الفصل الرابع

تراجعت لاريسا خطوتين إلى الخلف، قبل أن تقول بأسف:
- أعتذر يا سيادة الرقيب .
أومئ بابلو برأسه، وقال باقتضاب محاولاً أن يضبط مشاعره:
- لا بأس!
جلست خلف مكتبها، دعتهما للجلوس، وقالت مخاطبة بابلو:
- هل تخبرني بما أصاب صديقك، ولماذا رأيت أنه يحتاج مساعدة نفسية؟
تطلع بابلو نحو الطبيب الذي قال:
- الرقيب أندروس جوهان، لقد قُتلت زوجته اليوم، وهو الآن هنا في المشفى، وأنا من يرى أنه يحتاج حقاً لمساعدتك.
قلبت لاريسا عينيها متطلعة نحو سقف الحجرة، قبل أن تمط شفتيها قائلة بأسى:
- قُتلت زوجته؟ حقاً مسكين!
ثم تطلعت إلى بابلو، وسألته باهتمام:
- هل تزودني بالتفاصيل يا سيادة الرقيب؟
راح بابلو يشرح لها كل ما حدث، وانفجار منزل أندروس وبداخله زوجته أمام عينيه؛ شهقت لاريسا وقالت بجزع:
- يا إلهي، أي شيطان استطاع أن يفعل هذا، ولماذا؟
نهض بابلو واقفاً، وقال بحزم:
- فريق البحث الجنائي يحقق فيما حدث، أرجو منك أن تعتني بحالة أندروس جيداً.
زفرت لاريسا بضيق، وهي تقف لتواجهه، وغمغمت بثقة:
- ضع ثقتك بي ، وأنا لن أخذلك يا سيادة الرقيب.
شعر بابلو بجديتها، وتغلب عليه تأثره الأول بها؛ فقام بمد يده نحوها، قائلاً بابتسامة هادئة:
- بابلو من فضلك ، أنا هنا بصفتي صديق أندروس، ليس بصفة رسمية،
مدت لاريسا يدها لتصافحه، وقالت بابتسامة آسرة:
- حسناً بابلو، اهتم بعملك، وكن مطمئن على صديقك.
وتشابكت أيديهما؛ وكأنه عهد عليهما أن يقفا بجانب أندروس في محنته الكبيرة.


بعد انتهاء الحفلة التي استمرت حتى الصباح التالي؛ دلفت جانيا إلى غرفة مكتبها الخاص؛ وجدت جورج جالساً على الكرسي الأمامي للمكتب، كان القلق يبدو جلياً على ملامحه، وهو ينظر إليها بريبة؛ فتجاهلت نظرته تماماً، وهي مدركة أن وراء مصيبته حماقة ما، جلست على مقعدها العاجي الفخم خلف مكتبها، راحت تدور به يميناً ويساراً، وهي تنظر إليه بنظراتها المتعالية القاسية لعدة لحظات؛ ابتلع جورج ريقه بصعوبة؛ وهو يعلم أنها تحاول سبر أغواره، ومعرفة ما بداخله بتلك النظرات المخيفة، أراد أن يبعد نظراته عنها؛ لكنه تجمد رعباً منها، وكأنه تحول لتمثال من الشمع، وأخيراً رأفت لحاله وقالت:
- هيا، هات كل ما عندك.
بردوها وقسوة صوتها؛ جعل وجهه يمتقع بشدة، لكنه استطاع أن يقول بصوت متحشرج:
- لقد سقط توماس ويزربرج!
لم يبدو عليها الغضب كما توقع، ولم تثور بوجهه، ولدهشته وجد ثغرها يفتر عن ابتسامة ساخرة وهي تقول بمنتهى الهدوء:
- كما توقعت تماماً.
لف الصمت عليهما قليلاً، قبل أن تقطعه جانيا قائلة:
- وأنت الآن تريد التخلص منه حتى لا يبلغ عنك السلطات، وتريد مساعدتي في هذا، أليس كذلك؟
أجابها جورج بتوجس:
- أريد مساعدتك، لكن ألا يمكننا إخراجه من السجن بدلاً من التخلص منه؛ إنه شريكي كما تعلمين، والتخلص منه سيضر أعمالي كثيراً.
توقفت عن الإهتزاز بمقعدها، ولمعت عيناها الجميلتين بنظرة مرعبة، وهي تقول بمنتهى البرود:
- كلا!
"كلا"
يالها من كلمة صغيرة، قد تبدو تافهة، وعلى قدر صغرها هي خطيرة، بل وأخطر مما تكون!
ازداد إحتقان وجه جورج حتى بدا عليه الاختناق، بينما عادت هي للاهتزاز بمقعدها الوثير، وهي تتابع بصوت خطير كفحيح الأفعى:
- في عملنا هذا، من يسقط يموت؛ هذا لضمان سلامة الآخرين، هذا ما عندي، والآن قرر إن كنت تريد مساعدتي.
كانت تخبره أن مساعدتها له ستجلب الموت لشريكه، لم يكن جورج إنسان رحيم، بل هو قاتل أيضاً، هذه المرة ستضرر أعماله كثيرا إذا قُتل شريكه، لكن سقوط الأخير في يد المباحث الفيدرالية الأمريكية؛ يعني سقوطه هو أيضا إذا وشى به توماس، كان أمامه خيارين كلاهما أصعب من بعض، إما سقوطه هو الآخر، أو تضرر أعماله التي يمكن إنقاذها بأي شكل آخر.
كانت السنيورا تنظر إليه بابتسامتها الساخرة، وهي تعلم أنه يدرس الخيارات التي طرحتها عليه، وفجأة لمعت عينيها بشراسة وسعادة في نفس الوقت؛ وكأنها سمعت خبر سعيد، وهو يقول لها:
- حسناً سنيورينا، افعلي ما ترينه مناسب، فقط أريد أن يبدو الأمر وكأنه طبيعي تماماً، وأُفضل ألا يكون هناك تحقيق.
صدحت ضحكة عالية من حلقها وقالت:
- لك هذا ، ستبدو الوفاة طبيعية، هذه هوايتي المفضلة.
اختلج قلبه في صدره؛ تأثراً من ضحكتها الرنانة الساحرة، قبل أن يهوي بين قدميه، وسمعها تقول:
- والآن، لنتحدث عن العمل، متى ستصلنا الشحنة؟
اعتدل جورج في جلسته، وظهر الإهتمام على ملامحه، وهو يقول:
- قريبا جداً سنيورينا.
انحنت نحو الأمام، ضيقت حدقتي عينيها، وهي تسأله بصوت لاذع:
- قريباً متى تحديدا يا جورج؟ كف عن مماطلتك هذه وأخبرني موعد محدد؟
حاول أن يهدأ من وتيرة ضربات قلبه، التي تضطرب دائماً من لهجتها الشرسة، وقال:
- لم يخبروني بالموعد بعد، لقد أخبروني أننا سنستلم الشحنات في القريب العاجل.
تطلعت إليه طويلاً، وهي تشعر باﻵف البراكين تستعير بداخلها، وفجأة ضربت على سطح مكتبها، وصاحت بغضب:
- هذا هراء، أخبرهم أن يحددوا موعد نهائي اليوم يا جورج؛ وإلا سنلغي صفقتنا معهم، هناك الكثيرون غيرهم تواقين للعمل معنا.
للمرة الألف ابتلع ريقه بصعوبة، وهو يقول:
- لكنهم الأفضل والأسرع يا.....
وضعت أمام وجهه إصبعها، في حركة آمرة له بالصمت، وقالت تقاطعه بتهديد وهدوء ما قبل أعتى العواصف:
- نفذ ما قلت يا جورج!
أومئ برأسه دون أن يهمس بكلمة واحدة، ونهضت جانيا من مكانها؛ لتلتف حول المكتب، حتى وقفت أمامه مباشرةً، وانحنت نحوه واضعة كلتا يديها على مساند كرسيه؛ حتى أصبح وجهها مواجهاً لوجهه، وحينها تبدلت ملامحها بقسوة، حتى خُيل له أنه أمام شيطان مريد، وسمعها تقول بصوت الأفعى:
- احذرني يا جورج، أخطاؤك أصبحت كثيرة جداً، أولاً شراكتك مع هذا المسمى توماس ويزربرج، رغم أنني حذرتك منه ومن سذاجته، ثم تلك الجماعة التي تعاقدنا معها، والتي كانت من اختيارك أيضاً.
خرج صوته مبحوحاً متحشرجاً لاهثاً:
- صدقيني يا سنيورا، إنهم الأفضل، وغداً ستتأكدين من ذلك!
ضربت بقوة على مساند الكرسي، واعتدلت واقفة ومبتعدة عنه، ثم قالت بوعيد:
- هذا سيكون جيد لك أنت!
أشارت نحو باب الغرفة، وقالت بوقاحة:
- لقد انتهينا اليوم.
نهض جورج وسألها بتعثر:
- ماذا عن، توماس؟ أقصد، تعجلي من فضلك؛ لكي لا يتحدث.
أومأت برأسها قائلة:
- لن يتحدث، وأريد الموعد المحدد غداً.
أجابها، وهو يسرع نحو الباب:
- حسناً، حسناً؛ سأهاتفهم في الطائرة أثناء رحلة عودتي إلى نيويورك؛ لكي أكسب الوقت.
فتح باب غرفة المكتب؛ رأى أدريان أمامه، حياه ثم ابتعد مهرولاً؛ كأنه هرب من الجحيم.
تطلع أدريان إليه بدهشة، ثم التفت لينظر إلى شقيقته داخل الغرفة، ولج إليها سائلاً إياها بتعجب:
- ماذا به؟ يبدو وكأن شياطين الجحيم جميعها تطارده!
ابتسمت جانيا بسخرية وقالت:
- أصبت!
هز رأسه قائلاً بانزعاج:
- لن تقلعي عن عادتك تلك، لمَ أنتِ شرسة هكذا مع الجميع؟
رفعت أحد حاجبيها، وقالت بقسوة:
- نحن لا نعمل في بنك يا أدريان، عليّ أن أكون قاسية وشرسة؛ لكي أتمكن من إدارة ما تركه لنا والدانا.
تنهد أدريان وقال:
- لقد رأيتِ أين ذهبت تلك الأعمال بوالدنا، ألا يمكننا التوقف فحسب؟.
عقدت جانيا حاجبيها، وقالت بحدة:
- هل تمزح الآن، هل سنترك كل ما تركه لنا والدنا بعد أن جعلنا نرأس الجميع بإشارة من أصابعنا، أم أنك نسيت ما طلبته مني والذي بسببه غيرت خطتي للتخلص من أكبر غريم لنا؟ لقد أوصاني والدنا عليك لهذا أتحملك، وأتحمل أفكارك، ومتطلباتك الغريبة، لكن لا تتمادى.
تبدلت ملامحه للغضب، وقال بنفس حدتها:
- لا تتحدثي معي بهذه الطريقة يا جانيا، أنا لست أحد رجالك.
نظرت جانيا إليه، وقالت:
- إذاً كف عن إزعاجي، ولا تنسى أنك أصبحت شريكي بعد مطلبك الأخير.
زفر أدريان بضيق، وقال لها:
- حسناً، حسناً، واﻵن هيا بنا إلى القصر الشمالي؛ أريد أن أطمئن.
خرجت جانيا برفقة شقيقها متوجهة إلى قصر والدها الذي يقع في شمال المكسيك، والذي تُدير منه منظمتها الإجرامية؛ نظرا لصعوبة توصل رجال المباحث والشرطة إليه في حالة انكشاف أمرها، بمعنى أدق إنه المكان الأنسب للاختفاء فيه عن الأنظار، وإخفاء أي سر هام فيه.
صعدا إلى طائرتهما الخاصة، تولى أدريان قيادتها بنفسه، عبر بها خليج المكسيك في ثوان قليلة، قبل أن تبرز أمامه سلاسل جبال (سييرا نيفادا)، والذي اختبئ بينهما ذاك القصر المنيف، التي عمل مايكل فيرناندو على تصميمهء وبناؤه في تلك البقعة النائية بعيدا عن الأنظار.
هبطت الطائرة على المدرج الخاص بها أعلى القصر؛ أسرع أحد رجال الأمن نحوها، قام بفتح بابها لتطأ جانيا الأرض بقدميها.
انحنى الرجل أمامها وقال:
- مرحباً بك يا سنيورا.
أخرجت جانيا مبسم سجائرها الخاص، وضعته بين شفتيها الرقيقتين؛ اعتدل الرجل، وأخرج قداحته فوراً؛ ليشعل سيجارتها، أخذت نفساً عميقاً منها، قبل أن تنفث دخانها في وجهه بعلياء، وقالت ببرود:
- هل كل شيء بخير؟
أومئ الرجل برأسه سريعاً؛ فأسرعت بسؤاله مرة ثانية:
- وماذا عن مهمة الأمس، هل نفذتم ما طلبته بالحرف أم .....؟
قطعت كلامها فجأة؛ فأجابها الرجل بثقة:
- لا تقلقي يا سنيورا، المهمة نجحت مائة بالمائة.
وهنا قال أدريان لها:
- أنا سأهبط للأسفل يا جانيا، لم يعد بوسعي الانتظار.
أشارت جانيا للرجل لينصرف، وقالت تخاطب شقيقها:
- انتظر يا أدريان، العملية لم تنتهي بعد.
توقف وسألها بدهشة:
- وكيف علمت ؟
ابتسمت بسخرية، وقالت ببساطة:
- ﻷن الطبيب لم يحدثني حتى الآن؛ وهذا يعني أنه لم ينتهي بعد.
ثم اقتربت منه، وقالت بضيق وحدة:
- لا تجعلني أندم ﻷنني نفذت طلبك، وعليك أن تعلم أنني إذا ندمت فسوف تخسر أنت الآخر.
عقد حاجبيه، وسألها بفتور:
- هل تهددينني يا جانيا؟
هزت رأسها نفياً، وقالت:
- بل أحذرك أنني لا أستطيع التحكم بنفسي إذا ندمت.
ألقت جملتها الأخيرة بنبرة تهديد، ثم سارت أمامه بعظمة وخيلاء، وتركته خلفها مستاء للغاية، ومندهش من طباعها التي أصبحت حادة حد القسوة منذ وفاة والديهما، وبعدما عرف أي عمل كان يقوم به والده، والأدهى أن جانيا كانت على علم بكل تلك الأعمال الإجرامية وشريكته فيها.
غادر أدريان السطح أيضاً، هابطاً إلى داخل القصر، وعقله ما زال يتذكر مدى ثورته وغضبه في بداية معرفته بكل تلك الأنباء الكارثية، لكنه الآن أصبح شريك في كل هذا كما قالت جانيا، وإن كان مرغماً على ذلك.

للحظات ظلت إيمان تنظر إلى سيف باندهاش، بينما كان هو يطالعها، وعلى وجهه ابتسامة رائعة زادته وسامة، عادت بها ذاكرتها إلى ذلك اليوم الذي تقدم فيه لطلب يدها والزواج منها.
"منذ خمسة سنوات"
كانت إيمان تقوم ببعض التمرينات الرياضية في قاعة التدريبات الملحقة بمنزلها، عندما سمعت صوت سيارة والدها؛ تناولت فوطة صغيرة، جففت وجهها بها، ثم أسرعت خارج الغرفة لملاقاة والدها، هبطت إلى صالة الاستقبال؛ فوجدت والدها أمامها متجهم الوجه، شعرت بالقلق وهي تقترب منه متسائلة:
- ماذا بك يا أبي؟ تبدو قلقاً.
مر بجانبها؛ ليجلس على أقرب مقعد، ثم قال:
- تعالي واجلسي بجواري يا إيمان؛ هناك موضوع هام أريد محادثتك فيه.
نبرته الجادة، والقلق في عينيه؛ أثارا توترها، لكنها أخفت مشاعرها، وهي تجلس بجواره، قائلة بصوت هادئ نسبياً: - كلي آذان صاغية.
التفت ليتطلع إليها، وقال بتوجس:
- لقد تقدم أحدهم لخطبتك.
تنهدت إيمان، وقالت بضيق:
- لقد أقلقتني بالفعل يا أبي، لقد توقعت أنه هناك مشكلة كبيرة منذ دخولك بهذا الوجه المتجهم!
صمتت قليلاً، ثم تابعت قائلة:
- على كل حال، أنت تعلم رأيي في هذا الموضوع.
أومئ برأسه، وقال بحسرة:
- نعم أعلم رأيك جيداً؛ لهذا أنا متضايق يا إيمان، تعلمين أنك تضحين بالكثير باصرارك على العمل في العمليات الخارجية، ما زال بإمكانك أن تطلبي من سيادة المدير أن ينقلك لقسم الأعمال الإدارية، وحينها يمكنك....
قاطعته إيمان قائلة بحسم:
- سبق وأن تكلمنا في هذا الموضوع من قبل، وتعلم أنني سأرفض؛ ﻷنني بالفعل أحب عملي كثيراً، وأجد نفسي فيه.
أطلق تنهيدة حزينة وقال:
- لكن هذا يدمر فرصتك في تكوين أسرة سعيدة، وأخشى أنكِ ستندمين لاصرارك هذا فيما بعد، عندما تتقدمين في العمر وتجدين نفسك بمفردك، أنا لن أعيش لك للأبد يا بنيتي.
عانقته إيمان، وقالت بدلال:
- لدي أنت يا سيادة العقيد، وهذا يكفيني للآن، اترك المستقبل بيد الله، هو خير من سيقرر مصيري.
ترجاها قائلاً:
- قابليه على الأقل يا صغيرتي، وإن لم يقنعك ارفضيه، أعدك أنني لن أعترض على قرارك بعد مقابلته.
وافقت إيمان على رجاء والدها، بعد عدة ساعات كانت تفكر في حيلة جيدة؛ لتقنع بها والدها بينما كانت ترتدي ملابسها.
وفي تمام الساعة السابعة مساءاً، دق جرس المنزل معلناً
عن وصول "عريس الغفلة" كما أطلقت عليه إيمان ، خرجت إلى المطبخ، أعدت العصير، ثم ملأت به كأسين، توجهت نحو الصالون مرفوعة الرأس، وفي عينيها نظرة حادة كانت أول حيلها؛ لتجعل عريس الغفلة ذلك يقدم على رفضها بنفسه.
سمعت صوت والدها وهو يحدثه، تقدمت منهما، وتنحنحت معلنة عن وصولها؛ ناداها والدها:
- تفضلي يا إيمان.
دخلت؛ فنهض الشاب فور دخولها، ووقعت عيناها عليه، وتعجبت إيمان وهي تقول في سرها:
- حسناً، القوام ممشوق وإن لم يكن فارع الطول، لكنه يبقى أطول مني بعدة سنتيمترات قليلة، لديه بشرة خمرية اللون، بذقن مدبب، وأنف مستقيم؛ يدل على العناد، وعينيه كانتا غريبتين بلونهما الأخضر المائل إلى الأصفر، يرتدي فوقهما نظارة طبية، جبهته كانت عريضة، وهذه علامات شخص فائق الذكاء، شعره بني اللون، وناعم؛ مما جعل بعض الخصلات تتمرد ساقطة على جبينه، تباً، إنه وسيم للغاية.
استغرقت تأملات إيمان في سيف بضعة لحظات؛ وهكذا ظن والدها أنها تحاول إخراج أي عيب به كعادتها؛ فقال لها:
- اجلسي يا ابنتي!
أفاقت إيمان من شرودها، وضعت صينية العصير على المنضدة الصغيرة، وجلست بجوار والدها على الأريكة،
حياها سيف؛ فردت تحيته مرغمة، بينما سمعت والدها يقول:
- سأترككما؛ لتتحدثان بمفردكما قليلاً.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي