الفصل السادس

_ سيبني اروح الله يخليك، ابيه عاصم زمانه قلقان عليه دلوقتي
قالتها مروه بمسكنة وهي تنظر للمجرم بعيون طفولية بريئة
_ اخرصي بقي قرفتيني انتى وعاصم بتاعك ده، من الصبح رغي رغي
بكت بصوت عالي جعله يمسك المسدس ووضعه على رأسها بإجرام وهتف بعصبية ووحشية:
_ اخرصي لو سمعتلك صوت لغاية ما نوصل هفضى المسدس ده كله في دماغك، مفهوم
هزت رأسها بسرعة وأغمضت عينيها برعب، أحضر لاصقة ووضعها علي فمها
_ كده أحسن مسمعش نفسك صرعتيني بسي عاصم وانت سوق أسرع شويه قبل ما يحصلونا، زمانهم اكتشفوا غياب الكتاكيت الصغيرة
قالها وضحك بشر وشاركه السائق ضحكته ومروه تجلس مرعوبة، هي معهم لوحدها اتسعت عينيها بزعر مدركة أنها هي وحدها مع أثنين مجرمين، تشعر بأن حظها نحس هو من جعلها وحيدة الآن بدون أصدقائها فهؤلاء المجرمين قاموا بتقسيم الطلاب إلي ثلاث مجموعات وكل مجموعة بها ثلاث طلاب في سيارة وتبقت هي وحيدة من غير شريك، تذكرت غادة صديقتها تمنت أن تكون بخير نزلت دموعها بخوف وقهر
عند غادة قاعدة متكتفة مع إياد وفارس وأثنين من أفراد العصابة وسائق معهم
_ لو سمحت يا استاذ مجرم تطمني على زميلتي إلى كانت معايا اسمها مروه بليز
_ اسكتي يا بت انتى هو احنا هنا خدمة عملاء أنتم دلوقتي مخطوفين اتصرفي على كده علشان ما تندميش
نظرت غادة على فارس وإياد وجدتهم وأخذين الموضوع جد ومرعوبين
فارس نظر لها بغيظ وقال بخوف مضحك:
_ منكن تسكتي يا غادة علشان ميقلبش علينا، مروه كويسه ولو فضلتي تزني كده انتى إلي مش هتبقي كويسه أوك
هزت رأسها بالنفي
_ أنا خايفة اووي علينا شكلهم هيموتونا واحد واحد وزمانهم خلصوا على مروة والدور جاي علينا
قالتها بعياط كطفلة ضائعة عن والدتها فجاء صوت المجرم الغضاب:
_ شكلك مش هتسكتي غير بموتك صح
أحضر لاصق ووضعه علي فمها هي الأخرى وقال بعصبية:
_ كده أحسن مسمعش صوتك صدعتيني كانت مهمة زفت على دماغي يوم ما فكرت أخطف عيال هبله ذيكم
سكت فارس بينما إياد كان هادئ وعارف أن هذا الوضع محتاج هدوء أعصاب لكي ينجوا منه وهو أيضا قلقان أكثر منهم على مروه وخصوصا أنه يحبها ويعشقها وهي بالنسبة له أرق من أنها تتعامل مع عصابة وجميلة لدرجة أنها لقمة سهلة لهم، ضغط على ايده بقوة ونظر على المجرم بغل انتبه له فقال المجرم بغضب ونرفزة:
_ بتبصلي كده ليه يا جدع انت؟ شيل عينك بدل ما أشيلها أنا بطريقتي
حرك عينيه بصعوبة عنه وهو فقد صبره وقوته أيضا، لم يشعر سوي بالنعاس عندما رش على وجوههم سائل شفاف، وجد أصدقاءه يفقدون الوعي أمامه ثم أغلق عينيه هو أيضا ليغط في ثبات عميق
عند عاصم
في مكتب أحد الضباط كان الضابط المسئول عن القضية متجمع مع أهل الطلاب المخطوفين ما عدا أهل فارس المسافرون خارج مصر ولم يصل لهم بعد خبر اختطافهم
_ أهدوا يا جماعة لو سمحتم عيالكم هيرجعوا وهنعمل إلى في وسعنا علشان نرجعهم ليكم بأمان
قالها الظابط بعملية بيحاول يهدئ قلوب مفزوعة علي فلذة أكبادها
قال والد اياد:
_هيرجعوا إزاي وقلبنا هيرتاح إزاي؟ دول مع عصابة قتالين قتله
قالها بانهيار وزوجته جواره تبكي بحسرة وانهيار فحاوطها بأيده بيحاول يهدئ من روعها لكن هو الذي يحتاج لمن يطمئنه ويهدئ من روعه الملتاع، فقال الظابط بهدوء:
_ متقلقوش الوضع تحت السيطرة وقواتنا في كل مكان وهنلاقيهم في أسرع وقت
أغمض عاصم عينيه وجلس على أول كرسي فارغ يشعر أنه ينهار قربها نار وبعدها عنه جهنم الحمراء نفسها
_ مين العصابة دي؟ وعايزين ايه من مجموعة عيال؟
قالها عاصم بعد ما هدئ قليلا يحاول أن يجمع خيوط لحل اللغز رد عليه الضابط بهدوء:
_ للأسف معرفناش هم مين ولا مواصفتهم، كل الشهود مصابين وفي العمليات، السواق والمدرسين إلى كانو في الباص بس توقعاتنا إنهم عصابة كبيرة وخطفوهم علشان الفدية
_ لو عايزين فديه كانوا اتصلوا من فترة ايه إلى يخليهم يستنوا لغاية دلوقتي؟
قالها بهدوء والجميع وجه نظره عليه
_ لسه ما ممرش على وقت اختطافهم ثلاث ساعات، أكيد الأول هيظبطوا أمورهم دي عملية مش سهلة دول عشر تلاميذ يعني تخبيتهم وتوفير مكان يستوعب العدد ده كله هيحتاج وقت، هم كمان عارفين أن الهروب صعب والشرطة بدور عليهم في كل مكان ومش بعيد يكونوا ليهم عيون حوالينا بتوصل أخبارنا ليهم، علشان كده أنا هطلب من كل واحد منكم يكون حريص ولو اتصلوا بحد منكم يبلغني فورا واحنا هنتصرف، عيالكم بتعتمد عليكم وعلى تصرفكم الصح.
الجميع نظروا إلي الظابط باقتناع ثم هزوا رؤوسهم بالموافقة فليس هناك حل غير الانتظار
عند مروه
وصلت جميع السيارات في مكان بعيد في أحد الصحاري القاحلة وبداخل مكان مهجور مجهز منذ فترة طويل لاستقبال الرهائن، أقترب أحد أفراد العصابة من مروه وجذبها ناحيته ثم حملها علي كتفه بوضع مقلوب كما لو إنها شوال بطاطا، حملها بخفة ودلف بها إلي الداخل حيث غرفة مهجورة، قيدها جيدا بالحبال حيث ربط يديها بالحبل ثم ربط طرفه في عمود كبير وبعد أن انتهي خرج يساعد زملاءه في نقل باقي الطلاب
_ حطو كل خمسه منهم في أوضه وتأكدوا من تكتيفهم كويس واحرصوهم مش عايز غلط مفهوم
قالها زعيمهم بصوته الغليظ وخرج وتركهم يراقبون المكان والباقي نقلوا الطلاب كما أمرهم
في شقة عاصم
دخل عاصم إلي غرفتها بخطوات حزينة واقترب من سريرها بعيون تلمع بندم، مسك قميصها الموضوع بإهمال علي السرير وقربه منه وبدء يشمه، جلس على السرير بإنهاك وأغمض عينيه يستمتع برائحتها التي أفتقدها كثيرا وأنب نفسه ودموعه نزلت لأول مرة في حياته يبكي لأجلها ذلك الوقت الذي ضاعت من بين أنامله كسراب كأنها لم تكن موجودة يوما.
_ أسف سامحيني يا مروة كنت بفتكر إن بعاقبك ببعدي عنك وخليتك لأول مرة تركبي الباص وموصلتكيش بس الحقيقة أنا عاقبت نفسي، أنا السبب في إلى حصلك ومش هقدر أسامح نفسي أبدا أنا أسف
بكي بصوت عالي وقرب القميص من قلبه وضمه بانهيار ولكن طرق على الباب بقوة جعله يستغرب فمسح دموعه بسرعة ونزل للأسفل، فتح الباب على أمل أن تكون هي مروه، يأمل أن تكون أميرته الصغيرة لكن ابتسامته اختفت تدريجيا وملامحه بهتت عندما رأي الواقف علي الباب، كان رجل كبير في السن والشعر الأبيض يزين ملامحه ويعطيه هيبة غير عادية
_ حفيدتي فين؟ الأمانة ضيعتها من بين ايديك
قالها وضربه بوكس
رجع عاصم للخلف ومسح الدم ببرود وقال ببرود مماثل:
_ انت لسه فاكر دلوقتي إن ليك حفيدة
اقترب منه خطوة ونظر إلي عينيه نظرة قوية وقال:
_ مش دي إلى انت رميتها من سنين وبعتها وأنا إلى اشتريتها وربيتها، هي بنتي قبل ما تكون مراتي يا سيادة الوزير
قالها بسخرية
اتحرك الجد للداخل بضعف وجلس بإنهاك على أول كرسي قابله في طريقه وقال بضعف:
_ أنا بعد عنها علشان مصلحتها طول ما هتكون قريبة مني كانت هتبقى في خطر الكل هيأذيني فيها، بعدها عني وتكون بخير أحسن ما تكون قريبة وفى أي لحظة هخسرها
_ خرجوني من هنا أنا عايزه اروح
قالتها مروة بعياط وشكلها متبهدل منهارة من الخوف ومن بقائها لوحدها، انفتح الباب بقوة وظهر أمامها حارس ضخم
_ هش بلاش صداع
قالها بغضب ووجه قاتم ودخل خلفه ثلاث حراس كل واحد منهم يحمل طالب، فتحت عينيها بخوف عندما وجدت غادة من هؤلاء الطلبة وقالت بغضب:
_ عملت فيهم ايه يا مجرمين يا أشرار؟ غادة حبيبتي اصحي بليز ما تخوفنيش عليكي
قامت مروه من مكانها وتحركت بصعوبة ناحية غادة فالحبل المقيدة به ضاغط علي قدمها مسببا لها ألم قاسي وطرف الحبل من حديد ومربوط في عامود بحيث تستطيع التحرك مسافة قصيرة، اقترب منها الحارس بغضب ودفعها بقسوة لتسقط مكانها بوجع ونظر إليها بغضب نظرة كأنها تري بعينيه الجحيم جعل جسدها ينتفض بزعر وصوته الحاد كحدية سكين قاسي هتف:
_ لو اتحركتي من مكانك ثاني هربطك في العامود واقفه
بكت بانهيار و قيدوهم مثلها تماما
وقال بزعيق عندما انتهوا من مهمتهم
_ اسكتي بقي شويه وهيصحوا جتك القرف
قالها وشاور للحراس أن يخرجوا، خرجوا وتركوا مروه والقلق ينهش قلبها عندما أغلق الباب، اتجهت ناحيتهم وخاصة ناحية غادة لتجعلها تستيقظ حضنتها بقوة وهزت جسدها الضئيل ولكن بلا فائدة فقد ظلت نائمة مستكينة تركتها بيأس, نظرت إلي الطالبين الأخران فوجدتهم فارس وإياد، تركت غادة بهدوء وحذر وقربت منهم بخوف
_ اصحي يا فارس طيب اصحي انت يا اياد، حد منكم يرد عليه
قالتها وأغمضت عينيها بخوف، الجميع فاقدين لوعيهم في حالة إغماء طويلة ورجعت مروه إلي مكانها بخوف وضمت نفسها بخوف وعينيها عليهم وتتمني أن يستعيدوا وعيهم.
عند عاصم
اتحرك بضعف هو الآخر وجلس بجوار جد مروه، تنهد بقوة وقال بتأنيب:
_ منصبك وعلاقاتك مش هتقدر ترجع ليه حبيبتي ولا ترجع ضحكتها من ثاني
نظر إليه ووجد علي ملامحه ندم واضح ولكن رغم ذلك لا يزال يكابر، فأكمل عاصم بهدوء:
_ تقدر تمشي ومش هحملك ذنب أي حاجة الذنب كله ذنبي، أنا الى ما قدرتش أحافظ عليها
وضع يده على وجهه وهو يسمع الجد يتكلم بتهديد:
_ حفيدتي هقدر اجيبها وهلاقيها بس المرة دي هترجع معايا أنا
رفع رأسه له وابتسم عاصم بغضب
_ للأسف أيها الجد العظيم حفيدتك تبقي مراتي
قالها بسخرية كبيرة
_ هطلقها منك، هي لسه صغيرة على الجواز أصلا
_ تطلق مين يا راجل انت شكلك اتهبلت دي مراتي وعلى جثتي اسيبهالك
قالها بعصبية ونسيو أن مروه مخطوفة
قام الجد من مكانه وقال بتهديد:
_ ترجع بس حفيدتي وهشوف هيحصل ايه
قام عاصم ووجهه في وجه الجد بتحدي همس:
_ أبعد انت بس؛ علشان لو عرفت العصابة إنك تقرب ليها هيكون خطر عليها
قرب الجد خطوة واحدة منه وقال بغضب:
_ أنا عارف أنا بعمل ايه، هجيبها من غير ما حد يقدر يلمس شعره واحدة منها
نظر عاصم له بغيظ واتحرك الجد من مكانه وخرج وقفل الباب بقوة جعلت عاصم يستغفر بغضب وصرخ بغيظ ورمي جميع المتعلقات التي علي الطاولة أمامه على الأرض ثم جلس مكانه بانهيار.
عند مروه
فتحت غادة عينيها بتعب، نظرت حولها باستغراب حتي لمحت مروه تجلس بعيد عنها ومنزوية علي نفسها في ركن بالغرفة ومنكمشة علي نفسها خائفة فنادتها برقة وقلق:
_ مروه
عندما وصل لمروه صوت غادة ومناداتها لها برقة، رفعت رأسها بسرعه وتنفست بانتظام وكأن الحياة قد عادت لها من جديد نهضت بسرعة وركضت ناحية غادة، حضنتها بقوة وقالت بفرحة تطمئن عليها:
_ انتى كويسه
قالتها بعياط هزت غادة رأسها وقربت رأسها من رأس مروه وهمست بخفوت:
_متخافيش
سمعوا ضحكة بسيطة من فارس الذي قال بمرح:
_ ايه العشاق دول
قالها بمرح نظروا إليه وجدوه بيحرك رأسه يمين وشمال بيفك تشنيجته، تنهدوا براحة وقالو بصوت واحد:
_ رخم أسكت انت
_ ماشي يا ست غادة المهم أنتم كويسين
_ بس لازم نهرب من هنا قبل ما يقتلونا
قالها إياد وجهوا نظرهم له والخوف مرسوم علي ملامحهم
_ انت بتقول ايه؟ هم هيقتلونا
قالتها مروه بخوف وجسدها يرتعش
_ ليه لاء
قالها إياد بهدوء فقالت غادة برعب:
_ يا مامي أنا مش عايزه اموت دلوقتي، أنا لسه صغيرة يا مروة
والتصق البنات في بعض برعب
_ يا ابني اسكت انت أهو خوفتهم
قالها فارس بغيظ
_ بكذب أنا مش دي الحقيقة، هم لازم يعرفوا إن وجودنا معاهم خطر ومنكن في أي لحظة نموت، دول مجرمين ومش عندهم رحمة
قام من مكانه ايده مربوطة لكن يقدر يتحرك، نظر من خلال النافذة فوجد عدد كبير من الحراس في المكان، قعد بسرعة وهو مهموم وكأن هموم الدنيا كلها تقع علي أكتافه
_ الخروج من هنا صعب أووي
قالها إياد بإقرار وإحباط فنظروا جميعا لبعض بخوف وفقدوا الأمل في الخروج من هذا المكان فالهروب من بين براثن المجرمين أشبه بالمستحيل إن لم يأتي أحد لينقذهم، أغمضت مروه عينيها وتذكرت عاصم تشتاق إليه وتشتاق لقربه وتشعر بالرعب من فكرة موتها وأنها لن تراه مرة أخري فهل نهايتها هنا؟ كما أخبرهم إياد.
مر الوقت من غير ما يدخل المجرمين عليهم وأيضا من غير أي طعام فشعروا بالجوع الشديد، شعرت مروه بأن معدتها تصدر أصوات مزعجة فاحمرت وجنتيها بخجل
بالليل اتفتح الباب ودخل الحارس في ايده صنيه فيها طعام، قرب منهم ووضعها علي الطاولة الوحيدة بالغرفة صغيرة للغاية ولكنها تكفي الغرض وقال باستفزاز:
_ الأكل أهو يا كتاكيت
قالها وقرب من فارس يطعمه لقم قليلة حتي لا يشبع، كان يقصد أن يظلوا فترة طويلة بحالة جوع حتي لا يتحركوا كثيرا ويتوقف عقلهم عن العمل وبالتالي لن يفكروا بطريقة للهرب، انتهي من فارس وساعد بعده إياد لكي يأكل ثم جاء دور غادة وعندما انتهي منها نظر إلي مروه، كانت نظراته لها غير مريحة ويتفحص جسدها بطريقة مشمئزة.
_ أنا عايزه جبنة رومي مباكلش النوع ده من الجبن
رفع حاجبة وعينيه تستبيح جسدها وتتحرك علي منحنياته بقذارة، ارتبكت ورجعت للخلف
_ احنا مش في فندق خمس نجوم طلباتك وتنفذ يا حلوة
قالها وقرب منها بطريقة مخيفة
_ خ، خلاص أنا هاكل من دي
قالتها بتهتهه وتوتر وخوف واضح لكن عينيه غامت وقال بخبث:
_ لو عايزه فندق خمس نجوم معنديش مشكلة يا مزه بس المقابل
نظر إلي جسدها فوضعت يدها أمام صدرها وحضنت نفسها بخوف وهو أكمل بخبث:
_ انتى
قالها ولم تشعر غير بقربه المهلك منها وصرخت برعب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي