الفصل الخامس عشر
_ بقي انت حته العيل إلي عايز تتجوزني
قالتها ميرا بغضب ومسكته من قفاه وهزته يمين وشمال وتنظر عليه بغيظ، وهو اتأفف بضيق ويحاول يزيح ايديها من عليه، قالت بسخرية كأنها تحادث طفل صغير:
_ يا بني أنا لو كنت اتجوزت صغيرة شويه كان زمان عندي عيل قدك في...
سكتت بصدمة وابتلعت باقي كلامها داخل جوفها عندما وقف أمامها فجأة بعد أن كان يجلس علي كرسي وظهر فرق الطول بينهما, وكم بدت قصيرة كطفلة بالعاشرة انزلت يديها بخضه ورجعت خطوة للخلف بينما عينيها متسعة علي أخرها كبلهاء قليلا وقالت في سرها:
_ يا صلاة النبي أحسن
قرب منها وابتسامة لئيمة تتراقص على وجهه، وقال باستفهام وهو ينزل عينيه لها؛ فهي قصيرة حتي أنها لا تصل إلي نصف صدره:
_ كنتي بتقولي ايه بقي؟
أكمل بتهكم وهو يرمقها بتحدي:
_ عيل!
قالها وقرب خطوة واحدة منها وبالمقابل هي رجعتها بتوتر
_ أنا العيلة وستين عيلة هو أنا أقدر أقول كده
قالتها بطريقة مضحكة مع ابتسامة حمقاء لازمتها وهي تنظر حولها بتوتر والمكان فارغ من الزبائن كما يبدو لها الآن، المطعم هادئ علي غير العادة لا يوجد به سوء النادل والكثير من الحراس حولها يشعروها بالرهبة وكأنها بحضرة أحد الوزراء بالإضافة للحراس بالخارج ويوجد هي وهو فقط بمفردهم علي تلك الطاولة المنظمة بطريقة جذابة، لعنت نفسها علي مجيئها لمقابلته كانت تظن انها ستهزقه وترحل بسلام ولكن يبدو أن له رأي أخر، شاور بأيده لها علي الكرسي وأقرب منها أكثر وهو يشد الكرسي لها فجلست بهدوء مرغمة ورجع الكرسي بيها للأمام بطريقة لبقة وكأنه "جنتل مان"، استغربت لباقته معها وخصوصا بسبب صغر سنه ولكن مع ذلك شخصية قوية تجبرك تحترمها ابتسم برزانة وقال:
_ تشربي ايه يا انسه ميرا؟
ربعت ايدها بعند وقالت بغضب:
_ مش جايه هنا علشان أشرب يا أستاذ أو أضايف يعني
ضرب ايده علي الطربيزة بخفة وقال بغضب وصوت خشن لا يقبل جدال:
_ قولت تشربي ايه
قالت بسرعة وبابتسامة بلهاء:
_ عصير ليمون
ثم أكملت بخفوت:
_ علشان أروق أعصابي إلي ضيعتها يا ابن الإيه
جاء النادل ثم أخذ الطلبات بهدوء وذهب وأما ميرا فرفعت حاجبها مستغربة كل هذا الاحترام، قالت وهي تضيق عينيها عليه:
_ هو انت حاجز المطعم كله ولا ايه؟ هو ما فيش غيرنا هنا
رد عليها بهدوء وبنبرة أقرب للجليدية:
_ طبعا، علشان نأخذ راحتنا
ضحكت بخفة وقالت بصوت عالي بينما تضرب قدمها بخفة بيديها وهي ترمق الحراس بسخرية:
_ ايه الكيوت ده يا ناس عاملي فيها مهم اووي وحراسه معاه في كل حته
أغمض عينيه بضيق ثم فتحها وقال بغيظ وعصبية وهو يلف بعينيه حول المكان:
_ لأني كده وياريت صوتك يكون اهدي من كده شويه
ثم ضيق حاجبه باستغراب وقال باستفهام:
_ هو أنتي ما تعرفيش أنا مين؟
قلبت عينيها بملل وقالت بلا مبالاة:
_ ما يهمنيش أعرف مين، انت مجرد عيل صغير بيتباهي بفلوس أبوه وأهله وعموما مش ده موضوعنا
كور ايده بغضب ونظرته كلها شرار جعلها ترجع بظهرها بخوف ليهتف بحدة:
_ أولا أنا مش عيل صغير بيستغل أهله علشان يتباهى قدامك زي ما بتقولي، أنا جاسر الدمنهوري وأظن اسمي معروف
اتسعت عينيها بصدمة هذا الاسم الذي سمعته الآن من بين شفاهه هو أشهر اسم في السوق الاقتصادي، فتحت فمها بصدمة وهي تردد الاسم بخفوت، مستحيل هذا الطفل الصغير بجسد كبير يكون هو نفسه أشهر واحد في السوق يطلق عليه ملك السوق.
فاقت من صدمتها أخيرا علي نظرته الخبيثة لها وابتسامة ثقة ارتسمت علي ثغره ليهتف وهو يميل بجسده ناحية الأمام قليلا:
_ منكن تعرفيني ايه هو موضوعنا يا حب
قالها وغمز لها بوقاحة نظرت إليه بصدمة وبدون وعي منها أمسكت كأس العصير الذي أمامها ودلقته علي رأسه، استفزها وقاحته لكن عندما استعادت وعيها شهقت بزعر وخافت من نظرته لها ورجعت للخلف بخوف، سحبت حقيبتها وتحركت للخارج بسرعة وخوف من ردة فعله لكن الحراس الذين يقفون لحمايته علي الباب وقفوا أمامها بأجسادهم الضخمة وخصوصا الحارس الذي رأي ما حدث لسيده وأمسك ذراعها يوقفها من الهرب، اتسعت عيني جاسر بغضب واشتعلت مقلتيه فكيف يلمسها ذلك الأحمق زمجر بعصبية وهو يتحرك ناحيتهم بغضب وعيون مليئة بالوعيد والغضب
_ قالي كلام أحلي كلام من بعده ما هعرف أنام، قالي بحبك ومدوبني حبك قالي بحبك، بحبك غنتها غادة بعيون بتخرج قلوب وهيمانه علي الأخر صعدت إلي غرفتها ورمت جسمها علي السرير وابتسمت بعشق سمعت رسالة علي الفون رفعت الفون فوجدت رسالة من رقم غريب مضمونها:
_ بحبك يا ساندريلا معاذ
حضنت التليفون بسعادة ونامت من دون أن تشعر
مسك عاصم الاشعة في ايديه بعيون حزينة، عمره ما أتوقع أن تكون نهايته بهذه السرعة مبكر للغاية لم يحقق بعد أحلامه، فاق علي طرق الباب اتوتر واخبئ التحاليل بسرعة في درج المكتب وقال بهدوء:
_ ادخلي
فتحت الباب بهدوء وطلت منه بهيئتها الملائكية، وقفت علي الباب بكسوف ووجها للأسفل قليلا تنظر ناحية الأرض تتجنب النظر له فالخجل ينهش قلبها كمرض خبيث امتدت جذوره فبات من الصعب التخلص منه، كانت تفرك يدها بتوتر بالغ وتشعر بالندم والخجل من فعلتها السابقة، شعر بخجلها وتوترها ولكن غضبه منها كان أكبر اتنهد بقوة وقال بهدوء:
_ تعالي يا مروه مالك واقفه كده ليه علي الباب
تحركت ناحيته وهي تجر قدمها بتوتر وجلست علي الكرسي المقابل له ثم رفعت وجهها له بنظرات الأسف وقالت بارتباك وهي تفرك أناملها:
_ أنا اسفة يا ابيه
كانت نظراته حادة في البداية ثم لانت قليلا عندما لمح نظراتها الحزينة وعينيها الدامعة، يضعف معها هي فقط، تنهد بقوة وهو ينهض بهدوء من مكانه خلف مكتبه الفاخر تحت نظراتها المندهشة ليستقر أمامها علي الكرسي المجاور لها وكأن مكانه الحقيقي هو جوارها، بعدما جلس علي الكرسي اراح جسده للخلف قليلا ثم سلط نظراته عليها بتركيز وترها فكملت بندم حقيقي:
_ أنا اسفة علشان قولتلك اني بكرهك
دمعت عيونها ونظرت للأسفل تخفيها عن عينيه التي كصقر حاد، وقالت بتفسير وارتباك:
_ مكنش قصدي والله أنا، أنا..
سكتت بقلة حيلة وسمعته يكمل كلامها:
_ أنا عارف إنك كنتي مضايقة وحقك علي فكره، يمكن أنا غلط لما حطيتك في موقف صعب ذي ده
اتنهد بقوة ومد ايده ناحيتها ومسك ايدها بين كفوفه الكبيرة فاختفت جواه وكمل وهو ينظر لها:
_ أنا عارف إن خالد غالي عندك وبتعتبريه أخوكي
قالها وضغط على ايدها بقوة جعلتها تأن من الوجع ولكنها أخفت وجعها بداخلها تستمع له بدهشة، وعينيه أغمضها بقوة يحاول أن يهدأ من غضبه الذي لا يوجد له مبرر وكمل بحشرجة:
_ وعارف إنك أغلي حد عنده بردو، ومستني ذي أي أخ بيحب اخته يوم فرحها، اليوم الي هيوصلها فيه لعريسها بنفسه أو علي الأقل يكون عارف بالتفاصيل الصغيرة ليها
تنهد بصوت مرتفع ثم أكمل:
_ بس احنا معرفنهوش وكتب الكتاب جيه من غير ما نعمل ليه حساب، وده أكيد بيزعل يا مروه
دمعت وهي تسمعه وقد عادت إلي ذاكرتها موقف صعب بل كان الأصعب علي الإطلاق مر في حياتها، نظرت إليه بوجع ودموعها تتسابق علي وجنتيها كسباق خيول أيهم يصل أولا، نظر إلي دموعها بقهر ووجع واقترب من وجهها برفق ثم مد أنامله برقة يمسح دموعها بهدوء وأكمل بوعد لها ليخفف ما تشعر به:
_ بس اوعدك أن كل حاجه هتتحل، اخوكي هيعرف بكل حاجة وهيسامحك صدقيني
ركز علي عينيها وقال بهدوء:
_ بوعدك يا حبيبتي هنحل كل المشاكل، متقلقيش وخالد الولد ده هخليه يجي يعتذر ليكي كمان ها ايه رأيك بقي؟
قالها بمرح يحاول أن يخفف وتيرة الموقف الصعب ابتسمت له وقفزت في حضنه كطفلة صغيرة وهي تردد:
_ شكرا اووي يا عاصم أنا بحبك اووي
قالتها بحب واضح وقد حذفت أي لقب له وكأنها زاحت التكليف بينهم وهذا جعل عاصم يفتح عينيه بصدمة من اعترافها الصريح له، شعر بسعادة تغمر قلبه وتغرقه في بحر من العسل الصافي ولكن شعر بنغزه في قلبه عندما تخيل أنه مجرد خطأ منها ولا تقصد به شيء هي طفلة ومتقلبة في مشاعرها، وضع يده علي قلبه وهو يوعد نفسه أنه لا يجب أن يتعلق بها أكثر سيجبر قلبه علي نسيانها، أبعدها عن حضنه بارتباك واضح ثم ابتسم لها بحب وقال بهيمان:
_ أنا كمان بحبك يا مروه
أراد أن يغير مجري الحديث فقال بمرح
_أنا جعان ما كلتش حاجه، ايه رأيك نطلب اكل؟
سقفت بمرح وهتفت بسرعة:
_ هاي ايوه كده اطلبلي شاورما بليز
ضحك عليها بصخب ثم طلب لهم الطعام المفضل لها بكل تأكيد.
مسك الحارس ايد ميرا بقوة يحاول أن يوقف خروجها نظرت إلي الحارس بخوف ثم نظرت إلي ايدها الممسك بها بتوتر، حاولت أن تسحب يدها من بين براثنه القوية ولكن هو متمسك بها بقوة وكأنه أمسك حرامي الغسيل ولن يتركه قبل أن يلقنه درسا قاسيا علي فعلته، رأت جاسر الدمنهوري قادم نحوهم بغضب وعينيه قاتمة وكأنها حقا ينقصها رعبا منه، كان مكور ايده بعصبية وغيرة وعروق ايده ورقبته ظاهرة بوضوح لعينيها رغم بعد المسافة بينهم فعلي صوت تنفسها وهي تحاول سحب يدها من جديد تهمس بداخلها:
_ سيبني الله يخربيتك ده أنا هيتعمل مني لحمة مفرومة بسببك دلوقتي
ابتسمت برعب لم تتوقع أنها تخاف من طفل صغير لا يتجاوز عمره العشرين عام، وقف أمامهم ورمشت بعينيها برعب ودقات قلبها عالية عندما رأت قبضته تتحرك ناحية وجهها علي شكل لكمة متناسيا أنها فتاة هكذا فكرت وهي تغلق عينيها، صرخت برعب ولكن الضربة لم تكن من نصيبها بل كان من نصيب الحارس الممسك بيدها، الضربة كانت قوية جعلت الحارس يترك يدها وهو يسقط أرضا متألما بينما هي اهتزت وهي تسمع جاسر يتحدث بأعلى نبرة لديه:
_ انت ازاي تتجرأ وتلمسها يا ابن# ده انت ليلة أهلك سودا معايا
قالها وعلامات الشر في عينيه ضربه برجله في بطنه وزعق للحارس الثاني الذي يقف يراقب ما يحدث بهدوء ولم يتدخل:
_ خذه من وشى علي المخزن وحسابك انت كمان بعدين، يله اخفوا من وشي
وميرا واقفه واضعة ايديها على خدها متخيلة شكلها لو أخذت هي هذه الضربة القوية بدل الحارس، فقوست فمها بخوف ورجعت خطوة للخلف
سند الحارس زميله وخرج من المطعم، بينما جاسر كان يتنفس بغضب وينظر عليهم وهم خارجين بغل ثم نظر لها بعيونه المشتعلة وجد بعينيها زعر منه فحاول أن يهدئ نفسه حتي لا تخاف منه ولعن ذلك الحارس الأحمق بداخله يرغب أن يلحق به مرة أخري ويعطيه درسا جديدا من اللكمات، اتقدم ناحيتها لكن هي رجعت خطوة للخلف وقالت بتلعثم وهي تعبث بخصلتها تضعها خلف أذنها بارتباك:
_ أنا, أنا..
أوقف كلامها الغير مرتب اقترابه منها أكثر ثم ابتسم بلطف يهدأ من حدة الموقف، وقال بهدوء عكس العاصفة السابقة وكأنه شخص أخر معها هي فقط، وقال بلطف اتقلب حده:
_ انتى كويسه، ازاكي بحاجة الكلب ده
هزت رأسها بلا وهي تتنفس بقوة، ابتسم بلطف ومسك ايدها بلطف وقال بلطف أكبر:
_ نكمل كلامنا دلوقتي ولا نأجلها وقت ثاني شكلك تعبان شويه
سحبت ايديها بتوتر في البداية ثم كشرت وجهها متناسية رعبها السابق وكأن ميرا العنيدة عادت من جديد وقالت بعصبية:
_ ما فيش بينا أي كلام ثاني، أنا جيت علشان أقولك حل عني بقي وإنساني سلام
التفتت لترحل كما جاءت ولكن جاسر مسك ايديها بقوة ولفها ليه بقوة وجدت عينيه تحولت لظلام، فاتسعت عينيها بصدمة في البداية وللحظة خافت منه ولكن الخوف استمر أكثر عندما قربها منه أكثر وشعرت بفرق الطول، رفعت وجهها له وهو تكلم بغضب وهو يكز على أسنانه بغضب:
_ أياكي تفكري للحظة واحده أنك تمشي من قدامي قبل ما أخلص كلامي علشان أنا صبري قليل، صدقيني مش عايز اتعصب عليكي وأوريكي الوش الثاني لجاسر الدمنهوري
قربها أكثر وشدها ناحيته بحدة فاصطدمت في صدره وعينيه لم تترك عينيها المزعورة وكمل بنفس الحدة ظون أن يرأف لحالها من قربه المهلك لها:
_ وكمان الكلام بينا لسه ما أنتهاش لينا قاعدة ثانية مع بعض وعرضي ليكي(الجواز) هستني فيه القبول وبس، ما فيش عندى اختيار الرفض أنا بس عايزك تجيني بنفسك
ترك ايدها بعنف وشاور ليها بأيده وقال بحدة:
_ ويله اتفضلي قدامي علشان اروحك
شعرت بأن لسانها قد شل من كلامه وتهديده لها ولكنها استطاعت أخيرا إخراج الكلام والاعتراض:
_ أنا همشي لوحدي
قالتها بكبرياء ورافعة رأسها لأعلي بشموخ لإخفاء خوفها وارتباكها فرفع حاجبه لها بتهديد واكمل وهو يخطو أمامها:
_ قولت يله من غير اعتراض مفهوم
ضربت قدميها الأرض ونفخت بغيظ وصرخت بداخلها وحركت ايديها علي شكل "هخنقك" ثم انتفضت مكانها وركضت ناحيته عندما وصلها صوته الحاد المخيف والعالي:
_ يله
قالت بسرعة:
_ اوف خلاص أنا جايه اوف
وأكملت بخفوت وهي تضغط علي شفاهها:
_ عيل غتت هسمع كلامك دلوقتي بس علشان حراسك إلي بتتباهي بيهم عليه وعضلاتك الي بتستعرض بيهم علي الغلبانة الي ذي
الحارس فتح الباب الخلفي له باحترام فشاور له بعنجهية لكي يبتعد ويركب في مكانه ثم أشار لميرا لتدخل السيارة وهو يمسك الباب لها رمته بنظرة إغاظة وركبت وهي بتركب ضربت كتفه بحقيبتها فضغط علي شفاهه بغضب وضغط علي مقبض الباب بعنف يحاول أن يكون هادئ في حضرتها لتلك المستفزة، ركب هو الآخر جوارها وأغلق الباب بهدوء ثم اشار للحارس بالتحرك وهو بيقول باقتضاب:
_ اتحرك لقصر انسة ميرا
تحركت السيارة لمنزلها وتحركت خلفه سيارات الحراسة كأنه وزير بموكب خاص، فتحت عينيها مندهشة من المنظر وتمتمت بداخلها:
_ هو ايه جو الأكشن اي إلي أنا فيه ده، ده بقي حته العيل ده هو جاسر الدمنهوري إلي الكل بيخاف منه
لوت فمها باستنكار ونظرت إليه من طرف عينيها وهو يجلس بشموخ يسند ظهره للخلف بأريحيه وينظر أمامه بثبات فقالت في سرها حتي لا يسمعها:
_ ياربي علي تناكة أهلك يا اخي قال بيحب قال بقي حته عيل يحبني
استيقظ عاصم مبكرا للغاية كعادته فهو نشيط عكس صغيرته الكسولة، دلف إلي غرفة مروة بهدوء فوجدها نائمة كالملاك الصغير، ابتسم بلطف واقترب منها يقبلها علي جبينها بلطف ثم خرج بهدوء، خرج من المنزل وركب سيارته وظل يلف قليلا بها وبعد قليل وقف أمام البحر، نزل من السيارة واستند بجسمه على مقدمتها وثاني رجله اليمين وظل ينظر أمامه قليلا يسرح قليلا ولا يفعل أي شيء، أغمض عينيه لحظات واتخيل مروه حبيبته هو حبها لكن عندما علم بحقيقة مشاعره نحوها ظهر المرض الذي جاء ليفرق بينهم، لأول مره بحياته يشعر فيها بالضعف لأن لأول مره كان عنده سبب يعيش نعم مروه كانت السبب الذي جعله يتمسك بالحياة افتكر كيف رفض أنه يتعالج، رن التليفون فرفعه كانت والدته اتنهد بقوة وفتح الخط وسمع صوتها الذي يطمئنه فقال باشتياق كبير:
_ وحشتيني اووي يا ماما
_ مالك يا عاصم صوتك تعبان في حاجه يا حبيبي
مسح دمعة نزلت من عينيه وقال ببحة:
_ أنا كويس يا ماما، أنا بس انتى وحشاني اووي انتى وبابا والبت مها القردة دي وحشتني
بقلق ردت عليه ونبرة صوته قلقاها:
_ وانت كمان واحشنا هانت يا حبيبي بكره جايين ليكم قولت لمروه ولا لسه؟
غمض عينيه وقال وهو يدعك جبهته:
_ لسه معرفتهاش قولت خليها مفاجئة ليها
ضحكت بهدوء فكمل هو بهدوء:
_هتفرح اوي بكره لما تشوفكم
_ ايوه هتفرح أوي، دي كانت مضايقة علشان سافرنا من غيرها، يله هقفل دلوقتي وأكلمك بعدين سلام يا روحي
_ سلام
قالها وقفل الفون وكان سيضعه في جيبه لكن افتكر خالد اتنهد بضيق ورن عليه
قالتها ميرا بغضب ومسكته من قفاه وهزته يمين وشمال وتنظر عليه بغيظ، وهو اتأفف بضيق ويحاول يزيح ايديها من عليه، قالت بسخرية كأنها تحادث طفل صغير:
_ يا بني أنا لو كنت اتجوزت صغيرة شويه كان زمان عندي عيل قدك في...
سكتت بصدمة وابتلعت باقي كلامها داخل جوفها عندما وقف أمامها فجأة بعد أن كان يجلس علي كرسي وظهر فرق الطول بينهما, وكم بدت قصيرة كطفلة بالعاشرة انزلت يديها بخضه ورجعت خطوة للخلف بينما عينيها متسعة علي أخرها كبلهاء قليلا وقالت في سرها:
_ يا صلاة النبي أحسن
قرب منها وابتسامة لئيمة تتراقص على وجهه، وقال باستفهام وهو ينزل عينيه لها؛ فهي قصيرة حتي أنها لا تصل إلي نصف صدره:
_ كنتي بتقولي ايه بقي؟
أكمل بتهكم وهو يرمقها بتحدي:
_ عيل!
قالها وقرب خطوة واحدة منها وبالمقابل هي رجعتها بتوتر
_ أنا العيلة وستين عيلة هو أنا أقدر أقول كده
قالتها بطريقة مضحكة مع ابتسامة حمقاء لازمتها وهي تنظر حولها بتوتر والمكان فارغ من الزبائن كما يبدو لها الآن، المطعم هادئ علي غير العادة لا يوجد به سوء النادل والكثير من الحراس حولها يشعروها بالرهبة وكأنها بحضرة أحد الوزراء بالإضافة للحراس بالخارج ويوجد هي وهو فقط بمفردهم علي تلك الطاولة المنظمة بطريقة جذابة، لعنت نفسها علي مجيئها لمقابلته كانت تظن انها ستهزقه وترحل بسلام ولكن يبدو أن له رأي أخر، شاور بأيده لها علي الكرسي وأقرب منها أكثر وهو يشد الكرسي لها فجلست بهدوء مرغمة ورجع الكرسي بيها للأمام بطريقة لبقة وكأنه "جنتل مان"، استغربت لباقته معها وخصوصا بسبب صغر سنه ولكن مع ذلك شخصية قوية تجبرك تحترمها ابتسم برزانة وقال:
_ تشربي ايه يا انسه ميرا؟
ربعت ايدها بعند وقالت بغضب:
_ مش جايه هنا علشان أشرب يا أستاذ أو أضايف يعني
ضرب ايده علي الطربيزة بخفة وقال بغضب وصوت خشن لا يقبل جدال:
_ قولت تشربي ايه
قالت بسرعة وبابتسامة بلهاء:
_ عصير ليمون
ثم أكملت بخفوت:
_ علشان أروق أعصابي إلي ضيعتها يا ابن الإيه
جاء النادل ثم أخذ الطلبات بهدوء وذهب وأما ميرا فرفعت حاجبها مستغربة كل هذا الاحترام، قالت وهي تضيق عينيها عليه:
_ هو انت حاجز المطعم كله ولا ايه؟ هو ما فيش غيرنا هنا
رد عليها بهدوء وبنبرة أقرب للجليدية:
_ طبعا، علشان نأخذ راحتنا
ضحكت بخفة وقالت بصوت عالي بينما تضرب قدمها بخفة بيديها وهي ترمق الحراس بسخرية:
_ ايه الكيوت ده يا ناس عاملي فيها مهم اووي وحراسه معاه في كل حته
أغمض عينيه بضيق ثم فتحها وقال بغيظ وعصبية وهو يلف بعينيه حول المكان:
_ لأني كده وياريت صوتك يكون اهدي من كده شويه
ثم ضيق حاجبه باستغراب وقال باستفهام:
_ هو أنتي ما تعرفيش أنا مين؟
قلبت عينيها بملل وقالت بلا مبالاة:
_ ما يهمنيش أعرف مين، انت مجرد عيل صغير بيتباهي بفلوس أبوه وأهله وعموما مش ده موضوعنا
كور ايده بغضب ونظرته كلها شرار جعلها ترجع بظهرها بخوف ليهتف بحدة:
_ أولا أنا مش عيل صغير بيستغل أهله علشان يتباهى قدامك زي ما بتقولي، أنا جاسر الدمنهوري وأظن اسمي معروف
اتسعت عينيها بصدمة هذا الاسم الذي سمعته الآن من بين شفاهه هو أشهر اسم في السوق الاقتصادي، فتحت فمها بصدمة وهي تردد الاسم بخفوت، مستحيل هذا الطفل الصغير بجسد كبير يكون هو نفسه أشهر واحد في السوق يطلق عليه ملك السوق.
فاقت من صدمتها أخيرا علي نظرته الخبيثة لها وابتسامة ثقة ارتسمت علي ثغره ليهتف وهو يميل بجسده ناحية الأمام قليلا:
_ منكن تعرفيني ايه هو موضوعنا يا حب
قالها وغمز لها بوقاحة نظرت إليه بصدمة وبدون وعي منها أمسكت كأس العصير الذي أمامها ودلقته علي رأسه، استفزها وقاحته لكن عندما استعادت وعيها شهقت بزعر وخافت من نظرته لها ورجعت للخلف بخوف، سحبت حقيبتها وتحركت للخارج بسرعة وخوف من ردة فعله لكن الحراس الذين يقفون لحمايته علي الباب وقفوا أمامها بأجسادهم الضخمة وخصوصا الحارس الذي رأي ما حدث لسيده وأمسك ذراعها يوقفها من الهرب، اتسعت عيني جاسر بغضب واشتعلت مقلتيه فكيف يلمسها ذلك الأحمق زمجر بعصبية وهو يتحرك ناحيتهم بغضب وعيون مليئة بالوعيد والغضب
_ قالي كلام أحلي كلام من بعده ما هعرف أنام، قالي بحبك ومدوبني حبك قالي بحبك، بحبك غنتها غادة بعيون بتخرج قلوب وهيمانه علي الأخر صعدت إلي غرفتها ورمت جسمها علي السرير وابتسمت بعشق سمعت رسالة علي الفون رفعت الفون فوجدت رسالة من رقم غريب مضمونها:
_ بحبك يا ساندريلا معاذ
حضنت التليفون بسعادة ونامت من دون أن تشعر
مسك عاصم الاشعة في ايديه بعيون حزينة، عمره ما أتوقع أن تكون نهايته بهذه السرعة مبكر للغاية لم يحقق بعد أحلامه، فاق علي طرق الباب اتوتر واخبئ التحاليل بسرعة في درج المكتب وقال بهدوء:
_ ادخلي
فتحت الباب بهدوء وطلت منه بهيئتها الملائكية، وقفت علي الباب بكسوف ووجها للأسفل قليلا تنظر ناحية الأرض تتجنب النظر له فالخجل ينهش قلبها كمرض خبيث امتدت جذوره فبات من الصعب التخلص منه، كانت تفرك يدها بتوتر بالغ وتشعر بالندم والخجل من فعلتها السابقة، شعر بخجلها وتوترها ولكن غضبه منها كان أكبر اتنهد بقوة وقال بهدوء:
_ تعالي يا مروه مالك واقفه كده ليه علي الباب
تحركت ناحيته وهي تجر قدمها بتوتر وجلست علي الكرسي المقابل له ثم رفعت وجهها له بنظرات الأسف وقالت بارتباك وهي تفرك أناملها:
_ أنا اسفة يا ابيه
كانت نظراته حادة في البداية ثم لانت قليلا عندما لمح نظراتها الحزينة وعينيها الدامعة، يضعف معها هي فقط، تنهد بقوة وهو ينهض بهدوء من مكانه خلف مكتبه الفاخر تحت نظراتها المندهشة ليستقر أمامها علي الكرسي المجاور لها وكأن مكانه الحقيقي هو جوارها، بعدما جلس علي الكرسي اراح جسده للخلف قليلا ثم سلط نظراته عليها بتركيز وترها فكملت بندم حقيقي:
_ أنا اسفة علشان قولتلك اني بكرهك
دمعت عيونها ونظرت للأسفل تخفيها عن عينيه التي كصقر حاد، وقالت بتفسير وارتباك:
_ مكنش قصدي والله أنا، أنا..
سكتت بقلة حيلة وسمعته يكمل كلامها:
_ أنا عارف إنك كنتي مضايقة وحقك علي فكره، يمكن أنا غلط لما حطيتك في موقف صعب ذي ده
اتنهد بقوة ومد ايده ناحيتها ومسك ايدها بين كفوفه الكبيرة فاختفت جواه وكمل وهو ينظر لها:
_ أنا عارف إن خالد غالي عندك وبتعتبريه أخوكي
قالها وضغط على ايدها بقوة جعلتها تأن من الوجع ولكنها أخفت وجعها بداخلها تستمع له بدهشة، وعينيه أغمضها بقوة يحاول أن يهدأ من غضبه الذي لا يوجد له مبرر وكمل بحشرجة:
_ وعارف إنك أغلي حد عنده بردو، ومستني ذي أي أخ بيحب اخته يوم فرحها، اليوم الي هيوصلها فيه لعريسها بنفسه أو علي الأقل يكون عارف بالتفاصيل الصغيرة ليها
تنهد بصوت مرتفع ثم أكمل:
_ بس احنا معرفنهوش وكتب الكتاب جيه من غير ما نعمل ليه حساب، وده أكيد بيزعل يا مروه
دمعت وهي تسمعه وقد عادت إلي ذاكرتها موقف صعب بل كان الأصعب علي الإطلاق مر في حياتها، نظرت إليه بوجع ودموعها تتسابق علي وجنتيها كسباق خيول أيهم يصل أولا، نظر إلي دموعها بقهر ووجع واقترب من وجهها برفق ثم مد أنامله برقة يمسح دموعها بهدوء وأكمل بوعد لها ليخفف ما تشعر به:
_ بس اوعدك أن كل حاجه هتتحل، اخوكي هيعرف بكل حاجة وهيسامحك صدقيني
ركز علي عينيها وقال بهدوء:
_ بوعدك يا حبيبتي هنحل كل المشاكل، متقلقيش وخالد الولد ده هخليه يجي يعتذر ليكي كمان ها ايه رأيك بقي؟
قالها بمرح يحاول أن يخفف وتيرة الموقف الصعب ابتسمت له وقفزت في حضنه كطفلة صغيرة وهي تردد:
_ شكرا اووي يا عاصم أنا بحبك اووي
قالتها بحب واضح وقد حذفت أي لقب له وكأنها زاحت التكليف بينهم وهذا جعل عاصم يفتح عينيه بصدمة من اعترافها الصريح له، شعر بسعادة تغمر قلبه وتغرقه في بحر من العسل الصافي ولكن شعر بنغزه في قلبه عندما تخيل أنه مجرد خطأ منها ولا تقصد به شيء هي طفلة ومتقلبة في مشاعرها، وضع يده علي قلبه وهو يوعد نفسه أنه لا يجب أن يتعلق بها أكثر سيجبر قلبه علي نسيانها، أبعدها عن حضنه بارتباك واضح ثم ابتسم لها بحب وقال بهيمان:
_ أنا كمان بحبك يا مروه
أراد أن يغير مجري الحديث فقال بمرح
_أنا جعان ما كلتش حاجه، ايه رأيك نطلب اكل؟
سقفت بمرح وهتفت بسرعة:
_ هاي ايوه كده اطلبلي شاورما بليز
ضحك عليها بصخب ثم طلب لهم الطعام المفضل لها بكل تأكيد.
مسك الحارس ايد ميرا بقوة يحاول أن يوقف خروجها نظرت إلي الحارس بخوف ثم نظرت إلي ايدها الممسك بها بتوتر، حاولت أن تسحب يدها من بين براثنه القوية ولكن هو متمسك بها بقوة وكأنه أمسك حرامي الغسيل ولن يتركه قبل أن يلقنه درسا قاسيا علي فعلته، رأت جاسر الدمنهوري قادم نحوهم بغضب وعينيه قاتمة وكأنها حقا ينقصها رعبا منه، كان مكور ايده بعصبية وغيرة وعروق ايده ورقبته ظاهرة بوضوح لعينيها رغم بعد المسافة بينهم فعلي صوت تنفسها وهي تحاول سحب يدها من جديد تهمس بداخلها:
_ سيبني الله يخربيتك ده أنا هيتعمل مني لحمة مفرومة بسببك دلوقتي
ابتسمت برعب لم تتوقع أنها تخاف من طفل صغير لا يتجاوز عمره العشرين عام، وقف أمامهم ورمشت بعينيها برعب ودقات قلبها عالية عندما رأت قبضته تتحرك ناحية وجهها علي شكل لكمة متناسيا أنها فتاة هكذا فكرت وهي تغلق عينيها، صرخت برعب ولكن الضربة لم تكن من نصيبها بل كان من نصيب الحارس الممسك بيدها، الضربة كانت قوية جعلت الحارس يترك يدها وهو يسقط أرضا متألما بينما هي اهتزت وهي تسمع جاسر يتحدث بأعلى نبرة لديه:
_ انت ازاي تتجرأ وتلمسها يا ابن# ده انت ليلة أهلك سودا معايا
قالها وعلامات الشر في عينيه ضربه برجله في بطنه وزعق للحارس الثاني الذي يقف يراقب ما يحدث بهدوء ولم يتدخل:
_ خذه من وشى علي المخزن وحسابك انت كمان بعدين، يله اخفوا من وشي
وميرا واقفه واضعة ايديها على خدها متخيلة شكلها لو أخذت هي هذه الضربة القوية بدل الحارس، فقوست فمها بخوف ورجعت خطوة للخلف
سند الحارس زميله وخرج من المطعم، بينما جاسر كان يتنفس بغضب وينظر عليهم وهم خارجين بغل ثم نظر لها بعيونه المشتعلة وجد بعينيها زعر منه فحاول أن يهدئ نفسه حتي لا تخاف منه ولعن ذلك الحارس الأحمق بداخله يرغب أن يلحق به مرة أخري ويعطيه درسا جديدا من اللكمات، اتقدم ناحيتها لكن هي رجعت خطوة للخلف وقالت بتلعثم وهي تعبث بخصلتها تضعها خلف أذنها بارتباك:
_ أنا, أنا..
أوقف كلامها الغير مرتب اقترابه منها أكثر ثم ابتسم بلطف يهدأ من حدة الموقف، وقال بهدوء عكس العاصفة السابقة وكأنه شخص أخر معها هي فقط، وقال بلطف اتقلب حده:
_ انتى كويسه، ازاكي بحاجة الكلب ده
هزت رأسها بلا وهي تتنفس بقوة، ابتسم بلطف ومسك ايدها بلطف وقال بلطف أكبر:
_ نكمل كلامنا دلوقتي ولا نأجلها وقت ثاني شكلك تعبان شويه
سحبت ايديها بتوتر في البداية ثم كشرت وجهها متناسية رعبها السابق وكأن ميرا العنيدة عادت من جديد وقالت بعصبية:
_ ما فيش بينا أي كلام ثاني، أنا جيت علشان أقولك حل عني بقي وإنساني سلام
التفتت لترحل كما جاءت ولكن جاسر مسك ايديها بقوة ولفها ليه بقوة وجدت عينيه تحولت لظلام، فاتسعت عينيها بصدمة في البداية وللحظة خافت منه ولكن الخوف استمر أكثر عندما قربها منه أكثر وشعرت بفرق الطول، رفعت وجهها له وهو تكلم بغضب وهو يكز على أسنانه بغضب:
_ أياكي تفكري للحظة واحده أنك تمشي من قدامي قبل ما أخلص كلامي علشان أنا صبري قليل، صدقيني مش عايز اتعصب عليكي وأوريكي الوش الثاني لجاسر الدمنهوري
قربها أكثر وشدها ناحيته بحدة فاصطدمت في صدره وعينيه لم تترك عينيها المزعورة وكمل بنفس الحدة ظون أن يرأف لحالها من قربه المهلك لها:
_ وكمان الكلام بينا لسه ما أنتهاش لينا قاعدة ثانية مع بعض وعرضي ليكي(الجواز) هستني فيه القبول وبس، ما فيش عندى اختيار الرفض أنا بس عايزك تجيني بنفسك
ترك ايدها بعنف وشاور ليها بأيده وقال بحدة:
_ ويله اتفضلي قدامي علشان اروحك
شعرت بأن لسانها قد شل من كلامه وتهديده لها ولكنها استطاعت أخيرا إخراج الكلام والاعتراض:
_ أنا همشي لوحدي
قالتها بكبرياء ورافعة رأسها لأعلي بشموخ لإخفاء خوفها وارتباكها فرفع حاجبه لها بتهديد واكمل وهو يخطو أمامها:
_ قولت يله من غير اعتراض مفهوم
ضربت قدميها الأرض ونفخت بغيظ وصرخت بداخلها وحركت ايديها علي شكل "هخنقك" ثم انتفضت مكانها وركضت ناحيته عندما وصلها صوته الحاد المخيف والعالي:
_ يله
قالت بسرعة:
_ اوف خلاص أنا جايه اوف
وأكملت بخفوت وهي تضغط علي شفاهها:
_ عيل غتت هسمع كلامك دلوقتي بس علشان حراسك إلي بتتباهي بيهم عليه وعضلاتك الي بتستعرض بيهم علي الغلبانة الي ذي
الحارس فتح الباب الخلفي له باحترام فشاور له بعنجهية لكي يبتعد ويركب في مكانه ثم أشار لميرا لتدخل السيارة وهو يمسك الباب لها رمته بنظرة إغاظة وركبت وهي بتركب ضربت كتفه بحقيبتها فضغط علي شفاهه بغضب وضغط علي مقبض الباب بعنف يحاول أن يكون هادئ في حضرتها لتلك المستفزة، ركب هو الآخر جوارها وأغلق الباب بهدوء ثم اشار للحارس بالتحرك وهو بيقول باقتضاب:
_ اتحرك لقصر انسة ميرا
تحركت السيارة لمنزلها وتحركت خلفه سيارات الحراسة كأنه وزير بموكب خاص، فتحت عينيها مندهشة من المنظر وتمتمت بداخلها:
_ هو ايه جو الأكشن اي إلي أنا فيه ده، ده بقي حته العيل ده هو جاسر الدمنهوري إلي الكل بيخاف منه
لوت فمها باستنكار ونظرت إليه من طرف عينيها وهو يجلس بشموخ يسند ظهره للخلف بأريحيه وينظر أمامه بثبات فقالت في سرها حتي لا يسمعها:
_ ياربي علي تناكة أهلك يا اخي قال بيحب قال بقي حته عيل يحبني
استيقظ عاصم مبكرا للغاية كعادته فهو نشيط عكس صغيرته الكسولة، دلف إلي غرفة مروة بهدوء فوجدها نائمة كالملاك الصغير، ابتسم بلطف واقترب منها يقبلها علي جبينها بلطف ثم خرج بهدوء، خرج من المنزل وركب سيارته وظل يلف قليلا بها وبعد قليل وقف أمام البحر، نزل من السيارة واستند بجسمه على مقدمتها وثاني رجله اليمين وظل ينظر أمامه قليلا يسرح قليلا ولا يفعل أي شيء، أغمض عينيه لحظات واتخيل مروه حبيبته هو حبها لكن عندما علم بحقيقة مشاعره نحوها ظهر المرض الذي جاء ليفرق بينهم، لأول مره بحياته يشعر فيها بالضعف لأن لأول مره كان عنده سبب يعيش نعم مروه كانت السبب الذي جعله يتمسك بالحياة افتكر كيف رفض أنه يتعالج، رن التليفون فرفعه كانت والدته اتنهد بقوة وفتح الخط وسمع صوتها الذي يطمئنه فقال باشتياق كبير:
_ وحشتيني اووي يا ماما
_ مالك يا عاصم صوتك تعبان في حاجه يا حبيبي
مسح دمعة نزلت من عينيه وقال ببحة:
_ أنا كويس يا ماما، أنا بس انتى وحشاني اووي انتى وبابا والبت مها القردة دي وحشتني
بقلق ردت عليه ونبرة صوته قلقاها:
_ وانت كمان واحشنا هانت يا حبيبي بكره جايين ليكم قولت لمروه ولا لسه؟
غمض عينيه وقال وهو يدعك جبهته:
_ لسه معرفتهاش قولت خليها مفاجئة ليها
ضحكت بهدوء فكمل هو بهدوء:
_هتفرح اوي بكره لما تشوفكم
_ ايوه هتفرح أوي، دي كانت مضايقة علشان سافرنا من غيرها، يله هقفل دلوقتي وأكلمك بعدين سلام يا روحي
_ سلام
قالها وقفل الفون وكان سيضعه في جيبه لكن افتكر خالد اتنهد بضيق ورن عليه