الفصل الحادي عشر

_ ادخلي برجلك اليمين يا عروسه
قالتها مروه بمرح وهي تفتح باب الشقة بأيد وتحمل في اليد الأخرى حقائب كثيرة، فتحته بهدوء ودخلت هي وغادة التي تضحك بمرح
_ عروسة في عينك يا واد انت ده انا لسه صغيرة, انا لسه صغيرة
قالتها غادة بغناء وهي تتحرك يمين وشمال وفي ايدها أكياس ديلفيري، قفلت غادة الباب بقدميها ودخلت خلف مروه
_ طيب يا صغيرة انتى تعالي نحط الأكل على السفرة
قالتها مروه واتجهوا للسفرة وضعوا الحقائب وجلسوا بتعب، تنهدت غادة بتعب وقالت بتذمر طفولي:
_ اه يا بت يا مروه الواحد تعب من الشيل
نظرت إليها مروه بإتساع ثم ابتسمت بسخرية وقالت بسخرية:
_ بس ما بتتعبيش يا أختي من الأكل ده احنا جايبين أكل يكفي خمسة مش اثنين بس
فردت غادة ايدها في وجهها الخمس أصابع وقالت:
- أعوذ بالله علي الحسد
ضحكت مروه وقالت بمرح:
_ ده قر بس يا حلوه
رفعت غادة حاجبها لأعلي ثم قالت وهي تضع يدها علي بطنها:
_ طيب يا اختي يله ناكل انا هفطس من الجوع
قامت مروه بهدوء وقالت لها:
_ طيب يا اختي قومي خلينا نغسل ايدنا الاول
بعد وقت قليل كانت السفرة مليئة بالأطباق الفارغة المتسخة، بالإضافة لكوبان من العصير فارغين وعلب كانز ملقاه بإهمال علي الأرض واكياس الطلبات فارغه تماما ومبعثره حولهم بالغرفة، رجعت مروه بظهرها للخلف قليلا تريح تشنجه وفي يدها كوب إضافي من العصير قالت وهي تتنفس بصعوبة فمعدتها ممتلئة كسيدة حامل في الشهر السابع:
_ اه يا بطني هتنفجر
_ وانا خلاص مش قادرة اتنفس
قالتها غادة ورجعت هي الآخري بظهرها للخلف استندت علي ظهر الكرسي وممده قدميها أمامها كسيدة مسنة ارتشفت أخر رشفه من العصير الذي في ايدها وقضمه من اخر قطعة للبيتزا
_ يعني مش قادرة ولسه بتطفحي
قالتها مروه بسخرية وتنظر لها بطرف عينيها
بلعت اللقمة بصعوبة ويدها علي بطنها تدلكها لتتسع قليلا في استوعاب الطعام وقالت بتوضيح:
_ دي نعمة ارميها يعني
_ أومال وجع البطن ولا نرمي حته
قالتها مروه بسخرية فنظرت إليها غادة بضيق بينما تمضغ لقمة أخيرة، أغمضت مروه عينيها وتثاءبت بكسل فقالت غادة وهي تضيق عينيها:
_ ايه هتنامي ولا ايه
_ لاء طبعا بس كسلانه شويه الاكل الكثير كبس علي نفسي
_ اوبا مروه هانم الرقيقة كلامها أتحول كده ليه
_ بطلي مقلته يا بت انتي ويله قومي اعمليلنا حاجة نشربها تفوقنا
قالتها وفردت ايدها بتتمطع بكسل لوت غادة فمها بضيق وقالت بتذمر:
_ ما تقومي انتي يا اختي، هو بيتي ولا بيتك انتي؟
بعد مناهدة طويلة من الاثنان انتهت بوجود كل منهما في المطبخ بيصنعوا الشاي معا جلسوا علي طاولة صغيرة في المطبخ شربوا الشاي بهدوء وروقان وعندما انتهوا نظروا إلي المطبخ بوجه عابث فحالته لم تكن جيدة بل سيئة للغاية فالأكواب في حوض الغسيل ملقون بإهمال ينتظروا من يغسلهم بسرعة بينما البوتاجاز فقصته كبيرة ويحتاج للتنظيف بل الأفضل أن نقول يحتاج غسل من كل الجوانب فقد دلقوا عليه الشاي، اتنهدوا الاثنان بضيق وعيون تكاد تبكي قهرا فقالت مروه وهي تلوي فمها:
_ مش مشكلة ننضفهم بعدين يله دلوقتي نقعد فى اوضي شويه
*******
في غرفة مروه
اتجهت مروه ناحية مسجل الاغاني وشغلت اغنية شبابية حديثة
_ يله نرقص شويه
قالتها مروه واختارت الأغنية، بينما تتمايل غادة وهي تهتف:
_ هزي يا بت هزي
وبدأت غادة تحرك خصرها وتضحك ضحكت مروه عليها واتجهت للدولاب فتحته وأخرجت فستان اخضر قصير ودخلت الحمام لتغير ثيابها بذلك الفستان الجميل
_ ههز يا اختي بس اكون لابسه لبس مناسب
قالتها مروه وهي تغلق الباب خلفها، وبعد خمس دقائق كانو يرقصون ويغنون ويضحكون بصخب، كانت أصوات الاغاني مرتفعة ولأول مره منذ فترة طويلة تشعر فيها مروه بفرحة كبيرة، مسكت مروه إيد غادة ورقصتها بمرح وبدء يلفون حول بعض ثم شغلوا أغاني الدبجة، رفعت مروه حاجبها بخبث وصعدت فوق الدولاب وأمسكت بعصايتين رمت واحده لغادة التي امسكتها بفرحة كبيرة وعيون متسعه مع تنبيه مروه لها:
_ خذي دي يا بت
رفعت حاجبها وهي تنظر للعصا بيدها وقالت بإستغراب:
_ مخبياهم فوق ليه
نزلت مروه ومسكت العصا خاصتها
_ ما فيش مخبياهم من ابيه عاصم لما كان بيزاكر ليه
قالتها بمرح وضحكوا الاثنان علي مشاكسة مروه ثم عادو للرقص من جديد
_ شكلك كنتي نوتي يا مروه وانا الي كنت بفتكرك كيوت
ابتسمت بهيمان وهي تتخيل شكله الوسيم وهو بيرفع شعره للأعلي متعصب من عدم تركيزها
_ هو الي كان عصبي وبيخوف الله
ضحكت غاده وتركت العصا من يدها وغيرت الأغنية لرقص شعبي
_ هنزل اشرب مايه واجيب كنزتين من الثلاجة واطلعلك
_ اوك هاتيلي انا بيبسي
قالتها غادة بينما تعبث بخصلات شعرها بعبث فشاورت مروه بإيدها ونزلت للأسفل
*********
في الاسفل
فتح عاصم الباب بهدوء دخل وخلفه معاذ وفي ايده بعض الأوراق الهامة كشر بضيق عندما سمع صوت الأغاني عالي في الشقة
_ عاملين حفلة ولا ايه يا عصوم
قالها معاذ بمرح فرد عليه عاصم باقتضاب:
_ ماعرفش الصوت جاي من اوضه مروه هطلع اشوف في ايه
فقال معاذ بتحذير وهو يحرك سبابته كمعلم رياضيات:
_ براحه عليها متزعقلهاش او تزعلها
رفع حاجبه بغيظ ثم قال بضيق
_ متقلقش يا حنين انت
قالها والتفت ليصعد لها ولكنه تجمد مكانه بعيون جاحظة وهو يري الحالة المزرية بغرفة الطعام ثم ضيق عينيه أكثر علي السفرة والطعام المبعثر عليها اتعصب وتنفس بغضب بينما يكور يديه بغضب قاسي، لاحظ معاذ عنف عاصم وغضبه فمسك خذه بلطف وقال وكأنه يهدأ طفل صغير في الخامسة من عمره غاضب من سرقة حلواه:
_ ريلاكس خليك ريلاكس يا بيبي
دفع ايده بغيظ وقال بضيق:
_ شيل ايدك يا ولا
ضحك عليه والثاني صعد للأعلى حيث أميرته الصغيرة، فتح الباب بهدوء وحاول أن يكون هادئ حتي لا يؤذيها بعصبيته منها لكنه تصنم مكانه عندما وجدها أمامه تتمايل على الأغنية ومغمضة عينيها بتركيز، ابتسم بلطف وعينيه بتأكل تفاصيلها بنهم كمفترس قاسي يلتهم غزال صغير بلا رحمة، دخل إلي داخل غرفتها مسلوب الإرادة كما لو أن جنية البحر نادته وهو لبي النداء مغيب عن الواقع، استند بظهره علي الحائط الوردي خلفه وثني قدم واحده خلفه بينما الآخري مستقيمة كصاحبها ربع ايده أمام صدره وظل يتابع تمايلها ورقصها بتركيز شديد كما لو أنه أول مره يري فيها فتاة جميلة، أما عنها فهي بعالم أخر وهي مغلقة عينيها تلتف ببراعة كأفعى ماهرة تصطاد فريستها ولم تشعر به للحظة واحده حتي واستمرت بالرقص ولكن شعرت بحركة بالمكان فظنت أنها غادة
_ تعالي يا غادة ارقصي
قالتها مروه وهي مغمضة عينيها لكنها شمت رائحته الرجولية المميزة حاولت أن تكذب إحساسها بوجوده معها بنفس الغرفة، وجاءت أخر لحظة في الأغنية ولفت حول نفسها عده لفات والفستان لف معاها كان شكلها جميل وفتحت عينيها في اخر لفه وقدمها اليمني اتكعبلت أسفلها كادت أن تقع أرضا ولكن وجدت نفسها في حضن أميرها الذي أغمض عينيه للحظة وهي تتنفس بقوة
كانت مروه بتلف وأنا عيني لم تتحرك من عليها، كانت جميلة وهي بتلف مثل الأميرات تماما وفي أخر لفه لمحتها بتفقد توازنها فجريت ناحيتها بسرعه كبيرة وسقطت بين ايديا، ايدي كانت ماسكه ايدها وأيدي الثانية حول خصرها نظرت إليها بهيمان وسرحت في بحر عينيها وأنا الغريق
_ اسم الله عليكي، انتي جميلة اووي يا مروه انتي اتخلقتي لتكوني ملكة وبس
قالها مسحور بها وقرب من شفاهها وهي مستسلمة له وقلبها بيدق جامد، غمضت عينيها ومنتظره قبلته قبلة الحياة بالنسبة لها
_ متغمضيش عينك
قالها بأمر ففتحت عينيها باستسلام واضح له لكن صوت الأغنية الجديدة اشتغل بصوت عالي فزعهم وفوقهم من حالة التيه فدفعت مروه ايده عنها بتوتر وقالت بارتباك بينما تنظر بعيد عنه:
_ غادة منكن تيجي في اي وقت
عدل وقفته ووضع يده علي قفاه بتوتر من تهوره وقال بحرج:
_ احم اه ومعاذ صاحبي تحت
بعد عنها بمسافة وهي بتحاول تداري جسدها الظاهر من الفستان
لمح العصا علي الأرض فمال بجسده ومسكها بإيده ونظر إليها بتفكير تحت نظراتها المرعوبة ثم نظر علي مروه بغيظ وقال بغيظ:
_ مش دي العصاية الي كانت ضايعه ايه الي جابها هنا
وقرب ناحيتها ابتسمت ببلاهه وهي تهتف بتلعثم:
_ اسكت مش انا لقيتها
_ لا والله
هزت رأسها بتوتر ورجعت خطوه للخلف فظهر جسدها بسخاء أمام عينيه وهذا جعل الدماء تفزر بعقله وعصبه أكثر كور ايده بغيرة
_ ادخلي غيري اللبس ده واياك اشوفك لبساه ثاني
ظلت واقفة تنظر له ببلاهه لكن ضرب العصا في الارض فوعها وجعل جسدها ينتفض
_ ادخلي يله غيري وصاحبي مستني تحت مش عايز نفس
لفت ظهرها له بتمثل الزعل
_ انا مالي يعني بصاحبك وو...
صوته أصبح أعلي ونبره قاتمة
_ اخلصي
ورفع ايده بالعصا عليها ضربة خفيفة
_ اه
صرخت وقفزت مكانها كالقنفذ وأيدها علي ظهرها مكان الضربة
_ بتوجع اه
رفعها ثاني بتهديد
_ فريرة يا باشا
قالتها وركضت بسرعه إلي المرحاض
ضحك وقال:
_ عيال مابتجيش غير بالعين الحمرا
حرك شعره بغرور ونزل للأسفل وفي ايده العصا
***********
في مطار ايطاليا صوت التنبيه الأخير لركوب الطائرة يصدع بأرجاء المطار، اتحرك بخطوات رزينة ناحية الباب ركب وجلس بجوار النافذة أخرج صورة من جيب محفظته، كانت صورة له هو ومعه فتاة كانوا حاضنين بعض بمرح هو واضع ذراعة علي كتفها وبأيده الثانية بيعبث بشعرها، قرب الصورة أكثر لتظهر ملامح الفتاة أكثر والتي كانت مروه ابتسم وهو يتذكر شقاوتها، فجاءة صرخ بوجع عندما صدمته حقيبة في ذراعه
_ ماذا يحدث هنا؟
قالها باللغة الأجنبية بغضب
ظهرت فتاة بملامح اجنبية ساحرة وهتفت بتوتر واسف باللغة الانجليزية
_ انا اسفة سيدي
وازاحت الشنطة جانبا ثم جلست فحرك رأسه بيأس ورجع ينظر للصورة مره ثانية وهي جالسه بجواره في حالة توتر كبير وخوف وبتهز قدميها بتوتر وعصبية اتنهد بقوة وعصبية منها وقال:
_ ماذا يحدث معك انستي؟
_ لا شيء سيدي مرتبكة قليلا
رفع حاجبه وقال بهمس غاضب بالعربي
_ ده الي ناقصني واحده غبية
قالها ووضع الصورة في جيبه ولم ينتبه لوجهها الذي اشتعل بغضب وتحول لعصبية مفرطة نظرت إليه بغيظ وتمتمت في سرها:
_ مصري وقح هوريك
قررت تمثل عليه انها لا تفهم حديثه فقالت:
_ هل يمكن أن تبدل الاماكن من فضلك فأريد ان أكون بجوار النافذة
وضع القماش الاسود علي عينه كأنه لا يسمعها من الأساس وسند رأسه للخلف وقال بفظاظة:
_ لاء
عضت شفاهها بغيظ لكن شعرت بالتوتر عندما شعرت بالطائرة تستعد للانطلاق
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي