الفصل الرابع بحر بلا شاطئ

كان يجلس (يزيد) في غرفته يحيطه الظلام من كل جانب، يشعر بأختناق قلبه حتى ظن أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، كاد عقله أن يفقد اتزانه، وظل يتساءل هل الدنيا صغيرة إلى هذا الحد حتى يعشق أخي حبيبتي؟ هل أصارحه بحبي لها؟ أم اصمت إلى الأبد؟ وماذا عنها؟ هل تتلاعب بمشاعرنا؟ ولكن هى لم تصارحني بحبها أو حتى لمحت بذلك، ولكن مهلاً ماذا عن زيارتها المتكررة لمكتبي وحديثها معي؟ هل كانت تتخذني جسراً لأخي؟! تباً لها لقد علقت في شباكها التي نسجتها فهى كأنثى العنكبوت امتصت مشاعري لآخر قطرة.

ظلت (رشا) تتراقص من الفرحة فأخيراً امتلكت قلب حبيبها وأصبح ملك يداها، وأخذت تسرد لأختها (نهى) ما دار بينها وبين (آدم) من حوار قائلة:
- إن قلبي يقفز من السعادة فما تمنيته قد حدث بالفعل لقد أصبح حبي متبادلاً الآن، لقد تحدث إليا (آدم) اليوم حيث قال لي " لا أعلم متى وكيف حدث ذلك؟ لقد سرقتي قلبي من جوف صدري، فأصبح دقاته ملكاً لكِ، فما هو السحر الذي ألقيته علي؟ حاولت كثيراً الابتعاد عنك وذلك خوفاً عليكِ ولكنك لم تعطيني فرصة الرحيل، فمبارك عليكِ دخولك لعالمي، ولكن لا تلوميني على ذلك مستقبلاً "

تعجبت (نهى) من حديث (آدم) فأمسكت أيدي أختها وهى تنظر لداخل عينها قائلة:
- هناك شئ خاطئ.. ألم تنتبهي لتحذيره وسط كلماته؟! تمهلي يا أختاه فهناك أمر ما، ربما سر يخفيه أو قد يكون يعاني من خلل ما...
قاطعتها (رشا) وهى تسحب يدها من بين أيدي أختها قائلة بغضب:
- لماذا تستكثري فرحتي؟! ألا تتمني الخير لي! لقد انتظرت هذه اللحظة طوال حياتي، كنت أحلم باليوم الذي يعترف فيه بحبي بالرغم من عدم رؤيته لي في حياته، أرجوكي لا تسلبي روحي فبدونه الموت مصيري.

تنهدت (نهى) وهى تربت على كتف أختها قائلة:
- بل اتمنى لكِ كل الخير والسعادة، ولكن أخشى عليكِ من تقلبات الدهر، فلا سعادة دائمة ولا حزن يستمر، الحب جميل ورائع ولكن حين يكون مع الشخص الخاطئ فإنه يتحول إلى عذاب وجروح لا يمكن مداواتها عبر الزمن، فلابد من ترك ندوب عميقة في القلب قد يجعلكِ تعيسة وشقية.

صمتت (رشا) وهى تفكر بكلمات أختها، التي أخترقت قلبها مسببه له الخوف والقلق، ثم حاولت إقناع نفسها بأن حبيبها غير كل الفتيان، فهو رمز الشهامة والرجولة، فهو إن أحبني سيكرمني وإن كرهني لن يظلمني، ابتسمت ثم قالت:
- لا تقلقي، فالحب والعشق سينتصران دائماً، وأنا أثق ثقة عمياء في حبيبي، فهو لن يخذلني أبد الدهر.


