الفصل الثاني

"تعجبك اللوحة إذاً"
انطلق صوت أنثوي رقيق من خلف كتفي جورج يحمل تلك الكلمات؛ فالتفت ليتطلع إلى جانيا، غمغم لنفسه أنها بالفعل المرأة الأجمل على الإطلاق، مدت أطراف أصابعها نحوه؛ ليمسك بها جورج ويقبلها برقة قائلاً باللغة الإسبانية:
- بوناسيرا سينيورينا (مساء الخير آنستي)
ابتسمت جانيا له، وقالت بلوم:
- رأيت أنك لم تهتم لخطابي، حتى أنك لم تهنأني بالمشروع الجديد.
عقد جورج حاجبيه وقال:
- سامحيني سنيورينا، هناك ما يشغلني، كنت أريد التحدث معك على انفراد للضرورة، وعندما رأيتك مشغولة؛ فضلت أن أتأمل تلك الروحة الرائعة.
أومأت برأسها وهي تقول:
- يبدو عليك التوتر يا عزيزي جورج، أعتقد أنك واقع في مشكلة، لكن لا تقلق؛ السنيورا معك، وسوف تحل لك كل شيء.
شعر جورج بالارتياح، قبل أطراف أصابعها مرة أخرى؛ دليل على امتنانه؛ وسمعها تقول:
- دعنا نستمتع بالحفل أولاً، ولنؤجل المشاكل لما بعد انتهاء الحفل، والآن دعني أحدثك عن اللوحة التي أعجبتك.
ترك جورج يدها، عقد ذراعيه على صدره باهتمام، قبل أن يقول:
- كلي آذان صاغية سينيورينا.
" هذه لوحة (الفتاة ذات القرط اللؤلؤي) للرسام الهولندي يوهانس فيرمير، لقد أراد الرسام أن تنافس لوحته لوحة الموناليزا للفنان الشهير ليوناردو دافنشي؛ إذ إنها لفتاة أوروبية ترتدي لباس غير تقليدي، وعمامة شرقية وقرط مصنوع من اللؤلؤ، كما ظهر على وجهها انفعالات ومشاعر مثل فتاة الموناليزا"
انتهت جانيا من وصف اللوحة؛ لتسمع جورج يقول:
- إنها حقاً رائعة، ويمكنها أن تنافس لوحة الموناليزا بالفعل.
رفعت جانيا حاجبها، ظهر الغضب على ملامحها، وهي تقول ببرود قاسي:
- أنت محق يا جورج، إنها حقاً رائعة، لكن الموناليزا هي الأصل، وأي لوحة أخرى تشبهها مجرد تقليد.
نظر إليها جورج مستغرباً غضبها، وسمعها تردف بنرجسية:
- سأعطيك مثال؛ بالعالم هناك آلاف السنيورات، لكن هل هناك أي سنيورا تشبهني؟!
أومئ جورج برأسه متفهماً، رأى أدريان قادم نحوهما وهو يقول:
- أرى أن أختي العزيزة غاضبة، هل لي أن أعرف السبب؟
نظرت جانيا إلى شقيقها، وضعت يدها على كتفه وقالت بهدوء مفاجئ:
- لا تهتم أدريان، دعنا نهتم الآن بضيوفنا.
ثم تطلعت نحو جورج وقالت ببرود:
- سأرى مشكلتك بعد انتهاء الحفل.
أومئ جورج برأسه، تأبطت جانيا ذراع شقيقها، وتوجها نحو أحد الشخصيات الهامة بالسفارة المصرية في المكسيك، جاء أحد الرجال واقترب من جانيا هامساً في أذنيها بشيء خاص؛ ما لبثت أن علت شفتيها ابتسامة نصر متألقة، انصرف الرجل وإمارات السعادة تعلو وجهه؛ بعد أن وعدته جانيا بمكافأة قيمة.
سألها ضيفها التي كانت تتحدث إليه:
- أرى أن لديك خبر سار.
لمعت عينيها ببريق مخيف، أرعب الرجل للحظة منها، وسمعها تقول بشراسة سعيدة:
- لقد مارست إحدى هواياتي المفضلة، وبنفس الوقت أسعدت شخص عزيز عندي، بمعنى أنني ضربت عصفورين بحجر واحد، كما تقولون عندكم في مصر.
رفع الضيف حاجبيه وقال لها باندهاش:
- ملمة أنتِ أيضاً بالأمثلة الشعبية المصرية!
نظرت إليه نظرة جانبية، رفعت إحدى حاجبيها كعادتها، وهي تقول بسخرية:
- ليس دائماً، لكني أعترف أنني معجبة بهذا المثل؛ فإنه يخدم مصالحي.
ازدرد الضيف لعابه بصعوبة؛ لما تحتويه جملتها من معاني مبطنة وخفية؛ استأذن منها لمشاهدة بعض اللوحات التي أعجبته، كانت جانيا تعلم أنه يريد الهروب منها؛ فضحكت في نفسها بتهكم، وقد شعرت بالنشوة لأنها تثير الرعب في نفوس أقوى وأعتى الرجال.
أومأت برأسها له؛ لتسمح له بالهروب، والتفت حولها باحثة عن شقيقها؛ وجدته مع إحدى ضيفات الحفل؛ فاقتربت منه، واستأذنت للانفراد به، سألها أدريان بتعجب:
- ماذا هناك يا جانيا؟ علينا الاهتمام بضيوفنا!
نظرت إليه بمكر، وقالت بلهجة خاصة:
- لقد تمت المهمة.
اتسعت حدقتي أدريان ببريق لامع وهو يسألها:
- بهذه السرعة؟!
اتسعت ابتسامتها المخيفة قائلة بتكبر:
- ماذا كنت تتوقع من جانيا فيرناندو؟
عانقها أدريان بلهفة وقال بسعادة:
- أنتِ أفضل شقيقة بالكون، أشكرك يا جانيا.
عقدت حاجبيها فجأة وقالت تحذره:
- احترس يا أدريان؛ ضعفك هذا لا يعجبني وخطر علينا، هل تفهمني؟
أومئ لها برأسه وقال يطمئنها:
- لا تقلقي، أعدك أن هذا أخر طلب.
هزت رأسها يميناً ويساراً، وقالت ويسارا
- لا تعدني بشيء لن تكون قادر على تنفيذه، أطلب ما تشاء، لكن إياك والانصياع لأوامر قلبك مرة أخرى؛ فهذا سيكون بداية نهايتنا.
تنهد أدريان بارتياح وسمعها تردف:
- ولا تنسى أنني بسببك غيرت خطتي؛ وهذا فقط لإرضائك؛ ولأنني وعدت أبي أنني سأعتني بك جيداً!
أومئ برأسه للمرة الثانية وسألها بحذر:
- متى ستأتين بها إلى القصر؟
زفرت جانيا بحدة، وقالت:
- ما زال هناك بعض الأشياء التي يجب أن تخضع لها أولاً، ثم إنها لن تمكث معنا في هذا القصر!
سألها بدهشة:
- أين ستمكث إذاً؟
ابتسمت بتهكم، وأجابته بغموض:
- ألم تعلم بعد؟
سألها بدهشة أكبر:
- فهمت عليك، لكن لماذا هناك؟!
برقت عينيها، وهي تقول بحدة:
- الاحتياط واجب، وكف عن المجادلة أدريان ؛ لقد وفيت بوعدي لك وعليك أن تكون شاكر لهذا.
لم يرد أدريان إغضابها؛ لأنه يعلم جيداً مقدار تضحيتها بخطتها لإسعاده، لكن ما أثار دهشته هو حذرها الشديد هذه المرة تحديداً، وسريعاً ألقى بالأمر وراء ظهره، وهز كتفيه بلا مبالاة وهو يشعر بالغبطة؛ لأنه حقق مراده، وبات أقرب للسعادة التي كان ينتظرها دائماً.

ذهب أندروس إلى منزل سيرجيو لإحضار تذاكر رحلته مع فاليريا، دق على جرس المنزل؛ فتحت له زوجة سيرجيو، رحبت به ودعته للدخول بينما تحضر له التذاكر، لكنه اعتذر منها لضيق الوقت، أحضرت التذاكر وأعطتها له وهي تقول:
- ها هي تفضل، أتمنى لكما رحلة سعيدة!
ابتسم لها أندروس وقال:
- أشكرك خوانيتا، وأعتذر لو أزعجتك.
هزت برأسها نفياً وقالت:
- ماذا تقول؟ أنت على الرحب والسعة دائماً.
ودعها أندروس، دخل سيارته لينطلق بها بأقصى سرعة، وهو يدق على مقودها بسعادة، راح يتغنى بأغنية شهيرة، لا يكاد أن يصدق أنه سيختلي بحبيبته لمدة ثلاثة أيام كاملة بدون عمل، بدون مهمات، بدون هواتف واتصالات لاستدعائه في أي لحظة.
بعد خمسة عشر دقيقة من القيادة المتواصلة؛ دخل أندروس إلى الشارع الذي يقطن فيه، تراءى أمامه منزله فقال بابتسامة عاشقة:
- أنا آت إليك حبيبتي، انتظريني لدقيقة واحدة فقط.
لم يكد ينهي جملته إلا واتسعت عيناه برعب عندما رأى أحلامه تتهدم أمامه، وقفز قلبه من مكانه برعبٍ شديد قبل أن يهوى بين قدميه بقسوة حينما انفجر منزله أمام ناظريه، وصدح صوت الموت المخيف صارخاً وسط سكون الحي الهادئ، وصرخ أندروس بلوعة الزوج العاشق، وكأن صرخته ستنقذ محبوبته:
- فاليريا، لا!
لكن لا حياة لمن ينادي، وضاعت صرخته في الفضاء الفسيح.

تضاربت الكؤوس ببعضها البعض في قصر جانيا فيرناندو؛ بعد أن اقترحت نخباً للجميع بمناسبة انطلاق مشروعاتها التنموية الجديدة في مصر، اقترب منها جورج بيكهام وهمس في أذنيها بتوتر:
- ألن نتحدث يا سنيورا؟ عليّ الرحيل بعد قليل.
نظرت إليه نظرة جانبية وهي ترفع حاجباً؛ مما أثار الرجفة بأوصاله قبل أن تقول بكبرياء:
- بعد انتهاء الحفلة يا جورج، تعلم جيداً أنني أكره تكرار الحديث.
أومئ برأسه وغادرها بخطى وئيدة، استدعت جانيا أحد الخدم، أمرته بإحضار هاتفها الجوال؛ فأسرع الرجل لتلبية أوامرها!

هالة من الهلع والفزع أحاطت بحي سان جيرونيمو؛ بعد انفجار منزل الرقيب ثان أندروس جوهان؛ حيث هجرت الطيور أعشاشها، وانطلقت بفزع نحو السماء؛ كأنها تبحث عن ملجأ لها فيها، بعيداً عن الجحيم الذي يعيشه الحي في هذه اللحظات، ودوى صوت أبواق سيارات الإطفاء والإسعاف وهي تدخل الحي بصفيرها المزعج، الذي لا يصدح عادةً إلا بعد حدوث الدمار !
لبث أندروس مكانه وما تزال عيناه جاحظتان، وقد فغر فاهاً؛ لا يعلم هل ما يراه حقيقة أم مجرد كابوس مفزع، كان في قمة الحسرة واللوعة وهو يتطلع إلى منزله الذي أصبح عبارة عن ركام، والنيران تستعر به، وفجأة أفاق صارخا:
- لا، ليس فاليريا!
أطلق لقدميه العنان وهو يسابق الرياح مسرعاً نحو منزل، آملاً عبثاً أن يجد زوجته وحبيبة عمره في الخارج، كان يعلم أن أمله محال؛ لقد تركها داخل المنزل عندما ذهب لإحضار تذاكر رحلتهما، ولكن من يمنع العاشق الأمل!
هرول وهرول؛ حتى وصل إلى المنزل، وجد رجال الإطفاء يحاولون إخماد النيران، حاول أن يدخل للمنزل صارخا باسم فاليريا، ولكن رجال الإسعاف منعوه بقوة وحزم؛ ثارت الدماء في عروقه؛ فضرب أحد الرجال وهو يصيح بغضب هستيري:
- أيها الوغد، هل تحاول أن تمنعني من إنقاذ زوجتي؟
صدحت أصوات سيارات الشرطة الاتحادية وقد وصلت إلى الحي؛ فتطلع أندروس نحوها، ورأي رجال الشرطة يترجلون خارجها، وأسرعوا نحو المنزل، اقترب منهم أندروس وخاطب صديقه ورئيسه المباشر الرقيب أول بابلو ديلان بأسى:
- أرجوك؛ زوجتي بالداخل، أصدر أوامرك لهؤلاء الرجال لكي يسمحوا لي بالدخول لإنقاذها.
انصدم بابلو من حالة أندروس الهستيرية، وضع يده على كتفه قائلاً:
- اهدأ من فضلك، هل أنت متأكد أن زوجتك كانت بالداخل، ألم تقل أنكما ستذهبان في رحلة إلى اكابولكو هذا الصباح!
هتف أندروس بحسرة:
- لقد تأجلت الرحلة إلى المساء، وهي الآن بالداخل، ارجوك يا سيدي لا تضع المزيد من الوقت!
تطلع بابلو نحو المنزل وتأكد أن هذا الانفجار لن يترك خلفه أي أحياء، لكنه لم يشأ إخبار أندروس باعتقاده وأنتظر ليتأكد.
في هذه اللحظة كان رجال الإطفاء قد انتهوا من إخماد الحريق، وبدأوا باقتحام المنزل، حاول أندروس الدخول معهم، ولكن بابلو منعه قائلاً:
- لا يا أندروس، لا يمكنك الدخول؛ اترك رجال الإنقاذ يقومون بعملهم على أكمل وجه ولا تعرقلهم؛ ليتمكنوا من إنقاذ زوجتك!
امتقع وجه أندروس وهو ينظر إليه بأسى، ولكنه امتثل لأوامره؛ لأنه يعلم أنه محق بالفعل!
مرت عدة دقائق بدت كالسنين، وأخيراً بدأ رجال الإنقاذ بالخروج من المنزل، وهم يحنون رؤوسهم، وهنا اندفع أندروس ليمسك بياقة أحدهم وقال بعنف:
- أين زوجتي، لماذا لم تحضروا فاليريا معكم، هل هكذا تؤدون واجبكم؟!
اندفع بابلو وبعض رجال الشرطة؛ ليحرروا الرجل من قبضته، وصدح صوت بابلو بغضب:
- ماذا بك يا أندروس؟ انتظر لنسمع الرجال!
سار رجال الإنقاذ نحو سيارة الإطفاء، وتركوا رئيسهم يتحدث مع الشرطة ويقول:
- لم نجد أي أحياء بالداخل، فقط وجدنا....!
صمت الرجل وكأن الحديث يؤرقه؛ فجن جنون أندروس وهو يحاول عبثاً الإفلات من قبضة زملائه، قبل أن يقول صارخاً:
- ماذا وجدت؟ بالله تكلم!
ابتلع الرجل ريقه بصعوبة، قبل أن يقول بتعلثم:
- رفات جثة، وجدنا فقط رفات جثة، وأعتقد أنها لسيدة!

بدون مقدمات، وفي قمة دهشتهم وآساهم؛ انهار أندروس أمام الجميع أرضاً، دون أن يضع منطق وقد فقد اتصاله بكل ما حوله.

وقفت جانيا تستمع بضجر لرنين هاتفها الجوال، وهي تجري مكالمة بدت لها هامة، وفجأة صاحت بحدة غاضبة عنما انقطع الرنين وأتاها صوت محدثها:
- إياك وأن تجعلني أنتظر مرة أخرى أيها الحقير، هل فهمت؟
استمعت لحديث الرجل الذي يخاطبها جيداً، ثم قالت باهتمام:
- عظيم، وهل وصل الطبيب خوان؟
انتظرت قليلاً حتى أجابها الرجل وقالت:
- حسناً، دعني أتحدث إليه الآن، وانتظر أوامري.
بعد دقيقة واحدة أتاها صوت الطبيب قائلاً:
- مساء الخير يا سنيورا.
أجابته باقتضاب دون أن ترد التحية:
- هل وجدت كل ما سيلزمك؟
عقد الطبيب حاجبيه واستغرب فجاجتها في الحديث، ثم قال:
- لدي كل ما سأحتاج وأكثر، وأريدك أن تطمئني؛ لقد جمعت نخبة من عباقرة الجراحة التي سنجريها كما وعدتك، وسوف نقوم بالمهمة على أكمل وجه.
قطبت جبينها، وهي تقول بشراسة جعلتها تبدو كالأفعى رغم جمالها الصارخ:
- هل تأكدت أنهم لن ينطقون بكلمة واحدة؟
وكأنها تراه، راح يهز رأسه بثقة قائلاً بحزم:
- بالطبع، هذا ما أحرص عليه دائماً في عملي معك.
قالت بلهجة خاصة جمدت دماؤه في عروقه:
- هذا لضمان سلامتكم وسلامة عائلتكم جميعاً، وإلا فإنك تعلم ما سيكون مصيركم على يدي.
ابتلع لعابه بشق الأنفس، وقال بصوت متحشرج:
- لا تقلقي يا سنيورا.
ابتسمت بتهكم وقالت
- حسناً، كم نسبة نجاح تلك المهمة؟
أجابها بثقة:
- تسعة وتسعون فاصل تسعة بالمائة .
هتفت بحدة وشراسة:
- ولماذا لا يكون مائة بالمائة؟!
شهق الطبيب بفزع من صوتها الشرس وأجابها باضطراب:
- هذا مستحيل يا سنيورا ؛ في مجالنا نحن الأطباء لا يمكننا تحقيق النجاح بنسبة مائة بالمائة!
ألقى جملته وانتظر جوابها طويلاً، قبل أن يسمعها تقول بهدوء قاسي:
- هذه حجة الفاشلون!
ازداد شحوب وجهه من وقاحتها، لم يجد ما يخبره بها؛ فابتلع ريقه مرة أخرى بعسر، وأخيراً سمعها تردف:
- على كلٍ أريدكم أن تبذلوا قصارى جهدكم.
تنهد بارتياح عندما هدأت، ثم قال:
- سنبذل قصارى جهدنا، تأكدي من ذلك!
أغلقت الاتصال في وجهه فجأة، وهي تزفر بعصبية، دلت على قلقها الشديد، وراحت تفكر في نفسها:

- تسعة وتسعون فاصل تسعة، هذا يعني أنه هناك ثغرة في تلك العملية، وهذا ما أكرهه بشدة، آه يا أدريان لماذا أطعتك؟!
"ماذا تقولين يا جانيا؟"
تعالى صوت أدريان بدهشة وهو يلقى بتلك العبارة لشقيقته؛ فالتفتت نحوه وناظرته بغضب وهي تقول بقسوة:

- هذا كله بسببك، أنت من سيأتي بنهايتنا يا أدريان!

ارتفع حاجبيه بضيق من لهجتها العدائية وقال:
- ماذا تقصدين، ولمَ هذا العداء في صوتك؟!
صرخت فيه بحدة متجاهلة الضيوف:
- ألم تفهم مقصدي بعد؟
فكر أدريان قليلاً، قبل أن يعلم سبب عصبيتها وقال:
- هل حدث أي خطأ؟
زفرت بحدة، قبل أن تخبره بما قاله الطبيب لها؛ فارتفع حاجبا أدريان بدهشة قبل أن ينفجر ضاحكاً وهو يقول:
- هذا يعني أن نسبة الفشل أو ترك ثغرة يقل عن الواحد بالمائة يا جانيا؛ إذاً لماذا القلق؟!
أجابته بغيظ:
- لأنها ما زالت ثغرة ونقطة ضعف، حتى لو كانت صغيرة للغاية!
ألقت جملتها الأخيرة ثم ذهبت لمقابلة ضيوف جدد، وتركت أدريان خلفها ينظر إليها باندهاش ويقول:
- ما زلت أرى أنه لا داعي لكل هذا القلق!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي