الفصل السابع عشر

_ تنح أووي بس أنا حبيته الشرس ده
قالتها غادة وهي تضغط علي شفاهها كفتاة مراهقة وهي كذلك، ابتسمت عندما تخيلت أنه يغير عليها لكن وجهها تحول لشحوب من خوفها منه وخصوصا عندما تذكرت غضبه المبالغ به بها وشكله المرعب، وضعت يدها علي يدها المتألمة فشهقت بوجع ووجه عابث لكنها تذكرت تهديده لها فبلعت ريقها برعب وركضت بسرعة ناحية الدولاب تخرج ثوب جديد أكثر احتشاما، اختارته محتشم وبأكمام طويلة حتي لا يفرغ بها غضبه وحتي تخفي أيضا أثر يده علي يدها، تنهدت بضيق وهي تمسكه بين يديها بوجه حانق وقالت بتوتر:
_ بسرعة أحسن هولاكو ده ياكلني وأنا مش حمل ضرب من المتوحش إلي تحت ده كفاية ايدي إلي ورمت منه
سمعت صوت رسالة فتحتها بأيد مرتعشة
_ اخلصي في ليلة أهلك دي أحسن اطلع ليكي
رمت التليفون بخضة ودخلت ترتدي ثوبها في المرحاض وفي أقل من خمس دقائق كانت تقف أمام المرآة وترتدي فستان طويل وبكم محتشم، نظرت إلي نفسها في المرآة، تنهدت بقلق وقالت بهمس:
_ محتشم أهو إياك يسيبني أخرج بقي
كانت ستخرج ولكنها افتكرت عندما أمسكها بخشونة من وجهها، بلعت ريقها بتوتر ودخلت غسلت وشها وقلبت وجهها بضيق وقالت بصوت شبه باكي:
_ شرير اووي خلي وشي يحمر
تنهدت بقلق ونزلت بسرعة وهي تقرر أن تتجاهله ولا تنظر إليه ستذهب دون أن تنظر خلفها حتي، فتحت الباب نظرت عليه نظرة طويلة وهو بادلها النظرة وابتسم لسماعها كلامه، قضب حاجبه باستغراب عندما حركت رأسها بتذمر وأعطته ظهرها وشعرها تحرك معها وذهبت بعيد عنه من الاتجاه الثاني، اتنفس بغضب ولحق بها ثم وقف أمامها بعصبية وقال من بين أسنانه بغضب:
_ رايحه علي فين
رفعت حاجبها له بغيظ منه وردت عليه باقتضاب:
_ الدرس في مانع عند حضرتك؟ ولا جاي تكمل الي بدأته من شويه
قربت من وجهه بتحدي وقالت بقوة وهي بتربع ايديها:
_ ولا يمكن عايز تمد ايدك عليه ثاني
دفعته من أمامها بزعل وقالت بغضب:
_ امشي من وشي مش عايزه اشوف وشك ثاني
كور ايده بغضب وعروق رقبته ظهرت وعينيه البنية التي سحرتها من قبل تحولت لجمرة من النار جعلتها تشعر بالخوف منه، فرجعت خطوة للخلف لكن ايده منعتها ومسكها بلطف عكس ملامحه المخيفة وهمس بغضب:
_ ما حذرتيش يا غادة، المرة دي أنا مش همشي ومش هتخلي عنك ومش آسف علي إلى حصل من شويه؛ لأنك تستاهلي تتكسر راسك علي الزفت الي لبستيه ويله قدامي علشان تلحقي الدرس قالها ودفعها أمامه تحت صدمتها افتكرت أنه سيكون هادئ معها ويعتذر لها ويندم لما فعله بها ولكن لم تجد سوي الجمود منه والقسوة، هو شخصيته قوية ومختلفة كثيرا عن فارس أحلامها أرادت أن يكون لطيف ومحب، حاولت أن تعترض لكنه تذمر وأمسك ذراعها بقوة وذهب بها ناحية السيارة المركونة، فتح الباب بهدوء ثم دفعها برفق لتدخل بهدوء وأغلق الباب بعنف جعلها تشعر بالرعب فيبدو كما لو أنه عنده انفصام في الشخصية، تنفست بقوة عندما وجدته يحضر الهدية من مقدمة السيارة وركب بجوارها، أغمضت عينيها بضيق وهي تشعر أنها ورطت نفسها معه، قضت سنوات عمرها محافظة علي نفسها ولا تتكلم مع شباب وجاء معاذ الذي فرض نفسه عليها بحجة أنه يحبها، لفت وجهها للنافذة وقررت أن تتجاهله وهي تفكر بإخباره أنها لا تريد أن تظل معه أو تكون قريبة منه فهي حقا باتت تخاف منه ومن قربه ولكن لا يمكنها أن تقول ذلك الآن حتي لا يؤذيها فعليها أن تكون وسط الناس حتي لا يتهور عليها، بينما هو اتحرك بهدوء وكل لحظة ينظر لها، اتنهد بقوة وضغط علي مقود السيارة بغيظ وغضب نظر إلي الهدية ووضعها برفق علي ساقها فلفت رأسها له مستغربة ثم وجهت نظرها علي الهدية بعيون مضيقاها ثم عادت بنظرها له مرة أخري، هز رأسه لها بمعني افتحي الهدية الفضول حركها تعرف هوية الهدية فتحتها وابتسمت بحب عندما وجدت أسورة جميلة كانت نفسها فيها من فترة، فقالت:
_ انت عرفت إزاي إني عيزاها
قالتها غادة باستغراب ومنتظره رده علي احر من الجمر
حرك كتفه بلا مبالاة وقال بهدوء:
_ أي حاجة بتفكري فيها أو نفسك فيها يا غادة أنا بعرفها؛ لأن إلي بيحب بيعرف كل حاجة عن حبيبه وأنتي حبيبتي وروحي يا غادة
_ انت بتقول ايه؟ بتحبني أنا!
قالتها بهمس وهي ترمش بعينيها غير مصدقة اعترافه لها رغم قسوته السابقة التي جعلتها تعتقد أنه يتسلى معها فقط، فابتسم لها بلطف ومسك ايدها بأيد وايده الثانية ماسكة مقود السيارة وقربها منه وقال بعشق وعينيه في عينيها:
_ أنا بحبك أكثر من نفسي بحبك بجنون يا غادة
نظر أمامه وكمل وهو بيقرب ايديها من شفاهه وقبلها بعمق ثم قال بتملك:
_ هتكوني ليه لوحدي وهخليكي ملكة بس تحبيني ذي ما بحبك
بعدت ايديها بتوتر وبلعت ريقها بتوتر وقلبها سعيد يكاد يطير من الفرحة وكأنها طائر حر طليق، احساس العشق جميل يسحبك للقاع بإرادتك ومع ذلك لم تنتبه لنبرته التملكية
كمل بهدوء وهو يرمقها بهيمان ونظرة تملكية:
_ هديكي فرصة تتعرفي عليه فيها بس بعد امتحاناتك لما تخلص هتكوني على اسمي
ابتسم لها بلطف وهو يغمزها بشقاوة فاحمرت وجنتيها بخجل وهو ابتسم لخجلها وتوقف بالسيارة أمام السنتر، وقال بهدوء:
_ اشوفك يوم ثاني يله علشان تلحقي الدرس وهنكمل كلامنا بعدين وهستني ردك يا حب
مدت ايدها ناحية الباب بارتعاش وارتباك وفتحته ونزلت بسرعة وتحركت بخطوات أقرب للركض ناحية السنتر بينما هو ظل يراقب دخولها بعشق، اتنهد بقوة واتحرك بعربيته
دخلت السنتر وهي تائهة وبتفكر فيه اصطدمت في مروه التي هي أيضا تسير بتيه وعقلها شارد، نظرت لها مروة طويلا وقالت لها:
_ مالك يا غادة
تنهدت غادة بعمق وقالت بكذب:
_ ما فيش حاجة يا مروه
قالتها وتحركت للداخل فمسكتها مروه من ايدها وقالت لها وهي ترفع حاجبها،:
_ هنحور علي بعض يله احكيلي بسرعة، وايه الي ركبك مع سي معاذ العربية
قالتها ورفعت حاجبها بمكر فتنهدت غادة وقالت بهدوء:
_ قالي أنه بيحبني وعايز يتقدملي
صرخت مروه بفرحة وقالت:
_ اوبا ايه التطورات دي كلها الواد الموز ده هيتجوزك
ضربتها بخفة علي ذراعها بهزار وقالت بمرح:
_ يا سيدي، يا سيدي
تألمت غادة من ايديها وشهقت بوجع وقالت:
_ ما براحه يا بنتي ايدي بتوجعني أصلا من سي زفت
قالتها بضيق وجلست علي الكرسي فكشرت مروه بعد فهم وقالت لها بسرعة:
_ ايدك مالها وعلاقتها ايه بسي زفت يوه قصدي معاذ اعترفي حصل ايه، انتى قلقتيني
قالتها مروه بقلق واضح عندما شاهدت وجه غادة المتألم، ظهر الحزن علي وجه غادة واتنفست بقوة ثم قالت لمروه بما يعتمر قلبها من قلق:
_ أنا خايفة اووي يا مروه بيقول بيحبني وبيغير عليه بس عصبيته خوفتني اووي منه
كشرت وجهها بخوف وكملت:
_ بيقلب وحش وقاسي عليه، تعرفي عمل فيه ايه انهارده
هزت مروه رأسها بعدم المعرفة وقالت بفضول:
_ عمل ايه؟
اخذت شهيق ثم زفير وقالت تحكي بهدوء:
_ اتشيكت ولبست فستان صغير شوية وحطيت مكياج خفيف بس اتعصب عليه
دلكت ايديها وقالت بوجع:
_ وجعني اووي وهز ثقتي في نفسي
رفعت مروه حاجبها لها وهي كملت بضيق وتذمر طفولي:
_ بقي هو يضربني على ذراعي
_ تستاهلي صراحة هو من امتي يعني بتلبسي كده وتحطي ميكب لو عاصم مكانه كان دفني يا اختي مكاني ولا كان سمي عليه
نفخت بضيق وافتكرت شكله عندما غار عليها وقالت بتنهيدة طويلة:
_ أنا حبيت غيرته عليه بس كانت اوفر الصراحة وبعدين ما هو أنا عملت كده علشانه هو حبيت أكون حلوه علشان أعجبه
مسكتها من ذراعها ولفتها لها وقالت بهدوء:
_ هو حبك يا غادة بطبيعتك حبك بجمالك العادي والطبيعي من غير ميكب أو لبس ضيق، إلي بيحب ما بيصش علي الشكل قد ما بيحب الروح
نفخت غادة بضيق وقالت:
_ اوف خلاص يا مروه فهمتك متقليش عليه بليز أنا مش ناقصه
ابتسمت لها مروه وأكملت بهدوء:
_ يبقي تكوني ذي الشاطرة وتسقبلي حبه ليكي كفاية إنه قالهالك، كلمة بحبك دي كبيرة أوي
ارتمت غادة في حضنها وشدت عليه بقوة وهي تشعر براحة كبيرة تتسلل لقلبها المنهك وعقلها المشغول بالتفكير، أغمضت عينيها بامتنان وسعيدة أنها حكت لمروه ما يقلقها، بعد لحظات من العناق الحار بعدت عن مروه وقالت بحاجب ضيق:
_ أنا ليه حساكي مضايقه ييا مروه؟
ابتسمت مروه بوجع ومسحت دمعة تحارب للنزول و تخونها، لا تريد أن تظهر ضعفها ولكن تلك الدمعة الخائنة جعلت الضعف يلمع في الأجواء، تنهدت بضيق وقالت بقهر بنبرة مختنقة بالبكاء:
_ قالي بحبك، بحبك ذي اختي
شهقت غادة بخضه وهي تضرب صدرها بيدها وقالت بعصبية:
_ اخته ايه الغبي ده، معلش يا مروه بس عاصم ده ميستاهلكيش طالما شايفك اخته معلقك بيه ليه من الأول، قال أخته قال ده واحد معندهوش ريحة الدم
كادت تتكلم مروه وترد علي غادة الحانقة من تصرفات عاصم ولكنها ابتلعت الكلمات بنجرتها قبل أن تصل إلي شفاهها وهي تري فارس قادم باتجاههم، وقف أمام مروه بابتسامه عريضة ومد لها ايده بورده حمراء وقال بلطف يخصها به فقط:
_ الوردة دي علشانك يا مروه
أخذتها من ايده وابتسمت بفرحة بينما ترمقهم غادة ببلاهة رافعة حاجب واحد فقط بغيظ من ذلك الفارس المتجاهلها تماما وكأنها هواء بالجو، هتفت مروه وهي تشم الوردة بلطف:
_ شكرا يا فارس
أنهت كلامها معه بلطف كعادة الفترة الأخيرة وهو ابتسم لها بحب، جلس إلي جوارهم وكمل بفضول واهتمام:
_ مجتيش ليه انهارده المدرسة؟
وضعت الوردة علي الطاولة أمامها بهدوء وقالت وهي مشغولة بتقليب بعض الأوراق:
_ عادي كنت مكسلة شويه
قبل أن يرد فارس عليها ظهر إياد أمامهم بعد أن كان يقف بعيد يرمقهم بغيظ مد ايده لها بوردتين وقال لمروه:
_ دي ليكي
ابتسمت بتوتر وأخذتها
_ شكله اليوم العالمي للورود وأنا مليش واحده
قالتها غادة بمزاح فوضع إياد ايده علي رأسه بحرج وفارس نزل رأسه بكسوف، فمدت مروه ليها بوردة منهم وقالت لها بمرح:
_ هنقسمهم بينا ولا تزعلي نفسك يا روحي
قبل أن يتكلموا ويعترضوا دخلت المدرسة عليهم فالكل سكت وقعد مكانه وفارس واياد بيرموا بعض بنظرات قاتلة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي