أدمعت عين الأم التى اقتربت تربت على كتف زوجها المريض ثم تحركت إلي غرفة ابنتها لترى ما الذي يحدث ولما يتركونها هى وابيهم.  

وقفت تشاهدهم في تناغم معا نور تعزف ومالك يغنى كما اعتاد مسبقا،  أقتربت تستمع اليهم وهى تبكى.  
&&&&&

وقف رامى الي جوار شقيقته في المطبخ وهو يشد على يدها ويقول بصوت عالي:  

_ أخبرتك مرارا اني لا احب تلك البنت وطريقتها ولم تجيبينى واليوم تلك التافهة قالت عنكِ انكِ كنتِ معها هى و شاب، وأنتِ قالتى بأنها شقيقها ماذا كان يفعل معكم ولما لم أراه عندما كنا هناك في زيارة أهله.  


على  صوت نحيبها وظلت تبكي ولم تستطيع الحديث،  كيف تجيب وشقيقها يشكو فى أمرها وكأنها سقطت في بحرًا من الأحزان ولم تدرك ما الذي يتوجب عليها فعله، على صوت نحيبها جاء أبيها الذي قال بصوت عالّ لا يقبل نقاش:  
_ يبدو أنكِ فقدتِ عقلكِ ولم تعودِ تحاسبِ على افعالكِ، كما أن أخيك معه حق تلك الفتاة لا تعجبنى افعالها لذلك تجنبيها.  


على صوتها وصاحت بيهم وقالت:  
_  تحاسبني على أفعالي ما الذي فعلته،  أين خطأي هل لمجرد أن أحدهم وقف امامى هو وصديقتى أصبحت مخطئة،  ابنك اخيك تريدنى أن احمل عنها الاخطاء  وهى المخطئة . 


سكون تالى صوت صفعات متتالية ثم قال بصوت أخرس الجميع كما لو أنها تشابه تلك الجدران المحيطة
_ لا جامعة قبل اليوم حتى المتبقي لكِ سوف تدرسين بالمنزل لانكِ نكرة،  لا مكان للبنت في حياتنا أنتِ عار علينا منذ أتيتِ إلينا وأنا أنتظر لحظة العار التى تلحق بي. 

  اقتربت الأم  تتلقفها بين يديها قبل سقوطها إلى الأرض ثم غادر الاب والأبن وتركها شبه فاقدة الحياة.  


خرج الطبيب من غرفة منيرة مسرعًا ليقف الأب من مكانه ببطء يوازى حالته الصحية وقال:  

_ ما الذي يحدث هل زوجتى بخير.  

قال الطبيب بتعجيل:  
_ بخير لكن حالة القلب مجهدة ولكن لدينا حالة مرضية مستعجلة ساعود مرة اخرى، وقف الابن ينظر جهة رحيل الطبيب ليرى نور ومعها والدتها تبكى ليقترب ببطئ،  استندت على الحائط ببطء بعدما جلست والدتها ثم قالت بصوت مبحوح:  
_ أخشى أن يتركنا ابي واخى ليس هنا امى،  حديثه لا يوحى غير بالرحيل اخبريني كيف سأعيش.  

رفعت الام وجهها جهة ابنتها ثم سحبت يدها لتضمها اليها وقالت:  
_ لا تخافى ابنتى سيرجع لنا ابيكِ ولن يتركنا.  

خرجت الممرضة ومن خلفها خرج الطبيب ومن معه،  اقتربت نور بسرعة ثم سألت الطبيب وقالت:  
_ ما الذي حدث أيها الطبيب هل أبى بخير.  
_ إذا مرت الساعات التالية بخير سيكون بخير. 

وقف رامى إلى جوار نور وقال مواسيا: 

_ اتمنى السلامة لابيكِ وادعو الله ان يطيل بعمره،  لا تخشي شيء سيكون بخير حال. 

نظرت نور اتجاهه ثم قال له بغضب:  
_ كيف لك بالهدوء هكذا وانت سبب كل شيء يحدث لنا اليوم،  لن اسامحك اذا حدث لأبي شيء.  

ثم تحركت تجاه والدتها التي سحبتها من يدها ثم جلستا معا في مكان بعيد،  بينما وقف رامى يلوم نفسه على حديثه معها فهى فتاة غبية،  تذكّر رامى شيء مما جعله يذهب خلفها وهو يتمنى أن يجده.  


وقف أمامها وهو يقول بصوت هادى:  

_ نور اريد ان اسالك سؤال ولا شيء بعده.  

لم تجبه ولم تنظر إليه مما جعل الام تجيب بدلا عنها قائله:  
_ ماذا تبقى بُنى لقد هدمت حياتنا وجعلت ابنى مشرد في بلاد الله ولم تكتفى ويقف امامنا اليوم وتسأل بكل هدوء تفضل قل ما تريد كى تبتعد عنا.  

لم يكترث لحديثهم لكن هناك شيء صحيح به فقال وهو ينظر جهة نور:  
_ هل حادثتك فاتن او تعلمى عنها شئ.  
_  لا ولا انتظر محادثتها لقد غلقت ذلك الباب بيننا كى ترتاح نفسيا،  فانا تلك المنحلة التى تجلب العار الى أهلها ولم يربينى ابي كيف تريد منها محادثتي كم اتمنى من الله ان تجرب ما جربه اخى ولا تذوق الفرح يوم في حياتها.  


شيء ما جعل قلبه يقفز ذعرا كيف لها ان تدعو على شقيقته،  سار بين الممر يحادث نفسه وهو يلومها قائلا " لقد خذلت شقيقتى ولم استطيع يوما ان اجعلها تشعر بالحب كما رأيت بين نور ومالك،  اكاد اقسم اننى شعرت بالغيرة منه ومن معاملته لها لكن أين هى شقيقتى لا ادرى عنها شئ،  حتى ذلك الشخص الذي فكرت بأنه صديقى ويعمل معي منذ سنة،  أصبحت لا ادرى ما الذي يتوجب على فعله،  قلبي يؤلمنى عليها " 

 جذبه من ذراعه قبل ان يسقط على وجهه ليجده يبكى فقال بصوت حنون:  
_ ما الذي يبكيك بُني.  

نظر رامى الي ذلك الشخص ليجده خال نور فقال ببسمه وهو يحاول ان يخفي دموعه:  
_ لا شيء عمى ان والدتى مريضه ولا استطيع ان افعل لها شيء، هى تريد شقيقتى وتعلم انني لا اعرف مكانا لها.  

ربت علي كتفه ثم قال بحنو اب:  
_ تعال معى كى نصلى العشاء ودع كل شيء لله ولا تحزن. 

بينما كان الأب يتابع ابنه وهو يشعر بالسوء على اولاده تحرك الى المسجد كى يؤدى الفريضة ويتضرع الى الله ان يرد ابنته اليه.  
……….. 


يمر الوقت ببطء مخيف وقلوبً محطمة تأبى الإستسلام , تشير دقاته بالخوف  الذي يقتل عند التفكير في الفقد , بينما قلوبهم مشتعلة بالضجيج , هناك فرحة بالخلاص و عيون تفضح ما فيها فالموت سبب وهم من أختاروا , لا يعلمون أن رب الكون  قيوم يكشف ما يُكشف ويخفى ما يُخفى , النهاية واحدة ولو بعد حين الموت واحدًا وتعددت الأسباب  , هناك قلبً يتألم على  زوجة كانت حياته فالأن وحيدًا والظلام جليسه , فلا نهارًا لقلبه غير الألم ولا ظُلمة غير سواد الفؤاد , مضجعًا علي الأريكة يخفى عيناه بذراعه والدمع يسير على وجنتيه , السكون يعم حوله إلي من غرفة والدته التى تصدر ضجيجًا محمل بالأغانى , فلا تقدير لحالته ولا للراقدة بالمشفى بسببه , يقف بضعف ظاهرٍا على ملامحه ليسير ناحية الضجيج ويسترق السمع بوضوحًا , بعض الأغانى التى تعبر عن الفرح والخلاص من الراقدة , وأي خلاص بعدما قتلت نفسها من كلماته فهو الأول والأخر القاتل حتى لو كلمات فهى قاتلة بلا شكً , بينما وراء الباب كانت ترقص معبرة عن فرحتها بنهاية سوما حتى لو عادت ستكون السبب في طلاقها و او قتلها .
يستند على جدار الغرفة بقلب دميم يكاد يقسم أنه لا يتحمل تلك الأحداث دفعة واحدة , بينما هو واقف تظهر شقيقته من خلفه تقترب منه ثم تضع يدها على كتفه وتقول 
- لا عليك حبيبى ستتعافى بوقت قصير وتعود بيننا 

لو للقلب صوت أظهر مدى كراهية شقيقته إلى سوما لكن القلب أعمى والعين لا ترى . 

يلتفت إليها قائلا 
-لا عليكِ إعتدت رحيل المحبين 

يمتعض وجهها لتقول من بين شفتاها 

-وهل هى من المحبين ؟ 

نظر إليها بوجه خالي من التعابير قائلا 

-ومن غيرها تستحق المحبة ! 

لم ترد إظهار الغضب لتقول بصوت رزين 

-لا أعلم أكثر منك فأنتَ ترى ما لا نراه

هز رأسه بلا حديث ثم اتجه الى غرفته ليترك قلبه يتألم دون شفقة . 


************


هرج ومرج بين طرقات المشفى أثار الشك في قلب محمد ليتجه مسرعًا إلى غرفة شقيقة الثانية , وصل أمام الغرفة لكنه لم يستطيع الوصول الباب وجميع الحشد يلتفون حول بعضهم صراخ يصم الأذن , نعم هي شقيقته التى فقدت صوتها منذ زمن , أين الباب ؟ 
لا يستطيع أحد الدخول فلا مكان لدخول , جدار صلب أمام الجميع ولم يستطيع أحد التحرك لصرخ فيهم محمد قائلا
- أين هو باب الغرفة ؟ سيتحمل المشفى ما يحدث لها . 

بينما في الداخل النيران حولها من كل مكان , وقيود تتحكم بها لكن صوتها عاد لها من جديد , بينما الواقف إلى جوارها عينها غاضبة يحملها المزيد من الكراهية وما وصل إليه بسبب رفضها له . 

يقترب منها بخُطه مميتة و جحيم رفضها يحاوطه من كل مكان ; فى  ظلام العالم ظل يقتربُ منها  , والظلام يقترب معه فها هي تُقتل بسهم الخيانة مرة آخري ; ولكن الآن بات الجميع يعمل انها تعاني من هذا الشخص الذي لا تعرف من هو .

بينما محمد في الخارج يصرخ بأعلى صوت أن ينجده أحد  ,  أتت الشرطة باسرع وقت عندما أخبرهم بما يحدث بالمشفى ; فما كان من الضابط إلا أنه اقترب من الباب ليحقق في الأمر فلم يدرك خطورة الأمر ,  إلا عندما اتضح له الهامات التي تعاني منها الرقدة في الغرفة التي هي لم تكن إلا نتيجة الصراخ والاقتراب منها,  لكنه تطلع ببطء مميت إليها  , إقترب الضابط من أحد مسؤوليه وطلب منه الاتصال بفريق الإنقاذ الذي لم يُأخرطلبهم وحضر خلال دقائق معدودة


فحاول الجميع الوصول إلى نافذة الغرفة الراقدة بها سوزان ولم يفلح أحد والذي حدث مع النافذه حدث مع باب الغرفة ولم يجدوا مخرجا منها  , بعد وقت ليس بكثير كان الوقت يمروا علي محمد ببطئ قاتل فاقترب لطفي منه ليعلم ما في الأمر فقد اتضح له مايحدث في الداخل وأن ابنته الراقدة حبيسة تلك الغرفة ولا يعلم من أين لها مخرج سمع الجميع صوت ويطالبهم بالابتعاد عن غرفة زوجته وكانت النتيجة صادمة لمن يقف في الخارج ;  لكن الصدمة كانت أكثر واقعية علي مسمع لطفي لما يسمعه عن ابنته كيف حدث هذا  , وهذا يعني أن في الداخل شخصا آخر نفذ الضابط ما طلبه من بالداخل الذي يعتقدون انه انسان ولكنه ليس إنسانا أبدا .

ابتعد الجميع عن الباب ليخرج امامهم كي يُريهم سلطته الغير منتهية حاملاً لها بين ذراعيه يطالب بان لا يبحث احدا عنها لكن لطفي يتواعد له بالموت لا محال بينما استدار أمت صارخا بوجهه 

-لا احد يستطيع الوقوف في وجهي ابدا

ثم قال بصوت يحمل من غضب أضعاف

- عليك بإتيان بما تستطيع وإن لم تستطع لن تحصل عليها

 واقتراب بعض من رجال الشرطة منه ليضربوه وياخذوها منه فتركها لهم بمحض إرادته وهو قادر على أرجعها مرة أخرى ، اقترب لطفي منه يحملها وليس في ذهنه  سوى انه زوجته كيف له أن يتزوجها وهي راقدة في المشفى , بما يعنيه كيف خرجت عن طوعه كان يتواعد لها بين كل تلك الضجة ولا يعلم احدا بنواياه , خرج من المشفى حاملا لها وصل إلى السيارة التي أتى بها ناجي ثم وضعها فيها وطلب منه الانتظار إلى جوارها حتى يحضر محمد, 
 تبين للضابط الشخص الذي كان يتحدث معه منذ قليل لم يتواجد بالمستشفى;  بينما هو جالس إلى جوار زوجته في السيارة يربت  علي شعرها ووجهها كي يهدها مما حدث منذ قليل , أتجه محمد الى غرفة شقيقته الأخرى وطلب من الطبيب ان يأخذها الى البيت فبعدما حدث معه منذ قليل لا يطمئن له قلبه,  كيف له أن يترك شقيقته الأخرى ويحدث معها ما حدث مع سوزان  حملها بين يديه خرج بها من المشفى حتى وصل إلى سيارة ناجي , ووضعها بجوار الأخرى وجلس بجوارهم لكن الاسرع كان ناجي حينما جلس في منتصفها وحملا الاثنتين كل واحدة منهم على كتفه من الاتجاهين جلس لطفي في الإمام  إلى جوار محمد الذي قاد السيارة الى منزل أبيه  , لم يختلف حال محمد كثير عن حال لطفي لكن محمد يدرك ان في الامر شئ لم يعرفه وعلي سوزان أن تخبره بما حدث . 



&&&&&&&

وصل الجميع للمنزل بسلام لكن نيران القلب لم تهدأ ليحمل ناجى سوما , يتقدم محمد لحمل سوزان ثم يتجهان لتلك الغرفة المزدوجة ليضعوها بها . 

جلس ناجى بجوار سوما يحتضن وجهها بيده ثم قال
 
-حبيبتى لا عليكِ أبدا أتركِ الحزن خلفك أنا إلا جوارك 

إبتسمت إبتسامه لم تصل لنهاية وجهها بل تحاول أن تقوى به هو , حتى رأت محمد ينظر الراقدة بمحاذاتها تغط بنوم عميق وملامح عبسه وتعقد بين حاجبيها السميكان , زادتنى الحيرة من أمرها وأمر أخى بينما أبي لا يبشر بالخير . 


                      &&&&&&


في المزرعة 

كانت مريم تبوح وتلطم خديها علي مصيبتهم وما حدث لهم حتى شعرت بشئ خلفها وصوت ضحكات , تنتفض من مكانها تبحث عن مصدرها فلا تجد شئ حتي يدين يحيطان جسدها , ثم ترفعها عاليا في الهواء تصرخ طالبة المساعدة لكن الصوت يزداد ويزداد فكادت تصم منه , والهلع أصابها فلم تجد نفسها سوى ملقية أرضً والصوت يقول 

-لن ينجو أحد منكم , سأقاتل وأقتل لتصبح لى . 

تجيبه بنواح وهلع 
-من هي ومن أنتَ 
زادت ضحكاته ثم قال 
-أنا قدركم ومصيركم . 

وقفت تبحث عن أحد أو الصوت فلا شيء كانه حُلم وهرب حين إستيقظت لكن القلق والخوف ينهش قلبها . 

تحركت بإتجاه المنزل لترى ما الذي تفعله كى تخبر لطفي ما حدث لهم , لتجد السيارة أمام المنزل أسرعت للداخل بعرج ظاهر وألم يحاط معالم وجهها حين تسير , كان الجميع بالمنزل يجلسون بغرفة الشقيقتان لتجد ملامح وجوههم تعبير عن حالة غير التى تريد التحدث بها , فألقيت التحية 
-السلام عليكم , متى عودتم ؟ 

رد عليها ناجى ومحمد معا 
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , منذ قليل .

*****
وقف في منتصف البيت يرى لهفة الجميع علي ملكته التى تبدو مزيفة , والدتها الباكية في الدخول والخروج ثم شقيقتها التوأم حاملة الضغينة في قلبها , وأبيها الراسم قناع البرود من خلفه وعود تحمل شر , حتى شقيقها الأكبر لم تسلم منه يتوعد لها بالانتقام من شرفهم وما فعلته بيهم خلال الأشهر الماضية , في أثناء تلك اللحظة حلت علينا تلك الحسناء وفي يديها بعض الأغراض والآخرين تتمسك بها طفلة صغيرة , تقترب ببطء  مميت وتأثيرها عليهم  فحين ألتفت محمد لها يعبر عن فرحته برؤيتها بينهم فتقول بفرحة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي