الفصل الخامس
تعابير وجهه كانت تنبىء بالشر، عيناه تلتهبان في محجريهما، وعضلات وجهه تتلوى
في خطوط عميقة، ذاك الوجه الذي وصفته ساندرا في يوم من الأيام بانه أجمل رجل رأته
في حياتها ، أو من الممكن أن تراه
هل يمكن أن يكون زواجها هو الذي أوصله الى هذه الحالة ؟ هو الذي احدث فيه
هذا التغيير الكامل في طبيعته ومظهره
إرتجفت ساندرا ثانية ، فهناك في صدرها لوعة عميقة وندم يجب ان يبقيا في سرها ، حتى يأتي الوقت المناسب.
قررت تجاهل سؤاله والرد عليه بطريقة ملتوية، توجيه الدفة ناحيته وسألتها
" زوجتك .... أين هي الان؟ ."
" ماتت! قتلت مع خليلها .".... خرجت من صدره آهة حرى ،
وعيناه رشقتا ساندرا بنظرات لا معنى للرحمة فيها ، ثم
أضاف:
" العدالة تمت ! ولكن الأمر لا يهمني ابدا ، فأنا سألتك سؤالا اريد عليه الجواب! ."
كان لباريس قوة سحرية عجيبة، جعلتها تتكلم بشكل عفوي وبدون ترتيب
" كان رجلا غنيا ، حيث ."...
" انا مدرك تماما أنه كان ثريا ، وأنت حسبت أنه أكثر مني ثراء ، فهل هذا هو سبب
زواجك منه وبعد اسابيع قليلة فقط من رفضك الزواج مني ؟ فقط بضعة اسابيع بعد ان اقسمت أنك لن تتزوجي بآخر ، أليس كذلك؟."
لا ! هناك أسباب مختلفة تمامًا عن الثراء
هكذا قالت، ظهرت أمامه وكأنها تبرر لجريمتها فقال
لقد اخفتك ، أليس كذلك ؟ ولذا تحاولين الكذب
ثار غضبها فقاطعته بحزم قائلة :
أنا لست بحاجة الى الكذب، أنت لم تكن معي، وأنا حرة في حياتي
أخبرته بذلك وصدرها يعلو ويهبط من فرط العصبية وتسائلت في نفسها ترى بأي حق يسألها هذه الأسئلة ؟ وتذكرت أسلوبه القديم
المليء بمعاني التملك والذي سبق وخاطبها به ، وتمر السنون عديدة، ويعود الى مخاطبتها بنفس الأسلوب
فثارت مشاعرها مرة أخرى لكنها هذه المرة أكملت حديثها بثبات:
" زواجي يخصني وحدي، وأنك تغيظني باسئلتك هذه التي لا شأن لك بها ."
ضاقت عيناه الداكنتان وقال:
" ليس الإستياء ما تشعرين به وإنما الخجل ، على ما اظن ."
صعد الدم الى وجنتيها وقالت:
" سيد باريس ، هل تمانع في إقفال هذا الموضوع ؟ هذا أمر شخصي وموضوع قديم لا أريد التحدث فيه خاصة وأنك تجبرني على الحديث، لقد جئت أنا ورئيسي الى هنا في عمل ومن الأفضل أن لا تنسى ذلك، والآن أرجو ان تسمح لي
وتابعت وهي تقف وتبتعد عن ذلك الشخص المتسلط المستفز لمشاعرها الهادئه بطبعها :
" أحب أن أعود الى غرفتي إلى أن يحين موعد العشاء."
خيم الصمت على المكان، تحركت ثانية، ولكن قوتها خانتها، ورفضت ساقاها أن تتحرك !
تعالي الى هنا ، ساندرا
قال ذلك بلهجة آمره متجاهلا ما قالته وأخبرته به منذ قليل ، وعندها قررت التحرك وتجاهله أيضًا مثلما تجاهلها، كانت قد بلغت الباب، ووضعت يدها على المقبض لتفتحه
كرر باريس أمره وبصوت أعلى :
عودي إلى هنا !
أحست باللون يفر من خديها وكأن قلبها توقف عن الخفقان، راحت كل تلك الشجاعة التي تحلت بها فجأه والتي اوصلتها إلى باب الغرفة لتجد نفسها تتعثر بالكلام وتقول بصوت ضعيف !
أنا.... أنا أريد أن أذهب الى غرفتي
ورغم هذا الضعف حركت يدها ورفعتها نحو المقبض لتضغط عليه وينفتح الباب، وقبل أن تسحبه لتخرج، تقدم نحوها بحركة سريعة كالنم ، وأمسك بمعصمها، أغلق الباب
وقرّبها منه،وضمّها إليه ، وهو يقول
" لقد أمرتك أن تأتي إلي ."
كان وجهه قريبا من وجهها، فأحست بانفاسه حارة على خدها، لتزيده احمرارا على احمراره
وتابع يقول:
" لقد كنت اريدك وانت بعيدة ، أكثر من تلك الأيام التي كنت فيها قريبة مني."
كان صوته مضطربا يحترق بلهيب الغيرة ، وساندرا لم تستطع ان تفلت من بين يديه،
فهمس قائلا بعاطفه أحستها منه من قبل، وكأنه عاد لذلك الذي كان عليه من قبل، باريس الرقيق، قائلأ
" ساندرا، أنت لي ، أنا أريدك الان أكثر من أي وقت مضى، ستكونين لي ، هل تسمعين ؟ ستكونين زوجتي!
المصيدة فتحت مرة أخرى، وكالعادة ساندرا هي الفريسة، وقبل أن تحاول الرفض أو التحرك جاءهم طرق على باب الغرفة، فإبتعد باريس عن ساندرا التي تحركت بسرعة للخلف تحاول أن تكون هادئه برغم ما مرت به منذ ثوان قليلة!
عاد هاري الى الغرفة بعد ما يقرب من عشرين دقيقة، كان يبدو أكثر جاذبية
ببدلته الرصاصية الداكنة وقميصه الأبيض
اخذ هاري ينقل الطرف بين ساندرا محمرة البشرة وباريس مقطب الجبين غضبًا، من غير ان يطرأ أي تغيير على تعابير
وجهه، أحس بشيء يحدث بينه لكنه فضل تجاهل الأمر، ثم راح يتحدث الى باريس ، وساندرا تراقبه وهي تحس بقلبها يكاد ينفجر من
شدة الخفقان بسبب تلك الطريقة الموجعة الوحشية التي أمسكها بها باريس، رفعت معصمها إليها، بصماته حولت معصمها إلى سوار أحمر حتى انها أحست بدموع ساخنه في عينيها
إلتفت اليها باريس وعلامات الفرح والإنتصار بادية في عينيه ، من الخوف الذي سببه
لها والإضطراب الذي بدا عليها ولم تستطع إخفائه.
طرق الخادم الباب ، وقطع ذلك المشهد الغريب القائم بين ثلاثتهم
وفتحه بهدوء ، وقال :
" العشاء جاهز، يا سيد فيليب "
" سنكون هناك على الفور."
" أمرك سيد فيليب "
إنسحب الرجل، وألتقت عينا ساندرا بعيني باريس ، فرأت نظرات الإحتقار فيهما ،
وتذكرت كيف كان يعامل الخدم فيما مضى ، بتلك الطريقة المليئة بالمودة والإبتسام ،
كيف إنقلبت الى هذا الأسلوب من القسوة والإحتقار ؟ لا تدري ، لعل المرارة
والوهم الذين يعيش فيهما غيّرا جميع طباعه، وجعلاه يفقد كل معاني الإنسانية!
اقتحمتها هذه الفكرة متجاهله حديثه عن تملكه لها وزواجه منها
كان باريس وهاري يتحادثان أثناء الطعام وساندرا لازالت تسرح بأفكارها الى الماضي البعيد،
ولم تستطع أن تنكر انك باريس في ذاك الحين كان كالنجم المتألق ، يحوم حولها اينما
إتجهت ، وإن أنصفت ، كان مدعاة للفخر ان يكون زوجها حيث العيون تحدق بها من
كل جانب ، اعجابًا أو حسدًا وغيره ومع ذلك فإنه لم يكن لديها أي ميل للزواج مهما كان نوعه ، كانت قد
إتخذت قرارها بعدم الزواج ولن تلغيه لأي سبب من الأسباب ، غير ان رئيسها في العمل هاري دارك
يؤكد لها دوما ، انك باريس فيليب لو عاد وكرر طلبه ، لغيّرت رأيها وقبلت به.
وإن كان الأمر كذلك وهناك أية نتيجة من التكرار لأدرك باريس ذلك ، ولحق بها
الى انجلترا ليلح عليها بطلبه، وتساءلت ساندرا : هل كان لدى باريس أمل في ان تقبل
به يوما ؟ إذن لماذا لم يتبعها ؟ هل هناك من سبب منعه من ذلك؟ زواجها مثلا ؟
الحقيقة أن زواجها حدث بسرعة بعد عودتها ، غير انه كان هناك الوقت الكافي ليلحق
بها قبل ذلك
مرت هذه الأمور في مخيلة ساندرا، وعند هذه النقطة بالذات وقفت بعصبية متسائلة في نفسها
..... هل حقا كانت رغبتها أن يتبعها ؟ كتمت أنفاسها عند هذه الفكرة وقطبت
جبينها ، يجب أن تعرف ما في اعماقها ، يجب أن تحدد طريقها وفي الحال.
رفع باريس حاجبيه مستفسرا، يبدو أنه كان متابعا لصفحة وجهها التي تتغير بإستمرار منذ أن بدئوا العشاء وهي غارقة في افكارها حتى أنها لم تمس الطعام إلا قليلا، إحمر وجهها عندما أدركت متابعته ، وغزا الألم قلبها
ثم خفضت عينيها ونظرت في صحن طعامها
، وبصورة طبيعية، ضحك باريس ضحكة قصيرة، قبل ان يعود ليتابع حديثه مع هاري
حاولت ساندرا أن تستمع الى ما يدور بينهما من حديث ، فسمعت بعضا منه مثلا،
الأرض جيدة وتعطي عنبا من اجود الأصناف ، وتساءلت لماذا إذن يريد باريس أن
يبيعها ؟ وبثمن رخيص؟!
عاد هاري الى الغرفة بعد ما يقرب من عشرين دقيقة، كان يبدو أكثر جاذبية
ببدلته الرصاصية الداكنة وقميصه الأبيض
اخذ هاري ينقل الطرف بين ساندرا محمرة البشرة وباريس مقطب الجبين غضبًا، من غير ان يطرأ أي تغيير على تعابير
وجهه، أحس بشيء يحدث بينه لكنه فضل تجاهل الأمر، ثم راح يتحدث الى باريس ، وساندرا تراقبه وهي تحس بقلبها يكاد ينفجر من
شدة الخفقان بسبب تلك الطريقة الموجعة الوحشية التي أمسكها بها باريس، رفعت معصمها إليها، بصماته حولت معصمها إلى سوار أحمر حتى انها أحست بدموع ساخنه في عينيها
إلتفت اليها باريس وعلامات الفرح والإنتصار بادية في عينيه ، من الخوف الذي سببه
لها والإضطراب الذي بدا عليها ولم تستطع إخفائه.
طرق الخادم الباب ، وقطع ذلك المشهد الغريب القائم بين ثلاثتهم
وفتحه بهدوء ، وقال :
" العشاء جاهز، يا سيد فيليب "
" سنكون هناك على الفور."
" أمرك سيد فيليب "
إنسحب الرجل، وألتقت عينا ساندرا بعيني باريس ، فرأت نظرات الإحتقار فيهما ،
وتذكرت كيف كان يعامل الخدم فيما مضى ، بتلك الطريقة المليئة بالمودة والإبتسام ،
كيف إنقلبت الى هذا الأسلوب من القسوة والإحتقار ؟ لا تدري ، لعل المرارة
والوهم الذين يعيش فيهما غيّرا جميع طباعه، وجعلاه يفقد كل معاني الإنسانية!
اقتحمتها هذه الفكرة متجاهله حديثه عن تملكه لها وزواجه منها
كان باريس وهاري يتحادثان أثناء الطعام وساندرا لازالت تسرح بأفكارها الى الماضي البعيد،
ولم تستطع أن تنكر انك باريس في ذاك الحين كان كالنجم المتألق ، يحوم حولها اينما
إتجهت ، وإن أنصفت ، كان مدعاة للفخر ان يكون زوجها حيث العيون تحدق بها من
كل جانب ، اعجابًا أو حسدًا وغيره ومع ذلك فإنه لم يكن لديها أي ميل للزواج مهما كان نوعه ، كانت قد
إتخذت قرارها بعدم الزواج ولن تلغيه لأي سبب من الأسباب ، غير ان رئيسها في العمل هاري دارك
يؤكد لها دوما ، انك باريس فيليب لو عاد وكرر طلبه ، لغيّرت رأيها وقبلت به.
وإن كان الأمر كذلك وهناك أية نتيجة من التكرار لأدرك باريس ذلك ، ولحق بها
الى انجلترا ليلح عليها بطلبه، وتساءلت ساندرا : هل كان لدى باريس أمل في ان تقبل
به يوما ؟ إذن لماذا لم يتبعها ؟ هل هناك من سبب منعه من ذلك؟ زواجها مثلا ؟
الحقيقة أن زواجها حدث بسرعة بعد عودتها ، غير انه كان هناك الوقت الكافي ليلحق
بها قبل ذلك
مرت هذه الأمور في مخيلة ساندرا، وعند هذه النقطة بالذات وقفت بعصبية متسائلة في نفسها
..... هل حقا كانت رغبتها أن يتبعها ؟ كتمت أنفاسها عند هذه الفكرة وقطبت
جبينها ، يجب أن تعرف ما في اعماقها ، يجب أن تحدد طريقها وفي الحال.
رفع باريس حاجبيه مستفسرا، يبدو أنه كان متابعا لصفحة وجهها التي تتغير بإستمرار منذ أن بدئوا العشاء وهي غارقة في افكارها حتى أنها لم تمس الطعام إلا قليلا، إحمر وجهها عندما أدركت متابعته ، وغزا الألم قلبها
ثم خفضت عينيها ونظرت في صحن طعامها
، وبصورة طبيعية، ضحك باريس ضحكة قصيرة، قبل ان يعود ليتابع حديثه مع هاري
حاولت ساندرا أن تستمع الى ما يدور بينهما من حديث ، فسمعت بعضا منه مثلا،
الأرض جيدة وتعطي عنبا من اجود الأصناف ، وتساءلت لماذا إذن يريد باريس أن
يبيعها ؟ وبثمن رخيص؟!
ثم سمعت هاري يشير الى أن المبلغ الذي يعرضه عليه هو ثمن محصول العنب لعدة
سنين ، وانه يمكن أن يستثمر هذا المبلغ على الفور ، مما جعل باريس يلوي شفتيه تهكمًا ويقول:
" لعلك نسيت أنني لست بحاجة الى مال لأستثمره ."
" ولكنك قلت في رسالتك أنك ترغب في البيع ، وإلا لما وجدتني هنا ، أليس
كذلك؟ ."
كان هاري يتكلم ، ولكن عيني باريس كانتا تنظران الى ساندرا التي إتسعت حدقتاها
لما تسمع ، فإبتسم ونظر بعيدا. وتساءلت ساندرا في نفسها : هل من المكن أن يكون باريس قد عرض الارض على مديرها هاري
ليحضره الى هنا من اجلها؟ وإن كان كذلك فلأي غاية؟
هناك في داخله شيء اعمق من أن يتصوره أحد، كرهها له أخذ يتزايد، وكل ما
كانت تبغيه هو أن تكون بعيدة عنه ، لأنها تعرف ان قوته تدعو الى الخوف ، أحست
أن هناك في داخلها شيئا يحذرها من المستقبل ، وإذا لم تستمع لهذا التحذير فإنها
ستقضي بقية حياتها في لوعة وندم.
نظر باريس الى هاري نظرة الواثق من نفسه ، وقال:
" أنا اعلم ان طبيعة عملك تضطرك الى السفر في كثير من الأحيان ، وقد تكون
الرحلة عديمة الجدوى احيانا ."!
حاول هاري ان يخفي إمتعاضه وقال :
" ارجو ألا تكون هذه الرحلة بالذات عديمة الجدوى ."
إبتسم اليوناني إبتسامة ماكرة قبل أن يسأله قائلا :
" لك ، أم لي؟
نظرت ساندرا اليه بحدة ، كانت اهدابه الطويلة تظلل عينيه ، فلم تستطع ان تقرأ ما
فيهما من معنى.
أجاب هاري :
" ربما تكون مريحة لكلينا ، فأنا أنوي أن اشتري كل شبر أرض يمكنك ان تبيعني إياه
".
قال باريس وهو يبتسم: " لا أظنك تريد ان تشتري نصف الجبل مثلا، جبلا أجرد مثل هذا؟." رفع هاري حاجبيه وقال :
" طبعا لا يا سيد باريس ، أنا لست راغبا بشراء الجبال."
" إذن ما قولك بالأرض التي تريد انت أو عميلك ، أن تبني عليها فنادق؟ ."
" فنادق أو فيللات كما تسمونها في اليونان."
" لا شك أن بلادنا مليئة بالسواح ، وستستفيد عندئذ من ذلك. " لم تعد ساندرا تسمع من مناقشتهما شيئا فقد شردت افكارها ومرة أخرى ذهبت الى
الماضي البعيد، تفكر في باريس فيليب ، رقته ، كرمه وحبه
ولكنه اصبح الآن
الرجل الذي قاده قدره الى سوء السبيل ، وصار ضحية لأخطائه ، تزوج زواجا
فاشلا، زواجا ترك جروحا عميقة أليمة في نفسه، جروحا لا تلتئم .
فهو يلومها ، ولماذا يفعل ؟ أليس خطئه ؟ ما دخلها به !
كان صوت هاري عاليا قطع عليها افكارها وأعادها من تأملاتها ، وسمعته يقول:
" آمل أن تعقد ولو صفقة واحدة على الأقل ، سيد باريس
هناك إحتمال كبير يا سيد هاري
فجأة قام المضيف اللبق وهو يتابع:
" سوف نكمل حديثنا هذا المساء بينما تاخذ السيدة قسطا من الراحة ."
إحمر وجه ساندرا من الإحراج ولكنها لم تقل شيئا هذه المرة
اجاب هاري عنها قائلا بجفاء:
" إن سكرتيرتي تبقى عادة معي عندما أقوم بأي عمل وأنا أفضل هذا إذا لم يكن
لديك مانع."
لمعت عينا باريس ونظر نظرة غريبة نحو هاري واجاب:
" وأنا افضل أن يكون حديثنا للرجال فقط، أعني ان العمل الذي اريد ان أبحثه معك
يخصك وحدك ."
ثم توقف عن الكلام ، واخذ ينظر الى ساندرا جف ريقها وشحب لونها واحست
أن شهيتها للطعام قد زالت، ولكنها لم ترغب أن يلحظ مضيفها ذلك، فرفعت
الشوكة الى فمها.
" سوف تأوين الى فراشك بعد العشاء."
كان أمرا ألقي من قبل باريس فيليب ولكن بطريقة لطيفة ولم تجرؤ ساندرا ان تعصي ، على
اية حال فإنه من المفرح والمريح ان تبتعد عنه ، فهو يريد ان يهزمها ، وان يسيطر
عليها ، أن يتركها لا حول لها ولا قوة .
خرجوا الى الفناء الواسع ، جلسوا حول الطاولة ليشربوا القهوة، كانت الأزهار
جميلة في احواضها ، أخاذة بأشكالها وألوانها ، رائحتها تشرح الصدر وتنعش الفؤاد،
ولكن ساندرا لم تلتفت لكل هذا، وكان همها أن تسرع في شرب قهوتها ، متلهفة
للذهاب.
مما لا ريب فيه أن هاري كان حانقا ، مغتاظا بينه وبين نفسه ، ولكنه لا يملك إلا
الإذعان لما يمليه باريس، فقد جاء لغرض معين وليس من مصالحه أن يعادي الرجل
الذي يامل ان تتم معه الصفقة ويخسر الارض التي يريد بشدة شرائها ولذا فإنه لم يعترض
وضعت شوكتها ثم تحركت ببطء من مقعدها و وقفت ساندرا وقالت
تصبحان على خير
في خطوط عميقة، ذاك الوجه الذي وصفته ساندرا في يوم من الأيام بانه أجمل رجل رأته
في حياتها ، أو من الممكن أن تراه
هل يمكن أن يكون زواجها هو الذي أوصله الى هذه الحالة ؟ هو الذي احدث فيه
هذا التغيير الكامل في طبيعته ومظهره
إرتجفت ساندرا ثانية ، فهناك في صدرها لوعة عميقة وندم يجب ان يبقيا في سرها ، حتى يأتي الوقت المناسب.
قررت تجاهل سؤاله والرد عليه بطريقة ملتوية، توجيه الدفة ناحيته وسألتها
" زوجتك .... أين هي الان؟ ."
" ماتت! قتلت مع خليلها .".... خرجت من صدره آهة حرى ،
وعيناه رشقتا ساندرا بنظرات لا معنى للرحمة فيها ، ثم
أضاف:
" العدالة تمت ! ولكن الأمر لا يهمني ابدا ، فأنا سألتك سؤالا اريد عليه الجواب! ."
كان لباريس قوة سحرية عجيبة، جعلتها تتكلم بشكل عفوي وبدون ترتيب
" كان رجلا غنيا ، حيث ."...
" انا مدرك تماما أنه كان ثريا ، وأنت حسبت أنه أكثر مني ثراء ، فهل هذا هو سبب
زواجك منه وبعد اسابيع قليلة فقط من رفضك الزواج مني ؟ فقط بضعة اسابيع بعد ان اقسمت أنك لن تتزوجي بآخر ، أليس كذلك؟."
لا ! هناك أسباب مختلفة تمامًا عن الثراء
هكذا قالت، ظهرت أمامه وكأنها تبرر لجريمتها فقال
لقد اخفتك ، أليس كذلك ؟ ولذا تحاولين الكذب
ثار غضبها فقاطعته بحزم قائلة :
أنا لست بحاجة الى الكذب، أنت لم تكن معي، وأنا حرة في حياتي
أخبرته بذلك وصدرها يعلو ويهبط من فرط العصبية وتسائلت في نفسها ترى بأي حق يسألها هذه الأسئلة ؟ وتذكرت أسلوبه القديم
المليء بمعاني التملك والذي سبق وخاطبها به ، وتمر السنون عديدة، ويعود الى مخاطبتها بنفس الأسلوب
فثارت مشاعرها مرة أخرى لكنها هذه المرة أكملت حديثها بثبات:
" زواجي يخصني وحدي، وأنك تغيظني باسئلتك هذه التي لا شأن لك بها ."
ضاقت عيناه الداكنتان وقال:
" ليس الإستياء ما تشعرين به وإنما الخجل ، على ما اظن ."
صعد الدم الى وجنتيها وقالت:
" سيد باريس ، هل تمانع في إقفال هذا الموضوع ؟ هذا أمر شخصي وموضوع قديم لا أريد التحدث فيه خاصة وأنك تجبرني على الحديث، لقد جئت أنا ورئيسي الى هنا في عمل ومن الأفضل أن لا تنسى ذلك، والآن أرجو ان تسمح لي
وتابعت وهي تقف وتبتعد عن ذلك الشخص المتسلط المستفز لمشاعرها الهادئه بطبعها :
" أحب أن أعود الى غرفتي إلى أن يحين موعد العشاء."
خيم الصمت على المكان، تحركت ثانية، ولكن قوتها خانتها، ورفضت ساقاها أن تتحرك !
تعالي الى هنا ، ساندرا
قال ذلك بلهجة آمره متجاهلا ما قالته وأخبرته به منذ قليل ، وعندها قررت التحرك وتجاهله أيضًا مثلما تجاهلها، كانت قد بلغت الباب، ووضعت يدها على المقبض لتفتحه
كرر باريس أمره وبصوت أعلى :
عودي إلى هنا !
أحست باللون يفر من خديها وكأن قلبها توقف عن الخفقان، راحت كل تلك الشجاعة التي تحلت بها فجأه والتي اوصلتها إلى باب الغرفة لتجد نفسها تتعثر بالكلام وتقول بصوت ضعيف !
أنا.... أنا أريد أن أذهب الى غرفتي
ورغم هذا الضعف حركت يدها ورفعتها نحو المقبض لتضغط عليه وينفتح الباب، وقبل أن تسحبه لتخرج، تقدم نحوها بحركة سريعة كالنم ، وأمسك بمعصمها، أغلق الباب
وقرّبها منه،وضمّها إليه ، وهو يقول
" لقد أمرتك أن تأتي إلي ."
كان وجهه قريبا من وجهها، فأحست بانفاسه حارة على خدها، لتزيده احمرارا على احمراره
وتابع يقول:
" لقد كنت اريدك وانت بعيدة ، أكثر من تلك الأيام التي كنت فيها قريبة مني."
كان صوته مضطربا يحترق بلهيب الغيرة ، وساندرا لم تستطع ان تفلت من بين يديه،
فهمس قائلا بعاطفه أحستها منه من قبل، وكأنه عاد لذلك الذي كان عليه من قبل، باريس الرقيق، قائلأ
" ساندرا، أنت لي ، أنا أريدك الان أكثر من أي وقت مضى، ستكونين لي ، هل تسمعين ؟ ستكونين زوجتي!
المصيدة فتحت مرة أخرى، وكالعادة ساندرا هي الفريسة، وقبل أن تحاول الرفض أو التحرك جاءهم طرق على باب الغرفة، فإبتعد باريس عن ساندرا التي تحركت بسرعة للخلف تحاول أن تكون هادئه برغم ما مرت به منذ ثوان قليلة!
عاد هاري الى الغرفة بعد ما يقرب من عشرين دقيقة، كان يبدو أكثر جاذبية
ببدلته الرصاصية الداكنة وقميصه الأبيض
اخذ هاري ينقل الطرف بين ساندرا محمرة البشرة وباريس مقطب الجبين غضبًا، من غير ان يطرأ أي تغيير على تعابير
وجهه، أحس بشيء يحدث بينه لكنه فضل تجاهل الأمر، ثم راح يتحدث الى باريس ، وساندرا تراقبه وهي تحس بقلبها يكاد ينفجر من
شدة الخفقان بسبب تلك الطريقة الموجعة الوحشية التي أمسكها بها باريس، رفعت معصمها إليها، بصماته حولت معصمها إلى سوار أحمر حتى انها أحست بدموع ساخنه في عينيها
إلتفت اليها باريس وعلامات الفرح والإنتصار بادية في عينيه ، من الخوف الذي سببه
لها والإضطراب الذي بدا عليها ولم تستطع إخفائه.
طرق الخادم الباب ، وقطع ذلك المشهد الغريب القائم بين ثلاثتهم
وفتحه بهدوء ، وقال :
" العشاء جاهز، يا سيد فيليب "
" سنكون هناك على الفور."
" أمرك سيد فيليب "
إنسحب الرجل، وألتقت عينا ساندرا بعيني باريس ، فرأت نظرات الإحتقار فيهما ،
وتذكرت كيف كان يعامل الخدم فيما مضى ، بتلك الطريقة المليئة بالمودة والإبتسام ،
كيف إنقلبت الى هذا الأسلوب من القسوة والإحتقار ؟ لا تدري ، لعل المرارة
والوهم الذين يعيش فيهما غيّرا جميع طباعه، وجعلاه يفقد كل معاني الإنسانية!
اقتحمتها هذه الفكرة متجاهله حديثه عن تملكه لها وزواجه منها
كان باريس وهاري يتحادثان أثناء الطعام وساندرا لازالت تسرح بأفكارها الى الماضي البعيد،
ولم تستطع أن تنكر انك باريس في ذاك الحين كان كالنجم المتألق ، يحوم حولها اينما
إتجهت ، وإن أنصفت ، كان مدعاة للفخر ان يكون زوجها حيث العيون تحدق بها من
كل جانب ، اعجابًا أو حسدًا وغيره ومع ذلك فإنه لم يكن لديها أي ميل للزواج مهما كان نوعه ، كانت قد
إتخذت قرارها بعدم الزواج ولن تلغيه لأي سبب من الأسباب ، غير ان رئيسها في العمل هاري دارك
يؤكد لها دوما ، انك باريس فيليب لو عاد وكرر طلبه ، لغيّرت رأيها وقبلت به.
وإن كان الأمر كذلك وهناك أية نتيجة من التكرار لأدرك باريس ذلك ، ولحق بها
الى انجلترا ليلح عليها بطلبه، وتساءلت ساندرا : هل كان لدى باريس أمل في ان تقبل
به يوما ؟ إذن لماذا لم يتبعها ؟ هل هناك من سبب منعه من ذلك؟ زواجها مثلا ؟
الحقيقة أن زواجها حدث بسرعة بعد عودتها ، غير انه كان هناك الوقت الكافي ليلحق
بها قبل ذلك
مرت هذه الأمور في مخيلة ساندرا، وعند هذه النقطة بالذات وقفت بعصبية متسائلة في نفسها
..... هل حقا كانت رغبتها أن يتبعها ؟ كتمت أنفاسها عند هذه الفكرة وقطبت
جبينها ، يجب أن تعرف ما في اعماقها ، يجب أن تحدد طريقها وفي الحال.
رفع باريس حاجبيه مستفسرا، يبدو أنه كان متابعا لصفحة وجهها التي تتغير بإستمرار منذ أن بدئوا العشاء وهي غارقة في افكارها حتى أنها لم تمس الطعام إلا قليلا، إحمر وجهها عندما أدركت متابعته ، وغزا الألم قلبها
ثم خفضت عينيها ونظرت في صحن طعامها
، وبصورة طبيعية، ضحك باريس ضحكة قصيرة، قبل ان يعود ليتابع حديثه مع هاري
حاولت ساندرا أن تستمع الى ما يدور بينهما من حديث ، فسمعت بعضا منه مثلا،
الأرض جيدة وتعطي عنبا من اجود الأصناف ، وتساءلت لماذا إذن يريد باريس أن
يبيعها ؟ وبثمن رخيص؟!
عاد هاري الى الغرفة بعد ما يقرب من عشرين دقيقة، كان يبدو أكثر جاذبية
ببدلته الرصاصية الداكنة وقميصه الأبيض
اخذ هاري ينقل الطرف بين ساندرا محمرة البشرة وباريس مقطب الجبين غضبًا، من غير ان يطرأ أي تغيير على تعابير
وجهه، أحس بشيء يحدث بينه لكنه فضل تجاهل الأمر، ثم راح يتحدث الى باريس ، وساندرا تراقبه وهي تحس بقلبها يكاد ينفجر من
شدة الخفقان بسبب تلك الطريقة الموجعة الوحشية التي أمسكها بها باريس، رفعت معصمها إليها، بصماته حولت معصمها إلى سوار أحمر حتى انها أحست بدموع ساخنه في عينيها
إلتفت اليها باريس وعلامات الفرح والإنتصار بادية في عينيه ، من الخوف الذي سببه
لها والإضطراب الذي بدا عليها ولم تستطع إخفائه.
طرق الخادم الباب ، وقطع ذلك المشهد الغريب القائم بين ثلاثتهم
وفتحه بهدوء ، وقال :
" العشاء جاهز، يا سيد فيليب "
" سنكون هناك على الفور."
" أمرك سيد فيليب "
إنسحب الرجل، وألتقت عينا ساندرا بعيني باريس ، فرأت نظرات الإحتقار فيهما ،
وتذكرت كيف كان يعامل الخدم فيما مضى ، بتلك الطريقة المليئة بالمودة والإبتسام ،
كيف إنقلبت الى هذا الأسلوب من القسوة والإحتقار ؟ لا تدري ، لعل المرارة
والوهم الذين يعيش فيهما غيّرا جميع طباعه، وجعلاه يفقد كل معاني الإنسانية!
اقتحمتها هذه الفكرة متجاهله حديثه عن تملكه لها وزواجه منها
كان باريس وهاري يتحادثان أثناء الطعام وساندرا لازالت تسرح بأفكارها الى الماضي البعيد،
ولم تستطع أن تنكر انك باريس في ذاك الحين كان كالنجم المتألق ، يحوم حولها اينما
إتجهت ، وإن أنصفت ، كان مدعاة للفخر ان يكون زوجها حيث العيون تحدق بها من
كل جانب ، اعجابًا أو حسدًا وغيره ومع ذلك فإنه لم يكن لديها أي ميل للزواج مهما كان نوعه ، كانت قد
إتخذت قرارها بعدم الزواج ولن تلغيه لأي سبب من الأسباب ، غير ان رئيسها في العمل هاري دارك
يؤكد لها دوما ، انك باريس فيليب لو عاد وكرر طلبه ، لغيّرت رأيها وقبلت به.
وإن كان الأمر كذلك وهناك أية نتيجة من التكرار لأدرك باريس ذلك ، ولحق بها
الى انجلترا ليلح عليها بطلبه، وتساءلت ساندرا : هل كان لدى باريس أمل في ان تقبل
به يوما ؟ إذن لماذا لم يتبعها ؟ هل هناك من سبب منعه من ذلك؟ زواجها مثلا ؟
الحقيقة أن زواجها حدث بسرعة بعد عودتها ، غير انه كان هناك الوقت الكافي ليلحق
بها قبل ذلك
مرت هذه الأمور في مخيلة ساندرا، وعند هذه النقطة بالذات وقفت بعصبية متسائلة في نفسها
..... هل حقا كانت رغبتها أن يتبعها ؟ كتمت أنفاسها عند هذه الفكرة وقطبت
جبينها ، يجب أن تعرف ما في اعماقها ، يجب أن تحدد طريقها وفي الحال.
رفع باريس حاجبيه مستفسرا، يبدو أنه كان متابعا لصفحة وجهها التي تتغير بإستمرار منذ أن بدئوا العشاء وهي غارقة في افكارها حتى أنها لم تمس الطعام إلا قليلا، إحمر وجهها عندما أدركت متابعته ، وغزا الألم قلبها
ثم خفضت عينيها ونظرت في صحن طعامها
، وبصورة طبيعية، ضحك باريس ضحكة قصيرة، قبل ان يعود ليتابع حديثه مع هاري
حاولت ساندرا أن تستمع الى ما يدور بينهما من حديث ، فسمعت بعضا منه مثلا،
الأرض جيدة وتعطي عنبا من اجود الأصناف ، وتساءلت لماذا إذن يريد باريس أن
يبيعها ؟ وبثمن رخيص؟!
ثم سمعت هاري يشير الى أن المبلغ الذي يعرضه عليه هو ثمن محصول العنب لعدة
سنين ، وانه يمكن أن يستثمر هذا المبلغ على الفور ، مما جعل باريس يلوي شفتيه تهكمًا ويقول:
" لعلك نسيت أنني لست بحاجة الى مال لأستثمره ."
" ولكنك قلت في رسالتك أنك ترغب في البيع ، وإلا لما وجدتني هنا ، أليس
كذلك؟ ."
كان هاري يتكلم ، ولكن عيني باريس كانتا تنظران الى ساندرا التي إتسعت حدقتاها
لما تسمع ، فإبتسم ونظر بعيدا. وتساءلت ساندرا في نفسها : هل من المكن أن يكون باريس قد عرض الارض على مديرها هاري
ليحضره الى هنا من اجلها؟ وإن كان كذلك فلأي غاية؟
هناك في داخله شيء اعمق من أن يتصوره أحد، كرهها له أخذ يتزايد، وكل ما
كانت تبغيه هو أن تكون بعيدة عنه ، لأنها تعرف ان قوته تدعو الى الخوف ، أحست
أن هناك في داخلها شيئا يحذرها من المستقبل ، وإذا لم تستمع لهذا التحذير فإنها
ستقضي بقية حياتها في لوعة وندم.
نظر باريس الى هاري نظرة الواثق من نفسه ، وقال:
" أنا اعلم ان طبيعة عملك تضطرك الى السفر في كثير من الأحيان ، وقد تكون
الرحلة عديمة الجدوى احيانا ."!
حاول هاري ان يخفي إمتعاضه وقال :
" ارجو ألا تكون هذه الرحلة بالذات عديمة الجدوى ."
إبتسم اليوناني إبتسامة ماكرة قبل أن يسأله قائلا :
" لك ، أم لي؟
نظرت ساندرا اليه بحدة ، كانت اهدابه الطويلة تظلل عينيه ، فلم تستطع ان تقرأ ما
فيهما من معنى.
أجاب هاري :
" ربما تكون مريحة لكلينا ، فأنا أنوي أن اشتري كل شبر أرض يمكنك ان تبيعني إياه
".
قال باريس وهو يبتسم: " لا أظنك تريد ان تشتري نصف الجبل مثلا، جبلا أجرد مثل هذا؟." رفع هاري حاجبيه وقال :
" طبعا لا يا سيد باريس ، أنا لست راغبا بشراء الجبال."
" إذن ما قولك بالأرض التي تريد انت أو عميلك ، أن تبني عليها فنادق؟ ."
" فنادق أو فيللات كما تسمونها في اليونان."
" لا شك أن بلادنا مليئة بالسواح ، وستستفيد عندئذ من ذلك. " لم تعد ساندرا تسمع من مناقشتهما شيئا فقد شردت افكارها ومرة أخرى ذهبت الى
الماضي البعيد، تفكر في باريس فيليب ، رقته ، كرمه وحبه
ولكنه اصبح الآن
الرجل الذي قاده قدره الى سوء السبيل ، وصار ضحية لأخطائه ، تزوج زواجا
فاشلا، زواجا ترك جروحا عميقة أليمة في نفسه، جروحا لا تلتئم .
فهو يلومها ، ولماذا يفعل ؟ أليس خطئه ؟ ما دخلها به !
كان صوت هاري عاليا قطع عليها افكارها وأعادها من تأملاتها ، وسمعته يقول:
" آمل أن تعقد ولو صفقة واحدة على الأقل ، سيد باريس
هناك إحتمال كبير يا سيد هاري
فجأة قام المضيف اللبق وهو يتابع:
" سوف نكمل حديثنا هذا المساء بينما تاخذ السيدة قسطا من الراحة ."
إحمر وجه ساندرا من الإحراج ولكنها لم تقل شيئا هذه المرة
اجاب هاري عنها قائلا بجفاء:
" إن سكرتيرتي تبقى عادة معي عندما أقوم بأي عمل وأنا أفضل هذا إذا لم يكن
لديك مانع."
لمعت عينا باريس ونظر نظرة غريبة نحو هاري واجاب:
" وأنا افضل أن يكون حديثنا للرجال فقط، أعني ان العمل الذي اريد ان أبحثه معك
يخصك وحدك ."
ثم توقف عن الكلام ، واخذ ينظر الى ساندرا جف ريقها وشحب لونها واحست
أن شهيتها للطعام قد زالت، ولكنها لم ترغب أن يلحظ مضيفها ذلك، فرفعت
الشوكة الى فمها.
" سوف تأوين الى فراشك بعد العشاء."
كان أمرا ألقي من قبل باريس فيليب ولكن بطريقة لطيفة ولم تجرؤ ساندرا ان تعصي ، على
اية حال فإنه من المفرح والمريح ان تبتعد عنه ، فهو يريد ان يهزمها ، وان يسيطر
عليها ، أن يتركها لا حول لها ولا قوة .
خرجوا الى الفناء الواسع ، جلسوا حول الطاولة ليشربوا القهوة، كانت الأزهار
جميلة في احواضها ، أخاذة بأشكالها وألوانها ، رائحتها تشرح الصدر وتنعش الفؤاد،
ولكن ساندرا لم تلتفت لكل هذا، وكان همها أن تسرع في شرب قهوتها ، متلهفة
للذهاب.
مما لا ريب فيه أن هاري كان حانقا ، مغتاظا بينه وبين نفسه ، ولكنه لا يملك إلا
الإذعان لما يمليه باريس، فقد جاء لغرض معين وليس من مصالحه أن يعادي الرجل
الذي يامل ان تتم معه الصفقة ويخسر الارض التي يريد بشدة شرائها ولذا فإنه لم يعترض
وضعت شوكتها ثم تحركت ببطء من مقعدها و وقفت ساندرا وقالت
تصبحان على خير