كان ( ماهر) يجلس في فناء منزله وهو ممسك بهاتفه، يقوم بالنقر عليه وهو مبتسم، فكان يتحدث إلى فتاة ويوهمها بحبه لها، والحياة الوردية التي ستعيشها معه في عشه الدافئ، ولكن المسكينة لا تدري أن عشه مليء بالحيات والعقارب التي تلدغ أعز الناس دون أن يرف له جفن، وفجأة دلف إليه (آدم) مطالباً أياه بشريط من الحبوب المخدرة، فبتسم ماهر بمكر قائلاً:
- للأسف الشديد لقد نفذ مني، ولكن أنت تعلم بمعزتك لدي، ولذا سأحضر لك ما هو أقوى من الحبوب المخدرة، ستجعلك تشعر بالسعادة الأبديه، انتظر (آدم) بضع لحظات حتى جاء له (ماهر) بقطعة صغيرة من الحشيش ملفوفة في ورقة سلوفان، فنظر لها (آدم) قائلاً:
- ماذا أفعل بها؟ كيف استخدمها؟
ضحك (ماهر) بسخرية قائلاً:
- كنت أعلم بأنك جاهل.. ضعها في لفافة من التبغ وقم بتدخينها ستشعر بأنك ملكت العالم كله.
أخذها (آدم) منه ولم ينسى دفع ثمنها لصديق عمره، للأسف فكلمة صديق لا يمكن أن تطلق على هذا الشخص، فهو لا يمت للصداقة بصلة، فهو كالحية التي تعتصر ضحيتها حتى تحطم ضلوعها ثم تبتلعها متلذذةً بمذاقها الشهي.

في الصباح الباكر وسط الحقول حيث الخضرا رائعة الجمال، والأشجار والنخيل يحيط بها من كل جانب، فتهتز الأغصان في نغمات منسجمة مع تغريد العصافير بفعل نسمات الهواء العليل، والشمس ترسل أشعتها الصافية لتنعكس على أوراق الأشجار، فتبدو كأنها مضاءة بضوء فضي هادئ كأنه ضوء القمر، يجلس (محمود) وهو يفترش حصيرة على العشب الأخضر مع مجموعة من الفلاحين وهم يحتسون الشاي بعد أن انتهوا من الأفطار، فقال لهم:
- أنا أشعر كأني وسط عائلتي فأنتم أصبحتوا جزء لا يتجزأ مني، فيالها من متعة وأنا أجلس وسط بستاني حيث الأشجار المحملة بالثمار كأنها نجوم تتلألأ وسط السماء.

ظهرت ابتسامة على محياهم وهم يشعرون بالرضا والفخر، فهم من ساهموا في رسم هذه اللوحة البديعية، وأكرمهم الله بنتائجها الباهرة الجمال، فقال أحدهم:
- دام لنا عزك وكرمك، فأنت نعم الأخ والصديق فلم نشعر معك كأننا نعمل لديك بأجرة ولكننا شعرنا كأننا أسرة واحدة.

ربت (محمود) على كتف أحد الفلاحين وهو يشعر بالفخر، فأرضه أصبحت عامرة بالخيرات قائلاً:
- وأنتم نعم العائلة، للأسف سأضطر أن أترككم لترعوا مزرعتي فحان وقت عودتي لأسرتي، استودعكم الله.

تنبعث رائحة زكية من المطبخ حيث تقوم (فاتن) بإعداد أشهى الأطعمة؛ لاستقبال زوجها الحبيب من البلدة بعد غياب ثلاثة أشهر، يدخل عليها ابنها (يزيد) وهو مغمض عيناه يتلذذ برائحة الطعام قائلاً:
- امممم يالها من رائحة تثير قرقرة المعدة! هل هذا كله من أجل والدي العزيز؟! الحب والشوق يفعل المعجزات
- ! ألم تكوني مريضة يا أمي؟!

خجلت (فاتن) من نظرات ابنها التي توحي بعلمه لشوقها لزوجها الحبيب، بالرغم من أنها المسؤولة عن بيتها وأولادها حيث ترك زوجها الدفة لها لتقودها أينما تشاء، إلا أنها لا تستطيع العيش بدون نصفها الآخر، فهو من ملك قلبها ولب عقلها، فلا حياة بدون وجود أنفاسه بجانبها، فأمسكت المغرفة وهى تلوح بها أمام وجهه قائلة:
- ألا تخجل يا عديم الحياء، أترك الإناء من يدك فلا طعام لك، أخرج من المطبخ.

ترك (يزيد) الإناء وهو يدعي الخوف قائلاً:
- ماذا فعلت؟ ألا تملكين شفقة على معدتي الخاوية؟! فأنا ابنكِ فلذة كبدك، هل تتركيني أموت جوعاً؟ قلبي على أمي انفطر، وقلب أمي علي حجر.

قامت (فاتن) بالركض خلف ابنها (يزيد) حاملة في يدها مغرفة الطعام؛ حتى تأدبه على وقاحته، وأثناء ركضها دلف (آدم) والفرحة تخرج من عينيه قائلاَ:
- أفرحي يا أماه فابنك سيخطب سيدة الحسن والجمال.

تركت (فاتن) ما بيدها وهى تهرول تجاه ابنها (آدم) وتحتضنه بسعادة عارمة وهى تربت على ظهره قائلة:
- الحمدلله.. لقد أسعدني هذا الخبر، فهذا ما تمنيته طوال حياتي أن أراك في حفل زفافك بجانب عروستك، ولكن منْ العروس؟ هل سبق أن التقيت بها؟

ابتعد (آدم) بجسده قليلاً وهو ينظر لأمه قائلاً:
- أكيد.. فهى تسكن في العقار المجاور لنا، اسمها (رشا) فهى خريجة كُلية الألسن، وذات حسب ونسب.

صُدم ( يزيد) بهذا الخبر فلم يكن يتوقع أن يصل الأمر لهذا الحد، فهوى قلبه وشعر بتقطع أنياطه، ولم يستطع الوقوف أمامهم أكثر من ذلك، فهرول إلى غرفته حتى لا تخرج دمعة من عينيه تكشف وجع قلبه المكسور، الذي ينزف دما على حب مغدور.

رقصت (فاتن) من الفرح والسرور قائلة:
- خير من أخترت، فأنا أعلم عن أهلها ما يسر النفس، مبارك عليك الخطبة.

دلف (يزيد) لغرفته وهو يتكأ بجسده على باب غرفته المغلق، وهو مغمض العين تارك لعيناه حرية التعبير عن حزنه، فتساقطت الدموع على خداه في محاولة التخفيف من عصرة قلبه ألماً على فقدان محبوبته، فظل يسأل نفسه "كيف أقص جذور هواكِ من الأعماق؟ كيف تموت الدمعة في الأحداق؟ كيف يموت الحب وتنتحر الأشواق؟ فأنا مفتون من رأسي حتى قدمي، فأين السبيل إلى الشفاء منك؟

لاحظت (فاتن) غياب (يزيد) فالتفتت حولها قائلة:
- أين أخيك (يزيد) يا (آدم) ألم يكن يقف بجوارنا؟!
نظر (آدم) حوله قائلاً:
- أجل كان يقف هنا ولكن لماذا رحل ولأين؟

ضحكت الأم قائلة: لقد قرصه الجوع ولابد من ذهابه للمطبخ، ياله من مفجوع!

بعد مرور ساعتين وصل (محمود) للمنزل وهو يشتاق لزوجته وأولاده، عندما فتح باب الشقة بالمفتاح وجد زوجته في انتظاره وهى ترتدي فستان رقيق أبيض، واضعة القليل من مساحيق التجميل مما جعل مظهرها كأنها فتاة في الثلاثين، راسمة بسمة نقية على ثغرها الصغير الذي يبدو شهياً مثل حبات الكرز، وعينيها الواسعة بلون المحيط تزينه بالكحل العربي الأصيل، فابتسم لها جاذباً إياها لحضنه وهو يتنفس عبيرها من على جيدها، مما جعل نبضات قلبه تقرع كالطبول، برغم من مرور سنين على زواجهم إلا أن حبهم لم يقل ولو بحبة خردل، قاطع لحظتهم الرومانسية دلوف (آدم) قائلاً:
- ياله من لقاء شاعري اتمنى أن أحظى به مع رفيقة العُمر في يوم من الأيام، لم أرى مشاعر جياشة مثل الذي آراه الآن.

ضحك (محمود) حتى ظهرت نواجذه قائلاً:
- أرى الحسد يخرج من عيناك كأنه شرار يريد أن يحرقني، لا تستعجل فسوف تنعم بهذه المشاعر مع رفيقة دربك في الحياة، والآن أريد زوجتي في شيء هام، لا أريد أزعاج من أحد هل تفهم ذلك؟ هيا بنا يا مهجة القلب لغرفتنا، فهناك عيون متطفلة تحاوطنا.
ضحكت (فاتن) ضحكة خجولة وهى تتعلق بذراع زوجها متجهة لحصنهم، فنظر تجاههم (آدم) وهو يحملق بهم متعجباً من تصرفات أبيه الصبيانية قائلاً:
- صحيح، الشباب شباب القلب والروح مهما نال الزمن من الملامح، وسيطر الشعر الأبيض على الشعر الأسود.

تذكر (آدم) أخيه (يزيد) فتعجب من إغلاقه الغرفة على نفسه، فشعر بالقلق تجاهه وقرر الدخول له، فقرع الباب مرة واثنان وفي المرة الثالثة حاول الدخول لكنه فوجئ بإغلاقه من الداخل، فقال بصوت يظهر فيه قلقه بشكل واضح:
- يزيد افتح الباب.. لماذا تغلق الباب على نفسك؟ هل حدث شيء أزعجك؟ إن لم تفتح هذا الباب اللعين سوف أحطمه، أنا لا أمزح وأنت تعلم ذلك.

سمع (آدم) صوت تكات المفتاح ثم صرير الباب، فدلف الغرفة هو يقول:
- لماذا تغلق الباب؟ هل يوجد...
قطع باقي حديثه وهو يحملق في وجه أخيه، فعيناه حمراوان كالدم ومنتفختان، وبشرته شاحبة كالأموات، فصرخ فزعاً قائلاً:
- ماذا حدث؟ هل أصاب أحد ما مكروه؟ هل أخينا أدهم بخير؟ أنطق فقلبي لا يتحمل هذا الصمت.

لم يكترث (يزيد) لحديث أخيه ثم فتح الخزانة وأخرج قميص وقام بتغيير ملابسه، فأمسك (آدم) يده وأدار جسده ليواجه وجهه قائلاً:
- ألم تسمعني؟! فأنا أتحدث إليك، ماذا جرى لك؟

تنهد (يزيد) بقوة وهو يزيح يد أخيه بغضب، قائلاً بصوت مرتفع:
- لم يحدث شيء، منذ متى تهتم بأمري؟! فأنت أصبحت كالزائر في هذا المنزل، كأنك تعيش في نزل أو فندق لاستراحتك، أرجوك أتركني بمفردي لا أريدك أن تتدخل في حياتي.

اِندهش (آدم) من تصرف أخيه وحديثه الذي تعجب منه، فحاول تهدئة أعصابه ثم قال بصوت متزن وهادئ:
- أنا لا أقصد التطفل على حياتك، فقط أريد الاطمئنان عليك، ألم ترى حالتك؟! هل حدث بينك وبين منْ ملكت هواك مشكلة؟

نظر (يزيد) له وهو يضحك بسخرية قائلاً:
- منْ ملكت هوايا! للأسف لا وجود لي في قلبها، فأنا مجرد وسيلة للوصول لهدفها الذي تسعى إليه، لا تقلق بشأني.. فأنا في أفضل حال، لن أموت من وجع القلب فلكل شيء نهاية، اه لقد تذكرت مبارك لك يا أخي، هل العروس من كنت تتحدث معها في غرفتك في منتصف الليل يومياً؟

شعر (آدم) بالحزن على أخيه، فكسرت القلب ألمها أشد من مئة سوط، فحاول رسم ابتسامة على محياه قائلاً:
- الله يبارك لك يا أخي العاقبة لك، أجل هى فلقد انتصرت على قلبي واستطاعت أمتلاكه.

شعر (يزيد) بخنجر مسموم ينغرز في قلبه، فلم يستطع تحمل الألم، فظهر علامات التألم على وجهه، فلاحظ أخيه ذلك فشعر بالقلق قائلاً:
- ماذا هناك يا أخي؟ هل تتألم من شيء؟ فلنذهب للطبيب...
قاطعه (يزيد) وهو يمسد على صدره قائلاً:
- لا أحتاج للطبيب فهى مجرد نغزة في القلب، قد أكون أصبت بالبرد، لا عليك فأنا بصحة جيدة.

ربت (آدم) على كتف (يزيد) وهو يحاول تصديقه قائلاَ:
- هل أنت متأكد؟ فأنا أشعر عكس ذلك؟
قاطع حديثهم رنين هاتف (آدم)
فتنحنح (آدم) قائلاَ: أعذرني يا أخي فخطيبت أخيك المستقبلية تهاتفني.. عن أذنك سأذهب لغرفتي.

قبض (يزيد) على يديه من الغضب والغيرة، وهو يحاول التظاهر بفرحته لأخيه، وعندما ابتعد (آدم) عن مرمى عينيه، قام بضرب الحائط بيده حتى أدمت من قوة الضربة.

في مكان يجتمع فيه أعوان إبليس، كان يجلس (ماهر) مع رفقائه في الجحيم الأبدي وهم يقهقهون على ما وصل إليه (آدم) فهو قد أصبح من المتعاطين لشتى أنواع المخدرات، فبقى القليل حتى يجتاز الخط الأحمر وحينها لا سبيل للرجوع مرة أخرى، فكان (ماهر) يتباهى بإنجازاته في تحطيم غرور صاحب عُمره (آدم) وكيف نجح في تحويلة من شاب مجتهد وناجح إلى شاب مدمن يقترب من الهاوية، وأثناء حديثه قاطعه أحد رفقائه قائلاً:
- لقد كنا نبغي كسر غروره وكبريائه حتى لا يشعر بأنه أفضل منا في شيء، ولكن هل تظنوا أننا قد تمادينا في عقابنا له؟

ضحك أحدهم وهو يحتسي كأس من النبيذ الأحمر وبيده الأخرى لفافة من التبغ المحشو بالحشيش ( المخدر) قائلاً:
- لا تكن مرهف القلب، فهو يستحق ما يحدث معه جزاء على عنجهيته وشعوره بأنه في مرتبة تعلونا مكانة في المجتمع.

أردف (ماهر) وهو ينظر لكأسه الفارغ قائلاً:
- لقد رأيته مع فتاة جميلة في إحدى المقاهي، ولكني أشعر بأنني قد رأيتها من قبل، ولكن للأسف لا أتذكر أين ومتى؟! فلن استسلم حتى أبحث عن مكانها، وأعلم جميع المعلومات عنها.

فتعجب أحدهم قائلاً: ولماذا تشغل عقلك بهذا الشأن؟ فلا يعنينا ذلك.

ضحك (ماهر) بسخرية قائلاَ:
- لن أدعه ينعم وأنا موجود في هذه الحياة، فهذه الدنيا لا تسعنا معاً.. لأنا لهو.

يستلقي (آدم) على الفراش وهو يتكأ رأسه إلى الخلف مضيئاً إضاءة خافته، ممسكاً بيده الهاتف الخلوي وهو يتنهد من مشاعره الفياضة قائلاً:
- لقد اشتقت لصوتك الحنون، فياله من عزف يقشعر له الأبدان من شدة لحنه العذب! لقد أخبرت عائلتي عنك وقريباً جداً سأكون بداخل منزلكم لقراءة الفاتحة.

تهلل أسريرها وهى لا تصدق ما تسمع بأذنيها قائلة:
- هل تصدقني قولاً؟ أنا لا أصدق ذلك.. هل حلمي سيتحقق وسأصبح زوجتك؟

ضحك (أدم) حتى ظهرت نواجذه قائلاً:
- لهذه الدرجة تعشقيني! لو كنت أعلم مسبقاً أن هناك من تتمنى وجودي في حياتها وتحبني لدرجة العشق، ما كنت أهدرت دقيقة واحدة بعيداً عنها.

رفرف قلبها من الفرح وهى تستمع له وشعرت بالخجل يتسرب إلى خدها، فأصبح شديد الأحمرار كوردة الجوري المتفتحة قائلة:
- هناك أيام تنتظرنا سنحيها بعشقنا وليالينا الدافئة.


..يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي