الفصل الخامس
صرخت مروه بزعر وهي تري الباب يفتح بقوة وعاصم يطل عليها بهيئته الجبارة والعصبية واضحة علي ملامحه، اقترب منها علي حين غفلة وأمسك زراعها بقوة وحدة وفي اليد الأخرى يمسك ورقة يحركها بين أنامله بعصبية ويهزها بقوة وصرخ في مروه بعصبية جعل قلبها يسقط أرضا من شده الرعب:
_ منكن أعرف ليه عملتي كده؟
_ أنا، أنا
قالتها بارتباك وحروف متقطعة وتنظر إليه برعب وخوف وخصوصا علي ملامحه القاسية، وانكمشت علي نفسها أكثر عندما قال بعصبية:
_ انتي ايه؟ انتي مهملة ليه كده؟
قالها وهو يكز علي أسنانه بينما دفعها بحدة بعيدا عنه وكأنها حشرة صغيرة يخشي أن تلوث يديه، كانت وصلت إلي أقصي مراحل الرعب وهي تتخيل أنه قد علم بموضوع الحفل وتلك الصورة وصلت إليه فقد أكتشف أمرها إذا وسينتهي أمرها علي يديه.
أقترب منها مرة أخري ووضع تلك الورقة أمام عينيها وقال بنفس الغضب والعصبية:
_ أنا مش قادر أصدق فشلك ده، جايبه صفر في الامتحان يا مروه ليه؟ هو أنا قصرت معاكي في ايه انطقي، دروس وبتروحي بدل الدرس اثنين وثلاثة وإلي مش فاهمه معاه بغيرهولك ذي إلي بتغيري فساتينك
ابتسم بسخرية أمام عينيها هامسا بحنق بينما لف حول نفسه نصف دائرة يجذب خصلات شعره بغضب ثم توقف مره أخري أمامها:
_ ده أنا قايدلك صوابعي كلها شمع، بقيت داده علشان خاطرك يا ست هانم، اتعلمت الطبخ مخصوص علشان أعملك إلى نفسك فيه ويكون صحي ومش ملوث يتعب البرنسيسة ولا حاجة، ليه ما قدرتيش ده ها، ليه مقدرتيش الي بعمله علشان خاطرك أنتي شايفه اني استاهل منك ده
تنهدت براحة كبيرة عندما علمت سبب غضبه، أغمضت عينيها تتنفس براحة فقد حمدت الله أنه لم يكتشف موضوع الحفلة وذلك الفستان الأحمر القصير فموضوع درجاتها ستحله بسهولة، اتعصب أكثر عندما وجد منها اللامبالاة فدفعها بحدة علي الفراش خلفها وقال بعصبية وهو يدور حول نفسه كالليث الجريح:
_ ايه البرود إلى فيكي ده!
نظرت بعيد عن عينيه وهي تهتف بندم حقيقي:
_ أنا اسفه، صدقني هو المدرس إلى كان مستقصدني
_ إنتي تخرصي خالص وأنا هعرف إزاى أربيكي يا مروه من أول وجديد، شكلي دلعتك زيادة عن اللزوم بس ملحوقة احنا لسه فيها من انهارده أنا إلي هذاكرلك بنفسي والعصاية هي إلى هتشتغل، وما فيش خروج من البيت غير للمدرسة والدروس وعلى الله أعرف بس إنك خرجتي في حته، اها وما فيش فسح أخر الأسبوع معايا ثاني ويله اتزفتي البسي علشان الباص قرب يوصل
قالها بعصبية وصرخ في أخر كلامه ثم رحل تاركا إياها خلفه تنظر إلي ظهره بحزن وقلب مفتور لم يدع لها فرصة أن تبرر ما حدث لكن كان هو القاضي ووضعها بموضع إتهام ونسي أن المتهم بريئ حتي تثبت إدانته لقد أصبح القاضي والجلاد في نفس الوقت، نظرت إلي ظهره ثم إلي الفون بيدها والحزن يلمع بعيونها كشعاع ضوء وسط الظلام، رفعت الهاتف إلي أذنها وقالت بهدوء عكس الحرب التي تدور داخلها والنار المشتعلة ولم تطفئ وتظن أنها لن تخمد يوما:
_ سلام يا غادة دلوقتي، اشوفك في المدرسة
_ استني بس
أغلقت الخط بوجه غادة دون انتظار المزيد وعلي الفور ألقت بالهاتف علي الفراش بإهمال وبكت بقوة وهي تجلس علي الأرض لقد حكم عليها وعاملها بقسوة هو لم يكن يوما قاسيا عليها، تشعر أنه قد تغيرت معاملته لها عن السابق فقد كان يستمع لها ويسمع مبرراتها ويدافع عنها ولكن هذه المرة لم يسمع بل ألقي اتهامه بوجهها وعاقبها دون أن يعطيها فرصة لتدافع عن براءتها، نهضت من مكانها بوجه متألم ثم دلفت للمرحاض غسلت وجهها من أثر البكاء وهي تتوعده لن تسمح له أن يري ضعفها، خرجت من المرحاض وارتدت ثياب المدرسة بسرعة وربطت شعرها لأعلي قليلا ثم نزلت للأسفل، وجدته مجهز السفرة بالعديد من أنواع الطعام المفضلة لها وكأنه ليس ذلك الشخص الذي أهانها منذ لحظات قليلة، كان يجلس في مقدمة السفرة حيث مكانه دائما وينتظرها بصبر كما يفعل يوميا رمقته بحدة ثم ابتعدت عنه متجه للصالون وجلست علي كرسي مريح، رفع حاجبة بغيظ من تصرفاتها الطفولية وقال ببرود وأمر:
_ تعالي افطري
_ شبعانة
قالتها مروه ببرود وأمسكت هاتفها تعبث به قليلا لتغلق الكلام الذي قد يدور بينهم، شعرت به ينهض من مكانه ولكنها تجاهلته تماما، توقف أمامها مباشرة وينفث الغضب من أنفه مد يده وسحب الهاتف من بين أناملها بعنف وقال بعصبية:
_ لما أكلمك تبصيلي
نظرت عليه بحزن وسكتت فكمل بنفس عصبيته عليها:
_ يله قومي افطري
تنهدت وقالت بهدوء:
_ قولت شبعانة ومش قادرة
قالتها بعند سحبها من ايدها بقوة وأوقفها غصب عنها، نظر إليها بشر وقال بغضب:
_ أنا لما أقول حاجه تتسمع، فاهمه
قالها ودفعها بقسوة أمامه متناسيا رقتها فالغضب أعمي عينيه، دمعة نزلت من عينيها لقسوته عليها مسحتها بسرعة بأيدها الآخري غير التي يمكسها بها، أجلسها في مكانها علي السفرة الطويلة بالغصب ووضع أمامها صحن ملئ بالطعام وقال بعصبية وهو يشاور علي الصحن أمامها:
_ إياك يفيض حاجه منه، مفهوم
قالها ومشي بعنف تضايقت من أسلوبه وعجرفته معها، دلكت يدها المتألمة برقة وقالت بتذمر طفولي:
_ غبي، متعجرف
قالتها بهمس وهي تنظر علي ظهره وهو يخرج بغل كبير، نظرت إلي طبقها ونفخت بغيظ، أنهت طعامها وسحبت حقيبتها الموضوعة جوارها بضيق ثم خرجت للأتوبيس دون أن تتحدث معه بكلمة واحدة فهي تشعر بالحنق منه بينما عاصم كان يقف أمام النافذة يراقبها وهي ترحل بهدوء، التفتت للخلف فوجدته ينظر إليها رمته بنظرة لائمة طويلة وظلت تتطلع علي عينيه رغم عدم وضوحها ولكنها تشعر بها، شعرت بنغصه بقلبها منه كم تشعر هي بالوجع أغمضت عينيها بضيق وأعطته ظهرها وهي تركب الأتوبيس بينما عند عاصم اتنهد بضيق عندما رأها تركب الأتوبيس الذي تحرك بها مبتعدا عنه وعن عينيه الحارسة لها، وضع يده علي قلبه يشعر بوجع غريب به وكأن روحه تسلب منه يشعر أن الوجع القادم أسوء ولكنه لم يعلم أن هذه الرحلة قد تكون أخر رحلة في حياتهم وأن الندم لا يمكن أن يعيد الزمن للخلف.
_ ايه ده ابيه عاصم سابك تركبي الباص معانا عادي كده! وفك الحظر عنك أخيرا!
قالتها غادة بمرح أول ما لمحت مروه بتركب الأتوبيس المدرسي لأول مرة، دفعتها مروه برفق وهمست بضيق:
_ اتاخري كده خليني أقعد
قالتها مروه بضيق وهي تجلس مكانها لتسمع غادة تخبرها بهدوء
_ متضايقيش منه يا مروه، هو خايف عليكي وعلى مصلحتك بردو
بنرفزة قالت:
_ لو سمحتي يا غادة أنا مخنوقة مش عايزه اسمع سيرته دلوقتي
قالتها مروة ووضعت يدها علي رأسها بضيق وأغمضت عينيها، تنهدت غادة وهي تراقب حال صديقتها السيء ففضلت الصمت في الوقت الحالي.
عند عاصم الذي يتكلم في الهاتف
_ يعني ايه إلى بتقوله ده، طبعا مستحيل أوافق على كده
قالها بعصبية وهو يضغط بيده علي الهاتف
_ اسمعني كويس يا عاصم...
قاطعه بغضب:
_ انت إلى تسمعني كويس يا معاذ، الصفقة دي أنا مش هسيبها وهاخذها يعني هاخذها والموضوع أتقفل على كده سلام.
قفل بعصبية ودخل المكتب ولم ورقه من على المكتب افتكر عصبيته علي مروه فشعر بخنقه لكن قرر يشغل نفسه بالشغل، أخذ الورق وخرج من الشقة ركب العربية ثم نظر إلي الكرسي المجاور له هو مكانها المفضل ودائما تركب معاه فيه حتي لو كان غضبان منها لم يتخلي عنها يوما فهو يعتبرها أبنته التي تربت علي يديه قبل أن تكون زوجته الصغيرة، اتنهد بضيق واتحرك على شركته الصغيرة التي أسسها مع صديقه معاذ
في الأتوبيس
_ أنا زعلانه منه اووي يا غادة، هو حتي ما سمعش مني خالص، قولتله إن المدرس ده مستقصدني وهو كذبني
قالتها بحزن وفم مزموم
_ هو شايف الدرجة إلي قدامه يا بنتي وحتي لو المدرس مستقصدك مش هيسقطك يعني وتجيبي صفر كمان اعقليها يا بنتي
لمعت عينيها بحزن وقالت بإقرار:
_ هو الصراحة مكنتش مستعديه للامتحان، هو كان امتحان مفاجئ وحتي انتى كمان جايبة فيه ذي يا حلوه
ضحكت غادة بمرح وقالت:
_ اسكتي بتفكريني بفشلي ليه، ما قولتش لأهلي عنها علشان مايعلقونيش ذي ما ابيه عاصم عمل معاكي
ضحكت مروه معها
_ ايوه كده يا بنتي بلاش وش النكد، أصلا لو هو ما بيحبكيش مكانش أهتم بمستقبلك كده
بعيون بتخرج قلوب قالت بعدم تصديق:
_ تفتكري أنه بيحبني يا غادة
ضحكت غادة عليها وقالت بمشاكسة:
_ أكيد يا حلوه انتى لسه هبله وما تعرفيش يعني ايه الحب...
سكتت مروة وغادة عندما توقف الأتوبيس فجأة فاندفعت مروه للأمام بعنف واصطدمت رأسها بالكرسي الأمامي بقسوة.
لحظات قليلة فقط مرت عليهم وكان الأتوبيس ممتلئ بالكثير من الرجال المسلحين ومقنعين، ضربوا السائق رصاصة ثم ضربوا المشرفين أيضا، ابتسموا بخبث وهم ينظرون إلي الطلاب نظرة انتصار وكأنهم عثروا علي كنز والحقيقة هي كذلك فهدفهم كان الطلاب الذي بلغ عددهم عشر طلاب فقط ولكنهم من أغني العائلات، صرخ الطلاب بزعر من بينهم مروه وغادة فوجه المقنعون أسلحتهم عليهم ففتحت مروه عينيها برعب ونطقت الشهادة في سرها ومنتظره موتها في أي وقت.
_ الكل يخرص مش عايزين صوت منكم وإلى هنقول عليه يتنفذ من غير أي اعتراض فاهمين، والي هيعترض منكم هنخلص عليه ذيهم
قالها واحد من المجرمين وشاور على المقتولين أمامهم فنظروا لبعض بخوف ثم نظروا علي المجرمين وهزوا رأسهم بالطاعة.
ابتسم المجرم بانتصار وعرف أن مهمته أصبحت أسهل بخوفهم الواضح
_ دلوقتي كل ثلاثة منكم هيركب عربية مع واحد مننا وإلى هينطق فيكم أو يعمل حركة غدر مش هيكفيه غير رصاصة واحدة مننا، فاهمين
وبعد نصف ساعة الأتوبيس كان فارغ تماما من الطلاب ولا يوجد به غير المصابين الذين ملقون علي أرض الأتوبيس والشرطة في المكان والإسعاف واقفة والممرضين بيفحصوا المصابين والصحافة بتأدي دورها.
عند عاصم قاعد في مكتبه بيشتغل وكل تركيزه في شغله فجأة الباب اتفتح بقوة من غير استأذان ومعاذ دخل عليه بملامح مخضوضة وكأنه رأي شبح أمامه
_ في ايه يا معاذ في حد يدخل كده؟
قالها بعنف ولكنه سكت لما وجد ملامح معاذ المرعوبة
_ شوفت أخر الأخبار
_ لاء، في ايه يعني؟
معاذ اتحرك ومسك الاب توب الخاص بعاصم وفتح فيديو الأتوبيس لكن عاصم لم يهتم في البداية ولكن قلبه وجعه عندما سمع معاذ وهو يكمل:
_ شوف حصل ايه في اتوبيس المدرسة، اظنه اتوبيس تبع مدرسة مراتك ده بيقولوا إن مجموعة إرهابية هجموا عليه انهارده وخطفوا التلاميذ منه
قام من مكانه بصدمة وقال:
_ لاء مروه ايه إلى عملته أنا
قالها بندم وصراخ وجري خارج المكتب كمن تلاحقه الشياطين
_ منكن أعرف ليه عملتي كده؟
_ أنا، أنا
قالتها بارتباك وحروف متقطعة وتنظر إليه برعب وخوف وخصوصا علي ملامحه القاسية، وانكمشت علي نفسها أكثر عندما قال بعصبية:
_ انتي ايه؟ انتي مهملة ليه كده؟
قالها وهو يكز علي أسنانه بينما دفعها بحدة بعيدا عنه وكأنها حشرة صغيرة يخشي أن تلوث يديه، كانت وصلت إلي أقصي مراحل الرعب وهي تتخيل أنه قد علم بموضوع الحفل وتلك الصورة وصلت إليه فقد أكتشف أمرها إذا وسينتهي أمرها علي يديه.
أقترب منها مرة أخري ووضع تلك الورقة أمام عينيها وقال بنفس الغضب والعصبية:
_ أنا مش قادر أصدق فشلك ده، جايبه صفر في الامتحان يا مروه ليه؟ هو أنا قصرت معاكي في ايه انطقي، دروس وبتروحي بدل الدرس اثنين وثلاثة وإلي مش فاهمه معاه بغيرهولك ذي إلي بتغيري فساتينك
ابتسم بسخرية أمام عينيها هامسا بحنق بينما لف حول نفسه نصف دائرة يجذب خصلات شعره بغضب ثم توقف مره أخري أمامها:
_ ده أنا قايدلك صوابعي كلها شمع، بقيت داده علشان خاطرك يا ست هانم، اتعلمت الطبخ مخصوص علشان أعملك إلى نفسك فيه ويكون صحي ومش ملوث يتعب البرنسيسة ولا حاجة، ليه ما قدرتيش ده ها، ليه مقدرتيش الي بعمله علشان خاطرك أنتي شايفه اني استاهل منك ده
تنهدت براحة كبيرة عندما علمت سبب غضبه، أغمضت عينيها تتنفس براحة فقد حمدت الله أنه لم يكتشف موضوع الحفلة وذلك الفستان الأحمر القصير فموضوع درجاتها ستحله بسهولة، اتعصب أكثر عندما وجد منها اللامبالاة فدفعها بحدة علي الفراش خلفها وقال بعصبية وهو يدور حول نفسه كالليث الجريح:
_ ايه البرود إلى فيكي ده!
نظرت بعيد عن عينيه وهي تهتف بندم حقيقي:
_ أنا اسفه، صدقني هو المدرس إلى كان مستقصدني
_ إنتي تخرصي خالص وأنا هعرف إزاى أربيكي يا مروه من أول وجديد، شكلي دلعتك زيادة عن اللزوم بس ملحوقة احنا لسه فيها من انهارده أنا إلي هذاكرلك بنفسي والعصاية هي إلى هتشتغل، وما فيش خروج من البيت غير للمدرسة والدروس وعلى الله أعرف بس إنك خرجتي في حته، اها وما فيش فسح أخر الأسبوع معايا ثاني ويله اتزفتي البسي علشان الباص قرب يوصل
قالها بعصبية وصرخ في أخر كلامه ثم رحل تاركا إياها خلفه تنظر إلي ظهره بحزن وقلب مفتور لم يدع لها فرصة أن تبرر ما حدث لكن كان هو القاضي ووضعها بموضع إتهام ونسي أن المتهم بريئ حتي تثبت إدانته لقد أصبح القاضي والجلاد في نفس الوقت، نظرت إلي ظهره ثم إلي الفون بيدها والحزن يلمع بعيونها كشعاع ضوء وسط الظلام، رفعت الهاتف إلي أذنها وقالت بهدوء عكس الحرب التي تدور داخلها والنار المشتعلة ولم تطفئ وتظن أنها لن تخمد يوما:
_ سلام يا غادة دلوقتي، اشوفك في المدرسة
_ استني بس
أغلقت الخط بوجه غادة دون انتظار المزيد وعلي الفور ألقت بالهاتف علي الفراش بإهمال وبكت بقوة وهي تجلس علي الأرض لقد حكم عليها وعاملها بقسوة هو لم يكن يوما قاسيا عليها، تشعر أنه قد تغيرت معاملته لها عن السابق فقد كان يستمع لها ويسمع مبرراتها ويدافع عنها ولكن هذه المرة لم يسمع بل ألقي اتهامه بوجهها وعاقبها دون أن يعطيها فرصة لتدافع عن براءتها، نهضت من مكانها بوجه متألم ثم دلفت للمرحاض غسلت وجهها من أثر البكاء وهي تتوعده لن تسمح له أن يري ضعفها، خرجت من المرحاض وارتدت ثياب المدرسة بسرعة وربطت شعرها لأعلي قليلا ثم نزلت للأسفل، وجدته مجهز السفرة بالعديد من أنواع الطعام المفضلة لها وكأنه ليس ذلك الشخص الذي أهانها منذ لحظات قليلة، كان يجلس في مقدمة السفرة حيث مكانه دائما وينتظرها بصبر كما يفعل يوميا رمقته بحدة ثم ابتعدت عنه متجه للصالون وجلست علي كرسي مريح، رفع حاجبة بغيظ من تصرفاتها الطفولية وقال ببرود وأمر:
_ تعالي افطري
_ شبعانة
قالتها مروه ببرود وأمسكت هاتفها تعبث به قليلا لتغلق الكلام الذي قد يدور بينهم، شعرت به ينهض من مكانه ولكنها تجاهلته تماما، توقف أمامها مباشرة وينفث الغضب من أنفه مد يده وسحب الهاتف من بين أناملها بعنف وقال بعصبية:
_ لما أكلمك تبصيلي
نظرت عليه بحزن وسكتت فكمل بنفس عصبيته عليها:
_ يله قومي افطري
تنهدت وقالت بهدوء:
_ قولت شبعانة ومش قادرة
قالتها بعند سحبها من ايدها بقوة وأوقفها غصب عنها، نظر إليها بشر وقال بغضب:
_ أنا لما أقول حاجه تتسمع، فاهمه
قالها ودفعها بقسوة أمامه متناسيا رقتها فالغضب أعمي عينيه، دمعة نزلت من عينيها لقسوته عليها مسحتها بسرعة بأيدها الآخري غير التي يمكسها بها، أجلسها في مكانها علي السفرة الطويلة بالغصب ووضع أمامها صحن ملئ بالطعام وقال بعصبية وهو يشاور علي الصحن أمامها:
_ إياك يفيض حاجه منه، مفهوم
قالها ومشي بعنف تضايقت من أسلوبه وعجرفته معها، دلكت يدها المتألمة برقة وقالت بتذمر طفولي:
_ غبي، متعجرف
قالتها بهمس وهي تنظر علي ظهره وهو يخرج بغل كبير، نظرت إلي طبقها ونفخت بغيظ، أنهت طعامها وسحبت حقيبتها الموضوعة جوارها بضيق ثم خرجت للأتوبيس دون أن تتحدث معه بكلمة واحدة فهي تشعر بالحنق منه بينما عاصم كان يقف أمام النافذة يراقبها وهي ترحل بهدوء، التفتت للخلف فوجدته ينظر إليها رمته بنظرة لائمة طويلة وظلت تتطلع علي عينيه رغم عدم وضوحها ولكنها تشعر بها، شعرت بنغصه بقلبها منه كم تشعر هي بالوجع أغمضت عينيها بضيق وأعطته ظهرها وهي تركب الأتوبيس بينما عند عاصم اتنهد بضيق عندما رأها تركب الأتوبيس الذي تحرك بها مبتعدا عنه وعن عينيه الحارسة لها، وضع يده علي قلبه يشعر بوجع غريب به وكأن روحه تسلب منه يشعر أن الوجع القادم أسوء ولكنه لم يعلم أن هذه الرحلة قد تكون أخر رحلة في حياتهم وأن الندم لا يمكن أن يعيد الزمن للخلف.
_ ايه ده ابيه عاصم سابك تركبي الباص معانا عادي كده! وفك الحظر عنك أخيرا!
قالتها غادة بمرح أول ما لمحت مروه بتركب الأتوبيس المدرسي لأول مرة، دفعتها مروه برفق وهمست بضيق:
_ اتاخري كده خليني أقعد
قالتها مروه بضيق وهي تجلس مكانها لتسمع غادة تخبرها بهدوء
_ متضايقيش منه يا مروه، هو خايف عليكي وعلى مصلحتك بردو
بنرفزة قالت:
_ لو سمحتي يا غادة أنا مخنوقة مش عايزه اسمع سيرته دلوقتي
قالتها مروة ووضعت يدها علي رأسها بضيق وأغمضت عينيها، تنهدت غادة وهي تراقب حال صديقتها السيء ففضلت الصمت في الوقت الحالي.
عند عاصم الذي يتكلم في الهاتف
_ يعني ايه إلى بتقوله ده، طبعا مستحيل أوافق على كده
قالها بعصبية وهو يضغط بيده علي الهاتف
_ اسمعني كويس يا عاصم...
قاطعه بغضب:
_ انت إلى تسمعني كويس يا معاذ، الصفقة دي أنا مش هسيبها وهاخذها يعني هاخذها والموضوع أتقفل على كده سلام.
قفل بعصبية ودخل المكتب ولم ورقه من على المكتب افتكر عصبيته علي مروه فشعر بخنقه لكن قرر يشغل نفسه بالشغل، أخذ الورق وخرج من الشقة ركب العربية ثم نظر إلي الكرسي المجاور له هو مكانها المفضل ودائما تركب معاه فيه حتي لو كان غضبان منها لم يتخلي عنها يوما فهو يعتبرها أبنته التي تربت علي يديه قبل أن تكون زوجته الصغيرة، اتنهد بضيق واتحرك على شركته الصغيرة التي أسسها مع صديقه معاذ
في الأتوبيس
_ أنا زعلانه منه اووي يا غادة، هو حتي ما سمعش مني خالص، قولتله إن المدرس ده مستقصدني وهو كذبني
قالتها بحزن وفم مزموم
_ هو شايف الدرجة إلي قدامه يا بنتي وحتي لو المدرس مستقصدك مش هيسقطك يعني وتجيبي صفر كمان اعقليها يا بنتي
لمعت عينيها بحزن وقالت بإقرار:
_ هو الصراحة مكنتش مستعديه للامتحان، هو كان امتحان مفاجئ وحتي انتى كمان جايبة فيه ذي يا حلوه
ضحكت غادة بمرح وقالت:
_ اسكتي بتفكريني بفشلي ليه، ما قولتش لأهلي عنها علشان مايعلقونيش ذي ما ابيه عاصم عمل معاكي
ضحكت مروه معها
_ ايوه كده يا بنتي بلاش وش النكد، أصلا لو هو ما بيحبكيش مكانش أهتم بمستقبلك كده
بعيون بتخرج قلوب قالت بعدم تصديق:
_ تفتكري أنه بيحبني يا غادة
ضحكت غادة عليها وقالت بمشاكسة:
_ أكيد يا حلوه انتى لسه هبله وما تعرفيش يعني ايه الحب...
سكتت مروة وغادة عندما توقف الأتوبيس فجأة فاندفعت مروه للأمام بعنف واصطدمت رأسها بالكرسي الأمامي بقسوة.
لحظات قليلة فقط مرت عليهم وكان الأتوبيس ممتلئ بالكثير من الرجال المسلحين ومقنعين، ضربوا السائق رصاصة ثم ضربوا المشرفين أيضا، ابتسموا بخبث وهم ينظرون إلي الطلاب نظرة انتصار وكأنهم عثروا علي كنز والحقيقة هي كذلك فهدفهم كان الطلاب الذي بلغ عددهم عشر طلاب فقط ولكنهم من أغني العائلات، صرخ الطلاب بزعر من بينهم مروه وغادة فوجه المقنعون أسلحتهم عليهم ففتحت مروه عينيها برعب ونطقت الشهادة في سرها ومنتظره موتها في أي وقت.
_ الكل يخرص مش عايزين صوت منكم وإلى هنقول عليه يتنفذ من غير أي اعتراض فاهمين، والي هيعترض منكم هنخلص عليه ذيهم
قالها واحد من المجرمين وشاور على المقتولين أمامهم فنظروا لبعض بخوف ثم نظروا علي المجرمين وهزوا رأسهم بالطاعة.
ابتسم المجرم بانتصار وعرف أن مهمته أصبحت أسهل بخوفهم الواضح
_ دلوقتي كل ثلاثة منكم هيركب عربية مع واحد مننا وإلى هينطق فيكم أو يعمل حركة غدر مش هيكفيه غير رصاصة واحدة مننا، فاهمين
وبعد نصف ساعة الأتوبيس كان فارغ تماما من الطلاب ولا يوجد به غير المصابين الذين ملقون علي أرض الأتوبيس والشرطة في المكان والإسعاف واقفة والممرضين بيفحصوا المصابين والصحافة بتأدي دورها.
عند عاصم قاعد في مكتبه بيشتغل وكل تركيزه في شغله فجأة الباب اتفتح بقوة من غير استأذان ومعاذ دخل عليه بملامح مخضوضة وكأنه رأي شبح أمامه
_ في ايه يا معاذ في حد يدخل كده؟
قالها بعنف ولكنه سكت لما وجد ملامح معاذ المرعوبة
_ شوفت أخر الأخبار
_ لاء، في ايه يعني؟
معاذ اتحرك ومسك الاب توب الخاص بعاصم وفتح فيديو الأتوبيس لكن عاصم لم يهتم في البداية ولكن قلبه وجعه عندما سمع معاذ وهو يكمل:
_ شوف حصل ايه في اتوبيس المدرسة، اظنه اتوبيس تبع مدرسة مراتك ده بيقولوا إن مجموعة إرهابية هجموا عليه انهارده وخطفوا التلاميذ منه
قام من مكانه بصدمة وقال:
_ لاء مروه ايه إلى عملته أنا
قالها بندم وصراخ وجري خارج المكتب كمن تلاحقه الشياطين