الرابع
جلس علـي حافة فراشهِ بعد أن أنهي صلاتهُ ، ثم إلتقط عويناته و جُرناله من علي صوانة السرير و بدأ يتصفح الجُرنـال بإستمتاع ، أصيلّ هو .. يُحب الإحتفاظ برائحة المـاضي متمثلًا في كـل شئ ، هاتفهُ. ، ملابسهُ ، كتبهُ ، طعامهُ ، حتي جُرناله.
كثيرًا ما ألحّت عليهِ إبنتهُ أن يبتاع هاتفًا حديثًا حتي يتمكن من مواكبة التطورات العصريه و لكنهُ كان يرفض معللًا : من فات قديمه تاه!
أمسك جُرنالهُ و بدأ يتصفح صفحـة الوظائف كعادته كل يوم لِتقع عيناه علي ذلك الخبر الذي جعل عيناه تبرق ببريق الفرح وراح يتمتم : يا فرج الله.
" مطلوب مهندسين تصميم معماري حديثي التخرج للعمل بشركة المسلماني جروب للمقاولات شرط أن يجيد أعمال المكتب الفنـي ''
إبتهج قلبهُ و أسرع نحو غرفتها يزُف إليها البشري ، طرق بابها بفرحه بدأت تتلاشي رويدًا رويدًا عندما لم تفتح الباب..
_ آصــال!.. إنتي نايمه يا بنتي؟!
إنتظر لثوانٍ قليلة لم يأتهِ الرد خلالها فأدار مقبض الباب بحذر ليُفاجأ بها مسچيه أرضًا..
هرع نحوها بخوفٍ ينهش قلبه و يأكل داخلهُ ثم حملها و وضعها بفراشها و أسرع يجلب كوبًا من الماء و بدأ ينثر منهُ علي وجهها..
_آصــال.. مالك يا حبيبة أبوكـي؟!
أفاقت كميتٍ قد عادت إليه روحهِ للتو ، شاحبة الوجه ، باردة الأطراف ، و حين رأته يقبع أمامها وَچِلَت و عادت يداها ترچف من جديد..
=تليفوني فين؟!
تسائلت بأعين مذعورة وهي تبحث عنهُ بعينيها يمينًا و يسارًا ليقول والدها : مش عارف ، هو مش معاكي؟
إطمئنت عندما عَلِمت أن والدها لم يري ما يحتويه هاتفها و عند تلك الذكري عادت إليها نوبة بكاؤها من جديد..
_مالك يا بنتي، بسم الله الرحمن الرحيم..
قالها والدها وهو يقترب منها ، يضع يُمناه فوق رأسها و يغمغم بصوتهِ العذب بآياتٍ من القرآن الكريم فأجهشت بالبكـاء و ألقت بنفسها داخل أحضانهِ تبكي و تنوح علي ما آلت إليهِ أحوالِها..
إنقبض قلبه ؛ فتلك هي أول مرة يري فيها صغيرتهُ بتلك الحـال!
لقد عَهِدها قوية، متمرده ، عنيـده!
ما بالِ قلبُها قد أصبح هشًا هزيلًا و دمعاتها باتت تجري على خدّيها بهوان!
سألها والخوف يعيثُ فسادًا في قلبهُ : مالك يا بابا؟! حد مضايقك؟
أومأت برأسها أن لا وقالت: مفيش حاجه يا بابا، مخنوقه شويه وهبقا كويسه دلوقتي.
مسح على وجهها بيديه وقال: لا أكيد في حاجه موتراكي و قلقاكي، قولي لبابا ومتخافيش، كل حاجه ليها حل إن شاء الله.
أغمضت عيناها بتعب وقالت: يا بابا لو سمحت…
قاطعها قائلًا: طيب خلاص خلاص.. من غير عياط أنا هسكت.. بس تأكدي إن كل حاجه في حياتك مش هتعرفي تحليها إلا لو كنتي هاديه.. التوتر بيزود المشاكل ويخليكي تتصرفي غلط.
أومأت وكإنما تسمعهُ لينهض واقفًا ثم قال: لما تروقي كده تعالي نتكلم… لسه شايف إعلان توظيف دلوقتي…
قاطعتهُ قائلة: بعد إذنك يا بابا أنا مش قادره أتكلم دلوقتي ، بعدين.
أومأ برأسهِ بهدوء ثم خرج من غرفتها و أغلق الباب خلفه لتسرع هي تبحث عن هاتفها بلهفه حتي وجدتهُ إلي جانب السرير..
فتحتهُ لتجد العديد من الرسائل التي بعث بها ذاك اللعين إليها ، همّت بالرد قبل أن تنتفض فزعًا عندما إهتز هاتفها بين يديها مسفرًا عن مكالمة وارده منهُ..
أجابت دون تفكير ، صوت تنهيداتها الخائفة كان كفيلًا بأن يخبره عن مدي خوفها و إضطرابها..
_ألو!!
ضحك بفظاظه قاصدًا إثارة ريبتها و إتلاف أعصابها..
_ألو؟!.. إنت عايز مني إيه؟
جاءها صوتهُ الهادئ المُريب قائلًا : قولتلك أنا عايز إيه..
_بس.. بس أنا مفيش معايا المبلغ ده ولا معايا ربعه حتي.. لو مش مصدقني إسأل وإنت تعرف إن والدي موظف حكومي حاله علي قده، يعني إستحاله أقدر أوفر المبلغ ده ولا في سنه حتي!!
=امممم.. طيب بلاش الدفع، عندك الحل التاني!
إرتعش بدنُها و أجفل قلبها فقالت: إستحالة، إستحالة أعمل كده!! ده حرام!!!
صمت قليلًا ثم قال: طيب، تابعي معانا بكرة الساعه ١٠ ، مبروك عليكي التريند.
سالت دمعاتها بقهرٍ وقالت: لو سمحت.. وحياة ولادك ، وحياة أغلي حد عندك متعملش فيا كده، انا والدي مريض قلب ولو شاف حاجه زي دي هيموت فيها..
تحوّل هدوئه لإعصارٍ عاتٍ وقال بإنفعال: بقوللك إيه يا بت إنتي، بلاش جو الصعبنيات ده!! معنديش غير حل من الاتنين، يا تجيبي الفلوس يا إما تجيلي ونقضيهااا بالنص مليون جنيه اللي عليكي..
أغمضت عيناها تعتصر دمعاتها بألمٍ يكاد يُزهق روحها ، لقد وقعت بين مخالب الشياطين و لا شئٍ عليها سوي السمع والطاعة.
_طيب اديني مهله أفكر!
أطلق ضحكة ساخطه ثم أردف : مهله ؟! طيب.. فكري وبلغيني بقرارك قبل الساعه ٩.
أنهي المكالـمة دون إنذار و تركها تبكي كمن أتاها نبأ وفاة غواليها.
تفكر مليًّا ، أنّي لها أن تخرج من تلك الضائقة ؟!
هل تخبر والدها؟! و بماذا ستخبرهُ ؟! بأنها قد خالفت أوامره و ذهبت إلي ذاك الطريق الذي نهاها عنهُ ؟!
أتخبرهُ بأنها قد عصتهُ و ما إن تبينت أنه كان محقًا حتي عادت تستغيث به !
أتخذله و تحطم فؤاده و تتركه مهزومًا مقهورًا ؟!
لاا.. إنها الوحيـده المسئولة عن ذلك و وحدها ستصلح ما أفسدتهُ.
كثيرًا ما ألحّت عليهِ إبنتهُ أن يبتاع هاتفًا حديثًا حتي يتمكن من مواكبة التطورات العصريه و لكنهُ كان يرفض معللًا : من فات قديمه تاه!
أمسك جُرنالهُ و بدأ يتصفح صفحـة الوظائف كعادته كل يوم لِتقع عيناه علي ذلك الخبر الذي جعل عيناه تبرق ببريق الفرح وراح يتمتم : يا فرج الله.
" مطلوب مهندسين تصميم معماري حديثي التخرج للعمل بشركة المسلماني جروب للمقاولات شرط أن يجيد أعمال المكتب الفنـي ''
إبتهج قلبهُ و أسرع نحو غرفتها يزُف إليها البشري ، طرق بابها بفرحه بدأت تتلاشي رويدًا رويدًا عندما لم تفتح الباب..
_ آصــال!.. إنتي نايمه يا بنتي؟!
إنتظر لثوانٍ قليلة لم يأتهِ الرد خلالها فأدار مقبض الباب بحذر ليُفاجأ بها مسچيه أرضًا..
هرع نحوها بخوفٍ ينهش قلبه و يأكل داخلهُ ثم حملها و وضعها بفراشها و أسرع يجلب كوبًا من الماء و بدأ ينثر منهُ علي وجهها..
_آصــال.. مالك يا حبيبة أبوكـي؟!
أفاقت كميتٍ قد عادت إليه روحهِ للتو ، شاحبة الوجه ، باردة الأطراف ، و حين رأته يقبع أمامها وَچِلَت و عادت يداها ترچف من جديد..
=تليفوني فين؟!
تسائلت بأعين مذعورة وهي تبحث عنهُ بعينيها يمينًا و يسارًا ليقول والدها : مش عارف ، هو مش معاكي؟
إطمئنت عندما عَلِمت أن والدها لم يري ما يحتويه هاتفها و عند تلك الذكري عادت إليها نوبة بكاؤها من جديد..
_مالك يا بنتي، بسم الله الرحمن الرحيم..
قالها والدها وهو يقترب منها ، يضع يُمناه فوق رأسها و يغمغم بصوتهِ العذب بآياتٍ من القرآن الكريم فأجهشت بالبكـاء و ألقت بنفسها داخل أحضانهِ تبكي و تنوح علي ما آلت إليهِ أحوالِها..
إنقبض قلبه ؛ فتلك هي أول مرة يري فيها صغيرتهُ بتلك الحـال!
لقد عَهِدها قوية، متمرده ، عنيـده!
ما بالِ قلبُها قد أصبح هشًا هزيلًا و دمعاتها باتت تجري على خدّيها بهوان!
سألها والخوف يعيثُ فسادًا في قلبهُ : مالك يا بابا؟! حد مضايقك؟
أومأت برأسها أن لا وقالت: مفيش حاجه يا بابا، مخنوقه شويه وهبقا كويسه دلوقتي.
مسح على وجهها بيديه وقال: لا أكيد في حاجه موتراكي و قلقاكي، قولي لبابا ومتخافيش، كل حاجه ليها حل إن شاء الله.
أغمضت عيناها بتعب وقالت: يا بابا لو سمحت…
قاطعها قائلًا: طيب خلاص خلاص.. من غير عياط أنا هسكت.. بس تأكدي إن كل حاجه في حياتك مش هتعرفي تحليها إلا لو كنتي هاديه.. التوتر بيزود المشاكل ويخليكي تتصرفي غلط.
أومأت وكإنما تسمعهُ لينهض واقفًا ثم قال: لما تروقي كده تعالي نتكلم… لسه شايف إعلان توظيف دلوقتي…
قاطعتهُ قائلة: بعد إذنك يا بابا أنا مش قادره أتكلم دلوقتي ، بعدين.
أومأ برأسهِ بهدوء ثم خرج من غرفتها و أغلق الباب خلفه لتسرع هي تبحث عن هاتفها بلهفه حتي وجدتهُ إلي جانب السرير..
فتحتهُ لتجد العديد من الرسائل التي بعث بها ذاك اللعين إليها ، همّت بالرد قبل أن تنتفض فزعًا عندما إهتز هاتفها بين يديها مسفرًا عن مكالمة وارده منهُ..
أجابت دون تفكير ، صوت تنهيداتها الخائفة كان كفيلًا بأن يخبره عن مدي خوفها و إضطرابها..
_ألو!!
ضحك بفظاظه قاصدًا إثارة ريبتها و إتلاف أعصابها..
_ألو؟!.. إنت عايز مني إيه؟
جاءها صوتهُ الهادئ المُريب قائلًا : قولتلك أنا عايز إيه..
_بس.. بس أنا مفيش معايا المبلغ ده ولا معايا ربعه حتي.. لو مش مصدقني إسأل وإنت تعرف إن والدي موظف حكومي حاله علي قده، يعني إستحاله أقدر أوفر المبلغ ده ولا في سنه حتي!!
=امممم.. طيب بلاش الدفع، عندك الحل التاني!
إرتعش بدنُها و أجفل قلبها فقالت: إستحالة، إستحالة أعمل كده!! ده حرام!!!
صمت قليلًا ثم قال: طيب، تابعي معانا بكرة الساعه ١٠ ، مبروك عليكي التريند.
سالت دمعاتها بقهرٍ وقالت: لو سمحت.. وحياة ولادك ، وحياة أغلي حد عندك متعملش فيا كده، انا والدي مريض قلب ولو شاف حاجه زي دي هيموت فيها..
تحوّل هدوئه لإعصارٍ عاتٍ وقال بإنفعال: بقوللك إيه يا بت إنتي، بلاش جو الصعبنيات ده!! معنديش غير حل من الاتنين، يا تجيبي الفلوس يا إما تجيلي ونقضيهااا بالنص مليون جنيه اللي عليكي..
أغمضت عيناها تعتصر دمعاتها بألمٍ يكاد يُزهق روحها ، لقد وقعت بين مخالب الشياطين و لا شئٍ عليها سوي السمع والطاعة.
_طيب اديني مهله أفكر!
أطلق ضحكة ساخطه ثم أردف : مهله ؟! طيب.. فكري وبلغيني بقرارك قبل الساعه ٩.
أنهي المكالـمة دون إنذار و تركها تبكي كمن أتاها نبأ وفاة غواليها.
تفكر مليًّا ، أنّي لها أن تخرج من تلك الضائقة ؟!
هل تخبر والدها؟! و بماذا ستخبرهُ ؟! بأنها قد خالفت أوامره و ذهبت إلي ذاك الطريق الذي نهاها عنهُ ؟!
أتخبرهُ بأنها قد عصتهُ و ما إن تبينت أنه كان محقًا حتي عادت تستغيث به !
أتخذله و تحطم فؤاده و تتركه مهزومًا مقهورًا ؟!
لاا.. إنها الوحيـده المسئولة عن ذلك و وحدها ستصلح ما أفسدتهُ.