الفصل السابع

هجم الحارس الضخم علي مروه فصرخت برعب وهي بتحاول تبعده عنها لكن إياد قام ودفعه بكتفه نظرا لتقيده من يده فاستخدم كتفه، فابتعد الحارس عن مروه المذعورة وترتجف كعصفور مبلول جناحه, الحارس غضب منه وعينيه اشتعلت بنار الغضب فدفع إياد بجسده الضخم فأرتطم جسده الضئيل بالحائط خلفه وكانت الصدمة أقوي علي رأسه التي أصيبت بقوة وسقط فاقد للوعي، كل هذا حدث تحت نظرات مروه المرعوبة وغادة التي تصرخ بهستيريا كما لو أنها مصابة بالجنون وضامة نفسها برعب وفارس قام بغضب أكبر عندما تأذي صديقه وحاول أن يهجم علي ذلك الحارس الضخم لكن هو كعصفور صغير في مواجهة غول ضخم تقوده شهواته فكان نصيبه هو الأخر ما حدث لإياد فقد دفعه بعنف أسقطه أرضا، ولم يهتم له وهو يلتفت بجسده ناحية مروه التي زاد صراخها أكثر خصوصا عندما مال عليها ثم فك الحبل الحديدي بالمفتاح الذي بجيب سرواله ومعه من العامود بينما يديها لا تزال مقيدة، وأقترب منها عايز يأخذها بعيد عنهم لكن صراخها العالي زاد وهي تري نهايتها تقترب وفجأة مع صراخها اتفتح الباب بعنف وظهر شخص ضخم اتكلم بغضب:
_ ايه إلى انت بتعمله هنا؟
_ أنا، أنا
ارتبك ولم يعرف ما يمكن أن يقوله وظهر العرق علي جبينه
قرب منه الشخص الضخم وضربه كف بغضب وقال بقسوة:
_ اطلع بره وحسابك بعدين معايا
وسحب من ايده المفتاح
نزل الحارس رأسه بخوف وخرج، نظرت مروه عليه بخوف ورجعت للخلف بتزحف برعب عندما وجدته يقترب منها لكنه ابتسم لها بلطف يهدأ من خوفها، عندما وصل لها وربط الحبل الحديد مرة أخري في العامود وقرب من وجهها بحنية ومسح دموعها واتكلم بلطف عكس شخصيته العصبية مع الحارس:
_ اسف على إلى حصل مش هتتكرر ثاني، هم يومين وهترجعوا بيتكم ثاني بس اتعاونوا معانا علشان محدش يتأذي منكم، تمام
هزت رأسها بموافقة ودموعها بتنزل بخوف، ابتسم وقام قرب من إياد اطمئن عليه وجده بخير، فنهض بهدوء وهو يعدل ثيابه ثم خرج تاركا إياهم بقلق واضح
ثاني يوم
في مكتب عاصم كان يجلس علي كرسي مكتبه مهموم بوجه شاحب وعيون جاحظة وثياب مهملة وكأنه فاقد للحياة بغياب صغيرته، كان ذابل كوردة لم تروي من شهور، حالته تلك جعلت قلب صديقه معاذ يأن بوجع عليه فهو علي هذا الحال منذ اختطافها يجلس معه ولكن عقله وقلبه بمكان أخر، حاول مواساته فوضع يده علي كتف عاصم وقال بهدوء:
_ هتكون كويسه متقلقش
نظر إليه بتيه وقال بتعب:
_ يارب يا معاذ يارب، أنا قلبي واجعني اووي عليها وحاسس بالذنب
_ ده قدر ومكتوب يا صاحبي كفاية لوم على نفسك ده مش هيعمل حاجة ولا هيرجعها، هي دلوقتي محتاجاك تكون قوي علشان تقدر ترجعها
كان عاصم سيتكلم لكن رنين هاتفه أوقف الكلام في حنجرته وفتح الخط سريعا فقال بسرعة:
_ الو مين، هو انت الكلب الي خطفتهم
صمت يسمع طرف الاخر ليهتف بسرعة:
_ طيب سيبهم وهنعمل إلى انت عايزه بس رجعها
سكت وهو يسمع حديث المجرم الذي جعل عينيه تتسع بصدمة صارخا فيه:
_ ايه؟ كام؟ مليون جنية!، انت بتقول ايه اجبلك المبلغ ده كله أنا منين
سمع تهديد المجرم فقال بسرعة وقلق:
_ لاء خلاص، خلاص هجمعهم بس اسمع صوتها الأول، الو، الو
أغلق المجرم الاتصال في وجهه وجعل عاصم يتعصب أكثر وقام بدفع الكرسي المجاور له بغضب وعصبية مفرطة وهو يصرخ بغل:
_ خير هم العصابة
قالها معاذ بتوتر
_ اه ولاد ال # بيهددوني بيها وطالبين فديه مليون جنية؛ عشان يرجعوها بس تيجي والله ما هرحمهم
_ وهتجيب المبلغ ده كله ازاى؟
غامت عينيه بحزن وقال بهدوء:
_ مش عارف إلى معايا ٥٠٠ الف، بس هحاول أجمع المبلغ إن شاء الله أبيع العربية مش مهم المهم ترجع
_ عربية ايه إلى تبيعها يا صاحبي أنا معايا مبلغ خذه وهنتصرف في الباقي
ابتسم لوجود صديق صالح في حياته وشعر بالامتنان
أهل فارس عرفوا بخطف ابنهم ورجعوا في أول طائرة قادمة لمصر ووصلوا عند الضابط المسئول عن القضية ودخلوا عليه المكتب.
الضابط وهو يمد يده بسلام علي والد فارس هاتفا بترحيب:
_ اتفضلوا
جلس والدي فارس بهدوء، رفع والد فارس عينيه وقال بسرعة ولهفة:
_ احنا عرفنا بخطف ابننا فارس وزمايله وجايين ومعانا الطريقة علشان نقدر ننقذهم، احنا زارعين جهاز تتبع في فارس علشان علاقاتنا وشغلنا ودايما فارس متعرض للخطر
وصلت الشرطة إلي المكان وداهمته من كل اتجاه والمجرمين شعروا بالتوتر وبدأوا ينسحب مجموعة منهم ودخل الحارس الضخم الذي اتهجم على مروه أول مره وقال بغلظة:
_ تعالي معايا مش هسيبك يا حلوه انتى طوق النجاة يا حفيدة الوزير
فتحت مروه عينيها برعب وبلعت ريقها بتوتر وحاولت أن تركض مبتعدة عنه لكنه كان الأسرع منها حيث أمسكها بعنف من يدها ثم فك مروه مع صراخهم عليه بالمفتاح الخاص به وحملها على كتفه، هجم عليه فارس لكن لم يستطع عليه فهو لا يقارن به من الناحية الجسدية فسقط أرضا، خرج المجرم حاملا إياها وتركهم لكن فارس ابتسم وهو يرفع يده ناحية عينيه ليظهر المفتاح الذي استطاع بمهارة أخذه من ذلك الحارس الأحمق فهدفه من هجومه علي الحارس ليس إنقاذ مروه بل كان هدفه هو الحصول علي المفتاح منه ببراعة ومهاره ففي كل الأحوال يعلم أنه لم يكن قادر علي انقاذها من بين براثن ذلك الضخم أو إيقافه عن أخذها وخصوصا وهي أن المعادلة غير متكافئة، فهو أـصغر بكثير سواء جسديا أو سنا وكذلك مقيد بينما الحراس حر بجسد محارب فالكفة لم تكن لترجح ناحيته وهو أضعف بكثير.
كان جميع الأهالي وصلت المكان والشرطة سيطرت على الوضع وأخرجوا جميع الطلاب لأهلهم بأمان، كل أب وام منتظرين أطفالهم وفلذة أكبادهم واستقبلوهم بالأحضان يشمون روائحهم الجميلة، خرج طالب يليه طالب وهكذا يركضون لآبائهم في مشهد عاطفي مؤثر بينما معاذ يقف هناك علي جنب بجوار عاصم لم يرغب أن يتركه وحده في موقف صعب كهذا لكن فتح عينيه بصدمة وهو يري أميرته الساندريلا كما لقبها تخرج لوالديها فأدرك أنها كانت من ضمن الطلاب المخطوفين بينما عاصم يقف علي أحر من الجمر يشتعل بلهيب الانتظار والقلق ينهش قلبه الملتاع، ينتظر بأمل كبير حبيبته الصغيرة تخرج من بين هؤلاء الصغار ليأخذها في حضنه ويغلق عليها بداخل قلبه ويعتذر منها ولكن ليست كل نهاية قصة تنتهي بنهاية سعيدة والحياة قد لا تعطي فرصة ثانية لإصلاح غلطة, جميع الطلاب خرجوا لعائلتهم ما عادا صغيرته سمع صراخ أهل فارس القلقين على ابنهم حيث لم يخرج هو الأخر ولم يكن من ضمن الطلاب الذين تم انقاذهم.
أقترب عاصم من الضابط بخوف وخطوات مترددة، قال بنبرة قلقة وعيون زائغة:
_ فين مروه؟
اتنهد الضابط بقوة وقال بأسف:
_ أسف بس احنا ملقيناش غير سبعة بس وفي ثلاثة مش موجودين في المكان، بنت وولدين بس البحث لسه مستمر وهنلاقيهم، متقلقش مش هيعدي اليوم من غير ما يكونوا في وسطنا
رجع عاصم خطوة واحدة للخلف بوجع ووضع يده علي قلبه، شعر أن الدنيا تدور به لم يسمع سوي أن حبيبته لا زالت بقبضة هؤلاء المجرمين، الوحيدة من أصدقائها لا تزال مخطوفة وكأن قلبه ينقصه جرح جديد، وضع معاذ يده علي كتف عاصم يحاول أنه يهدئه قليلا ولكن عاصم عقله بمكان أخر وعينيه تدور بالمكان تبحث عن وجهها في وجوه الطلاب وكان بيدور علي وجها من بينهم.
غادة بعدت عن حضن والدتها التي لم تتركها لحظة تقبلها بجنون وتكور وجهها بين يديها بمجرد أن رأتها تقف أمامها بخير وأعطت أقوالها للضباط، فتحت عينيها بصدمة عندما رأت معاذ يقف مع عاصم فعلمت أنه نفس ذلك الوسيم بالحفل ويبدو أنه صديق عاصم ولكنها أزاحت تلك الأفكار جانبا وهي تتجه لعاصم ووقفت أمامه بتوتر وقالت بارتباك وهي تعبث بأظافرها:
_ ابيه عاصم الحق مروه بليز، المجرم شالها وبعد بيها وبس فارس وإياد لحقوه، أنا عرفت الشرطة وهم قالوا هيجيبوها بس أنا خايفة عليها أوي، انقذها بليز
عادت غادة بذاكرتها للحظات قليلة وقت أخذ الحارس لمروه
عند مروه حملها الحارس وخرج بها ونظر فارس على المفتاح وفك نفسه، أعطي المفتاح لإياد وقال باستعجال:
_ فكوا نفسكم وأنا هلحق مروه
قالها بسرعة وخرج، إياد فك نفسه وفك غادة وقفها بهدوء ومسك كتفها بجدية وقال بهدوء بنبرة جادة وهو ينظر داخل عينيها:
_ اسمعيني كويس يا غادة ما تتحركيش من هنا فهماني، استخبي على ما الشرطة تيجي
قالها وخرج خلف فارس
كانت مروه بتصرخ وهي مرعوبة وتري جثث في كل مكان حولها والحارس يجري في أماكن يختبئ من عيون الشرطة التي لم تصل له بعد وفي ايده يحمل مسدس، خرج فارس أمامهم فجأة ثم ضرب الحارس بالعصا كانت الضربة قوية وهزته قليلا ولكن الحارس استطاع إمساك العصا من فارس قبل أن تصل إليه الضربة الثانية ومروه سقطت من علي كتف الحارس علي الأرض وصرخت بوجع, ابتسم الحارس بشر وجذب العصا من ايد فارس وضربه بها على رأسه فسقط علي الأرض شبه فاقد لوعيه، صرخت مروه برعب ونهضت بصعوبة لكي تهرب ولكنه أمسكها من زراعها بقسوة ووضع السلاح علي رأسها وهو يهتف بوحشية:
_ امشي معايا بسكات وإلا هقتله واقتلك
_ فارس، لاء
قالتها وهي تجري وتحاول أن تجاري خطواته حتي لا تسقط أرضا، كانت تنظر خلفها علي فارس المرمي أرضا بطلها المغوار, نعم تشعر الآن أن فارس هو منقذها حيث حاول أن ينهض مره أخري ليلحق بها وفي نفس الوقت رأت إياد الذي وصل إليهم ليساعدهم، ابتسمت بأمل ولكن الحارس شعر بالخطر وتهديد علي نفسه بوجودهم فرفع المسدس علي فارس ناوي إطلاق رصاصة عليه في هذه اللحظة شعرت مروه أنها يجب أن تكون قوية ويكفي ضعفا لن ينقذها سوي نفسها فدفعت يده بعيد عن هدفه الذي كان عبارة عن قلب فارس الشجاع وخرجت الرصاصة باتجاه فارس ولكن أخطئت هدفها وأصابت كتفه فقط، صرخت مروه بقوة وهي تدفعه مرة أخري كادت أن تركض لكن أمسكها من شعرها بعنف وجذبه للأسفل وهو يتوعد لها بالقتل
_ هقتلك
قالها بقسوة ورفع المسدس أمام عينيها وفى هذه اللحظة انطلقت رصاصة من مكان بعيد كان هدفها الحارس والشرطة ألتفت حواليهم، أغمضت مروه عينيها بخوف حقيقي ولكن فتحتها بسرعة عندما تذكرت فارس، ركضت ناحيته بقلب ملتاع ويكاد يتوقف نبضاته، اقتربت منه وجثت إلي جواره وحضنته لكن هو ارتسمت ابتسامة جميلة علي ثغره وضمها لصدره بكتفه السليم وهو يتنهد براحة لسلامتها بينما هي ولأول مره تشعر فيه مروه بالحب اتجاه فارس بطلها الجديد.
عند عاصم يقف وهو يسمع كلام غادة التي تترجاه أن ينقذ مروه وقبل أن يتحرك من مكانه يبحث عنها ظهر من العدم الثلاث طلاب فارس المصاب في كتفه ومن على يمينه إياد الذي يمسكه بلطف وعلى الشمال مروه، متجهين بخطوات بطيئة ناحية أهاليهم ولا يمكن تفسير وجوههم الغامضة, عاصم كان جل تركيزه على حبيبته ولكن كانت عينيها باردة وكأنها فقدت روحها في هذا المكان الموحش، تسير بضعف وبيدها تخبئ الجزء الممزق من ثوبها المدرسي تخفيه عن أعين الجميع، منظرها وجع قلبه اتحرك ناحيتها بدموع ولم ينتبه من وجه فارس المتوجع وإلى الممرضين الذين قربوا منه وابتعدوا به ناحية سيارة الإسعاف لكي يروا الجرح ومروه التي تراقب ابتعاده بوجع ووقفت مكانها ولم تعطي أهميه لوجود عاصم, وإياد الذي اتجه ناحية أهله وحضنهم وتقابلت أخيرا النظرات بصمت نظرت إليه وظلت مركزه معاه وهو يقترب منها وهي ثابتة مكانها، في لحظة كانت في حضنه شدها له بقوة وضغط على جسمها بقوة عايز يشعر بوجودها ولكن هي ظلت منزله يدها جنبها بجمود، رفعت عينيها قليلا فوجدت جدها خلفه يقترب منهم، ابتسمت بخبث وهي ترفع يدها تلفها حول عاصم ولكن عينيها تخبر أن القادم حرب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي