الفصل الثاني

_ هاي ابيه قصدي حبيبي عصومي
قالتها مروه وهي بتحضنه بقوة وقد أبعدت تلك الفتاة القريبة منه بغيظ، حيث ضربتها بكتفها متظاهرة عدم الانتباه
_ اوبس سوري يا طنط ما أخدتش بالي منك
قالتها بمكر لينظر كل من عاصم وتلك الفتاة لبعضهم البعض ثم عليها بإستغراب فعادت تلك الفتاة تنظر إلي عاصم بغيظ فاقتربت مروه من عاصم أكثر ولفت يديها حول خصره ثم رفعت نفسها وجسدها قليلا وطبعت قبلة رقيقة علي وجنته قصدت أن تكون بها بعض الدلال والدلع حتي مروه نفسها استغربت فعلتها ولكن كل شيء مباح في الحرب والحب، احمرت وجنتيها من الخجل وكادت أن تبتعد عن حضنه الدافئ حيث مكانها الأصلي وموطنها الحقيقي لكن هو جذبها له أكثر وحضنها بقوة ثم نظر إلي مروه بحب متجاهل تلك الفتاة التي تشتعل كعود ثقاب.
_ أنا همشي يا عاصم اشوفك لما تفضي
قالتها بغيظ وكادت تمشى لكن أوقفتها مروه عندما تحدثت برقة مقصودة:
_ اوبس معلش يا طنط شكلي قطعت كلامكم بس معلش بقي جوزي ومحتاجاه في موضوع مهم اووي
ضربت قدميها في الأرض بغل ثم رحلت بغيظ وهنا انتبهت مروه لوضعها فأبعدت يد عاصم عنها بغضب ونظرت إليه بغيظ
_ ايه إلى جاب البت الملزقة دي هنا وكانت عايزه منك ايه
قالتها بغضب مضحك، فضحك علي شكلها وقال وهو يضع يده على أنفها يداعبه قليلا:
_ ايه ده الجميل بيغير ولا ايه
_ أغير ايه أنا.. أنا مش بتاعه الحاجات دي
قالتها بتوتر بالغ ثم دلفت إلي داخل الشقة بخجل وألقت حقيبتها على الكرسي بغيظ وهو دخل خلفها، رفع الحقيبة من علي الكرسي بأصابع يده ينظر إليها بابتسامة جميلة وقال بمشاكسه:
_ لاء ده كده الجميل زعلان حقيقي
_ مش زعلانه يا ابيه
رفع حاجبه
_ ايه ده رجعنا لكلمة ابيه من ثاني ما كونت عصوم حبيبك من شويه
انكسفت مروه وحركت عينيها بعيد عنه وقالت بكسوف:
_ أنا، أنا بس كنت
اقترب منها بهدوء وأمسكها من كتفها وقال برزانة وهو ينظر إلي زيتونيتها بعمق:
_ اسمعيني يا مروه إنتي أغلى حد عندي ومحدش أبدا هيأخذ مكانتك إلى في قلبي
اقترب أكثر من وجهها وقبل خدها بقبلة طويلة جعلتها تحلق في السماء كطير حر طليق، ارتبك قليلا من قربه منها فابتعد عنها بتوتر راسما الجدية وقال بهدوء:
_ يله ارتاحي شويه يا حبيبتي على ما أجهز الغذا
قالها وغمز لها بمرح، ابتسمت وسحبت حقيبتها وصعدت إلي غرفتها بقلب ممتلئ بتشويش وعقل أكثر تشوش من تصرفاته معها، لا تعلم هل يحبها؟ أم أنها لا شيء في حياته؟ فتحت باب غرفتها بهدوء ودلفت بخطوات ثابتة القت بحقيبتها علي الفراش بإهمال وقالت بتيه متأثرة بكلماته السابقة
_ قالي بحبك ومدوبني حبك
بدءت تغني واستمرت بتكرار نفس المقطع وهي تدور حول نفسها بسعادة كبيرة تضحك ببلاهة وفي النهاية القت بجسدها علي السرير بفرحة كبيرة، حاولت نسيان ما رأته بالأسفل يكفي أن تشعر بحبه الكبير لها، يكفي أن يخبرها أنها أغلي ما يملك وكأنها امتلكت بتلك الكلمات البسيطة العالم بين يديها.
بعد قليل كانت تقف أمام المرآة ونظرت إلي نفسها بذلك الفستان الجميل التي ترتديه الآن لقد اشترته مؤخرا لترتديه له، رمت قبلة مرحة لنفسها ثم لفت حول نفسها بسعادة كبيرة والفستان يدور حولها كفراشة رقيقة توقفت أخيرا وقالت بهمس وهي تضغط علي شفاهها بخجل:
_ يله انزل لعاصم بقي
ضحكت بمرح وهي تتخيل شكله المبهدل بالطعام فهو دائما يطبخ لها بنفسه؛ يخشي عليها من طعام الشوارع كانت ستخرج ولكن سمعت صوت رسالة على الواتس فتحتها ووجدت
_ فينك يا مروه ليه كنتي زعلانه انهارده مين مضايقك وأنا أكسره علشانك
تنهدت وردت بضيق وهي تكتب كلمات مقتضبة
_ انت ثاني عايز ايه مني؟ وكمان انت مالك أفرح ولا اضايق!
_ علشان مهتم بيكي ونفسي تفتحي على نفسك القفل شويه وتسمحيلي أقرب منك
_ اوف ثانية واحدة انت بتراقبني ولا ايه؟ إزاي عرفت إن أنا كنت مضايقه أصلا؟
_ علشان انا أقرب حد منك، أنا حواليكي دايما وهفضل في ضهرك
_ انت مين قولي اسم؟
_ في الوقت المناسب لما أحس انك هتحبيني وتقبلي وجودي في حياتك هظهر ليكي أنا مين سلام يا روحي الحقي غذاكي
اتسعت عينييها بصدمة وخوف من كلامه، بلعت ريقها بتوتر لكن قررت أن تتجاهله كالعادة لذا وضعت الهاتف في الشاحن ونزلت للأسفل لكنها وقفت خلف عاصم وهو يعطيها ظهره وكان يتكلم في الهاتف بجدية وقبل أن تتكلم وتنادي عليه سمعته يتحدث هاتفا:
_ معلش يا حبيبتي حقك عليه، بس كان لازم مانبينش حاجه قدامها
رجعت خطوة واحدة وهي بتسمعه للمرة الثانية معها، نعم مع نفس الفتاة (الملزقة) كما تناديها وقلبها اتكسر للمرة الثانية إلي أشلاء.
_ ابيه عاصم بتكلم مين؟
قالتها بهجوم ارتبك قليلا ولكن مد التليفون لها وقال بهدوء وفي عينيه لوم كبير:
_ خدى كلمي مرات عمك يا مروه
شعرت وقتها بالحرج منه ومن شكها به الغير مبرر، أخذت الهاتف من بين يديه وتحدثت بشوق كبير فهذه المرة الأولي التي تبتعد فيها عنهم كل تلك المدة الطويلة، شعرت أنها ضالة في صحراء قاحلة تشعر بالعطش والجوع وعندما لمحت قربهم كأنها ارتوت قالت بشوق كبير:
_ وحشتيني اووى يا ماما أتأخرتم عليه اووي تعالوا بقى
_ معلش يا مروه يا حبيبتي حقك عليه يا روحي، هانت كلها فترة صغيرة والإجازة تخلص وبعدين تعالي هنا يا بكاشه وهو حد يبقي معاه عاصم ويزهق،
ضحكت بمرح وهي تكمل:
_ ده الداتا بتاعتك يوه قصدي جوزك
قالتها وضحكت بمرح وشاركتها مروه الضحك وعاصم نظر إليها برفعة حاجب وشاكك فيهم مع إنها مرات عم مروه ووالدة عاصم إلا أنه يشعر أنها والدتها هي وليست والدته هو .. هي دائما تقف في صف صغيرتها مروه، الحديث طال وجلست مروه علي الكرسي باسترخاء وتحدثوا في مواضيع كثيرة وهو ذهب ليجهز السفرة
_ هو بيهتم بيه يا ماما متقلقيش، وأنا كمان بروح المدرسة والدروس وبذاكر كويس
_ حلو، ايوه كده عايزه طب وأقول بنتي الدكتورة مروه أشطر دكتورة في مصر كلها
_ حاضر هشرفك وأرفع رأسك يا ماما
- شطوره يا حبيبتي، يله نكمل كلامنا بعدين سلام يا جميل
_ سلام
قفلت معها وأغمضت عينيها وتنفست بقوة
_ قطعتم فروتي طبعا
جاء صوته من خلفها أفزعها قليلا فهي لا تعلم بأنه خلفها، فتحت عينيها وجدته تحرك وأصبح أمامها الآن لكن جسده مائل عليها ومقرب وجهه من وجهها رجعت للخلف بخضة في البداية ولكن بعد لحظة واحدة ضحكت بصخب وقالت بمرح:
_ احنا ابدا
ضحك وسرحت في ضحكته وعينيه الزيتوني التي دائما سحراها
_ واضح أووي يله قومي علشان نتغذى
قالها وعدل جسده وسبقها على السفرة، نظرت علي ظهره بندم كبير لثاني مرة تظلمه زمت شفاهها وقامت ثم جلست علي الكرسي المجاور له وبدأت تتناول طعامها لكن تفكيرها ما زال مشوش
_ شايفك متغيرة بقالك يومين في حاجه مضيقاكي في المدرسة
نظرت إليه بعمق كانت ترغب بقول أن المشكلة تكمن فيه هو ولكنها أصرت علي الصمت وبلعت غضبها منه الذي بات كعلقم قاسي، فوجع قلبها منه لا يزال مفتوح فقالت بلا مبالاة ظاهرية عكس مشاعر الغضب داخلها:
_ ما فيش
قالتها وأكملت تناول طعامها بهدوء نظر إليها بغيظ وقال بعصبية طفيفة:
_ وتصرفك إلى حصل مع جودي ده اسميه ايه ان شاء الله
_ جودي، مين جودي؟
قالتها وهي تمثل الغباء وعدم الفهم
_ إلى كانت واقفه معايا وحضرتك جيتي كسفتيها
حركت عينيها بملل وقالت:
_ اووه ما قصدش أنا كنت بكلمها عادي، ده أنا حتي احترمتها وقولت ليها يا طنط فيها حاجه دي
رمي الشوكة بغيظ وقال بعنف:
_ بطلي برودك ده لازم تحترمي الأكبر منك
_ وأنا عملت كده احترمت سنها ومهزقتهاش وهى واقفه مع راجل متجوز من غير حيا
قالتها بعصبية وغيره لأول مره وتركت الشوكة من يدها
_ شبعت واه رايحه الدرس مع السلامة
_ استني
لم تقف ولم تستمع إلي كلامه فيكفي حرقة قلبها، لا تريد أن تضعف الآن أمامه وتنهار حصونها صعدت إلي غرفتها وانهارت بالبكاء وهي تهتف ببكاء:
_ الخاين زعلان ومضايق علشان الملزقة دي
سحبت الهاتف من الشاحن وأخذت حقيبة الدرس ونزلت من غير ما تنظر له جاءت لتخرج لكن أوقفها صوته الأمر:
_ استني يا مروه
وقفت ورفعت عينيها عليه مد ايده لها وهو بيقول ببرود:
_ خذي مصروفك وفلوس الدرس ادفعيها انهارده يوم دفع درس الإنجليزي
_ ماشي شكرا يا ابيه سلام
وذهبت مروه على الدرس وهي واقفه أمام السنتر اهتز هاتفها برسالة واتس فتحتها ووجدت الذي دب الرعب في قلبها مره ثانية
_ الفستان الأحمر هياكل حته منك يا قمر أشوفك قريب
اغتاظت ولم ترد ودخلت السنتر وبمجرد دخولها اصطدم فيها شخص ففقدت توازنها وسقطت علي الأرض متألمة، بعصبية رفعت وجهها لكي تهزقه لكن وجدته يمد لها يده ليساعدها علي النهوض وقال بأسف واعتذار واضح:
_ أنا اسف يا مروه خليني أساعدك
نظرت إليه بغيظ وضربت ايده برخامة وقامت لوحدها دون مساعدة وقالت بقسوة:
_ شيل ايدك يا جدع انت أحسن توحشك
أسلوب مختلف عنها في طريقة الكلام تستخدمه مع هذا الشخص فقط وتصبح كساحرة شريرة في وجوده، أعطته ظهرها وهي تبرطم ببعض الكلمات التي لم تصل لأذنه بالتأكيد وهي لا تزال تكمل طريقها للداخل بخطوات حانقة
_ واحد تافه دايما طالعلي في كل حته ذي عفريت العلبة حاجة تقرف
_ بتكلمي نفسك وتبرطمي ليه يا حلوه
نظرت لغادة بهدوء وقالت بعصبية:
_ الأستاذ فارس ده خلاص خنقني كل شويه موقف زفت
نظرت غادة إلي مروه بهدوء ثم قالت بهدوء:
_ عمل ايه المرة دي بس
_ خبطني ووقعني وعلى أساس انه ما يقصدش، واحد لزج فعلا
قالتها ووصلت للكرسي المخصص لها، جلست برقة وغادة جلست بجوارها وهي تضحك عليها ثم تكلمت بغمزة:
_ ما إنتي إلى حلوه وهو هيموت عليكي يا حلوه
_ أنا متجوزه ماليش في كلام الصحوبيه ده
قالتها بإقرار
_ أنا خط أحمر ولازم الكل يعرف بده
سكتت عندما سمعت غادة تتكلم بحقيقة هي تتناساها قصدا
_ ما هو ما يعرفش إنك متجوزه أصلا، إنتي محدش يعرف عنك حاجه إنتي بالنسبة ليهم سر كبير عايزين يكشفوه وبس
تنهدت مروه بهدوء وقالت بتنهيدة كبيرة وهي تتراجع بظهرها للخلف:
_ عارفه بس أعمل إيه، ابيه عاصم هو إلى قالي إن محدش يعرف والكل هيعرف وقت الفرح نفسه ده مجرد كتب كتاب
سكتت بحزن وقالت بوجع:
_ ساعات بحس عاصم ما بيحبنيش ومش عايز حد يعرف بعلاقتنا، كأنه بيستعر مني وعايزني أفضل في الضل
وضعت غادة يدها عليها وقالت برزانة:
_ مش كده متفكريش في الهبل ده هو بس خايف عليكي علشانك صغيرة بس
قالت بعصبية وهي تكور يدها بقسوة وعيون تلمع:
_ صغيرة ايه، ده واحد خاين شوفته معاها ثاني يا غادة، البجحه جت ليه وهو طنشني انهارده علشانها ومجاش المدرسة يأخدني ذي كل مره، قال علشان البرنسيسة
_ يمكن انتي فاهمه حاجه غلط
جاءت لتتكلم أكثر لكن قطع الكلام دلوف المدرس فسكتت بوجه حانق وكملت الحصة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي