الفصل الاول
_ ابيه انت بتديني الدوا ده ليه أنا مش تعبانه
_ معلش ده علشان صحتك إتفضلي المايه يا حبيبتي
_ طيب يا ابيه
قالتها مروه برقة وهي تأخذ منه الحبوب ثم بلعتها بهدوء وسكتت ثم دلفت إلي غرفتها، لا تعلم لما تنام كثيرا هذه الأيام وخصوصا أخر يومين يغلبها النوم بكثره فلا تستيقظ سوي صباحا لتذهب لمدرستها وتعاني كثيرا لتستيقظ، وجنتيها حمراء دائما من كثرة النوم.
في المدرسة الثانوية تجلس مروه بجوار صديقتها غادة وتضع رأسها علي المكتب أمامها بكسل يلازمها كثيرا هذه الأيام وكأنها أصبحت حيوان الباندا الكسول.
_ وشك ماله كده يا بنتي باهته ليه بقالي كذا يوم شيفاكي متغيرة مش من عوايدك خالص
نظرت مروه أمامها وهي لا تزال علي نفس وضعها وقالت برقة كفراشة ناعمة:
_ انا، ما فيش حاجة يا غادة يمكن انتى بيتهيألك بس انا ذي الفل
ضحكت غادة بسخرية عليها وهتفت متهكمة:
_ بيتهيألى ايه يا مروه مش بتشوفيي نفسك فى المرايه ولا ايه، ده انتي الصفار في وشك خلاني معرفكيش طيب بصي كده
قالتها غادة وهي تخرج مرآه من حقيبة المدرسة، اعتدلت مروه بجلستها ثم أمسكت المرآة منها لتطالع هيئتها المزرية بعيون تائهة رغم لونها الزيتوني الساحر إلا إنها ذابلة تحسست شفتيها الكرزية بحجم صغير بتيه لقد فقدت رونقها الأحمر الطبيعي وباتت باهته ووجهها أصبح شاحب وأصفر كأنها مريضة نقص التغذية رغم بياض وجهها لكن الآن باتت تخاف النظر إليه حقا لا تعلم كيف وصل بها الحال هكذا؟ لقد تبدلت حيويتها لذبول تام كورده لم تروي بماء منذ أسبوع وسقطت بتلاتها، تحسست وجهها بحسرة لتستمع إلي تتمة حديث غادة الذي كسر قلبها أكثر كغصن شجرة هش أحتاج فقط للمس ليكسر إلي أجزاء
_ ده عاصم لو شافك كده هيطفش منك
_ ابيه عمره ما يكره يشوفني هو بيهتم بيه
قالتها مروه بعيون بتخرج قلوب من كثرة عشقها به وثقتها الزائدة
شهقت غادة بخضة وقالت بذهول واستنكار:
_ ابيه، انتى بتقولي لجوزك ابيه
_ ومالو ما هو طول عمري بقوله كده
قالتها ببراءة أكبر فاقتربت منها غادة المذهولة هامسة بنبرة خفيضة حتي لا يسمع أحد حديثها:
_ ده لما كنتم ولاد عم وبس، بس دلوقتي هو جوزك يا هبله
حكت رأسها بأيدها بكسوف فرفعت غادة حاجبها بغيظ منها وقالت بفضول:
_ طيب كملي بيهتم بيكي إزاي يا مزه
نظرت مروه بكسوف في الأرض وهي تهتف بتلعثم خجل:
_ هو يعني مهتم بصحتي وبأكلي وكل يوم بيعطيني الدوا في وقته عمره ما نسيه
لوت غاده فمها باستهزاء في بداية حديثها ولكن مع أخر كلامها ضيقت عينيها علي مروه ثم نظرت إليها بتركيز وقالت بقلق واضح علي نبرة صوتها:
_ دوا ايه إلى بيدهولك ده، هو انتي بتشتكي من حاجه يا مروه انتى تعبانة
هزت رأسها بسرعة وقالت:
_ ابدا هو بس بيقول خديه فباخده
ابتسمت غادة بتهكم وهي تهتف بضيق:
_ هبله أوي في حد كده افرض بيديكي سم هتاخذيه من غير ما تسألي وتناقشيه
للحظة شعرت بصدق كلامها وأنها تثق به ثقة عمياء تثق به بدرجة كبيرة حتي أنها لم ترفض يوما له طلب وكأنه ساحر يجذبها ناحيته وهي كالفراشة تنجذب ناحية النار ولا تهتم بحرق اجنحتها تطلب فقط الضوء والدفيء، أغمضت عينيها وهي تتذكر عينيه بلون الزيتون تلك العيون التي تسحرها دائما وأنفه الشامخ كصاحبه فقالت بنبره عاشقة:
_ حتي لو سم هاخذه من ايده أنا بثق فيه أكثر من أي حد عاصم هو إلى مربيني
اعتدلت غادة في قعدتها وقالت بمكر تحاصر مروة من كل الإتجاهات وكأنها ترغب ببثق النور علي علاقتها بعاصم:
_ علشانه هو مربيكي بس ولا علشانك بتحبيه مثلا
توترت أكثر وعضت علي شفتيها لا تعلم إجابة سؤالها حقا، هي تحبه فقط انقذها من السؤال المدرسة التي دخلت الفصل وهربت من الإجابة لكن لأول مره تفكر في أن حبها له عامي عينيها وقررت أن تعرف ما هو نوع العلاج؟ وكلام صديقتها يتردد في أذنها كبوق سيارة لا يتوقف عن الرنين والإزعاج.
وصلت مروه إلي المنزل وجدت عاصم بغرفة الصالون ابتسم عندما رأها واقترب منها بحب وقال وهو يمد يده لها بالعلاج كعادته:
_ خذي علاجك يله
نظرت إليه مطولا وكلام غادة ينبهها للواقع ثم مدت ايدها تأخذها من ايده وابتسمت برقة هامسة بنفس رقتها المعتادة:
_ ماشي
ارتشفت المياه لكن لم تبلع الحبوب ودلفت لغرفتها، بعد ساعتان ظلت مستيقظة ولكن وصل إلي أذنها صوت قادم من غرفته والفضول غلاب قادها لتكتشف ما يدور خلفها لذا نهضت بهدوء وارتدت روب وخرجت، نظرت من خلال ثقب الباب الموارب قليلا ولكنها رجعت للخلف مصعوقة وعينيها متسعه علي أخرها وكأنها رأت جهنم بعينها لم تشعر بدموعها الغزيرة التي تتساقط وحدها فما رأته أقسي ما تتخيله عاصم وفتاة لا تعرفها فتاة غريبة يقبلوا بعضهم البعض
_ابيه عاصم بيخوني
قالتها بهمس بنفس لحظة تراجعها للخلف خطوة واحدة، ارتعشت يدها وشفاهها التي تكبت صراخها لم تشعر بقدميها سوي وهي تركض مبتعدة عن المكان واتجهت لغرفتها ملاذها الآمن تشكيها تحطم القلب من ذلك القاسي، القت بجسدها علي الفراش وبكت بقسوة لم تستطع مواجهته لم تستطع أن تقول له لماذا فعلت ذلك بي؟ لم تضربه لم تثور عليه لم تصرخ بوجهم لم تدمر تلك الغرفة اللعينة علي رؤوسهم بل ركضت فقط كطفل صغير يخشي عقاب والدته، هي أضعف من المواجهة ولذلك كان حلها هو الهرب كما تفعل دائما أخرجت الحبوب ونظرت إليها بحزن ثم رمتها بعيدا علي مرمي يدها وهي تبكي بانهيار هامسة مع كل شهقة تخرج منها:
_ طلعت خاين يا ابيه، ليه عملت فيه كده ليه؟
شعرت بحركة أمام غرفتها مع صوت مرتفع وكأنه يصرخ بشخص وزعيق متواصل، أزالت الدموع من عينيها ومسحتها بعنف ثم سحبت الغطاء كله عليها وأغمضت عينيها بسرعة ضاغطة عليهم حتي لا يفتضح أمرها، شعرت بالباب يفتح ثم دلف إلي الغرفة ورائحته الرجولية الجذابة مختلطة مع عطره الفاخر مكونة مزيج رائع تتسلل لغرفتها قبل دلوفه حتي وتسللت أيضا إلي أنفها كحرامي سلب الأنفاس، توقفت خطواته بجوار سريرها وارتسمت ابتسامة محبة علي ثغره، اقترب من وجهها بجسده ثم مال يقبل جبينها ووجنتها اليمني ثم خرج من الغرفة بهدوء كما دلف مغلقا الباب خلفه، فتحت عينيها بصدمة بعد خروجه ووضعت يدها علي وجنتها مكان قبلته هامسة بضعف:
_ ده باسني الخاين
قالتها وبكت بعنف ولم تشعر سوي بدخولها في ثبات عميق وقد غفت بقلب ملتاع
_ اصحي يا مروه، يله يا حبيبتي اتأخرتي على المدرسة
_ حاضر يا ابيه صحيت اهو
قالتها وهي تضع يدها علي عينيها تدعكها برفق؛ لكي تستفيق وتستعيد نشاطها، فاقترب منها ووضع يده علي شعرها بحنية كبيرة جعلها تشعر بالاستغراب والدهشة ثم عبث بشعرها برفق وكأنها طفلة صغيرة والأخص طفلته هو ثم قال بهدوء:
_ انا مستنيكي تحت، ادخلي اغسلي وشك والبسي لبس المدرسة وانزلي افطري أوك
هزت رأسها موافقة لكلامه هو حقا دائما يعاملها بلطف وحنان كأنها طفلة ولكن اليوم ذلك الحنان زائد أكثر وكأنه يعوضها عن الخيانة، زفرت بضيق وهي تراه يبتعد عنها بجسده الطويل وذلك القميص يزيده وسامه حيث رسم عضلات بطنه ببراعة رسام، ابتسمت بتهكم ثم نهضت لتفعل ما أمرها به فهي كالآلة تنفذ وتطيع أوامره وارتدت ثيابها ونزلت للأسفل وجدته يجلس علي السفرة ينتظرها بصبر ناداها عندما وجدها تقف أمامه:
_ تعالي يا حبيبتى افطري بسرعة
استجابت له وهي تسحب كرسي لها ثم تناولت طعامها بسرعة وعندما انتهت أوصلها إلي المدرسة، كانت تشعر بالاختناق قربه يذكرها بخيانته لها عندما تتقابل عينيها بعينيه تري الخيانة تتجسد مرة أخري.
في المدرسة الثانوية وقت الاستراحة
كانت مروه جالسة بجوار صديقتها غادة وتضع رأسها علي المكتب أمامها وهذه عادة ملازمة لها عندما تكون مريضة أو متضايقة فلاحظت غادة ذلك وقالت بهدوء:
_ مالك يا بنتي شكلك مضايق انهارده
رفعت مروه رأسها لها وحضنتها بقوة وبكت بانهيار، فزعت غادة من منظرها فقالت بسرعة وقلق واضح:
_ مالك يا حبيبتي في ايه بس
_ طلع بيخوني يا غادة وباسها أنا مقهورة منه اووي
ضمت غادة حاجبها من غير فهم وقالت محاولة فهم الموضوع
_ اهدي يا بنتي وفهميني مين بس إلى خانك
رشفت مروه وقالت بعياط:
_ ابيه عاصم شوفته بيبوسها
فتحت عينيها بصدمة وبلعت ريقها بتوتر ثم نظرت لها وتكلمت بهدوء محاوله تهدأت مروه المنهارة أمامها
_ عاصم جوزك! لاء يا بنتي أكيد في حاجه غلط عاصم بيحبك إنتي وبس
_ شوفته بعيني وهو بيبوسها من...
سكتت ولم تستطع نطق الكلمة ووضعت يدها علي ثغرها الزهري وبكت مرة أخري هامسة بضعف وغيره بذات الوقت:
_ ده عمره ما عملها معايا الخاين الكذاب
_ يعني إنتي زعلانه علشان باسها هي وخانك معاها ولا علشان ماعبركيش وباسك يا حلوه ذيها وانتم متجوزين
نفخت مروه بغيظ وضربتها علي كتفها هاتفة بغيظ:
_ بطلي تفكيرك ده يا غادة أنا مقهورة اووي وأنتي بتزوديها عليه
ثم انهارت بالبكاء مرة أخري فرق قلب غادة وشعرت بوجع صديقتها فجذبتها بشده لحضنها ضاغطة عليها بقوة وقالت بإعتذار تحاول تهدئتها:
_ أنا اسفه متعيطيش بقي منكن تهدي وتقوليلي اتصرفتي ازاي، صرختي فيهم ولا هزقتيهم ولا هينتي كرامتهم
نظرت إليها بضعف ثم انزلت عينيها للأسفل بعيدا عن مرمي عيون صديقتها التي اتسعت حدقتيها بصدمة ثم تحولت نظرتها إلي غيظ فقالت بغضب وهي تبعدها عنها:
_ لاء مش إلى بفكر فيه، موقفك سلبي ذي كل مرة يا مروه
_ أنا خوفت يا غادة إنتي عارفه أنه كل حياتي مليش حد غيره أهلي ميتين وإنتي عارفه جوازنا علشان يرعاني وبس، ومليش حق أقف في طريقه بس أنا حبيته، حبيته اووي يا غاده
قالتها وبكت بين يدي صديقتها فضمتها أكثر لها وقالت بهمس خافت:
_ خلاص ما تزعليش بقي
عادت مروه إلي المنزل وحدها ولم تنتظر قدوم عاصم ليقلها كما يفعل يوميا، وعندما وصلت إلي المنزل وقبل أن تصل إلي الباب وجدت عاصم يقف مع فتاة عندما دققت نظرها وجدتها نفس الفتاة التي رأتها معه، ذلك الخائن! يخونها أيضا بوضح النهار دون أن يخجل ولم يأتي حتي ليوصلها وتركها تأتي وحيدة، رفعت عينيها لتلتقي بعينيه كانت نظراتها حزينة ونظرته عادية كأنه لا يخونها وتوقف الزمن بهما في تلك اللحظة الحرجة وقلبها يشتعل كبركان ثائر ثار علي الجميع.
_ معلش ده علشان صحتك إتفضلي المايه يا حبيبتي
_ طيب يا ابيه
قالتها مروه برقة وهي تأخذ منه الحبوب ثم بلعتها بهدوء وسكتت ثم دلفت إلي غرفتها، لا تعلم لما تنام كثيرا هذه الأيام وخصوصا أخر يومين يغلبها النوم بكثره فلا تستيقظ سوي صباحا لتذهب لمدرستها وتعاني كثيرا لتستيقظ، وجنتيها حمراء دائما من كثرة النوم.
في المدرسة الثانوية تجلس مروه بجوار صديقتها غادة وتضع رأسها علي المكتب أمامها بكسل يلازمها كثيرا هذه الأيام وكأنها أصبحت حيوان الباندا الكسول.
_ وشك ماله كده يا بنتي باهته ليه بقالي كذا يوم شيفاكي متغيرة مش من عوايدك خالص
نظرت مروه أمامها وهي لا تزال علي نفس وضعها وقالت برقة كفراشة ناعمة:
_ انا، ما فيش حاجة يا غادة يمكن انتى بيتهيألك بس انا ذي الفل
ضحكت غادة بسخرية عليها وهتفت متهكمة:
_ بيتهيألى ايه يا مروه مش بتشوفيي نفسك فى المرايه ولا ايه، ده انتي الصفار في وشك خلاني معرفكيش طيب بصي كده
قالتها غادة وهي تخرج مرآه من حقيبة المدرسة، اعتدلت مروه بجلستها ثم أمسكت المرآة منها لتطالع هيئتها المزرية بعيون تائهة رغم لونها الزيتوني الساحر إلا إنها ذابلة تحسست شفتيها الكرزية بحجم صغير بتيه لقد فقدت رونقها الأحمر الطبيعي وباتت باهته ووجهها أصبح شاحب وأصفر كأنها مريضة نقص التغذية رغم بياض وجهها لكن الآن باتت تخاف النظر إليه حقا لا تعلم كيف وصل بها الحال هكذا؟ لقد تبدلت حيويتها لذبول تام كورده لم تروي بماء منذ أسبوع وسقطت بتلاتها، تحسست وجهها بحسرة لتستمع إلي تتمة حديث غادة الذي كسر قلبها أكثر كغصن شجرة هش أحتاج فقط للمس ليكسر إلي أجزاء
_ ده عاصم لو شافك كده هيطفش منك
_ ابيه عمره ما يكره يشوفني هو بيهتم بيه
قالتها مروه بعيون بتخرج قلوب من كثرة عشقها به وثقتها الزائدة
شهقت غادة بخضة وقالت بذهول واستنكار:
_ ابيه، انتى بتقولي لجوزك ابيه
_ ومالو ما هو طول عمري بقوله كده
قالتها ببراءة أكبر فاقتربت منها غادة المذهولة هامسة بنبرة خفيضة حتي لا يسمع أحد حديثها:
_ ده لما كنتم ولاد عم وبس، بس دلوقتي هو جوزك يا هبله
حكت رأسها بأيدها بكسوف فرفعت غادة حاجبها بغيظ منها وقالت بفضول:
_ طيب كملي بيهتم بيكي إزاي يا مزه
نظرت مروه بكسوف في الأرض وهي تهتف بتلعثم خجل:
_ هو يعني مهتم بصحتي وبأكلي وكل يوم بيعطيني الدوا في وقته عمره ما نسيه
لوت غاده فمها باستهزاء في بداية حديثها ولكن مع أخر كلامها ضيقت عينيها علي مروه ثم نظرت إليها بتركيز وقالت بقلق واضح علي نبرة صوتها:
_ دوا ايه إلى بيدهولك ده، هو انتي بتشتكي من حاجه يا مروه انتى تعبانة
هزت رأسها بسرعة وقالت:
_ ابدا هو بس بيقول خديه فباخده
ابتسمت غادة بتهكم وهي تهتف بضيق:
_ هبله أوي في حد كده افرض بيديكي سم هتاخذيه من غير ما تسألي وتناقشيه
للحظة شعرت بصدق كلامها وأنها تثق به ثقة عمياء تثق به بدرجة كبيرة حتي أنها لم ترفض يوما له طلب وكأنه ساحر يجذبها ناحيته وهي كالفراشة تنجذب ناحية النار ولا تهتم بحرق اجنحتها تطلب فقط الضوء والدفيء، أغمضت عينيها وهي تتذكر عينيه بلون الزيتون تلك العيون التي تسحرها دائما وأنفه الشامخ كصاحبه فقالت بنبره عاشقة:
_ حتي لو سم هاخذه من ايده أنا بثق فيه أكثر من أي حد عاصم هو إلى مربيني
اعتدلت غادة في قعدتها وقالت بمكر تحاصر مروة من كل الإتجاهات وكأنها ترغب ببثق النور علي علاقتها بعاصم:
_ علشانه هو مربيكي بس ولا علشانك بتحبيه مثلا
توترت أكثر وعضت علي شفتيها لا تعلم إجابة سؤالها حقا، هي تحبه فقط انقذها من السؤال المدرسة التي دخلت الفصل وهربت من الإجابة لكن لأول مره تفكر في أن حبها له عامي عينيها وقررت أن تعرف ما هو نوع العلاج؟ وكلام صديقتها يتردد في أذنها كبوق سيارة لا يتوقف عن الرنين والإزعاج.
وصلت مروه إلي المنزل وجدت عاصم بغرفة الصالون ابتسم عندما رأها واقترب منها بحب وقال وهو يمد يده لها بالعلاج كعادته:
_ خذي علاجك يله
نظرت إليه مطولا وكلام غادة ينبهها للواقع ثم مدت ايدها تأخذها من ايده وابتسمت برقة هامسة بنفس رقتها المعتادة:
_ ماشي
ارتشفت المياه لكن لم تبلع الحبوب ودلفت لغرفتها، بعد ساعتان ظلت مستيقظة ولكن وصل إلي أذنها صوت قادم من غرفته والفضول غلاب قادها لتكتشف ما يدور خلفها لذا نهضت بهدوء وارتدت روب وخرجت، نظرت من خلال ثقب الباب الموارب قليلا ولكنها رجعت للخلف مصعوقة وعينيها متسعه علي أخرها وكأنها رأت جهنم بعينها لم تشعر بدموعها الغزيرة التي تتساقط وحدها فما رأته أقسي ما تتخيله عاصم وفتاة لا تعرفها فتاة غريبة يقبلوا بعضهم البعض
_ابيه عاصم بيخوني
قالتها بهمس بنفس لحظة تراجعها للخلف خطوة واحدة، ارتعشت يدها وشفاهها التي تكبت صراخها لم تشعر بقدميها سوي وهي تركض مبتعدة عن المكان واتجهت لغرفتها ملاذها الآمن تشكيها تحطم القلب من ذلك القاسي، القت بجسدها علي الفراش وبكت بقسوة لم تستطع مواجهته لم تستطع أن تقول له لماذا فعلت ذلك بي؟ لم تضربه لم تثور عليه لم تصرخ بوجهم لم تدمر تلك الغرفة اللعينة علي رؤوسهم بل ركضت فقط كطفل صغير يخشي عقاب والدته، هي أضعف من المواجهة ولذلك كان حلها هو الهرب كما تفعل دائما أخرجت الحبوب ونظرت إليها بحزن ثم رمتها بعيدا علي مرمي يدها وهي تبكي بانهيار هامسة مع كل شهقة تخرج منها:
_ طلعت خاين يا ابيه، ليه عملت فيه كده ليه؟
شعرت بحركة أمام غرفتها مع صوت مرتفع وكأنه يصرخ بشخص وزعيق متواصل، أزالت الدموع من عينيها ومسحتها بعنف ثم سحبت الغطاء كله عليها وأغمضت عينيها بسرعة ضاغطة عليهم حتي لا يفتضح أمرها، شعرت بالباب يفتح ثم دلف إلي الغرفة ورائحته الرجولية الجذابة مختلطة مع عطره الفاخر مكونة مزيج رائع تتسلل لغرفتها قبل دلوفه حتي وتسللت أيضا إلي أنفها كحرامي سلب الأنفاس، توقفت خطواته بجوار سريرها وارتسمت ابتسامة محبة علي ثغره، اقترب من وجهها بجسده ثم مال يقبل جبينها ووجنتها اليمني ثم خرج من الغرفة بهدوء كما دلف مغلقا الباب خلفه، فتحت عينيها بصدمة بعد خروجه ووضعت يدها علي وجنتها مكان قبلته هامسة بضعف:
_ ده باسني الخاين
قالتها وبكت بعنف ولم تشعر سوي بدخولها في ثبات عميق وقد غفت بقلب ملتاع
_ اصحي يا مروه، يله يا حبيبتي اتأخرتي على المدرسة
_ حاضر يا ابيه صحيت اهو
قالتها وهي تضع يدها علي عينيها تدعكها برفق؛ لكي تستفيق وتستعيد نشاطها، فاقترب منها ووضع يده علي شعرها بحنية كبيرة جعلها تشعر بالاستغراب والدهشة ثم عبث بشعرها برفق وكأنها طفلة صغيرة والأخص طفلته هو ثم قال بهدوء:
_ انا مستنيكي تحت، ادخلي اغسلي وشك والبسي لبس المدرسة وانزلي افطري أوك
هزت رأسها موافقة لكلامه هو حقا دائما يعاملها بلطف وحنان كأنها طفلة ولكن اليوم ذلك الحنان زائد أكثر وكأنه يعوضها عن الخيانة، زفرت بضيق وهي تراه يبتعد عنها بجسده الطويل وذلك القميص يزيده وسامه حيث رسم عضلات بطنه ببراعة رسام، ابتسمت بتهكم ثم نهضت لتفعل ما أمرها به فهي كالآلة تنفذ وتطيع أوامره وارتدت ثيابها ونزلت للأسفل وجدته يجلس علي السفرة ينتظرها بصبر ناداها عندما وجدها تقف أمامه:
_ تعالي يا حبيبتى افطري بسرعة
استجابت له وهي تسحب كرسي لها ثم تناولت طعامها بسرعة وعندما انتهت أوصلها إلي المدرسة، كانت تشعر بالاختناق قربه يذكرها بخيانته لها عندما تتقابل عينيها بعينيه تري الخيانة تتجسد مرة أخري.
في المدرسة الثانوية وقت الاستراحة
كانت مروه جالسة بجوار صديقتها غادة وتضع رأسها علي المكتب أمامها وهذه عادة ملازمة لها عندما تكون مريضة أو متضايقة فلاحظت غادة ذلك وقالت بهدوء:
_ مالك يا بنتي شكلك مضايق انهارده
رفعت مروه رأسها لها وحضنتها بقوة وبكت بانهيار، فزعت غادة من منظرها فقالت بسرعة وقلق واضح:
_ مالك يا حبيبتي في ايه بس
_ طلع بيخوني يا غادة وباسها أنا مقهورة منه اووي
ضمت غادة حاجبها من غير فهم وقالت محاولة فهم الموضوع
_ اهدي يا بنتي وفهميني مين بس إلى خانك
رشفت مروه وقالت بعياط:
_ ابيه عاصم شوفته بيبوسها
فتحت عينيها بصدمة وبلعت ريقها بتوتر ثم نظرت لها وتكلمت بهدوء محاوله تهدأت مروه المنهارة أمامها
_ عاصم جوزك! لاء يا بنتي أكيد في حاجه غلط عاصم بيحبك إنتي وبس
_ شوفته بعيني وهو بيبوسها من...
سكتت ولم تستطع نطق الكلمة ووضعت يدها علي ثغرها الزهري وبكت مرة أخري هامسة بضعف وغيره بذات الوقت:
_ ده عمره ما عملها معايا الخاين الكذاب
_ يعني إنتي زعلانه علشان باسها هي وخانك معاها ولا علشان ماعبركيش وباسك يا حلوه ذيها وانتم متجوزين
نفخت مروه بغيظ وضربتها علي كتفها هاتفة بغيظ:
_ بطلي تفكيرك ده يا غادة أنا مقهورة اووي وأنتي بتزوديها عليه
ثم انهارت بالبكاء مرة أخري فرق قلب غادة وشعرت بوجع صديقتها فجذبتها بشده لحضنها ضاغطة عليها بقوة وقالت بإعتذار تحاول تهدئتها:
_ أنا اسفه متعيطيش بقي منكن تهدي وتقوليلي اتصرفتي ازاي، صرختي فيهم ولا هزقتيهم ولا هينتي كرامتهم
نظرت إليها بضعف ثم انزلت عينيها للأسفل بعيدا عن مرمي عيون صديقتها التي اتسعت حدقتيها بصدمة ثم تحولت نظرتها إلي غيظ فقالت بغضب وهي تبعدها عنها:
_ لاء مش إلى بفكر فيه، موقفك سلبي ذي كل مرة يا مروه
_ أنا خوفت يا غادة إنتي عارفه أنه كل حياتي مليش حد غيره أهلي ميتين وإنتي عارفه جوازنا علشان يرعاني وبس، ومليش حق أقف في طريقه بس أنا حبيته، حبيته اووي يا غاده
قالتها وبكت بين يدي صديقتها فضمتها أكثر لها وقالت بهمس خافت:
_ خلاص ما تزعليش بقي
عادت مروه إلي المنزل وحدها ولم تنتظر قدوم عاصم ليقلها كما يفعل يوميا، وعندما وصلت إلي المنزل وقبل أن تصل إلي الباب وجدت عاصم يقف مع فتاة عندما دققت نظرها وجدتها نفس الفتاة التي رأتها معه، ذلك الخائن! يخونها أيضا بوضح النهار دون أن يخجل ولم يأتي حتي ليوصلها وتركها تأتي وحيدة، رفعت عينيها لتلتقي بعينيه كانت نظراتها حزينة ونظرته عادية كأنه لا يخونها وتوقف الزمن بهما في تلك اللحظة الحرجة وقلبها يشتعل كبركان ثائر ثار علي الجميع.