الفصل الخامس والثلاثون الحلقه الثانيه من الجذء الثاني

كان سليم يتحدث مع تقى خطيبته في الهاتف ويحدد سويا الميعاد الذي سوف يذهبوا فيه لشراء فستان الزفاف، وقد قرر ان ينتظر محمود يحدد يوم وموعد إجازته لكي يستطيع الذهاب هي واختها وسيلم ومحمود، في هذا اليوم جميعهم لاختيار فستان زفاف العروسين.
في هذه الاثناء كانت سميره هانم تجلس على المقعد خلف سليم وهو يتحدث في الهاتف ولم يلاحظ وجودها الا حين ان انتهى من اجراء المكالمه الهاتفيه الخاصه به، ثم استدار ولاحظ وجودها وسالها منذ متى وهي موجوده في الغرفه وهو لم يشعر بها، فاجابته سميره هانم انها هنا جالسه منذ بدايه المحادثه ولكن لها تعليق واحد عليه، انها شعرت ان سليم يقلل من نفسه حين انتظارهم يحددوا موعد زفاف بناء على مواعيد عمل محمود وليس هو، ولكن سليم قد افهمها الغرض من كلامه ومن حديثه وافهمها الفرق بين طبيعه عمل محمود وطبيعه عمله بدون تقليل من شان اي احد فيهم فتلاهما عملهما مهم وضروري في كلا المجالين.
ثم كادت ان تترك الغرفه سمير هانم الا ان سليم سالها عن سبب مجيئها الى غرفته من الاساس، فقالت سميره هانم انها كادت ان تنسى وتذكرت الان جاءت لكي تساله ان كان يريد اضافه اي شيء في برامج حفل زفافه او ينقصه اي شيء لكي تستطيع ان تحضره له سريعا.
سليم اجابها قائلا لا:
- يا امي انا لا احتاج اي شيء الان لقد قمتم باعداد كل شيء حتى الفيلا اصبحت مكتمله، حين تراها سوف تعجب بها انا واثق من هذا ولكن شكرا لك، الان الوقت قد تاخر وانا لا اريد ان اؤخر ميعاد نومك اكثر من ذلك.
اما سليم ذهب الى فراشه لكي ينام ولكنه تذكر موعده مع عمرو صديقه، ظل يفكر هل يذهب مع عمرو كما اتفقوا ان يتصل يعتذر منه ويؤجل الموعد لحين موعد اخر، لانه يشعر بالارهاق والتعب اليوم ويريد ان ياخذ قسطا من الراحه.
ولكن بعد التكرار تسكير سليم مقرر ان يذهب الى عمرو كي لا يشعر بالاحراج منه او انه غير في كلامه معه، غير سليم ملابسه ثم نزل واستقل سيارته وكانت سليم مشوش الرؤيه من كثره الارهاق والتعب الذي هو فيه، كان يفيق نفسه احيانا وكان يغفو عليه احيانا اخرى الى ان اشتد عليه الارهاق وكانت سرعته متوسطه ليست سريعه، وكانت امامه سياره نقل كبيره في اتجاهه ظلت تصدر صوتا لكي تنبه سليم بان يستدير هو في الاتجاه الاخر، ولكن سليم تفاجا في هذه اللحظه وكان غير منتبه وغير مركز التفكير وفجاه حدث الاصطدام بينه وبين تلك الشاحنه الكبيره.
تم نقل سليم فورا عن طريق الاسعاف الى اقرب مستشفى اليهم، وهناك في غرفه الاستقبال قاموا به تفتيش جيوب سليم وعرف هويته وقاموا بالاتصال على والده، لاخباره ان ياتي فورا.
رجل الاستقبال قال:
- السلام عليكم حضرتك الاستاذ سليمان والد الاستاذ سليم.
سليمان اجابه قائلا:
- نعم انا سليمان والد الضابط سليم هل هناك اي امر يخصه او يخصني.
راجل الاستقبال قال له:
- نعم يا استاذ سليمان للاسف الشديد ابنك الضابط سليم قد جاء الى المستشفى في حاله اغماء تام، فقد حدثت حادثه على الطريق الزراعي وتم اصطدام سيارته الخاصه بسياره نقل كبيره، وهو الان يفحصه اطباء الاستقبال وما زالوا لما يذكروا التقرير الخاص بهم، فنتمنى ان تاتي سريعا هنا في مستشفى الرمل القريبه من الطريق الزراعي
اتصدم سليمان بما اخبره به رجل الاستقبال وجرى سريعا على غرفته قام بتغيير ثيابه وكان ذاهب الى مستشفى الرمل، اوقفته سميره هانم وقالت له بتعجب:
- الى اين انت ذاهب في هذه الساعه المتاخره يا سليمان؟
سليمان اجابها:
- هناك مشوار مهم جدا لدي ولابد ان اذهب اليه الان.
سميره قالت له:
- ولكن يبدو عليك متوترا جدا يا سليمان هل هذا الامر يخصنا؟
سليمان قال لها:
- الاستقبال في مستشفى الرمل المجاورة الينا على الطريق الصحراوي كانوا على الهاتف معي! ويخبروني ان سليم ابننا يا سميره قد قام بحادثه كبيره قد اصطدمت سيارته بسياره نقل كبرى على الطريق، وهو الان في الاستقبال في المستشفى يفحصه الاطباء لا تتحدثي معي كثيرا واتركوني اذهب لكي اطمئن عليه.
انهارت سميره وقالت له بصوت يرتعد:
- اانت متاكد يا سليمان انه سليم ابني! ان سليم نائم في غرفته انا متاكده من هذا كنت معهم منذ نصف ساعه فقط، وقال انه يريد ان ينام وان اذهب الى غرفتي لكي انام ايضا ان كان قد نزل من البيت كان قد اخبرني.
سليمان قال لها بلهفه شديده وسريعه:
- هيا بنا ننظر في غرفتي سريعا قبل ان اذهب وانا على قلق من امره.
صعدا سويا الى غرفه سليم وهما يهرولان من كثره خوفهما على ابنهما، كادت سميره هانم ان تقع من درج السلم من كثره لهفتها على ان ترى غرفه ابنها، هل هو نائم وسليم ومطمئن، ام هو كما يزعم سليمان في غرفه الاستقبال في مستشفى الرمل.
عندما فتحوا باب الغرفه كانت اعيانهم تدور على كل ركن وكل شبر في غرفه سليم ،الا انهم لم يجدوا سليم في اي مكان في غرفته حتى جرى والده الى الحمام لكي يتاكد اكثر من عدم وجود ابنه، وبالفعل لم يجده ترك سليمان زوجته سميره بدون اي كلام وخرج سريعا واستقل سيارته وذهب الى ابنه، اما سميره فقد انهارت في البكاء وذهبت الى غرفتها وغيرت ملابسها هي الاخرى سريعا وهي تهرول في فعل اي شيء، واتصلت على سلمى ابنتها اخت سليم، لكي تخبرها بالامر لم تجد سميره امامها سوى سلمى ابنتها لكي تفرغ عما في داخلها وتبكي اليها و تنهار، فان سليمان زوجها شخصيته قويه بعض الشيء ولا يحب البكاء والانهيار امامه.
سميره هانم عندما كانت ترتدي ثيابها وهي تهرول سريعا اتصلت على سلمى ابنتها وهي تبكي وقالت لها:
- اغثيني يا سلمى! اغثيني لقد قال لي سليمان الان ان سليم في المستشفى في الاستقبال، تخيلي كنت اظنني قد ازفه وهو عريس في يوم عرسه وانا فرحه و سعيده، واخيرا سوف ارى سعادته وفرحته امام عيني وارى اسرته واولاده وارى ما كنت احلم واتمناه طوال حياتي، لم اكن اتخيل ان يكون الموعد الذي كنت انتظره طوال حياتي هو موعد خبر مثل هذا!
سلمى ما زالت تفيق من كلام والدتها، فقد كانت نائمه واستيقظت عند سماع رنه تليفون هاتف والدتها، وتعجبت انها تتصل بها في وقت متاخر مثل هذا.
سلمي قالت لها بكل هدوء:
انا لم افهم ما تقولين يا امي، هل انت تبكين لماذا تبكين؟ وماذا حدث الى سليم من فضلك افهميني انا لم اتعود على اتصال منك في هذا الوقت المتاخر، اذن هناك شيء خطير لكي تتصلي بي الان، هل حدث شيء مكروه لي سليم؟ انا كنت سوف اتي اليكم اليوم قد حجزت تذكره للسفر اليوم اليكم لحضور حفل عرس سليم اخي بعد يومين كما اتفقتم، هل حدث تغيير في موعد العرس؟
سميره قالت لها:
- يا سلمى يا حبيبتي اخيك الان في مستشفى الرمل الزراعي، قد قام بعمل حادثه كبيره قد اصطدمت سيارته الخاصه بسياره نقل كبيره ولا نعلم حاله حتى الان، ذهب والدك يهرول له وركب سيارته وانا ايضا سوف استقل سيارتي واذهب سريعا اليه، لانني لا اطيق الانتظار الى ان يتصل بي سلمان ولكن انا اخبرتك لكي تكوني على علم من هذا.
ثم انهارت سميره هانم بالبكاء اجابتها سلمى قائله:
- لا يا امي اهدي هكذا انتي من الذي سوف يهدئ من روعه سليم اذا رأىكي سليم بهذه الحاله، سوف يظن ان حالته خطيره وهذا سوف يسيء من حالته النفسيه، اهدئي يا امي وان كنتي لا تستطيعين التحكم في نفسك وفي بكاؤك وانهيار اعصابك فلا تذهبي الان اليه في المستشفى، هو في حاله لا يصح فيها ان يراكي في مثل هذا الموقف، اهدئي اولا ثم اذهبي اليه وانا ان شاء الله موعد الطائره الخاصه بعد ساعتين وساعه في الطائره، سوف اوصل اليكم بعد ثلاث ساعات باذن الله من الان، عندما اتي انا متاكده انكم سوف تخبروني ان حاله سليم مستقره ولا داعي للقلق على كل هذا.
سميره هانم قالت لها:
- معك حق يا سلمى انا سوف اجفف دموعي واذهب لكي اغسل وجهي واذهب للاطمئنان عليه، فكما قلت لك انا لن اتحمل ان اجلس هنا بدون رؤيته امام عيني واطمئن عليه.
قفلت سميره هانم الخط مع سلمى ابنتها وذهبت لكي تغسل وجهها واستقلت سيارتها، وذهبت سريعا الى غرفه الاستقبال الخاصه بمستشفى الرمل الطريق الزراعي كما وصفها لها سليمان بيه، عند ذهابها كانت تهرول في المستشفى وتسال كل شخص تقابله امامها عن حاله سليم سليمان.
الى ان ذهبت الى الاستقبال نفسه وتحدثت الى الرجل الذي قام بمكالمه هاتفيه لسليمان بيه، وقالت له:
- انا والده سليم سليمان برجاء اخباري ما هي طبيعه حالته بالتحديد واين هو انا اريد الاطمئنان عليه.
رجل الاستقبال قال لها:
- نعم هو الان ما زال تحت الفحص بين الاطباء فان حالته قد تبدو خطيره نوعا ما، لان للاسف السياره التي ارتطمت به كانت كبيره سياره نقل كبيره وسيارته قد فاكسرت تماما وحالته خطيره بعض الشيء، ولكن لم يصدر الى الان تقرير رسمي من الاطباء هم ما زالوا معه بالداخل، هذا الاستاذ (ثم اشار على سليمان بيه) قد جاء قبل حضور سيادتكم، يمكن ان تجلسي بجواره الى ان ينتهوا الاطباء من الفحص وان يخرجوا من غرفه الفحص سليم،
جرت سميره وجلست بجوار سليمان.
وقالت لسليمان:
- هما زالوا بالداخل يا سليمان انا قلقه جدا على سليم المتحدث الى اي طبيب منهم الم يخرج اي طبيب منهم حتى الم يحدث اي شيء منذ ان حضرت انت.
سليم نظر اليها ثم نظر الى الارض وحرك يداه بمعنى انه لم يحدث اي شيء منذ ان جاء فهو في الانتظار.
بعد مرور عشر دقائق اخرى من انتظار سميره هانم وسليمان امام غرفه الفحص فتح باب الغرفه، قامت سميره سريعه من مكانها تهرول تجاه الاطباء الذين يخرجون من الغرفه امامها، ولكن سليم لم تراه حتى الان، ذهبت اليهم متسائله ومتعجبه:
- اين ابني؟ اين سليم؟ ما الذي حدث له؟ لماذا لا احد فيكم يتكلم معي؟ لماذا لم يجيبنا اي احد عن حالته؟ ان كان حدث له مكروه برجاء اخبارنا، انا امه! هذا ابيه! نحن اولى الناس بمعرفه ما الذي يجري، ما الذي يحدث؟ انا اريد رؤيته.
ثم بكل قوتها كانت ذاهبه للدخول في هذه الغرفه وجدت ذراع ممتده حول خصرها تمنعها من الدخول الى الغرفه، نظرت لاعلى وجدته احد الاطباء الموجودين في الطاقم الاطباء الذي خرج من غرفه سليم، يمنعها ويقول لها:
- عذرا يا سيده هذه الحاله لا تستدعي التحدث اطلاقا الان، نحن سوف نتحدث سويا ونخبركم بكل التفاصيل، اما الزياره او الكلام مع الحاله سوف تفسد الامر سوءا اكثر، من فضلك استريحي الى ان نقرر انا والاطباء ما الذي سوف نفعله مع هذه الحاله.
انهارت سميره بالبكاء اكثر واكثر وقالت لهم:
- هو عريس، هو عريس تبقى له يومين وافرح به وبحياته وبزوجته واطفاله، كنت انتظر هذه اللحظه منذ ولادته وان اراه عريس وازوجه، لم اتخيل ان هذه اللحظه التي كنت انتظرها هي لحظه تحول حياتي هكذا! من فضلك انا ام !! انت تعلم معنى كلمه ام؟ انا لن اتحمل ان اجلس هنا الى ان تقررون انتم، انا اوعدك ان اذهب الى الداخل والا اتفوه باي كلمه تخرج من فمي، فقط انظر اليه فقط المس يديه فقط المس جبهته فقط اطمئن عليه، انا اترجاك ارجوك بكل معنى كلمه امومه ارجوك باسم الرحمه ان ترحم ضعفي وترحم حيرتي، وتوافق على ان ادخل انظر اليه فقط سوف انظر اليه من بعيد، صدقني لم اتفوه باي كلمه انظر اليه فقط هذا يكفيني.
قال لها الطبيب بعد ان صمت لبرهه كانه يفكر هل يوافق ام لا، ثم قال لها:
- حسنا ولكن كما قولتي لم تتفوهي باي كلمه ولا حتى صوت البكاء يعلو، فانه يمكن ان يكون مغمض عينيه ولكن هو يفهم ما يدور حوله، من فضلك لا تتفوهي باي كلمه فقط انظري اليه من بعيد واطمئني عليك، ونحن سوف نخبركم به تفاصيل حالته وما هي الاجراءات التي سوف نتخذها مع هذه الحاله.
قالت سميره حسنا حسنا وهمت تهرول بالدخول الى الداخل، قام سليمان من مكانه هو الاخر وقال للطبيب متسائلا:
-هل يمكن ان ادخل انا الاخر؟ انت تعلم انا لم اتفوه باي كلمه، ولكن اريد ان اراه ايضا واطمأن عليه.
اشار الطبيب براسه قائلا حسنا موافق، ثم ذهب سليمان هو الاخر الى داخل الغرفه عندما دخل ثنائيهما، وجد سليم ممدد على فراش عليه اجهزه كثيره على فمه وعلى منخاره وبين يديه، ومعلق له اكياس دم وجدوا سليم بحاله لا يرثى لها، وجدوه لا يشعر باي شيء امامه لا يشعر حتى بوجودهما.
انهارت سميره بالبكاء ولكنها تعمدت ان تخفي اي صوت يصدر منها ومن بكائها، كانت لا تحتمل رؤيه ابنها هكذا ظلت تلمس يداه تلمس وجهه تلمس قدماه ظلت تبكي دموعها تنهمر على خدودها تسري الدموع مثلما تسري الفيضانات في المياه، لم ترى اي ملامح للغرفه التي كانت بداخلها سليم لم ترى اي شيء سوى ابنها ترى ابنها الراقد امام عيناها لا حول له ولا قوه، وهي تتذكر بين الحين والاخر صورته وهو يبتسم امام عيناها وهو فرح بي ميعاد زواجه، تتذكر حين طلب منها لاول مره ان تزوجه امه من تقى، تتذكر حين ذهبوا اليها، تتذكر سليم ووجهه سعيد وجهه غاضب تتذكر حين قام باحتضانها ابنها، تتذكر حين قبل يداها تتذكر كل ما كان يفعله سليم، ثم تعيد النظر الي صورته الان وهو راقد امامها لا حول له ولا قوه، لا يستطيع حتى الشعور بوجودهما.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي